اتهامات وتحقيقات في إسرائيل بعد كمين «مركبة النمر»

ضباط متقاعدون وحاليون: ما يحدث في رفح عار يزلقنا نحو فقد المبادرة

الدخان يتصاعد بالقرب من مخيم مؤقت للفلسطينيين النازحين بمنطقة تل السلطان في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد بالقرب من مخيم مؤقت للفلسطينيين النازحين بمنطقة تل السلطان في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اتهامات وتحقيقات في إسرائيل بعد كمين «مركبة النمر»

الدخان يتصاعد بالقرب من مخيم مؤقت للفلسطينيين النازحين بمنطقة تل السلطان في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد بالقرب من مخيم مؤقت للفلسطينيين النازحين بمنطقة تل السلطان في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

لم تهدأ في إسرائيل بعد العاصفة التي أعقبت مقتل 8 جنود دفعة واحدة في مركبة «النمر» المدرعة التي تحولت مقبرةً للجنود في رفح بدل أن تكون حاميتهم المفضلة. وأعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل جنود إضافيين في مدينة رفح وأيضاً في شمال قطاع غزة؛ ليرتفع بذلك عدد الذين قُتلوا يوم السبت إلى 12 جندياً، في أعلى حصيلة قتلى للجنود الإسرائيليين في يوم واحد منذ أكثر من 6 أشهر.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أكد مقتل ثمانية جنود إسرائيليين، بينهم ضابط في تفجير ناقلة جند من طراز «نامير» (النمر) في حي تل السلطان في رفح، وأظهرت التحقيقات الأولية أن المركبة التي أقلت الجنود ضمن قافلة نحو الساعة 5 صباحاً بعد هجوم ليلي ضد «حماس» في المناطق الشمالية - الغربية من حي تل السلطان، كانت متجهة إلى المباني التي سيطر عليها الجيش كي تتمكن القوات من أخذ قسط من الراحة بعد العملية الليلية. وكانت مركبة «النمر» هي الخامسة أو السادسة في طابور القافلة، وفي لحظة معينة تعرّضت لانفجار كبير ناجم عن قنبلة زُرعت مسبقاً أو عبوة ناسفة وضعت مباشرة على المركبة أو صاروخ مضاد للدبابات.

جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش يحقق

وجاء الحادث بعد 6 أشهر من الحادث الأكثر دموية بالنسبة للجيش الإسرائيلي في شهر يناير (كانون الأول)، حين قُتل 21 جندياً في انفجار أعقب إطلاق «حماس» صاروخ «آر بي جي» الذي أدى إلى انهيار مبنيين. وفي حين أعرب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن حزنه العميق لمقتل الجنود، قال وزير الدفاع يواف غالانت إن الألم كبير.

ويحقق الجيش الإسرائيلي فيما حدث بعد إعلان «حماس» أنها نفذت عملية مركّبة، وقتلت كل الجنود في «مركبة النمر»، تحولت القضية في إسرائيل مثار جدل كبير وفرصة لإطلاق التحذيرات والاتهامات كذلك. والهجوم الذي نفذته «حماس» على مركبة «النمر» يضاف عملياً إلى سجل الكوارث المتعلقة بناقلات الجنود المدرعة منذ بداية الحرب.

ويأتي هذا الحادث ضمن سلسلة من الأحداث الخطيرة التي وقعت خلال الحرب وحوّلت «النمر» «فخاً للموت»؛ ما أًثار أسئلة صعبة حول مدى التزام الجيش الإسرائيلي بإجراءات السلامة والتكتيكات الميدانية لجنوده. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الجيش فتح تحقيقاً للتأكد من أن جميع البروتوكولات قد تم اتباعها لتجنب مثل هذه الكوارث في المستقبل.

وتمثل ناقلة الجنود المدرعة «النمر» نسخة محسنة من مركبة «ميركافا» المدرعة، وتم تطويرها في إسرائيل، ويمكن أن تحمل 10 مقاتلين، وهي تتمتع بقدرات هندسية مثل وسائل اختراق حقول الألغام.

