الجيش الإسرائيلي يقيم «خط بارليف» على حدود لبنان

رؤساء بلديات الشمال يطالبون بعمل فوري... يريدون حرباً أو اتفاقاً سياسياً مع «حزب الله»

دمار جراء غارة إسرائيلية على بلدة السلطانية بجنوب لبنان اليوم الاثنين (إ.ب.أ)
دمار جراء غارة إسرائيلية على بلدة السلطانية بجنوب لبنان اليوم الاثنين (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يقيم «خط بارليف» على حدود لبنان

دمار جراء غارة إسرائيلية على بلدة السلطانية بجنوب لبنان اليوم الاثنين (إ.ب.أ)
دمار جراء غارة إسرائيلية على بلدة السلطانية بجنوب لبنان اليوم الاثنين (إ.ب.أ)

في ظل استمرار التوتر على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية، يستعد رؤساء البلديات الإسرائيلية في البلدات الواقعة في المناطق الشمالية، لإطلاق معركة شعبية لإلزام الحكومة بحسم الموقف والتوجه إلى حرب أو إلى اتفاق سياسي يقضي بإبعاد «قوات الرضوان»، وحدات النخبة في «حزب الله»، عن الحدود وإنهاء النزاع الحدودي بين البلدين.

وجاء هذا التهديد في أعقاب التحركات غير العادية التي يجريها الجيش في المنطقة، بعد تهديدات إيران بالانتقام لاغتيال قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» المسؤول عن جبهات سوريا ولبنان وفلسطين العميد محمد رُضي زاهدي. فمع أن إسرائيل تقدر بأن احتمالات أن يكون هناك رد إيراني مباشر باتجاه إسرائيل يقارب الصفر، فإن هناك قناعة بأنه سيكون هناك رد من طرف آخر، قد يكون ميليشيا إيرانية تعمل في العراق أو في سوريا، أو الحوثي في اليمن، وهي تستبعد حتى أن يتحمل مهمة الرد «حزب الله» اللبناني. ولذلك؛ يستعد الجيش لمجابهة هذا التهديد. فقد رفع نسبة الاستنفار حتى نهاية الأسبوع الحالي وباشر في سلسلة عمليات تحصين وتدريبات على مرأى الجمهور في الشمال. ويندرج ضمن ذلك:

مدينة معالوت ترشيحا الإسرائيلية التي تبعد بضعة كيلومترات عن الحدود مع لبنان كما بدت يوم الأحد (أ.ف.ب)

** أقام الجيش ما يشبه خط بارليف الشهير الذي أقامه رئيس أركان الجيش، حايم بارليف، في فترة حرب الاستنزاف مع مصر نهاية ستينيات القرن العشرين، وهو عبارة عن تحصينات عسكرية على طول قناة السويس من الجهة الشرقية، التي كانت محتلة، مغطاة بكثبان رملية عملاقة، علماً أن قوات العبور المصرية قامت بنسفه في حرب 1973. وبدل الكثبان الرملية، أقيمت تلال صخرية على خط بارليف مع لبنان.

** تعزيز الجدار العازل المصنوع من الباطون (الإسمنت) على طول الحدود مع لبنان.

** إعلان نحو 30 بلدة في الشمال مناطق عسكرية يحظر التواجد أو العمل فيها، إلا بتصريح خاص من الجبهة الداخلية. وتم تمديد المنحة المعطاة لنحو 80 ألف مواطن تم إخلاؤهم من بيوتهم في تلك البلدات وتمويل سكناهم في فنادق في مركز البلاد.

جندي إسرائيلي خلال مناورات على الحدود مع لبنان في أكتوبر الماضي (رويترز)

