بغداد ترجح «مرونة أميركية» بعد زيارة السوداني للبيت الأبيض

مستشار حكومي لـ«الشرق الأوسط»: لقاء بايدن سيبحث تفكيك النزاعات في المنطقة

سيجري السوداني أول زيارة لواشنطن بعد نحو عام ونصف عام من توليه منصب رئاسة الحكومة (إ.ب.أ)
سيجري السوداني أول زيارة لواشنطن بعد نحو عام ونصف عام من توليه منصب رئاسة الحكومة (إ.ب.أ)
TT

بغداد ترجح «مرونة أميركية» بعد زيارة السوداني للبيت الأبيض

سيجري السوداني أول زيارة لواشنطن بعد نحو عام ونصف عام من توليه منصب رئاسة الحكومة (إ.ب.أ)
سيجري السوداني أول زيارة لواشنطن بعد نحو عام ونصف عام من توليه منصب رئاسة الحكومة (إ.ب.أ)

تأمل بغداد تطوير العلاقات مع واشنطن خلال الزيارة التي سيجريها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للبيت الأبيض منتصف أبريل (نيسان) المقبل، وبينما حددت الحكومة العراقية الأجندة مع الرئيس جو بايدن، قال مسؤول بارز إنها «ستناقش مرحلة ما بعد التحالف الدولي».

وأعلن البيت الأبيض، مساء الجمعة، عن موعد زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن للقاء الرئيس بايدن، في 15 أبريل (نيسان) 2024، وقال في بيان صحافي إنهما «سيبحثان الأولويات المشتركة وتعزيز الشراكة الثنائية القوية بين الولايات المتحدة والعراق».

وخلال اللقاء المرتقب، «سيؤكد القادة من جديد التزامهم باتفاقية الإطار الاستراتيجي، وسيعملون على تعميق رؤيتهم المشتركة لعراق آمن وذي سيادة ومزدهر ومندمج بالكامل في المنطقة الأوسع»، وفقاً للبيان.

من لقاء السوداني وهاريس في ميونيخ بألمانيا في يناير الماضي (رويترز)

ولفت البيت الأبيض إلى أن «بايدن والسوداني سيتشاوران حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك الالتزام المشترك بالهزيمة الدائمة لـ(داعش) وتطور المهمة العسكرية بعد ما يقرب من 10 سنوات من تشكيل التحالف العالمي الناجح لهزيمة (داعش)»، إلى جانب «الإصلاحات المالية العراقية الجارية لتعزيز التنمية الاقتصادية والتقدم نحو استقلال العراق في مجال الطاقة وتحديثه».

وهذه الزيارة الأولى التي يجريها السوداني لواشنطن منذ توليه المنصب في بغداد أواخر عام 2022، وكانت تقارير صحافية تشير إلى أنها تأخرت بسبب اعتراضات أميركية على «النفوذ الإيراني الطاغي» على تشكيلة حكومته.

محاربة «داعش»

من جهته، أعلن مكتب السوداني أن «الزيارة تهدف إلى البحث في أفق العلاقة المستقبلية في مرحلة ما بعد التحالف الدولي لمحاربة (داعش)، وأفضل السبل للانتقال الى شراكة شاملة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية في ضوء اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والثقافية والتعليمية والأمنية».

وأعلنت بغداد، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أنها اتفقت مع واشنطن على بدء محادثات حول مستقبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق من أجل وضع جدول زمني لانسحاب القوات وإنهاء مهام التحالف، لكن مع سريان المفاوضات قالت واشنطن إنها لن تنسحب وتخطط لشراكة أمنية دائمة.

وأضاف البيان العراقي أن «السوداني سيتشاور مع بايدن حول مجموعة من القضايا خلال الزيارة، بما في ذلك أهم القضايا الإقليمية وترسيخ جهود الاستقرار في المنطقة».

وأكد فرهاد علاء الدين، مستشار رئيس الوزراء للشؤون الخارجية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة عملت على تطوير العلاقات الخارجية بشكل يخدم المصلحة العراقية وتنفيذ فقرات مهمة من البرنامج الحكومي». وأشار إلى أن زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن «تتزامن مع مباحثات جارية لإنهاء وجود التحالف الدولي والانتقال إلى العلاقات الثنائية مع الدول المنضوية تحت راية التحالف».

وأوضح علاء الدين أن «الحكومة العراقية تعمل على تطوير العلاقة في ضوء اتفاقية الإطار الاستراتيجي لتتخطى الجانب الأمني والعسكري، لتشمل المجال السياسي والاقتصادي والمالي والثقافي والتعليمي والاستفادة من خبرات الولايات المتحدة في قطاع التكنولوجيا ومواجهة التحديات المناخية».

