هدوء نسبي في قطاع غزة لليوم الثاني على التوالي

امرأة فلسطينية بالقرب من قبر أحد أقاربها الذي قُتل في الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» بالبريج وسط قطاع غزة 16 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية بالقرب من قبر أحد أقاربها الذي قُتل في الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» بالبريج وسط قطاع غزة 16 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
TT

هدوء نسبي في قطاع غزة لليوم الثاني على التوالي

امرأة فلسطينية بالقرب من قبر أحد أقاربها الذي قُتل في الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» بالبريج وسط قطاع غزة 16 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية بالقرب من قبر أحد أقاربها الذي قُتل في الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» بالبريج وسط قطاع غزة 16 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

شنّت إسرائيل، الاثنين، ضربات على شمال قطاع غزة، وأشار شهود إلى انفجارات في الجنوب، لكنّ الوضع هناك يشهد هدوءاً نسبياً لليوم الثاني على التوالي، كما حصل في أول أيام عيد الأضحى، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي رسالة إلى المسلمين بمناسبة عيد الأضحى، دافع الرئيس الأميركي جو بايدن، عن خطة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» ورأى فيها أفضل وسيلة لمساعدة المدنيين الذين يعانون «أهوال الحرب» المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر.

وتزامن اليوم الأول من العيد مع إعلان الجيش الإسرائيلي هدنة تكتيكية في عملياته في منطقة بجنوب القطاع لتسهيل نقل المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها سكان غزة بشدة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي هدنة من «الساعة 8:00 حتى 19:00 (5:00 حتى 16:00 ت غ) يومياً حتى إشعار آخر»، انطلاقاً من معبر كرم أبو سالم حتى طريق صلاح الدين، ومن ثمَّ شمالاً.

تُظهر هذه الصورة المنشورة التي أصدرها الجيش الإسرائيلي دبابة إسرائيلية على الأرض في قطاع غزة 17 يونيو 2024 وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)

«معارك من مسافة قريبة»

لكنَّ مسؤولاً إسرائيلياً ذكر (الاثنين) لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه «ليس هناك تغيير في سياسة الجيش الإسرائيلي» خصوصاً في رفح (جنوب)، حيث أطلق مطلع مايو (أيار) عملية برية أدت إلى فرار مئات آلاف الأشخاص.

وقال الجيش في بيان الاثنين، إن القوات الإسرائيلية تواصل عملياتها في رفح وفي وسط غزة، وتخوض «قتالاً من مسافة قريبة» مع مسلّحين، مضيفاً أن الجيش دمر عدداً من المنشآت العسكرية التي كانت تشكل تهديداً للقوات.

وأشار أطباء في المستشفى المعمداني في مدينة غزة في الشمال، إلى سقوط خمسة قتلى وعديد من الجرحى بضربتين جويتين.

وأوضح الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، لوكالة الصحافة الفرنسية: «الجيش الإسرائيلي على نحو الثانية فجر الاثنين، وعبر طائراته شن غارتين على شقة سكنية ومنزل في مدينة غزة بمنطقة الزرقة... نجم عنهما شهداء بينهم طفل ورجل مسن وجرحى انتشلناهم ونقلناهم إلى المستشفى المعمداني».

وأوضح: «باقي المناطق في قطاع غزة هادئة نوعاً ما، مع تحركات لآليات الاحتلال الإسرائيلي وإطلاق نار ومدفعية في المناطق الشرقية بمدينة رفح جنوب قطاع غزة وإطلاق نار شرق مخيم البريج وسط القطاع».

وحسب مسؤولين محليين، أطلقت دبابات نيرانها على مناطق في شرق رفح وجنوبها. وأشار شهود إلى انفجارات في المدينة.

من جانب آخر، أفاد سكان بأن وسط القطاع استُهدف بضربة جوية في مخيم البريج.

جانب من أداء الفلسطينيين صلاة عيد الأضحى المبارك بخان يونس جنوب قطاع غزة 16 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

«هذا ليس عيداً»

قال عامر عاجور وهو أحد سكان رفح الذي نزح إلى دير البلح (وسط): «لسنا في أجواء عيد، العيد هو حين نعود إلى منازلنا، حين تنتهي الحرب... كل يوم يسقط شهيد، هذا ليس عيداً».

وأعلن الجيش (الأحد) أن الهدنة «التكتيكية» و«المحلية» يُفترض أن تتيح «زيادة حجم المساعدة الإنسانية التي تصل إلى غزة» غداة مقتل 11 جندياً في القطاع بينهم ثمانية سقطوا في انفجار قنبلة.

هذه الحصيلة هي الأعلى للجيش الإسرائيلي في القطاع الفلسطيني في يوم واحد منذ بدء الحرب.

