ظل سليماني يُخيّم على السباق الرئاسي في إيران

الإيرانيون يختارون الجمعة المقبل بين الإصلاحي بزشكيان والمتشدد جليلي

إيرانيون يتابعون عبر شاشة تلفاز جانباً من المناظرة بين بزشكيان وجليلي (إ.د.ب)
إيرانيون يتابعون عبر شاشة تلفاز جانباً من المناظرة بين بزشكيان وجليلي (إ.د.ب)
TT

ظل سليماني يُخيّم على السباق الرئاسي في إيران

إيرانيون يتابعون عبر شاشة تلفاز جانباً من المناظرة بين بزشكيان وجليلي (إ.د.ب)
إيرانيون يتابعون عبر شاشة تلفاز جانباً من المناظرة بين بزشكيان وجليلي (إ.د.ب)

كرر مرشحا الرئاسة الإيرانية السجال حول العقوبات الدولية والاقتصاد، لكن ظل قاسم سليماني، الذي قتل في بغداد بغارة أميركية عام 2020، خيّم على مناظرتهما الأخيرة، قبل أن يتوجها إلى جولة الانتخابات الثانية، الجمعة المقبل.

وتزامنت المناظرة التي أجريت مساء الثلاثاء، مع تصريحات لافتة من المرشد علي خامنئي عن نسبة المشاركة في جولة الانتخابات الأولى، وقال: «إنها أقل من المتوقع، وإن الذين لم يصوتوا ليسوا معارضين للنظام».

وتُصوت إيران الجمعة المقبل في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي يتواجه فيها مرشح إصلاحي مؤيد للانفتاح ومحافظ متشدد كان مفاوضاً سابقاً متصلباً في الملف النووي.

وقاطع نحو 60 في المائة من الناخبين الإيرانيين الجولة التي أجريت الجمعة الماضي، فمن بين 61 مليون ناخب له حق الإدلاء بصوته، ذهب 24 مليوناً إلى صناديق الاقتراع.

ذكر أنه من بين الانتخابات الرئاسية الـ13 السابقة التي شهدتها إيران منذ عام 1979، لم تشهد الانتخابات سوى جولة إعادة واحدة في عام 2005.

إيرانيون يتابعون عبر شاشة تلفاز جانباً من المناظرة بين بزشكيان وجليلي (إ.د.ب)

المشاركة خالفت توقعات خامنئي

وخلال لقاء مع مجموعة مدرسين، وصف خامنئي نسبة المشاركة في المرحلة الأولى من الانتخابات بأنها «أقل من المتوقع ومخالفة للتوقعات»، وقال: «إن هذا الموضوع له أسباب يبحث فيها السياسيون وعلماء الاجتماع»، وفقاً لـ«وكالة تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».

وتعكس تصريحات خامنئي القلق من قطيعة تتسع بين صفوف الناخبين الإيرانيين، حتى لو كان التنافس بين مرشحين، إصلاحي ومحافظ.

وقال خامنئي: «الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية مهمة للغاية لتحسين الأوضاع وملء الفراغات (...) يوم الجمعة، أظهروا هذا الاهتمام من خلال المشاركة في الانتخابات».

وتابع خامنئي: «إنها فكرة خاطئة تماماً الاعتقاد بأن أولئك الذين لم يصوتوا في الجولة الأولى هم ضد النظام (...) البعض قد لا يحب بعض المسؤولين أو حتى النظام، فهم يقولون هذه الأشياء بحرية، لكن هذه العقلية هي أن أي شخص لم يصوت يرتبط بهؤلاء الأشخاص، وطريقة التفكير هذه خاطئة تماماً».

ودعا خامنئي الإيرانيين إلى «اختيار الأفضل، حتى يتمكن الشخص المختار من تحقيق أهداف النظام والأمة»، وفقاً لما نقلته «تسنيم».

