رفع الدولار المصرفي يؤرق المودعين في لبنان

إشارات سوقية تستبق صدور القرار الرسمي

أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
TT

رفع الدولار المصرفي يؤرق المودعين في لبنان

أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

يرتفع منسوب التوجس في أوساط المودعين في البنوك اللبنانية من التمادي في تأخير صدور القرار النافذ الذي يترجم وعد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي برفع سعر الدولار المصرفي في نهاية الشهر الحالي، وتعذّر الحصول على أجوبة شافية لدى المرجعيات المعنية، لا سيما وزارة المال والبنك المركزي والمصارف المعنيّة بتأمين السيولة.

ويفترض، حسب المعلومات، أن يجري اعتماد سعر 25 ألف ليرة للدولار الواحد بديلاً من 15 ألف ليرة الساري حالياً من دون سند قانوني، بعد انتهاء صلاحية التعميم الخاص رقم 151 في أوائل العام الحالي، وإبداله بإتاحة الحصول على 150 دولاراً نقدياً (بنكنوت)، ما يقتضي تحديد سقف جديد للسحوبات المحددة بما يصل إلى 1600 دولار من القيود الدفترية لحسابات المودعين، أي ما يماثل 24 مليون ليرة شهرياً، علماً بأن سعر صرف الدولار قارب الـ90 ألف ليرة على أرض الواقع.

ويبدو أن المخرج المرجّح، في ظل تقاذف المسؤولية بشأن المرجعية الصالحة لإصدار التوصية، ينحو صوب الارتكاز على قرار جامع من قبل مجلس الوزراء، بناء على عرض مرفق بالأسباب الموجبة، تتقدم به وزارة المال، ما يكفل تغطية تردّد الوزير يوسف الخليل باتخاذ القرار المنشود منفرداً.

وفي المقابل، تصر حاكمية البنك المركزي على عدم تحمل تبعات إقرار أي سعر صرف جديد يختلف عن السعر الساري في ميزانيته وميزانيات القطاع المالي، وهو ذاته السعر السوقي البالغ 89.5 ألف ليرة لكل دولار.

بدورها، تنتظر المصارف حسم الموضوع من قبل الحكومة، مباشرة أو باتفاق مفترض بين وزارة المالية ومصرف لبنان، سنداً إلى المادة 229 من قانون النقد والتسليف التي تنصّ على أنه يتوجب على وزارة المالية تحديد سعر الصرف القانوني للدولار بالتشاور مع السلطة النقدية.

في موازاة ذلك، رصدت «الشرق الأوسط» إشارات مهمة وذات صلة مباشرة بقرب اعتماد سعر معدّل للدولار المصرفي، حيث تبين، وفق معلومات خاصة، أن إدارة مؤسسة عامة لديها وفرة بالليرة، عمدت إلى إجراء عمليات هندسة مالية مع عدد من البنوك، تم من خلالها شراء دولارات مصرفية، مقابل ضخ سيولة بالليرة بسعر أعلى بنحو 30 في المائة، أي نحو 20 ألف ليرة للدولار «المصرفي» من حسابات الأموال الخاصة للبنوك المشاركة.

وفي إجراء احتياطي لتحقيق عوائد إضافية مرتقبة بعد الرفع الرسمي لسعر الصرف الخاص بالمودعين، ترافق تنفيذ هذه العمليات مع إنشاء حسابات جديدة بالدولار المصرفي ومنتجة لفوائد تصل إلى 7 في المائة سنوياً لصالح المؤسسة المعنية، مقابل تكفلها بضخ مبالغ مساوية رقمياً بالدولار المصرفي في الحساب عينه، ولآجال محددة، يجري بعدها تحويل المبالغ إلى أرصدتها لدى البنك المركزي.

كما لوحظ أن البنك المركزي طلب من المصارف تزويده باللوائح البيانية لعمليات السحوبات المنفذة من الحسابات الدولارية بسعر 15 ألف ليرة خلال الشهر الحالي، ما أثار تكهنات في الأوساط المصرفية بقرب اتخاذ القرار الرسمي لرفع السعر التبادلي، بحيث يتيح تحييد المبالغ الدولارية المشتراة عن تحقيق فوارق ربحية فورية.

وعلى مستوى أشمل يستهدف توسيع أوجه الإنفاق من شرائح الودائع المحتجزة، يرتقب تضمين مشروع قانون موازنة العام المقبل مادة خاصة تسمح للمودعين بسداد مستحقات ضريبية ورسوم خدمات عامة عبر البطاقات المصرفية المربوطة بحسابات الادخار، ومن دون التأثير على سقوف السحوبات النقدية المحددة حالياً بمبالغ 400 و300 دولار للمستفيدين من التعميم 158 والمتاح لأصحاب الحسابات الدولارية القائمة ما قبل منتصف أكتوبر 2019 و150 دولاراً لما بعد هذا التاريخ.

ويندرج في هذا النطاق مبادرة النائب غسان حاصباني، باسم تكتل «الجمهورية القوية»، باقتراح قانون معجل مكرر يرمي إلى استيفاء الدولة أجزاء من الضرائب والرسوم المتوجبة على المكلفين وفق سعر الصرف الفعلي في السوق بالنسبة للحسابات القائمة قبل انفجار الأزمات المالية والنقدية.

