تزايد ضغوط إيران على دمشق لاسترداد ديونها عبر الاستثمارات

دمشق ترضخ في ظل غياب مشاريع أخرى وتدعو الإمارات للتعاون الاقتصادي

توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)
توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)
TT

تزايد ضغوط إيران على دمشق لاسترداد ديونها عبر الاستثمارات

توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)
توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)

تزيد إيران من ضغوطها على الحكومة السورية لوضع الاستثمارات الاستراتيجية التي حصلت عليها بموجب اتفاقيات أُبرمت بين البلدين موضع التنفيذ، لسداد الديون السورية البالغة 50 مليار دولار. ونجحت طهران في تسريع إجراءات تحويل تلك الاتفاقيات التي كانت دمشق تتردد بتنفيذها إلى واقع ملموس، مستغلة أنها باتت تشكل «شريان الحياة» بالنسبة للحكومة السورية في ظل الانهيار الاقتصادي في البلاد.

مصادر متابعة في دمشق أكدت أن طهران تضغط منذ عدة سنوات على دمشق لتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، خصوصاً بعد زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي لدمشق مايو الماضي (أيار)، وتوقيع «مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي» في مجالات كثيرة، والتأكيد على ضرورة وضع الاتفاقيات العديدة الموقعة بين البلدين موضع التنفيذ.

أرشيفية لمصنع سابا الإيراني لتجميع السيارات في حمص وسط سوريا تأسس 2007 وفي الخلفية ملصق لمصافحة الأسد ورئيس إيران السابق أحمدي نجاد (رويترز)

وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة السورية ترى أن تلك الاتفاقيات مجحفة بالنسبة لها، كونها منحت إيران امتيازات على حساب المصالح السورية، وأنها تحرمها من الحصول على موارد مالية تدعم خزينتها، لأن الهدف الرئيسي منها هو استعادة الدَّين الإيراني، وبالتالي تتردد الحكومة في تنفيذها لـ«إبقاء الاقتصاد ورقة على أمل إقناع دول عربية وغربية بالاستثمار في سوريا».

منجم الفوسفات في حمص بسوريا (سانا)

يشار إلى أنه جرى في أغسطس (آب) الماضي تسريب وثيقة حكومية مصنفة «سرية» صادرة عن الرئاسة الإيرانية إلى وسائل الإعلام تتعلق بإنفاق طهران 50 مليار دولار على الحرب في سوريا، خلال 10 سنوات، واعتبارها «ديوناً» تريد استعادتها على شكل استثمارات، ونقل للفوسفات والنفط والموارد الأخرى إلى الحكومة الإيرانية.

وفق الوثيقة، هناك 8 مشاريع استثمارية ستنفق إيران 947 مليون دولار عليها حتى تتمكن من استرداد نحو 18 ملياراً خلال 50 عاماً.

خبير اقتصادي في دمشق قال لنا إن «الإنتاج في مناطق الحكومة شبه معدوم، بسبب الدمار الهائل الذي طال كل القطاعات خلال سنوات الحرب، وبالتالي فإن موارد الحكومة شحيحة جداً، وهي تستورد معظم احتياجات البلاد، وباتت تعتمد بشكل كبير في ذلك على إيران بعد انشغال حليفتها روسيا في حربها بأوكرانيا».

وأوضح الخبير أن «إيران تستغل حالة الانهيار الاقتصادي في مناطق الحكومة التي تتعمق باستمرار، وأن الحكومة السورية في ظل امتناع الدول العربية والأجنبية عن تنفيذ مشاريع استثمارية فيها، بسبب العقوبات الغربية، وجدت نفسها مجبرة على الرضوخ لضغوط إيران التي باتت تتحكم بدمشق، خصوصاً بمسألة توريد النفط والغاز والمواد الغذائية الأساسية للبلاد، كونها المورد الوحيد». في ظل هذه الأوضاع باتت إيران تشكل «شريان الحياة» للحكومة السورية، على حد قول الخبير.

متداولة للمقر الرئيسي لشركة «وفا تيليكوم» المشغل الثالث للاتصالات الخليوية في سوريا

وفي مؤشر على قرب ترجمة الاتفاقات المبرمة بين دمشق وطهران إلى واقع ملموس، أعلن إياد الخطيب وزير الاتصالات والتقانة في الحكومة السورية منذ أيام، وفقاً لصحيفة «الوطن» المقربة من الحكومة، أن المكالمة التجريبية الأولى من المشغل الثالث للخليوي والمعروف باسم «وفا تيليكوم» ستكون في سبتمبر (أيلول) المقبل، ومن ثم سيتم بعدها الإطلاق التجاري للمشغل.

