تزايد ضغوط إيران على دمشق لاسترداد ديونها عبر الاستثمارات

دمشق ترضخ في ظل غياب مشاريع أخرى وتدعو الإمارات للتعاون الاقتصادي

توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)
توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)
TT

تزايد ضغوط إيران على دمشق لاسترداد ديونها عبر الاستثمارات

توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)
توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)

تزيد إيران من ضغوطها على الحكومة السورية لوضع الاستثمارات الاستراتيجية التي حصلت عليها بموجب اتفاقيات أُبرمت بين البلدين موضع التنفيذ، لسداد الديون السورية البالغة 50 مليار دولار. ونجحت طهران في تسريع إجراءات تحويل تلك الاتفاقيات التي كانت دمشق تتردد بتنفيذها إلى واقع ملموس، مستغلة أنها باتت تشكل «شريان الحياة» بالنسبة للحكومة السورية في ظل الانهيار الاقتصادي في البلاد.

مصادر متابعة في دمشق أكدت أن طهران تضغط منذ عدة سنوات على دمشق لتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، خصوصاً بعد زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي لدمشق مايو الماضي (أيار)، وتوقيع «مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي» في مجالات كثيرة، والتأكيد على ضرورة وضع الاتفاقيات العديدة الموقعة بين البلدين موضع التنفيذ.

أرشيفية لمصنع سابا الإيراني لتجميع السيارات في حمص وسط سوريا تأسس 2007 وفي الخلفية ملصق لمصافحة الأسد ورئيس إيران السابق أحمدي نجاد (رويترز)

وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة السورية ترى أن تلك الاتفاقيات مجحفة بالنسبة لها، كونها منحت إيران امتيازات على حساب المصالح السورية، وأنها تحرمها من الحصول على موارد مالية تدعم خزينتها، لأن الهدف الرئيسي منها هو استعادة الدَّين الإيراني، وبالتالي تتردد الحكومة في تنفيذها لـ«إبقاء الاقتصاد ورقة على أمل إقناع دول عربية وغربية بالاستثمار في سوريا».

منجم الفوسفات في حمص بسوريا (سانا)

يشار إلى أنه جرى في أغسطس (آب) الماضي تسريب وثيقة حكومية مصنفة «سرية» صادرة عن الرئاسة الإيرانية إلى وسائل الإعلام تتعلق بإنفاق طهران 50 مليار دولار على الحرب في سوريا، خلال 10 سنوات، واعتبارها «ديوناً» تريد استعادتها على شكل استثمارات، ونقل للفوسفات والنفط والموارد الأخرى إلى الحكومة الإيرانية.

وفق الوثيقة، هناك 8 مشاريع استثمارية ستنفق إيران 947 مليون دولار عليها حتى تتمكن من استرداد نحو 18 ملياراً خلال 50 عاماً.

خبير اقتصادي في دمشق قال لنا إن «الإنتاج في مناطق الحكومة شبه معدوم، بسبب الدمار الهائل الذي طال كل القطاعات خلال سنوات الحرب، وبالتالي فإن موارد الحكومة شحيحة جداً، وهي تستورد معظم احتياجات البلاد، وباتت تعتمد بشكل كبير في ذلك على إيران بعد انشغال حليفتها روسيا في حربها بأوكرانيا».

وأوضح الخبير أن «إيران تستغل حالة الانهيار الاقتصادي في مناطق الحكومة التي تتعمق باستمرار، وأن الحكومة السورية في ظل امتناع الدول العربية والأجنبية عن تنفيذ مشاريع استثمارية فيها، بسبب العقوبات الغربية، وجدت نفسها مجبرة على الرضوخ لضغوط إيران التي باتت تتحكم بدمشق، خصوصاً بمسألة توريد النفط والغاز والمواد الغذائية الأساسية للبلاد، كونها المورد الوحيد». في ظل هذه الأوضاع باتت إيران تشكل «شريان الحياة» للحكومة السورية، على حد قول الخبير.

