موقف الاتحاد الأوروبي يُفاقِم أزمة لبنان مع النازحين السوريين

عَدَّ شروط عودتهم الآمنة والطوعية غير متوفرة

تصريحات لويس ميغيل بوينو الناطق الرسمي باللغة العربية في الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أثارت استياء السلطات اللبنانية (تصوير: سعد العنزي)
تصريحات لويس ميغيل بوينو الناطق الرسمي باللغة العربية في الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أثارت استياء السلطات اللبنانية (تصوير: سعد العنزي)
TT

موقف الاتحاد الأوروبي يُفاقِم أزمة لبنان مع النازحين السوريين

تصريحات لويس ميغيل بوينو الناطق الرسمي باللغة العربية في الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أثارت استياء السلطات اللبنانية (تصوير: سعد العنزي)
تصريحات لويس ميغيل بوينو الناطق الرسمي باللغة العربية في الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أثارت استياء السلطات اللبنانية (تصوير: سعد العنزي)

أدت مواقف الاتحاد الأوروبي إلى تعميق أزمة لبنان مع النازحين السوريين، خصوصاً بعد التصريح الأخير للناطق باسم الاتحاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لويس ميغيل بوينو، الذي أكد فيه أنّ «الاتحاد الأوروبي يتفق مع الأمم المتحدة على أن شروط العودة الآمنة والطوعية والكريمة ليست موجودة الآن». ورفض بوينو ما سماها «السرديات» التي «تدّعي أن النازحين السوريين في بعض البلدان هم أنفسهم المشكلة»، مؤكداً أنهم «ضحايا الصراع في سوريا».

ولم يأخذ هذا الموقف في الحسبان رأي الدولة اللبنانية الذي عبّر عنه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب في بروكسل قبل أيام، والذي شدد على «إعادة النازحين إلى بلادهم بشكل سريع»، وأعاد التذكير بأن «لبنان بلد عبور، وليس بلد لجوء».

شرف الدين: توزيع عادل للنازحين

رأى وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين أن «أي مقاربة في موضوع النازحين يجب أن تشمل البروتوكولات الدولية والقانون المحلّي الذي يتماهى مع المعاهدات الدولية التي وقَّع عليها لبنان». وقال شرف الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان «يتمسك بالموقف الذي عبَّر عنه وزير الخارجية في مؤتمر بروكسل، حيث طالب بتقاسم الأعباء، أي بالتوزيع العادل للنازحين على دول العالم المنتمية إلى الأمم المتحدة، كما طالب بتسليم داتا المعلومات الخاصة بالنازحين»، مشيراً إلى أن لبنان «يصرّ على عودة النازحين إلى بلادهم أو ترحيلهم إلى بلد ثالث». ويرفض لبنان الرسمي رفضاً مطلقاً ربط ملف النزوح بالحلّ السياسي في سوريا.

وشدد وزير شؤون المهجرين على «ضرورة إعادة بناء المناطق والبلدات المدمرة في سوريا، لتصبح صالحة للسكن، ويعود أصحابها إليها»، داعياً إلى «فصل السياسة عن ملف النازحين، وعدم ربط عودتهم بتغيير النظام داخل سوريا»، مشدداً على أهمية «تسهيل القوافل البحرية الشرعية إلى 194 دولة عضواً في الأمم المتحدة». ورأى أنه «لا بد من تشكيل لجنة ثلاثية بين لبنان وسوريا ومفوضية اللاجئين لحلّ هذه الأزمة، ورفع العقوبات عن سوريا لأنها تشكل عائقاً أساسياً أمام عودتهم».

