إجراءات متلاحقة لضبط الانفلاش النقدي في لبنان

من بينها تشجيع استخدام بطاقات الدفع

هل ينجح مصرف لبنان في الحد من اقتصاد الكاش لمكافحة تبييض الأموال؟ (رويترز)
هل ينجح مصرف لبنان في الحد من اقتصاد الكاش لمكافحة تبييض الأموال؟ (رويترز)
TT

إجراءات متلاحقة لضبط الانفلاش النقدي في لبنان

هل ينجح مصرف لبنان في الحد من اقتصاد الكاش لمكافحة تبييض الأموال؟ (رويترز)
هل ينجح مصرف لبنان في الحد من اقتصاد الكاش لمكافحة تبييض الأموال؟ (رويترز)

عزّز البنك المركزي اللبناني إشعاراته الموجهة إلى الهيئات الرقابية الإقليمية والعالمية ووزارة الخزانة الأميركية، بالتزامه مواصلة اتخاذ التدابير الآيلة إلى معالجة أوجه القصور وتطوير آليات مكافحة الجرائم المالية، طبقاً للمعايير الدولية، والتعامل بجدية مع الملاحظات الواردة التي تحدد الثغرات القانونية والإجرائية.

وأكد مصرف لبنان أن الإجراءات المتخذة بدأت تنتج مفاعيل حسيّة باستهدافها تخفيف التعامل النقدي في الأسواق بشكل جيد وتدريجي، وهو يعمل منذ فترة من أجل إعادة تشجيع استعمال وسائل الدفع الإلكترونية، وتخفيف استعمال الدفع النقدي في السوق اللبنانية، وذلك بالتوافق مع المعايير الدولية، ولا سيما تلك المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.

إجراءات لتشجيع استعمال بطاقات الدفع

وفي هذا المجال، بادر البنك المركزي، حسب بيان رسمي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إلى إعادة تشجيع استعمال بطاقات الدفع، وذلك بالتنسيق مع المعنيين، ولا سيما شركتي «ماستركرد» (MasterCard) و«فيزا» (VISA) والمصارف والمؤسسات المالية المعنية بإدارة وإصدار البطاقات. ومن بين هذه الإجراءات العمل على تخفيض تكلفة استعمال بطاقات الدفع محلياً، خاصة البطاقات الصادرة خارج لبنان، والمستعملة في السوق اللبنانية. ويتوقع أن يبدأ ظهور نتائج هذه المبادرات قريباً.

ودعا مصرف لبنان المصارف والمؤسسات المالية لاعتماد التسهيلات كافة لتأمين خدمات الدفع الإلكتروني، ولا سيما تلك المتعلقة ببطاقات الدفع، بأقل تكلفة ممكنة، كما يأمل من التجار كافة عدم وضع أي رسوم أو أعباء إضافية على المستهلك عند استعماله بطاقات الدفع، كون ذلك مخالفاً للقانون ويلحق ضرراً بالاقتصاد الوطني.

إضافة إلى ذلك، يعمل البنك المركزي، بالتعاون والتنسيق مع وزارة المالية، على مشروع اعتماد بطاقات الدفع كوسيلة لتسديد الضرائب والرسوم لدى جميع صناديق وزارة المالية الأساسية المنتشرة على الأراضي اللبنانية كافة، وذلك بعد تركيب أجهزة إلكترونية لنقاط البيع لدى هذه المراكز.

تجدر الإشارة إلى أن مصرف لبنان أصدر منذ عدة أشهر التعميم 165 المتعلق بمقاصة وتسوية الشيكات والتحويلات النقدية بالدولار «الفريش» والليرة اللبنانية. وقد بدأ استعمال التحويلات والشيكات «الفريش» بالارتفاع، وأصبحت الشيكات «الفريش» وسيلة دفع أساسية وآمنة وبديلة عن الدفع النقدي (الكاش).

وفي العام الماضي، عدّل مصرف لبنان التعميم رقم 69 المتعلق بالمدفوعات الإلكترونية، وأعطى تراخيص لعدد من المحافظ الإلكترونية (Mobile Wallets) المستوفية للشروط. وتسمح هذه المحافظ الإلكترونية لمستخدميها بتحويل الأموال في ما بينهم، تجاراً وأفراداً، بشكل فوري وآمن، وفقاً للقوانين والأنظمة ذات الصلة.

