القضايا الشائكة بين سوريا وتركيا تجعل تطبيع العلاقات تدريجياً

بينها سيطرة الأكراد والمعارضة السورية وعودة اللاجئين

إردوغان والأسد رفقة زوجتيهما في دمشق عام 2009
إردوغان والأسد رفقة زوجتيهما في دمشق عام 2009
TT

القضايا الشائكة بين سوريا وتركيا تجعل تطبيع العلاقات تدريجياً

إردوغان والأسد رفقة زوجتيهما في دمشق عام 2009
إردوغان والأسد رفقة زوجتيهما في دمشق عام 2009

رغم مؤشرات على اجتماع قد يكون وشيكاً بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره السوري بشار الأسد، بعد قطيعة تجاوزت عقداً من الزمن، فإن تطبيع العلاقات لا يمكن أن يحصل، وفق محللين، إلا بشكل تدريجي نظراً للقضايا الشائكة بين الطرفين.

تقول نائبة رئيس مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد السلام الأميركي، منى يعقوبيان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن المصالحة «لن تحصل بين عشية وضحاها، بغض النظر عما يحدث، حتى لو جرى لقاء بين إردوغان والأسد». وتشير إلى «تعقيدات» في ملفات عدة عالقة، تجعل من المؤكد أن استعادة العلاقات «ستحصل في أحسن الأحوال بشكل تدريجي وطويل الأمد».

قبل اندلاع النزاع في عام 2011، كانت تركيا حليفاً اقتصادياً وسياسياً أساسياً لسوريا. وكانت علاقة صداقة جمعت إردوغان بالأسد، لكن العلاقة انقلبت رأساً على عقب مع بدء الاحتجاجات ضد النظام، فقد دعت أنقرة بدايةً حليفتها إلى إجراء إصلاحات سياسية، لكن مع قمع المظاهرات بالقوة وتحولها تدريجياً إلى نزاع دامٍ، دعا إردوغان الأسد إلى التنحي. وفي مارس (آذار) 2012 أغلقت تركيا سفارتها في دمشق، وقدمت دعماً للمعارضة السياسية، قبل أن تبدأ بدعم فصائل معارضة مسلحة.

أرشيفية لإردوغان متحدثاً أمام ندوة في أنقرة حول الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان هذا الشهر، إنه قد يدعو الأسد إلى تركيا «في أي وقت»، بعدما كان أرسل مؤشرات إيجابية تجاه الأسد في عام 2022، ويبدأ مسؤولون من البلدين عقد لقاءات ثنائية بوساطة روسية. وأبدى الأسد، الاثنين الماضي، إيجابية تجاه مبادرة إردوغان، لكنه قال إن المشكلة ليست في حصول اللقاء بحدّ ذاته إنما في مضمونه.

شريكان للرقص

جاءت تصريحات إردوغان على وقع تفاقم مشاعر معادية للاجئين السوريين في تركيا التي تستضيف نحو 3.2 مليون لاجئ سوري، يشكل مصيرهم قضية حساسة في السياسة الداخلية مع تعهد خصوم إردوغان إعادتهم إلى بلدهم.

حرائق أشعلها أتراك في قيصري ضد اللاجئين السوريين (إكس)

يقول آرون شتاين، رئيس معهد أبحاث السياسة الخارجية، ومقره الولايات المتحدة، إن «سوريا واللاجئين السوريين باتوا عبئاً كبيراً على إردوغان». ويعتبر أن «استثمار أنقرة في المعارضة السياسية، من وجهة نظر عسكرية، باء تماماً بالفشل». لكن تركيا تعتبر أن هدف وجودها في سوريا، وفق ما يوضح مصدر في وزارة الدفاع، هو «القضاء على الهجمات الإرهابية والتهديدات ضد أراضيها ولمنع إنشاء ممر إرهابي» قرب حدودها، في إشارة إلى المقاتلين الأكراد الذين يقودون «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية الكردية.