فيما أكد عاملون في شركات خاصة تعمل في تركيب أبراج الاتصالات الخاصة بالهاتف الجوال أنه تم تركيب كثير من الأبراج لتخدم «وفا تيليكوم» التي ذكرت وسائل إعلام محلية أن 7 شركات سورية محلية أسستها، لكن تحقيق أجرته «مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد» و«مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية»، ورد فيه بالاستناد إلى وثائق سورية وماليزية، أن بعض هذه الشركات تساهم بها شخصيات من الحرس الثوري الإيراني.

أحد العاملين قال لنا «أغلب مناطق دمشق تم تركيب أبراج فيها»، فيما أكد مصدر متابع آخر في دمشق، أن هناك تسريعاً لإجراءات تنفيذ اتفاقيات «تأسيس بنك مشترك» بين البلدين، و«تطوير التعامل المصرفي من خلال تحديد آليات التعامل بالعملات المحلية»، و«تأسيس شركة للتأمين»، و«تطوير اتفاقية التجارة الحرة» واتفاقيات أخرى.

حسين أكبري سفيراً مفوضاً فوق العادة في دمشق (وكالة تسنيم)

وبهدف تسريع تنفيذ تلك الاتفاقيات عيّنت إيران، أبريل (نيسان) 2023، لمتابعة هذا الشأن حسين أكبري سفيراً مفوضاً فوق العادة في دمشق، والذي يكثف لقاءاته مع المسؤولين السوريين لهذا الهدف. كما يقوم بنشاط لافت بين مؤسسات الدولة وغرف التجارة والصناعة، ويؤكد أن أولوية السفارة في الوقت الحالي هو الملف الاقتصادي.

المركز التجاري الإيراني بالمنطقة الحرة في دمشق افتتح في العام 2021 (سانا)

واجتمع في 21 الشهر الحالي بحسب وسائل إعلام محلية مع ثلاثة وزراء من الحكومة السورية كل على حدة، وهم وزير الصناعة عبد القادر جوخدار، ووزير الاقتصاد سامر الخليل، بالإضافة إلى رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي، فادي الخليل، الذي يعتبر بمثابة وزير، وبحث معهم الخطوات العملية والفنية والقانونية للبدء بإقامة عدد من المشاريع الصناعية المشتركة بين البلدين.

بحث وزير الصناعة عبد القادر جوخدار مع سفير الإمارات حسن الشحي تعزيز التعاون بين سوريا والإمارات في المجال الصناعي (موقع الوزارة)

في المقابل، برزت الأربعاء الماضي دعوة رسمية سورية لدولة الإمارات للتعاون المشترك في القطاع الاقتصادي والصناعي، وزيادة فرص الاستثمار في المشاريع الصناعية، وذلك خلال لقاء وزير الصناعة عبد القادر جوخدار مع السفير المفوض فوق العادة لدولة الإمارات في سوريا حسن الشحي.

ونقلت صفحة الوزارة في «فيسبوك» عن جوخدار قوله خلال اللقاء «نثمن مواقف دولة الإمارات، ووقوفها إلى جانب الشعب السوري، ونتطلع إلى مزيد من التعاون المشترك في القطاع الاقتصادي والصناعي، وزيادة فرص الاستثمار في المشاريع الصناعية».

من جهته، أكد السفير الشحي حرص دولة الإمارات على الأمن القومي العربي، وضمان تمتين العلاقات بين الدول العربية، ونوه إلى الدور الحيوي لدولة الإمارات الداعم للأشقاء في كافة المجالات، وأكد على أهمية استمرارية اللقاءات الثنائية لتحقيق تقدم مثمر في مجالات التعاون المشتركة في القطاع الاقتصادي.

وجرى خلال اللقاء تسليم دعوة من الجانب الإماراتي لوزير الصناعة لحضور النسخة الـ13 من قمة الـAIM للاستثمار التي تقام خلال الشهر المقبل في أبوظبي.

المشاريع الإيرانية في سوريا

وفي قائمة تلك المشاريع اتفاق حول منجم سوري للفوسفات بطاقة 1.05 مليار طن. وبحسب الاتفاق من المفترض أن تحصل إيران على جزء من مطالبها في هذا المنجم خلال 50 عاماً، باستثمار 125 مليون دولار سيتم تنفيذه خلال 3 سنوات.

