المواجهات في جنوب لبنان تتحرك على وقع «المبادرات الإسرائيلية»

«حزب الله»: قادرون على استهداف العمق والحرب الشاملة لن تكون سهلة

اعتراض صواريخ أطلقت من لبنان على إسرائيل عبر الحدود (رويترز)
اعتراض صواريخ أطلقت من لبنان على إسرائيل عبر الحدود (رويترز)
TT

المواجهات في جنوب لبنان تتحرك على وقع «المبادرات الإسرائيلية»

اعتراض صواريخ أطلقت من لبنان على إسرائيل عبر الحدود (رويترز)
اعتراض صواريخ أطلقت من لبنان على إسرائيل عبر الحدود (رويترز)

عادت المواجهات لتتصاعد حيناً وتتراجع أحياناً في جنوب لبنان، وفق مستوى العمليات التي تقوم بها إسرائيل، في حين جدّد «حزب الله» تأكيد قدرته على استهداف العمق الإسرائيلي، «وهو ما لن تمنعه القبب الحديدية والدفاعات الجوية الإسرائيلية».

أتى ذلك في وقت تستمر فيه التحذيرات من توسّع الحرب، كما من قبل السفارات، طالبة من رعاياها مغادرة لبنان وعدم السفر إليه، وكان آخرها تلك الصادرة عن الأردن الذي أوصت وزارة خارجيته مواطنيه بتجنب السفر إلى لبنان.

وتراجعت حدة المواجهات يوم الجمعة بعدما اشتدت الخميس، حيث كان «حزب الله» قد نعى 4 عناصر، نتيجة القصف الإسرائيلي، أحدهم في غارة إسرائيلية ببلدة سحمر بالبقاع الغربي.

وأعلن «حزب الله» الجمعة استهدافه «الأجهزة ‏التجسسية في موقع بركة ريشا وتجمعاً لجنود إسرائيليين في محيط مثلث الطيحات»، بعدما كان قد قصف مساء الخميس «القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في ثكنة بيريا بعشرات صواريخ الكاتيوشا»، ردّاً على غارتين إسرائيليّتين أدّت إحداهما إلى مقتل أحد عناصره، وإثر هذا القصف قال الجيش الإسرائيلي إنّه رصد «إطلاق نحو 35 قذيفة صاروخية من لبنان، حيث اعترضت الدفاعات الجوية معظمها دون وقوع إصابات».

وفي بيانه، قال «حزب الله» إنّه نفّذ هذا القصف ردّاً على «اعتداءات العدو التي طالت مدينة النبطية وبلدة سُحمر»، وذلك غداة غارة استهدفت مبنى مدينة النبطية في جنوب لبنان، وأدّت لإصابة 20 شخصاً بجروح، وأعلن «حزب الله» مقتل أحد عناصره في سُحمر، بعد استهدافه على دراجته النارية.

وقال الجيش الإسرائيلي إنّه تمّ الخميس «رصد إطلاق مسيّرتيْن لحزب الله سقطتا في منطقة رأس الناقورة دون وقوع إصابات».

وسجّل الجمعة قصف متقطع على بلدات عدة في جنوب لبنان، حيث عاد الجيش الإسرائيلي ليستهدف المباني والمنازل، حيث يسجّل في اليومين الأخيرين سقوط إصابات بين المدنيين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن غارة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي على بلدة كفركلا أدت إلى تدمير مبنى مؤلف من 3 طبقات وسوته بالأرض. كذلك، شنّ الطيران الإسرائيلي غارة مستهدفاً منزلاً في بلدة شيحين قضاء صور، حيث تحركت سيارات الإسعاف على الفور نحو المكان المستهدف، ولم يعلن عن سقوط إصابات.

وألقت مسيّرة إسرائيلية قنابل حارقة في مشروع «عرب الثمار» الزراعي خلف في الوزاني، مما أدى إلى اشتعال النيران فيه، بحسب «الوكالة الوطنية».

ويقول رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما»، رياض قهوجي، لـ«الشرق الأوسط»، إن وتيرة المواجهات تتصاعد وتتراجع وفقاً للعمليات الإسرائيلية مع محاولة «حزب الله» البقاء ضمن قواعد الاشتباك، لافتاً إلى الهدوء الحذر الذي شهدته الجبهة في الأيام القليلة الماضية، رغم ارتفاع مستوى التهديدات الإسرائيلية، قبل أن تعود وتشتد إثر عملية الاغتيال التي نفذتها إسرائيل في سحمر بعد ساعات على استهدافها مبنى في العمق بمدينة النبطية، ما أدى إلى إطلاق «حزب الله» وابلاً من الصواريخ وتنفيذه عمليات شمال إسرائيل.

