أزمة كهرباء لبنان تتجدد والعتمة تتهدد موسم الاصطياف

الحلول عبر القطاع العام مستحيلة في ظلّ الفساد المستشري

المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» في بيروت (أ.ف.ب)
المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» في بيروت (أ.ف.ب)
TT

أزمة كهرباء لبنان تتجدد والعتمة تتهدد موسم الاصطياف

المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» في بيروت (أ.ف.ب)
المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» في بيروت (أ.ف.ب)

عادت أزمة الكهرباء في لبنان لتطلّ مجدداً على أبواب موسم الاصطياف، مترافقةً مع ارتفاع درجات الحرارة، جرّاء ما يتردد عن الفساد المستحكم في هذا القطاع وامتناع مصرف لبنان المركزي عن تمويل وزارة الطاقة لشراء الفيول، حيث دقّ رئيس لجنة الأشغال العامة والطاقة النائب سجيع عطية، جرس الإنذار، وأعلن أن لبنان «سيغرق في الظلام خلال أيام قليلة». وهو ما استدعى تحركاً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي اتصل بنظيره العراقي السوداني محمد شياع السوداني، الذي وعد بدرس إمكانية تزويد لبنان بالفيول خلال أسابيع.

ورفض النائب سجيع عطية، تحميل مصرف لبنان مسؤولية الأزمة المستجدة، وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تقصير مؤسسة كهرباء لبنان في تحصيل الفواتير هو السبب المباشر لها»، مشيراً في الوقت نفسه إلى «امتناع مؤسسات عن تسديد المستحقات المتوجبة عليها». وكشف عن أن «مستثمري الأملاك البحرية العائدة إلى الدولة لم يلتزموا بما تعهدوا به أمام القضاء لجهة تسديد رسوم الأشغال وفواتير الكهرباء حتى تتوفر السيولة لوزارة المال لشراء الفيول، حيث إنهم دفعوا عن العام الماضي ما يقارب 30 في المائة من قيمة المتوجب عليهم، أما عن السنة الحالية فلم يسددوا شيئاً». ولفت عطية إلى أنه «بعد الإعلان عن الأزمة المرتقبة طلب مستثمرو الأملاك البحرية العامة عقد اجتماع مع لجنة الأشغال الأسبوع المقبل لتقسيط المبالغ المتوجبة في ذمتهم، حتى لا يخسروا موسم الاصطياف خصوصاً في المسابح والمطاعم والمنتجعات».

منذ مطلع العام الحالي، رفعت مؤسسة كهرباء لبنان التغذية بالتيار ما بين 6 و10 ساعات يومياً، وهو أمر مقبول مقارنةً مع السنوات السابقة التي كانت فيها التغذية شبه معدومة، بعد صرف سلفة الخزينة التي استحصلت عليها من المصرف المركزي لتسديد ثمن الفيول العراقي، وأفاد مصدر في مصرف لبنان بأن البنك المركزي «ملتزم ما تعهد به لجهة عدم تأمين سلفة جديدة للكهرباء، وأن تتكفّل المؤسسة بتحصيل الفواتير من المكلفين». وذكر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المصرف المركزي «أعطى العام الماضي وزارة الطاقة سلفة أخيرة وتعهدت الوزارة بأن تعمد إلى جباية الفواتير من المستهلكين لشراء الفيول دون الحاجة للحصول على سلف إضافية». وقال المصدر: «لا يمكن لمصرف لبنان أن يؤمِّن شراء الفيول من دون قانون، ولا يمكنه تمويل هذا القطاع بشكل دائم».

ويتخوّف المواطنون من تراخي الدولة حيال هذا القطع الحيوي، وعدم تأمين الاحتياط اللازم من الفيول، في ظلّ المخاوف من حرب إسرائيلية وفرض حصار بحري على لبنان، مما يمنع إيصال هذه المادة الحيوية، التي قد تنقطع حتى عن المولدات الخاصة. وعزا مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة الدكتور غسان بيضون، الأزمة المستجدة إلى «غياب التمويل اللازم لتشغيل معامل الإنتاج واسترداد الأموال من الجباية». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أزمة الكهرباء بنيوية ويستحيل حلّها عبر الخطط التي قدمتها وزارة الطاقة ما دامت الوزارة ومؤسسة كهرباء لبنان عاجزتين عن السيطرة على الشبكة وحمايتها من التعديات والسرقة التي تقارب الـ60 في المائة، خصوصاً أن التعديات ازدادت مع القدرة الهائلة على خرق الشبكة والسرقة منها».