وأضاف خامنئي: «قدم كثير من الأشخاص تقديرات المشاركة، وكان التقدير أعلى مما حدث في الواقع»، في إشارة ضمنية إلى تقديرات مراكز استطلاع، وخبراء إيرانيين.

وقبل الجولة الأولى، تدفقت إلى وسائل الإعلام نتائج استطلاعات رأي أجرتها مراكز حكومية، لكن اللافت أنها اختفت هذا الأسبوع مع حلول موعد جولة الانتخاب الثانية.

وكان الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، قد قال: «إن عزوف 60 في المائة من الإيرانيين عن المشاركة في الدور الأول من انتخابات الرئاسة، خطوة (غير مسبوقة) تدل على (غضب الأغلبية في البلاد)».

وأعرب خاتمي، المحسوب على الإصلاحيين، عن أمله في أن يستفيد الحكام من هذه الرسالة، وأن تُزال العقبات من طريق التغيير والإصلاح.

ودعت شخصيات معارضة في إيران، وكذلك في الشتات، إلى مقاطعة الانتخابات، عادّة أن المعسكرين، المحافظ والإصلاحي، وجهان لعملة واحدة.

حقائق

ما صلاحيات الرئيس الإيراني؟

أعلى منصب منتخب في البلاد لكنه يأتي بعد المرشد الذي يمسك بالسلطة

الرئيس يدير الشأن اليومي للحكومة لكن صلاحياته محدودة في الأمن

يتمتع «الحرس الثوري» بصلاحيات استثنائية في الأمن الداخلي والخارجي

المرشد وليس الرئيس هو مَن يُعين قائد الشرطة

إيران «داخل القفص»

لم تأتِ المناظرة الأخيرة بين بزشكيان وجليلي بشيء جديد، إذ كرر كلاهما السجال حول الاقتصاد والعقوبات الدولية، وإدارة الأزمات الداخلية، لكن المرشح الإصلاحي زاد من نبرة النقد للسلوك السياسي في إيران.

ورجّحت وكالة «رويترز» أن تشهد جولة الجمعة منافسة متقاربة بين بزشكيان؛ الإصلاحي الوحيد بين المرشحين الأربعة الذين خاضوا الجولة الأولى، وسعيد جليلي؛ أحد ممثّلي المرشد الإيراني في مجلس الأمن القومي حالياً، والعضو السابق في «الحرس الثوري».

وكان بزشكيان غير معروف تقريباً حين دخل السباق الرئاسي، ورأى تقريراً لـ«وكالة الأنباء الفرنسية» أنه «استغل انقسام المحافظين الذين فشلوا في الاتفاق على مرشح واحد».

وكان مجلس صيانة الدستور المحافظ قد وافق على 6 مرشحين بعد فحص دقيق استبعد كثيراً من الإصلاحيين.

المرشح الإصلاحي للانتخابات الإيرانية مسعود بزشكيان (رويترز)

وقال بزشكيان: «لم ولن تتمكن أي حكومة عبر التاريخ من النمو والازدهار داخل القفص. علينا أن نتفاعل ونتبادل مع دول المنطقة من أجل النمو والازدهار، ومن ثم مع الدول الأخرى».

وتابع المرشح الإصلاحي: «لا أقول إنني سأرفع جميع العقوبات، لأن ذلك يعتمد على ما نقدمه وما نحصل عليه، والقضية الأهم هي مسألة الإرادة لحل مشكلتنا مع العالم».

ولم يفوت المرشح المحافظ سعيد جليلي الرد على منافسه الإصلاحي، حين «تأسف على وصف إيران بالقفص، رغم أنها قادرة على التعامل مع العالم».

وقال جليلي: «أنتم تعطون الامتيازات للطرف الآخر، وهذه هي طريقتكم الوحيدة (...) جماعتك هي التي كانت تحكم البلاد منذ 40 عاماً، ماذا فعلتم خلالها؟».

ودافع جليلي عن السياسة الخارجية التي اعتمدها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، وقال إن توسيع العلاقات مع الجيران والدول الأفريقية والآسيوية هو وسيلة لتحييد العقوبات.

