أزمة النازحين السوريين تتصدّر المشهد... وتحذير من معالجتها عشوائياً

وزير الداخلية: وجودهم غير مقبول... ولبنان لا يتحمّلهم

وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي (أ.ب)
وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي (أ.ب)
TT

أزمة النازحين السوريين تتصدّر المشهد... وتحذير من معالجتها عشوائياً

وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي (أ.ب)
وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي (أ.ب)

أعادت جريمة خطف وقتل منسّق حزب «القوات اللبنانية» في منطقة جبيل، وتوقيف أشخاص من التابعية السورية بشبهة تنفيذ الجريمة، إلى الواجهة أزمة النزوح السوري وتداعياتها الأمنية على لبنان، وتصدّرت هذه الأزمة جدول أعمال مجلس الأمن المركزي الذي عقد اجتماعاً طارئة برئاسة وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، وحضور النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، وقادة الأجهزة الأمنية.

ورأى المولوي في تصريح أدلى به بعد الاجتماع، أنّ «الوجود السوري غير مقبول ولا يتحمله لبنان، ونرى أن هناك الكثير من الجرائم يرتكبها سوريون». وقال: «أكّدنا للقوى الأمنية ضرورة التشدد على تطبيق القوانين اللبنانية على النازحين السوريين»، كاشفاً عن أنّ «نسبة الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية بلغت 35 في المائة تقريباً».

تحذير من استثمار الجريمة للتحريض ضد النازحين

ويحذّر معنيون بهذا الملفّ من مقاربة أزمة النزوح بطريقة عشوائية. ويرى زياد الصائغ، الباحث في السياسات العامة وشؤون اللجوء والهجرة، أن «أزمة النزوح لا يمكن أن تستمر من دون معالجة راديكالية، أيْ أنْ نفكّر بالعمق في تسهيل عودتهم جميعاً على مراحل». ويوضح أن «أغلب النازحين السوريين الموجودين في لبنان موالون للنظام السوري، وهم موجودون في لبنان لأسباب اقتصادية وليست أمنية، وهؤلاء فقدوا صفة اللاجئ».

ويحذّر الصائغ في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من «الدفع باتجاه الاستثمار بجريمة خطف وقتل باسكال سليمان، لإثارة الرأي العام اللبناني، خصوصاً المسيحي، ضدّ النازحين، وهذه الإثارة يتولاها (حزب الله) وحلفاؤه بهدف خلق مشكلة أساسية، هدفها إشاحة النظر عن خطفه للدولة ومصادرة قرارها، وهذه أفضل طريقة يقدّم بها نفسه للمجتمع الدولي على أنه مفاوض قادر على ضبط النزوح في الداخل وضبط الحدود البرية والبحرية، أي إنه أصبح الدولة».

وأشار الصائغ إلى أن «أحد أهداف جريمة قتل باسكال سليمان، عبّرت عنها السردية التي قدمها قادة ونواب في فريق الممانعة، حيث ألقوا بتبعات الجريمة على أزمة النزوح»، مستغرباً «استباق التحقيقات الأمنية والقضائية وتحميل السوريين مسؤولية هذه الجريمة؟».

الصائغ: لا لإغراق البلاد في حمام دم

وتشكل إعادة النازحين إلى بلادهم أولوية لدى أغلب اللبنانيين، لكنّ ثمة تخوّف كبير من فتنة داخلية تخلقها ردّات فعل غير مقبولة تجاههم. وعن هذا يقول الصائغ: «تجب معالجة مسألة النزوح بمسؤولية عالية، وليس عبر إغراق البلد في حمام دمّ، ولا عبر اعتماد الأمن الذاتي الذي يريده (حزب الله)»، معتبراً أن «معالجة مشكلة النزوح تقع بالدرجة الأولى على المجتمع الدولي، وثانياً على الحكومة اللبنانية»، مستغرباً كيف أن البعض «بات يشجّع علناً على الهجرة غير الشرعية من أجل ابتزاز المجتمع الدولي، وهذا استنساخ للنموذج التركي البعيد عن المعايير الإنسانية والموضوعية في التعاطي مع هكذا أزمة».

وأشعل نبأ خطف باسكال سليمان، ومن ثم مقتله، غضباً في منطقة جبيل، حيث أغلق مئات من أنصار «القوات اللبنانية» الطرق مساء الاثنين، واعتدى بعضهم بالضرب على مارّة سوريين، حسبما أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وشدّد الباحث في الشأن اللبناني في منظمة «هيومن رايتس ووتش» رمزي قيس، الثلاثاء، في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية، على ضرورة أن يكون التحقيق «شاملاً وشفافاً». وأضاف: «تهدد محاولة جعل اللاجئين كبش فداء بتأجيج العنف المستمرّ ضد السوريين الذين يتعرضون منذ سنوات لممارسات تمييزية شنيعة وانتهاكات لحقوقهم في لبنان».

