قلق من الشغور في قيادة الجيش... وتلميح لتمديد ثانٍ لولاية جوزف عون

الخلاف يتوسع مع وزير الدفاع... وعقدة الضبّاط الجدد نحو الحلحلة

قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (غيتي)
قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (غيتي)
TT

قلق من الشغور في قيادة الجيش... وتلميح لتمديد ثانٍ لولاية جوزف عون

قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (غيتي)
قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (غيتي)

عادت الأزمة في المؤسسة العسكرية لتطلّ مجدداً على بعد خمسة أشهر من انتهاء الولاية الممددة لقائد الجيش العماد جوزف عون، الذي يحال على التقاعد في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، وتختلف الآراء السياسية والدستورية حول آلية ملء موقع القائد لبقاء المؤسسة العسكرية على تماسكها وممارسة مهامها في حفظ الأمن والاستقرار الداخلي.

تتعدد الخيارات المطروحة لحلّ هذه المعضلة، التي تمثّل ذروة الأزمة التي تواجهها المؤسسات الدستورية نتيجة الفراغ في رئاسة الجمهورية، إلّا أن كل هذه الخيارات تصطدم بألغام قانونية يصعب تخطيها. اعتبرت مصادر مطلعة على صياغة الحلول أن المجلس النيابي «قد يجد نفسه مضطراً للتمديد مرة جديدة لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية»، مشيرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «التمديد هذه المرة لن يكون محصوراً بالقادة العسكريين والأمنيين، بل ربما يشمل جميع موظفي القطاع العام، إذا ما أُقر اقتراح القانون المقدم إلى البرلمان، والرامي إلى التمديد لكافة موظفي القطاع العام لسنتين».

وخاضت حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، معركة سياسية قاسية أفضت إلى تعيين العميد حسّان عودة رئيساً للأركان في الجيش اللبناني، والذي يحقّ له وحده ممارسة مهام القائد أثناء غيابه، لكنّ وزير الدفاع موريس سليم عارض هذا التعيين، وسارع إلى الطعن بالقرار أمام مجلس شورى الدولة الذي لم يبتّ بهذا الطعن بعد، وأكدت المصادر أن المؤسسة العسكرية «ستكون أمام وضع دقيق للغاية إذا ما أحيل العماد عون على التقاعد قبل تعيين البديل أو الاتفاق على آلية قانونية لإدارة المؤسسة في غياب قائد أصيل». وأوضحت أن «مرسوم تعيين رئيس الأركان الجديد لم يصدر في الجريدة الرسمية بعد، وحتى لو صدر المرسوم لا يمكنه أن يحلّ مكان القائد ويمارس صلاحياته كاملة». وقالت: «قانون الدفاع يحصر دور رئيس الأركان بمهام محددة؛ أي إنه يحلّ مكان القائد في حال سفر الأخير أو تغيّبه لأسباب صحيّة، لكن لا ينصّ على تسلّم مهام القائد كاملة في حال شغور المنصب، وبالتالي نحن أمام مشكلة حقيقية في حال تقاعد العماد عون قبل انتخاب رئيس للبلاد وتعيين قائد جديد على رأس مؤسسة الجيش».

التمديد هذه المرة لن يكون محصوراً بالقادة العسكريين والأمنيين بل ربما يشمل جميع موظفي القطاع العام (أرشيفية - رويترز)

تتجدد الدعوة لتمديد ولاية قائد الجيش لمرّة ثانية كحلّ قانوني للأزمة، وهو ما شدد عليه الخبير القانوني ورئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص، الذي اعتبر أنه «لا بدّ من استصدار قانون عن المجلس النيابي يمدد ولاية العماد جوزف عون». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ثمة مبررات تستدعي التمديد، وهي الحرب القائمة على جبهة الجنوب والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان»، مؤكداً في الوقت نفسه على «استحالة تعيين قائد للجيش من قبل حكومة تصريف الأعمال، فهناك إشكالية أنها حكومة مستقيلة أولاً، وثانياً لا يمكن تأمين النصاب لجلسة التعيين، وحتى لو تأمن النصاب فإن المادة 65 من الدستور تشترط موافقة ثلثي أعضاء الحكومة، وهذا غير متوفر في ظلّ الانقسام السياسي القائم». ولفت مرقص إلى «صعوبة تعيين قائد للجيش خلال مرحلة الشغور الرئاسي»، مذكراً بأن رئيس الجمهورية «هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالتالي كما تنص المادة 49 من الدستور هو من يزكّي اسم القائد ويتابع الأوضاع العسكرية معه، وهذا الأمر متعذر حالياً».

