خشية في لبنان من توكيل إيران «حزب الله» بالرد على استهداف قنصليتها بدمشق

ركام مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق بعد استهدافه بغارة جوية إسرائيلية الاثنين (رويترز)
ركام مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق بعد استهدافه بغارة جوية إسرائيلية الاثنين (رويترز)
TT
20

خشية في لبنان من توكيل إيران «حزب الله» بالرد على استهداف قنصليتها بدمشق

ركام مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق بعد استهدافه بغارة جوية إسرائيلية الاثنين (رويترز)
ركام مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق بعد استهدافه بغارة جوية إسرائيلية الاثنين (رويترز)

يخشى عدد كبير من اللبنانيين أن توكل إيران لـ«حزب الله» عملية الرد على استهداف إسرائيل، الاثنين، مقر القنصلية الإيرانية في دمشق، ما أسفر عن مقتل 13 شخصاً، من بينهم سبعة من «الحرس الثوري» الإيراني.

فبعد قرار طهران عدم الانخراط المباشر في المواجهات الدائرة في المنطقة على خلفية عملية «طوفان الأقصى»، وتوكيل حلفائها بمهمة «دعم غزة»، يستبعد كثيرون أن تقرر اليوم دخول المعركة مباشرة، ويرجحون أن تعمد طهران، في حال قررت الرد على الصفعة الأخيرة التي تلقتها في دمشق، إلى إيكال هذه المهمة إلى أحد حلفائها، وأبرزهم «حزب الله»، الذي قرر منذ نحو 6 أشهر تحويل جبهة الجنوب اللبناني إلى «جبهة دعم ومساندة لغزة».

ويقول مازن مطر (36 عاماً)، وهو موظف في أحد المصارف، إنه بات يخشى الحرب الموسعة اليوم أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً إذا أوكلت إيران إلى «حزب الله» الرد على الضربة الموجعة التي تلقتها في دمشق، عادّاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اللبنانيين أُقحموا في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، والخشية من توسع الحرب حقيقية، ما يؤدي إلى دمار البلد».

الصبر الاستراتيجي... مجدداً

ويستبعد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية، الدكتور هلال خشان أن يكون هناك رد إيراني على استهداف القنصلية في دمشق، عادّاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «طهران وحلفاءها باتوا عند كل صفعة يتحدثون عن الصبر الاستراتيجي، ويلجأون لشماعة الرد في المكان والزمان المناسبين، وهو رد لا يأتي».

ويرجح خشان أن يحصل «تطنيش» (أي إغفال الرد) أو «توكيل (حزب الله) بقصف رمزي لا يُقدم أو يؤخر، علماً بأن هذه العمليات لم تعد تنطلي على القواعد الشعبية للمحور، حيث الاستياء مما يحصل بلغ مستويات غير مسبوقة»، مضيفاً: «اعتدنا في السنوات الماضية ردوداً قاسية من إسرائيل على أي عملية من حلفاء طهران، لذلك كان الرد على الصاروخ الذي أطلق من سوريا على إيلات استهدافاً للقنصلية».

ويرى خشان أن «الحرب في لبنان قادمة لا محالة بعد الانتهاء من عملية رفح»، متوقعاً «اجتياحاً برياً إسرائيلياً للجنوب اللبناني، على اعتبار أن المطلوب من (حزب الله) الانسحاب من جنوب الليطاني، حبيّاً أو بالقوة».

ضربة للداخل الإيراني

من جهته، يعد رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري» (أنيغما) رياض قهوجي أنه «من الصعب تحديد شكل الرد الإيراني على عملية دمشق. فهناك الكثير من العوامل تأخذها طهران بالحسبان. فهي منذ البداية تسعى لأن تبقى خارج أي حرب، وحين أبلغت واشنطن أن لا توسعة للحرب خلال اجتماعهما المزعوم في مسقط في شهر يناير (كانون الثاني)، كانت تعني أنها لن تدخل الحرب، ولم تقصد أنها ستمنع انتشار الحرب في المنطقة».

ويشير قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الضربة التي نفذتها إسرائيل الاثنين هي رسالة لإيران، مفادها أنها لن تبقى بمنأى عن الحرب إذا استمرت بالتصعيد عبر حلفائها»، مضيفاً: «إن لم يكن هناك رد قوي من إيران فالخطوة الإسرائيلية المقبلة ستكون ضرب الداخل الإيراني. واليوم طهران على مفترق طرق، فهل ستقرر أن تدخل الحرب مباشرة، ما يؤدي لتوسعة كبيرة للأعمال العسكرية في المنطقة، أم تقوم بتهدئة الأمور من خلال رد ضعيف من أحد وكلائها؟».

رد «متفاهم عليه»

أما سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة، فيرجح أن يكون الرد «مباشراً من الجانب الإيراني، وتكون حدوده متفاهماً عليها ضمنياً، كي لا تصل إلى حرب إقليمية شاملة»، عادّاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «رغم التوتر الكبير في المنطقة، لا أحد من اللاعبين الكبار (أميركا، وإيران، وأوروبا) يريد حرباً موسعة، وإسرائيل لا تستطيع القيام بأي حرب دون ضوء أخضر أميركي، كما أن أي رد بالواسطة، أي من خلال ميليشيات متحالفة مع إيران، مستبعد لأنه لا يفي بالحاجة، وقد يخرج عن السيطرة إلى حرب إقليمية لا أحد يريدها».

