دمشق تعلن مصادرة كميات من المخدرات في 3 محافظات

وسط انتقادات بالتغافل عن الرؤوس الكبيرة

قوّة أمنية تفتش منزل مهرب بالسويداء (السويداء 24)
قوّة أمنية تفتش منزل مهرب بالسويداء (السويداء 24)
TT

دمشق تعلن مصادرة كميات من المخدرات في 3 محافظات

قوّة أمنية تفتش منزل مهرب بالسويداء (السويداء 24)
قوّة أمنية تفتش منزل مهرب بالسويداء (السويداء 24)

في الوقت الذي تنشط فيه المساعي الدبلوماسية العربية باتجاه دمشق، لحضها على تنفيذ مطالب لجنة الاتصال الوزارية العربية الخاصة بسوريا، أعلنت وزارة الدفاع السورية عن «ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة في 3 محافظات سورية، كانت في الطريق إلى دول الجوار»، وذلك بينما تنخرط القوات الحكومية بعملية تمشيط واسعة بمؤازرة سلاح الجو الروسي في عمق البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش».

وقالت وزارة الدفاع السورية في بيان، يوم الأحد، إن وحدة من القوات الحكومية اشتبكت مع مجموعة «إرهابية» في البادية السورية، وصادرت كميات كبيرة من المواد المخدرة بالقرب من الحدود السورية - الأردنية، وأسفرت العملية عن مقتل وجرح المجموعة.

صورة لمخدرات نشرتها وزارة الدفاع السورية على حساباتها ضمن حملة على تجار المخدرات

وتابعت: «بينما صادرت وحدة من قوات حرس الحدود السوري كميات كبيرة من المواد المخدرة، وألقت القبض على اثنين من المهربين كانا يحاولان تهريب المواد المخدرة باتجاه الحدود السورية الأردنية».

وفي محافظتي اللاذقية وحلب، جرى ضبط كميات كبيرة من المواد المخدّرة، وفق ما نقل التلفزيون الرسمي السوري عن ضبط أكثر من «طن ونصف من مادة الحشيش المخدّرة قبالة سواحل مدينة اللاذقية معدّة للتهريب إلى دول الجوار».

درون يحمل مخدرات قالت وزارة الدفاع السورية إنها أسقطته ضمن حملة على تجار المخدرات

بينما أفادت إذاعة «شام إف إم» المحلية نقلاً عن مصدر «خاص»، بضبط 5 ملايين حبة كبتاغون داخل أحد مكاتب الشحن في مدينة حلب. في عملية تُعد «الأكبر منذ بدء مكافحة المخدرات الواسعة التي تقوم بها الجهات المختصة في المحافظة».

بالتزامن مع ما سبق، أوقفت السلطات 11 شخصاً منهم 5 نساء بتهمة ترويج وتعاطي المخدرات في ريف دمشق، حيث عُثر بحوزتهم على كميات من مواد مخدرة.

معبر جابر الرسمي بين الحدود الأردنية السورية شهد محاولات تهريب للكبتاغون (أ.ف.ب)

مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الدول العربية تركز ضغوطها على دمشق لمعالجة ملف مكافحة المخدرات الذي يعد من أخطر الملفات التي تهدد أمن دول جوار سوريا، فبالإضافة إلى ضربه المجتمع بفئاته المتعددة، فهو مصدر تمويل أساسي للجماعات الإرهابية؛ لذلك فإن تحقيق تقدم على مسار التقارب العربي ومن ثم مسار إيجاد حل سياسي، مرتبط بإثبات دمشق جديتها في معالجة هذا الملف».

الاجتماع الوزاري العربي حول سوريا بعمّان في مايو 2023 (أ.ف.ب)

من جهته، علق «المرصد السوري» في تقرير، الاثنين، حول إعلان دمشق ضبط شحنات مخدرات كبيرة، أن الأجهزة الأمنية السورية «تتغافل عن رؤوس تجار المخدرات وكبارهم العاملين لصالح الميليشيات الموالية لإيران (الحرس الثوري) الإيراني و(حزب الله) اللبناني».

أضاف «المرصد» أنه «لا توجد رغبة حقيقية لدى النظام في مكافحة المخدرات؛ إذ لا توجد أية معطيات على أرض الواقع تثبت تراجع وتيرة تجارة المخدرات».

تجدر الإشارة إلى أنه منذ صدور بيان لجنة الاتصال الوزارية العربية الخاصة بسوريا التي انعقدت في عمان مايو (أيار) 2023، ارتفعت وتيرة التقارير الإعلامية الرسمية السورية حول عمليات مكافحة تهريب المخدرات وملاحقة متعاطي ومروجي المخدرات؛ لإظهار التزام دمشق ببيان عمان الهادف إلى التوصل لحل سياسي في سوريا، ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، والعمل على عودة طوعية وآمنة للاجئين والنازحين ومكافحة المخدرات.