متداولة للمقر الرئيسي لشركة «وفا تيليكوم» المشغل الثالث للاتصالات الخليوية في سوريا

وفي مؤشر على قرب ترجمة الاتفاقات المبرمة بين دمشق وطهران إلى واقع ملموس، أعلن إياد الخطيب وزير الاتصالات والتقانة في الحكومة السورية منذ أيام، وفقاً لصحيفة «الوطن» المقربة من الحكومة، أن المكالمة التجريبية الأولى من المشغل الثالث للخليوي والمعروف باسم «وفا تيليكوم» ستكون في سبتمبر (أيلول) المقبل، ومن ثم سيتم بعدها الإطلاق التجاري للمشغل.

فيما أكد عاملون في شركات خاصة تعمل في تركيب أبراج الاتصالات الخاصة بالهاتف الجوال أنه تم تركيب كثير من الأبراج لتخدم «وفا تيليكوم» التي ذكرت وسائل إعلام محلية أن 7 شركات سورية محلية أسستها، لكن تحقيق أجرته «مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد» و«مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية»، ورد فيه بالاستناد إلى وثائق سورية وماليزية، أن بعض هذه الشركات تساهم بها شخصيات من الحرس الثوري الإيراني.

أحد العاملين قال لنا «أغلب مناطق دمشق تم تركيب أبراج فيها»، فيما أكد مصدر متابع آخر في دمشق، أن هناك تسريعاً لإجراءات تنفيذ اتفاقيات «تأسيس بنك مشترك» بين البلدين، و«تطوير التعامل المصرفي من خلال تحديد آليات التعامل بالعملات المحلية»، و«تأسيس شركة للتأمين»، و«تطوير اتفاقية التجارة الحرة» واتفاقيات أخرى.

حسين أكبري سفيراً مفوضاً فوق العادة في دمشق (وكالة تسنيم)

وبهدف تسريع تنفيذ تلك الاتفاقيات عيّنت إيران، أبريل (نيسان) 2023، لمتابعة هذا الشأن حسين أكبري سفيراً مفوضاً فوق العادة في دمشق، والذي يكثف لقاءاته مع المسؤولين السوريين لهذا الهدف. كما يقوم بنشاط لافت بين مؤسسات الدولة وغرف التجارة والصناعة، ويؤكد أن أولوية السفارة في الوقت الحالي هو الملف الاقتصادي.

المركز التجاري الإيراني بالمنطقة الحرة في دمشق افتتح في العام 2021 (سانا)

واجتمع في 21 الشهر الحالي بحسب وسائل إعلام محلية مع ثلاثة وزراء من الحكومة السورية كل على حدة، وهم وزير الصناعة عبد القادر جوخدار، ووزير الاقتصاد سامر الخليل، بالإضافة إلى رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي، فادي الخليل، الذي يعتبر بمثابة وزير، وبحث معهم الخطوات العملية والفنية والقانونية للبدء بإقامة عدد من المشاريع الصناعية المشتركة بين البلدين.

بحث وزير الصناعة عبد القادر جوخدار مع سفير الإمارات حسن الشحي تعزيز التعاون بين سوريا والإمارات في المجال الصناعي (موقع الوزارة)

في المقابل، برزت الأربعاء الماضي دعوة رسمية سورية لدولة الإمارات للتعاون المشترك في القطاع الاقتصادي والصناعي، وزيادة فرص الاستثمار في المشاريع الصناعية، وذلك خلال لقاء وزير الصناعة عبد القادر جوخدار مع السفير المفوض فوق العادة لدولة الإمارات في سوريا حسن الشحي.

ونقلت صفحة الوزارة في «فيسبوك» عن جوخدار قوله خلال اللقاء «نثمن مواقف دولة الإمارات، ووقوفها إلى جانب الشعب السوري، ونتطلع إلى مزيد من التعاون المشترك في القطاع الاقتصادي والصناعي، وزيادة فرص الاستثمار في المشاريع الصناعية».

