الكابينت الإسرائيلي يقر خطة سموتريتش لـ«معاقبة» السلطة الفلسطينية

في جلسة صاخبة ووسط معارضة الجيش والمخابرات... نتنياهو يقر توسيعاً كبيراً للاستيطان في الضفة

سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)
سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)
TT

الكابينت الإسرائيلي يقر خطة سموتريتش لـ«معاقبة» السلطة الفلسطينية

سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)
سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)

في جلسة صاخبة شهدت صداماً بين وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ورئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي، صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، على تحويل خمس بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية إلى مستوطنات ثابتة، والدفع بمخططات لبناء 6 آلاف وحدة استيطانية جديدة في جميع أنحاء الضفة، بالإضافة إلى سلسلة من الإجراءات «العقابية» التي تستهدف السلطة الفلسطينية وقادتها.

ورأى محللون هذه القرارات رضوخاً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لإرادة سموتريتش، وهو صاحب «خطة الحسم» المشهورة التي نُشرت في سنة 2017، وترمي إلى تحطيم السلطة الفلسطينية وتصفية الحركة الوطنية الفلسطينية، ووضع خيار من اثنين أمام الفلسطينيين: إما البقاء في الوطن رعايا بلا حقوق موالين لإسرائيل، وإما الرحيل.

وكان نتنياهو قد أبدى اعتراضاً على فكرة تحطيم السلطة الفلسطينية، وقال إنها تقوم بعمل مهم، وفي بعض الأحيان تريح إسرائيل. لكن سموتريتش أوضح له أن السلطة تقوم بحراك دبلوماسي خطير يمس بإسرائيل في المؤسسات الدولية، ولا بد من معاقبتها على ذلك.

وطرح سموتريتش سلسلة عقوبات بينها اعتقال عدد من قادة أجهزة السلطة، وإبعاد بعضهم إلى الخارج، أو تقييد تحركاتهم وإلغاء التصاريح والمزايا المختلفة لبعض المسؤولين الفلسطينيين، ومنعهم من مغادرة البلاد. وفوق كل هذا، ترك نتنياهو لسموتريتش أن ينفذ خطته لتحطيم السلطة الفلسطينية مالياً، بواسطة حجب مزيد من أموال الضرائب والجمارك. وبعدما رضخ نتنياهو لمطالب وزير المال، نشر الأخير بياناً بشّر فيه المستوطنين وغيرهم من نشطاء اليمين، بأنه نجح في تمرير قرارات تاريخية لمنع مشروع إقامة دولة فلسطينية.

في المقابل، امتنعت الحكومة الإسرائيلية عن نشر أي شيء في هذا الموضوع، علماً بأن الإدارة الأميركية كانت قد حذّرت من مغبة المساس بالسلطة الفلسطينية.

سموتريتش مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل التصويت على الميزانية في مايو 2023 في الكنيست (أ.ف.ب)

وكشفت «القناة الـ12» للتلفزيون الإسرائيلي عن أن رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، ورئيس أركان الجيش هليفي، وغيرهما من ممثلي قوى الأمن، عارضوا هذه الخطوات. وخلال جلسة الكابينت، حذّر رئيس الأركان من تبعاتها، فهاجمه سموتريتش قائلاً: «أنتم كنتم نياماً في 6 أكتوبر (تشرين الأول)»، في إشارة إلى الليلة التي سبقت هجوم حركة «حماس» على مناطق غلاف غزة.

وفي أعقاب الجدل المشحون، طلب نتنياهو فترة استراحة، حاول خلالها التحدث إلى سموتريتش بحضور وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر؛ في محاولة لتوضيح الضرر الذي قد يحدثه هذا الإجراء في العلاقات مع واشنطن، التي من المتوقع أن تعارض ذلك «بشدة».

والبؤر الاستيطانية الخمس التي أعلن سموتريتش أن الكابينت صادق على جعلها قانونية تقع في مواقع استراتيجية في الضفة الغربية، وهي «أفيتار» القائمة في منطقة نابلس، و«سدي أفرايم» و«غفعات أساف» في منطقة رام الله، و«حالتس» في المنطقة الواقعة بين الخليل وبيت لحم، بالإضافة إلى البؤرة الاستيطانية «أدوريم» في منطقة الخليل، جنوبي الضفة.

وذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية «كان 11» أن مقترح سموتريتش يتمثل بشرعنة بؤرة استيطانية مقابل كل دولة اعترفت بدولة فلسطين منذ السابع من أكتوبر الماضي (سلوفينيا وإسبانيا والنرويج وآيرلندا وأرمينيا).

وذكرت «القناة الـ12» أيضاً أن الجيش الإسرائيلي والمسؤولين في جهاز الأمن العام (الشاباك) أوصوا بالامتناع عن اتخاذ الخطوات التي بادر إليها سموتريتش خلال الفترة الراهنة، على اعتبار أنها قد تؤدي إلى تصعيد أمني في الضفة، الأمر الذي رأت القناة أن «حماس» فشلت في تحقيقه خلال الأشهر الماضية، على خلفية الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.


مقالات ذات صلة

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

المشرق العربي قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

شؤون إقليمية  قوات إسرائيلية تقيم إجراءات أمنية في البلدة القديمة للخليل تحمي اللمستوطنين اليهود (د.ب.أ)

إسرائيل تنهي استخدام الاعتقال الاداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جرافات وآليات إسرائيلية تغلق شوارع مدينة جنين، خلال عملية عسكرية نفذتها القوات الإسرائيلية (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي: مقتل 9 مسلحين في اشتباكات خلال مداهمة في جنين

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، أن قواته نفذت «عمليات لمكافحة الإرهاب» في جنين، خلال اليومين الماضيين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية حول منشأة زراعية ومنزل بعد مداهمة قُتل خلالها 3 فلسطينيين في قباطية جنوب جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

التصعيد يعود إلى الضفة و«طنجرة الضغط» تقتل 3 فلسطينيين في جنين

قتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في جنين، شمال الضفة الغربية، في أحدث هجوم على المدينة، بعد هدوء نسبي أعقب سلسلة دامية من الهجمات.

كفاح زبون (رام الله)
الولايات المتحدة​ وزارة الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على منظمة «أمانا» الإسرائيلية للاستيطان (أ.ب)

وزارة الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على منظمة استيطانية إسرائيلية

فرضت الولايات المتحدة اليوم الاثنين عقوبات على منظمة «أمانا» الاستيطانية الإسرائيلية متهمة إياها بالمساعدة في ارتكاب أعمال عنف في الضفة الغربية المحتلة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

قُتلت 3 سيدات فلسطينيات، صباح السبت، بعد إطلاق نار أمام أحد المخابز العاملة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، في مشهد جديد يكشف عن حجم المأساة التي وصل إليها سكان القطاع في ظل تفاقم الظروف الإنسانية والحياتية. ووقع الحادث أمام مخبز «زادنا 2» في شارع البركة بدير البلح، حينما تم إطلاق نار في المكان، وسط تضارب للروايات حول ظروف إطلاق النار، وإذا ما كان مباشراً أو نتيجة خطأ.

فلسطينيون في دير البلح ينتظرون الحصول على خبز (أرشيفية - رويترز)

وتقف يومياً ولساعات، طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة» خبز واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً، ومن بينها المخبز الذي وقعت أمامه الحادثة، وهو يعد من أشهر المخابز، كما أنه الوحيد الذي لم يتوقف تقريباً عن العمل، قبل أن يضطر لإغلاق أبوابه بعد الحادثة المؤلمة. وبينما قال أصحاب المخبز، إن النساء قُتلن بعد إطلاق نار من خارج المخبز، بعد تدافع وقع خارجه، وإن مصدره ليس من الحراس الذين يقفون للتنظيم ولحماية المخبز من السرقة، بل كان نتيجة إشكالية خارجه بين أفراد من عائلتين، قال شهود عيان إن إطلاق النار تمّ من قبل أحد الحراس، لكنه لم يكن مباشراً، بل كان نتيجة انفلات سلاحه منه بعد إطلاقه النار في الهواء.

