مرسوم رئاسي يحرر «التبغ» في سوريا لصالح القطاع الخاص

يحتل المرتبة الرابعة في قائمة المستوردات السورية

مزارع يحصد التبغ في بانياس على الساحل السوري (منصة إكس)
مزارع يحصد التبغ في بانياس على الساحل السوري (منصة إكس)
TT

مرسوم رئاسي يحرر «التبغ» في سوريا لصالح القطاع الخاص

مزارع يحصد التبغ في بانياس على الساحل السوري (منصة إكس)
مزارع يحصد التبغ في بانياس على الساحل السوري (منصة إكس)

بعد عقود من الاحتكار وسنوات من شكاوى مزارعي التبغ السوريين من الإجحاف في الأسعار التي تحددها الحكومة لشراء محاصيلهم، صدر مرسوم رئاسي يجيز للقطاع الخاص الاستثمار في صناعة التبغ وشرائه؛ بهدف «تصنيعه وتسويقه مصنّعاً». وفق وكالة الأنباء الرسمية (سانا) التي أشارت إلى أن فتح الباب أمام القطاع الخاص للدخول في استثمار التبغ سيتم «بشكل محوكم ومدروس ومخطط»، مضيفة أن المرسوم سيحقق الفائدة للمزارعين كما يحقق تطويراً لهذه الصناعة عبر «خلق بيئة تنافسية محوكمة في عمليات الشراء والتصنيع والتسويق».

تجفيف ورق التبغ في ريف اللاذقية على الساحل السوري (ويكيبيديا)

وتخصص المؤسسة العامة للتبغ مبالغ كبيرة لاستيراد التبغ الذي يحتل المرتبة الرابعة في قائمة المستوردات السورية. فيما يقدر إنتاج سوريا من التبغ أكثر من 12 ألف طن سنوياً، حتى عام 2020. ويشار إلى أن اهتمام الحكومة بزراعة التبغ تزايد خلال سنوات الحرب، وقد شجعت على زراعة المزيد من المساحات في مناطق متفرقة بعد أن كانت تتركز في الساحل.

زراعة التبغ في درعا جنوب سوريا

وانتشرت زراعة التبغ في سهل الغاب ومصياف وحمص ودرعا، لما توفره صادرات هذه الزراعة من قطع أجنبي تفتقده الخزينة العامة. ويقدر عدد مزارعي التبغ في سوريا بنحو 60 ألف مزارع، معظمهم من أبناء الساحل.

ولم يعرف بعد إذا كان هذا المرسوم سيطبق على الموسم الحالي المتبقي على قطافه نحو الشهرين، وقالت مصادر زراعية في منطقة الساحل السوري لـ«الشرق الأوسط»، إن «التعليمات التنفيذية المقرر صدورها عن مجلس الوزراء لم تصدر بعد»، ولم يتضح كيف ستتم عملية تسويق المحاصيل لهذا الموسم، وما هو دور المؤسسة العامة للتبغ (الريجة)، التي احتكرت هذه الزراعة منذ تأسيسها عام 1935 مرورا بتأميمها عام 1963، في عملية تخمين وتسويق محاصيل التبغ.

متداولة لعلب سجائر قديمة في سوريا بعضها محلي الصنع مثل الحمرا

وتشترط المؤسسة العامة للتبغ على المزارعين بيعها القطفة الأولى، ثم بيع ما تبقى للتجار في السوق المحلية. وبينما كانت قبل اندلاع الاحتجاجات تتشدد في تغريم المخالفين، لكن لاحقاً ونظراً لأن غالبية المزارعين من فقراء سكان الساحل وتعدّ زراعة التبغ مورد رزق لعائلاتهم، جرى التغاضي عن المخالفات مثل منح مساحات جديدة دون ترخيص، لا سيما وأن النسبة الأكبر من قتلى الميليشيات الرديفة والقوات الحكومية كانت من أبنائهم، بحسب مصدر مطلع.

