أي دور لـ«اليونيفيل» خلال 9 أشهر من الحرب في جنوب لبنان؟

القوة الدولية لـ«الشرق الأوسط»: ما زلنا إحدى قنوات الاتصال القليلة بين لبنان وإسرائيل

عناصر في قوات «يونيفيل» خلال مشاركتهم في حماية اليوم الطبي لمساعدة العائلات النازحة إلى مدينة صور (إ.ب.أ)
عناصر في قوات «يونيفيل» خلال مشاركتهم في حماية اليوم الطبي لمساعدة العائلات النازحة إلى مدينة صور (إ.ب.أ)
TT

أي دور لـ«اليونيفيل» خلال 9 أشهر من الحرب في جنوب لبنان؟

عناصر في قوات «يونيفيل» خلال مشاركتهم في حماية اليوم الطبي لمساعدة العائلات النازحة إلى مدينة صور (إ.ب.أ)
عناصر في قوات «يونيفيل» خلال مشاركتهم في حماية اليوم الطبي لمساعدة العائلات النازحة إلى مدينة صور (إ.ب.أ)

صحيح أن جزءاً من مهام قوة الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل» ينصّ على رصد وقف الأعمال العدائية، كما مساعدة القوات المسلحة اللبنانية في اتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي عناصر مسلّحة، ومقاومة المحاولات التي تهدف إلى منعها بالقوة من القيام بواجباتها، كما ينص قرار تشكيلها، إلا أن القوات الدولية في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومع اندلاع الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل، انكفأت إلى حد كبير لعدم رغبتها في الدخول بمواجهة مسلحة مع أي من طرفي الصراع. ودفع هذا الواقع إلى أسئلة عن دور هذه القوات في زمن الحرب، وما إذا كانت قد قصّرت في تنفيذ مهامها، كما عن جدوى التجديد لها الشهر المقبل.

450 نشاطاً يومياً

وعن الأدوار التي لعبتها قوات «اليونيفيل» خلال الأشهر التسعة الماضية، يشير الناطق باسم القوات الدولية أندريا تيننتي إلى أن القوات الدولية واصلت أنشطتها العملانية في جميع أنحاء جنوب لبنان، وهي حالياً تقوم بنحو 450 نشاطاً يومياً، تماماً كما كانت تفعل قبل 8 أكتوبر، موضحاً أنه «منذ بدء تبادل إطلاق النار، قمنا بتكييف أنشطتنا وإعادة توجيهها للاستجابة للتطورات الجارية، وهذا يعني زيادة التركيز على دوريات الخط الأزرق، ودوريات المركبات، بدلاً من الدوريات الراجلة من أجل سلامة القوات... أضف أننا قمنا أيضاً بزيادة اتصالاتنا مع السلطات على جانبي الخط الأزرق للحثّ على وقف التصعيد».

ويوضح تيننتي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن بعثة «اليونيفيل» تواصل حضّ جميع الجهات الفاعلة المعنية على وقف إطلاق النار، كما أننا مستمرون في تنفيذ الأنشطة على طول الخط الأزرق لتهدئة التصعيد ومنع أي سوء تفاهم. «وسوف نستمر في بذل كل ما في وسعنا للحد من التوترات والعودة إلى التنفيذ الكامل للقرار 1701، باعتباره الطريق نحو الاستقرار والسلام في نهاية المطاف».

الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي (الوكالة الوطنية)

الحل الدبلوماسي ممكن

ويلفت تيننتي إلى أن قيادة «اليونيفيل» لا تزال توفر «إحدى قنوات الاتصال القليلة بين لبنان وإسرائيل، ونعمل على حلّ النزاعات، وتخفيف التوترات ومنع سوء الفهم الخطير الذي قد يؤدي إلى صراع أوسع لا يريده أحد»، مضيفاً: «نحن نتحدث مباشرة مع السلطات اللبنانية والإسرائيلية، ونحثهما على الالتزام بالعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي. ونعدّ أن الحل الدبلوماسي ممكن تماماً. وعلى الرغم من بعض الخطابات التي نسمعها، فإننا نعلم أن أياً من الطرفين لا يريد تصعيد العنف. وقد أكد الطرفان أهمية القرار 1701 كإطار مناسب للعودة إلى وقف الأعمال العدائية وإحراز تقدم نحو وقف دائم لإطلاق النار».