وشنّت تركيا عمليات عسكرية عدة داخل سوريا منذ عام 2016، استهدفت بشكل رئيسي الوحدات الكردية، التي تصنّفها «إرهابية» وتعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض تمرداً ضدها على أراضيها منذ عقود. وتشترط دمشق منذ عام 2022 أن تسحب تركيا قواتها، التي سيطرت بفضل عملياتها العسكرية على شريط حدودي واسع في شمال البلاد وتحظى بنفوذ في شمال غربيها، مقدمة للقاء الأسد وإردوغان.

صورة نشرتها وكالة الأنباء العربية السورية الرسمية في 15 يوليو تظهر الرئيس السوري بشار الأسد وهو يدلي بصوته خلال الانتخابات البرلمانية

وسأل الأسد الاثنين: «ما هي مرجعية اللقاء؟ هل ستكون إلغاء أو إنهاء أسباب المشكلة التي تتمثل بدعم الإرهاب، وانسحاب (القوات التركية) من الأراضي السورية؟»، مضيفاً: «هذا هو جوهر المشكلة».

وفق شتاين، إذا قال إردوغان إن «اللقاء مع الأسد ممكن»، فقد يحصل. لكنه يوضح في الوقت ذاته، أن «رقصة التانغو تتطلب وجود شريكين، وشريكه هو قاتل يكرهه»، وهو تعبير استخدمه إردوغان إثر اندلاع النزاع لوصف الأسد.

ورغم التباينات، تتفق أنقرة ودمشق على رفض الحكم الذاتي للأكراد. وبينما تريد أنقرة إبعادهم عن حدودها، تحمل دمشق عليهم «نزعتهم الانفصالية» وتلقيهم الدعم من واشنطن، بعدما شكلوا رأس حربة في دحر تنظيم «داعش». وتثير المؤشرات على تقارب بين دمشق وأنقرة مخاوف الإدارة الكردية، التي يقول محللون إنها قد تدفع الثمن الأكبر، مع رغبتها بالحفاظ على مكتسبات حققتها خلال سنوات الحرب.

«الجزء الصعب»

يرى مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، سونير كاغابتاي، أن أنقرة «تريد من الأسد أن يقضي على حزب العمال الكردستاني حتى يصبح التنظيم في حالة سبات». ويضيف: «عندها سيبدأ التطبيع الحقيقي في شمال غربي سوريا، مع التزام تركيا بسحب قواتها تدريجياً».

ويثير هذا السيناريو مخاوف ملايين السوريين المقيمين في منطقة إدلب ومحيطها؛ أكثر من نصفهم نازحون فروا تدريجياً من محافظات سورية أخرى مع سيطرة القوات الحكومية عليها.

طفل سوري يحمل دلواً فارغاً في مخيم للنازحين بالقرب من سرمدا في محافظة إدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

في مرحلة انتقالية، لا يستبعد كاغابتاي أن يعترف إردوغان بسلطة الأسد في شمال غربي سوريا، على أن يبقى الأمن «في يد أنقرة»، وأن يكون الهدف النهائي إعادة اللاجئين السوريين من تركيا. لكنّ «الجزء الصعب» هو أن الكثير من المدنيين السوريين لا يرغبون في العيش تحت حكم الأسد مجدداً، ويمكن أن يناصبوا حينها العداء لتركيا.

سوريون في إدلب يحتجّون على مواقف إردوغان بخصوص التطبيع مع الأسد (د.ب.أ)

عند بروز مؤشرات تقارب عام 2022، خرجت مظاهرات غاضبة في مناطق عدة في إدلب، تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام». وخرجت مظاهرات مماثلة وإن كانت محدودة الشهر الحالي، رفضاً لـ«التطبيع» بين أنقرة ودمشق.

وفي شمال شرقي البلاد، يرى شتاين أن الوجود الأميركي سيجعل أي هجوم تشنه تركيا بتفويض من دمشق تجاه الأكراد، «خياراً محفوفاً بالتحديات»؛ لذا فإن تفعيل اتفاقية أضنة الموقعة بين تركيا وسوريا هو «الأداة الوحيدة المتاحة؛ كونها تخول تركيا شن عمليات في سوريا على عمق خمسة كيلومترات من الحدود»، إذا تعرض أمنها القومي للخطر.

