توغلات تركية متواصلة في دهوك... وصمت ببغداد وأربيل

تحالُف للقوى السياسية العراقية يدعو لردع أنقرة

أنقرة تقول إنها تهدف لمنع «العمال الكردستاني» من استخدام العراق لشن هجمات (رويترز)
أنقرة تقول إنها تهدف لمنع «العمال الكردستاني» من استخدام العراق لشن هجمات (رويترز)
TT
20

توغلات تركية متواصلة في دهوك... وصمت ببغداد وأربيل

أنقرة تقول إنها تهدف لمنع «العمال الكردستاني» من استخدام العراق لشن هجمات (رويترز)
أنقرة تقول إنها تهدف لمنع «العمال الكردستاني» من استخدام العراق لشن هجمات (رويترز)

رغم تواتر الأخبار عن عمليات قصف وتوغل متصاعدين للقوات التركية، تركزت في محافظة دهوك بإقليم كردستان العراقي، فإن السلطات؛ سواء الاتحادية في بغداد، أو الإقليمية في أربيل، التزمت الصمت حيال ذلك، بينما عبّرت قوى سياسية عراقية عن رفضها لتوغلات أنقرة، ودعت إلى ردعها.

لكن مصدراً أمنياً عراقياً قال لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك اعتقاداً بوجود «اتفاق مضمر» بين أنقرة من جهة، وبغداد وأربيل من جهة أخرى، يتضمن «السماح للقوات التركية بملاحقة عناصر (حزب العمال الكردستاني)، (تصنفه تركيا إرهابياً) داخل الأراضي العراقية».

ونفّذت القوات التركية عمليات قصف بالطائرات والمدفعية، الأحد، على مواقع تابعة لـ«العمال الكردستاني» في وادي «رشافة» شمال دهوك.

ومع ذلك، لا يرى المصدر الأمنى العراقي أن «التوغل التركي يمثّل جديداً؛ إذ يستمر منذ سنوات، وعادةً ما ينشط بين أشهر يونيو (حزيران)، وأكتوبر (تشرين الأول) من كل عام؛ لأن الأجواء المناخية تسمح بذلك، وفي الشتاء تتراجع القوات التركية بسبب سوء الأحوال الجوية».

وطبقاً للمعلومات التي نشرتها شبكة «رووداو» الإعلامية الكردية، فإن القوات التركية أقامت في 24 يونيو الماضي، نقطة تفتيش على مفرق طريق «كاني بلافي وبيليزاني»، الواقع على الطريق الرئيسي بين ناحيتَي «بامرني وكاني ماسي» في محافظة دهوك.

تدريبات لمقاتلي حزب «العمال الكردستاني» في شمال العراق (أرشيفية - أ.ف.ب)
تدريبات لمقاتلي حزب «العمال الكردستاني» في شمال العراق (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتؤكد معلومات الشبكة أن «جنود الجيش التركي يتجوّلون في المنطقة رفقة أسلحتهم الثقيلة»، مضيفةً أن تركيا نفّذت خلال العامين الماضيَين عمليتين في قضاءَي «باتيفا» و«العمادية»، وأقامت حتى الآن «150 نقطة عسكرية بعمق 35 كيلومتراً داخل أراضي إقليم كردستان».

كما أفادت وسائل إعلام كردية، الأحد، بنصب القوات التركية نقاطاً عسكرية جديدة شمال محافظة دهوك؛ لبسط المزيد من سيطرتها على المناطق الحدودية، بذريعة ملاحقة «العمال الكردستاني»، الذي تعتقد أنقرة أنه ينشط في تلك المناطق المتاخمة لحدودها مع العراق.

وتقول مصادر، إن «القوات التركية نفّذت تحركات عسكرية جديدة في منطقة (نهلي)، التابعة لقضاء العمادية شمال دهوك، حيث نصبت عدة نقاط عسكرية بين وادي (سركلي) ووادي (رشافة) على سفوح جبل (متين)، وتم تجهيز هذه النقاط بالأسلحة والعربات العسكرية، إضافةً إلى الآليات اللازمة لفتح الطرق، وإنشاء القواعد العسكرية».