وقال علاء الدين: «ستتم مناقشة الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، وتوحيد الجهود لإيجاد الحلول المستدامة من أجل الاستقرار وتفكيك النزاعات في عموم المنطقة».

إدارة التوازن

في السياق، قال رئيس مركز «التفكير السياسي» في العراق، إحسان الشمري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «دلالات زيارة السوداني تؤشر على قدرة الحكومة على إدارة التوازن في علاقات العراق الخارجية، ما بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة، وإيران من جهة أخرى، كذلك توفير الظروف التي يمكن من خلالها أن تنظر الإدارة الأميركية في هذا الوقت إلى العراق على أنه قادر على أن يكون طرفاً موثوقاً به إلى حد ما».

وأضاف الشمري أن «واشنطن بدأت تتعاطى بشكل مختلف مع حكومة السوداني بعد عام ونصف عام من الامتناع، وبدأت تنظر إلى الحكومة التي ترتكز على فصائل مسلحة، أنها باتت تمتلك مقاربة في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية».

ورأى الشمري أن «واشنطن بدأت تضع في حساباتها مساراً مختلفاً يتبعه السوداني، قد يكون بعيداً عن بيئته السياسية التي دفعت به إلى هذا المنصب، ما شجّع دعوته إلى البيت الأبيض، فضلاً عن أن الولايات المتحدة لا تزال راغبة في استثمار لحظات الهدوء في العراق، وما قد يترتب عليه من تقديم رسائل غير عدائية إلى حلفاء السوداني من الفصائل المسلحة».

مفاوضات الانسحاب الأميركي بدأت في يناير الماضي وتحولت إلى حوار حول «شراكة دائمة» (أ.ب)

ويرى مراقبون أن زيارة السوداني إلى واشنطن تأخرت كثيراً، ويقول الشمري إن السبب يعود إلى «عوامل، من بينها وجود الفصائل المسلحة التي دفعت واشنطن إلى الشك بهوية الحكومة ومساراتها السياسية والإقليمية، كما أنها تأخرت بسبب الحرب في غزة والاشتباك بين واشنطن والفصائل المسلحة خلال الفترة الماضية».

واستبعد الشمري حدوث «فارق جوهري» في العلاقة بين واشنطن وبغداد كنتيجة للزيارة، لأنها تأتي في سنة انتخابية في الولايات المتحدة، مع تصاعد المؤشرات بمغادرة الديمقراطيين البيت الأبيض لصالح الجمهوريين، لكن هناك ملفات عالقة تريد حسمها واشنطن، تتعلق بالعلاقة مع إيران واستيراد الطاقة وملف إقليم كردستان.

ورجّح الشمري أن تحصل بغداد على «شيء من المرونة» بشأن العقوبات المفروضة على شخصيات وجماعات مسلحة وبنوك وتمويل الموازنة الاتحادية والدعم الأميركي للعراق في المجال الأمني واللوجستي.


مقالات ذات صلة

قائد عسكري عراقي: حدودنا مؤمنة ولا مجال لاختراقها

العالم العربي وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي برفقة وفد أمني رفيع المستوى إلى قاطع عمليات غرب نينوى في سنجار (واع)

قائد عسكري عراقي: حدودنا مؤمنة ولا مجال لاختراقها

قال محمد السعيدي، قائد قوات الحدود العراقية، اليوم (السبت)، إن الحدود العراقية «مُؤمنَّة، ولا مجال لاختراقها».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي خلال تفقده الحدود العراقية السورية 15 نوفمبر 2024 (قناته على تطبيق «تلغرام»)

ثابت العباسي: الجيش جاهز ويواصل حماية حدود العراق وسمائه من أي خطر

قال وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، إن الجيش بكافة تشكيلاته جاهز، ويواصل مهامه لحماية حدود العراق وسمائه من أي خطر.

المشرق العربي مهاجرون يعبرون بحر المانش (القنال الإنجليزي) على متن قارب (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 00:32

العراق وبريطانيا يوقعان اتفاقاً أمنياً لاستهداف عصابات تهريب البشر

قالت بريطانيا، الخميس، إنها وقعت اتفاقاً أمنياً مع العراق لاستهداف عصابات تهريب البشر، وتعزيز التعاون على الحدود.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تحالف «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاته في بغداد (إكس)

العراق: أحكام غيابية بالسجن لمتهمين في «سرقة القرن»

عاد ملف «سرقة القرن» إلى الواجهة بالعراق، بعد صدور أحكام غيابية بالسجن بحق متهمين فيها، بينما يتصاعد الجدل حول تسريبات صوتية منسوبة لمسؤولين بالحكومة.

