«حرب استنزاف» على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية

توسّع تدريجي للمواجهات... و«حزب الله» ينعى 3 من عناصره

ضابط شرطة إسرائيلي ورجل إطفاء يعاينان موقع سقوط صاروخ أطلق من لبنان في كريات شمونة (رويترز)
ضابط شرطة إسرائيلي ورجل إطفاء يعاينان موقع سقوط صاروخ أطلق من لبنان في كريات شمونة (رويترز)
TT

«حرب استنزاف» على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية

ضابط شرطة إسرائيلي ورجل إطفاء يعاينان موقع سقوط صاروخ أطلق من لبنان في كريات شمونة (رويترز)
ضابط شرطة إسرائيلي ورجل إطفاء يعاينان موقع سقوط صاروخ أطلق من لبنان في كريات شمونة (رويترز)

تعكس الوقائع السياسية والعسكرية على الأرض في جبهة جنوب لبنان، توسّعاً تدريجياً للحرب بين «حزب الله» وإسرائيل التي صادقت، الثلاثاء، على الخطط العملياتية لجيشها لشن هجوم في لبنان.

وجاء ذلك بعد ساعات من رسالة مسيرة «الهدهد» التي بعث بها «حزب الله» والتي نقلت مقطعاً مصوراً يتضمن موانئ بحرية ومطارات في مدينة حيفا، وفي موازاة زيارة المبعوث الأميركي إلى بيروت آموس هوكستين الذي أكّد بدوره على ضرورة عدم توسعة الحرب.

لقطة مأخوذة من مقطع فيديو نشره «حزب الله» لسفن عسكرية إسرائيلية بقاعدة بحرية في حيفا (متداول)

واستمر التصعيد العسكري بين الطرفين، الثلاثاء، فيما نعى «حزب الله» ثلاثة عناصر في صفوفه وهم: حسن المجتبى يوسف أحمد من بلدة رشاف، وجهاد أحمد حايك من بلدة عدشيت في جنوب لبنان، وحسن محمد علي صعب من بلدة يارون في جنوب لبنان، ليرتفع عدد الذين سقطوا «على طريق القدس» إلى 377 قتيلاً.

شمل القصف الإسرائيلي بلدات عدة في جنوب لبنان واستهدف بشكل أساسي بلدات يارون، حيث أفيد بوقوع إصابات، والخيام والبرغلية، الواقعة على مدخل صور الشمالي، حيث توجد مخيمات لللاجئين الفلسطينيين في الجنوب.

وفي حين استهدفت غارة سيارة في بلدة الوزاني، وقد نجا السائق من الموت المحتم بعدما رمى بنفسه خارج السيارة، تعرض «مركز الخيام للرعاية الصحية»، التابع لمؤسسة عامل الدولية، لقصف إسرائيلي للمرة الثالثة، ما تسبب بأضرار جسيمة في الماديات، بحسب بيان صادر عنه. وأوضح أن «المركز يقدم الخدمات الصحية والطبية لأبناء البلدة والجوار».

الدخان يتصاعد في بلدة الخيام في جنوب لبنان نتيجة القصف الاسرائيلي (أ.ف.ب)

وردّ «حزب الله» على قصف البرغلية المكثف، لليوم الثاني على التوالي، بـ«هجوم جوي بسرب من المسيّرات الانقضاضية استهدف تموضعات جنود العدو وانتشارهم داخل مستعمرة المطلة وحقق فيهم إصابات مؤكدة»، بحسب بيان له.

والردّ على بلدتي يارون والخيام، جاء عبر قصف «مقر قيادة اللواء الشرقي 769 ‌‏(التابع للفرقة 91) في ثكنة كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا وقذائف المدفعية»، لتعود بعدها، وتعلن صحيفة «هآرتس» نقلا عن الجيش الإسرائيلي، عن وقوع أضرار في البنية التحتية والممتلكات جراء إطلاق نحو 10 صواريخ باتجاه كريات شمونة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر حسابه على منصة «إكس» إنه تم رصد إطلاق نحو 15 قذيفة صاروخية من لبنان نحو المنطقة حيث تم اعتراض بعضها دون وقوع إصابات.

وقال أدرعي إن «جيش الدفاع قصف مبنى عسكرياً استخدمه (حزب الله) في منطقة صور»، مشيراً كذلك إلى أن «طائرات حربية أغارت على مبنى عسكري لـ(حزب الله) في منطقة صور وبنية إرهابية للتنظيم في منطقة الخيام في جنوب لبنان، واعترضت الدفاعات الجوية هدفاً جوياً مشبوهاً فوق المجال الجوي اللبناني حيث لم يخترق الهدف الأراضي الإسرائيلية».