التعاون مع القضاء لكشف العمليات المشبوهة

أما في البعد القضائي المتصل بعمليات مالية ومحاسبية مشبوهة، فقد سبق لحاكمية مصرف لبنان أن أرسلت، مباشرة وبواسطة هيئة التحقيق الخاصة، المعلومات والمستندات والحسابات التي من شأنها أن تنير التحقيق الجاري والناتج عن تقرير التدقيق الجنائي لشركة «ألفاريز ومرسال»، وذلك فور طلبها، وتشكل العمليات التي تمت مع الشركة المعنية جزءاً منها، وبدأ القضاء في العمل عليها منذ مدة.

أيضاً، وفي ما يتعلق بالمعلومات عن عمليات قام بها «المركزي» مع إحدى الشركات المالية خلال الفترة ما بين 2015 و2018، أوضح مصرف لبنان أنه عملاً بسياسته المتبعة منذ الأول من أغسطس (آب) من العام الماضي (تاريخ تسلم وسيم منصوري لمهام الحاكمية)، يجري التعاون بشكل وثيق مع الجهات القضائية، وصولاً لإظهار الحقائق كاملة.

كذلك، برز تشديد «المركزي» على ضرورة البدء بتطبيق القانون الصادر منتصف عام 2021، الرامي إلى «إخضاع كل المستفيدين من دعم الحكومة للدولار الأميركي، أو ما يوازيه بالعملات الأجنبية، للتدقيق الجنائي الخارجي».


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، الأحد، عن فقدان المنظومة الكهربائية 5500 ميغاواط نتيجة توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل، ما سيؤدي إلى تراجع توفير الطاقة الكهربائية للمؤسسات الحكومية والمواطنين بنحو 20 في المائة. وأوضحت الوزارة أن إنتاجها من الكهرباء تجاوز 27 ألف ميغاواط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ورغم أن الوزارة عزت «التوقف المفاجئ» إلى «أغراض الصيانة»، فإن مصادر مطلعة على ملف الكهرباء ترجح أن السبب الرئيسي يعود إلى «أسباب مالية»، حيث إن بغداد مدينة لطهران بأكثر من 10 مليارات دولار، لكنها تجد نفسها غير قادرة على سدادها بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وأكدت وزارة الكهرباء في بيان، الأحد، «توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل لأغراض الصيانة لمدة 15 يوماً (وفقاً للجانب الإيراني) عن بغداد والمنطقة الوسطى ومحافظات الفرات الأوسط، مما أدى إلى فقدان المنظومة 5500 ميغاواط».

وأضافت الوزارة أنه «كان من المتفق عليه أن تكون إمدادات الغاز اليوم الأحد بواقع 25 مليون متر مكعب يومياً، ولكن الكمية المدفوعة حالياً هي 7 ملايين متر مكعب، تم تحويلها من بغداد والوسط إلى المنطقة الجنوبية».

أكدت الوزارة أنها «ستعزز التنسيق مع وزارة النفط لتعويض ما فقدته المنظومة من الغاز، وأنها تنفذ حالياً خططها الاستراتيجية والطارئة لرفع قدرات المنظومة الكهربائية الوطنية في جميع قطاعاتها (الإنتاج، والنقل، والتوزيع)».

كما أشارت الوزارة إلى أنها «تعيد العمل بالمشاريع المتلكئة والمتوقفة منذ سنوات عديدة لاستحصال طاقات توليدية كانت ضائعة وغير مستغلة لتحسين الإنتاج ورفع معدلاته بما يناسب استقرار التجهيز، معتمدة في ذلك على جزء من تشغيل محطاتها الإنتاجية بالغاز الوطني، وجزء آخر بالوقود الوطني، وآخر بالغاز المستورد، ريثما تكتمل مشاريع الحكومة العاملة على تأهيل حقول الغاز الوطنية».

وتحدثت عن أنها «ستنسق مع وزارة النفط بشكل أكبر لتعويض ما خسرته المنظومة من غاز». ومعروف أن الغاز المستثمر في الحقول العراقية لا يغطي حاجة محطات توليد الكهرباء.