من جهته، أكد السفير الشحي حرص دولة الإمارات على الأمن القومي العربي، وضمان تمتين العلاقات بين الدول العربية، ونوه إلى الدور الحيوي لدولة الإمارات الداعم للأشقاء في كافة المجالات، وأكد على أهمية استمرارية اللقاءات الثنائية لتحقيق تقدم مثمر في مجالات التعاون المشتركة في القطاع الاقتصادي.

وجرى خلال اللقاء تسليم دعوة من الجانب الإماراتي لوزير الصناعة لحضور النسخة الـ13 من قمة الـAIM للاستثمار التي تقام خلال الشهر المقبل في أبوظبي.

المشاريع الإيرانية في سوريا

وفي قائمة تلك المشاريع اتفاق حول منجم سوري للفوسفات بطاقة 1.05 مليار طن. وبحسب الاتفاق من المفترض أن تحصل إيران على جزء من مطالبها في هذا المنجم خلال 50 عاماً، باستثمار 125 مليون دولار سيتم تنفيذه خلال 3 سنوات.

ووفق الوثيقة الإيرانية التي تسربت العام الماضي، تم تنفيذ هذا العقد منذ عام 2018، حيث جرى استخراج 2.05 مليون طن من الفوسفات من هذا المنجم حتى فبراير (شباط) العام 2022.

وهناك عقد يتعلق بحقل نفط حمص «رقم 21» وسط سوريا، باحتياطي 100 مليون برميل، وذكرت الوثيقة أن تنفيذ هذا العقد الذي تبلغ مدته 30 عاماً بدأ في عام 2020، إذ ستستثمر إيران 300 مليون دولار فيه لإنجازه في غضون 5 سنوات لتسد سوريا 3.4 مليار دولار من ديونها من هذا الحقل.

كذلك هناك عقد آخر في حقل «رقم 12» في البوكمال شرق سوريا مدته 30 عاماً ومن المتوقع أنه باستثمار 300 مليون دولار في غضون 5 سنوات، سوف تكسب إيران منه ما مجموعه 3 مليارات دولار.

ومن ضمن المشاريع، إنشاء وتشغيل محطة للهاتف الجوال في سوريا من خلال إنفاق 222 مليون دولار خلال 3 سنوات لتحصل طهران بذلك على دخل متوقع بمبلغ 1.5 مليار دولار. هناك أيضاً اتفاقية تقضي بحصول إيران على جزء من دخل ميناء اللاذقية، وقد حصلت على جزء من حصتها في عامي 2019 و2020، ومن المفترض أن تستمر عملية دفع هذه المستحقات لمدة 20 عاماً.

كما أن هناك عقوداً لـ«استثمار 5 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية» في سوريا. ومن المفترض أن يغطي هذا المشروع 25 مليون دولار من ديون سوريا لإيران في غضون 25 عاماً.

إضافة إلى ذلك هناك عقد لإنشاء معمل لإنتاج حليب الأطفال المجفف بالقرب من منشأة أبقار «زاهد» لتربية المواشي بطرطوس، ومن المقرر أن يحدث من خلاله سداد 7 ملايين دولار من الديون المستحقة على سوريا لإيران على مدى 25 عاماً.


مقالات ذات صلة

تقرير: إيران تعمل على حشد فلول «الفرقة الرابعة» لتأجيج الوضع في سوريا

المشرق العربي عناصر من «فاطميون» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني في دير الزور بشرق سوريا (أرشيفية)

تقرير: إيران تعمل على حشد فلول «الفرقة الرابعة» لتأجيج الوضع في سوريا

قال موقع «تلفزيون سوريا» إن إيران تعمل منذ مطلع شهر ديسمبر الجاري، على حشد فلول الفرقة الرابعة المرتبطة بإيران لتأجيج الوضع في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)

الرئيس الإيراني يدافع عن موازنة «منضبطة» وسط العقوبات

دافع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأحد، عن مشروع موازنة العام الجديد، معتبراً إياه أداة لضبط الاقتصاد في ظل العقوبات وتراجع الإيرادات.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

