خريطة طريق المعارضة اللبنانية للأزمة الرئاسية لا تغري «الثنائي الشيعي»

أوساطه عدتها «أفكاراً مكررة»

من مؤتمر صحافي سابق لنواب المعارضة اللبنانية (الوكالة الوطنية للإعلام)
من مؤتمر صحافي سابق لنواب المعارضة اللبنانية (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

خريطة طريق المعارضة اللبنانية للأزمة الرئاسية لا تغري «الثنائي الشيعي»

من مؤتمر صحافي سابق لنواب المعارضة اللبنانية (الوكالة الوطنية للإعلام)
من مؤتمر صحافي سابق لنواب المعارضة اللبنانية (الوكالة الوطنية للإعلام)

لم تأتِ خريطة الطريق التي أعلنها نواب قوى المعارضة، الثلاثاء، بجديد من شأنه أن يُخرج الأزمة الرئاسية من عنق الزجاجة، إذ بدت أشبه بورقة تم فيها إعادة صياغة أفكار لطالما رددتها هذه القوى التي بقيت متمسكة برفضها الحوار أو التشاور الذي يرعاه ويدعو إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

اقتراحان للمعارضة

ولحظت الخريطة اقتراحين قالت إنهما يتوافقان مع الآليات الدستورية «بعيداً من تكريس أي أعراف جديدة من خارج الدستور تنسف الوفاق الوطني الذي تم في الطائف، وتنسف مبدأ فصل السلطات».

ونصّ الاقتراح الأول على أن «يلتقي النواب في المجلس النيابي ويقومون بالتشاور في ما بينهم، دون دعوة رسمية أو مأسسة أو إطار محدد، حرصاً على احترام القواعد المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية، المنصوص عنها في الدستور اللبناني، على ألا تتعدى مدة التشاور 48 ساعة، يذهب بعدها النواب، وبغض النظر عن نتائج المشاورات، إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، وذلك حتّى انتخاب رئيس للجمهورية كما ينص الدستور، دون إقفال محضر الجلسة، ويلتزم جميع الأفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب».

أما الاقتراح الثاني فنص على «دعوة رئيس مجلس النواب إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، ويترأسها وفقاً لصلاحياته الدستورية، فإذا لم يتم الانتخاب خلال الدورة الأولى، تبقى الجلسة مفتوحة، ويقوم النواب والكتل بالتشاور خارج القاعة لمدة أقصاها 48 ساعة، على أن يعودوا إلى القاعة العامة للاقتراع، في دورات متتالية بمعدل 4 دورات يومياً، دون انقطاع ودون إقفال محضر الجلسة، وذلك إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية، ويلتزم جميع الأفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب».

ورسّخت هذه الخريطة التباعد الكبير بين رؤية المعارضة للحل ورؤية «الثنائي الشيعي»، الذي يرفض أن تتم الدعوة لجلسة انتخاب قبل تفاهم مسبق على اسم أو أكثر من اسم، يتم بعده التوجه إلى الهيئة العامة للتصويت لأحدها.

أفكار مكررة

وعدَّ النائب قاسم هاشم، عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أن «ما طرحته المعارضة لم يحمل أي جديد، إنما أتى بإطار تكرار أفكار اعتدنا سماعها بشكل يومي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نأمل أن تكون هناك رؤية مختلفة تقرّب المسافات، إنما للأسف لم نر ونسمع إلا ما يعني الاستمرار في الدوران بحلقة مفرغة».

وأشار هاشم إلى أن «طرح عقد جلسة مفتوحة يؤدي لتعطيل دور المجلس النيابي التشريعي بالكامل، علماً بأننا نمر بظروف استثنائية تفرض بقاء البرلمان فاعلاً. أما اقتراح تداعي النواب إلى المجلس ففيه تجاوز للأصول الدستورية»، مشدداً على أن «المخرج للأزمة الراهنة هو بالذهاب للتشاور المحدود زمنياً، ولمدة أسبوع كحد أقصى، وفق الآلية التي اقترحها الرئيس بري».