300 دبابة

وتحدثت المصادر الكردية عن قيام منظمة «فرق صناع السلام» الأميركية (CPT)، نهاية يوينو الماضي، برصد دخول الجيش التركي صوب إقليم كردستان العراق بـ300 دبابة ومدرعة، وإقامة حاجز أمني ضمن حدود منطقة بادينان.

ووفقاً لتقرير المنظمة، فإن تركيا تسعى إلى رسم خط أمني، يبدأ من منطقة (شيلادزي)، ويمتد إلى قضاء «باتيفا»، وسيمرُّ عبر ناحية «ديرلوك»، و«بامرني»، «وبيكوفا»، بحيث تكون جميع القرى والبلدات والأقضية والنواحي والوديان والأراضي والسماء والماء، خلف هذا الخط تحت السيطرة العسكرية للجيش التركي.

وتعليقاً على عدم إصدار الحكومة الاتحادية وسلطات الإقليم بيانات بشأن التدخل التركي، يقول كفاح محمود المستشار الإعلامي لزعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحصل من تحركات تركية ليس جديداً، ويمتد لسنوات طويلة ماضية، هناك عشرات القواعد التركية المنتشرة شمال دهوك وأربيل أيضاً، بسبب تواجد قوات (العمال الكردستاني) في أراضي كردستان للأسف الشديد».

ويضيف أن «الطرفين التركي والعمالي يريدان نقل صراعهما خارج الأراضي التركية، سواء في كردستان العراق، أو في سوريا، وربما في مناطق أخرى من محافظة نينوى، وضمنها القاعدة العسكرية في منطقة بعشيقة».

ويعتقد كفاح أن «هناك تعاوناً استراتيجياً بين حزب العمال، وأطراف مؤثرة في الحكومة و(الحشد الشعبي)، وهذا ما يفسّر صمت الحكومة الاتحادية، وحتى زيارة الرئيس التركي الأخيرة إلى بغداد لم تُنتج شيئاً، بسبب طبيعة العلاقة بين (الحشد) و(العمال) في منطقة سنجار ومناطق أخرى».

ويتابع، أن «ما يحدث حالياً في دهوك وشمال أربيل بنحو 40 كيلومتراً من تدخّل تركيا بسبب صراعها مع حزب العمال، وهو تدخل مدعوم ربما باتفاقية قديمة بين أنقرة وبغداد، يتيح لكلا الطرفين التدخل بعمق نحو 5 كيلومترات في جانبي الحدود».

خيم «مام رشان» قرب مدينة دهوك في العراق (أ.ب)
خيم «مام رشان» قرب مدينة دهوك في العراق (أ.ب)

ويرى كفاح أن «حكومة الإقليم لا تستطيع أن تفعل شيئاً حيال التدخلات التركية؛ لأنها لا تمتلك قوات عسكرية تضاهي القوات التركية، فقوات البيشمركة غير مكلّفة بالاشتباك مع القوات التركية أو غيرها، وهذه من المهام السيادية المرتبطة بالحكومة الاتحادية التي لديها 3 فرق عسكرية منتشرة بين المثلّث العراقي التركي السوري، إلى المثلث العراقي الإيراني التركي، لكن هذه القوات غير مجهّزة بالأسلحة المناسبة».

وفي وقت سابق أعربت السيدة الأولى العراقية شاناز إبراهيم أحمد، عن قلقها من التطورات التي تحدث في دهوك، وقالت إن «سيادة العراق في خطر، ولا أحد يتكلم؟ في انتهاك صارخ للقانون الدولي، تقيم القوات المسلحة التابعة لدولة مجاورة (...) نقاط تفتيش ودوريات على أراضينا في دهوك».