من جهتها، حذّرت «الجماعة الإسلامية» في لبنان، من «الانجرار إلى ردّات الفعل والاعتداء على الآمنين من النازحين السوريين، التي هي جريمة لا تقل خطراً بمآلاتها ومفاعيلها عن الجريمة السابقة». ورأت الجماعة أن «الوقت الآن هو وقت رفض كل أشكال الفتنة، وتفويت الفرصة على المتربصين بالبلد وشعبه، ورصّ الصفوف لمواجهة المرحلة الخطيرة التي يمر بها البلد».

الأحدب: لا لتوريط اللبنانيين في مواجهة مع النازحين

أما النائب السابق مصباح الأحدب، فرأى في بيان أن «هناك من يريد توريط المؤسسات العسكرية اللبنانية واللبنانيين في مواجهة مع أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان، في حين أن الحل لأزمة النزوح يبدأ بانسحاب (حزب الله) من المناطق التي يحتلها في الداخل السوري، من القصير إلى الزبداني، مما يسهّل عودة أكثر من 200 ألف نازح إليها»، معتبراً أن «ما يجري اليوم هو وصفة لإعادة افتعال حرب أهلية، فهل يُعقل تكرارها؟».

وطالب الأحدب الحكومة اللبنانية بأن «تبدأ بإعادة أنصار النظام السوري إلى مناطق سيطرته، وأنصار المعارضة إلى مناطق سيطرتها. أما ردّات الفعل غير المسؤولة فهي مطلب من يتربص شراً بالبلد».


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني: قرار حصر السلاح اتُّخذ وننتظر الظروف المناسبة

المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون في مقر البطريركية المارونية صبيحة عيد الفصح (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني: قرار حصر السلاح اتُّخذ وننتظر الظروف المناسبة

حسم الرئيس اللبناني جوزيف عون الجدل حول سلاح «حزب الله» بتأكيده أن «حصر السلاح سننفذه، وقد اتُّخذ القرار بشأنه».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يشاركون في مناورة عسكرية في بلدة عرمتا اللبنانية بتاريخ 21 مايو 2023 (رويترز)

فكرة دمج مقاتلي «حزب الله» بالجيش اللبناني تصطدم بالواقع

تحوّل الطرح الذي قدّمه الرئيس اللبناني جوزيف عون، لدمج مقاتلي «حزب الله» في الجيش اللبناني، إلى مادة نقاش في الأوساط السياسية ولدى الخبراء.

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام خلال جلسة مجلس الوزراء (الرئاسة اللبنانية)

تحليل إخباري استراتيجية الأمن الوطني: سياسة لبنان الدفاعية تنطلق من حصر السلاح بيد الدولة

ينكب رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، على وضع الخطوط العريضة لاستراتيجية الأمن الوطني، التي تنبثق منها استراتيجية الدفاع الوطني.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي مواطن لبناني يتفقد أحد المواقع التي استُهدفت في جنوب لبنان مارس الماضي (أ.ف.ب)

إسرائيل تتهم «حزب الله» بـ«استغلال البنى التحتية المدنية» بجنوب لبنان

كثّفت إسرائيل من وتيرة استهدافاتها للبيوت الجاهزة في جنوب لبنان، بذريعة «استغلال (حزب الله) بنى تحتية مدنية»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام خلال جلسة مجلس الوزراء (الرئاسة اللبنانية)

الحكومة اللبنانية «تقارب» ملف سلاح «حزب الله» من دون قرارات

برز ملف سلاح «حزب الله» وتطبيق القرار الدولي «1701» في صلب النقاشات خلال جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي عُقدت الخميس.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الدفاع المدني بغزة يندد «بعمليات إعدام ميداني» في واقعة مقتل المسعفين

ينعى المسعفون الفلسطينيون زميلهم المسعف عبد الله عوض الذي قُتل في غارات جوية إسرائيلية على الحدود أثناء إسعافه مجموعة من الجرحى (د.ب.أ)
ينعى المسعفون الفلسطينيون زميلهم المسعف عبد الله عوض الذي قُتل في غارات جوية إسرائيلية على الحدود أثناء إسعافه مجموعة من الجرحى (د.ب.أ)
TT