** إجراء تدريبات خاصة لقوات لواء جولاني، بحيث تستفيد من الأخطاء التي تم ارتكابها خلال حرب اجتياح قطاع غزة حالياً. وبحسب مصادر عسكرية، فإن الجيش يضع خطة لقصف مدمر بحرب قصيرة (على عكس غزة)، تشمل اجتياحاً لمناطق في الجنوب اللبناني، مع إبقاء العيون مفتوحة على سوريا لمجابهة خطر هجوم من الميليشيات المرابطة فيها. وتضيف هذه المصادر أن «حزب الله» أقوى عدداً وعدةً من «حماس» و«الجهاد» في غزة، ففي الحزب 100 ألف مقاتل، ما بين جندي منظم وجندي احتياط (التقدير عن «حماس» و«الجهاد» في غزة 40 ألفاً معاً)، ولديه 150 ألف صاروخ ويخطط لإرسال 3- 4 آلاف صاروخ في اليوم إذا ما نشبت الحرب (عدد الصواريخ في غزة 15 ألفاً، بحسب التقديرات الإسرائيلية). ويملك «حزب الله» أيضاً شبكة أنفاق تحت المناطق السكنية، لكنه يحارب في الجبال والغابات بالأساس. وأنفاقه أقوى وأصلب من أنفاق «حماس». والقوة التي يهدد بها الحزب تضاهي عشرة أضعاف قوة «حماس». لذلك؛ هناك حاجة إلى توجيه ضربات فتاكة تستبعد الاشتباك أو تجد له حلولاً أفضل من طرق القتال في غزة.

مقاتلون من «حزب الله» خلال احتفالات «يوم القدس» بضاحية بيروت الجنوبية يوم 5 أبريل (أ.ب)

وترافق مع هذا النشر بث أنباء تتحدث عن تحضيرات للجبهة الداخلية لنقل كميات كبيرة من مواطني بلدات الشمال على نطاق واسع إلى المناطق الوسطى، مثل القدس وتل أبيب؛ مما جعل الناس مقتنعين بأن توسيع الحرب إلى الشمال بات واقعياً أكثر من أي وقت مضى. ويتحدثون عن شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) موعداً لحرب لبنان الثالثة. وقد تندلع في وقت أبكر، فيما لو ردت إيران على ضربة دمشق.

ويريد رؤساء البلديات من الحكومة أن تحسم الأمر لأنهم لا يطيقون حرب الاستنزاف الدائرة رحاها اليوم بالتراشق الصاروخي واستمرار الوضع الضبابي القائم حالياً. وهم غير سعداء بقرار الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) أن يخرج بعد غد (الأربعاء) إلى عطلة لمدة 5 أسابيع.

ويقول دافيد أزولاي، وهو رئيس مجلس محلي، إن «أهالي المطلّة يعيشون في حالة إحباط شديد. لا يوجد شيء واضح لديهم. يشعرون أن الحكومة تهملهم وتستخف بمعاناتهم ولا يسأل عنهم أحد». وقال: «لدينا حكومة من 38 وزيراً. فقط اثنان منهم يطلبون مساعدتنا ومعرفة مطالبنا، بيني غانتس وغادي آيزنكوت. ولكنهما ليسا مسؤولين عن القضايا المتعلقة باحتياجاتنا. البلدة لدينا مهدمة بالكامل. المواطنون لا يعرفون حجم الدمار الذي سببه قصف (حزب الله) وكيف سيتعاطون معه. كثيرون لا يريدون العودة إلى هنا. يقولون لنا إن عدد المهجرين من الجنوب اللبناني إلى الشمال يبلغ ضعفي عدد المهجرين لدينا. ولكن هذا لا يعزينا. نحن نريد وضعاً ثابتاً».

والدة جندي إسرائيلي قُتل في حرب غزة خلال تشييعه في قرية شلومي على الحدود مع لبنان الأسبوع الماضي (أ.ب)

وشكا رئيس بلدية كريات شمونة، ابيحاي شتيرن، من أن «الحكومة تخطط لتقليص جارف في الميزانيات لكي تموّل توسيع السجون لاستيعاب معتقلي (حماس). إننا لن نسمح بذلك. من دون حل جذري لبلداتنا، يضع حداً مرة وللأبد لتهديد (حزب الله)، لن نسمح بعودة سكاننا من دون حل جذري»، بحسب ما قال.


مقالات ذات صلة

بري لـ«الشرق الأوسط»: تفويض «حزب الله» لي ليس جديداً ولا يغير شيئاً

خاص رئيس البرلمان نبيه بري وأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله خلال طاولة حوار عقدت عام 2006 (أ.ف.ب)

بري لـ«الشرق الأوسط»: تفويض «حزب الله» لي ليس جديداً ولا يغير شيئاً

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لـ«الشرق الأوسط»، أن تفويض «حزب الله» له «ليس جديداً، ولا يغير شيئاً».