ومع تراجع الوضع التقني والإداري والمالي في مؤسسة كهرباء لبنان، وغياب النيّة والإرادة على إصلاح هذا القطاع الذي يشكل العبء الأكبر على خزينة الدولة، رأى الدكتور غسان بيضون، أن الحل «لن يكون إلّا عبر لامركزية الإنتاج والتوزيع، وهذا نموذج معتمَد في كهرباء زحلة التي نجحت في تأمين الكهرباء 24-24 رغم الثغرات القانونية التي تعتري عملها». ورأى أن هذه الخطة «يمكن أن تتولاها البلديات كونها معنية بكل عمل يقع ضمن المنفعة العامة، وفي صلب مهامها مراقبة أداء المرافق العامة». وقال بيضون: «لا حلّ إلّا بتدخل البلديات واتحادات البلديات كونها الأكثر تأهيلاً لفعل هذا الدور بالتعاون مع القطاع الخاص»، مذكِّراً بأن «أي مستثمر لبناني أو أجنبي لن يجرؤ على تمويل أي مشروع للكهرباء من خلال وزارة الطاقة أو مؤسسة كهرباء لبنان، إذ لا شيء يضمن له وقف السرقة والتعديات على الشبكة وعدم ضمان جباية الفواتير».

وتُجمع آراء خبراء المال والاقتصاد، على أن نحو نصف الدين العام الذي يقارب 100 مليار دولار، ناجم عن تمويل الكهرباء، أي بنسبة 44 مليار دولار أميركي، من خلال الموازنات العامة وسلف خزينة من مصرف لبنان، وشدد الدكتور غسان بيضون، وهو أيضاً خبير في المعهد المالي لدراسات السوق، على أن «مصرف لبنان غير مسؤول عن أزمة الكهرباء، وهذه ذريعة تلجأ إليها دائماً وزارة الطاقة لتغطّي فشلها»، داعياً إياها إلى «الكفّ عن بيع الأوهام للناس»، لافتاً إلى أن «التعديلات التي وضعت السنة الماضية على رسوم الكهرباء غير عادلة، وباتت أقرب إلى الجزية لكونها مرتفعة جداً ولا تتناسب مع ساعات التغذية المتدنية جداً».


مقالات ذات صلة

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير
المشرق العربي برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)

بري لـ«الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة في موعدها... ولا نشترط تفاهمات مسبقة حول الحكومة

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن المساعي مستمرة لإنجاح الجلسة النيابية المقررة في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية.

ثائر عباس (بيروت)
خاص ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ميقاتي أعطى تعليمات للمؤسسات اللبنانية للتعاون مع «هيئة تحرير الشام»

فُتِحَت قنوات التواصل بين لبنان والحكومة السورية المؤقتة، ونَقَل دبلوماسيون رسالة من قائد «هيئة تحرير الشام» إلى لبنان بأنه لا مشكلة مع الدولة اللبنانية

يوسف دياب

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

TT

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)
القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي، يشار غولر، جولة تفقدية لمنطقة الحدود مع سوريا، وعقد اجتماعاً مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرة هناك.

والتقى فيدان الذي يعد أول وزير خارجية يزور دمشق عقب سقوط نظام بشار الأسد، الشرع بحضور وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة، أسعد حسن الشيباني، ومن الجانب التركي نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، والقائم بالأعمال التركي في دمشق، السفير برهان كور أوغلو.

وجاءت زيارة فيدان بعد الزيارة التي قام بها رئيس المخابرات التركي، إبراهيم كالين، لدمشق، الذي كان أول مسؤول أجنبي يزورها ويجتمع مع إدارتها الجديدة، قبل أسبوعين تقريباً، وأعقب ذلك بيومين إعادة فتح السفارة التركية بعد 12 عاماً من إغلاقها، وهي أول سفارة أجنبية تفتح أبوابها بعد سقوط الأسد.

دعم تركي

وقالت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» إن مباحثات فيدان والشرع تناولت «هيكلة الإدارة الجديدة في سوريا، وخطوات المرحلة الانتقالية، ووضع دستور جديد للبلاد يعبر عن المرحلة الجديدة، ويتضمن مشاركة جميع مكونات الشعب السوري في العملية السياسية».

جانب من لقاء الشرع وفيدان في دمشق (الخارجية التركية)

وأضافت المصادر أن فيدان أكد «دعم تركيا للإدارة السورية الجديدة في هذه المرحلة، واستعدادها لتقديم كل ما يلزم من أجل اجتيازها بنجاح، ودعم مرحلة إعادة الإعمار وتلبية احتياجات الشعب السوري».

وبحسب المصادر، تطرقت المباحثات أيضاً إلى «تهيئة الظروف لعودة طوعية آمنة وكريمة للاجئين السوريين، وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة في هذه المرحلة».

