​تركيا تناقش مع روسيا عودة الدوريات المشتركة على طريق «إم 4»

كشفت عن دعم أميركي لـ«قسد» بمنظومات دفاع جوي

أهالي الباب بريف حلب الشرقي احتجوا على دخول القوات الروسية مؤخراً إلى معبر أبو الزندين (إكس)
أهالي الباب بريف حلب الشرقي احتجوا على دخول القوات الروسية مؤخراً إلى معبر أبو الزندين (إكس)
TT

​تركيا تناقش مع روسيا عودة الدوريات المشتركة على طريق «إم 4»

أهالي الباب بريف حلب الشرقي احتجوا على دخول القوات الروسية مؤخراً إلى معبر أبو الزندين (إكس)
أهالي الباب بريف حلب الشرقي احتجوا على دخول القوات الروسية مؤخراً إلى معبر أبو الزندين (إكس)

كشفت تركيا عن مفاوضات مستمرة مع روسيا لإعادة تسيير الدوريات المشتركة على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) في إدلب، بموجب اتفاق موقع بينهما في مارس (آذار) 2020 على فتح الطريق، وهو ما ينظر إليه على أنه أولى خطوات إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى طبيعتها.

في الوقت ذاته، قال مسؤول عسكري تركي، إن الولايات المتحدة زودت وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بمنظومات للدفاع الجوي، وإن تركيا تراقب الأمر عن كثب.

ورداً على سؤال، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع التركية، (الخميس)، حول العودة لتسيير دوريات مشتركة مع روسيا على طريق «إم 4» في إدلب، قال مسؤول بالوزارة: «كنا نتحدث عن السيطرة على أمن الطريق السريعة (إم 4) منذ البداية، المفاوضات بشأن هذه القضية مستمرة».

وأضاف: «تركيا تبذل قصارى جهدها لضمان السلام والهدوء في المنطقة، وستواصل القيام بذلك في المستقبل من أجل الإسهام في الاستقرار والسلام، ولا تتوانى عن بذل أي جهد لتحقيق ذلك، ولا تتهرب من تحمل المسؤولية».

متظاهر سوري يرشق نقطة عسكرية تركية عبر الشريط الشائك عند معبر ابن سمعان شمال حلب (أ.ف.ب)

جاءت تصريحات المسؤول العسكري التركي، بعد أسبوع من اجتماع وفدين عسكريين تركي وروسي في مدينة سراقب شرق إدلب، الأسبوع الماضي، تناول عدداً من الملفات، من بينها فتح الطرق والمعابر الداخلية بين مناطق سيطرة الجيش السوري، ومناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة، برعاية تركية - روسية استناداً إلى التفاهمات السابقة بين موسكو وأنقرة.

استهدافات مستمرة

وتناول الاجتماع، أيضاً، التصعيد العسكري المتبادل والمتكرر بين الفصائل في إدلب والجيش السوري، والاستهدافات المتكررة التي تتعرض لها نقاط المراقبة العسكرية التركية في منطقة خفض التصعيد في إدلب التي تعد إحدى مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، المعروفة باسم منطقة «بوتين - إردوغان».

القصف الروسي في إدلب طال مناطق مدنية (إكس)

وتشهد المنطقة استهدافات متبادلة بين القوات السورية، و«هيئة تحرير الشام» في المنطقة، التي شهدت خلال شهر يوليو (تموز) الحالي، قصفاً برياً وغارات جوية مكثفة من الطيران الحربي الروسي، وعمليات قنص واستهدافات متبادلة، أسفرت عن وقوع قتلى.

وأحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» 11 عملية واستهدافاً في إدلب، أدت إلى مقتل 6 جنود بالجيش السوري، وإصابة 22 منهم 8 جنود من الجيش السوري، واثنان من مسلحي فصائل «جيش النصر»، و12 مدنياً بينهم نساء وأطفال. كما نفذ الطيران الحربي الروسي، خلال يوليو، 30 غارة جوية تركزت غالبيتها على مواقع قرب طريق «إم 4».

محاولات فتح «إم 4»

وقامت القوات التركية، بتحركات العام الماضي في إدلب، لفتح طريق «إم 4»؛ تنفيذاً لمذكرة التفاهم الموقعة مع روسيا في موسكو في 5 مارس 2020 بشأن وقف إطلاق النار في إدلب، فيما عده مراقبون أولى خطوات تركيا لتطبيع العلاقات مع دمشق في إطار المحادثات على مستويات مختلفة التي رعتها روسيا منذ عام 2021، ثم أدرجت ضمن مسار آستانة، وتجمّدت منذ الاجتماع العشرين لهذا المسار في يونيو (حزيران) 2023، وقد تحركت موسكو مؤخراً لإحيائها، وعقد لقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد.