ووفق الوثيقة الإيرانية التي تسربت العام الماضي، تم تنفيذ هذا العقد منذ عام 2018، حيث جرى استخراج 2.05 مليون طن من الفوسفات من هذا المنجم حتى فبراير (شباط) العام 2022.

وهناك عقد يتعلق بحقل نفط حمص «رقم 21» وسط سوريا، باحتياطي 100 مليون برميل، وذكرت الوثيقة أن تنفيذ هذا العقد الذي تبلغ مدته 30 عاماً بدأ في عام 2020، إذ ستستثمر إيران 300 مليون دولار فيه لإنجازه في غضون 5 سنوات لتسد سوريا 3.4 مليار دولار من ديونها من هذا الحقل.

كذلك هناك عقد آخر في حقل «رقم 12» في البوكمال شرق سوريا مدته 30 عاماً ومن المتوقع أنه باستثمار 300 مليون دولار في غضون 5 سنوات، سوف تكسب إيران منه ما مجموعه 3 مليارات دولار.

ومن ضمن المشاريع، إنشاء وتشغيل محطة للهاتف الجوال في سوريا من خلال إنفاق 222 مليون دولار خلال 3 سنوات لتحصل طهران بذلك على دخل متوقع بمبلغ 1.5 مليار دولار. هناك أيضاً اتفاقية تقضي بحصول إيران على جزء من دخل ميناء اللاذقية، وقد حصلت على جزء من حصتها في عامي 2019 و2020، ومن المفترض أن تستمر عملية دفع هذه المستحقات لمدة 20 عاماً.

كما أن هناك عقوداً لـ«استثمار 5 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية» في سوريا. ومن المفترض أن يغطي هذا المشروع 25 مليون دولار من ديون سوريا لإيران في غضون 25 عاماً.

إضافة إلى ذلك هناك عقد لإنشاء معمل لإنتاج حليب الأطفال المجفف بالقرب من منشأة أبقار «زاهد» لتربية المواشي بطرطوس، ومن المقرر أن يحدث من خلاله سداد 7 ملايين دولار من الديون المستحقة على سوريا لإيران على مدى 25 عاماً.


مقالات ذات صلة

برلين تتسلم من كوبنهاغن مشتبهاً به في التجسس لصالح إيران

شؤون إقليمية قاضي التحقيق في المحكمة الاتحادية العليا في كارلسروه نفّذ أمر التوقيف بحق المواطن الدنماركي الذي يُشتبه بتجسسه لإيران (د.ب.أ)

برلين تتسلم من كوبنهاغن مشتبهاً به في التجسس لصالح إيران

سلمت السلطات الدنماركية، الاثنين، ألمانيا مواطناً دنماركياً يشتبه بتجسسه لصالح الاستخبارات الإيرانية على منظمات وأفراد يهود في العاصمة برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)

إيران تراهن على موسكو وبكين لتعطيل «سناب باك»

سيناقش وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الملف النووي الإيراني مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في الصين.

«الشرق الأوسط» (لندن - بكين)
شؤون إقليمية بزشكيان يجتمع مع رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف ورئيس القضاء غلام حسين محسني إجئي مساء السبت (الرئاسة الإيرانية)

إيران تكشف تفاصيل محاولة إسرائيلية لاغتيال رؤساء السلطات الثلاث

كشفت وكالة «فارس»، التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، عن تفاصيل جديدة بشأن ما وصفتها بمحاولة اغتيال إسرائيلية استهدفت اجتماعاً للمجلس الأعلى للأمن القومي.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية مشرّعون إيرانيون يردّدون هتافات منددة بإسرائيل في جلسة عامة الأسبوع الماضي (موقع البرلمان)

نواب إيرانيون يحذرون بزشكيان من «تشجيع التصعيد الأميركي»

وجه 26 مشرعاً إيرانياً رسالة حادة إلى رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان، على خلفية حواره الأخير مع المذيع الأميركي تاكر كارلسون.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
تحليل إخباري رئيس الحكومة محمد السوداني يتوسط رئيس «الحشد» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (أرشيفية - إعلام حكومي)

تحليل إخباري «نبيه بري العراق» تذكرة السوداني إلى ولاية ثانية

يحاول رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني الحصول على غطاء من المرجع الديني علي السيستاني، إذ يواجه فصائل مسلحة تمانع حصر السلاح بيد الدولة.

