العراق: قاتل هشام الهاشمي حر و«صفر دعاوى» ضد قتلة المتظاهرين

«الشرق الأوسط» تحصل على أول إفادة قضائية: براءة لعدم كفاية الأدلة

هشام الهاشمي (إكس)
هشام الهاشمي (إكس)
TT

العراق: قاتل هشام الهاشمي حر و«صفر دعاوى» ضد قتلة المتظاهرين

هشام الهاشمي (إكس)
هشام الهاشمي (إكس)

أكد القضاء العراقي تبرئة قاتل الباحث هشام الهاشمي والإفراج عنه، وفي حين رفضت عائلته التواصل مع جهات إنفاذ القانون لمتابعة القضية، عاد المتهم - المُدان بالجريمة - «بريئاً» إلى مهامه في وزارة الداخلية «بشكل طبيعي»، وفقاً لمصادر متقاطعة.

وقالت المتحدثة باسم مجلس القضاء العراقي، سنان غانم، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، إن «محكمة عراقية أصدرت حكماً بالبراءة لصالح أحمد حمداوي الكناني؛ لعدم كفاية الأدلة».

وهذه أول إفادة عراقية رسمية بشأن القضية التي شغلت الرأي العام لفترة طويلة، بعد أيام من نشر تسريبات عن قيام محكمة الجنايات بإعادة محاكمة الكناني والإفراج عنه، بعد نحو 3 سنوات ونصف السنة على مقتل الهاشمي في بغداد.

وقال مصدر قضائي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الكناني أنكر ارتكابه الجريمة أمام القاضي، في جلسة كانت مخصصة لإعادة النظر بالقضية».

أحمد الكناني الذي أدين بقتل الهاشمي عام 2020 وجرت تبرئته أخيراً (إعلام أمني)

وكانت السلطات الأمنية العراقية قد بثت اعترافات الكناني، في 16 يوليو (تموز) 2020، بعد 10 أيام من وقوع الجريمة، قال فيها إنه «من ضمن مجموعة أشخاص خططوا ونفذوا القتل بعد متابعة لتحركات الهاشمي حتى وصل إلى منزله».

وحينها كان الهاشمي يركن سيارته ليلاً في حي زيونة، شرق العاصمة، عندما نزل القاتل من دراجة نارية واتجه نحو الضحية وأرداه بأربع رصاصات.

وظهر الكناني، خلال فيديو الاعتراف، وهو يؤشر على مُنفذ الجريمة في شاشة كانت تعرض محتوى من كاميرا مراقبة، وقال: «سحبت مسدس الشرطة الخاص بي، وقتلت الهاشمي أمام منزله»، بعدما فشل في إطلاق النار من سلاحه الشخصي نوع «رشاش»، ويُعرف محلياً بـ«الغدارة».

الكناني وهو يشير إلى نفسه في مشهد كاميرا مراقبة وهو يطلق النار على الهاشمي (إعلام أمني)

وعرضت السلطات الأمنية صوراً للسلاح المستخدم ورقمه، مع صورة لخرطوش الرصاص الذي قُتل به الهاشمي، وقالت إنها مطابقة لأقوال الكناني وسلاحه الرسمي.

واستغرب ناشطون كيف أفرج القضاء عن الكناني بوجود دليل عن السلاح المستخدم، والموثق في اعترافات بثتها السلطات الرسمية.

لكن محامياً عراقياً على اطلاع وثيق بالقضية قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاكم التمييز لا تعتد بمقاطع الفيديو دليلاً كافياً للإدانة، وتحتاج إلى شيء ملموس كالاعتراف والشهود قد تقر حكماً باتّاً».

وفي العادة، تحرر السلطات القضائية للإعلام بيانات صحافية عن أحكامها، لكنها لم تفعل ذلك بعد صدور قرار براءة الكناني. في حين قال المحامي، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إن «روتين المحاكم يقضي بطباعة الأحكام بعد أسبوع تقريباً من صدورها».

صورة عرضتها السلطات العراقية صيف 2020 لسلاح حكومي استخدمه الكناني لقتل الهاشمي

من الإدانة إلى البراءة

كيف وصلنا إلى هنا؟ هذه أكثر قضائية جنائية شهدت تقلبات شديدة منذ الكشف عن مُنفذها؛ لارتباطها بشخص هشام الهاشمي نفسه، وتزامنها مع تحولات سياسية عاصفة.

وعُرف الهاشمي بأنه باحث مختص في شؤون الجماعات المتطرفة، وساعد السلطات الحكومية على تفكيك هيكل «داعش»، خلال معارك التحرير.

