«ملتقى العشائر»... تجاهل متبادل مع دمشق وتشديد على «سوريا موحدة لا مركزية»

طالب مشايخ العرب بإلغاء عسكرة النساء ومراعاة «الناموس» العشائري

مظلوم عبدي القائد العام لقوات «قسد» يتوسط ممثلي العشائر في شمال شرق سوريا
مظلوم عبدي القائد العام لقوات «قسد» يتوسط ممثلي العشائر في شمال شرق سوريا
TT

«ملتقى العشائر»... تجاهل متبادل مع دمشق وتشديد على «سوريا موحدة لا مركزية»

مظلوم عبدي القائد العام لقوات «قسد» يتوسط ممثلي العشائر في شمال شرق سوريا
مظلوم عبدي القائد العام لقوات «قسد» يتوسط ممثلي العشائر في شمال شرق سوريا

في تجاهل متبادل، لم يصدر تعليقٌ من دمشق على «ملتقى الوحدة الوطنية للعشائر والمكونات السورية» الثاني، الذي نظمته الإدارة الذاتية في الحسكة شمال شرق سوريا تحت شعار «حوار، أمان، بناء، من أجل سوريا موحدة لا مركزية». وفي المقابل لم يتطرق البيان الختامي للعلاقة مع الحكومة في دمشق، التي يُشار لها ضمناً في سياق تأكيد الملتقى على «سوريا موحدة لا مركزية».

وأشار البيان إلى أن الملتقى انعقد في «ظل ظروف حساسة وبالغة الأهمية تعصفُ بالمنطقة وسوريا»، لافتاً إلى الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، داعياً جميع مكونات شمال وشرق سوريا إلى المشاركة الفعالة في الترشُح والانتخاب، واختيار الأكفأ والأجدر والأنسب «خدمةً للإدارة الذاتية ومكوناتها المجتمعية».

وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات في مناطق الإدارة الذاتية يوم 11 يونيو (حزيران) المقبل موعداً للانتخابات البلدية. وبلغ إجمالي عدد المرشحين في إقليم شمال وشرق سوريا 5336 مرشحاً في مقاطعات الإقليم كافة. وحسب المفوضية ضمت القوائم مرشحين مستقلين وممثلي أحزاب سياسية.

الشيخ حاجم البشير من شيوخ قبيلة البكارة في دير الزور في «ملتقى العشائر»

خلال «ملتقى العشائر»، برزت مطالبة الشيخ حاجم البشير من شيوخ قبيلة البكارة في دير الزور، بإلغاء عسكرة النساء باعتبارها أمراً غير مقبول لدى العشائر العربية، قائلاً: «الناموس خط أحمر» بمعنى القوانين والأعراف العشائرية وضرورة مراعاتها، لا سيما فيما يتعلق بقبول الجاهات التي يجب ألا ترد. كما طالب بإخراج جميع النساء السوريات المحتجزات في المخيمات (المخصصة لعائلات «داعش»)، وإصدار عفو عام يخرج بموجبه عدد كبير من المساجين، ودعم المكون العربي بـ«شراكة حقيقية» دون وصاية، كما طالب بدعم الزراعة بشقيها الزراعي الحيواني وتحديد أسعار جيدة.

من جانبه، أكد القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي على أن «قوات سوريا الديمقراطية» تُعَدُّ «قـوةً أساسيةً في حمـاية الحدود والمحافظة على المؤسسات الوطنية».

وقال: «إن أي استقرار لسوريا لا يُمكن تحقيقه دون الاعتراف بمؤسسات شمال وشرق سوريا، سواء كانت عسكرية أو إدارية».