جانب من اجتماع على مستوى وزراء دفاع سوريا وتركيا وإيران وروسيا في موسكو يوم 25 أبريل الماضي (وزارة الدفاع الروسية - أ.ف.ب)

وبدأت أنقرة، عقب اجتماع وزراء الدفاع التركي والروسي والسوري في موسكو، في 28 ديسمبر (كانون الأول) 2022 التركيز على ملف فتح طريق «إم 4»، الذي كان استمرار إغلاقه نقطة سلبية سجلتها موسكو على أنقرة منذ توقيع مذكرة التفاهم في موسكو بمارس 2020، ووضع الملف مرة أخرى على الطاولة خلال محادثات ولقاءات التطبيع بين أنقرة ودمشق.

وأبدت تركيا رغبتها في تشغيل الطريق بإشراف ثلاثي منها مع روسيا وحكومة دمشق، التي تمسكت دائما بأن تكون لها السيطرة الكاملة على الطريق التي تسيطر القوات السورية على معظمها، بينما تسيطر القوات التركية والفصائل الموالية لها على قطاع صغير منها.

وبحسب مذكرة التفاهم التركية الروسية بشأن وقف إطلاق النار في إدلب، التي وقعت في موسكو في 5 مارس، بعد أحداث وقعت أواخر فبراير (شباط) من العام ذاته، قتل فيها أكثر من 30 جندياً تركياً في هجوم للجيش السوري، وردت تركيا بتنفيذ عملية عسكرية باسم «درع الربيع»، تعهدت أنقرة بفصل ما يعرف بفصائل المعارضة المعتدلة عن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، وإخراج الأخيرة من إدلب، مع فتح طريق «إم 4»، وتسيير دوريات تركية روسية مشتركة على جانبي الطريق بعمق 6 كيلومترات شمالاً وجنوباً.

القاعدة العسكرية التركية في كلجبرين بريف حلب الشمالي

وسيرت القوات التركية والروسية بالفعل كثيراً من الدوريات على الطريق عقب تفاهم موسكو، لكنها توقفت منذ أغسطس (آب) 2020 بسبب الهجمات المتكررة التي استهدفت العناصر الروسية المشاركة بالدوريات، وتحميل موسكو تركيا المسؤولية عن عدم إخراج المجموعات الإرهابية والمتشددة بأسلحتها من إدلب، وفي مقدمتها «هيئة تحرير الشام».

وعقد عسكريون أتراك وقيادات في «هيئة تحرير الشام» اجتماعات العام الماضي، تناولت حماية وتأمين نقاط المراقبة التركية على طريق «إم 4»، وعدم الاقتراب منها، (كما حدث في اقتحام متظاهرين بعض تلك النقاط احتجاجاً على التقارب مع دمشق)، كما أكدت على عدم القيام بأي أعمال تؤدي إلى إفشال خطة فتح الطريق في حال الاتفاق مع موسكو ودمشق.

وطرحت تركيا خطة لتشغيل طريق «إم 4»، وفتح طريق الترانزيت عبر سوريا، من خلال إعادة تشغيل معبر باب الهوى الخاضع لسيطرة الهيئة، الذي تطالب دمشق بالسيادة عليه، والإشراف على تشغيله.

أهمية طريق «إم 4»

يعد فتح هذه الطريق أمراً مهماً لمختلف الأطراف، بما في ذلك إيران، إذ تربط هذه الطريق الساحل بحلب أكبر المدن السورية، وبالمحافظات الواقعة شمال وشمال شرقي سوريا. وتربط هذه الطريق بين طريق دمشق - حلب (إم 5) والطريق الساحلية «إم 1»، الرابطة بين مدن ومحافظات الساحل السوري الذي يمر بمحاذاة قاعدة حميميم العسكرية الروسية في ريف اللاذقية.

خريطة لطريق «إم 4» الدولية في سوريا (شبكة شام)