يذكر أنه مقابل الشروط التفضيلية السابقة، اعتادت المؤسسة العامة للتبغ، تقديم الدعم لزراعة التبغ بوصفه «أحد المحاصيل الزراعية الاستراتيجية»، فتقدم البذار والأدوية والمبيدات ومستلزمات الزراعة، من خلال سلفة دون فوائد تسدد بعد تسليم المحاصيل لمراكز تتبع المؤسسة، وفق أسعار تحددها الحكومة مسبقاً بحسب الأصناف والجودة، تتولاها لجان مختصة بتخمينها عند التسليم.

زراعة التبغ في درعا جنوب سوريا

وقد يتعرض المحصول للتلف في أثناء التخزين الذي يسبق التسليم، الأمر الذي يكبد المزارع الخسائر الكبيرة. وفي السنوات الأخيرة تزايدت شكاوى المزارعين من إجحاف لجان التخمين، خاصة أن أسعار الحكومة لا تراعي الارتفاع المتواصل في تكاليف الإنتاج، بحسب المصادر التي قالت إن «تلك الآلية عززت الفساد والتواطؤ بين المزارع ولجان التخمين، للحصول على أعلى تقييم بغض النظر عن الجودة، لتتسرب القطفة الأولى والأصناف عالية الجودة إلى السوق الموازية في الطريق إلى التهريب خارج البلاد».

ويوجد في سوريا سبعة أصناف رئيسية من التبغ هي: (شك البنت - تنباك - فرجينيا - برلي - بصما - بربلين - كاتريني). وتختلف هذه الأصناف بين مرويّ وبعليّ، كما تختلف حسب وظيفتها مثل قوتها ومذاقها وامتصاصها.

وحددت الحكومة في العام الجاري 2024، أسعار شراء كيلو التبغ من المزارعين حسب الأنواع: «تنباك 24000 ليرة، برلي 23000 ل.س/كغ، فرجينيا 24000 ل.س/كغ، بصما 32000 ل.س/كغ، بريليب 28000 ل.س/كغ، شك البنت 27000 ل.س/كغ، كاتريني 28000 ل.س/كغ». (الدولار الأميركي يعادل 14600 ليرة سورية).

علماً بأن سعار الدخان الوطني ارتفع بنسبة 50 في المائة والمهرب الأجنبي بنسبة 60 في المائة، في الأشهر القليلة الماضية التي شهدت سلسلة موجات في ارتفاع الأسعار نتيجة لارتفاع أسعار المحروقات والطاقة.

وتنحصر تجارة الدخان الوطني والمهرب بمجموعات مقربة من الأجهزة الأمنية، وتتمتع بنفوذ عال. وقد ازدهرت تجارة التبغ المحلي خلال سنوات الحرب بعد فرض العقوبات الغربية الاقتصادية عام 2012، التي شملت مؤسسة التبغ ومنعت من استيراد مختلف أنواع الدخان الأجنبي، أو المواد الداخلة في صنعه.

وأدى ارتفاع أسعار الدخان إلى إقبال كثير من المدخنين على دخان الفلش «المفروم»، ويتراوح سعر الكيلو منه بين 40 و150 ألف ليرة، كما تغرق أسواق المهربات بأنواع كثيرة من الدخان مجهول المصدر، مخالفة للمواصفات.


مقالات ذات صلة

وزير الاقتصاد السوري: أثر رفع العقوبات رهن الإصلاحات

المشرق العربي وزير الاقتصاد السوري: أثر رفع العقوبات رهن الإصلاحات

وزير الاقتصاد السوري: أثر رفع العقوبات رهن الإصلاحات

قال وزير الاقتصاد والصناعة السوري، نضال الشعار، إن أثر رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا «رهن إصلاحات اقتصادية حقيقية»، وأكَّد في تصريحات خاصة.