العقوبات الأميركية

ويميل مصدر مطلع على ملف الكهرباء إلى «الاعتقاد بأن القرار الإيراني المفاجئ مرتبط بمطالبات إيران المالية من العراق».

ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «إيران لا تقوم بإيقاف إمدادات الغاز في هذه الأوقات من السنة في العادة، لأنها ليست أوقات الذروة والأحمال بسبب اعتدال الأجواء المناخية حتى الآن، أغلب الظن أن الأمر مرتبط بالأموال، خاصة ونحن نعلم أن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأخيرة إلى العراق لم تنجح في حل هذه المشكلة».

ولا يستبعد المصدر أن «يرتبط الضغط الإيراني الجديد على العراق بهدف الحصول على أموالها لمواجهة أزمتها الاقتصادية واستثمارها في الحرب مع إسرائيل، وكذلك مواجهة تداعيات عملتها الأخيرة».

كانت أخبار تحدثت عن مفاوضات صعبة خاضها بزشكيان خلال زيارة إلى بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، وذكرت أنه «عرض على العراق أن يتم تسليم الديون عبر عُملة مشتركة»؛ الأمر الذي رفضته بغداد لخشيتها من العقوبات الأميركية، وجراء هذه الخشية يلتزم العراق بالاتفاقيات السابقة التي تتضمن تسليم الديون، من خلال «شراء سلع غير خاضعة للعقوبات مثل النفط الأسود ومنتجات أخرى».

وتراكمت ديون إيران بذمة العراق، التي تتراوح بين 10 و15 مليار دولار منذ أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران نهاية عام 2018، إثر انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي، لكن واشنطن أعطت بعض الاستثناءات للجانب العراقي خلال السنوات الماضية لتسديد بعض من تلك الديون وخاصة في فترات الصيف التي يتصاعد فيها الطلب على الكهرباء، ومع عدم قدرة المحطات العراقية العمل من دون الغاز الإيراني.

وبهدف التغلب على مشكلة العقوبات المفروضة ضد إيران وتنويع العراق لمصادر استيراده للغاز، أعلنت وزارة الكهرباء في أكتوبر الماضي أنها «وقعت عقداً مع تركمانستان لتوريد 20 مليون متر مكعب من الغاز إلى العراق يومياً، بيد أن العقد لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن».

وقال وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، نهاية أكتوبر الماضي، إن «كميات الغاز المستوردة تصل إلى 50 مليون متر مكعب يومياً خلال فصل الصيف، سوف تؤمن من تركمانستان 20 مليون متر مكعب يومياً، والمتبقي من ضمن عقد الغاز الإيراني الذي مدته 5 سنوات».

نقص إمدادات الطاقة بإيران

في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أعلنت السلطات الإيرانية عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء في طهران وعدة محافظات أخرى، بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات. وتشمل الخطة قطع الكهرباء في مناطق مختلفة من العاصمة لمدة ساعتين يومياً بين الساعة السابعة صباحاً والخامسة مساءً، حسبما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.

وأوضحت الشركة العامة لتوزيع الكهرباء أن القرار جاء نتيجة «محدودية إمدادات الغاز المستخدم وقوداً في المحطات»، إضافة إلى مرسوم حكومي يمنع استخدام المازوت في بعض المحطات الكهربائية. ولم تُحدّد السلطات مدة تطبيق الخطة.

على مدى السنوات الأخيرة، واجهت العديد من المدن الإيرانية الكبرى مشكلة التلوث الناتج عن رداءة المازوت المستخدم في المحطات، وفقاً لخبراء. وللحد من هذه الأضرار، أمرت الحكومة بوقف استخدام المازوت في ثلاث محطات كهرباء في أراك وأصفهان (وسط البلاد) وكرج (غرب طهران) حفاظاً على صحة المواطنين.

يُذكر أن الانقطاعات المتكررة للكهرباء، خاصة خلال فصل الصيف، أثارت استياءً شعبياً واسعاً. ففي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت السلطات عن تقليص ساعات العمل في المؤسسات العامة إلى النصف لعدة أيام لتوفير الطاقة.