ويعتقد كثيرون من أصدقاء الهاشمي أن محاولته، في الأشهر الأخيرة قبل اغتياله، التعرض لمنظومة الفصائل المسلّحة الموالية لإيران، وانتقاده علناً أنشطتها في «الابتزاز والقتل» قادت إلى حتفه، في نهاية المطاف.

وهلل متطرفون مؤيدون لتنظيم «داعش»، لمقتل الهاشمي، كما سال حبر كثير للطعن فيه من قِبل ناشطين مناصرين للفصائل الشيعية.

ومرت قضية قاتل الهاشمي بمحطات مختلفة بدأت باعتقاله ثم الحكم عليه غيابياً بالإعدام، ثم نقض الحكم من قِبل محكمة التمييز، وإعادة محاكمته، وصولاً إلى تبرئته.

ويعتقد خبراء قانونيون أن قرار محكمة التمييز العراقية، صيف عام 2023، إلغاء لجنة شكّلها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، اختصت بملاحقة «الجرائم الاستثنائية»، كان نقطة التحول في مسار قضية الكناني.

واللجنة المشار إليها كانت بإمرة الفريق أحمد أبو رغيف، وكُلفت بتنفيذ أوامر اعتقال بحق متهمين بالفساد وقضايا «كبرى»، والتحقيق معهم وإحالتهم إلى القضاء، وكانت قضية الهاشمي من بينها.

ووفق وثيقة قضائية صدرت، في 2 مارس (آذار) 2022، فإن والد الكناني؛ وهو حمداوي عويد معارض، رفع دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة لإلغاء اللجنة التي اعتقلت ولده.

نسخة ضوئية لقرار المحكمة الاتحادية الطعن بلجنة الجرائم الكبرى التي حققت مع قاتل الهامشي

وقبلت المحكمة الاتحادية الدعوى وألغت اللجنة، وعدّت جميع الإجراءات التي اتخذتها باطلة منذ تشكلها في أغسطس (آب) 2020.

ونفذت لجنة أبو رغيف حملة اعتقالات ضد مسؤولين بتُهم فساد، لكنها أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية وصل إلى درجة عدِّها «محكمة عرفية».

ورغم قرار المحكمة الاتحادية بنسف ملف قاتل الهاشمي، كانت لجنة أبو رغيف قد أكملت التحقيق وأحالته إلى المحكمة المركزية بالرصافة التي قضت بعد 8 تأجيلات بإعدامه غيابياً، في مايو (أيار) 2023.

وفي 31 يوليو 2023، نقضت محكمة التمييز، برئاسة رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، حكم الإعدام، وقررت إعادة إضبارة الدعوى إلى محكمة التحقيق المركزية في الرصافة؛ للسير في الإجراءات التحقيقية «وفق الأصول والقانون».

وخلال تلك المرحلة، لم يحضر الكناني أي جلسة محاكمة، وفقاً لمصادر موثوقة، وكان أمر وجوده في السجن من عدمه لغزاً محيراً، وسرد كثيرون روايات مختلفة عن تهريبه أو هروبه، لم يكن من السهل إثباتها.

نسخة ضوئية من قرار محكمة التمييز الطعن بحكم الإعدام على الكناني

ويتداول سياسيون وصحافيون عراقيون معطيات تفيد بأن الكناني «اختفى تماماً» منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وهو الشهر الذي شكل فيه تحالف «الإطار التنسيقي»، حكومة محمد شياع السوداني بعد معركة سياسية شرسة مع التيار الصدري الذي غادر المشهد تماماً منذ صيف ذلك العام.

لكن كان من الواضح أن التكتم على حالة المتهم ومكانه، طوال فترة المحاكمة، ونقاط التحول المفصلية التي رافقت الإجراءات، يعكس جميعها كيف وصلت القضية أخيراً إلى براءة المتهم الذي كان مداناً.

وساعد قرار محكمة التمييز على تصفير القضية، وفتح الملف «نظيفاً دون أدلة معتبرة»، لتقرر محكمة عراقية تبرئة الكناني؛ لعدم كفاية الأدلة، وفقاً لمحام عراقي قال إنه كان يحاول مساعدة عائلة الهاشمي على تسيير القضية، وفشل في ذلك.

ومع ذلك قال مصدر قضائي عراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حكم البراءة لا يعني إغلاق قضية الهاشمي بشكل نهائي؛ لأن جرائم القتل لا تسقط بالتقادم».

وخلال سنتين من الآن، يمكن استئناف الدعوى القضائية ضد المتهم، الكناني أو غيره، في حال ظهور دليل جديد في القضية، على ما يقول المصدر القضائي.

«عاد إلى حياته والوظيفة»

في صفحة على منصة «فيسبوك»، نشر مدونون بدا أنهم مهتمون بنشاط قبيلة كنانة في العراق، تهنئة على إطلاق سراح «ولدهم أحمد حمداوي الكناني».