ويشدد تيننتي على أن «الحل السياسي والدبلوماسي هو الحل الوحيد القابل للتطبيق على المدى الطويل»، منبهاً أن «أي حلّ ينطوي على العنف لن يؤدي إلا إلى مزيد من الموت والدمار على جانبي الخط الأزرق».

الحلّ بتطبيق «1701»

وعن الدور الذي يمكن أن تضطلع به «اليونيفيل» بعد تجديد تفويضها، أو في الفترة التالية لوقف إطلاق النار، يقول تيننتي: «في الوقت الحالي، يعمل أصحاب المصلحة الدوليون الرئيسيون على إيجاد حلول قابلة للتطبيق لوقف الأعمال العدائية بين (حزب الله) وإسرائيل. ونحن على استعداد لدعم أي اتفاقات يمكن التوصل إليها بين الأطراف بدعم من المجتمع الدولي و(الأمم المتحدة)». ويضيف: «دورنا كقوات حفظ سلام هو أداء المهام التي يطلبها منا مجلس الأمن، ودعم الأطراف في تنفيذها للقرار 1701. أما تجديد التفويض فيقرره مجلس الأمن نفسه».

ويعدّ تيننتي أن «التحدي الأكبر الذي يواجه القرار 1701 حتى قبل شهر أكتوبر (تشرين الأول) يتلخص في الافتقار إلى الالتزام العملي من جانب إسرائيل ولبنان بتنفيذه بالكامل. ومع ذلك، أعطى هذا القرار 1701 المجتمعات المحلية في شمال إسرائيل وجنوب لبنان استقراراً نسبياً على مدى 17 عاماً، وبالتالي فإن القرار 1701 يمكن أن ينجح إذا توفرت الإرادة لدى الأطراف».

جنود من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» يزيلون خراطيم إسرائيلية استُعملت لإحراق الأحراج الحدودية (مديرية التوجيه)

قوة غير فعّالة

من جهته، يوضح الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية، العميد المتقاعد خليل الحلو، أن «اليونيفيل ليست قوة ضاربة، هي قوة حفظ سلام وموجودة في لبنان تحت الفصل السادس، لا السابع، أي أنه لا يحق لها فتح النار لفرض السلام، إنما حصراً دفاعاً عن النفس»، شارحاً أن «التعديل الذي طرأ على مهامها في السنوات الماضية أعطاها صلاحيات أوسع، لكنها لم تستخدمها».

ولا يرى الحلو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» تقصيراً بقيام هذه القوات بمهامها في الأشهر الماضية، معتبراً أنها قد تكون «غير فعالة على المستوى المطلوب، ولذلك كانت الدول المانحة دائماً تعترض عن دفعها الأموال لهذه القوات طالما (حزب الله) موجود في الجنوب، أي في المنطقة، حيث لا يفترض أن يوجد، وطالما الجيش اللبناني لا يقوم بواجباته بمنع وجود المسلحين جنوب الليطاني. وكانت الحجة الفرنسية دائماً تقول إنها ليست فعالة بالقدر اللازم، لكن من دونها سيكون الوضع أسوأ».

ويلفت الحلو إلى أن «دورها ليس عسكرياً حصراً، إنما إنمائي، وقواتها تؤدي إلى تحريك العجلة الاقتصادية في الجنوب، أضف أنها تشكل قناة مفتوحة مع الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي من دون استبعاد وجوب أقنية غير منظورة مع (حزب الله) لفضّ الإشكالات الحدودية خارج زمن الحرب»، معتبراً أنه «من الصعب جداً تضمين مهام هذه القوات أدواراً جديدة نظراً للتطورات على الجبهة الجنوبية حيث إنه لا قرار لدى الدول الكبرى بقيام جنودها بدور أكبر في ظل الحرب المشتعلة هناك».


