المعارضة اللبنانية ترمي الكرة الرئاسية في ملعب «الثنائي الشيعي»

«التيار» دعمها وحثها على «إحراج رئيس البرلمان»... وبري «يرفض التنازل عن صلاحياته»

نواب المعارضة يلتقون نواباً في «اللقاء الديمقراطي» للبحث في مبادرتهم الرئاسية (الوكالة الوطنية للإعلام)
نواب المعارضة يلتقون نواباً في «اللقاء الديمقراطي» للبحث في مبادرتهم الرئاسية (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

المعارضة اللبنانية ترمي الكرة الرئاسية في ملعب «الثنائي الشيعي»

نواب المعارضة يلتقون نواباً في «اللقاء الديمقراطي» للبحث في مبادرتهم الرئاسية (الوكالة الوطنية للإعلام)
نواب المعارضة يلتقون نواباً في «اللقاء الديمقراطي» للبحث في مبادرتهم الرئاسية (الوكالة الوطنية للإعلام)

واصلت المعارضة جولتها على الكتل النيابية طارحةً مبادرتها الهادفة إلى إنهاء الفراغ الرئاسي المستمر منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، التي لا تختلف كثيراً عن سابقاتها؛ ما جعلها تلقى تجاوباً من معظم الأفرقاء ورفضاً مكرَّراً من «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») الذي يعارض ما يعتبره تنازلاً عن صلاحيات رئيس البرلمان نبيه بري في الدعوة إلى الحوار؛ ما يجعل الاستحقاق يدور في حلقة مفرغة، مع اتهامات متبادلة بالتعطيل.

وتدرك المعارضة أنها لا تقدم طروحات جديدة، لكنها قررت طرح مبادرتها بعد الإشارات إلى إمكانية عقد حوار بغيابها، وبالتالي لإثبات حضورها «على طاولة المبادرات» التي تتوالى في لبنان من الداخل والخارج من دون أن توصل إلى نتيجة، وبالتالي أي حل بالمستقبل القريب، لا سيما في ظل ربط الاستحقاق بالحرب الدائرة في غزة والجنوب وترقب التوصل إلى اتفاق هدنة.

ولا تنفي مصادر المعارضة أنها لم تحمل جديداً في مبادرتها، لكنها تضعها في خانة «إحراج الجميع»، وبعث رسالة إلى الأفرقاء الآخرين للاتفاق على رئيس. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك شقان للمبادرة: الأول إعادة التأكيد على ما أعلنته سابقاً، وهو أن الانتخابات تمر عبر الدستور، وليس عبر خرقه، والثاني (إحراج الجميع)، عبر زيادة الضغط لإعادة تحريك مَن لم يتحرك؛ ما قد يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق».

في المقابل، ترفض مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» الحديث عن «حشر الأفرقاء»، معتبرةً أن «الاستحقاق الرئاسي يدور في حلقة مفرغة»، وتسأل: «إذا كان الهدف إحراج أطراف على مصلحة البلد لا نعرف عندها أين هو معيار الوطنية بالنسبة إليهم؟»، وتجدد المصادر تمسك بري بموقفه قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «رئيس البرلمان لن يتناول عن موقعه وحقه في الدعوة إلى الحوار وترؤسه، وهو يؤكد أنه تحت سقف الدستور، لكن يبدو واضحاً أن البعض يريد أن ينسحب الشغور على كل المؤسسات، ولا يريدون إنجاز الاستحقاق الرئاسي». وتسأل: «هل إذا دعا الرئيس الفرنسي أو غيره إلى حوار يصبح عندها دستورياً؟».

وأتت مبادرة المعارضة بعد مبادرات عدة، كان آخرها تلك التي قدمها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران الذي أعلن تأييده لـ«حوار رئيس البرلمان نبيه بري»، لكن نواب كتلته أبدوا دعماً أيضاً لمبادرة المعارضة الجديدة، وقالت مصادرها لـ«الشرق الأوسط» إن نواب «التيار» أبدوا دعماً لها، وحثوها على «إحراج رئيس البرلمان، الذي لا يريد انتخاب رئيس في المرحلة الحالية».

والأربعاء، استكمل وفد المعارضة جولته على الكتل النيابية، حيث التقى وفداً منها ضم النواب إلياس حنكش، وغسان حاصباني، وفؤاد مخزومي، وميشال الدويهي، بتكتل «الاعتدال الوطني» و«لبنان القوي» و«النواب المستقلين» و«اللقاء الديمقراطي»، حيث وصف النائب وائل أبو فاعور المبادرة بـ«الإيجابية لكنها لا تحمل جديداً».