علي السراي (لندن)

سلاح «حزب الله» يطغى على الجلسة النيابية لمناقشة سياسات حكومة لبنان

مجلس النواب اللبناني في جلسة مناقشة سياسات الحكومة (رويترز)
مجلس النواب اللبناني في جلسة مناقشة سياسات الحكومة (رويترز)
TT

سلاح «حزب الله» يطغى على الجلسة النيابية لمناقشة سياسات حكومة لبنان

مجلس النواب اللبناني في جلسة مناقشة سياسات الحكومة (رويترز)
مجلس النواب اللبناني في جلسة مناقشة سياسات الحكومة (رويترز)

طغى موضوع نزع سلاح «حزب الله»، إضافة إلى الورقة الأميركية وتطبيق القرار 1701، على جلسة البرلمان العامة التي عُقدت الثلاثاء؛ لمناقشة سياسات الحكومة اللبنانية، في حضور رئيسها نواف سلام والوزراء والنواب، وذلك عملاً بأحكام المادتين 136 و137 من النظام الداخلي، حيث وعد رئيس البرلمان نبيه بري بتطبيقهما، بالدعوة إلى جلسة لمناقشة الحكومة بعد كل 3 جلسات تشريعية.

قانون الانتخابات

وتحدَّث في الجلسة الأولى 21 نائباً من أصل 54 نائباً طلبوا الكلام، وأعطيت الكلمة الأولى لنائب رئيس المجلس النيابي إلياس بوصعب، الذي سأل الحكومة عن كيفية التزامها بتحرير جميع الأراضي من الاحتلال الإسرائيلي، وعن الخطوات التي عملت عليها لبدء تطبيق كامل لاتفاق الطائف.

وعدَّ أن «الخلاف كبير وعميق في موضوع قانون الانتخابات النيابية»، قائلاً: «إذا لم نتفق على أي تعديل، فنحن ذاهبون إلى خلاف»،

رئيس البرلمان نبيه بري في جلسة مناقشة سياسات الحكومة (رويترز)

سلاح «حزب الله»

وانتقد عضو كتلة حزب «القوات» النائب جورج عدوان الحكومة، عادّاً أنه «لم يتغير شيء منذ بدء عمل الحكومة حتى اليوم»، داعياً الحكومة إلى «وضع جدول زمني لتفكيك السلاح، وتسلّمه، وفرض السيادة، وهي أمام فرصة أخيرة وعليها التحرّك سريعاً».

وتوجَّه النائب ميشال معوض في كلمته لرئيس الحكومة نواف سلام قائلاً: «ما أنجزتموه ليس كافياً... هناك فرصة تاريخية للبنان لإعادة بناء وطن وإخراج لبنان من العزلة ليعود إلى الخريطة، وإلا المزيد من الاحتلال والدمار والعزلة، وعندها يمكن أن يعود لبنان ساحة لمشاريع التطرف».

وحول موضوع السلاح خارج الدولة قال: «موقف الحكومة جيد، ولكن الترجمة غائبة». ودعا إلى «إصلاح القطاع العام وإشراك المغتربين في الاقتصاد اللبناني».

وشنَّ رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، هجوماً على الحكومة، وقال: «نريد أن يسلِّم (حزب الله) سلاحه للدولة، ولكن لا نريد أن تحصل حفلة تحريض وحرب أهلية توصلنا إلى ما نعرفه. من هنا قلنا إنه لا يمكن اللعب بموضوع النازحين السوريين، وعندما قلنا محتلين بثياب نازحين أصبحنا أمام واقع، وهو أننا متفرجون بثياب حاكمين بغياب الفعل».

ولفت إلى أننا «أمام سلطة متفرجة، لا تبادر لا إلى نزع السلاح، ولا إلى تسليمه. ما يحصل هو عملية شراء وقت بانتظار أن يحصل اتفاق أميركي - إيراني». وقال: «لقد مرَّ 5 أو 6 أشهر على تشكيل الحكومة وعلى بداية العهد، ولا نزال مكاننا، وكلنا يعرف أن هناك عملية انتظار»، مؤكداً أننا «مع تسليم السلاح وليس مع نزعه».

وعدّ النائب فؤاد مخزومي، أن «الحكومة تعاني من التخبط في كل الملفات، كأنها تدور حول نفسها في حلقة مفرغة، بينما اللبنانيون يتطلعون إلى إنجازٍ ولو واحداً، طال انتظاره».

ورأى أن «الحكومة مستقيلة من دورها، لمصلحة تفاهمات رئاسية تختزل مجلس الوزراء، الذي هو مصدر إنتاج القرار في الدستور». وطالب بأن «يكون ملف التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، على طاولة مجلس الوزراء، على أن يعرض على مجلس النواب».