موفق محمد (دمشق)
العالم العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (د.ب.أ)

الشيباني يعلن الاتفاق مع سلام لإنهاء معاناة السوريين الموقوفين في لبنان

قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، اليوم الأحد، إنه اتفق مع رئيس وزراء لبنان نواف سلام على اتخاذ خطوات عملية لإنهاء معاناة السوريين الموقوفين في لبنان.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مدينة دير الزور شرق سوريا (أرشيفية - رويترز)

مقتل 3 على الأقل في انفجار بمركز شرطة في شرق سوريا

قالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) نقلا عن مصدر أمني إن ثلاثة أشخاص على الأقل قُتلوا في انفجار استهدف مركزا للشرطة في مدينة الميادين بشرق سوريا اليوم.

خاص سوريون في دمشق ويبدو المصرف العقاري (رويترز)

خاص وزير الاقتصاد والصناعة السوري لـ«الشرق الأوسط»: أثر رفع العقوبات رهن الإصلاحات

قال وزير الاقتصاد والصناعة السوري نضال الشعار إن إزالة العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا إذا جرت بشكل جاد فستكون لها نتائج إيجابية تدريجية على الاقتصاد.

موفق محمد (دمشق)
شؤون إقليمية صورة نادرة لكوهين في دمشق

إسرائيل تعلن استعادة «الأرشيف السوري الرسمي» الخاص بالجاسوس إيلي كوهين

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأحد، استرجاع نحو 2500 وثيقة وصورة كانت ضمن «الأرشيف السوري الرسمي» الخاص بعميل جهاز «الموساد» إيلي كوهين.

«الشرق الأوسط» (القدس)

مقتل 148 فلسطينياً خلال 24 ساعة في غارات إسرائيلية على قطاع غزة

طفل فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية في مستشفى ناصر في خان يونس (رويترز)
طفل فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية في مستشفى ناصر في خان يونس (رويترز)
TT

مقتل 148 فلسطينياً خلال 24 ساعة في غارات إسرائيلية على قطاع غزة

طفل فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية في مستشفى ناصر في خان يونس (رويترز)
طفل فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية في مستشفى ناصر في خان يونس (رويترز)

ارتفعت حصيلة القتلى الفلسطينيين جراء الغارات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية إلى 148 شخصاً، وذلك بعد مقتل خمسة فلسطيين وإصابة آخرين الليلة.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» في ساعة مبكرة من صباح اليوم الاثنين بمقتل خمسة مواطنين فلسطينين وإصابة آخرين جراء قصف القوات الإسرائيلية لمنزل يعود لعائلة «أبو الروس»، بمحيط مدينة حمد شمال غرب خان يونس.

وأفادت مصادر محلية وشهود عيان أن طائرات إسرائيلية بدون طيار استهدفت تجمعاً للفلسطينيين أثناء قيامهم بحفر بئر مياه في حي الصفطاوي شمال مدينة غزة.

وقال محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة إن الغارة الجوية أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة عدد آخر بجروح.

وأضاف أن الهجمات الإسرائيلية المتصاعدة تجعل الدفاع المدني، الذي يعاني من شح الموارد، غير قادر على الاستجابة لنداءات الاستغاثة التي يطلقها المواطنون.

وأوضح بصل أن 75 في المائة من جميع سيارات الدفاع المدني في غزة توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود، مشيراً إلى أن أزمة الوقود تتفاقم يومياً.

وحذر من توقف كافة خدمات سيارات الدفاع المدني خلال الـ72 ساعة المقبلة، وعدم قدرة الطواقم على تنفيذ مهامها الإنسانية بسبب عدم توفر الحد الأدنى من الوقود اللازم لتشغيلها.

وأعلن الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأحد، بدء اجتياح بري جديد في عدة مناطق داخل القطاع، في تصعيد خطير ضمن «حرب الإبادة» المتواصلة منذ نحو 19 شهراً.