الصائغ: عواقب وخيمة على لبنان

بينما تتفق كلّ الأطراف اللبنانية على حتميّة حلّ مشكلة النزوح، بخلاف الموقف الدولي منها، لا يرى الباحث في السياسات العامة واللجوء والهجرة، زياد الصائغ، جديداً في تصريح الاتحاد الأوروبي الذي يربط عودة النازحين بالحلّ السياسي وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، لكنه دعا إلى «التنبه إلى أن استدامة أزمة اللاجئين في لبنان تنذر بعواقب وخيمة على لبنان على المستويين الإقليمي والدولي». وأكد الصائغ لـ«الشرق الأوسط» أن «مقاربات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تصبّ في صالح معالجة العوارض لا الأسباب، وبهذا المعنى يجب أن ينتهج لبنان مساراً دبلوماسياً متعاوناً مع الاتحاد الأوروبي، يطرح فيه بدقة عوائق العودة التي تفرضها قوى الأمر الواقع في سوريا ضمن التحالف الروسي الإيراني مع نظام بشار الأسد»، مطالباً بـ«ضرورة الذهاب باتجاه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأن نأخذ في الحسبان اختراق المسار الدبلوماسي المعطل في جنيف، ومحاولة الدفع نحو تحريكه بالتزامن مع توجه لبنان نحو جامعة الدول العربية، التي شكلت مجموعة الـ5+ 1، وناقشت مشكلات أساسية مع النظام السوري، منها وقف تصدير الممنوعات، وإعادة اللاجئين إلى بلادهم، وبدا واضحاً أن النظام السوري لم يلتزم بأي شيء مما تعهد به».

مسؤولية «حزب الله»

أضاف الصائغ: «نحن أمام أزمة معقدة، أحد عناصرها الحل السياسي في سوريا وفق القرار 2254، وتفعيل المسار الإقليمي من خلال جامعة الدول العربية»، ورأى أن «ما تحذر المنظومة السياسية في لبنان من الحديث عنه هو أن فريقاً لبنانياً؛ أي (حزب الله)، يحتل جزءاً من سوريا، خصوصاً خلف الحدود الشرقية والشمالية المتاخمة للبنان، وأن خروج الحزب مع الميليشيات الشيعية منها يسهل عودة هؤلاء النازحين، على أن تكون العودة ممأسسة وممرحلة، بالتنسيق مع مفوضية اللاجئين، وبضمانات أمنية وقانونية واجتماعية».

المعارضة: النظام السوري يمنع العودة

في ذروة التجاذب السياسي حول هذا الملف، تحمّل المعارضة اللبنانية النظام السوري مسؤولية عدم عودة النازحين إلى بلادهم. وكشف مصدر نيابي في قوى المعارضة لـ«الشرق الأوسط» أن «نحو 1100 نازح سوري ممن عادوا طوعاً إلى بلداتهم، أعيدوا إلى لبنان بقرار رسمي من النظام، وأن 400 منهم فقط قبلت عودتهم»، لافتاً إلى أن النظام «يصنّف أغلب النازحين بأنهم غير مرغوب بهم، ويشكلون خطراً أمنياً وديموغرافياً على بقائه».

وفي هذا الصدد يقول زياد صائغ، إنه ما دام النظام السوري يلقي بتبعة هذه المشكلة على دول الجوار فإنني «أخشى أن يكون لبنان قد دخل في مرحلة الخطر الوجودي والكياني، لكن هذه الخشية قائمة عند البعض على اعتماد المسار الشعبوي والارتجالي في معالجة العوارض لا الأسباب، وأيضاً عدم اندفاع الدولة اللبنانية لتطبيق القوانين المرعية الإجراء كما يجب، في ظل التعطيل الكامل للمؤسسات»، مؤكداً أن «ما حمله الوفد الدبلوماسي اللبناني إلى بروكسل يفتقد إلى رؤية السياسات العامة، ويفتقد إلى الدبلوماسية المبادِرة».

وشدد الصائغ على أن «خطيئة الاتحاد الأوروبي هي عدم الانخراط في تزخيم الحل السياسي وتسريعه، وخطيئة منظومة الأمر الواقع في لبنان أنها تتعاطى بشكل موسمي مع هذه المسألة، وفي تقديري أنها تطلب زيادة حجم الدعم المالي أكثر مما تطلب تسهيل العودة، ناهيك عن مسار الابتزاز الذي تنتهجه قوى الممانعة بالدعوة لرفع العقوبات عن النظام السوري، وإلا تفعيل الهجرة غير النظامية عبر البحر».


