لبنان يستعد للرد على «الورقة الفرنسية» المعدّلة

تنسيق أميركي - فرنسي وهوكستين ينتظر الهدنة

من لقاء وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيروت (أ.ب)
من لقاء وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيروت (أ.ب)
TT

لبنان يستعد للرد على «الورقة الفرنسية» المعدّلة

من لقاء وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيروت (أ.ب)
من لقاء وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيروت (أ.ب)

الحراك الفرنسي المكثف باتجاه لبنان لا يزال مستمراً. فبعد ساعات من زيارة وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه إلى بيروت، وصلت لرئيسي حكومة تصريف الأعمال والمجلس النيابي نسخة معدّلة عن الورقة الفرنسية المتعلقة بالتعامل مع الوضع بجنوب لبنان؛ بناءً على ملاحظات كان قد وضعها الطرفان (اللبناني والإسرائيلي) على الصيغة الأساسية.

ويحيط المسؤولون اللبنانيون هذه الورقة وتعديلاتها بتكتم شديد. وعُلم أن البحث انطلق للرد على الورقة المعدلة، علماً أن الطرفين الموكلين بهذه المهمة هما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري الموكل من قِبل «حزب الله» بالنقاشات الدبلوماسية بهذا الخصوص، باعتبار أن الحزب لا يزال عند موقفه المتمسك برفض النقاش بأي ورقة أو صيغة للحل جنوباً قبل وقف دائم لإطلاق النار في غزة.

إعادة تموضع لا انسحاب

وعادةً ما ينشط المبعوثون الدوليون باتجاه لبنان بالتوازي مع الحديث عن اقتراب المفاوضات الجارية بخصوص غزة من الوصول إلى تفاهم، بمسعى لتشمل أي هدنة هناك جبهة لبنان فلا تتفرغ لها إسرائيل؛ ما يؤدي إلى انزلاق المنطقة لحرب واسعة.

وفي الوقت الذي كانت فيه فرنسا تتفرغ لحل الأزمة الرئاسية اللبنانية عبر موفدها جان إيف لودريان فيما يتولى الموفد الأميركي آموس هوكستين ملف الوضع في الجنوب، دخلت باريس على هذا الخط وبقوة مؤخراً بمتابعة دقيقة للملف من قِبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي التقى ميقاتي كما قائد الجيش في باريس قبل نحو 10 أيام.

وبات واضحاً أن الورقة الفرنسية تلحظ حلاً يقوم على ثلاث مراحل، تبدأ بوقف العمليات العسكرية وإعادة تموضع «حزب الله» في مناطق انتشاره في الجنوب فإعادة النازحين اللبنانيين والإسرائيليين، ثم إطلاق مسار تفاوضي يستنسخ «تفاهم نيسان 1996»؛ وذلك لـ«تثبيت الاستقرار على ضفتي الحدود» بشكل كامل ونهائي.

وكان سيجورنيه أعلن الأحد من بيروت أن «المبادرة الفرنسية تشكل إطاراً عملياً لتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 الذي يتمسك لبنان بتطبيقه كاملاً، مع المطالبة بالتزام إسرائيل بتنفيذه ووقف عدوانها المدمّر على جنوب لبنان، بالإضافة إلى دعم الجيش لتمكينه من القيام بمهامه وتحقيق السلام الدائم على الحدود».

الموفد الأميركي آموس هوكستين في لقاء مع رئيس البرلمان نبيه بري خلال إحدى زياراته لبيروت (أ.ف.ب)

تكامل أم تنافس فرنسي - أميركي؟

وتؤكد مصادر دبلوماسية لبنانية أن «المسعيين الأميركي والفرنسي لا يتعارضان بل يتكاملان»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أكبر دليل على ذلك توجه لودريان للقاء هوكستين في واشنطن في النصف الأول من الشهر الماضي»، مضيفة: «التنسيق حاصل حول ملف الجنوب كما ملف الرئاسة، خاصة وان هناك وجهة نظر أميركية تقول بحل سلة واحدة بالمقابل الفرنسيون يفضّلون حل الأزمات كل أزمة على حدة».

وتشير مصادر رسمية لبنانية إلى أن «الفرنسي لا يزال يحاول خفض التصعيد جنوباً حتى ولو الحرب لا تزال مستمرة في غزة، لكن بالمقابل الأميركي يعرف أن المدخل للحل هو وقف إطلاق النار في القطاع؛ لذلك طرح هوكستين بوقت سابق أفكاراً لليوم التالي تم التداول فيها وهو ينتظر أن تتوقف الحرب لتفعيل عمله من جديد». وتضيف المصادر لـ«الشرق الاوسط»: «سواء كان هناك تكامل أو تنافس فرنسي - أميركي فما يعنينا أن هناك اهتماماً دولياً بلبنان وبتجنيبه الحرب الموسعة وهذا ما يعنينا».