وخاطب جليلي بزشكيان وصرح: «أنت تريد أن تشكّل الولاية الثالثة لحكومة روحاني... أرقامك خاطئة لأنك لا تعرف الأبحاث المتخصصة، وهذه مصيبة».

يشار إلى أن جليلي ترشح للرئاسة في انتخابات عام 2021، تحت شعار «الجهاد العظيم من أجل قفزة إيران».

حقائق

من هو بزشكيان؟

مواليد مهاباد 1954

يتحدث الأذرية والكردية

رب أسرة تولّى بمفرده تربية 3 أولاد بعد وفاة زوجته في حادث سير عام 1993

طبيب جراح تولّى حقيبة الصحة في حكومة خاتمي من عام 2001 وحتى عام 2005

عام 2008 مثّل مدينة تبريز في البرلمان

ظل سليماني... «شعرة أنف»

قبل المناظرة الأخيرة، كان بزشكيان يلقي خطاباً في تجمع انتخابي بطهران، وقال: «إن الجنرال سليماني كان شعرة في أنف الأميركيين في سوريا وغزة»، وهو تلميح إلى أن الرجل لم يكن سوى مصدر إزعاج.

وكانت تلك فرصة جليلي لمهاجمة بزشكيان في المناظرة الأخيرة لإثارة ملف حساس لدى التيار المتشدد، وأوساط «الحرس الثوري». وقال إن المرشح الإصلاحي «أساء للجنرال سليماني».

لكن بزشكيان تراجع عن وصف «شعرة الأنف»، وقال «إن كلامه فُهم خطأً حول شخصية سليماني، في حين عدّه مفخرة وطنية وشوكة في أعين الأعداء ورمزاً لمحاربة الظلم».

وتابع بزشكيان: «سليماني كان بطلاً، حارب الظلم في الخارج، وكان عوناً للمظلومين في الداخل، بغض النظر عما إذا كانوا يرتدون الحجاب أم لا، أو سواء كانوا متدينين أم لا».

وكان بزشكيان قد خاض في مناظراته عن مسألة الحريات، وتعهد باتباع نهج مختلف، قائلاً: «إن تصرفات شرطة الأخلاق، التي تفرض قواعد صارمة على النساء (غير أخلاقية)».

 

المرشح المحافظ للانتخابات الإيرانية سعيد جليلي (رويترز)

 

حقائق

مَن هو جليلي؟

مواليد مشهد 1965

كبير المفاوضين النوويين السابق

واحد من 4 مرشحين في الانتخابات لخلافة إبراهيم رئيسي

يشغل حالياً عضوية مجلس تشخيص مصلحة النظام

أحد ممثلي المرشد الإيراني في المجلس الأعلى للأمن القومي


العقوبات وإحياء الاتفاق النووي

من جهته، أعلن بزشكيان أن إحياء الاتفاق النووي، المجمد منذ انسحاب واشنطن منه عام 2018، في خطوة أحادية ترافقت مع إعادة فرض العقوبات، سيكون من أولويات حكومته.

لكن جليلي حرّض على «مواجهة العقوبات»، ورفض ادعاء منافسه الإصلاحي بأن «الطريق مسدود بوجه إيران».

وقال جليلي: «أنت (بزشكيان) لا تقدم أي حل للعقوبات. حلك الوحيد هو تقديم مزيد من التنازلات. لقد قدمت كل التنازلات ولم تحصل على شيء في المقابل، وما زلت لم تقدم حلاً».

وشدد جليلي على أن إيران «يجب أن تجعل الطرف الآخر يندم على فرض العقوبات الاقتصادية، وتجعل استمرارها مكلفاً وهذا يتطلب تخطيطاً وجهداً».

وخلال الدورة الأولى من الانتخابات، حصل بزشكيان على 42.4 في المائة من الأصوات مقابل 38.6 في المائة لجليلي، وحل المحافظ محمد باقر قاليباف في المرتبة الثالثة.