وبعد تصعيد غير مسبوق للتهديدات الإسرائيلية التي وصلت إلى حد تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بإعادة لبنان إلى «العصر الحجري»، جدّد نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش، ما سبق للأمين العام للحزب حسن نصر الله أن قاله، مؤكداً أن «كل التهديدات والتهويل والصراخ لم ولن يغير من مواقف حزب الله، ولن يثني المقاومة عن مواصلة إسناد غزة، ولدى المقاومة خيارات عديدة للمواجهة والدفاع عن لبنان والتطور الكمي والنوعي في أداء المقاومة، والقدرات الاستخبارية والتسليحية والعملياتية التي كشفت عنها خلال الأسابيع الأخيرة هي جزء مما تملكه المقاومة وليس كل ما تملكه»، موضحاً أنّ «العدو يفهم رسائل المقاومة جيداً ويعرف جيداً أنها قادرة على استهداف العمق الإسرائيلي، وأن أي مواجهة شاملة من قبل العدو لن تكون سهلة».


مقالات ذات صلة

​إسرائيل: لا مفر من حرب حاسمة وسريعة مع «حزب الله»

المشرق العربي امرأة تحمل دمية خلال عبورها أمام منزل دمره قصف إسرائيلي في بلدة عيتا الشعب بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

​إسرائيل: لا مفر من حرب حاسمة وسريعة مع «حزب الله»

رفع «حزب الله» مستوى القصف لأهداف عسكرية إسرائيلية الأحد باستخدام صواريخ ثقيلة وذلك بعد استهداف إسرائيلي لمنزل في بلدة بالجنوب أدى إلى مقتل 3 من عناصره.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أسرة لبنانية تقف بجوار منزل دمر في غارة إسرائيلية على بلدة عيتا الشعب الحدودية (أ.ب)

غارات إسرائيلية على عدة مواقع لـ«حزب الله» في لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، أن طائرات مقاتلة إسرائيلية قصفت العديد من مواقع «حزب الله»، في جنوب لبنان، الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي طفل يلعب فوق أنقاض منزل عائلته المدمر في جنوب لبنان جراء القصف الإسرائيلي (أ.ب)

طهران تحذّر من «حرب إبادة»... وإسرائيل لا ترغب بها لكنها تستعد لها

تجددت التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران على خلفية توسيع الحرب في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصرف الأعمال نجيب ميقاتي متفقداً سير الامتحانات الرسمية في أحد المراكز بمدينة صور (الشرق الأوسط)

ميقاتي: لبنان في حالة حرب والمقاومة والحكومة تقومان بواجبهما

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إن لبنان في حالة حرب مؤكداً أن المقاومة والحكومة تقومان بواجبهما.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق تُكرّم في «عيون السود» صباح وعبد الحليم حافظ (صور تينا يمّوت)

تينا يمّوت: «النوستالجيا» تعيدنا إلى الأعمال القديمة

لتأثُّر الفنانة اللبنانية تينا يمّوت بأغنيات العمالقة، أصدرت أغنية بعنوان «عيون السود»، مشتقّة من أغنيتَي «جيب المجوز» لصباح، و«جانا الهوا» لعبد الحليم حافظ.

فيفيان حداد (بيروت)

مخاوف كردية من تقارب تركيا مع سوريا

رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

مخاوف كردية من تقارب تركيا مع سوريا

رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

اعتبرت «الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا»، أي مصالحة بين أنقرة ودمشق «مؤامرة كبيرة ضد الشعب السوري ومصلحة السوريين»، وذكرت في بيان نُشر على موقعها الرسمي مساء السبت – الأحد، أن «أي اتفاق مع الدولة التركية يكرّس التقسيم وهو تآمر على وحدة سوريا وشعبها».

وجاء بيان «الإدارة الذاتية» رداً على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن أنقرة مستعدة لتطبيع العلاقات مع دمشق، بعد أيام من تصريحات مماثلة من الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت رفض «حزب الاتحاد الديمقراطي» السوري إحدى أبرز الجهات السياسية التي تدير «الإدارة الذاتية»، كل اتفاق لا يلبي تطلعات السوريين في الوصول لحقوقه المشروعة، بينما اعتبرت القيادية الكردية إلهام أحمد أي اتفاق مع تركيا على حساب السوريين «خيانة بحق سوريا وشعبها».

ويتوجس أكراد سوريا من التقارب بين تركيا والنظام السوري، بعد سنوات من العداء والقطيعة قد تهدد مكاسب «الإدارة الذاتية»، واحتمال شن أنقرة عملية عسكرية جديدة ضد مناطق نفوذ الإدارة شمال شرقي سوريا.

آسيا عبد الله الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري (الشرق الأوسط)

وتقول آسيا عبد الله، الرئيسة المشتركة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، وهو الحزب الرئيس الذي يقود «الإدارة الذاتية» شمال شرقي سوريا، منذ تأسيسها عام 2014، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «جميع الاتفاقيات التي تحدث خارج مصالح شعبنا وتعارض ثورتنا، سنناضل ضدها ولن ندعم أي اتفاق لا يخدم مصلحة شعبنا».