مقالات ذات صلة

لبنان ينتظر مسودة قرار التمديد لـ«اليونيفيل» ويطالب بعدم تعديل ولايتها

المشرق العربي دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (د.ب.أ)

لبنان ينتظر مسودة قرار التمديد لـ«اليونيفيل» ويطالب بعدم تعديل ولايتها

ينتظر لبنان مسودة قرار التمديد لقوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل) الذي تحضره فرنسا، وسط محادثات مع قوى دولية فاعلة لتسويق المطلب اللبناني.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي مترئساً مجلس الوزراء الذي عُقد الخميس (الوكالة الوطنية للإعلام)

تسوية سياسية «جزئية» تسمح بقبول ضباط في الكلية الحربية بلبنان

أقرّ مجلس الوزراء اللبناني إجراء مباراة جديدة لاختيار ضباط جدد وإلحاقهم بالدورة السابقة التي عرقلها الخلاف بين وزير الدفاع وقائد الجيش.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي موقع إحياء مجلس عاشوراء في معوض بالضاحية الجنوبية لبيروت حيث قُتل شخص بإشكال ليل السبت (إعلام «أمل»)

لبنان: قتيلان في إشكالين منفصلين خلال إحياء مناسبة عاشوراء

قُتل شخصان في إشكالين وقعا ليل السبت في منطقة برج حمود بجبل لبنان، وفي ضاحية بيروت الجنوبية، خلال إحياء مناسبة عاشوراء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (غيتي)

قلق من الشغور في قيادة الجيش... وتلميح لتمديد ثانٍ لولاية جوزف عون

المجلس النيابي اللبناني قد يجد نفسه مضطراً للتمديد مرة جديدة لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تشييع ضابط إسرائيلي قتل في المواجهات مع «حزب الله» الجمعة (أ.ب)

إسرائيل تتدرب على انقطاع الكهرباء في حرب واسعة مع «حزب الله»

تبدأ شركة الكهرباء الإسرائيلية، الأحد، تدريباً يحاكي سيناريو حرب واسعة مقابل «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

قوات التحالف الدولي تقيم أبراج مراقبة على طول نهر الفرات شرق سوريا

أحد أبراج المراقبة التي تبنيها قوات التحالف الدولي على نهر الفرات (شبكة الخابور)
أحد أبراج المراقبة التي تبنيها قوات التحالف الدولي على نهر الفرات (شبكة الخابور)
TT

قوات التحالف الدولي تقيم أبراج مراقبة على طول نهر الفرات شرق سوريا

أحد أبراج المراقبة التي تبنيها قوات التحالف الدولي على نهر الفرات (شبكة الخابور)
أحد أبراج المراقبة التي تبنيها قوات التحالف الدولي على نهر الفرات (شبكة الخابور)

بدأت قوات التحالف الدولي إنشاء أبراج مراقبة على طول نهر الفرات شرق سوريا، ضمن مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في عددٍ من قرى ريف دير الزور الشرقي، وفق ما أفادت به مصادر محلية قالت إن عمليات إنشاء الأبراج جارية في قرى جديد عكيدات، وجديد بكارة، والصبحة، وأبريهة، والبصيرة، والزر والشحيل في ريف دير الزور الشرقي، على أن تمتد إلى الباغوز على الحدود السورية - العراقية.

ومن المتوقع أن يصل عدد الأبراج إلى 142 برجاً تحدد مواقعها لجنة عسكرية تابعة لقوات التحالف الدولي، ورجحت المصادر أن يكون الهدف من بناء تلك الأبراج مراقبة حركة الميليشيات التابعة لإيران، والمجموعات المسلحة وتنظيم «داعش».

وتأتي هذه الأنباء مع تزايد هجمات قوات العشائر المدعومة من دمشق على مواقع تابعة لـ«قسد». وبحسب المصادر، هاجمت قوات العشائر، الخميس، أحد أبراج المراقبة التابعة لـ«قسد» ودمرته بشكل كامل في بلدة الهرموشىة في ريف دير الزور الغربي، وأسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة عناصر وإصابة آخر من «قوات سوريا الديمقراطية».

بالتوازي مع ذلك، أفادت مصادر إعلامية محلية ببدء القوات الحكومية السورية والميليشيات الرديفة حملة تمشيط واسعة في ريف دير الزور الشرقي.