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي صياد لبناني على متن قارب صيد في مرفأ صيدا جنوب لبنان (رويترز)

إسرائيل تأمر بإخلاء شواطئ الجنوب... هل تمهّد للإنزال البحري؟

وجّه الجيش الإسرائيلي إنذاراً طلب فيه «إخلاء الشواطئ البحرية الجنوبية»، معلناً أنه «سيستهدف المنطقة البحرية في جنوب لبنان».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الشرطي السوري الذي لقي حتفه في قصف إسرائيلي طال مخفراً للشرطة في القنيطرة السورية (متداولة)

مقتل شرطي سوري بمسيّرة إسرائيلية على القنيطرة

مسيّرة إسرائيلية استهدفت موقعاً في مدينة القنيطرة جنوب سوريا، الأربعاء، قتلت عنصراً من الأمن الداخلي وأصابت اثنين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي تصاعد الدخان فوق الضاحية الجنوبية لبيروت بعد ضربة جوية إسرائيلية 8 أكتوبر 2024 (رويترز)

روسيا: «حزب الله» ما زال منظماً رغم الضربات الإسرائيلية

قالت وزارة الخارجية الروسية، اليوم (الأربعاء)، إن جماعة «حزب الله» اللبنانية لا تزال منظمة، ولم تفقد تسلسل قيادتها، على الرغم من الضربات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي أشخاص يتفقدون مبنى متضرراً جراء ضربة إسرائيلية في ضاحية المزة غرب العاصمة السورية (رويترز)

مقتل شرطي وإصابة آخر جراء قصف إسرائيلي على جنوب سوريا

قتل شرطي وأصيب آخر بجروح، جراء قصف إسرائيلي على جنوب سوريا، الأربعاء، غداة غارة على دمشق أودت بحياة 7 أشخاص على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

العراق يستقبل 7 آلاف لبناني... والهجرة تنفي مزاعم «التوطين»

دائرة الهجرة في صلاح الدين تسجّل وصول لبنانيين إلى المحافظة (إعلام حكومي)
دائرة الهجرة في صلاح الدين تسجّل وصول لبنانيين إلى المحافظة (إعلام حكومي)
TT

العراق يستقبل 7 آلاف لبناني... والهجرة تنفي مزاعم «التوطين»

دائرة الهجرة في صلاح الدين تسجّل وصول لبنانيين إلى المحافظة (إعلام حكومي)
دائرة الهجرة في صلاح الدين تسجّل وصول لبنانيين إلى المحافظة (إعلام حكومي)

قدّرت وزارة الهجرة العراقية وصول نحو 7 آلاف مواطن لبناني إلى الأراضي العراقية، هرباً من الحرب الدائرة هناك، والهجمات التي تشنّها إسرائيل على لبنان، وخصوصاً المناطق التي توجد بها أغلبية شيعية.

في غضون ذلك، دعا رئيس مجلس محافظة النجف، البرلمان إلى الاستفادة من الخبرات الموجودة بين صفوف النازحين، من خلال التعاقد معهم للعمل في المؤسسات الحكومية.

وقال المتحدث باسم وزارة الهجرة، علي عباس جهانكير، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اجمالي عدد اللبنانيين الواصلين إلى العراق ما زال غير دقيق؛ كون المنافذ البرية والجوية، مثل منطقة القائم ومطارَي النجف وبغداد لم ترسِل إحصاءات كاملة».

ويضيف جهانكير: «الإحصاءات المتوفرة لدينا تشير إلى وجود 4600 نازح، ونتوقع وجود 7 آلاف نازح، استناداً إلى الأرقام الأولية التي وصلتنا من العتبات الدينية والمنافذ الحدودية».

لا توطين للبنانيين

ونفى جهانكير مزاعم الرغبة في توطين النازحين اللبنانيين في العراق، وذكر أن «القصة لا تتعلق بالتوطين، إنما هناك مدن للزائرين وفنادق استوعبتهم في كربلاء والنجف، لكن بعض العائلات فضّلت الذهاب إلى أقارب وأصدقاء في بعض المحافظات العراقية».

وكان ناشطون عراقيون تحدّثوا عن محاولات سياسية لتوطين اللبنانيين في مدن عراقية، وسرّب بعضهم تسجيلات لم يتسنّ التأكد من صحتها بأن محافظة ديالي واحدة من المواقع المرشّحة لاستقرارهم.