وفي حديث تلفزيوني، عدّ رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور، أن «إيران لا تقوم بمهاجمة إسرائيل مباشرةً، لأنها تعرف أن ميزان القوة ليس في صالحها، وستهزم في حال قيامها بعمل كهذا»، لافتاً إلى أن «إسرائيل تستفز محور الممانعة وتستدرج إيران للمواجهة، وأنا أجزم أنه لن يكون هناك أي ردّ كلاسيكي من قبل إيران، بل الردّ سيكون عبر الأذرع التابعة لها».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتهم «حزب الله» بـ«استغلال البنى التحتية المدنية» بجنوب لبنان

المشرق العربي مواطن لبناني يتفقد أحد المواقع التي استُهدفت في جنوب لبنان مارس الماضي (أ.ف.ب)

إسرائيل تتهم «حزب الله» بـ«استغلال البنى التحتية المدنية» بجنوب لبنان

كثّفت إسرائيل من وتيرة استهدافاتها للبيوت الجاهزة في جنوب لبنان، بذريعة «استغلال (حزب الله) بنى تحتية مدنية»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام خلال جلسة مجلس الوزراء (الرئاسة اللبنانية)

الحكومة اللبنانية «تقارب» ملف سلاح «حزب الله» من دون قرارات

برز ملف سلاح «حزب الله» وتطبيق القرار الدولي «1701» في صلب النقاشات خلال جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي عُقدت الخميس.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مرفأ بيروت بعد الانفجار عام 2020 (أرشيفية - أ.ب)

«الاستجواب دون توقيف» يسهّل مثول السياسيين أمام المحقق بانفجار مرفأ بيروت

حدد المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، يوم الجمعة 25 أبريل الحالي، موعداً لاستجواب رئيس الحكومة السابق، حسّان دياب، بوصفه مدعى عليه.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي خطة لبنانية - سورية أوّلية لإعادة النازحين تدريجياً

خطة لبنانية - سورية أوّلية لإعادة النازحين تدريجياً

يضع لبنان خطة مع الجانب السوري لتنظيم عودة تدريجية للنازحين على مراحل، وستكون «أكبر وأكثر تنظيماً مما كانت عليه في السابق»، حسبما قال متري لـ«الشرق الأوسط».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إلى جانب طيار مدني يتبع شركة «طيران الشرق الأوسط» (رئاسة الحكومة)

الحكومة اللبنانية تطبق ازدواجية «الأمن والإنماء» في مطار بيروت ومحيطه

أطلق رئيس الحكومة نواف سلام مشروع إعادة تأهيل طريق مطار بيروت الدولي، في خطوة وصفها بـ«الرمزية والوطنية»

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تكثف استخدام «مسيّرات انتحارية» في غزة

فلسطينيون يتفقدون أمس الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون أمس الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT
20

إسرائيل تكثف استخدام «مسيّرات انتحارية» في غزة

فلسطينيون يتفقدون أمس الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون أمس الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)

كثفت إسرائيل في الأيام الأخيرة استخدامها للمسيّرات الانتحارية «كواد كابتر» في قطاع غزة، خصوصاً خلال استهدافها شخصيات بشكل مباشر.

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إنه خلال 4 أيام انفجر ما لا يقل عن 9 طائرات مسيّرة في مناطق مختلفة من القطاع، ضربت أهدافاً غالبيتها داخل مراكز الإيواء.

وأوضحت المصادر أن إسرائيل استخدمت هذه المسيّرات بشكل محدود منذ بداية الحرب، لكنها كثفت استخدامها، للمرة الأولى، في الأيام الأخيرة ضد قيادات من المقاومة الفلسطينية أو نشطاء بارزين، وأيضاً ضد بعض العاملين في القطاع الحكومي.

وتتميز «كواد كابتر» الانتحارية بأنها صغيرة الحجم وتحمل قنابل يتم تفجيرها عن بعد، مما يتسبب في إحداث حرائق، ومن ثم تزيد أعداد الضحايا، خصوصاً عندما يكون الهدف أشخاصاً أو مجموعات داخل مخيمات الإيواء التي تنتشر فيها الحرائق بسهولة.

وأشارت المصادر إلى أنه لوحظ تحليق هذه المسيّرات بشكل مكثف في سماء مناطق مختلفة من القطاع، ما يشير إلى نيات إسرائيل تصعيد استخدامها خلال الأيام المقبلة لتصفية أكبر عدد من المستهدفين.

من جهة أخرى، أعلنت واشنطن أن الذخائر غير المنفجرة تنتشر في كل مكان بغزة نتيجة عشرات الآلاف من الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل، مما يجعل القطاع «غير صالح للسكن»، بحسب وكالة «رويترز».