انتخاب رئيس للبنان في «إجازة مفتوحة»

بري لن يدعو للتشاور بغياب «القوات»... وباسيل وضع أوراقه في سلته بلا مقابل

رئيس البرلمان نبيه بري ملتقياً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والنائب غسان عطا الله (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري ملتقياً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والنائب غسان عطا الله (رئاسة البرلمان)
TT

انتخاب رئيس للبنان في «إجازة مفتوحة»

رئيس البرلمان نبيه بري ملتقياً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والنائب غسان عطا الله (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري ملتقياً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والنائب غسان عطا الله (رئاسة البرلمان)

يدخل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية في إجازة قسرية مديدة، مفتوحة على كل الاحتمالات، بما في ذلك ترحيل الاستحقاق إلى أمد طويل. والأمر لا يتعلق حصراً بعدم تأمين الإجماع حول دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري النواب لتشاور بلا شروط يفتح الباب أمام انتخاب الرئيس بالتوافق، أو الذهاب لعقد جلسات انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، وإنما لارتباط انتخابه بما سيؤول إليه الوضع على الجبهة الغزاوية، رغم أن «حزب الله» لا يربط إنجاز الاستحقاق الرئاسي بوقف إطلاق النار، من دون أن يسحب رغبته في الإتيان برئيس يطمئن إليه.

لكن الظروف الخارجية ليست ناضجة لتسهيل انتخاب الرئيس، وهي تنتظر ما ستتوصل إليه الجهود الدولية لمنع إسرائيل من توسعة الحرب في جنوب لبنان. وهذا ما يقف خلف إصرار الوسيط الأميركي آموس هوكستين على عدم إدراج انتخابه على جدول أعماله، وإعطاء الأولوية لنزع فتيل التفجير جنوباً.

لا تشاوُر بمن حضر

فالرئيس بري كان صريحاً عندما التقى وفد «اللقاء الديمقراطي»، برئاسة النائب تيمور وليد جنبلاط، لإطلاعه على حصيلة اللقاءات التي جمعته برؤساء الكتل النيابية، سعياً وراء التوصل إلى تسوية رئاسية، بقوله، أي بري، إنه لا يشترط دعوة النواب لانتخاب الرئيس بالتوافق المسبق على اسمه، وإنما يترك لهم القرار باختيار مَن يريدون في جلسات مفتوحة بدورات متتالية ستعقد حكماً فور انتهاء التشاور.

ونقل نواب «اللقاء الديمقراطي» عن بري قوله إنه يرحب بالتوافق. وفي حال تعذر، فإن الدعوة لجلسات انتخاب الرئيس تبقى قائمة. وأكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن بري، كما أبلغهم، ليس في وارد الدعوة للتشاور بمن حضر، وقالوا إنه يشترط تأمين الإجماع للسير فيه، رغبة منه في ألا يُسجِّل على نفسه عزل فريق معين بذريعة أنه يرفض التشاور.

ولفت النواب أنفسهم إلى أن «بري بموقفه الرافض للتشاور بمن حضر، لا يريد، في ضوء ما أوحى به أمامنا، تكرار ما ذهبت إليه الحركة الوطنية في الأسابيع الأولى على اندلاع الحرب الأهلية في لبنان في ربيع 1975 بعزل حزب (الكتائب)، الذي أكسبه أوسع تأييد في الشارع المسيحي. وبالتالي لن يقدم على خطوة كهذه بعزل حزب (القوات اللبنانية)، لما يترتب عليها من تداعيات نحن في غنى عنها وتؤدي إلى تعميق الهوة بين اللبنانيين، مع أن (اللقاء) كان ناقش مع سمير جعجع ضرورة خفض منسوب التوتر المسيطر على علاقته ببري، انطلاقاً من أن لا مفر من التفاهم معه على تسوية لإخراج انتخاب الرئيس من التأزم».

وكشف النواب أنفسهم عن أن بري أبدى ارتياحه للتحوّل الذي أبداه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل نحوه، بتأييده التشاور واستعداده لحضور جلسات تشريع الضرورة، من دون أن يبدّل موقفه برفضه انتخاب رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، في مقابل فتح الباب أمام البحث عن رئيس توافقي.

لكن بري لا يزال حتى الساعة يتمسك بدعم فرنجية، وهو يراهن، حسب مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، على عامل الوقت وما يمكن أن يحمله من تطورات تسمح بإعادة خلط الأوراق داخل البرلمان، وإن كان باسيل لا يزال يتحصن بموقفه، وهذا ما نقله للنواب الذين التقاهم في منزل النائب عبد الرحمن البزري، وإن كان لم يدخل في أسماء المرشحين.

وحرص هؤلاء النواب على سؤال باسيل عمّا إذا كانت تلبيته دعوة بري للتشاور يمكن أن تفتح الباب أمام تخليه لاحقاً عن فرنجية، فيما يتمسك حليفه «حزب الله» بترشيحه، فكان جوابه: «لنذهب إلى التشاور ونحشره لترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث».

باسيل لتشكيل قوة ثالثة

حتى إن أحد النواب حاول أن يستدرج باسيل لمعرفة ما إذا كان قد حصل على ثمن سياسي في مقابل وضع معظم أوراقه في سلة بري، أو تلقى وعداً منه بهذا الخصوص، وكان جوابه أنه «أمامنا إمكانية لتشكيل قوة نيابية ثالثة تضغط من أجل التوافق على رئيس». مع أنه، أي النائب، رأى أن ما يهم باسيل حالياً أن يقدّم نفسه على أنه هو من يسهّل انتخاب الرئيس، بخلاف جعجع.