وأشارت المسؤولة الكردية إلى أن أي اتفاق لا يشمل تحرير الشمال السوري «مرفوض من قبلنا، هدفنا تحرير أراضينا المحتلة وإعادة المهجرين لديارهم، وغير ذلك، ستخدم تلك الاتفاقيات أجندات أخرى غير ما يسعى إليه الشعب السوري، وستكون ضد إرادة وتطلعات السوريين»، منوهة بأن مخططات تقسيمية تستهدف وحدة سوريا بمساعٍ إقليمية تريد تثبيتها؛ في إشارة إلى الدور التركي في شمال سوريا.

وأوضحت: «من حقنا الشرعي الوقوف ضد كل هذه المؤامرات التي تستهدف وحدة شعبنا، والحل يبدأ بإنهاء المحتل التركي للمناطق السورية، بدءاً من عفرين وسري كانيه (رأس العين) وكل المناطق الأخرى»، على حد تعبيرها.

سكان بلدة الدرباسية ينتخبون أعضاء مجالس البلدية في إطار انتخابات تمهيدية في مناطق «الإدارة الذاتية» في مايو الماضي (الشرق الأوسط)

وطالبت تركيا دمشق مراراً بمنع إجراء الانتخابات المحلية في مناطق نفوذ «الإدارة الذاتية» بعد إعلان الأخيرة تأجيل تنظيم الانتخابات إلى شهر أغسطس (آب) المقبل. وأكدت إلهام أحمد رئيسة دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة، أن الانتخابات جاءت بمطلب شعبي وقرار سيادي من الجهات السياسية العاملة بالمنطقة لسد الفراغات الإدارية، وقالت إن «إجراء الانتخابات كان مطلباً شعبياً، وعملية ترميم للمؤسسات الخدمية وإعادة تأهيل البنية التحتية التي دمرتها الهجمات التركية أمام صمت المجتمع الدولي».

إلهام أحمد رئيسة دائرة العلاقات الخارجية لدى الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

واعتبرت القيادية الكردية «عقد أي تفاهمات مستقبلية بين تركيا والنظام الحاكم سيكون بالضرورة ضد الشعب السوري». وتابعت أن «أي تفاهم مع تركيا، خيانة بحق سوريا وشعبها أياً كان أطرافها والجهات الداعمة لإنجاح هذا التقارب». وشدّدت على أن الإدارة الذاتية هي «الخيار الأمثل لوحدة سوريا وشعبها، وضمانة أساسية لتحقيق التغيير السلمي الديمقراطي، وندعو للالتفاف حولها».

بدوره، يقول جلنك عمر، وهو كاتب وأكاديمي من أكراد سوريا، لـ«الشرق الأوسط»، إن المخاوف الكردية تتمثل أساساً في أن أي تقارب بين دمشق وأنقرة سيكون على حساب مناطقها؛ وفي تغاضي دمشق عن المسعى التركي لشن عملية عسكرية ضد مناطق الإدارة «أو تغاضي الحليفين موسكو وطهران، عن السعي التركي لشن عملية عسكرية جديدة على مناطق الإدارة، وبالتالي قضم واحتلال مناطق إضافية».

وسيفضي هذا التقارب، بحسب عمر، إلى الإبقاء على الحالة الراهنة في شمالي سوريا التي سبق وأن سيطرت عليها تركيا خلال السنوات الماضية، بعد شن ثلاث عمليات عسكرية في جرابلس وعفرين بريف محافظة حلب، ورأس العين بالحسكة، وتل أبيض بالرقة.

قوات أميركية بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا يونيو 2023 (أ.ف.ب)

ويضيف: «أنقرة تشترط على دمشق أن تشترك معها للقضاء على الحالة الموجودة بشمال شرقي البلاد، وهنا أقصد الإدارة وقواتها العسكرية (قسد)»، ويعزو عدم رغبة دمشق للانخراط «لأنها لا تمتلك القدرة على ذلك في ظل الوجود الأميركي من جهة، واستمرار خطر التنظيمات الإرهابية، بالبادية وإدلب من جهة ثانية».

وحذر عمر من أن الخطورة تكمن في قبول دمشق بالوجود التركي، «وتنازل الحكومة عن شرطها بوجوب انسحاب تركي من المناطق التي تحتلها شمال وشمال غربي البلاد، مقابل حصول دمشق على بعض المزايا الاقتصادية لفتح طريق (M4) والمعابر للتجارة، وتحييد كامل لدور تشكيلات المعارضة السياسية والعسكرية المرهونة بالأجندات التركية، وهو ما يتجلى منذ سنوات في مسار آستانا».