واشنطن تدمر 4 زوارق مسيّرة في البحر الأحمر

ميناء الحديدة يستأنف نشاطه مع استمرار حرائق الغارات الإسرائيلية

حرائق ضخمة في ميناء الحديدة اليمني الخاضع للحوثيين إثر قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
حرائق ضخمة في ميناء الحديدة اليمني الخاضع للحوثيين إثر قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تدمر 4 زوارق مسيّرة في البحر الأحمر

حرائق ضخمة في ميناء الحديدة اليمني الخاضع للحوثيين إثر قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
حرائق ضخمة في ميناء الحديدة اليمني الخاضع للحوثيين إثر قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

أعلن مسؤولون حوثيون استئناف العمل في ميناء الحديدة بكامل طاقته على الرغم من استمرار الحريق في مستودعات الوقود لليوم الثالث جراء الغارات الإسرائيلية التي وقعت، السبت، غداة مقتل شخص وإصابة آخرين في هجوم بمسيرة حوثية استهدفت تل أبيب.

هذه التطورات جاءت في وقت أعلن فيه الجيش الأميركي تدمير 4 زوارق حوثية مسيرة في مناطق تسيطر عليها الجماعة، وذلك في سياق الضربات الاستباقية الدفاعية التي تقودها واشنطن لتحجيم قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان، الاثنين، أن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير 4 زوارق مسيرة في البحر الأحمر تابعة للحوثيين المدعومين من إيران. وتقرر - وفق البيان - أن الزوارق الحوثية كانت تمثل تهديداً وشيكاً للقوات الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه قد جرى اتخاذ هذه الإجراءات لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

ولم يذكر الجيش الأميركي أماكن استهداف هذه الزوارق، إلا أن إعلام الجماعة الحوثية اعترف في وقت سابق بتلقي 6 غارات وصفها بـ «الأميركية والبريطانية» استهدفت اثنتان منها موقعاً في مديرية ميدي التابعة لمحافظة حجة في شمال غربي اليمن، بينما استهدفت 4 غارات مديرية الصليف على البحر الأحمر، شمال مدينة الحديدة.

ولم تشر الجماعة الحوثية إلى طبيعة خسائرها جراء هذه الضربات الأميركية التي باتت مستمرة بشكل روتيني منذ بدئها في 12 يناير (كانون الثاني) الماضي بالاشتراك في 4 مرات مع الطيران البريطاني.

تلافي الأضرار

صرح قادة حوثيون أنهم يعملون على تلافي الأضرار في ميناء الحديدة بعد الغارات الإسرائيلية، بما في ذلك محاولة السيطرة على الحريق في خزانات الميناء وفي خزانات شركة الكهرباء في الجزء الشمالي من المدينة.

وقال وزير كهرباء الجماعة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، محمد البخيتي، إن جماعته تمكنت خلال أقل من 24 ساعة من إطفاء الحرائق في خزانات المازوت بمحطة رأس كثيب، وتعمل على إعادة تأهيل المحطة عبر فرق عمل فنية متخصصة تعمل على مدار الساعة.

رافعة متضررة على رصيف التحميل في ميناء الحديدة بعد يوم من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وزعم القيادي الحوثي في تصريحات نقلتها وسائل إعلام الجماعة أن التيار الكهربائي عاد بشكل متدرج ومتصاعد إلى محافظة الحديدة بجهود المهندسين وفرق العمل، عن طريق محطات كهرباء باجل والحالي، وأن محطة رأس كثيب ستعود للخدمة مرة أخرى خلال الأيام المقبلة.

من جهته، أكد القيادي المعيَّن في منصب نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة موانئ البحر الأحمر، نصر النصيري، أن ميناء الحديدة يعمل بكامل طاقته الاستيعابية، وأن الجماعة تعمل على مدار الساعة على استقبال كل السفن، زاعماً أنه «لا يوجد قلق على سلسلة التوريدات وإمدادات الغذاء والدواء والمشتقات النفطية».

استمرار الحريق

في غضون ذلك أكد شهود في مدينة الحديدة استمرار الحريق في خزانات الوقود التابعة للتجار وشركة النفط الخاضعة للحوثيين لليوم الثالث على التوالي، بسبب الغارات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، بينما ذكرت مصادر دولية ويمنية أن الميناء فقد ثلثي قدرته على تخزين الوقود.