ويتيح الاقتراح للمكلّف، في حال إقراره بصيغته المرفوعة، دفع ضريبته من حسابه العالق في المصرف، خصوصاً فيما يرتبط بضريبة الأرباح والأملاك المبنية إلى حدود تعادل 5 مليارات ليرة، على أن يتم تمكينه من التحويل بسعر السوق من حسابه بالعملة الأجنبية.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (رويترز)

باسيل متردد بفصل نواب خشية تضعضع داخلي في «التيار»

لم يحسم رئيس «التيار الوطني الحر» قراره بشأن فصل النائب آلان عون محاولاً أن يستوعب استباقياً أي ردود فعل ستؤدي لتقلص إضافي بعدد نواب التكتل.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي نواب المعارضة خلال لقائهم نواب الحزب «التقدمي الاشتراكي» لطرح خريطة الطريق الرئاسية (موقع القوات)

المعارضة اللبنانية تدرس خطة «المواجهة» بعد فشل مبادرتها الرئاسية

بدأت المعارضة بدراسة أفكار لما بعد «المبادرة الرئاسية» التي سقطت نتيجة أسباب عدة،أبرزها رفض «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) البحث بها وحتى اللقاء بالنواب.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي جنديان من «يونيفيل» على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (د.ب.أ)

فرنسا تحذر من «حرب شاملة» على الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية

حذّرت الدبلوماسية الفرنسية من خطر وقوع «حرب شاملة» عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، بسبب التصعيد الذي يمكن أن يؤدّي إلى سوء حسابات أو تقدير.

علي بردى (نيويورك) نظير مجلي (تل أبيب)

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
TT

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)

نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وجود أي توتر في العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معرباً عن تأييده ومساندته لإسرائيل. وهاجم المرشح الجمهوري لسباق الرئاسة الأميركي منافسته المحتملة كامالا هارس، مشيراً إلى أن تصريحاتها عقب لقائها بنتنياهو، مساء الخميس، في البيت الأبيض، تنم عن عدم احترام، وطالب حركة «حماس» بإطلاق سراح الرهائن «فوراً».

وقال ترمب، في بداية الاجتماع الموسع مع نتنياهو في مقر إقامته بمنتجع مارلارغو بولاية فلوريدا، إنه لا يعرف كيف يمكن لأي أميركي يهودي أن يصوّت لكامالا هاريس، لأن تصريحاتها تنم عن عدم الاحترام لإسرائيل.

وأشار إلى علاقته الوثيقة بإسرائيل، مؤكداً أنه تمتع كرئيس للولايات المتحدة بعلاقات مع إسرائيل أفضل من أي رئيس أميركي على الإطلاق. وقال: «لقد أيّدت حق إسرائيل في مرتفعات الجولان والقدس، ونقلنا السفارة، وأوقفنا الاتفاق النووي الإيراني، وهو ربما أفضل شيء قمنا به، ولم نمنحهم أموالاً في ظل إدارة ترمب، ولم يكن أحد يشتري نفطهم، والآن أصبحوا دولة غنية، وهذا أمر مؤسف».

ووعد ترمب، إذا فاز في الانتخابات، بإنهاء كل الحروب في منطقة الشرق الأوسط، محذراً من أنه إن لم يفز، فإن الأمر سينتهي إلى حروب كبرى، وربما حرب عالمية ثالثة.

من جانبه، أشار رئيس الوزراء نتنياهو إلى صعوبة مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، وفي إجابته عن أسئلة حول مفاوضات وقف إطلاق النار وإرسال فريق إسرائيلي إلى المفاوضات في العاصمة الإيطالية روما، أوضح أنه يتوقع بعض التحركات التي تأتي بسبب الضغوط العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد «حماس».

وقال: «الموقف صعب للغاية للرهائن، وهم ليسوا في حالة جيدة، ومن الواضح أنهم لا يعاملون بشكل صحيح، ونأمل أن يكونوا بخير، لكن هناك كثيراً من الرهائن، وأنا غير متأكد من صحتهم، وهذا الوضع غير مقبول».

من جهة أخرى، استمع أعضاء مجلس الأمن في نيويورك الجمعة إلى ما سمّاه دبلوماسيون «رجع صدى تقشر له الأبدان» لنساء فلسطينيات يستغثن في غزة لإنقاذ أطفالهن الذين يتضورون جوعاً وتفتك بهم الأمراض إذا نجوا من المستويات الرهيبة من الحملة العسكرية الإسرائيلية في كل أنحاء القطاع.

وكان أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى مساعد الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» مهند هادي، الذي يتولى أيضاً مهمة نائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، مكرراً المناشدة من أجل وقف إطلاق النار، وتمكين المنظمات الدولية من تقديم المساعدات للفلسطينيين، بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية، والإطلاق الفوري وغير المشروط للرهائن، في مطالبات ردّدتها أيضاً نائبة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى «الأونروا» لشؤون الدعم العملياتي، أنطونيا دي ميو.