من جانبه، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «مسلحين محليين موالين لإيران وميليشياتها» هاجموا نقطة عسكرية تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في بلدة الهرموشية بريف دير الزور الغربي، تم استهدافها بالأسلحة الرشاشة. وبحسب «المرصد»، ردت «قسد» على المهاجمين؛ ما أدى إلى «اندلاع اشتباكات مسلحة دارت بين الطرفين، دون تسجيل خسائر بشرية».

وتشنّ قوات العشائر العربية المدعومة من دمشق هجمات مباغتة على مواقع «قسد» بين حين وآخر. وقبل أيام استهدفت هذه القوات صهريجاً لنقل النفط تابعاً للإدارة الذاتية في بلدة أبريهة، شرقي دير الزور، كان قادماً من حقل العمر النفطي، من دون تسجيل خسائر بشرية.

وفي سياق متصل، أفاد موقع «كوردستريت نيوز» نقلاً عن مصادر عن إطلاق القوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران، بدعم جوي روسي، حملة تمشيط واسعة في بادية معيزيلة في ريف دير الزور الشرقي.

وتعدّ هذه الحملة الثانية بعد حملة مماثلة اعتُبرت الأكبر منذ ست سنوات، استهدفت تأمين باديتي السخنة وتدمر شرق حمص، وبادية الرصافة جنوب الرقة، وبادية دير الزور الغربية، لحماية الطرق الدولية في تلك المناطق، وانطلقت في يونيو (حزيران) الماضي، بعد هجمات كبيرة لتنظيم «داعش» في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضيين قُتل فيها أكثر 45 عنصراً من قوات الحكومة السورية والميليشيات الرديفة، وهدفت الحملة إلى تمشيط المنطقة الممتدة من ريف حمص الشرقي وحتى منطقة «التنف» التي تتمركز فيها قوات التحالف عند الحدود السورية - العراقية في ريف دير الزور؛ بهدف قطع طرق إمداد «التنظيم»، حيث تتهم دمشق القوات الأميركية بتسهيل عبور عناصر «داعش» في مناطق سيطرتها.

واشترك في الحملة الماضية تشكيلات عسكرية من «الفرقة 25» و«الفرقة الرابعة» و«الحرس الجمهوري»، انطلقت على ثمانية محاور أساسية من منطقة الرصافة في محافظة الرقة، وأثريا في ريف حماة والشيخ هلال في ريف حلب.

ورغم إعلان السلطات الحكومية السورية قتلها الكثير من عناصر «داعش» خلال الحملة وتدمير مواقع ومخازن أسلحة تابعة للتنظيم، فإن هجماته لم تتوقف.

وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، تصاعد عمليات تنظيم «داعش» في المناطق التي تخضع لسيطرة «قسد»، لا سيما في شرق الفرات، «عبر خلاياه التي تعمل بشكل سري على تخطيط وتنفيذ استهدافات وتفجيرات وعمليات ضد المدنيين والعسكريين والعاملين مع الإدارة الذاتية». وأفاد «المرصد» بتكثيف وحدات خاصة تابعة لـ«قسد»، بدعم من قوات «التحالف الدولي»، من عملياتها الأمنية في الآونة الأخيرة. ووفقاً لمتابعات «المرصد»، نفذت 6 عمليات ضد خلايا «داعش» في مناطق شمال شرقي سوريا منذ مطلع يوليو (تموز) الحالي؛ وذلك بهدف الحد من نشاط «التنظيم».

وفي وقت سابق، حذّرت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) من احتمال إعادة التنظيم هيكلة ذاته وشنّ هجمات في العراق وسوريا.

وقالت «سنتكوم»، الأربعاء، إن تنظيم «داعش» ضاعف هجماته في العراق وسوريا منذ بداية العام الحالي، وبلغ عددها نحو 153 هجوماً في العراق وسوريا منذ مطلع العام الحالي.

وقالت القيادة المركزية الأميركية إن «داعش» في طريقه للوصول إلى ضِعف العدد الإجمالي للهجمات التي أعلن مسؤوليته عنها العام الماضي.