دورية لجنود أميركيين على مشارف الرميلان بالحسكة شمال شرقي سوريا التي يسيطر عليها الأكراد (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأنهى الاتفاق عند توقيعه في عام 1998 توتراً بين الدولتين، حين حشدت تركيا قواتها قرب الحدود احتجاجاً على دعم قدمته دمشق لحزب العمال الكردستاني.

ولطالما اتهمت دمشق أنقرة بخرق الاتفاق منذ بدء النزاع عام 2011. وتقول يعقوبيان، إنه يتعين الانتظار لمعرفة ما إذا كان بالإمكان «إعادة صياغة» الاتفاق مع سيطرة الأكراد على مساحات واسعة. ومع قرب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة واحتمال وصول إدارة جديدة، لا تستبعد يعقوبيان أن يكون التقدم نحو المصالحة بمثابة «تحسب لأي تحول محتمل في السياسة الأميركية» تجاه سوريا.


مقالات ذات صلة

«الرفض» العنوان الأبرز للتسوية في كناكر بريف دمشق

المشرق العربي متداولة لطريق ريف دمشق الغربي المؤدي إلى بلدة كناكر

«الرفض» العنوان الأبرز للتسوية في كناكر بريف دمشق

لا يزال الرفض هو العنوان الأبرز للتسوية التي تسعى السلطات السورية، بالتعاون مع جهات محلية، إلى فرضها في بلدة كناكر بريف دمشق الغربي قريباً من محافظة القنيطرة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص خريطة انتشار القوات الخارجية في سوريا منتصف 2023 - 2024 (مركز «جسور»)

خاص إيران لا تزال صاحبة النفوذ الأكبر على الأرض السورية

شهدت خريطة انتشار الوجود العسكري الأجنبي في سوريا «انخفاضاً محدوداً» بين منتصف عامَيْ 2023 و2024، حسب التحديث السنوي لمركز «جسور للدراسات».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي صورة من تأشيرة السائح الصيني المفقود في السويداء (شبكة «السويداء 24»)

اختفاء مواطن صيني في السويداء جنوب سوريا

أعلنت السفارة الصينية بدمشق أنها تلقّت بلاغاً باختفاء سائح صيني أثناء خروجه من العاصمة باتجاه جنوب سوريا، وفُقد الاتصال به في محافظة السويداء.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لاجئون سوريون على أحد المعابر بين تركيا وسوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

«المرصد السوري»: تركيا ترحّل آلاف السوريين قسراً

أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن تركيا رحّلت قسراً، منذ مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، 3540 سورياً يحملون بطاقة الحماية المؤقتة باتجاه شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحد أبراج المراقبة التي تبنيها قوات التحالف الدولي على نهر الفرات (شبكة الخابور)

قوات التحالف الدولي تقيم أبراج مراقبة على طول نهر الفرات شرق سوريا

أفادت مصادر محلية بأن قوات التحالف الدولي بدأت إنشاء أبراج مراقبة على طول نهر الفرات شرق سوريا، ضمن مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).

«الشرق الأوسط» (دمشق)

إعلام إسرائيلي: تل أبيب تلقّت تأكيداً باغتيال الضيف

دمار في موقع استهدفته إسرائيل بالمواصي قرب خان يونس يوم 13 يوليو في إطار استهداف قائد «القسّام» محمد الضيف (أ.ف.ب)
دمار في موقع استهدفته إسرائيل بالمواصي قرب خان يونس يوم 13 يوليو في إطار استهداف قائد «القسّام» محمد الضيف (أ.ف.ب)
TT

إعلام إسرائيلي: تل أبيب تلقّت تأكيداً باغتيال الضيف

دمار في موقع استهدفته إسرائيل بالمواصي قرب خان يونس يوم 13 يوليو في إطار استهداف قائد «القسّام» محمد الضيف (أ.ف.ب)
دمار في موقع استهدفته إسرائيل بالمواصي قرب خان يونس يوم 13 يوليو في إطار استهداف قائد «القسّام» محمد الضيف (أ.ف.ب)

قالت «القناة 14» الإسرائيلية، الأحد، إن إسرائيل تلقّت تأكيداً باغتيال محمد ضيف، قائد «كتائب القسام» الجناح المسلّح لحركة «حماس»، في الهجوم الذي شنّته قبل أكثر من أسبوع في مواصي خان يونس، موضحة أن الإعلان الرسمي عن مقتله سيتم قريباً.