الجانب الأردني يطالب دمشق بالعمل على حد نشاط المهربين بالقرب من الحدود مع الأردن، ومنذ مطلع العام، أحبط الجيش الأردني أكثر من 10 عمليات تهريب وقتل، واعتقل خلالها عشرات المهربين، وفق ما أفادت به «شبكة السويداء 24» المحلية، التي أكدت ما جاء أيضاً في بيان وزارة الدفاع السورية حول العملية التي جرى فيها إحباط شحنة مخدرات كان يقوم اثنان من أبناء العشائر بتهريبها إلى الأردن، يوم السبت الماضي.


مقالات ذات صلة

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
أوروبا ساحة بلازا دي كولون في إسبانيا (رويترز)

إسبانيا: العثور على 20 مليون يورو مخبأة بجدران منزل رئيس مكافحة الاحتيال السابق

اعتقلت السلطات الإسبانية الرئيس السابق لقسم مكافحة الاحتيال وغسل الأموال في الشرطة الوطنية الإسبانية، بعد العثور على 20 مليون يورو مخبَّأة داخل جدران منزله.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الأميركي روبرت وودلاند داخل قفص المحكمة (أ.ب)

رفض استئناف أميركي مدان بتهريب المخدرات في روسيا

تتهم واشنطن موسكو باستهداف مواطنيها واستخدامهم أوراق مساومة سياسية، بيد أن المسؤولين الروس يصرون على أن هؤلاء جميعاً انتهكوا القانون.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون صودرت شمال غربي سوريا أبريل 2022 (أ.ف.ب)

دمشق ترفع وتيرة القبض على شبكات ترويج المخدرات

تشهد سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في نشاط حملة مكافحة المخدرات التي تشنّها الحكومة على شبكات ترويج وتعاطي المخدرات في البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود من الجيش الأردني عند نقطة حدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل مهرب مخدرات في اشتباك مع حرس الحدود الأردني

قُتل مهرب مخدرات على الحدود الأردنية السورية في اشتباك بين حرس الحدود الأردني ومجموعة من مهربي المخدرات حاولوا التسلل إلى أراضي المملكة، اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (عمان)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية بالتوصل إلى وقف إطلاق النار، بتحديد العناوين الرئيسية لخريطة الطريق في مقاربته لمرحلة ما بعد عودة الهدوء إلى جنوب لبنان، بانسحاب إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها تمهيداً لتطبيق القرار الدولي «1701»، وتعد بأنها تأتي في سياق استعداد الحزب للعبور من الإقليم -أي الميدان- إلى الداخل اللبناني عبر بوابة الطائف.

فالبنود التي حددها قاسم في مقاربته لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار تنم، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، عن رغبته في إضفاء اللبننة على توجهات الحزب وصولاً إلى انخراطه في الحراك السياسي، في مقابل خفض منسوب اهتمامه بما يدور في الإقليم في ضوء تقويمه لردود الفعل المترتبة على تفرُّده في قرار إسناده لغزة الذي أحدث انقساماً بين اللبنانيين.

وتعدّ المصادر أنه ليس في إمكان الحزب أن يتجاهل الوقائع التي فرضها قرار إسناده لغزة، وأبرزها افتقاده لتأييد حلفائه في «محور الممانعة»، وكاد يكون وحيداً في المواجهة، وتؤكد أن تفويضه لرئيس المجلس النيابي، نبيه بري، للتفاوض مع الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، وتوصلهما إلى التوافق على مسوّدة لعودة الهدوء إلى الجنوب، يعني حكماً أنه لا مكان في المسوّدة للربط بين جبهتي غزة والجنوب وإسناده لـ«حماس».

انكفاء الحزب

وتلفت المصادر نفسها إلى أن عدم اعتراض الحزب على المسوّدة يعني موافقته الضمنية على إخلاء منطقة الانتشار في جنوب الليطاني والانسحاب منها، إضافة إلى أن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ صدور القرار «1701»، في آب (أغسطس) 2006، أصبحت بحكم الملغاة، أسوة بإنهاء مفعول توازن الرعب الذي كان قد أبقى على التراشق بينهما تحت السيطرة.