رفض سياسي

من جهته، دعا تحالف «قيم»، الذي يضم معظم الحركات والأحزاب المدنية، وضمنها «الحزب الشيوعي العراقي»، الأحد، إلى اتخاذ مواقف مناسبة وقوية، لحماية المواطنين من القصف التركي لقضاء العمادية بمحافظة دهوك.

وقال تحالف «قيم» المدني في بيان: «تستمر القوات التركية، منذ فترة ليست قصيرة، بانتهاك السيادة العراقية، وتُواصل توغلها العسكري، والقصف شبه المستمر لمحافظة دهوك، وبشكل خاص لقضاء العمادية، مع تواصل الاستهتار حد إقامة معسكرات ونقاط تفتيش ثابتة ومتحركة، وتهجير عدد من المواطنين من قراهم، مما يدحض حجة الحكومة التركية، وادّعاءها بأنها تلاحق حزب العمال الكردستاني».

وأضاف: «حتى الآن لم يجرِ اتخاذ أي إجراء رادع لوقف هذه الانتهاكات، سواءً من القوات التركية، أو من حزب العمال الكردستاني، الذي يستخدم الأراضي العراقية في أنشطة تضر باستقرار وأمن بلدنا»، وأكّد التحالف رفضه التام «لعدوان القوات التركية، وانتهاكها المستمر للسيادة».


مقالات ذات صلة

الكاظمي يعود إلى بغداد بـ«نشاط سياسي»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (د.ب.أ)

الكاظمي يعود إلى بغداد بـ«نشاط سياسي»

عاد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إلى العاصمة بغداد بعد أن غادرها عقب انتهاء ولايته الوزارية في أكتوبر 2022.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جانب من العاصمة العراقية بغداد (أرشيفية - رويترز)

محكمة إدارية تنهي «حرباً باردة» داخل حكومة بغداد

حسمت محكمة القضاء الإداري «حرباً باردة» بين أحزاب متنفذة داخل حكومة بغداد المحلية لمصلحة محافظها عبد المطلب العلوي.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جنود عراقيون ينتشرون عند سياج خرساني ممتد على أجزاء من الحدود مع سوريا (إعلام أمني)

اتفاقية أمنية بين واشنطن وبغداد «قيد الدراسة»

يدرس العراق اتفاقية أمنية جديدة مع الولايات المتحدة الأميركية، بعد الإعلان عن انتهاء مهمة «التحالف الدولي» لمحاربة تنظيم «داعش».

حمزة مصطفى (العراق)
المشرق العربي وزير التخطيط العراقي محمد علي تميم خلال مؤتمر إعلان النتائج الأساسية للتعداد العام للسكان في العراق (واع)

العراق يعلن نتائج التعداد السكاني: 46 مليون نسمة

أظهرت النتائج النهائية للتعداد السكاني الأول في العراق منذ ما يقرب من 40 عاماً والذي تم إصداره اليوم (الاثنين) أن عدد السكان بلغ 46.1 مليون نسمة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي تجنب الصدر مصافحة المالكي خلال آخر لقاء جمعهما في منزل هادي العامري يناير 2022 (إكس)

الانتخابات العراقية المقبلة... هل تشهد تقارباً بين الصدر والسوداني؟

دعا زعيم التيار الصدري «التيار الوطني الشيعي» بمسماه الجديد، مقتدى الصدر، أهمية أن يحدِّث أتباعه سجل الناخبين كجزء من الاستعدادات للانتخابات المقبلة.

