الأسواق السورية الأبطأ منذ 50 عاماً وصادرات طهران إليها تهبط إلى النصف

تدفق الحوالات المالية قبل شهر رمضان انعكس على استقرار الليرة

بائع متجول بالقرب من كشكه في سوق بدمشق (أرشيفية - رويترز)
بائع متجول بالقرب من كشكه في سوق بدمشق (أرشيفية - رويترز)
TT

الأسواق السورية الأبطأ منذ 50 عاماً وصادرات طهران إليها تهبط إلى النصف

بائع متجول بالقرب من كشكه في سوق بدمشق (أرشيفية - رويترز)
بائع متجول بالقرب من كشكه في سوق بدمشق (أرشيفية - رويترز)

رغم ما تبذله الحكومة السورية من مساعٍ لتنشيط الأسواق، وإقامة مهرجانات التسوق، وإلزام الجهات المنتجة بـ«البيع المباشر دون وسيط وبسعر يقارب التكلفة»، وما رافق ذلك من إجراءات اتخذها مصرف سوريا المركزي لكبح ارتفاع سعر الصرف، فإن حركة الأسواق لا تزال بطيئة مع تراجع الطلب العام جراء التضخم وارتفاع الأسعار قياساً إلى القدرة الشرائية المتدنية جداً.

وفي تصريح للإعلام، قال الخبير الاقتصادي عابد فضلية، إن «حجم الطلب العام على كل أنواع السلع سيكون الأقل منذ 50 عاماً». مشيراً إلى أن حركة السوق السورية مع حلول شهر رمضان، مقارنة بالعام الماضي، هي «أبطأ وأضيق؛ وبمستوى أقل كمية وأقل تنوّعاً وأدنى نوعية»، وفق ما نقلته صحيفة «البعث» المحلية.

تسوق قبل الإفطار في إحدى أسواق رمضان الفائت بإدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

بالتزامن، أعلن مدير عام غرب آسيا لمنظمة تنمية التجارة الإيرانية، عبد الأمير ربيهاوي، انخفاض صادرات طهران إلى دمشق بنسبة 50 في المائة.

وقال تقرير مصور بثته قناة «نود اقتصاديإن»، إن صادرات إيران إلى سوريا عام 2022 كانت 244 مليون دولار، لكن هذا الرقم وصل إلى 120 مليون دولار عام 2023، وأضاف مؤكداً: «هذه ليست إحصائية بمستوى التعاون الاقتصادي بين البلدين».

وأفاد تصريح سابق لرئيس مكتب سوريا في وزارة الخارجية، شاه حسيني، بأن الصادرات الإيرانية إلى سوريا لم تتجاوز 100 مليون دولار، وهو «رقم منخفض»، مطالباً التجار الإيرانيين بإيجاد طريقة للتعاون مع دمشق بأنفسهم.

وتحدثت تقارير إعلامية محلية عن اتخاذ مصرف سوريا المركزي كثيراً من الإجراءات لكبح تدهور سعر الصرف، الذي شهد خلال الأسابيع الأخيرة حالة استقرار نسبي عند وسطي 14000 ليرة مقابل الدولار الأمريكي، وهو ما رده خبراء في السوق، بالدرجة الأولى، إلى زيادة تدفق الحوالات المالية قبل شهر رمضان.

وتتطلع الحكومة السورية والفعاليات الاقتصادية، إلى تفعيل حركة الأسواق مع حلول شهر رمضان الذي يشهد ارتفاع معدل تحويلات المغتربين إلى سوريا. ونقل موقع «صوت العاصمة» المحلي عن مصدر في إحدى شركات التحويل، إفادته بأنّ «التحويلات المرسلة من المغتربين في الخارج إلى دمشق وريفها، ازدادت منذ بداية الشهر الحالي مع بدء التحضير لشهر رمضان، بنسبة 50 في المائة، وغالبية تلك الحوالات تأتي من العراق والإمارات والأردن... وغيرها».

هذا وقد شهدت الفترة الأخيرة كثيراً من الاجتماعات الحكومية والفعاليات الاقتصادية التي تتعلق بتنشيط الأسواق، وطرح سلال غذائية بأسعار مخفضة، منها اجتماع عقدته محافظة دمشق والشركة السورية للتجارة مع غرفة تجارة دمشق، التي أعلنت عن تقديم أكثر من مليار ليرة لتمويل 2000 قسيمة مشتريات بقيمة 300 ألف ليرة، بالإضافة إلى 1000 سلة غذائية. كما ستقدم الشركة السورية للتجارة سلة غذائية بسعر مخفض بـ20 في المائة عن سعر السوق.

صراف سوري في أحد محال الصرافة في دمشق (أ.ف.ب)

ورغم ما تلقاه تلك المبادرات من إقبال فإنها تظل حلولاً إسعافية آنية لا تؤدي إلى خفض الأسعار على المدى المتوسط، وفق مصادر تجارية في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة تتصرف كأنها جمعية لإدارة وتوزيع التبرعات، حيث «تعالج النتائج وتتنحى عن الأسباب»، فمن ينال حصة غذائية بسعر مخفض في شهر رمضان، فلن يحظى بها بعد انتهاء الشهر الفضيل. وإنه مع تراجع الحوالات سيعود سعر الصرف والأسعار إلى الارتفاع، كما حدث في الأعوام الماضية.