وأكّدت «القناة 14» أنه بعد عقود من المطاردة، و7 محاولات اغتيال فاشلة، تأكّد اغتيال الضيف في الهجوم الذي استهدفه صباح السبت 13 يوليو (تموز) الحالي، وقُتل فيه رافع سلامة قائد لواء خان يونس بحركة «حماس»، بالإضافة إلى 100 آخرين.

ويتوافق خبر «القناة 14» مع تسريبات إسرائيلية، وتصريحات لمسؤولين إسرائيليين قالوا فيها إن «حماس» تحاول إخفاء مصير الضيف، في إشارة إلى أنهم متأكّدون من اغتياله. لكن «حماس» لم تعقّب، باستثناء تصريح واحد سابق لخليل الحية عضو المكتب السياسي للحركة، قال فيه إن الضيف حي، ويستمع لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان يتحدث عن استهدافه، ويسخر منه. وكان نتنياهو خرج بعد إعلان الجيش الإسرائيلي استهداف الضيف قائلاً إنه لا يمكن التأكد من نتائج الهجوم، وما إذا كان الضيف قد قُتل.

نتنياهو خلال زيارة سابقة لجنوده بمدينة رفح جنوب قطاع غزة (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - رويترز)

التريث في الإعلان الرسمي

وتتريث إسرائيل في الإعلان عن مصير الضيف رسمياً حتى تتلقى تأكيدات حاسمة، بعد أن كانت قد تورّطت أثناء الحرب الحالية في عدد من الإعلانات التي تَبيّن لاحقاً عدم صحّتها، ما سبّب لها الكثير من الحرج، شمل الجيش والقيادة السياسية.

وسألت «الشرق الأوسط» مصادر في «حماس» حول مصير الضيف، دون الحصول على إجابات واضحة. وقال مصدر مطلع إن «عدداً قليلاً في (حماس) نفسها يعرف ما حدث. وواضح أن الحركة تفضّل التزام الصمت».

وبالفعل، كانت «حماس» قد التزمت الصمت تجاه إعلان إسرائيل عن اغتيال نائب الضيف مروان عيسى، في هجوم بالنصيرات قبل عدة أسابيع، كما أنها لم تعقّب على إعلان إسرائيل عن اغتيال رافع سلامة، قائد لواء خان يونس، في الضربة نفسها التي استهدفت محمد الضيف.

والضيف الذي تولى قيادة «كتائب القسام» في 2002 بعد اغتيال قائدها العام صلاح شحادة، يُعَد شخصية غامضة للغاية، ومن الصعب معرفة ما إذا كان على قيد الحياة أم لا، إلا إذا أعلنت «حماس» ذلك؛ لأن الضيف منذ سنوات لا يظهر للعامة.

أرشيفية لمحمد الضيف

صورة الضيف

قبل الحرب الحالية لم يكن يعرفه سوى أفراد عائلته، ومجموعة قليلة من قادة «حماس»، والأغلب أن كثيراً منهم لا يعرف مكان وجوده طوال الوقت، وظل هذا الوضع هكذا حتى نشرت إسرائيل صورته للعامة نهاية العام الماضي، وهي الصورة الرابعة له على الإطلاق؛ إذ كانت الأولى قديمة للغاية، ظهر فيها شاباً صغيراً، والثانية وهو ملثّم، والثالثة صورة لظِلّه، والرابعة ظهر فيها إلى جانب شخص في مكان عام، بشعر أشيَب ولحية خفيفة وعين واحدة، في جلسة هادئة.