نساء وأقليات في ملتقي العشائر (الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا)

ودعا «ملتقى العشائر» الذي عُقد، السبت، بمشاركة نحو 5 آلاف شخصية من ممثلي العشائر والطوائف الدينية والأطياف السياسية السورية في دير الزور والحسكة، الدول العربية، على رأسها الجامعة العربية، إلى «لعب دورها في سياقات الحل السوري - السوري»، كما دعا الملتقى في بيانه الختامي، الاتحاد الأوروبي، والمؤسسات الدولية والأممية، لإعطاء الدور «للقوى الوطنية الحقيقية والفاعلة على الأرض من أبناء الطيف السوري»، وفق البيان الختامي الصادر عن الملتقى، الذي ألقاه في الختام شيخ قبيلة شمر، مانع دهام الهادي.

وأوضح البيان أن «الملتقى توافق على عدد من المخرجات الوطنية والداخلية، أهمها السلام والدعوة إلى حوار يهدف إلى بناء علاقات حسن جوار مع شعوب المنطقة ودولها، وتحريم قتل السوري للسوري، والتأكيد على الحوار والأمان والبناء، ونبذ الإرهاب ومحاربته، ورفض التمييز على أساس القومي والديني والجنسوي، الإيمان بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية المواطن». كما شدد على «سوريا دولة موحدة لا مركزية تتسع لجميع السوريين بكل مكوناتهم وأطيافهم ومشاربهم». وطالب بإصدار عفو يشمل من لم تتلطخ يده بالدم السوري، ومن ثبت تأهيله وإصلاحه ليعود ويندمج في إطار مجتمعه.

حصاد القمح في الحسكة (وكالة «سانا» الرسمية)

مطالب تطوير وتوفير الخدمات الحياتية اليومية، وفقاً للإمكانات المتوفرة والاحتياجات المطلوبة، حضرت في البيان، مع دعوة لزيادة الاهتمام بالقطاع الزراعي والثروة الحيوانية والقطاعات الأخرى المهمة.

منظر عام لمخيم للنازحين في شمال إدلب 25 سبتمبر 2022 (رويترز)

وطالب الحضور بإعادة النظر في موضوع النزوح الداخلي، سواء في المخيمات أو التجمعات المضيفة لمن لديهم الرغبة في العودة الطوعية إلى مكان سكنهم الأصلي. وأكد البيان على مكافحة المخدرات بكافة السبل والوسائل الممكنة لما له من مخاطر على مستقبل الشعب السوري.

ورأى البيان أن «الإرهاب الدولي كمنظومة فكرية وسياسية وعسكرية لم ينتهِ بعد» وأن إرث تنظيم «داعش» المتمثل في الخلايا النائمة «لا يزال يمثل خطراً جدياً وحقيقياً على المنطقة والعالم، وتُعرقل الجهود الرامية لإيجاد حلول للأزمة السورية». وأكد البيان على أن «الاحتلال يبقى عقبةً أساسيةً ورئيسيةً أمام أي محاولات ومشاريع الحل السوري ـ السوري، ويزيد في تأزم المُعضلة السورية»، دون أن يحدد أي احتلال هو المقصود. وطالب بإنهاء «الاحتلال بأي شكل من الأشكال، ومعالجة آثاره في العودة الآمنة والطوعية وبضمانات دولية وشرعنة حقوق الإنسان».

كما أكد البيان على أهمية الدور الذي تلعبه العشائر والمكونات السورية كقوة حقيقية وفاعلة وقادرة على تعزيز السلم الأهلي.

مقر مجلس «مسد» بمدينة الحسكة الواقعة أقصى في شمال شرقي سوريا

كما دعا الملتقى السوريين عموماً للجلوس إلى طاولة الحوار السوري - السوري و«عقدِ مُلتقى وطني جامع نضعُ فيه المصلحة السورية العُليا وقضايانا الوطنية فوق كل اعتبار». وقال إن هذا الدور «منوط بـ(مجلس سوريا الديمقراطية) (مسد) كإطار سياسي واجتماعي جامع يضم أحزاباً وكيانات اجتماعية وإثنية وشخصيات وازنة تستطيع أن تكون مظلة سورية وطنية جامعة»، حسب البيان.