مقالات ذات صلة

تجمّع سكني لـ«حزب الله» في شرق لبنان يطرح تساؤلات أمنية وسياسية

المشرق العربي لبنانيون يعودون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 نوفمبر 2024 إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (أرشيفية - إ.ب.أ)

تجمّع سكني لـ«حزب الله» في شرق لبنان يطرح تساؤلات أمنية وسياسية

تقدمت النائبة غادة أيوب بسؤال إلى الحكومة «حول قيام (حزب الله) بإنشاء هذا المجمع خارج أي إجراء رسمي واضح» في وقت لا تزال فيه المعلومات بشأنه ساكنيه غير واضحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

تشهد الساعات الأخيرة من عام 2025 حراكاً سياسياً يتمحور بشكل أساسي حول تحييد لبنان جولة جديدة من الحرب واستكمال خطة حصرية السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

أدلة جديدة تعزز فرضية خطف «الموساد» الضابط اللبناني المتقاعد أحمد شكر

يوماً بعد يوم، تتعزز الأدلة المستقاة من التحقيقات الأمنية والقضائية التي ترجّح خطف جهاز «الموساد» الإسرائيلي النقيب اللبناني المتقاعد أحمد شكر.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)

رئيس الحكومة اللبنانية مدافعاً عن قانون الانتظام المالي: سيعيد أموال المودعين

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي الذي أقره مجلس الوزراء سيدفع أموال المودعين من دون نقصان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس جوزيف عون مستقبلاً وفداً من قيادة الجيش بقيادة العماد رودولف هيكل (رئاسة الجمهورية)

عون: المؤسسات العسكرية والأمنية تشكل خط الدفاع الأول عن لبنان

أكد رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون أن المؤسسات العسكرية والأمنية تشكّل خط الدفاع الأول عن لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)

بدأت الحكومة الإسرائيلية سحب تصاريح منظمات إنسانية دولية تعمل في مناطق قطاع غزة والضفة الغربية، بذريعة عدم استكمال إجراءات التسجيل المطلوبة، لممارسة أي أنشطة لها داخل تلك المناطق.

وقالت الحكومة الإسرائيلية إنها ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية منها «أطباء بلا حدود» و«أكشن إيد»، بدعوى «صلتها بالإرهاب»، زاعمة أن تلك المنظمات الإنسانية توظف فلسطينيين ضالعين فيما تصفها بـ«الأنشطة الإرهابية».

وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء، بأن السلطات الإسرائيلية أرسلت بالفعل إخطارات إلى أكثر من 12 منظمة إنسانية دولية، بأن التصاريح الممنوحة لها للعمل داخل قطاع غزة والضفة الغربية، سيتم إلغاؤها بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، وأنه يجب إنهاء أنشطتها بالكامل في الأول من مارس (آذار) المقبل.

جنود إسرائيليون أمام مقر رئاسة «الأونروا» في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وادعت السلطات الإسرائيلية أن قسماً من تلك المنظمات رفض تقديم قوائم كاملة بأسماء الموظفين الفلسطينيين العاملين فيها لإجراء فحص أمني بشأنهم، مدعيةً أن فحصاً أمنياً لموظفين يعملون في منظمة «أطباء بلا حدود» أظهر تورط بعضهم في «نشاطات إرهابية»، حيث تم في يونيو (حزيران) 2024، تصفية ناشط في «الجهاد الإسلامي» كان يعمل لدى المنظمة، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، تم الكشف عن موظف آخر يعمل قناصاً لصالح حركة «حماس»، وفقاً لذات الصحيفة.

ويقود هذه الخطوة فريق وزاري مشترك برئاسة وزراء شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية، الذي أرسل الخطابات الرسمية لتلك المنظمات، ومن بينها منظمة «أطباء بلا حدود».

وكانت الحكومة الإسرائيلية أمهلت المنظمات لاستيفاء المتطلبات حتى 9 سبتمبر الماضي، وتم تمديد القرار حتى 31 ديسمبر (كانون الثاني) الحالي.

وتزعم مصادر سياسية وأمنية إسرائيلية أنه «لا توجد نية لعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في قطاع غزة». ووفقاً للمصادر التي نقلت عنها وسائل إعلام عبرية، فإن «المنظمات التي سُحبت تراخيصها لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من إجمالي المساعدات، وأن الغالبية العظمى منها لا تزال تقدم عبر جهات أخرى وبوسائل خاضعة للرقابة».