أثار إعلان مجموعة القراصنة الإيرانية، المعروفة باسم «حنظلة»، اختراق الهاتف الجوال لرئيس طاقم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، حالة من القلق في محيط نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل ابيب)
شؤون إقليمية صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)

صحيفة: إيران جندت عشرات العملاء داخل إسرائيل

قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية إنه في غضون عام واحد ألقت إسرائيل القبض على العشرات من مواطنيها الذين جندتهم إيران بهدف التجسس لصالحها.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ)

بدأت الحكومة الإسرائيلية سحب تصاريح منظمات إنسانية دولية تعمل في مناطق قطاع غزة والضفة الغربية، بذريعة عدم استكمال إجراءات التسجيل المطلوبة، لممارسة أي أنشطة لها داخل تلك المناطق.

وقالت الحكومة الإسرائيلية إنها ستسحب تراخيص 37 منظمة إنسانية منها «أطباء بلا حدود» و«أكشن إيد»، بدعوى «صلتها بالإرهاب»، زاعمة أن تلك المنظمات الإنسانية توظف فلسطينيين ضالعين فيما تصفها بـ«الأنشطة الإرهابية».

وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء، بأن السلطات الإسرائيلية أرسلت بالفعل إخطارات إلى أكثر من 12 منظمة إنسانية دولية، بأن التصاريح الممنوحة لها للعمل داخل قطاع غزة والضفة الغربية، سيتم إلغاؤها بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، وأنه يجب إنهاء أنشطتها بالكامل في الأول من مارس (آذار) المقبل.

جنود إسرائيليون أمام مقر رئاسة «الأونروا» في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وادعت السلطات الإسرائيلية أن قسماً من تلك المنظمات رفض تقديم قوائم كاملة بأسماء الموظفين الفلسطينيين العاملين فيها لإجراء فحص أمني بشأنهم، مدعيةً أن فحصاً أمنياً لموظفين يعملون في منظمة «أطباء بلا حدود» أظهر تورط بعضهم في «نشاطات إرهابية»، حيث تم في يونيو (حزيران) 2024، تصفية ناشط في «الجهاد الإسلامي» كان يعمل لدى المنظمة، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، تم الكشف عن موظف آخر يعمل قناصاً لصالح حركة «حماس»، وفقاً لذات الصحيفة.

ويقود هذه الخطوة فريق وزاري مشترك برئاسة وزراء شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية، الذي أرسل الخطابات الرسمية لتلك المنظمات، ومن بينها منظمة «أطباء بلا حدود».

وكانت الحكومة الإسرائيلية أمهلت المنظمات لاستيفاء المتطلبات حتى 9 سبتمبر الماضي، وتم تمديد القرار حتى 31 ديسمبر (كانون الثاني) الحالي.

وتزعم مصادر سياسية وأمنية إسرائيلية أنه «لا توجد نية لعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في قطاع غزة». ووفقاً للمصادر التي نقلت عنها وسائل إعلام عبرية، فإن «المنظمات التي سُحبت تراخيصها لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من إجمالي المساعدات، وأن الغالبية العظمى منها لا تزال تقدم عبر جهات أخرى وبوسائل خاضعة للرقابة».

موظفو منظمة «أطباء بلا حدود» في أثناء تنظيمهم مظاهرة يونيو الماضي في جنيف ضد عسكرة إمدادات المساعدات الإنسانية في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مكتب تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية إنه يتوقع أن تقود تلك المنظمات حملات «تضليلية تهدف لتشويه سمعة إسرائيل»، تدعي من خلالها أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، زاعماً أنه «لن يُلحق أي ضرر بنطاق المساعدات الإنسانية بعد تطبيق القانون».