وتقول المصادر نفسها إنه لا خيار أمام الحزب سوى الانكفاء إلى الداخل، وإن ما تحقق حتى الساعة بقي محصوراً في التوصل إلى وقف إطلاق النار العالق سريان مفعوله على الوعود الأميركية، فيما لم تبقَ الحدود اللبنانية - السورية مشرّعة لإيصال السلاح إلى الحزب، بعدما تقرر ضبطها على غرار النموذج الذي طبقه الجيش على مطار رفيق الحريري الدولي، ومنع كل أشكال التهريب من وإلى لبنان، إضافة إلى أن وحدة الساحات كادت تغيب كلياً عن المواجهة، ولم يكن من حضور فاعل لـ«محور الممانعة» بانكفاء النظام السوري عنه، رغبة منه بتصويب علاقاته بالمجتمع الدولي، وصولاً إلى رفع الحصار المفروض عليه أميركياً بموجب قانون قيصر.

لاريجاني

وفي هذا السياق، تتوقف المصادر أمام ما قاله كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، لوفد من «محور الممانعة» كان التقاه خلال زيارته إلى بيروت: «إيران ترغب في إيصال المساعدات إلى لبنان لكن الحصار المفروض علينا براً وبحراً وجواً يمنعنا من إرسالها، ولم يعد أمامنا سوى التأكيد بأننا شركاء في إعادة الإعمار».

وتسأل ما إذا كان التحاق الحزب بركب «اتفاق الطائف»، الذي هو بمثابة ملاذ آمن للجميع للعبور بلبنان إلى بر الأمان، يأتي في سياق إجراء مراجعة نقدية تحت عنوان تصويبه للعلاقات اللبنانية - العربية التي تصدّعت بسبب انحيازه إلى «محور الممانعة»، وجعل من لبنان منصة لتوجيه الرسائل بدلاً من تحييده عن الصراعات المشتعلة في المنطقة؟ وهل بات على قناعة بأنه لا خيار أمامه سوى التوصل إلى وقف إطلاق النار، رغم أن إسرائيل تتمهل في الموافقة عليه ريثما تواصل تدميرها لمناطق واسعة، وهذا ما يفتح الباب للسؤال عن مصير الوعود الأميركية، وهل توكل لتل أبيب اختيار الوقت المناسب للإعلان عن انتهاء الحرب؟

تموضع تحت سقف «الطائف»

ولم تستبعد الدور الذي يعود لبري في إسداء نصيحته للحزب بضرورة الالتفات إلى الداخل، والتموضع تحت سقف «اتفاق الطائف»، خصوصاً أن المجتمع الدولي بكل مكوناته ينصح المعارضة بمد اليد للتعاون معه لإخراج لبنان من أزماته المتراكمة.

وتقول إن الحزب يتهيب التطورات التي تلازمت مع إسناده لغزة، وتسأل هل قرر إعادة النظر في حساباته في ضوء أن رهانه على تدخل إيران لم يكن في محله؛ لأن ما يهمها الحفاظ على النظام وتوفير الحماية له، آخذة بعين الاعتبار احتمال ضعف موقفها في الإقليم؟

لذلك فإن قرار الحزب بأن يعيد الاعتبار للطائف، يعني أنه يبدي استعداداً للانخراط في الحراك السياسي بحثاً عن حلول لإنقاذ لبنان بعد أن أيقن، بحسب المصادر، بأن فائض القوة الذي يتمتع به لن يُصرف في المعادلة السياسية، وأن هناك ضرورة للبحث عن القنوات المؤدية للتواصل مع شركائه في البلد، وأولهم المعارضة، مع استعداد البلد للدخول في مرحلة سياسية جديدة فور التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، ليأخذ على عاتقه تنفيذ ما اتُّفق عليه لتطبيق الـ«1701».

وعليه لا بد من التريث إفساحاً في المجال أمام ردود الفعل، أكانت من المعارضة أو الوسطيين، على خريطة الطريق التي رسمها قاسم استعداداً للانتقال بالحزب إلى مرحلة سياسية جديدة، وهذا يتطلب منه عدم الاستقواء على خصومه والانفتاح والتعاطي بمرونة وواقعية لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، واستكمال تطبيق «الطائف»، في مقابل معاملته بالمثل وعدم التصرف على نحو يوحي بأنهم يريدون إضعافه في إعادة مؤسسات البلد، بذريعة أن قوته اليوم لم تعد كما كانت في السابق، قبل تفرده في إسناده لغزة، وما ترتب عليها من تراجع للنفوذ الإيراني، بالتلازم مع عدم فاعلية وحدة الساحات التي تتشكل منها القوة الضاربة لـ«محور الممانعة» الذي لم يكن له دور، ولو بحدود متواضعة، بتوفير الدعم للحزب كونه أقوى أذرعته في الإقليم، وبالتالي هناك ضرورة لاحتضانه لاسترداده إلى مشروع الدولة.