موظفو منظمة «أطباء بلا حدود» في أثناء تنظيمهم مظاهرة يونيو الماضي في جنيف ضد عسكرة إمدادات المساعدات الإنسانية في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مكتب تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية إنه يتوقع أن تقود تلك المنظمات حملات «تضليلية تهدف لتشويه سمعة إسرائيل»، تدعي من خلالها أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، زاعماً أنه «لن يُلحق أي ضرر بنطاق المساعدات الإنسانية بعد تطبيق القانون».

وقال وزير شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية، عميحاي شيكلي: «أنا فخور بأن الحكومة قد فوضت وزارتي بقيادة الفريق المكلف بوضع حد للأنشطة المعادية لدولة إسرائيل تحت ستار المساعدات الإنسانية. الرسالة واضحة: المساعدات الإنسانية نعم، لكن استغلالها لأغراض إرهابية لا».

وفي الثاني والعشرين من الشهر الحالي، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، وهي إحدى أكبر المنظمات الطبية العاملة في غزة، من أن القواعد الإسرائيلية الجديدة لتسجيل المنظمات الدولية غير الحكومية قد تترك مئات آلاف الأشخاص في غزة من دون القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية المنقِذة للحياة بحلول عام 2026.

وقالت: «هذه المتطلبات الجديدة تهدّد بسحب تسجيل هذه المنظمات، ومن شأن عدم التسجيل هذا أن يحول دون تمكن منظمات، من بينها (أطباء بلا حدود)، من تقديم الخدمات الأساسية للناس في غزة والضفة الغربية».

ودعت المنظمة السلطات الإسرائيلية إلى ضمان تمكين المنظمات الدولية غير الحكومية من الحفاظ على استجابتها المستقلة وغير المتحيّزة في غزة والاستمرار فيها. فالاستجابة الإنسانية المقيّدة أساساً لا تحتمل مزيداً من التفكيك. كما قالت.


سوريا: توقيف 21 شخصاً على صلة بالأسد في اللاذقية بعد أعمال عنف

عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
TT

سوريا: توقيف 21 شخصاً على صلة بالأسد في اللاذقية بعد أعمال عنف

عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)

أوقفت السلطات السورية 21 شخصاً متهمين بالارتباط بحكم بشار الأسد في غرب البلاد، وفقاً للتلفزيون الرسمي، بعيد فرض حظر تجوّل في مدينة اللاذقية، غداة أعمال عنف شهدتها هذه المنطقة ذات الغالبية العلوية.

وشهدت أحياء ذات غالبية علوية أعمال عنف، الاثنين، غداة مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل جراء إطلاق نار أثناء مظاهرات شارك فيها الآلاف في محافظة اللاذقية دعت إليها مرجعية علوية؛ احتجاجاً على انفجار استهدف مسجداً في حي للطائفة بمدينة حمص، وقُتل اثنان منهم برصاص قوات الأمن.

وأورد التلفزيون السوري الرسمي أن «قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية» ألقت القبض «على 21 شخصاً من فلول النظام البائد متورطين بأعمال إجرامية، وتحريض طائفي، واستهداف قوات الأمن الداخلي».

وجاء الإعلان عن التوقيفات بعدما أفاد التلفزيون الرسمي بدخول حظر تجوّل أعلنته السلطات بدءاً من الساعة الخامسة عصراً وحتى السادسة صباح الأربعاء، حيّز التنفيذ في مدينة اللاذقية، وسط انتشار أمني كثيف.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الداخلية في بيان «فرض حظر تجوال» في المدينة «لا يشمل الحالات الطارئة، ولا الكوادر الطبية، ولا فرق الإسعاف والإطفاء»، بينما دعت السكان إلى «الالتزام التام بمضمون القرار والتعاون مع الوحدات المختصة».

وأفاد سكان في أحياء ذات غالبية علوية في مدينة اللاذقية بهجمات وأعمال نهب تخللها تخريب سيارات وممتلكات ليل الاثنين، قبل أن يعود الهدوء وتنتشر القوات الأمنية، حسب الإعلام الرسمي.