وقال وزير شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية، عميحاي شيكلي: «أنا فخور بأن الحكومة قد فوضت وزارتي بقيادة الفريق المكلف بوضع حد للأنشطة المعادية لدولة إسرائيل تحت ستار المساعدات الإنسانية. الرسالة واضحة: المساعدات الإنسانية نعم، لكن استغلالها لأغراض إرهابية لا».

وفي الثاني والعشرين من الشهر الحالي، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، وهي إحدى أكبر المنظمات الطبية العاملة في غزة، من أن القواعد الإسرائيلية الجديدة لتسجيل المنظمات الدولية غير الحكومية قد تترك مئات آلاف الأشخاص في غزة من دون القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية المنقِذة للحياة بحلول عام 2026.

وقالت: «هذه المتطلبات الجديدة تهدّد بسحب تسجيل هذه المنظمات، ومن شأن عدم التسجيل هذا أن يحول دون تمكن منظمات، من بينها (أطباء بلا حدود)، من تقديم الخدمات الأساسية للناس في غزة والضفة الغربية».

ودعت المنظمة السلطات الإسرائيلية إلى ضمان تمكين المنظمات الدولية غير الحكومية من الحفاظ على استجابتها المستقلة وغير المتحيّزة في غزة والاستمرار فيها. فالاستجابة الإنسانية المقيّدة أساساً لا تحتمل مزيداً من التفكيك. كما قالت.


سوريا: توقيف 21 شخصاً على صلة بالأسد في اللاذقية بعد أعمال عنف

عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
TT

سوريا: توقيف 21 شخصاً على صلة بالأسد في اللاذقية بعد أعمال عنف

عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)

أوقفت السلطات السورية 21 شخصاً متهمين بالارتباط بحكم بشار الأسد في غرب البلاد، وفقاً للتلفزيون الرسمي، بعيد فرض حظر تجوّل في مدينة اللاذقية، غداة أعمال عنف شهدتها هذه المنطقة ذات الغالبية العلوية.

وشهدت أحياء ذات غالبية علوية أعمال عنف، الاثنين، غداة مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل جراء إطلاق نار أثناء مظاهرات شارك فيها الآلاف في محافظة اللاذقية دعت إليها مرجعية علوية؛ احتجاجاً على انفجار استهدف مسجداً في حي للطائفة بمدينة حمص، وقُتل اثنان منهم برصاص قوات الأمن.

وأورد التلفزيون السوري الرسمي أن «قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية» ألقت القبض «على 21 شخصاً من فلول النظام البائد متورطين بأعمال إجرامية، وتحريض طائفي، واستهداف قوات الأمن الداخلي».

وجاء الإعلان عن التوقيفات بعدما أفاد التلفزيون الرسمي بدخول حظر تجوّل أعلنته السلطات بدءاً من الساعة الخامسة عصراً وحتى السادسة صباح الأربعاء، حيّز التنفيذ في مدينة اللاذقية، وسط انتشار أمني كثيف.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الداخلية في بيان «فرض حظر تجوال» في المدينة «لا يشمل الحالات الطارئة، ولا الكوادر الطبية، ولا فرق الإسعاف والإطفاء»، بينما دعت السكان إلى «الالتزام التام بمضمون القرار والتعاون مع الوحدات المختصة».

وأفاد سكان في أحياء ذات غالبية علوية في مدينة اللاذقية بهجمات وأعمال نهب تخللها تخريب سيارات وممتلكات ليل الاثنين، قبل أن يعود الهدوء وتنتشر القوات الأمنية، حسب الإعلام الرسمي.

وأعرب من جهته المتحدّث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، الثلاثاء، عن رفض السلطات «المطلق لأي أعمال تخريبية أو اعتداءات تمس كرامة المواطنين أو ممتلكاتهم»، مضيفاً أن السلطات سوف تتخذ «الإجراءات القانونية اللازمة» بحقّ مرتكبيها.

وشدّد على أن وزارة الداخلية «لن تسمح بأي تصرفات عبثية أو خارجة عن القانون، مهما كانت المبررات»، مؤكداً «التزامها الكامل بحماية جميع المواطنين السوريين دون استثناء».