اجتماع مع «الخماسية»

وبدا نواب المعارضة وكأنهم يسعون من خلال هذه الخريطة لإبعاد التهم التي وجهها إليهم «الثنائي الشيعي» و«التيار الوطني الحر» في وقت سابق بأنهم يشاركون بتعطيل الانتخابات الرئاسية لرفضهم التشاور الذي يدعو إليه بري. لذلك أصروا على حمل هذه الخريطة إلى اللجنة الخماسية الدولية، بحيث التقى وفد منهم سفراء الدول الخمس المعنية بالشأن اللبناني (الولايات المتحدة الأميركية، المملكة العربية السعودية، فرنسا، قطر ومصر).

وقال النائب في تكتل «الجمهورية القوية» غسان حاصباني، الذي كان ضمن الوفد المعارض الذي التقى السفراء: «وضعناهم في جو خريطة الطريق وشرحنا وجهة نظر المعارضة وأجبنا عن أسئلتهم». وعما إذا كانت اللجنة ستتبنى هذه الخريطة، أشار حاصباني في تصريح لـ «الشرق الأوسط»: «نحن نكرر طروحات وردت في البيان الأخير للجنة الخماسية، كما أنه يمكن الحديث عن تماهٍ بيننا وبين اللجنة، علماً بأننا نسعى لتوسيع مروحة الاقتراحات كي نتمكن من التلاقي مع باقي القوى على طرح معين».

وأوضح حاصباني أنهم سيلتقون ابتداءً من غد ممثلين عن الكتل النيابية في المجلس النيابي، لوضعهم في جو الخريطة المقترحة، لافتاً إلى أنه تم طلب مواعيد، من ضمنها موعدان مع كتلتي «حزب الله» و«حركة أمل».

أعراف انقلابية

من جهته، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في بيان الثلاثاء: «يقول البعض إن هناك 86 نائباً على استعداد للمشاركة في طاولة حوار رسمية يرأسها الرئيس نبيه بري. إذا كان هذا الكلام صحيحاً فلماذا لا يقرنون القول بالفعل بجلوسهم قدر ما يشاؤون حول طاولة برئاسة الرئيس بري؟».

وشدد جعجع على أن «ما يهمنا على مستوى (القوات اللبنانية) والمعارضة هي المرحلة الثانية المتعلِّقة بالدعوة إلى جلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية، لأن المرحلة الأولى، بالنسبة إلينا، غير دستورية». وتابع: «لن نقبل، في أي حال من الأحوال، أن نكون في عداد من يشارك في خلق أعراف دستورية من خلال استيلاد طاولة حوار رسمية قبل انتخاب رئيس للجمهورية. نحن في حالة حوار دائم مع بقية الكتل النيابية، ومن يريد طاولة استعراضية لحوار غير دستوري فليذهب للمشاركة فيها، ولكن يبقى الأهم دعوة الرئيس بري إلى جلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس الجمهورية».

ورأى جعجع أنه «لو تم التقيد بالدستور منذ البداية لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وقد انحدرت أوضاع بلدنا وشعبنا بسبب استسهال خرق الدستور والتكيف مرة بعد أخرى مع أعراف انقلابية على الدستور، ولم يعد من المقبول ولا المسموح مواصلة هذا المسار الانحداري الذي حوّل الدولة إلى دولة شكلية والدستور إلى وجهة نظر والوطن إلى ساحة».