حمزة مصطفى (بغداد)

مصدر مصري: اتفاق على الإفراج عن معتقلين فلسطينيين مقابل جثث رهائن إسرائيليين

نعوش الرهائن الإسرائيليين شيري بيباس وطفليها أرييل وكفير خلال موكب جنازتهم في ريشون لتسيون بإسرائيل (أ.ب)
نعوش الرهائن الإسرائيليين شيري بيباس وطفليها أرييل وكفير خلال موكب جنازتهم في ريشون لتسيون بإسرائيل (أ.ب)
TT
20

مصدر مصري: اتفاق على الإفراج عن معتقلين فلسطينيين مقابل جثث رهائن إسرائيليين

نعوش الرهائن الإسرائيليين شيري بيباس وطفليها أرييل وكفير خلال موكب جنازتهم في ريشون لتسيون بإسرائيل (أ.ب)
نعوش الرهائن الإسرائيليين شيري بيباس وطفليها أرييل وكفير خلال موكب جنازتهم في ريشون لتسيون بإسرائيل (أ.ب)

قال مصدر مصري مطلع، إن الوسطاء توصلوا إلى اتفاق على الإفراج عن جميع المعتقلين الفلسطينيين الذين كان مقرراً الإفراج عنهم يوم السبت، بالتزامن مع تسليم رفات 4 رهائن إسرائيليين تحت إشراف مصر.

ولم يحدد المصدر موعداً للإفراج عن المعتقلين، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

نعوش الرهائن الإسرائيليين شيري بيباس وطفليها أرييل وكفير خلال موكب جنازتهم في ريشون لتسيون بإسرائيل (أ.ب)
نعوش الرهائن الإسرائيليين شيري بيباس وطفليها أرييل وكفير خلال موكب جنازتهم في ريشون لتسيون بإسرائيل (أ.ب)

وفي سياق متصل، قالت «ألوية الناصر صلاح الدين» على قناتها على تطبيق «تلغرام» اليوم (الأربعاء) إنها ستفرج عن رفات الرهينة الإسرائيلي أوهاد ياهلومي، غداً (الخميس). و«ألوية الناصر صلاح الدين» فصيل فلسطيني مسلح في غزة متحالف مع حركة «حماس».

وجثة أوهاد هي واحدة من 4 جثث من المقرر أن تسلمها «حماس» في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وكانت حركة «حماس» قد قالت أمس إنها اتفقت خلال زيارة للقاهرة على حل ينهي التأخير في الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين. وأوضحت الحركة على تطبيق «تلغرام»: «جرى التوافق على اتفاق لحل مشكلة تأخير الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين كان يجب إطلاقهم في الدفعة الأخيرة، على أن يتم إطلاق سراحهم بشكل متزامن مع جثامين الأسرى الإسرائيليين المتفق على تسليمهم خلال المرحلة الأولى، بالإضافة إلى ما يقابلهم من النساء والأطفال الفلسطينيين».

وفي إشارة إلى وقف إطلاق النار، قالت «حماس» إن وفد قيادة الحركة برئاسة خليل الحية، أكد «الالتزام التام والدقيق ببنوده ومراحله كافة». ووقعت أزمة بشأن إطلاق سراح أكثر من 600 فلسطيني، وهو ما أرجأته إسرائيل متهمة «حماس» بانتهاك الاتفاق، من خلال المراسم التي تقيمها خلال تسليم الرهائن الإسرائيليين في غزة. وأشار بيان «حماس» إلى تجنب أزمة كان من الممكن أن تؤدي إلى انهيار وقف إطلاق النار الهش. ولم يصدر تعليق بعد من إسرائيل. وذكر بيان «حماس» أنه «جرى التباحث في مجريات تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، واستشراف مفاوضات المرحلة الثانية منه».

وقال مسؤولون إسرائيليون أمس (الثلاثاء) إن إسرائيل تدرس تمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، ومدتها 42 يوماً، في إطار سعيها لاستعادة الرهائن المتبقين، وعددهم 63، مع إرجاء الاتفاق على مستقبل القطاع في الوقت الراهن.

ومن المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من الاتفاق الذي أُبرم بدعم أميركي ووساطة مصر وقطر في 19 يناير (كانون الثاني) يوم السبت المقبل. ولم يتضح بعد ما الذي سيلي ذلك.