وكانت دائرة الخلافات بين قائد الجيش ووزير الدفاع موريس سليم قد اتسعت، وآخرها تمحور حول دورة اختيار أكثر من 118 تلميذ ضابط للكلية الحربية الذين أُعلنت نتائجهم ولم يلحقوا بالكلية بسبب عدم توقيع الوزير على قرار تعيينهم.

ونجحت خلال الساعات الماضية جهود وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد بسام مرتضى، بتكليف من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، في إحداث خرق قد يؤدي إلى حلحلة في قضية تلامذة الضباط، وأفادت المعلومات بأن «قائد الجيش بناء على الاتصالات والمشاورات، رفع كتاباً إلى وزير الدفاع موريس سليم طلب فيه تطويع 82 تلميذ ضابط جديداً عبر اختيارهم بمباراة ليتم إلحاقهم بمن فازوا بالمباراة، وبالفعل وقّع وزير الدفاع على كتاب القائد وأحاله على مجلس الوزراء ليصبح العدد الإجمالي للدورة 200 تلميذ ضابط»، إلّا أن مصدراً مقرباً من قيادة الجيش اعتبر أن الأمر «مرهون بوجود نيات حقيقية للإفراج عن دورة الضباط». وذكّر المصدر بأن وزير الدفاع «اعترض على نتائج دورة الضباط بحجة أنهم لا يستوفون شروط تطويعهم في المؤسسة العسكرية، فهل أصبحوا الآن مستوفين للشروط؟ وما تغيّر حتى يقتنع الوزير بقانونية نتائج المباراة واختيارهم؟».


مقالات ذات صلة

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

المشرق العربي 
رئيس الجمهورية اللبناني مجتمعاً مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة المكلف أمس (رويترز)

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

تكثفت الاتصالات في لبنان لمعالجة تداعيات تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة وسط معارضة «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري لهذا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يلوح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ) play-circle 01:44

ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟

يستغرب كثيرون معارضة «الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل)» الشديدة تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يدلي بتصريح عقب اجتماع مع الرئيس اللبناني جوزيف عون في القصر الرئاسي في بعبدا (إ.ب.أ)

عون يقود مساعي لتجنب مقاطعة شيعية للحكومة... وبري: الأمور ليست سلبية للغاية

وصل رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام إلى بيروت، لبدء المشاورات النيابية لتشكيل حكومةٍ طمأن إلى أنها «ليست للإقصاء».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي كتلة نواب «حزب الله» بعد لقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون (أ.ب)

لبنان... «الثنائي الشيعي» يهدد وسلام يستوعب رد فعله ويطمئنه

توقفت الأوساط السياسية أمام رد فعل «الثنائي الشيعي» على التبدُّل المفاجئ للمزاج النيابي الذي سمّى رئيس «محكمة العدل الدولية» نوّاف سلام رئيساً للحكومة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون خلال اجتماعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الاثنين في قصر بعبدا (أ.ف.ب)

«خريطة طريق» فرنسية طموحة جداً للبنان

تواكب باريس عن قرب التطورات الإيجابية التي يشهدها لبنان بدءاً بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وتكليف نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى.

ميشال أبونجم (باريس)

مقتل 22 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة

رجل إسعاف ينقل طفلا أصيب نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط غزة (إ.ب.أ)
رجل إسعاف ينقل طفلا أصيب نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط غزة (إ.ب.أ)
TT

مقتل 22 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة

رجل إسعاف ينقل طفلا أصيب نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط غزة (إ.ب.أ)
رجل إسعاف ينقل طفلا أصيب نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط غزة (إ.ب.أ)

أفادت قناة (الأقصى) الفلسطينية اليوم الأربعاء بأن 22 شخصا لقوا حتفهم جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ فجر اليوم.

وذكرت القناة أن 15 من هؤلاء القتلى سقطوا في وسط قطاع غزة، دون ذكر مزيد من التفاصيل. يأتي ذلك وسط ترقب للإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، في ظل مفاوضات جارية حول التفاصيل النهائية. وقالت شبكة (سي.بي.إس) الإخبارية الأميركية أمس إن إسرائيل وحماس وافقتا مبدئيا في المحادثات الجارية بالدوحة على مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين.

وأمس الثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع عدد القتلى جراء الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 إلى 46645، بينما زاد عدد المصابين إلى 110012.