ويعدّ الهجوم على المسجد الذي أودى بحياة 8 أشخاص وتبنّته جماعة باسم «سرايا أنصار السنة»، الأحدث ضد الأقلية الدينية التي تعرضت لحوادث عنف عدة منذ سقوط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، المنتمي لهذه الطائفة، في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

وشهدت سوريا موجات دموية من العنف الطائفي، أبرزها في منطقة الساحل بحق مدنيين علويين في مارس (آذار)، بعدما اتهمت السلطات الجديدة في دمشق أنصاراً مسلحين للأسد بإشعال العنف من خلال مهاجمة قوات الأمن.


استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
TT

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

في وقت يستكمل فيه الجيش اللبناني عملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تطرح الأسئلة حول مصير سلاح حركة «حماس» في لبنان، وهي التي لا تزال ترفض تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية والاتفاق اللبناني - الفلسطيني في هذا الإطار.

وبلغ الاستياء الرسمي اللبناني من حركة «حماس» والفصائل الحليفة لها مستويات غير مسبوقة نتيجة رفضها تسليم سلاحها المتوسط والثقيل الموجود جنوب نهر الليطاني، وبالتحديد في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، علماً بأن المهلة التي حددها الجيش اللبناني لإنجاز المرحلة الأولى من قرار الحكومة «حصرية السلاح»، والتي تلحظ المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والحدود الإسرائيلية، تنتهي نهاية عام 2025.

ويفترض أن تعلن الحكومة في جلسة تعقدها مطلع عام 2026 إنجاز المرحلة الأولى وانتقالها لتطبيق المرحلة الثانية بمسعى منها لتجاوز التهديدات الإسرائيلية بشن جولة جديدة من الحرب «لمواجهة محاولات (حزب الله) إعادة بناء قدراته العسكرية».

وتشدُّد «حماس» وفصائل أخرى، يطرح علامات استفهام، لا سيما أن «حزب الله» رضخ وسلّم سلاحه جنوب الليطاني، ما يهدد سلامة واستقرار مخيم الرشيدية إذا قررت إسرائيل استهداف السلاح الموجود داخله، والذي يُعتقد أن بعضه متوسط وثقيل.

وساطات خارجية لمعالجة الملف

وكشف مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط» عن «طلب لبنان وساطات خارجية لمعالجة ملف سلاح (حماس)، وعن ممارسة هذه الدول ضغوطاً على الحركة لم تؤدِ غرضها حتى الساعة». واعتبرت مصادر مواكبة لهذا الملف أن تسليم «فتح» دفعة جديدة من السلاح من مخيم عين الحلوة، الثلاثاء، «هو بمثابة محاولة جديدة للضغط على (حماس) لتسليم سلاحها».

عنصر في الجيش اللبناني على مدخل مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت (إ.ب.أ)

ويعبّر رئيس لجنة الحوار اللّبناني - الفلسطيني السّفير رامز دمشقية بوضوح عن الاستياء الرسمي اللبناني من موقف حركة «حماس» والفصائل الحليفة لها، وطريقة تعاطيها مع هذا الملف.

وقال دمشقية، لـ«الشرق الأوسط»: «طالما هذه الفصائل تعلن أنها تحت سقف الدولة اللبنانية، فالمفروض بها أن تلتزم بقرارات الدولة، لا أن تلجأ للمراوغة من خلال ربط التسليم بملف الحقوق»، مضيفاً: «نعلم أن هناك حقوقاً ومطالب، ونحن نعمل على هذا الملف بجدية... لكننا نرفض أي مقايضة بين ملف وآخر».

ويرى دمشقية أنه «لا نفع أو جدوى من اجتماعات موسعة مع الفصائل»، معتبراً أن «المطلوب من (حماس) والفصائل الحليفة التواصل مع الجيش اللبناني لتحديد مواعيد لتسليم السلاح، تماماً كما فعلت فصائل منظمة التحرير».