وأعرب من جهته المتحدّث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، الثلاثاء، عن رفض السلطات «المطلق لأي أعمال تخريبية أو اعتداءات تمس كرامة المواطنين أو ممتلكاتهم»، مضيفاً أن السلطات سوف تتخذ «الإجراءات القانونية اللازمة» بحقّ مرتكبيها.

وشدّد على أن وزارة الداخلية «لن تسمح بأي تصرفات عبثية أو خارجة عن القانون، مهما كانت المبررات»، مؤكداً «التزامها الكامل بحماية جميع المواطنين السوريين دون استثناء».

ويعدّ الهجوم على المسجد الذي أودى بحياة 8 أشخاص وتبنّته جماعة باسم «سرايا أنصار السنة»، الأحدث ضد الأقلية الدينية التي تعرضت لحوادث عنف عدة منذ سقوط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، المنتمي لهذه الطائفة، في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

وشهدت سوريا موجات دموية من العنف الطائفي، أبرزها في منطقة الساحل بحق مدنيين علويين في مارس (آذار)، بعدما اتهمت السلطات الجديدة في دمشق أنصاراً مسلحين للأسد بإشعال العنف من خلال مهاجمة قوات الأمن.


استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
TT

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

في وقت يستكمل فيه الجيش اللبناني عملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تطرح الأسئلة حول مصير سلاح حركة «حماس» في لبنان، وهي التي لا تزال ترفض تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية والاتفاق اللبناني - الفلسطيني في هذا الإطار.

وبلغ الاستياء الرسمي اللبناني من حركة «حماس» والفصائل الحليفة لها مستويات غير مسبوقة نتيجة رفضها تسليم سلاحها المتوسط والثقيل الموجود جنوب نهر الليطاني، وبالتحديد في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، علماً بأن المهلة التي حددها الجيش اللبناني لإنجاز المرحلة الأولى من قرار الحكومة «حصرية السلاح»، والتي تلحظ المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والحدود الإسرائيلية، تنتهي نهاية عام 2025.

ويفترض أن تعلن الحكومة في جلسة تعقدها مطلع عام 2026 إنجاز المرحلة الأولى وانتقالها لتطبيق المرحلة الثانية بمسعى منها لتجاوز التهديدات الإسرائيلية بشن جولة جديدة من الحرب «لمواجهة محاولات (حزب الله) إعادة بناء قدراته العسكرية».

وتشدُّد «حماس» وفصائل أخرى، يطرح علامات استفهام، لا سيما أن «حزب الله» رضخ وسلّم سلاحه جنوب الليطاني، ما يهدد سلامة واستقرار مخيم الرشيدية إذا قررت إسرائيل استهداف السلاح الموجود داخله، والذي يُعتقد أن بعضه متوسط وثقيل.

وساطات خارجية لمعالجة الملف

وكشف مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط» عن «طلب لبنان وساطات خارجية لمعالجة ملف سلاح (حماس)، وعن ممارسة هذه الدول ضغوطاً على الحركة لم تؤدِ غرضها حتى الساعة». واعتبرت مصادر مواكبة لهذا الملف أن تسليم «فتح» دفعة جديدة من السلاح من مخيم عين الحلوة، الثلاثاء، «هو بمثابة محاولة جديدة للضغط على (حماس) لتسليم سلاحها».

عنصر في الجيش اللبناني على مدخل مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت (إ.ب.أ)

ويعبّر رئيس لجنة الحوار اللّبناني - الفلسطيني السّفير رامز دمشقية بوضوح عن الاستياء الرسمي اللبناني من موقف حركة «حماس» والفصائل الحليفة لها، وطريقة تعاطيها مع هذا الملف.

وقال دمشقية، لـ«الشرق الأوسط»: «طالما هذه الفصائل تعلن أنها تحت سقف الدولة اللبنانية، فالمفروض بها أن تلتزم بقرارات الدولة، لا أن تلجأ للمراوغة من خلال ربط التسليم بملف الحقوق»، مضيفاً: «نعلم أن هناك حقوقاً ومطالب، ونحن نعمل على هذا الملف بجدية... لكننا نرفض أي مقايضة بين ملف وآخر».