فلسطينيون يسيرون بالقرب من أنقاض المنازل المُدمَّرة في غزة (رويترز)

«نمط القتال معيب»

ولا يتعلق الجدل حول «النمر» فقط، بل انتقل إلى الحرب نفسها؛ إذ قال تقرير لموقع «واللا» الإسرائيلي إن عدداً كبيراً من ضباط الاحتياط في الجيش وجهوا انتقادات لاذعة للقيادة السياسية في أعقاب مقتل جنود مركبة «النمر». وقال أحد الضباط إن «نمط القتال في رفح معيب، وكان ينبغي أن تسير العمليات العسكرية بطريقة أسرع وأكثر حسماً».

وقال ضابط آخر إن هناك «شعوراً بين كبار ضباط الاحتياط في الجيش بأنه لا يوجد هدف واضح للكثير من المهام في غزة». كما نقل المراسلون العسكريون شكاوى ضباط كبار في الجيش ينتقدون سلوك أصحاب القرار على المستويين السياسي والأمني.

وقال مراسل «القناة 14 إنه سمع «أكثر من مرة من ضباط كبار، انتقادات لسلوك أصحاب القرار على المستويين السياسي والأمني، لكن ما سمعته الليلة مختلف تماماً؛ إذ أصبح الأمر يتعلق بأزمة ثقة كبيرة وبغضب وإحباط حقيقيين قد يتطوران في الأيام المقبلة إلى مستويات معقدة». كما عالج تقرير على موقع «واي نت» الإسرائيلي الضغوط الكبيرة على الجيش التي تتمثل في العبء غير العادي والتحديات الفنية والإدارية.

جنود إسرائيليون بمخيم الفارعة للاجئين بالقرب من طوباس في الضفة الغربية (رويترز)

3 جبهات تغلي

وحذّرت الصحيفة من أن الوضع على وشك الغليان والانهيار مع عبء الاحتياطيات على الجمهور وتكاليف المعيشة والمهمات في ثلاثة قطاعات تغلي، وهي غزة، وشمال إسرائيل على الحدود اللبنانية، والضفة الغربية. وقالت إن «استنزاف الألوية النظامية لمدة ثمانية أشهر متتالية يحتاج إلى معالجة عاجلة قبل أن نخاطر بقواتنا. فإذا لم نعد إلى رشدنا ونتعامل مع هذه المشاكل، فقد نجد أنفسنا في حروب أكثر قسوة مع جيش ضعيف ومجتمع محطم». وتابعت الصحيفة قائلة: «هذا إنذار حقيقي يتطلب استجابة فورية وفعالة من الحكومة والقادة العسكريين لضمان أمن الدولة ومستقبلها».

وفي مرحلة لاحقة انضم جنرالات متقاعدون لمهاجمة الحكومة وسياستها في غزة. وقال اللواء الاحتياط المتقاعد في الجيش الإسرائيلي، إسحاق بريك الذي يلقب بـ«نبي الغضب» إن «الحرب في غزة فقدت غايتها، وهي مستمرة فقط من أجل مصلحة نتنياهو».

واعتبر بريك أن قدرة الجيش تقلصت في 20 عاماً حتى بات لا يمكنه الانتصار على حركة مثل «حماس».

وأضاف: «ما يجري في رفح عار، فنحن لا نقاتل (حماس) بشكل فعلي، بل هم يفخخون الطرقات ونحن نُقتل». وحذّر بريك من هزيمة استراتيجية قائلاً: «إننا أمام هزيمة استراتيجية لم نشهدها منذ تأسيس البلاد». وساند اللواء المتقاعد يسرائيل زيف، زميله بريك قائلاً إن «الحرب تنتقل الآن إلى أخطر مراحلها، وإسرائيل تنزلق ببطء نحو فقد المبادرة وحرب استنزاف».


مقالات ذات صلة

هل تلجم «مصلحة الجميع» نيّات توسعة الحرب في لبنان؟

تحليل إخباري المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت 18 يونيو الحالي (أ.ب)

هل تلجم «مصلحة الجميع» نيّات توسعة الحرب في لبنان؟

قبل أيام زار هوكستين، عراب الاتفاق اللبناني - الإسرائيلي، تل أبيب وبيروت في مسعى لمنع تحول المواجهة من جبهة محدودة في جنوب لبنان إلى مواجهة مفتوحة.