رسالة «الهدهد»

ويصف العميد المتقاعد، الخبير العسكري خليل الحلو، ما يحصل اليوم على جبهة الجنوب بـ«حرب الاستنزاف» رافضاً القول بأن المواجهات لا تزال ضمن قواعد الاشتباك. ويقول لـ«الشرق الأوسط» احتمالات توسّع الحرب ترتفع بشكل كبير وهو ما تعكسه الوقائع العسكرية والسياسية، من تصريحات هوكستين إلى تهديدات المسؤولين الإسرائيليين والتحذيرات الدولية وغيرها.

وفيما يضع رسالة «الهدهد» ضمن الرسائل العسكرية المتبادلة بين الطرفين، يطرح الحلو أسئلة عدة مرتبطة بهذه المسيرة وما قامت به. ويلفت إلى أن هذه المسيرة الإيرانية تحلق على علو مرتفع ولا تبقى في الجو أكثر من ساعة واحدة ولا تلتقطها الرادارات، مرجّحاً أن تكون قد انطلقت من صور أو الناقورة.

لقطة مأخوذة من مقطع فيديو نشره «حزب الله» لمرفأ حيفا (متداول)

ومع تأكيد الحلو أن قيمة رسالة «الهدهد» ليست إلا معنوية وإعلامية وليست عسكرية، يرى أن «حزب الله» قام بها لأهداف ثلاثة، هي: الأول معنوي رغم أنها ليست المرة الأولى التي تخرق فيها الأجواء الإسرائيلية إن من قبل «حزب الله» أو في الحروب السابقة ضد إسرائيل. والثاني عسكري لردع إسرائيل التي تهدد بحرب واسعة في لبنان. والثالث سياسي رداً على المبعوث الأميركي الذي كان يزور بيروت حاملاً تهديداً إسرائيلياً.

ويعتبر الحلو أن «حزب الله» بما يقوم به من تصرفات غير مسؤولة، إما أنه بات متأكداً بأن الحرب لن تقع، أو أنه يدرك أنها ستقع وهو في موقع غير قادر على التراجع لأسباب متعلقة بارتباطاته وبعلاقته مع إيران وأسير مواقفه، بعد ثمانية أشهر من الحرب التي لم تصل إلى أي نتيجة.

من ناحية أخرى، يطرح الحلو علامات استفهام مشكّكة بصحّة «الهدهد»، متوقفاً عند غياب التوقيت على الفيديو التي نشر ومذكراً بأن إيران تملك أقماراً اصطناعية متطورة وقد تكون حصلت على مقاطع الفيديو عبرها أو أن تكون صوّرت عبر ما تعرف بـ«الدرون» (الطائرات المستخدمة للتصوير) من قبل عرب موجودين في حيفا ومقربين من «حزب الله».


مقالات ذات صلة

حرب جنوب لبنان تدفع «حزب الله» إلى تحالفات جديدة

المشرق العربي الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله مستقبلاً الأمين العام لـ«الجماعة الإسلامية» محمد طقوش (الوكالة الوطنية للإعلام)

حرب جنوب لبنان تدفع «حزب الله» إلى تحالفات جديدة

خلطت الحرب الدائرة في جنوب لبنان الأوراق، وبدّلت صورة التحالفات بين «حزب الله» وأطرافٍ سياسية، إذ نجح الحزب باستمالة بعض القوى الفاعلة على الساحة السنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي طفل يلعب فوق أنقاض منزل عائلته المدمر في جنوب لبنان جراء القصف الإسرائيلي (أ.ب)

طهران تحذّر من «حرب إبادة»... وإسرائيل لا ترغب بها لكنها تستعد لها

تجددت التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران على خلفية توسيع الحرب في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري رئيس البرلمان نبيه بري ملتقياً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والنائب غسان عطا الله (رئاسة البرلمان)

تحليل إخباري تراجع الاهتمام الدولي بلبنان يُدخل انتخاب الرئيس في «غيبوبة»

لم يتبدل المشهد السياسي في لبنان نحو الأفضل، ما يعني أن انتخاب رئيس للجمهورية يدخل حالياً في «غيبوبة» سياسية، ويصعب إنعاشه على الأقل في المدى المنظور.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصرف الأعمال نجيب ميقاتي متفقداً سير الامتحانات الرسمية في أحد المراكز بمدينة صور (الشرق الأوسط)

ميقاتي: لبنان في حالة حرب والمقاومة والحكومة تقومان بواجبهما

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إن لبنان في حالة حرب مؤكداً أن المقاومة والحكومة تقومان بواجبهما.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (صفحة ترحال سوريا)

ماذا يجري على الحدود السورية - اللبنانية؟

يشهد معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا ازدحاماً شديداً يجبر العابرين في الاتجاهين على الانتظار ساعات طويلة، ويقول بعضهم إنه يوقعهم بخسائر ومشاكل عدة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مسقط تحتضن جولة مشاورات يمنية جديدة للإفراج عن الأسرى والمختطفين

وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسرياً قبيل انطلاق المشاورات مع جماعة الحوثي الأحد في مسقط (الشرق الأوسط)
وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسرياً قبيل انطلاق المشاورات مع جماعة الحوثي الأحد في مسقط (الشرق الأوسط)
TT

مسقط تحتضن جولة مشاورات يمنية جديدة للإفراج عن الأسرى والمختطفين

وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسرياً قبيل انطلاق المشاورات مع جماعة الحوثي الأحد في مسقط (الشرق الأوسط)
وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسرياً قبيل انطلاق المشاورات مع جماعة الحوثي الأحد في مسقط (الشرق الأوسط)

تحت رعاية مكتب المبعوث الأممي لليمن، هانس غروندبرغ، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، تنطلق اليوم (الأحد) في العاصمة العمانية، مسقط، مشاورات بين الحكومة اليمنية (المعترف بها دولياً)، مع جماعة الحوثي بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسرياً.

وتوقّع ماجد فضائل وكيل وزارة حقوق الإنسان، المتحدث الرسمي باسم الوفد الحكومي، أن تستمر المشاورات نحو 10 أيام. وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «مطلبنا الأساسي هو الإفراج الكلي عن الأسرى والمختطفين دون تمييز على قاعدة الكل مقابل الكل».

جانب من اجتماع سابق في عمان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين المختصين بملف الأسرى والمحتجزين (إكس)

وتابع: «لدينا توجيهات واضحة وصريحة من قيادتنا السياسية حول ذلك، وأن يتعامل الوفد الحكومي بمسؤولية والتزام كاملَين بهذا الملف الإنساني، وألا يتم تجاوز المخفي السياسي محمد قحطان بأي شكل، ويكون على رأس أي صفقه تبادل».

وفي رده على سؤال عن مدة المحادثات، أوضح ماجد فضائل أنها قد تستغرق «أسبوعاً إلى عشرة أيام، وهي برئاسة مشتركة من مكتب المبعوث الأممي لليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، واستضافة الأشقاء في عمان».

ونجحت الأمم المتحدة بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، خلال الأعوام الماضية، في إتمام صفقتين للتبادل بين الطرفين.

ماجد فضائل وكيل وزارة حقوق الإنسان المتحدث الرسمي باسم الوفد الحكومي للأسرى والمعتقلين (الشرق الأوسط)

من جهته، عبّر عبد القادر المرتضى رئيس وفد الحوثيين عن أمله بأن تكون جولة المشاورات «ناجحة، وأن يتم الاتفاق على صفقة تبادل جديدة».

وقال على حسابه بمنصة «إكس»: «وصلنا العاصمة العمانية مسقط؛ لحضور جولة جديدة من المفاوضات حول ملف الأسرى، برعاية الأمم المتحدة، ونأمل أن تكون جولة ناجحة، وأن يتم فيها الاتفاق على صفقة تبادل جديدة».

بدوره، أكد مجلس القيادة الرئاسي حرصه ودعمه الجهود والمساعي الرامية إلى إنهاء معاناة المحتجزين والمختطفين والمخفيين، ولمّ شملهم بذويهم وفقاً لقاعدة «الكل مقابل الكل»، وفي مقدمتهم محمد قحطان، المشمول بقرار مجلس الأمن الدولي.

ونجحت جولات التفاوض السابقة، برعاية الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، في إطلاق دفعتين من الأسرى والمعتقلين لدى طرفَي النزاع اليمني، إذ بلغ عدد المُفرَج عنهم في الدفعة الأولى أكثر من ألف شخص، في حين بلغ عدد المُفرَج عنهم في الدفعة الثانية نحو 900 معتقل وأسير.

وتقول الحكومة اليمنية إنها تسعى إلى إطلاق المعتقلين كلهم، وفق قاعدة «الكل مقابل الكل»، وتتهم الحوثيين بأنهم كل مرة يحاولون إجهاض النقاشات، من خلال الانتقائية في الأسماء، أو المطالبة بأسماء معتقلين غير موجودين لدى القوات الحكومية.

وخلال عمليتَي الإفراج السابقتَين، أطلقت الجماعة الحوثية 3 من الـ4 المشمولين بقرار «مجلس الأمن الدولي 2216»، وهم شقيق الرئيس السابق ناصر منصور، ووزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي، والقائد العسكري فيصل رجب، في حين لا تزال ترفض إطلاق سراح الشخصية الرابعة، وهو السياسي محمد قحطان، كما ترفض إعطاء معلومات عن وضعه الصحي، أو السماح لعائلته بالتواصل معه.

مطلبنا الأساسي هو الإفراج الكلي عن الأسرى والمختطفين دون تمييز على قاعدة «الكل مقابل الكل»

ماجد فضائل وكيل وزارة حقوق الإنسان المتحدث الرسمي باسم الفريق الحكومي لملف الأسرى والمعتقلين