وتابع جهانكير: «لدينا في محافظة ديالي بعض العوائل اللبنانية هناك، وفي محافظة صلاح الدين أيضاً، وكذلك في مدينة السماوة الجنوبية نحو 5 عوائل فضّلت الذهاب إلى هناك لمعارفها وأصدقائها، استناداً إلى رغبتهم».

وارتبطت قضية «توطين» المواطنين العرب في العراق بأحداث حرب غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر (كانون الأول) 2023، حيث امتلأت الأجواء العراقية وقتذاك بالكلام عن الرغبة في توطين المواطنين الفلسطينيين الهاربين من غزة، بهدف إخلائها من سكانها لرغبةٍ إسرائيلية وغربية.

وكان الحديث عن محافظة الأنبار (غرباً) لتكون مكاناً لتوطينهم، غير أن القوى السياسية الشيعية رفضت ذلك بشدة، وتستعيد بعض الاتجاهات السُّنية اليوم تلك الذكريات، وتتَّهم القوى الشيعية بالسعي لتوطين اللبنانيين في العراق.

وأشار جهانكير إلى أن «المحطة الأولى لوجود اللبنانيين هي العتبات الدينية في النجف وكربلاء، بصفتها مهيّأة لاستقبال النازحين بالنظر لوجود مدن الزائرين، وبالإمكان استثمارها بدلاً من بناء المخيمات التي تستغرق عملية بنائها أسابيع».

وكانت وزارة الهجرة وجّهت، الاثنين، نداءً عاجلاً إلى المواطنين اللبنانيين في العراق، ودَعتهم إلى التواصل مع الوزارة من خلال (الأرقام الهاتفية)، بهدف «تسجيلهم ضمن قاعدة بيانات الوزارة، وتأمين احتياجاتهم الضرورية، وتقديم كل ما تستطيع الوزارة لخدمة تلك الأُسر حتى انتهاء الأزمة الحالية».

ومطلع الأسبوع الحالي، استقبلت كوادر وزارة الهجرة والمهجّرين مجموعة من العائلات اللبنانية في منفذ القائم الحدودي مع سوريا، ضمّت 897 لاجئاً، وقدّمت لهم «التسهيلات الضرورية».

وفي محافظة صلاح الدين سجّلت السلطات المحلية ودائرة الهجرة وصول 93 نازحاً لبنانياً.

وأصدرت سفارة بغداد في دمشق، الاثنين الماضي، تعليمات أكّدت فيها إمكانية دخول النازحين اللبنانيين بسياراتهم الخاصة.

صورة نشرتها وزارة الهجرة لاستقبال 452 لبنانياً في منفذ القائم الحدودي مع سوريا

من جانبه، اقترح رئيس مجلس محافظة النجف، غيث رعد الكلابي، على البرلمان العراقي استثمار الكفاءات الطبية اللبنانية التي أتت ضمن موجة النزوح.

وذكر الكلابي في مقترحه الموجّه إلى البرلماني الاتحادي، انه «نظراً لوفود عدد من أصحاب الكفاءات والاختصاصات الدقيقة المختلفة، ومنها في المجالات الطبية الدقيقة؛ لذا نقترح استثمار هذه الكفاءات العلمية، وكلٌّ حسب اختصاصه وحاجة البلد».

وطلب الكلابي من البرلمان «الإيعاز إلى الوزارات المعنية للنظر بالمقترح، وإجراء الاختبارات الضرورية اللازمة، وتوقيع عقود عمل لهم حسب الضوابط المعتمدة».

وعراقياً، قال المسؤول في الهجرة، إن «مستجدات الأوضاع، وموقف إقليم كردستان، وراء إرجاء موعد غلق المخيمات الذي كان مقرّراً في نهاية يوليو (تموز) الماضي»، وأضاف جهانكير: «تركنا الخيار إلى العوائل للعودة إلى ديارها، أو البقاء في مناطق النزوح وليس في المخيمات».

وكشف عن «عودة أكثر من 10 آلاف عائلة خلال الأشهر الماضية إلى ديارها، وما زال لدينا 19 ألف عائلة موجودة في مخيمات النزوح، أغلبهم من الأقلية الإيزيدية».