مقالات ذات صلة

تركيا تكشف عن تواصل مع إسرائيل بشأن تطورات سوريا

شؤون إقليمية مركبات عسكرية إسرائيلية تسير إلى جانب السياج الحدودي قرب قرية مجدل شمس بمرتفعات الجولان المحتلة يوم الخميس (أ.ف.ب)

تركيا تكشف عن تواصل مع إسرائيل بشأن تطورات سوريا

كشفت تركيا عن تواصل مع إسرائيل عبر مخابراتها بشأن تطورات السويداء والهجمات على سوريا، ووجهت تحذيراً إلى «قسد» من محاولة استغلال الأوضاع المضطربة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوى الأمن الداخلي في أحد مقراتها بمدينة الحسكة في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

مقتل وإصابة 11 من عناصر «قسد» في شمال شرقي سوريا

أعلنت قوى الأمن الداخلي التابعة لـ«الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا» عن مقتل 5 من عناصرها وإصابة اثنين آخرين في سلسلة هجمات مسلحة.

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))
المشرق العربي العشائر العربية أعلنت «النفير العام» لمحاربة «قسد» في الجزيرة السورية عام 2023 (غيتي)

صيف لاهب في الجزيرة السورية... والرقة أبرز البؤر

تصاعد التوتر في مناطق شمال وشمال شرقي سوريا خلال الساعات الأخيرة، وسط تأهب عسكري، تخللته اشتباكات بين الجيش السوري و«قوات سوريا الديمقراطية».

سعاد جرَوس (دمشق)
المشرق العربي القيادية إلهام أحمد المسؤولة بالإدارة الكردية لشمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط) play-circle

مسؤولة كردية سورية: قلقون إزاء تصاعد خطاب الكراهية في تصريحات جهات رسمية

عبّرت إلهام أحمد، المسؤولة بالإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، عن قلقها إزاء ما وصفته بتصاعد خطاب «الكراهية والتخوين» في بعض التصريحات الصادرة من جهات رسمية.

«الشرق الأوسط» (القامشلي)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برَّاك في القصر الرئاسي بدمشق (أرشيفية- أ.ف.ب)

برَّاك: هناك سوريا واحدة

أكد المبعوث الأميركي الخاصّ إلى سوريا، توماس برَّاك، أن هناك «سوريا واحدة» ولا مجال لأي شكل من أشكال التقسيم.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تصعيد جديد ضد «الإخوان» في الأردن

العاصمة الأردنية عمّان (أ.ف.ب)
العاصمة الأردنية عمّان (أ.ف.ب)
TT

تصعيد جديد ضد «الإخوان» في الأردن

العاصمة الأردنية عمّان (أ.ف.ب)
العاصمة الأردنية عمّان (أ.ف.ب)

بحد أدنى من رد الفعل، أصدرت المحكمة الدستورية في الأردن الخميس حكماً بعدم دستورية قانون نقابة المعلمين الأردنيين رقم 14 لسنة 2011 وتعديلاته برمته، واعتباره باطلاً من تاريخ صدور هذا الحكم. ولم تصدر أحزاب أو نقابات أردنية أي تعليقات على القرار المفاجئ الذي اتخذته المحكمة الدستورية بحضور هيئتها العامة. وجاء القرار عقب سلسلة اتهامات خطيرة وجّهها القضاء الثلاثاء الماضي ضد جماعة «الإخوان المسلمين» بعد قرار سابق بتفعيل حكم قضائي باعتبار الجماعة غير شرعية ومحظورة في البلاد، في الثلث الأخير من أبريل (نيسان) الماضي.