المشرق العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

العراق يرحب بوقف النار في لبنان ويتأهب لهجمات محتملة

في وقت رحبت فيه الحكومة العراقية بقرار وقف إطلاق النار في لبنان، أعلنت أنها «في حالة تأهب قصوى»؛ لمواجهة «أي تهديد خارجي».

حمزة مصطفى (بغداد)

الفصائل المسلحة تسيطر على غالبية حلب... والجيش السوري: نحضّر لهجوم مضاد

TT

الفصائل المسلحة تسيطر على غالبية حلب... والجيش السوري: نحضّر لهجوم مضاد

تظهر هذه الصورة الجوية عناصر من فصائل سورية مسلحة يلتقطون صوراً أمام واجهة مبنى يحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد في وسط حلب (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الجوية عناصر من فصائل سورية مسلحة يلتقطون صوراً أمام واجهة مبنى يحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد في وسط حلب (أ.ف.ب)

أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم (السبت)، سيطرة فصائل سورية مسلحة على «غالبية مدينة حلب»، بالتزامن مع شن طائرات حربية روسية غارات على أحياء المدينة للمرة الأولى منذ عام 2016.

وقال المرصد إن «هيئة تحرير الشام» والفصائل الحليفة لها «سيطروا على غالبية المدينة ومراكز حكومية وسجون».

وأضاف: «شنت طائرات حربية روسية بعد منتصف ليل الجمعة السبت غارات على أحياء مدينة حلب للمرة الأولى منذ العام 2016».

وقال مصدران عسكريان سوريان لـ«رويترز»: «استهدف قصف بطائرات روسية وسورية مقاتلي الفصائل السورية في حي بمدينة حلب».

وكان المرصد قد أشار في وقت سابق الى أن طائرات حربية، لم يحدد هويتها، شنت بعد منتصف الليلة الماضية غارات على أحياء مدينة حلب واستهدفت الغارات حي الفرقان قرب حلب الجديدة من الجهة الغربية للمدينة.

انسحاب مؤقت

من جانبه، أعلن الجيش السوري عن «إعادة انتشار» للقوات في حلب بهدف التحضير لهجوم مضاد على من وصفهم «الإرهابيين».

ونقلت وزارة الدفاع السورية عن مصدر عسكري قوله: «تمكنت التنظيمات الإرهابية خلال الساعات الماضية من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب» بعد أن نفذ الجيش عملية «إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع». وجاء ذلك بحسب المصدر بعد «معارك شرسة... على شريط يتجاوز 100 كم لوقف تقدمها وارتقى خلال المعارك العشرات من رجال قواتنا المسلحة شهداء».

تظهر هذه الصورة عناصر من الفصائل السورية المسلحة في شوارع مدينة حلب بشمال سوريا (أ.ف.ب)

وأضاف المرصد أن الضربات الجوية وعمليات قصف بري ومقاومة «محدودة» من جانب الجيش السوري أسفرت عن مقتل 20 عنصرا من الفصائل المسلحة.

وأشار المرصد إلى أن الغارات تزامنت مع وصول تعزيزات عسكرية «كبيرة» للفصائل المسلحة إلى المنطقة، حيث تخوض اشتباكات عنيفة مع الجيش السوري.

كما أفاد المرصد السوري بارتفاع عدد قتلى الاشتباكات، التي تفجرت يوم الأربعاء الماضي، بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في حلب وإدلب إلى 301.

وأفادت وسائل إعلام تابعة الفصائل السورية المسلحة أمس الجمعة بأن الفصائل سيطرت على مساحات واسعة في محافظتي حلب وإدلب، في حين قال الجيش السوري قال في بيان إن قواته تتصدى لهجوم كبير من الفصائل.

يتجمع عناصر من الفصائل السورية المسلحة في وسط حلب أمام مبنى يحمل صورة كبيرة للرئيس السوري بشار الأسد في وقت مبكر من اليوم 30 نوفمبر (أ.ف.ب)

وعد روسي بمساعدات إضافية

وقال مصدران عسكريان سوريان لـ«رويترز» إن سوريا تلقت وعدا بمساعدات عسكرية روسية إضافية لمساعدة الجيش في منع الفصائل من الاستيلاء على محافظة حلب بشمال غرب البلاد.

وأضاف المصدران أن دمشق تتوقع بدء وصول العتاد العسكري الروسي الجديد إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية قرب مدينة اللاذقية الساحلية خلال 72 ساعة.