وتواترت الأنباء عن مقتل 6 أشخاص خلال الغارات الإسرائيلية، وهم من العاملين في شركة النفط الخاضعة للحوثيين في الحديدة، حيث تفحمت جثامينهم جراء الحريق، مع إصابة نحو 90 آخرين، كما أفادت مصادر يمنية بأن الضربات أدت إلى تدمير عدد من الرافعات في الميناء كانت خارج الخدمة.

حطام في رصيف التحميل في ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون إثر غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وعبَّر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطبة، الأحد، عن سعادة جماعته بالمواجهة المباشرة مع إسرائيل وأميركا وبريطانيا، وتوعد باستمرار التصعيد البحري ضد السفن ومهاجمة إسرائيل، وأعلن أن الهجوم بالطائرة المسيرة على تل أبيب هو بداية المرحلة الخامسة من التصعيد.

وهوَّن زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن من أهمية الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وقال إن جماعته ستواصل عملياتها، وإن أي ضربات أخرى لن يكون لها أي تأثير على قدراتها العسكرية، مشدداً على أن الجماعة لن «تتراجع عن موقفها».

170 سفينة

وتبنت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كثيراً من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يذكر، باستثناء هجوم المسيرة الأخير على تل أبيب، كما تبنت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وأقرت الجماعة بتلقي أكثر من 570 غارة منذ 12 يناير الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً، جراء الضربات التي تشنها واشنطن تحت ما سمته تحالف «حارس الازدهار».

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور» التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

دخان كثيف إثر احتراق مستودعات الوقود في ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين (أ.ف.ب)

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

وتشنّ الجماعة الحوثية الموالية لإيران منذ 19 نوفمبر هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تزعم الجماعة أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران في المنطقة.


مقالات ذات صلة

دورات «تطييف» حوثية تستهدف عشرات المسؤولين المحليين

المشرق العربي الحوثيون يُرغمون الموظفين الحكوميين على حضور دورات ذات منحى طائفي (إعلام حوثي)

دورات «تطييف» حوثية تستهدف عشرات المسؤولين المحليين

أخضعت جماعة الحوثي نحو 41 مسؤولاً محلياً، استقدمتهم من مديريات تحت سيطرتها إلى العاصمة المختطَفة صنعاء، خلال الأيام الأخيرة الماضية لتلقّي برامج ودروس تعبوية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي الجماعة الحوثية استهدفت قطاع الأدوية في مناطق سيطرتها بحملات متكررة (فيسبوك)

شركات الأدوية في صنعاء تتعرض للتعسف بدافع الابتزاز

تعرَّضت نحو 10 مؤسسات دوائية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، لعمليات دهم تعسفية بدافع الابتزاز، على أيدي مسلحين حوثيين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي يمني يبيع وقوداً في الشارع وسط أزمة نفط تواجهها صنعاء ومناطق أخرى في البلاد (إ.ب.أ)

أزمة وقود في صنعاء تربك الانقلابيين غداة قصف الحديدة

شهدت صنعاء ومدن يمنية أخرى، لليوم الثاني على التوالي، أزمة وقود، وسط ارتباك حوثي في احتواء الموقف، وذلك غداة قصف إسرائيل خزانات الوقود في ميناء الحديدة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
شؤون إقليمية صورة الأقمار الاصطناعية تظهر منظراً لخزانات النفط المحترقة في ميناء مدينة الحديدة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون (أ.ف.ب)

مصادر إسرائيلية: الجيش تدرب في اليونان على ضرب بنك أهداف باليمن

الجيش الإسرائيلي وأجهزة مخابراته أعدوا منذ شهور لاحتمال القيام بهجوم على مواقع للحوثيين في اليمن وتدربوا في اليونان على بنك أهداف

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي عمال يفرغون حاوية من سفينة تجارية في ميناء الحديدة الذي يعد أحد أكبر موانئ اليمن وأكثرها حيوية (رويترز)

بعد الضربات الإسرائيلية... شبح اقتصادي يحدق باليمن

يتوقع باحثون يمنيون أن تؤثر الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة بشكل محدود لكنهم يتخوفون من تكرار الضربات على الاقتصاد والمعيشة ومحاصرة الموانئ

وضاح الجليل (عدن)