كما تم التطرق إلى «مكافحة التنظيمات الإرهابية» وتصدي الإدارة السورية الجديدة للمجموعات التي تعمل على تقسيم البلاد، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تخوض القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة حرباً ضدها في شمال وشرق سوريا بالمناطق المحاذية لحدود تركيا الجنوبية.

وتوقفت وسائل إعلام تركية عند بعض النقاط اللافتة في اللقاء بين فيدان والشرع، منها وضع ظهور العلمين السوري والتركي خلال اللقاء بعدما كان يتم وضع العلم السوري فقط في اللقاءات السابقة للشرع مع الوفود الأجنبية.

كما لفتت إلى أن الشرع ظهر للمرة الأولى وهو يرتدي رابطة عنق (كرافتة) خلال لقائه فيدان. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن في طريق عودته من مصر، حيث شارك في قمة مجموعة الثماني في القاهرة، أن فيدان سيزور دمشق، وسيبحث مع إدارتها الجديدة هيكلة المرحلة المقبلة في سوريا.

تعاون مع «تحرير الشام»

وأكد فيدان، في تصريحات السبت، أن تركيا لم ترصد انخراط «هيئة تحرير الشام»، التي يقودها الشرع، في أي أنشطة إرهابية خلال السنوات الـ10 الأخيرة، مضيفاً: «هذا ليس تقييمنا فحسب، بل هذا ما خلُصت إليه أجهزة الاستخبارات الغربية أيضاً».

وعدّ فيدان الذي تولّى رئاسة المخابرات التركية لمدة 13 عاماً قبل توليه وزارة الخارجية، في يونيو (حزيران) 2023، في مقابلة مع قناة «فرانس 24»، أن «هيئة تحرير الشام» لعبت دوراً في «مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل (داعش) و(القاعدة)»، وقال إن «(تحرير الشام) أظهرت تعاوناً جيداً، خصوصاً في تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بمكافحة (داعش)، وأسهمت بشكل كبير في هذا الصدد».

ولفت إلى أن «تحرير الشام» تعاونت أيضاً مع تركيا حول أهداف معينة، مثل القضاء على زعيم «داعش» السابق، أبو بكر البغدادي، وأنهم لم يعلنوا عن ذلك من قبل؛ «نظراً لحساسية الأمر».

الشرع خلال استقباله فيدان بقصر الشعب في دمشق (إعلام تركي)

وعما إذا كانت تركيا ستتدخل عسكرياً ضد «الوحدات الكردية» في شمال شرقي سوريا، قال فيدان: «(وحدات حماية الشعب) منظمة إرهابية، تم إنشاؤها بشكل مصطنع من أشخاص من تركيا والعراق وسوريا وبعض دول أوروبا، ويجب حلها على الفور، هناك إدارة جديدة في سوريا الآن، ولم تعد روسيا وإيران ونظام الأسد يدعمون (وحدات حماية الشعب) و(حزب العمال الكردستاني)، وأعتقد أن عليهم التعامل مع هذا الأمر من خلال وحدة أراضي سوريا وسيادتها، لكن إذا لم يحدث ذلك؛ فبالطبع علينا حماية أمننا القومي»، وأضاف: «علينا أن نتوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة أيضاً حول هذا الأمر».

وزير الدفاع يتفقد الحدود

وبالتزامن مع زيارة فيدان لدمشق، تفقد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، مناطق الحدود مع سوريا، وعقد لقاء مع قادة الوحدات العسكرية التركية المتمركزة على الحدود.

وقال غولر إن تركيا تعتقد أن الإدارة الجديدة في سوريا، بما في ذلك «الجيش الوطني السوري»، المدعوم من أنقرة، سيطردون مسلحي «وحدات حماية الشعب الكردية» من جميع الأراضي التي تحتلها في شمال شرقي سوريا.

وتدعم الولايات المتحدة «وحدات حماية الشعب»، التي تعدها تركيا ذراعاً في سوريا لحزب العمال الكردستاني المصنف لدى تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، بوصفها حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي.

وتخوض تركيا والفصائل السورية الموالية لها قتالاً ضد «الوحدات الكردية» في مناطق سيطرة «قسد»، منذ سقوط حكم بشار الأسد، وسيطرت على تل رفعت ومنبج، وتواصل القتال حول عين العرب كوباني والرقة مع استمرار الاستهدافات في الحسكة.

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية السورية الأحد (الدفاع التركية)

وقال غولر، الذي رافقه رئيس الأركان التركي وقادة القوات البرية والبحرية والجوية بالجيش التركي خلال زيارته لقيادة الجيش الثاني في غازي عنتاب: «نعتقد أن القيادة الجديدة في سوريا والجيش الوطني السوري، الذي يشكل جزءاً مهماً من جيشها، إلى جانب الشعب السوري، سيحررون جميع الأراضي التي احتلتها المنظمات الإرهابية».