كان هذا بعد ساعات من تسريب معلومات عن قرار البراءة، مطلع هذا الأسبوع، تبعتها معلومات عن عودة الكناني إلى وظيفته الحكومية «بشكل طبيعي».

منشور من منصة «فيسبوك» يبدو أنها تهنئة من أقارب الكناني على البراءة

وقال مصدر أمني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الكناني (وهو برتبة ملازم أول) باشر العمل في وزارة الداخلية». وأكد مصدر آخر أنه «تنسب على مديرية الأشغال الهندسية».

ووفق منصات رسمية لوزارة الداخلية، فإن «الأشغال الهندسية» تنفذ، منذ سنوات، أعمالاً بلدية تشمل إكساء شوارع في مناطق متفرقة، بالتعاون مع دوائر مدنية خِدمية.

وسألت «الشرق الأوسط» مسؤولين في وزارة الداخلية عما إذا كان الكناني قد عاد إلى العمل دون أن تحصل على أي رد، لكن ضابطاً عراقياً قال إنه «من الطبيعي حدوث ذلك بعد حكم البراءة».

والتحق الكناني، وهو من مواليد 1985، بسلك الشرطة عام 2007 بعد تخرجه في دورة ضباط بالعاصمة الأردنية عمان، وحينها كان العراق يرسل منتسبيه في أجهزة الأمن إلى هناك لحمايتهم من أعمال العنف التي كانت تستهدف مراكز التدريب والمعسكرات العراقية.

أحمد الكناني الضابط الذي اغتال هشام الهاشمي - صورة أرشيفية لعراقي أمام ملصق للباحث هشام الهاشمي الذي قُتل بالرصاص في بغداد يوليو 2020 (أ.ب)

«دية» الهاشمي... والعائلة تتوارى

بعد صدور حكم البراءة، حاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع عائلة هشام الهاشمي، لكن كان من الصعب حدوث ذلك؛ لأن مقرَّباً قال، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تفضل التواري عن الأنظار بشكل نهائي».

وأوضح المقرب من العائلة، الذي شدد على عدم ذكر اسمه، أن «جهات قضائية وأمنية أبلغت العائلة، بعد صدور حكم البراءة، بالحضور وتسجيل موقف قانوني بشأن الهاشمي، لكنها رفضت بسبب خشيتها (مما لا تُحمد عقباه)»، على حد تعبيره.

وادعى المقرب، نقلاً عن العائلة، أنها لم توافق على غلق القضية بطريقة «دفع الدية»، ونفت أنها تلقت أي أموال مقابل التسوية.

وقال: «العائلة تفضل الآن الابتعاد والانشغال بتربية أبناء هشام، وهي لأجل ذلك تتحسب من أي خطوة قد تجعلها في مواجهة غير متوازنة مع الجهة التي أمرت وخططت لقتله».

ومنذ تبرئة الكناني، لم يحظ الحدث بتفاعل واسع، كما جرت العادة، خلال العامين الماضيين، كلما طرأ جديد في المحاكمة.

ويقول سياسي عراقي من تحالف «إدارة الدولة»، طلب عدم الإفصاح عن هويته، خلال اتصال هاتفي، إن «القوى السياسية الشيعية المعنية بملف الهاشمي لا تتوقع أي رد فعل غاضب من الرأي العام».

وأشار السياسي، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «القوى المتنفذة نجحت، خلال الفترة الماضية، في تحييد جميع مصادر القلق في الشارع العراقي».

وقال النائب المستقل سجاد سالم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه رابع قضية تجري فيها تبرئة القتلة في جرائم راح ضحيتها متظاهرون وناشطون وباحثون». وأشار إلى أن «القوى المتنفذة نجحت الآن في تصفير كامل لجميع هذه القضايا».

وتحدّث سالم عن «تقديم مشروع قانون لمحاكمة القتلة لإنصاف الضحايا وتحقيق العدالة»، وقال إنه «خاطب الحكومة العراقية؛ لمعرفة رأيها بهذا الشأن».

لكن السياسي العراقي استبعد «حدوث اختراق» في هذا الملف؛ لأنه رأى أن «الإطار التنسيقي حفر نفوذه عميقاً في المؤسسات، ولم يترك مجالاً لسيناريو مختلف مستقبلاً، حتى لو عاد مقتدى الصدر». وقال إن «زعيم التيار الصدري حينما يعود سيضطر إلى العمل بأدوات سياسية مختلفة لن تشمل اجتثاث خصومه أو محاربتهم؛ لأنهم أغلقوا جميع الثغرات، ولم تكن قضية الهاشمي أكثرها خطورة عليهم».


مقالات ذات صلة

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».