الأمم المتحدة: العراق يتحوّل إلى «محور» إقليمي لتهريب المخدرات

كريستينا ألبرتين الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة خلال مؤتمر لمكافحة المخدرات في بغداد اليوم (أ.ف.ب)
كريستينا ألبرتين الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة خلال مؤتمر لمكافحة المخدرات في بغداد اليوم (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: العراق يتحوّل إلى «محور» إقليمي لتهريب المخدرات

كريستينا ألبرتين الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة خلال مؤتمر لمكافحة المخدرات في بغداد اليوم (أ.ف.ب)
كريستينا ألبرتين الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة خلال مؤتمر لمكافحة المخدرات في بغداد اليوم (أ.ف.ب)

صادرت السلطات العراقية، العام الماضي، كميات قياسية من حبوب الكبتاغون، قد تصل قيمتها إلى 144 مليون دولار، وفق تقرير نشرته، الاثنين، الأمم المتحدة، التي حذّرت من أن البلاد تتحول إلى «محور» مهم لتهريب المخدرات.

واستضاف العراق، الاثنين، مؤتمراً شارك فيه وزراء ومسؤولون من دول إقليمية وعربية، بهدف تعزيز التعاون المشترك في مجال مكافحة المخدرات.

وأورد تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة: «شهد العراق طفرة هائلة في الاتجار بالمخدرات واستهلاكها خلال السنوات الخمس الماضية»، لا سيما حبوب الكبتاغون المخدّرة والميثامفيتامين، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ووفق التقرير، صادرت السلطات العراقية في عام 2023 «رقماً قياسياً بلغ 24 مليون قرص كبتاغون»، يفوق وزنها 4.1 طن، وتقدَّر قيمتها بما بين 84 مليون دولار و144 مليوناً وفقاً لسعر الجملة.

وأشار التقرير إلى أن «مضبوطات الكبتاغون زادت بنحو 3 أضعاف» بين عامَي 2022 و2023، لافتاً إلى أن المضبوطات في العام الماضي «أعلى بمقدار 34 مرة» من تلك في 2019.

والكبتاغون تسمية قديمة لعقار يعود إلى عقود مضت، لكن تلك الحبوب، وأساسها الأمفيتامين المحفّز، باتت اليوم المخدّر الأول على صعيد التصنيع والتهريب، وحتى الاستهلاك في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي.

وحذّر تقرير الأمم المتحدة من أن «العراق معرّض لأن يصبح محوراً متزايد الأهمية بالنسبة لمنظومة تهريب المخدرات عبر الشرق الأوسط والأدنى، حيث يقع العراق في نقطة تقاطع منظمة عالمية معقدة لتهريب المخدرات».

وغالباً ما تعلن بغداد ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة، أبرزها الكبتاغون الذي يتمّ تهريبه بشكل أساسي من سوريا، التي باتت المصدر الرئيسي لتصنيع تلك الحبوب المخدرة.

وبحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن 82 في المائة من حبوب الكبتاغون المضبوطة في المنطقة بين عامَي 2019 و 2023 مصدرها سوريا، يليها لبنان (17 في المائة).

ويتحول العراق تدريجياً أيضاً إلى ممرّ لتهريب الميثامفيتامين، ومصدره الأساسي جنوب غرب آسيا، وخصوصاً أفغانستان، نحو دول الخليج وأوروبا. وسُجّلت في العراق زيادة في المضبوطات تناهز 6 أضعاف بين 2019 و2023.

وحذّر تقرير الأمم المتحدة من أنه «رافق ارتفاع عمليات نقل المخدرات عبر العراق والدول المجاورة، زيادة في الاستهلاك المحلي في جميع أنحاء البلاد».

وكثّفت حكومات دول المنطقة مؤخراً جهودها لمكافحة تهريب المخدرات، بضغط أساسي من دول الخليج، وعلى رأسها السعودية.

وخلال مؤتمر بغداد، الاثنين، قال رئيس الحكومة العراقية محمّد شياع السوداني إن «العراقَ مُنفتحٌ على كلِّ تعاونٍ أو جهدٍ مع الأشقاء والأصدقاء»، لمواجهة ما وصفه بـ«جريمة عابرة للحدود». وقال: «سندعم كل جهد يستهدفُ القضاءَ على بؤرِ سمومِ المخدّراتِ ومحطاتِ تصنيعِها».

وأوصى المشاركون بالمؤتمر في بيان ختامي بـ«تعزيز آليات العمل المشترك، واعتماد مبدأ التكامل في العمل الأمني من أجل قطع طرق تهريب المخدرات».