مالك القعقور (لندن)
شؤون إقليمية حقل الغاز الطبيعي البحري الإسرائيلي «تمار» في الصورة أمام عسقلان قرب ساحل غزة (رويترز)

اتحاد المصنّعين الإسرائيليين: سنُغلق منصّات الغاز إذا نشبت حرب مع «حزب الله»

قال رون تومر، رئيس اتحاد المصنّعين في إسرائيل، إنه سيتم وقف تشغيل كل منصّات استخراج الغاز الطبيعي في المياه الإسرائيلية؛ لحمايتها في حال نشوب حرب مع «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري تؤكد إيران أنها ستتدخل مباشرة في القتال حال قيام إسرائيل بتوسعة الحرب ضد «حزب الله» (أرشيف «الشرق الأوسط»)

تحليل إخباري واشنطن توكل لباريس التواصل مع طهران لمنع التصعيد في جنوب لبنان

أكد مصدر دبلوماسي غربي أن واشنطن أوكلت إلى باريس مهمة التواصل مع إيران وحليفها «حزب الله» لإعادة الهدوء إلى جبهة جنوب لبنان ومنع توسعة الحرب بين الحزب وإسرائيل.

محمد شقير (بيروت)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يتحدث في مؤتمر صحافي بمقر حلف شمال الأطلسي (الناتو) ببروكسل 14 يونيو 2024 (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي: نسعى لاتفاق دبلوماسي يمنع الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن الولايات المتحدة تسعى بشكل عاجل للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي يسمح للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة لمنازلهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية تظهر هذه الصورة الملتقطة من الحدود الجنوبية لإسرائيل مع قطاع غزة جنوداً إسرائيليين يصلحون جنزير دبابة في 18 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

موجة رفض داخل الجيش الإسرائيلي للخدمة العسكرية في غزة

كشف النقاب عن موجة رفض للخدمة العسكرية في غزة بدأت تنتشر في الجيش الإسرائيلي، وتشمل مئات الجنود والضباط في الاحتياط.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

أميركا وإسرائيل تبحثان «ترتيبات مع حزب الله»


الدخان يتصاعد من بلدة الخيام في جنوب لبنان أمس وسط تصاعد القتال بين «حزب الله» وإسرائيل (رويترز)
الدخان يتصاعد من بلدة الخيام في جنوب لبنان أمس وسط تصاعد القتال بين «حزب الله» وإسرائيل (رويترز)
TT

أميركا وإسرائيل تبحثان «ترتيبات مع حزب الله»


الدخان يتصاعد من بلدة الخيام في جنوب لبنان أمس وسط تصاعد القتال بين «حزب الله» وإسرائيل (رويترز)
الدخان يتصاعد من بلدة الخيام في جنوب لبنان أمس وسط تصاعد القتال بين «حزب الله» وإسرائيل (رويترز)

تسعى المحادثات الدبلوماسية لمنع تمدد الصراع بالتزامن مع تصاعد وتيرة التهديدات بين إسرائيل و«حزب الله». ويأتي هذا في حين تناقش إسرائيل مع مسؤولين أميركيين احتمال التوصل إلى «ترتيبات» مع «حزب الله»، لم تستبعد فيه الحل الدبلوماسي، بموازاة استعدادات عسكرية تشمل سلاح الجو «لأي هجوم على لبنان».

وحذّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أمس (الثلاثاء)، خلال لقاء مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت من أن نزاعاً جديداً بين إسرائيل و«حزب الله» من شأنه أن يُشعل حرباً إقليمية، داعياً إلى حلّ دبلوماسي. وقال أوستن: «يمكن بسهولة أن تتحول حرب جديدة بين إسرائيل و(حزب الله) إلى حرب إقليمية مع عواقب وخيمة على الشرق الأوسط»، مضيفاً أن «الدبلوماسية هي أفضل وسيلة لمنع مزيد من التصعيد».

وفي مستهلّ الاجتماع، قال غالانت: «نعمل معاً بشكل وثيق للتوصل إلى اتفاق، لكن علينا أيضاً مناقشة الاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة».

وفي بيروت، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن «الوضع على الخط الأزرق دقيق والمخاطر قائمة، من هنا ينبغي التعاون بين كل الأطراف لخفض التصعيد والتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة بما ينعكس حكماً وقفاً لإطلاق النار في الجنوب اللبناني».