وتتهم السلطات الأردنية جماعة «الإخوان المسلمين» بالسيطرة على نقابة المعلمين منذ عودة نشاط النقابة عام 2011. وكان للجماعة دور في تحريض حراك المعلمين خلال العام ونصف العام الذي سبق تأسيس النقابة مجدداً؛ نظراً لانتساب عدد كبير من المعلمين للجماعة وذراعها السياسي حزب «جبهة العمل الإسلامي»؛ ونظراً لخطابها الجاذب لجمهور المعلمين الذين يتجاوز عددهم 100 ألف معلمة ومعلم، وفق مراقبين.

وعادت نقابة المعلمين الأردنيين إلى عملها في عام 2011 بقرار دستوري، بعد حراك صاخب بدأ في مارس (آذار) من عام 2010، حين نفذ المعلمون وقفات احتجاجية واعتصامات وإضرابات شلّت التعليم في مدارس المملكة الأردنية التي يتجاوز عددها 4 آلاف مدرسة تستقبل أكثر من 1.2 مليون طالبة وطالب. وكان عمل النقابة انقطع منذ عام 1956 مع تطبيق قانون الأحكام العرفية الذي استمر حتى عام 1992. وبعد تقديم عدد من النواب مشروع قانون للنقابة في عام 1994، وأقره مجلس النواب آنذاك، فإنه اصطدم بمجلس الأعيان الذي يمثل الغرفة التشريعية الثانية في المملكة الأردنية؛ إذ رأى في القانون أنه «مخالف للدستور الذي يمنع تأسيس نقابة من موظفين عموميين»، وفق مطالعة دستورية للمجلس العالي لتفسير الدستور الذي انتهى عمله مع تأسيس المحكمة الدستورية عام 2012.

صورة تعود إلى عام 2011 لمقار مكاتب جماعة الإخوان في الأردن وذراعها السياسية حزب «جبهة العمل الإسلامي» في عمّان (أ.ف.ب)

غير قابل للطعن

كانت نقابة المعلمين تنشط في سلسلة مطالبات بتحسين الواقع المعيشي لهم ولأسرهم، من خلال إقرار علاوات ومزايا ومخصصات بشكل تصاعدي على مدى سنوات عمل النقابة، وهو ما عدته أوساط مقربة من الحكومة تهديداً للنظام العام بسبب ارتباطات النقابة. وتوقفت أنشطة نقابة المعلمين الاحتجاجية منذ عام 2021، بعد صدور حكم قضائي بتجميد عملها لمدة عامين.

وفي كواليس القرار الدستوري غير القابل للطعن بإلغاء قانون النقابة، والذي يخلص إلى حلها حكماً وعودة جميع أصولها لخزينة الدولة، فإن الحكومة الحالية برئاسة جعفر حسان بعثت سابقاً سؤالاً للمحكمة الدستورية عن مدى دستورية استمرار عمل النقابة. وكانت حكومتان سابقتان، برئاسة بشر الخصاونة 2020 - 2024، وعمر الرزاز 2018 - 2020، قد تغاضتا عن تنفيذ أحكام قضائية تتعلق بنقابة المعلمين، مانعتين إجراء انتخابات نقيب وأعضاء مجلس النقابة، كما لم تبادر هاتان الحكومتان بسؤال المحكمة الدستورية أو السلطة القضائية عن قانونية استمرار عمل النقابة.

وللسؤال الدستوري الذي نطقت المحكمة الخميس بالإجابة عنه، جذر لتهديد سابق من بداية كل عام دراسي في سبتمبر (أيلول) عندما لوّحت النقابة بتنفيذ إضراب شامل عام 2019، بعد فشل مفاوضات حكومة عمر الرزاز وفريقه بتخفيض سقف مطالب المعلمين، ورفض الحكومة تدخل البرلمان، لتوافق في النهاية على تخصيص 80 مليوناً من الموازنة كعلاوات للمعلمين. ومنذ ذلك الحين تتحين المراجع السيادية الفرصة لإلغاء النقابة، حرصاً على «سلامة واستقرار» الحياة التعليمية في البلاد، وعدم إخضاعها لتوجهات جماعات وأحزاب سياسية.