اندلعت الحرب عقب هجوم غير مسبوق نفّذته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، أسفر عن مقتل 1194 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد أجرته وكالة الصحافة الفرنسية بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية.

وخُطف خلال الهجوم 251 شخصاً ما زال 116 محتجزين رهائن في غزة، توفي 41 منهم، حسب الجيش.

رداً على ذلك، شن الجيش الإسرائيلي هجوماً واسع النطاق على غزة خلَّف 37347 قتيلاً، معظمهم من المدنيين، وفق بيان، الاثنين، من وزارة الصحة في حكومة غزة التي تقودها «حماس».

فلسطينيون يتفقدون الأضرار التي لحقت بالمباني جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على مخيم جباليا 31 أكتوبر 2023 (أ.ب)

بحاجة إلى «إجراءات ملموسة»

وقال الناطق الرسمي باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لايركه، إن المنظمة الأممية رحبت بالخطوة الإسرائيلية، رغم أن «هذا لم يُترجم بعد إلى وصول مزيد من المساعدات إلى المحتاجين».

ودعا إسرائيل إلى أن «يؤدي ذلك إلى إجراءات ملموسة أخرى» لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.

وتدافع إسرائيل منذ فترة طويلة عن جهودها للسماح بدخول المساعدات إلى غزة بما في ذلك عبر معبر كرم أبو سالم قرب رفح، وتُلقي باللوم على المسلحين في نهب الإمدادات وعلى العاملين في المجال الإنساني لفشلهم في توزيعها على المدنيين.

ورغم جهود الوساطة الدولية، لا تزال آمال التوصل إلى وقف إطلاق نار تصطدم بمطالب متناقضة من إسرائيل و«حماس».


مقالات ذات صلة

«حماس»: مقتل 5 جنود إسرائيليين في شمال غزة

المشرق العربي صورة أرشيفية لمقاتِلَين فلسطينييْن من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يشاركان في عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة 19 يوليو 2023 (رويترز)

«حماس»: مقتل 5 جنود إسرائيليين في شمال غزة

أعلنت حركة «حماس» الفلسطينية، اليوم (الاثنين)، أنها قتلت 5 جنود إسرائيليين على الأقل في عملية وصفتها بـ«النوعية» في شمال غزة، إضافة إلى 15 آخرين أمس.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري جانب من أعمال القمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض الاثنين (واس) play-circle 00:49

تحليل إخباري تحذير سعودي من تقويض جرائم إسرائيل السلامَ في المنطقة

قرأ محللون رسائل السعودية خلال القمة العربية والإسلامية بأنها كانت واضحةً واتخذت أعلى درجات الإدانة.

جبير الأنصاري (الرياض)
الولايات المتحدة​ ستيفانيك وترمب في نيوهامشير 19 يناير 2024 (أ.ف.ب)

ترمب يختار داعمة شرسة لإسرائيل مندوبة في الأمم المتحدة

بدأ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تشكيل فريقه الذي سيحيط به في البيت الأبيض، فطلب من النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك أن تتسلّم منصب مندوبة بالأمم المتحدة.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي الأمير محمد بن سلمان مترئساً أعمال القمة العربية - الإسلامية في الرياض (واس)

تطلع لصفقة تنهي الحرب ودفع جهود الوسطاء في «هدنة غزة»

شدد القادة المشاركون في قمة الرياض العربية - الإسلامية على ضرورة «الوقف الفوري» لإطلاق النار في قطاع غزة، وسط تطلع لصفقة تُنهي الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي جنود يحملون جثمان جندي قُتل في شمال غزة خلال تشييعه في بلدته بشمال إسرائيل يوم 3 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

نحو ربع جنود الاحتياط في جيش إسرائيل يتهربون من الخدمة

اعترف الجيش الإسرائيلي بأن نسبة التجاوب مع استدعاء جنود الاحتياط هبطت بنسبة من 15 إلى 25 في المائة أخيراً، بعدما كانت نحو 100 في المائة في بداية الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نعيم قاسم أمام خيارَي «الثمن الباهظ» و«الخذلان»

أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
TT

نعيم قاسم أمام خيارَي «الثمن الباهظ» و«الخذلان»

أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)

يؤكد «حزب الله» أنه استجمع أنفاسه، واستعاد توازنه، وعاد إلى ساحة المعركة بعد كارثة أجهزة الاتصالات «البيجر» (Pagers) التي أدّت إلى مقتل أو جرح آلاف من عناصره. هذا ما شدّد عليه أخيراً الأمين العام الجديد لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم.