وبطبيعة الحال، كان الضيف يحافظ على سرية كبيرة في كل تحركاته، ولا يستخدم التكنولوجيا؛ لتقليل إمكانية تتبّعه، وهو ذكي وسريع البديهة، وليس محباً للظهور، ونادراً ما اضطر لبَثّ رسائل صوتية، معلناً بداية معركة جديدة مع إسرائيل، ومنها معركة «طوفان الأقصى»، التي أشعلت الحرب الحالية. وحتى أثناء الحرب الحالية لم تكن مطاردة إسرائيل له أمراً سهلاً أبداً؛ إذ كان استهدافه في مواصي خان يونس هي المحاولة الأولى بعد أكثر من 9 أشهر من البحث عنه.

وقالت «القناة 14» إن الضيف نادراً ما يكشف نفسه؛ لأنه يعدّ مسؤولاً عن سلسلة طويلة من الهجمات ضد الإسرائيليين، بما في ذلك هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وكان في العقود الأخيرة الهدف الأول لإسرائيل، وسبق أن نجا من العديد من محاولات الاغتيال، وهذا أحد أسباب حذَر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في الإعلان عن اغتياله، خوفاً من أن يكون قد تمكّن من النجاة هذه المرة أيضاً.

فلسطينيون يحملون جثمان أحد القتلى من موقع القصف الإسرائيلي بمنطقة المواصي في خان يونس (أ.ب)

مؤشرات مهمة

وأكّد نتنياهو أن ثمة مؤشرات مهمة حول اغتيال الضيف، دون أن يعلن عن أي تفاصيل، فيما قال السفير الأميركي لدى إسرائيل جاك لو، إن ثمة مؤشرات بأن الضيف قد قُتل. وإذا ما تأكّد مقتل الضيف سيمثّل ذلك ضربة لـ«كتائب القسام»، التي قادها الرجل لأكثر من 20 عاماً، وحوّلها إلى جيش شبه نظامي، وأصبحت القوة الفلسطينية رقم 1 التي نجحت إلى حد كبير في تحقيق ميزان ردع مع إسرائيل، قبل أن تفاجئها في هجوم بري وجوي وبحري بـ«طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر الماضي.

ومنذ ذلك التاريخ أصبح اغتيال الضيف هاجساً إسرائيلياً، بعد جميع المحاولات السابقة الفاشلة لاغتياله. وأدّت كل هذه المحاولات ونجاة الضيف منها إلى تحوّله إلى رمز فلسطيني تجاوز دوره الوظيفي في «كتائب القسام».

وحاولت إسرائيل اغتياله أول مرة عام 2001، والثانية عام 2002، في استهداف مركبة بشارع الجلاء، حيث أُصيب لكنه نجا من الموت، والثالثة عام 2003، في اجتماع مع قيادات من «حماس» في حي الشيخ رضوان، ونجا مرة أخرى، والرابعة عام 2004، أيضاً في حي الشيخ رضوان، بشقة سكنية في منزل لعائلة أبو سلمية، حيث أصيب حينها بجروح حرجة، والخامسة عام 2014 في منزل لعائلة الدلو، حيث قُتلت في الهجوم زوجته واثنان من أبنائه، والسادسة عام 2021 في حي الرمال، وقد نجا منها أيضاً.

وإذا تأكّد مقتل الضيف فستكون إسرائيل قد تخلّصت من أبرز قادة المجلس العسكري في «كتائب القسام»، باستثناء محمد شبانة قائد «لواء رفح»، وعز الدين الحداد قائد «لواء غزة» في الكتائب، ورائد سعد، الذي ما زال مصيره مجهولاً بعدما أعلنت إسرائيل سابقاً أنها اغتالته، ولم يتم تأكيد ذلك، ومحمد السنوار، شقيق يحيى السنوار قائد «حماس» في غزة.

وقالت مصادر في «حماس» إن مستقبل قيادة «الكتائب» سيكون في يد المكتب السياسي للحركة. وحسب المصادر فإن السنوار أو الحداد سيصبح مسيِّراً لأعمال المجلس العسكري في انتظار انتهاء الحرب وحسم المسألة رسمياً.