رئيس الحكومة نواف سلام عند مدخل مقر البرلمان اللبناني (رويترز)

أين الدولة؟

وقال عضو كتلة «حزب الله»، النائب إبراهيم الموسوي: «مَن يتحدث عن صداقته للبنان، فليعطِ جيشنا سلاحاً دفاعياً ليحمي الوطن في وجه العدو».

وأضاف: «اللبنانيون يجمعون في مثل هذه الظروف على أن المنطقة تمر بتحولات خطيرة ومصيرية تتصل بمصير دول وتعديل خرائط». وقال: «نحن من أوائل الدعاة للدولة اللبنانية المقتدرة لكل بنيها، ولكن أين هذه الدولة؟ ولا نشكك في وطنية أحد، والجيش هو جيشنا، ولكنْ هناك فيتو خارجي بمنع تسليح الجيش».

ولفت إلى أن «لبنان طبَّق كل ما عليه من اتفاق وقف إطلاق النار، ولم ينفذ الجانب الإسرائيلي بنداً واحداً، ولم تحرك اللجان الضامنة ساكناً لوقف العدوان». ووجه النائب إبراهيم كنعان، في مداخلته أسئلة أساسية عدة للحكومة، حول النازحين السوريين، وعمّا إذا كان هناك كلام جدي مع الدولة السورية والمجتمع الدولي؟، كما سأل: «أين أصبح تطبيق القرار 1701 والالتزام بالانسحاب الإسرائيلي وتطبيق وقف الأعمال العدائية؟ وما جديد السلاح وحصريته بيد الدولة؟ وهل وردت هذه الأجوبة أو حصلت أجوبة حولها مع المفاوض الأميركي؟. فمن واجبنا بصفتنا مجلس نواب معرفة مضمون الورقة، والرد، ورد الفعل عليه. فهذه الصلاحية ليست للحكومة فقط، بل للمجلس النيابي أيضاً واللبنانيين جميعاً في هذا الظرف».

حصرية السلاح

وأكد النائب أديب عبد المسيح أن «الدولة مطالبة بحصر السلاح وضبطه ونزعه وجمعه في كل الأراضي اللبنانية، وليس فقط في الجنوب، بل في جميع المناطق»، مشدداً على أن «حصرية السلاح بيد الدولة هي المدخل الأساسي لبناء الاستقرار».

وقال: «هذه الحكومة لا تقوم بعملها، وعليها وضع خطة طوارئ لأن الوضع الاجتماعي مزرٍ جداً».

وانتقد النائب ياسين ياسين الآلية التي اعتمدتها الحكومة في التعيينات الأخيرة، وتحدَّث عن حصرية السلاح بيد الدولة. وقال: «هذا الأمر ليس شعاراً، بل قاعدة دستورية وسياسية لا تستقيم الدولة من دونها».

وفي قانون الانتخابات، شدَّد ياسين على أن «حق اللبنانيين المنتشرين في الاقتراع لا يجب أن يُختصَر بدوائر رمزية أو تمثيل جزئي. مشاركتهم الكاملة في انتخاب الـ128 نائباً هي حق وطني لا ينتقص».

حكومة الحد الأدنى

وتحدَّث النائب إبراهيم منمينة، فقال: «هناك تقدم بعد 5 أشهر من عمر الحكومة ولكنه ضئيل»، مؤكداً: «إننا لا نريدها أن تكون حكومة الحد الأدنى»، وتحدَّث عن «تحديات تتمثل بالسيادة وحصر السلاح والإصلاحات المالية، ولكن هناك فجوة بين الوعود والتطبيق، وهناك محاصصة نلمسها، وهناك قوى تؤثر على الحكومة والقرار السياسي خارج مجلس الوزراء».

وفي جلسة بعد الظهر، تحدَّث عدد من النواب، حيث ارتكزت أيضاً الكلمات على حصرية السلاح بيد الدولة. وقال رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل في مداخلته متوجهاً إلى نواب «حزب الله» بالقول: «تبيَّن أن سلاح المقاومة لم يحمِ لبنان، وأصبح عبئاً على لبنان، وعليكم وعلينا... حوّلوه لفرصة لنبني بلدنا ولنحميكم ولنحمي بلدنا؛ لأن هذا طموح كل اللبنانيين، رجاء لا تجرّوا البلد إلى أماكن ستدفعون ثمنها وندفع ثمنها لأننا، شئنا أم أبينا، جميعاً في مركب واحد».

وأضاف: «اللبنانيون كلهم يمدون أيديهم للشراكة الوطنية، ولا أحد يريد المواجهة مع (حزب الله)، لا اللبنانيون، ولا الجيش اللبناني».