يعود الحزب اليوم إلى ساحة المعركة من حيث أثبت وجوده تاريخيّاً، أي من جنوب لبنان، حيث أغرق إسرائيل في حرب استنزاف، وأرغمها على الانسحاب من الأراضي اللبنانية عام 2000، وهو يذهب الآن إلى معركة الجنوب بعدما خسر العمق الاستراتيجيّ، سواءً كان في بيئته أو في بنيته، أو حتى في قدراته العسكريّة، فالضاحية الجنوبيّة لبيروت أصبحت ركاماً. بعلبك ومحيطها في شرق لبنان لم يعودا كما كانا، قاعدة خلفية للحزب ومفتاح «الممرّ السوري» لوصول الدعم الإيراني، عبر العراق بالطبع، كما أن سوريا نفسها، حيث للحزب قواعد خلفية مهمة، تغيّرت بدورها في ظل الضربات الإسرائيلية المتكررة التي طالت حتى الداخل الإيرانيّ مرّتين في الشهور الماضية.

أعلن الشيخ نعيم قاسم برنامجه في قيادة «حزب الله»، وهو برنامج الأمين العام السابق. في هذا البرنامج لا تزال الأهداف القديمة كما كانت، من «جبهة الإسناد» لغزّة، إلى تحرير الأرض، إلى ضرب المشروعَين الإسرائيلي والأميركيّ في المنطقة. بكلام آخر، لا يزال المشروع كبيراً، لكن وسائله لم تَعُد كما كانت، فغزّة لم تَعُد كما كانت عندما كانت حركة «حماس» في أوج قوّتها، كما أن هناك من يعتقد أن جبهتَي غزة ولبنان لم تعودا مترابطتين كما كانتا عندما أطلق «حزب الله» جبهة الإسناد في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.

مناصر لـ«حزب الله» يجول بين ركام ناتج من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية (أ.ب)

لا يعتقد الأمين العام الجديد للحزب أن القرارات الدوليّة وحدها قادرة على تحرير الأرض، لكنه يطرح في المقابل خيار العودة إلى وقف النار، وتطبيق القرارات الدوليّة، وفي طليعتها القرار 1701.

وبذلك يمزج الأمين العام الجديد لـ«حزب الله» بين تأكيد قدرات مقاتليه على التصدي لإسرائيل، وإظهار ليونة سياسية فيما يخص وقف الحرب.

والواقع أن قاسم سيُقارَن دوماً بسلفه الراحل حسن نصر الله، حيث كان نائبَه لأكثر من 3 عقود، والمقارنة هنا لا تشمل فقط المزايا الشخصية لكل من الرجلين، بل تمتد إلى مواقفهما السياسية، فلو غيَّر قاسم الموقف من قضايا كان يتمسّك بها الأمين العام السابق، فإن هناك من سيَعُدّه متخاذلاً، وإن تمسّك بها على الرغم من قدرته على تحقيقها، فإنه قد يكلّف حزبه ومجتمعه أثماناً باهظة.

يقول بعض الخبراء إن «حزب الله» كان قد وصل قبل الحرب على غزةّ إلى نقطة الذروة في صعوده (Overextension) ونمّو قوّته التي تراجعت كثيراً اليوم، بحسب ما تؤكد إسرائيل في إعلاناتها المتكررة عن قتل قادته، وتدمير مخازن أسلحته، وهناك من يعتقد أن «حزب الله» بات اليوم مع الأمين العام الجديد ورقة مساومة بين اللاعبين الكبار، فهل أُعيد «حزب الله» إلى حجمه الطبيعي؟

أثر الحرب

وسواءً عاد الحزب إلى حجمه الطبيعي أم لا، فإن نتيجة الحرب الحالية ستترك آثاراً كبيرة على المجتمع اللبناني، فإن ربح الحزب الحرب فإنه سيبقى بمثابة دولة ضمن دولة، وسيكون مسيطراً عليها ربما أكثر من قبل. أما خسارته الحرب فإنها ستقذف إلى حضن الدولة اللبنانية، المتعددة الأديان والمذاهب، مجتمعاً مقاتلاً ومؤدلَجاً، ولاءُ شريحة منه على الأقل ولاءٌ عابر للحدود.

فكيف ستتعاطى الدولة مع مقاتلي «حزب الله»؟ هل ستشكّل وحدة خاصة منهم؟ وما هي مهمتهم؟ وهل سيؤثرون على ترابُط ولُحمة وحدات الجيش اللبناني؟ أين سينتشرون؟ وهل يعني الانسحاب خلف نهر الليطاني، بحسب القرار الأممي 1701، نزعاً لسلاح الحزب؟ بالطبع لا، فالقرار لا يتضمّن بند نزع السلاح.

في الختام، تمرّ المنطقة حالياً بمرحلة جديدة ومختلفة، الأمر الذي غيّر كل معادلات استعمال القوّة العسكريّة، فهل يملك ما تبقّى من الدولة اللبنانية سلطةَ التفاوض حينما يكون قرار المعركة ليس بيدها؟