وكان الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني قد دعا إلى التصويت لصالح بزشكيان. كما حصل على دعم الرئيس الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي.

وقبل أن يحل الصمت الانتخابي في إيران، ادعى بزشكيان أن كثيراً من أعضاء فريق حملة قاليباف انضموا إليه «لأنهم لا يوافقون نهج جليلي».


مقالات ذات صلة

اتفاق إيراني – سوري على تعزيز «مكافحة الإرهاب»

شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره السوري بسام الصباغ في طهران الثلاثاء (أ.ف.ب)

اتفاق إيراني – سوري على تعزيز «مكافحة الإرهاب»

دون إشارة صريحة عن وضع المستشارين الإيرانيين في سوريا، أعلنت طهران ودمشق أنهما ماضيتان إلى تقوية جهودهما المشتركة «لمكافحة الإرهاب».

«الشرق الأوسط» (طهران)
المشرق العربي عناصر ميليشيات في البادية السورية (مواقع التواصل الاجتماعي)

إيران تعزز ميليشياتها في سوريا

في مواجهة التصعيد الإسرائيلي والتهديد بقطع شريان طهران ـ دمشق، تعزز إيران قوة الميليشيات التابعة لها في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الصواريخ الإيرانية تُعرض في متحف القوة الجوية الفضائية لـ«الحرس الثوري» في طهران بإيران الجمعة (رويترز)

إسرائيل تعتبر عقوبات «الأوروبي» على إيران بأنها خطوات ضرورية

رحب وزير الخارجية الإسرائيلي بالعقوبات الجديدة التي أعلن الاتحاد الأوروبي فرضها على طهران ووصفها بأنها «خطوات ضرورية».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير العدل الكندي السابق إيروين كوتلر (إكس)

كندا أحبطت مخططاً إيرانياً لاغتيال وزير العدل السابق

أحبطت السلطات الكندية مؤخراً مخططاً إيرانياً مفترضاً لاغتيال وزير العدل الكندي السابق إيروين كوتلر المنتقد الكبير لطهران.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
شؤون إقليمية أحد عناصر «الحرس الثوري» في منطقة بشرق إيران (رويترز)

مقتل عنصر من «الحرس الثوري» في هجوم مسلح بجنوب شرق إيران

أعلن «الحرس الثوري» الإيراني، اليوم الاثنين، مقتل أحد أفراد قواته البرية في «هجوم إرهابي» بمدينة سراوان في محافظة سيستان وبلوشستان بجنوب شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
TT

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف مجرى نهر الليطاني، في محاولة لفصل النبطية عن قضاء مرجعيون.

وفيما انتقل هوكستين إلى واشنطن من دون الإدلاء بتصريحات حول زيارته إسرائيل، أكدت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أنَّ الموفد الأميركي «بقيَ على تواصل مع المفاوضين اللبنانيين»، مشيرة إلى أنَّ المحادثات لوقف النار «تتقدم ببطء، لكن بثبات في اتجاه إيجابي».

ميدانياً، وصلت القوات الإسرائيلية إلى بلدة ديرميماس، انطلاقاً من بلدة كفركلا، ما يعني أنَّها سارت على طريق لنحو 5 كيلومترات في العمق اللبناني، لتصل إلى مشارف الليطاني، بعد تمهيد ناري بالمدفعية وغارات جوية نفذتها طائرات حربية ومسيّرات. وقال «حزب الله»، في المقابل، إنَّه استهدف تلك القوات في النقاط التي وصلت إليها.

بالموازاة، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على ضاحية بيروت الجنوبية، واستهدفت الأحياء المسيحية المقابلة للضاحية في عين الرمانة والحدت، وهي خطوط التماس السابقة في الحرب اللبنانية، وذلك عقب إنذارات وجهها الجيش للسكان بإخلاء الأبنية.