ورأى النائب نفسه أن جميع المبادرات والتحركات النيابية لإحداث خرق في الحائط الرئاسي المسدود انتهت من حيث بدأت، ولم تحقق أي تقدم، خصوصاً أن رغبة باسيل لتشكيل قوة نيابية ثالثة تضم الوسطيين وتقف على مسافة واحدة من المعارضة ومحور الممانعة، لم تلقَ التجاوب المطلوب، وهذا ما تبلغه من كتلة «الاعتدال» النيابية عندما استضافها في منزله في اللقلوق، والتي لم تسحب حتى الآن مبادرتها الرئاسية من التداول.

باسيل والإقرار بدور بري

وينسحب الموقف نفسه على «اللقاء الديمقراطي»، الذي لا يُبدي حماسة للانخراط مع باسيل في قوة ثالثة، ويفضّل حصر علاقته به بالتشاور، لأنه ينأى بنفسه عن لجوء البعض إلى تفسير انخراطه مع باسيل كأنه يستهدف به المعارضة، وتحديداً جعجع، فيما حرص على التواصل معه لتبديد كل ما أُشيع قبل اجتماعهما بأن علاقتهما مقطوعة وتشوبها شوائب كثيرة، وبالتالي ليس مضطراً لإدارة ظهره للمعارضة.

لذلك، فالإنجاز الوحيد الذي يسجَّل لباسيل يبقى تحت سقف إقراره، ولو متأخراً، بدور بري، من دون أن يتمكن من إقناعه بتخليه عن فرنجية أو في كسب تأييده بتشكيل قوة نيابية ثالثة ضاغطة تكون بمثابة بيضة القبان في ترجيح كفة مرشح على آخر، وأن ما حققه لا يتعدى تعبيده الطريق للعبور إلى عين التينة.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

المشرق العربي صورة سبق أن وزَّعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

عاد «حزب الله» ليهدد باستهداف حقول الغاز في إسرائيل في حال قررت الأخيرة توسعة الحرب على لبنان، بعدما بلغت الضغوط والتهديدات من قبل الطرفين مراحل غير مسبوقة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (رويترز)

باسيل متردد بفصل نواب خشية تضعضع داخلي في «التيار»

لم يحسم رئيس «التيار الوطني الحر» قراره بشأن فصل النائب آلان عون محاولاً أن يستوعب استباقياً أي ردود فعل ستؤدي لتقلص إضافي بعدد نواب التكتل.

بولا أسطيح (بيروت)

الجيش الإسرائيلي: نجهز ردا على «حزب الله» بعد ضربة مجدل شمس

عناصر أمنية إسرائيلية في موقع سقوط صاروخ على ملعب كرة قدم في الجولان (أ.ف.ب)
عناصر أمنية إسرائيلية في موقع سقوط صاروخ على ملعب كرة قدم في الجولان (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي: نجهز ردا على «حزب الله» بعد ضربة مجدل شمس

عناصر أمنية إسرائيلية في موقع سقوط صاروخ على ملعب كرة قدم في الجولان (أ.ف.ب)
عناصر أمنية إسرائيلية في موقع سقوط صاروخ على ملعب كرة قدم في الجولان (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي علن أنه «يجهز ردا» على «حزب الله» بعد القصف الدامي على الجولان، بعد مقتل عدد من الأشخاص وإصابة أكثر من 30 نتيجة سقوط صاروخ على الجولان.

وقالت خدمات الطوارئ الإسرائيلية إن 9 أشخاص قتلوا على الأقل وأصيب أكثر من 34 شخصاً، بينهم أطفال، بجروح خطيرة من جراء سقوط صاروخ على ملعب كرة قدم بقرية في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، اليوم السبت.

وقالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية إن الجرحى تتراوح أعمارهم بين 10 أعوام و20 عاماً، وفقاً لوكالة «رويترز».

ووصف الجيش الإسرائيلي قصف الجولان بأنه «الهجوم الأكثر دموية على مدنيين إسرائيليين» منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول).

دراجات نارية محترقة في موقع سقوط صاروخ على ملعب كرة قدم في الجولان (أ.ف.ب)

وقال أحد المسعفين إن حريقاً اندلع ودماراً هائلاً لحق بالموقع، وهو ملعب كرة قدم في قرية مجدل شمس الدرزية.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يساعد في إجلاء المصابين.

ونفى مسؤول في «حزب الله» اللبناني، لوكالة «رويترز» مسؤولية جماعته عن الضربة على مجدل شمس، بينما أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن اجتماع أمني في أعقاب الحادث.

وأضاف الجيش الإسرائيلي، في بيان لاحق، أن التقييم الأولي للجيش والاستخبارات يشير إلى أن الصاروخ الذي سقط على قرية مجدل شمس أطلقه «حزب الله» اللبناني.

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان: «إن رئيس الأركان وقائد المنطقة الشمالية ورئيس هيئة العمليات وقائد القوات الجوية وأعضاء آخرين من هيئة الأركان يجتمعون الآن لتقييم الوضع عقب سقوط صاروخ على ملعب كرة قدم في هضبة الجولان».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتلقى تقييما أوليا للوضع بعد سقوط صاروخ في الجولان (حساب مكتب رئيس الوزراء على منصة «إكس»)

ونقل موقع «أكسيوس» عن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس قوله: «نقترب من لحظة حرب شاملة ضد حزب الله ولبنان».

من جانبه، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، في منشور على منصة «إكس»، «من أجل الأطفال الذين ماتوا، يجب أن يدفع لبنان الثمن، وكذلك رأس نصر الله»، مضيفا: «يجب أن يعود رئيس الوزراء فورا، حان وقت العمل».

وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه تلقى تقييما أوليا للوضع من مساعده للشؤون العسكرية بشأن سقوط الصاروخ على ملعب كرة قدم في قرية مجدل شمس بالجولان.