وقال بعد الاجتماع مع «اللقاء الديمقراطي»: «المبادرة إيجابية، ولكن لم نرَ أفكاراً جديدة ممكن أن تقود إلى انتخاب رئيس للجمهورية، ولا يصح أن نقول إن الحوار يثير الهواجس».

من جهته، أكد النائب بلال عبد الله أنه «على الجميع التراجع خطوة إلى الوراء للوصول إلى تسوية. والجديد في مبادرة المعارضة هو استعدادهم للتشاور».

بدوره، قال النائب في «الاعتدال الوطني»، أحمد الخير، إن خريطة المعارضة «خطوة إلى الأمام، يُبنى ويُعوَّل عليها، ما دامت تنطلق من الموافقة على مبدأ التشاور، سواء كان قبل جلسة الانتخاب أو بعدها». وأكد أن «خريطة طريق نواب المعارضة تتكامل مع كل المبادرات الرئاسية، ومنها مبادرة تكتل (الاعتدال) لانتخاب رئيس للجمهورية، لكن الخلاف واضح على نقطة عدم ترؤس التشاور من قبل رئيس مجلس النواب».

وأبدى «التيار الوطني الحر» بدوره تجاوباً مع ما تم عرضه من قبل نواب المعارضة لانتخاب الرئيس، مجدِّداً أهمية تجاوز بعض الشكليات إذا كانت النتيجة مضمونة بإجراء الانتخاب». وأوضح: «قد يعتبر البعض أن ما قدمه نواب المعارضة هو عرف جديد يتم إدخاله على الدستور، فيما نحن لا نعدّه كذلك، ما دام جميعنا متفقين وملتزمين، كلاماً وكتابة، على عدم اعتبار أي صيغة تشاور عرفاً دستورياً جديداً، بل هي حالة استثنائية تستدعي القيام بمحاولة للتفاهم على الرئيس، وإلّا انتخابه بالتنافس الديمقراطي».

واتهم رئيس «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، رافضي المبادرة (أي فريق «الثنائي الشيعي» وحلفاءه)، بالكذب والرياء. وقال في بيان له: «وأخيراً سقط القناع ولو بعد سنتين من مناداة جماعة محور الممانعة بالحوار، بحجة إنجاز الاستحقاق الرئاسي. لقد تبيَّن كذبهم ورياؤهم؛ فما إن طرحت المعارضة مجتمعة، اقتراحَيْن جديين لحوار جدي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، حتى علت أصواتهم يمنة ويسرة رافضين ومنددين ومستنكرين...».

وأضاف: «وبالنسبة إلينا كقوات لبنانية ومعارضة، قد سقط القناع عن وجوههم منذ زمن بعيد، ولكن هذا القناع بقي في نظر بعض اللبنانيين انطلاقاً من غش جماعة الممانعة وخداعها وريائها، ولكن هذا القناع سقط الآن كلياً».

وأشار إلى أن «من يريد حواراً فعلياً، فعليه أن يتلقف اقتراحات المعارضة فوراً، خاصة أنها حوارية ودستورية».

وتنص مبادرة المعارضة على اقتراحين، هما: «أن يلتقي النواب في البرلمان، ويقومون بالتشاور فيما بينهم، بما لا يتعارض مع الدستور اللبناني، على ألا تتعدى مدة التشاور 48 ساعة، يذهب بعدها النواب، بغض النظر عن نتائج المشاورات، إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب الرئيس دون إقفال محضر الجلسة، ويلتزم جميع الأفرقاء تأمين النصاب».

أما الاقتراح الثاني، فنصَّ على «دعوة رئيس البرلمان إلى جلسة انتخاب، ويترأسها وفقاً لصلاحياته الدستورية، فإذا لم يتم الانتخاب خلال الدورة الأولى، تبقى الجلسة مفتوحة، ويقوم النواب والكتل بالتشاور خارج القاعة لمدة أقصاها 48 ساعة، على أن يعودوا إلى القاعة للاقتراع، في دورات متتالية بمعدل 4 دورات يومياً، دون انقطاع، ودون إقفال محضر الجلسة، وذلك إلى حين انتخاب رئيس، ويلتزم جميع الأفرقاء أيضاً بحضور الدورات وتأمين النصاب».