ويرى دمشقية أنه «لا نفع أو جدوى من اجتماعات موسعة مع الفصائل»، معتبراً أن «المطلوب من (حماس) والفصائل الحليفة التواصل مع الجيش اللبناني لتحديد مواعيد لتسليم السلاح، تماماً كما فعلت فصائل منظمة التحرير».

وترفض حركة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وفصائل أخرى حليفة لها مقررات القمة اللبنانية - الفلسطينية، وترى أنه يفترض بالدولة اللبنانية حل الملف الفلسطيني في لبنان سلة واحدة؛ أي عدم إعطاء الأولوية للسلاح على الحقوق والمطالب الفلسطينية.

وتقول مصادر «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إنها «لا تزال تنتظر دعوة السفير دمشقية كل الفصائل للحوار بشأن ملف السلاح والملفات العالقة المرتبطة بالحقوق الفلسطينية والتفاهم على ورقة تشكل أرضية للحل»، لافتة إلى أنه «وفي اللقاء الأخير مع السفير دمشقية وعد بالدعوة لحوار مماثل، لكن ذلك لم يحصل ولم يتم توجيه أي دعوة».

جنود قرب مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان خلال عملية تسليم مجموعات فلسطينية سلاحها للجيش اللبناني 13 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

ويبدو محسوماً ألا خطة سياسية - عسكرية لبنانية لجمع السلاح الفلسطيني بالقوة؛ إذ تقول مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن «مهام الجيش في التعامل راهناً مع ما تبقى من سلاح داخل المخيمات الفلسطينية، تقتصر على منع دخول أو خروج السلاح منها، بحيث تم تشديد الإجراءات الأمنية المتخذة على المداخل والمخارج الأساسية والفرعية للمخيمات المنتشرة في كل المناطق اللبنانية».

تسليم الدفعة الخامسة من سلاح «فتح»

وأعلن الجيش اللبناني، الثلاثاء، أنه «واستكمالاً لعملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تسلَّمَ الجيش كمية من السلاح الفلسطيني من مخيم عين الحلوة (في جنوب لبنان)، بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية»، مشيراً إلى أنها شملت أنواعاً مختلفة من الأسلحة والذخائر الحربية، وقد تسلمتها الوحدات العسكرية المختصة للكشف عليها وإجراء اللازم بشأنها».

من جهته، أعلنت دائرة الإعلام في الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان (الجناح العسكري لحركة «فتح»)، في بيان، أن «قواتها استكملت، الثلاثاء، تسليم الدفعة الخامسة من السلاح الثقيل التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك في مخيم عين الحلوة - صيدا».

وأكد الأسدي أن «هذه الخطوة تأتي تنفيذاً للبيان الرئاسي المشترك الصادر عن الرئيسين الفلسطيني محمود عباس واللبناني جوزيف عون في شهر مايو (أيار) الماضي، وما نتج عنه من عمل اللجنة اللبنانية - الفلسطينية المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات وتحسين الظروف المعيشية فيها».

12 مخيماً فلسطينياً في لبنان

ويبلغ العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى «الأونروا» في لبنان 489.292 شخصاً. ويقيم أكثر من نصفهم في 12 مخيماً منظماً ومعترفاً بها من قبل «الأونروا» هي: الرشيدية، برج الشمالي، البص، عين الحلوة، المية ومية، برج البراجنة، شاتيلا، مار إلياس، ضبية، ويفل (الجليل)، البداوي، ونهر البارد.

وسُجل في الفترة الماضية، وبالتوازي مع انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني الموجود داخل المخيمات، حراك رسمي لافت باتجاه تحسين ظروف عيش اللاجئين الفلسطينيين الذين يرزح نحو 80 في المائة منهم تحت خط الفقر، ويعيشون في أوضاع صعبة جداً داخل مخيماتهم.

وقام السفير دمشقية رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني مع مديرة شؤون «الأونروا» في لبنان، دوروثي كلاوس، بمساعٍ حثيثة مع المسؤولين اللبنانيين المعنيين بمعالجة هذا الملف، من خلال العمل على تخفيف بعض القيود المرتبطة بترميم وإصلاح المنازل، وإصدار بطاقات هوية بيومترية للفلسطينيين.