وبالتالي تعد طريق «إم 4» خط إمداد بين حلب واللاذقية لقوات النظام والقوات الروسية. وتلتقي الطريقان بجنوب اللاذقية، على مسافة 10 كيلومترات شمال القاعدة الروسية، ويتم التوجه بعدها نحو الشرق باتجاه ريف إدلب، والمرور بين ناحيتي سلمى وربيعة في ريف اللاذقية، وريف إدلب بالقرب من بلدة بداما، ثم الدخول إلى أولى المدن الاستراتيجية على الطريق، وهي جسر الشغور، لتصل بعد قرابة 25 كيلومتراً إلى مدينة أريحا شرقاً، وبعدها تتجه إلى سراقب على بُعد نحو 20 كيلومتراً من مدينة أريحا، لتلتقي قبل الانطلاق نحو حلب بالطريق الدولية حلب - دمشق (إم 5). وتسيطر فصائل المعارضة السورية حالياً على نحو 124 كيلومتراً من الطريق، في القطاع الممتد بين بلدتي بداما والنيرب، مروراً بمدينة أريحا وجسر الشغور. وتدور المعارك في ريف إدلب الجنوبي حول الطريق، وفي حال سيطرة قوات النظام عليه، فإن خطوط الإمداد بين حلب والساحل تكون قد فتحت أمام النظام بشكل كلي، ولا حاجة للالتفاف في الطرق الفرعية أو سلوك طرق أخرى أكثر تكلفة ووقتاً.

مسؤول عسكري تركي كشف عن تزويد أميركا «قسد» بمنظومات الدفاع الجوي «أفينجر ستينغر» (إكس)

تسليح أميركي لـ«قسد»

على صعيد آخر، قال المسؤول العسكري التركي إن الولايات المتحدة قامت بنقل منظومات دفاع جوي «أفنجر ستينغر» إلى سوريا، وتسليمها إلى وحدات حماية الشعب الكردية، التي تقود قوات «قسد» لضمان الدفاع عن أمن قواعدها في شمال شرقي سوريا.

وأضاف أن القوات المسلحة التركية تتابع عن كثب كل تطور في مجال الدفاع والأمن، ونتوقع من حليفتنا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الولايات المتحدة، أن تنهي جميع أشكال الدعم العسكري التي تقدمها لمنظمة حزب «العمال الكردستاني»، «الإرهابية»، وذراعها السورية (وحدات حماية الشعب الكردية - قسد)، وأن تتفهم أن القضاء على «داعش» الإرهابي لا يمكن أن يتحقق من خلال التعاون مع تنظيم إرهابي آخر، وأن تقدم دعمها الصادق لحليفتها، تركيا، في معركتها ضد الإرهاب.


مقالات ذات صلة

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جوية للقصف التركي على مواقع «قسد» في شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية)

تركيا تصعد هجماتها على «قسد» شمال وشرق سوريا

واصلت القوات التركية تصعيد ضرباتها لمواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشرق سوريا، وسط حديث متصاعد في أنقرة عن احتمالات القيام بعملية عسكرية جديدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية روسيا ترى أن العقبة الأساسية للتطبيع بين أنقرة ودمشق هي وجود القوات التركية في شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية)

أنقرة: دمشق ليست لديها إرادة للتطبيع... وروسيا على الحياد

حمّلت تركيا دمشق المسؤولية عن جمود مسار تطبيع العلاقات، ورأت أن ذلك دفع روسيا إلى عدم التحرك والبقاء على الحياد، وأكدت أنها جاهزة لعملية عسكرية ضد «قسد».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

جرائم غزة تكرّس نتنياهو «مطلوباً دولياً»

فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

جرائم غزة تكرّس نتنياهو «مطلوباً دولياً»

فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

في سابقة تاريخية، كرست مذكرة اعتقال أصدرتها «المحكمة الجنائية الدولية»، أمس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «مطلوباً دولياً» جراء اتهامه مع آخرين بارتكاب «جرائم حرب» في غزة التي تجاوز عدد ضحاياها، أمس، 44 ألف قتيل.

وجاء أمر المحكمة ليشمل كلاً من نتنياهو ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، وقائد «كتائب القسام» محمد الضيف. وقالت المحكمة إنها وجدت أسباباً وجيهة لاتهامهم بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب».

وبعدما أعلن نتنياهو رفضه القرار، اتهم «الجنائية الدولية» بـ«معاداة السامية» على حد زعمه. أما المدّعي العام للمحكمة، كريم خان، فقد طالب الدول الأعضاء في المحكمة والبالغ عددها 124 دولة بالتحرك لتنفيذ مذكرات التوقيف.

وأعرب متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي عن رفض واشنطن بشكل قاطع للقرار بحق المسؤولين الإسرائيليين.

لكن دولاً أوروبية، أكدت التزامها القانون الدولي بشكل عام، مع تحفظ البعض عن تأكيد أو نفى تنفيذ أمر الاعتقال. وشدد مسؤول السياسة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، على أن «جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، ومنها دول أعضاء في الاتحاد، ملزَمة تنفيذ قرارات المحكمة».

ورحبت السلطة الوطنية الفلسطينية بالقرار، ورأت أنه «يُعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته»، وكذلك أيدته حركة «حماس» وعدّته «سابقة تاريخيّة مهمة»، من دون الإشارة إلى المذكرة بحق الضيف.