الأميركي معني بترسيم الحدود

ويشير سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة إلى أن «المبادرة الوحيدة التي يعمل الجميع ضمنها في مجال الوضع في الجنوب هي ما يسمى بالمبادرة الفرنسية التي تتألف من ثلاثة بنود: وقف إطلاق نار مستدام، تطبيق قرار مجلس الأمن 1701، بما في ذلك انسحاب (حزب الله) من الحدود إلى مسافة يتفق عليها، وانتشار الجيش اللبناني على طول الحدود اللبنانية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه البنود بشكلها العام متفق عليها حتى من قِبل إسرائيل و(حزب الله)، ولكن الخلافات تظهر في التفاصيل». ويضيف: «على سبيل المثال، كيف يكون وقف إطلاق النار مستداماً، ما زال هناك خلافات على نقاط عدة من الحدود بين لبنان وإسرائيل؟ ما يسمى بالمبادرة الأميركية تعنى بهذه المسألة بشكل خاص. آموس هوكستين يسعى إلى إيجاد حل من خلال ترسيم الحدود البرية على نسق ما ساعد في تحقيقه بالنسبة للحدود البحرية، ويردد دائماً أنه يعمل بالاشتراك مع حلفائه لهذا الغرض».

ويلفت طبارة إلى أنه «إذا حصل أي اتفاق مستدام لوقف إطلاق النار أو لترسيم الحدود فمن سيوقّع هذه الاتفاقات غير رئيس الجمهورية اللبنانية باسم لبنان، وهو المخول بذلك حسب الدستور اللبناني؟ هذه مهمة اللجنة الخماسية على مستوى السفراء في لبنان؛ ولذلك يقوم هؤلاء بجولات متتالية على القوى السياسية المختلفة في محاولة لدفع عملية انتخاب رئيس للجمهورية»، مضيفاً: «وهكذا فكل ما يسمى مبادرات يقع في إطار اللجنة الخماسية التي تتمثل دولها بوزراء الخارجية وتصبّ كلها في هدف واحد هو التهدئة ثم الوصول إلى وقف إطلاق نار مستدام».


مقالات ذات صلة

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي بالقصر الحكومي في بيروت 28 ديسمبر 2021 (رويترز) play-circle 00:50

ميقاتي: متمسكون بسيادة لبنان على كل أراضيه براً وبحراً وجواً

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الأربعاء، التمسك بسيادة لبنان على كل أراضيه براً وبحراً وجواً

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع في سوتشي بروسيا 23 نوفمبر 2021 (رويترز)

السلطة الفلسطينية ترحّب بوقف إطلاق النار في لبنان

رحبت الرئاسة الفلسطينية، اليوم الأربعاء، بالإعلان عن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي غارة إسرائيلية تستهدف أحد المعابر عند الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

لبنان: بدء تقييم أوضاع الجسور المتضررة من الهجمات الإسرائيلية في المعابر الحدودية بالشمال

أفادت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» بأن وزارة الأشغال العامة والنقل بدأت التحضير لترميم طريق معبر المصنع الحدودي مع سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

طوفان من نار يستبق وقف النار

استبقت إسرائيل الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بينها وبين «حزب الله» الذي يبدأ سريانه الرابعة فجر اليوم (الأربعاء) بتوقيت بيروت وتل أبيب (الثانية بتوقت غرينتش.


اللبنانيون يحتفلون بوقف إطلاق النار... ونازحون يعودون إلى الجنوب والبقاع رغم التحذيرات

يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)
يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)
TT

اللبنانيون يحتفلون بوقف إطلاق النار... ونازحون يعودون إلى الجنوب والبقاع رغم التحذيرات

يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)
يلوِّح الناس بالأعلام اللبنانية وأعلام حركة «أمل» في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (رويترز)

مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ في الساعة الرابعة من صباح اليوم (الأربعاء) بالتوقيت المحلي (02:00 بتوقيت غرينتش)، نزل آلاف اللبنانيين إلى شوارع في بيروت، احتفالاً.

وسُمع دوي طلقات نارية في أنحاء العاصمة بيروت، بعد سريان وقف إطلاق النار؛ لكن لم يتضح بعد ما إذا كان ذلك احتفالًا.

أما في النبطية، فأطلق مواطنون مفرقعات نارية، ابتهاجاً بعودتهم إلى الجنوب.

ومع دخول وقف إطلاق النار حيِّز التنفيذ، بدأ أهالي الجنوب والبقاع العودة إلى قراهم. وتشهد الطرق المؤدية إلى هاتين المنطقتين مواكب للسيارات التي تنقل العائلات.

رجل يلوِّح بعلم لبنان في مدينة صيدا بالجنوب بينما يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار (أ.ف.ب)

وتوجهت مئات السيارات نحو الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، مع انعدام حركة الطيران الحربي والمُسيَّرات الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية، رغم تحذير الجيش الإسرائيلي النازحين من العودة إلى مناطقهم.

امرأة تحمل صورة حسن نصر الله أثناء عودتها إلى الضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ب)

وكان الجيش الإسرائيلي قد وجَّه -فجر الأربعاء، إثر بدء سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بينه وبين «حزب الله»- تحذيراً إلى النازحين من جنوب لبنان من العودة إلى منازلهم، والاقتراب من مواقعه في هذه المنطقة.

وقال المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، عبر حسابه في منصة «إكس»: «إنذار عاجل إلى سكان جنوب لبنان: مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيِّز التنفيذ، وبناء على بنوده، يبقى الجيش الإسرائيلي منتشراً في مواقعه داخل جنوب لبنان. يحظر عليكم التوجه نحو القرى التي طالب جيش الدفاع بإخلائها، أو باتجاه قوات جيش الدفاع في المنطقة».