مقالات ذات صلة

المستشار الألماني يخسر ثقة النواب في تصويت يمهّد لانتخابات مبكرة

أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس يبتسم لوزير الاقتصاد وحماية المناخ بعد إعلان نتائج التصويت على الثقة في مجلس النواب الاثنين (أ.ف.ب)

المستشار الألماني يخسر ثقة النواب في تصويت يمهّد لانتخابات مبكرة

خسر المستشار الألماني أولاف شولتس، الاثنين، كما كان متوقعاً ثقة النواب في تصويت أنهى ولايته التي قوّضها انهيار الائتلاف الحكومي، ومهّد الطريق لانتخابات تشريعية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئيسة جورجيا منذ 2018، تقول هي الرئيسة الشرعية وترافض التنحي(ا.ب.أ)

جورجيا تنتخب رئيساً مقرباً من روسيا وسط احتجاجات

تتخبّط جورجيا، الدولة القوقازية، في أزمة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفاز بها حزب «الحلم الجورجي» الحاكم، وطعنت بنتائجها

«الشرق الأوسط» (تبليسي (جورجيا))
أوروبا آلاف المتظاهرين تجمعوا خارج البرلمان في تبليسي للتظاهر ضد تأجيل مساعي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يوم 30 نوفمبر (أ.ف.ب)

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

تتفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب نواب حزب الحلم الجورجي اليميني المتطرف الحاكم مرشحه ميخائيل كافيلاشفيلي، في عملية انتخابية مثيرة للجدل.

«الشرق الأوسط» (تبليسي)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
الولايات المتحدة​ عناصر من جهاز الخدمة السرية يؤمنون حماية المرشح الرئاسي الجمهوري آنذاك دونالد ترمب بعد إطلاق النار عليه في بتلر بولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة 13 يوليو 2024 (رويترز)

فريق برلماني يحقق في محاولات اغتيال ترمب يوصي بتغييرات في جهاز الخدمة السرية

أوصى فريق عمل يبحث في محاولات اغتيال الرئيس الأميركي ترمب، بإجراء تغييرات في جهاز الخدمة السرية، بما فيها حماية عدد أقل من القادة الأجانب خلال الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لجنة طوارئ لمتابعة حاجات اللبنانيين النازحين من سوريا

شاحنات تحمل أمتعة لاجئين سوريين تتحرك على طول طريق من مخيم في عرسال بشرق لبنان في طريق العودة إلى سوريا (أ.ف.ب)
شاحنات تحمل أمتعة لاجئين سوريين تتحرك على طول طريق من مخيم في عرسال بشرق لبنان في طريق العودة إلى سوريا (أ.ف.ب)
TT

لجنة طوارئ لمتابعة حاجات اللبنانيين النازحين من سوريا

شاحنات تحمل أمتعة لاجئين سوريين تتحرك على طول طريق من مخيم في عرسال بشرق لبنان في طريق العودة إلى سوريا (أ.ف.ب)
شاحنات تحمل أمتعة لاجئين سوريين تتحرك على طول طريق من مخيم في عرسال بشرق لبنان في طريق العودة إلى سوريا (أ.ف.ب)

أعلن وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية علي حمية، اليوم الأربعاء أن مجلس الوزراء قرر تكليف لجنة الطوارئ الحكومية بمتابعة الاستجابة الإنسانية لحاجات اللبنانيين الذين انتقلوا من الأراضي السورية والمناطق الحدودية بنتيجة الأحداث الأخيرة.

شاحنة تحمل أمتعة لاجئين سوريين تتحرك على طول طريق من مخيم في عرسال بشرق لبنان في طريق العودة إلى سوريا (أ.ف.ب)

وقال حمية، في تغريدة على منصة «إكس» اليوم: «قرر مجلس الوزراء تكليف لجنة الطوارئ الحكومية، بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية والبلديات والهيئة العليا للإغاثة، وبالتعاون مع المنظمات الدولية، بمتابعة الاستجابة الإنسانية لحاجات اللبنانيين الذين انتقلوا من الأراضي السورية والمناطق الحدودية نتيجة الأحداث الأخيرة، على أن تبقى الأمور الخاصة بشؤون النازحين السوريين ضمن نطاق ومتابعة وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية والبلديات والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين».

يذكر أنه بعد سيطرة المعارضة السورية على العاصمة السورية دمشق وسقوط نظام بشار الأسد، دخل إلى لبنان ما يقارب الـ85 ألف نازح من بينهم 20 ألف لبناني.