الدفاع المدني بغزة يندد «بعمليات إعدام ميداني» في واقعة مقتل المسعفين

ينعى المسعفون الفلسطينيون زميلهم المسعف عبد الله عوض الذي قُتل في غارات جوية إسرائيلية على الحدود أثناء إسعافه مجموعة من الجرحى (د.ب.أ)
ينعى المسعفون الفلسطينيون زميلهم المسعف عبد الله عوض الذي قُتل في غارات جوية إسرائيلية على الحدود أثناء إسعافه مجموعة من الجرحى (د.ب.أ)

اتهم الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة الجيش الإسرائيلي اليوم (الاثنين) بارتكاب «عمليات إعدام ميداني» بعد إطلاق نار قتل فيه 15 مسعفاً في مارس (آذار) في القطاع، تعليقاً على تقرير تحقيق داخلي نشره الجيش الإسرائيلي أمس (الأحد).

وقال محمد المغير مدير الإمداد الطبي في الدفاع المدني في غزة: «الفيديو الذي ظهر من تصوير أحد المسعفين يثبت كذب رواية الاحتلال الإسرائيلي، وأنه قام بعمليات إعدام ميداني»، متهماً إسرائيل بمحاولة «الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية والهروب من المحاسبة».

وقال الجيش الإسرائيلي أمس (الأحد) إن المراجعة التي أجراها بشأن مقتل 15 من عمال الطوارئ في قطاع غزة الشهر الماضي خلصت إلى وجود «إخفاقات مهنية متعددة» وإنه سيفصل أحد القادة بسبب الواقعة. وقُتل 15 من المسعفين وموظفي الإغاثة بالرصاص في 23 مارس على ثلاث دفعات بالقرب من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، ودُفنوا في حفرة غير عميقة حيث عثر مسؤولون من الأمم المتحدة والهلال الأحمر الفلسطيني على جثثهم بعد أسبوع.

وقال الجيش في بيان إنه سيوبخ قائداً عسكرياً وسينهي مهام أحد نواب القادة، وهو ضابط من قوة الاحتياط تولى قيادة القوة في الميدان، لتقديمه تقريراً منقوصاً وغير دقيق، وأضاف الجيش أن التحقيق كشف عن «إخفاقات مهنية متعددة ومخالفات للأوامر وعدم الإبلاغ عنها بشكل كامل»، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وتابع الجيش الإسرائيلي: «خلص التحقيق إلى أن إطلاق النار في الحادثين الأولين نجم عن فهم عملياتي خاطئ من قبل القوة، في ظل تقديرهم لوجود تهديد حقيقي من قوة معادية اشتبكت معهم. أما في الحادث الثالث، فقد تم إطلاق النار خلافاً للأوامر، أثناء وقوع حادث قتالي».

وذكر الجيش أن المدعي العام العسكري يجري تحقيقاً في الواقعة وقد يقرر توجيه اتهامات جنائية.

وأظهر مقطع مصور عُثر عليه على هاتف أحد القتلى ونشره «الهلال الأحمر الفلسطيني» عمال طوارئ يرتدون زيهم الموحد وسيارات إسعاف وسيارات إطفاء تحمل علامات واضحة ومصابيحها مضاءة ويطلق عليهم جنود النار.

والضحايا هم ثمانية عناصر من الهلال الأحمر وستة من الدفاع المدني في غزة، وآخر من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وعثر على الجثث بعد أيام عدة على الحادث وقد دفنوا في الرمال فيما وصفه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأنه «مقبرة جماعية». وسبق للهلال الأحمر أن رفض الأحد ما خلص إليه التحقيق الإسرائيلي. وقالت المتحدثة باسمه نبال فرسخ في رام الله بالضفة الغربية المحتلة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ما دام الكذب سيد الموقف في التقرير فهو باطل وغير مقبول لأنه يحتوي على تبرير للقتل وتحميل المسؤولية عن الموضوع لخطأ شخصي في قيادة الميدان والحقيقة غير ذلك».

وأثارت الحادثة إدانات دولية، وشبهات ارتكاب «جريمة حرب» بحسب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك.

5 قتلى في قصف على خان يونس

إلى ذلك، قال تلفزيون «الأقصى» الفلسطيني اليوم الاثنين إن خمسة أشخاص قتلوا في قصف إسرائيلي شرقي مدينة خان يونس. وأضاف أن «هؤلاء قتلوا في القصف الصهيوني الذي استهدف منزلًا في منطقة الزنة ببلدة بني سهيلا شرقي مدينة خان يونس فجر اليوم».
كما أسفر القصف أيضا عن سقوط عدد من المصابين، بحسب تلفزيون «الأقصى».