فلسطينيون أمام مخبز مقفل وسط غزة (أرشيفية - أ.ب)

وقال مصدر صحافي من دير البلح لـ«الشرق الأوسط»، إن عائلة المتهم بإطلاق النار اضطرت لترك منزلها خوفاً من عملية انتقامية ضدها، مشيراً إلى أن النساء اللواتي قتلن هن نازحات من مدينة غزة. وأوضح المصدر أن مُطلِق النار كان يقف أمام المخبز للمشاركة والمساهمة في حمايته، ضمن اتفاق جرى بين أصحاب المخبز وعوائل دير البلح؛ لتمكين المواطنين من الحصول على الخبز في ظل المجاعة الكبيرة التي باتت تزداد صعوبةً في مناطق وسط وجنوب القطاع. ويوجد في دير البلح نحو 850 ألف نازح، يضاف إليهم أكثر من 300 ألف نسمة من سكان المدينة.

فلسطيني يلوح بيده بعد الحصول على ربطة خبز في مدينة غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ودفع الحادث مخاتير ووجهاء المدينة للتدخل لمحاولة منع تفاقم الأوضاع فيها، وأن تكون هناك ردة فعل انتقامية تخرج عن سيطرة الجميع. وحمَّل بعض المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، المخاتير والوجهاء والشخصيات المختصة المسؤولية عن الحادث، بعد أن قرروا تخصيص كميات الطحين التي تدخل إلى دير البلح، لصالح المخابز، وبيع «ربطة واحدة» فقط لكل عائلة، لإتاحة الفرصة أمام العوائل الأخرى للحصول على حصة مماثلة. ورأى البعض أنه كان من الممكن أن يتم توزيع كيس طحين واحد على كل عائلة بدلاً من زيادة الازدحام على المخابز، وتحميل المواطنين فوق طاقاتهم بالانتظار لساعات طويلة جداً، من أجل الحصول على ربطة واحدة لا تكفي لوجبة طعام واحدة فقط.

فلسطيني يعبِّر عن فرحته بعد حصوله على أرغفة الخبز من مخبر في غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويصل سعر «ربطة الخبز» الواحدة داخل المخبز بعد اصطفاف طابور لساعات طويلة إلى 3 شواقل (أقل من دولار واحد بقليل)، بينما يصل السعر خارجه إلى 30 أو 40 شيقلاً (ما يعادل نحو 11 دولاراً)، في حين وصل سعر كيس الطحين الواحد في وسط وجنوب القطاع، إلى 1000 شيقل أو أكثر (أي ما يعادل نحو 255 دولاراً). ويعاني وسط وجنوب قطاع غزة، من نقص حاد في توفر كميات الطحين بفعل الإجراءات الإسرائيلية وسرقة المساعدات من قبل بعض عصابات اللصوص، إلا أن الأوضاع في الشمال بالنسبة لتوفر الطحين أفضل حالاً بعد أشهر من المجاعة التي عانى منها سكان تلك المناطق، واضطروا حينها لطحن أكل الحيوانات من أجل سد رمق جوعهم. وبدأت هذه المعاناة في وسط وجنوب القطاع منذ نحو شهر فقط، مع توقف إمدادات المساعدات الغذائية، وسرقة غالبية ما كان يتم السماح بدخوله، الأمر الذي أدى لمفاقمة الوضع الإنساني. وأفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن القوات الإسرائيلية منعت ثلثي عمليات المساعدات الإنسانية المختلفة، البالغ عددها 129، من الوصول إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي. وأجبر الواقع الحالي، أصحاب المخابز لنشر مسلحين لحماية الطحين المتوفر لديها، ومنع سرقته من قبل عصابات اللصوص المنتشرة بشكل كبير. ولجأت بعض المخابز لاستئجار أولئك المسلحين على هيئة حراس أمنيين، في حين اتفق وجهاء ومخاتير وجهات مختصة مع مسلحين من عوائل لحماية المخابز في مناطقهم التي يعيشون فيها. ويتخوف السكان من استمرار إسرائيل في التلاعب بإدخال كميات مساعدات كافية، الأمر الذي سيفاقم من حالة المجاعة التي تزداد حالياً في مناطق وسط وجنوب القطاع بشكل أكبر من الشمال الذي عاش هذه الظروف بشكل أقسى لأشهر عدة.