وترفض حركة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وفصائل أخرى حليفة لها مقررات القمة اللبنانية - الفلسطينية، وترى أنه يفترض بالدولة اللبنانية حل الملف الفلسطيني في لبنان سلة واحدة؛ أي عدم إعطاء الأولوية للسلاح على الحقوق والمطالب الفلسطينية.

وتقول مصادر «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إنها «لا تزال تنتظر دعوة السفير دمشقية كل الفصائل للحوار بشأن ملف السلاح والملفات العالقة المرتبطة بالحقوق الفلسطينية والتفاهم على ورقة تشكل أرضية للحل»، لافتة إلى أنه «وفي اللقاء الأخير مع السفير دمشقية وعد بالدعوة لحوار مماثل، لكن ذلك لم يحصل ولم يتم توجيه أي دعوة».

جنود قرب مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان خلال عملية تسليم مجموعات فلسطينية سلاحها للجيش اللبناني 13 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

ويبدو محسوماً ألا خطة سياسية - عسكرية لبنانية لجمع السلاح الفلسطيني بالقوة؛ إذ تقول مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن «مهام الجيش في التعامل راهناً مع ما تبقى من سلاح داخل المخيمات الفلسطينية، تقتصر على منع دخول أو خروج السلاح منها، بحيث تم تشديد الإجراءات الأمنية المتخذة على المداخل والمخارج الأساسية والفرعية للمخيمات المنتشرة في كل المناطق اللبنانية».

تسليم الدفعة الخامسة من سلاح «فتح»

وأعلن الجيش اللبناني، الثلاثاء، أنه «واستكمالاً لعملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تسلَّمَ الجيش كمية من السلاح الفلسطيني من مخيم عين الحلوة (في جنوب لبنان)، بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية»، مشيراً إلى أنها شملت أنواعاً مختلفة من الأسلحة والذخائر الحربية، وقد تسلمتها الوحدات العسكرية المختصة للكشف عليها وإجراء اللازم بشأنها».

من جهته، أعلنت دائرة الإعلام في الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان (الجناح العسكري لحركة «فتح»)، في بيان، أن «قواتها استكملت، الثلاثاء، تسليم الدفعة الخامسة من السلاح الثقيل التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك في مخيم عين الحلوة - صيدا».

وأكد الأسدي أن «هذه الخطوة تأتي تنفيذاً للبيان الرئاسي المشترك الصادر عن الرئيسين الفلسطيني محمود عباس واللبناني جوزيف عون في شهر مايو (أيار) الماضي، وما نتج عنه من عمل اللجنة اللبنانية - الفلسطينية المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات وتحسين الظروف المعيشية فيها».

12 مخيماً فلسطينياً في لبنان

ويبلغ العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى «الأونروا» في لبنان 489.292 شخصاً. ويقيم أكثر من نصفهم في 12 مخيماً منظماً ومعترفاً بها من قبل «الأونروا» هي: الرشيدية، برج الشمالي، البص، عين الحلوة، المية ومية، برج البراجنة، شاتيلا، مار إلياس، ضبية، ويفل (الجليل)، البداوي، ونهر البارد.

وسُجل في الفترة الماضية، وبالتوازي مع انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني الموجود داخل المخيمات، حراك رسمي لافت باتجاه تحسين ظروف عيش اللاجئين الفلسطينيين الذين يرزح نحو 80 في المائة منهم تحت خط الفقر، ويعيشون في أوضاع صعبة جداً داخل مخيماتهم.

وقام السفير دمشقية رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني مع مديرة شؤون «الأونروا» في لبنان، دوروثي كلاوس، بمساعٍ حثيثة مع المسؤولين اللبنانيين المعنيين بمعالجة هذا الملف، من خلال العمل على تخفيف بعض القيود المرتبطة بترميم وإصلاح المنازل، وإصدار بطاقات هوية بيومترية للفلسطينيين.