مقالات ذات صلة

برّاك يضع لبنان أمام معادلة جديدة لتطبيق وقف إطلاق النار

المشرق العربي المبعوث الأميركي توم برّاك خلال لقائه رئيس الحكومة نواف سلام يوم الاثنين (أ.ب)

برّاك يضع لبنان أمام معادلة جديدة لتطبيق وقف إطلاق النار

يقف لبنان أمام معادلة جديدة لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وهذا ما تصدّر لقاءات رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة بالمبعوث الأميركي توم برّاك في بيروت.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي وزير الصناعة السابق والنائب اللبناني الحالي جورج بوشكيان (الوكالة الوطنية)

لبنان: الحجار يطلب رفع الحصانة النيابية عن وزير الصناعة السابق لملاحقته

وجّه القضاء اللبناني كتاباً إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، طلب فيه رفع الحصانة البرلمانية عن وزير الصناعة السابق (النائب الحالي) جورج بوشكيان.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع المبعوث الأميركي توم براك (إ.ب.أ)

الرد اللبناني يفتح سجالاً بين سلام وجعجع... ورئيس الحكومة: لا وجود لما يسمى «ترويكا»

ترتفع الأصوات في لبنان المنتقدة لطريقة مناقشة الورقة التي قدّمها المبعوث الأميركي توم برّاك إلى المسؤولين في بيروت والتي تتمحور حول نزع سلاح حزب الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حزب «القوات» سمير جعجع (حزب القوات)

جعجع ينتقد مسار البحث اللبناني بـ«الورقة الأميركية»

انتقد رئيس حزب «القوات اللبنانية» مسار مباحثات الورقة الأميركية وما سمّاه «اختصار الترويكا للمؤسسات اللبنانية» داعياً الحكومة لتقديم رد وطني موحد

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم خلال إلقائه كلمة في احتفال الحزب بمناسبة ذكرى «عاشوراء» (إ.ب.أ)

قاسم يضع شروطاً لتسليم سلاح «حزب الله» ويلوّح بالمواجهة

جدّد أمين عام «حزب الله»، نعيم قاسم، التأكيد على مواقف الحزب السابقة الرافضة بشكل أو بآخر تسليم السلاح، متحدثاً عن شروط وأولويات لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.

كارولين عاكوم (بيروت)

«حزب الله»: لم نكن مستعدين للدخول في حرب شاملة مع إسرائيل

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم يتحدث ضمن خطاب تلفزيوني (إ.ب.أ)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم يتحدث ضمن خطاب تلفزيوني (إ.ب.أ)
TT

«حزب الله»: لم نكن مستعدين للدخول في حرب شاملة مع إسرائيل

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم يتحدث ضمن خطاب تلفزيوني (إ.ب.أ)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم يتحدث ضمن خطاب تلفزيوني (إ.ب.أ)

قال الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية، نعيم قاسم، إن الدخول في حرب شاملة مع إسرائيل كان يجب أن يكون له استعدادات وهو ما لم يكن متوافراً.

وفي مقابلة مع قناة تلفزيونية محلية تم بثها اليوم الثلاثاء، أوضح الأمين العام لـ«حزب الله» أن الجماعة لو كانت دخلت في حرب شاملة مع إسرائيل «لكان هناك دمار وتدخل أميركي وتوسع للأمور على نحو أكبر، دون تحقيق الأهداف المطلوبة».

وقال قاسم إنه لم يكن هناك تنسيق مسبق في بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد هجوم حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «ولم نكن نعرف بها، وبالتالي لا نستطيع الدخول في معركة شاملة».

وأضاف: «بعد مرور شهرين أبلغنا الأخوة في (حماس) بأنهم مقتنعون بأن المساندة تكفي وتؤدي الغرض المطلوب»، مشيراً إلى أنه تبين بعد ذلك أن «إسرائيل متغولة جداً والدعم الأميركي مفتوح بشكل مطلق».

ووسعت إسرائيل الحرب التي تشنها على غزة لتشمل لبنان في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، بعد أشهر من تبادل القذائف الصاروخية مع «حزب الله»، وقتلت الأمين العام للجماعة اللبنانية حسن نصر الله والعديد من كبار قادة الجماعة.

وأوضحت القناة اللبنانية أنها أجرت المقابلة مع قاسم في 11 يونيو (حزيران).