وأضاف: «سنتخذ أيضاً كل الإجراءات اللازمة بالعزم نفسه حتى يتم القضاء على جميع العناصر الإرهابية خارج حدودنا».

وتابع: «الأزمة التي بدأت في سوريا عام 2011 إضافة إلى البيئة غير المستقرة اللاحقة، أعطت تنظيمات (حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب، وداعش الإرهابي) الفرصة لكسب مساحة في سوريا، وهددت أمن حدودنا».

ولفت إلى أن تركيا دفعت ثمناً باهظاً قبل دخولها سوريا، ونفذت عمليات عبر الحدود، بدءاً بعملية «درع الفرات» عام 2016، لجعل التنظيمات الإرهابية تدفع الثمن ولضمان أمن حدودها وشعبها.

وقال إنه في هذا السياق، يعد الجيش التركي الجيش الوحيد سواء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو خارجه الذي يقاتل تنظيم «داعش» ميدانياً، وتحدث عن ثقته بأن «(الجيش الوطني السوري) سينقذ الأرض بأكملها».

وزير الدفاع التركي يشار غولر وقادة القوات المسلحة خلال اتصال بالفيديو مع الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود السورية (الدفاع التركية)

وأضاف غولر خلال لقاء عبر «الفيديو كونفرس» مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرين على الحدود التركية - السورية من مقر القيادة العسكرية في كليس جنوب، أنه بعد الإطاحة بنظام الأسد الدموي في سوريا، بدأت حقبة جديدة الكلمة الحقيقية فيها للشعب السوري، ومن الآن فصاعداً، سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوري، كما فعلنا حتى الآن، وسنكون على تعاون وتنسيق وثيق مع الإدارة الجديدة لضمان سلامة أراضي سوريا ووحدتها السياسية وأمنها واستقرارها.

وأشار إلى أنه نتيجة للعملية التي بدأت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، في إشارة إلى عملية «فجر الحرية» للجيش الوطني السوري، تم تطهير تل رفعت في 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ومنبج في 9 ديسمبر من العناصر الإرهابية.

وتابع: «أود أن ألفت الانتباه إلى نقطة مهمة وهي أن ما يحدث في سوريا اليوم لا ينبغي النظر إليه فقط على أنه (تطورات الشهر الماضي)، فتصرفات النظام، الذي اضطهد شعبه لسنوات، والجهود الكبيرة التي بذلها أصحاب سوريا الحقيقيون، الذين قالوا للنظام (توقف الآن)، جلبت أياماً جيدة».

تركيا وفصائل الجيش الوطني تواصلان القصف على محاور منبج وعين العرب (المرصد السوري)

وذكر أن «النجاح الذي تحقق هو أيضاً نتيجة للكفاح البطولي لقواتنا المسلحة التركية، وخصوصاً شهدائنا وقدامى المحاربين، الذي بدأ في أغسطس (آب) 2016 في عملية (درع الفرات) في حلب شمال غربي سوريا، لحماية وطننا من وراء الحدود، وتضامن وتضحيات شعبنا النبيل».

وعد غولر أنه ينبغي على جميع الأطراف الفاعلة في الميدان أن تأخذ بعين الاعتبار «التضحيات التي قدمتها تركيا والمبادرات التي قامت بها في الخطوات التي يجب اتخاذها في المستقبل؛ ومن أجل التوصل إلى حل عادل ودائم ومستدام، يجب احترام حساسيات تركيا التي ستواصل القيام بدورها لتحقيق الاستقرار في سوريا وضمان العودة الكريمة لملايين اللاجئين الذين استقبلتهم من سوريا».

هجمات ضد «قسد»

في الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 6 من عناصر الوحدات الكردية في عملية نفذتها القوات التركية في منطقة «نبع السلام» ضد عناصر كانوا يستعدون لتنفيذ هجوم في المنطقة.

وقصفت القوات التركية والفصائل الموالية لها ضمن منطقة «نبع السلام»، في شمال شرقي سوريا، بالمدفعية الثقيلة، محطة للوقود ومدرسة في بلدة أبو راسين شمال غربي الحسكة، ما أدى إلى تدميرهما، كما استهدفت مناطق في ريف تل تمر شمال غربي الحسكة.

ويشهد محور جسر قرة قوزاق بريف حلب الشرقي، اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني» وقوات «قسد»، بالأسلحة الثقيلة، مع قصف مدفعي عنيف استهدف أطراف الجسر الاستراتيجي الذي يربط ضفتي نهر الفرات غرباً وشرقاً، في محاولة لتمهيد الطريق أمام تقدم الفصائل، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.