سوق الحميدية أبرز الأسواق التقليدية في العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)

صاحبة محل سمانة في حي دمشقي شعبي، قالت إن الأسعار في مهرجانات التسوق هي بسعر الجملة، وكبار التجار والشركات المنتجة تطرح الكاسد من بضاعتها، لكن ذلك لا يخفض أسعار المفرق في السوق التي يضاف إليها أجور النقل وخدمات المحل والأرباح.

ولفتت إلى تغير عادات الشراء بسبب ارتفاع الأسعار، حيث ازدادت في العام الأخير أعداد الذين يشترون مستلزماتهم من المواد الاستهلاكية «بالغرامات» بعد أن كانت أقل وحدة للشراء هي الكيلوغرام، مواد مثل (سكر، زيت، شاي، بن). حتى الشوكولاته السائلة كنا نبيعها بعبوات 100 و200 غرام، اليوم تباع بالملعقة (20 غراماً)، فالطلب يكون حسب قيمة الورقة المالية المتوافرة، لا حسب الحاجة، يطلب الزبون مثلاً جبن دهن بحدود 5 آلاف ليرة، أو سائلَ جيلي بحدود 4 آلاف، وهكذا.

ولا يقتصر تغير عادات الشراء على الطبقة الفقيرة التي تكاد تشكل 90 في المائة من المجتمع السوري، بل أصبح الشراء بالحبة والغرام، وبما يكفي احتياج يوم واحد، هو القاعدة العامة.


مقالات ذات صلة

قوة الدولار تضغط على الأسواق العالمية

الاقتصاد موظف بنك يعد أوراق الدولار الأميركي بأحد الفروع في هانوي (رويترز)

قوة الدولار تضغط على الأسواق العالمية

ارتفع الدولار الأميركي بالقرب من أعلى مستوى له في عامين مقابل مجموعة من العملات، يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد بورصة نيويورك خلال أول يوم تداول من العام الجديد في 2 يناير 2025 (أ.ف.ب)

تحديات جديدة تواجه صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة

تستعد صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة لمواجهة تحديات جديدة قد تؤثر في استمرار نموها الهائل في عام 2025.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد صينيون يحتفلون بقدوم العام الجديد في مدينة ووهان وسط الصين (أ.ف.ب)

اليوان والأسهم والعائدات الصينية تفتتح 2025 على هبوط قياسي

سجل اليوان الصيني أدنى مستوى في 14 شهراً بأول يوم تداول بالعام الجديد بينما هبطت الأسهم والعائدات على السندات الصينية

«الشرق الأوسط» (شنغهاي)
الاقتصاد مخطط مؤشر الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة فرنكفورت (رويترز)

أسواق أوروبا تبدأ 2025 بأداء إيجابي

ارتفعت الأسهم الأوروبية، يوم الخميس، في أول جلسة تداول لعام 2025، متعافية من موجة البيع التي شهدتها الأسواق في نهاية العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد دونالد ترمب يتحدث مع المسؤولين التنفيذيين والمديرين خلال زيارة لمنشأة تصدير الغاز الطبيعي المسال كاميرون في هاكبيري (رويترز)

توقف ضخ الغاز الروسي لأوروبا عبر أوكرانيا يستحضر «تهديدات ترمب» للقارة العجوز

انتهت اتفاقية ضخ الغاز الروسي لأوروبا عبر أوكرانيا، الأربعاء، رغم استمرارها في أوج الحرب الروسية - الأوكرانية التي بدأت في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

حادث بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين يهدد بأزمة حدودية


لبنانيون ينتظرون عند معبر المصنع على الحدود اللبنانية - السورية أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون ينتظرون عند معبر المصنع على الحدود اللبنانية - السورية أمس (أ.ف.ب)
TT

حادث بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين يهدد بأزمة حدودية


لبنانيون ينتظرون عند معبر المصنع على الحدود اللبنانية - السورية أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون ينتظرون عند معبر المصنع على الحدود اللبنانية - السورية أمس (أ.ف.ب)

فرضت سوريا، أمس، قيوداً غير مسبوقة على اللبنانيين الراغبين في دخول أراضيها، وذلك على خلفية حادثة بين عناصر من الجيش اللبناني ومسلحين سوريين عند مركز عسكري حدودي في منطقة دير العشائر أدى لتوقيف المسلحيْن السوريين، ثم عاد الأمن العام اللبناني وسلمهم للجانب السوري.

وأعلن الجيش اللبناني في بيان، أنَّه «خلال عمل وحدة من الجيش على إغلاق معبر غير شرعي عند الحدود اللبنانية - السورية بمنطقة معربون - بعلبك في 3 ديسمبر (كانون الأول)، حاول أشخاص سوريون فتح المعبر بواسطة جرافة، فأطلقت عناصر الجيش نيراناً تحذيرية في الهواء»، مضيفاً أنَّ «السوريين بدورهم أطلقوا النار نحو عناصر الجيش، ما أدى إلى إصابة أحدهم ووقوع اشتباك بين الجانبين». (