كشفتها صور الأقمار الاصطناعية... إسرائيل تنشئ طريقاً تشق قطاع غزة إلى قسمين

صور الأقمار الاصطناعية تظهر أن الطريق تمتد الآن من منطقة الحدود بين غزة وإسرائيل عبر القطاع وتقسّم شمال غزة بالجنوب (سي إن إن)
صور الأقمار الاصطناعية تظهر أن الطريق تمتد الآن من منطقة الحدود بين غزة وإسرائيل عبر القطاع وتقسّم شمال غزة بالجنوب (سي إن إن)
TT

كشفتها صور الأقمار الاصطناعية... إسرائيل تنشئ طريقاً تشق قطاع غزة إلى قسمين

صور الأقمار الاصطناعية تظهر أن الطريق تمتد الآن من منطقة الحدود بين غزة وإسرائيل عبر القطاع وتقسّم شمال غزة بالجنوب (سي إن إن)
صور الأقمار الاصطناعية تظهر أن الطريق تمتد الآن من منطقة الحدود بين غزة وإسرائيل عبر القطاع وتقسّم شمال غزة بالجنوب (سي إن إن)

وصلت الطريق التي يبنيها الجيش الإسرائيلي وتقسم غزة إلى قسمين إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، وفقاً لتحليل لشبكة «سي إن إن» لصور الأقمار الاصطناعية. وأكد مسؤولون إسرائيليون أن ذلك يُعدّ جزءاً من خطة أمنية للسيطرة على المنطقة لأشهر، وربما لسنوات مقبلة.

وتكشف صورة الأقمار الاصطناعية التي التقطت في 6 مارس (آذار) أن الطريق الشرقية الغربية، التي كانت قيد الإنشاء منذ أسابيع، تمتد الآن من منطقة الحدود بين غزة وإسرائيل عبر القطاع الذي يبلغ عرضه نحو 6.5 كيلومتر (نحو 4 أميال)، ويقسّم شمال غزة، بما في ذلك مدينة غزة، عن جنوب القطاع. ويتضمن ذلك نحو كيلومترين (1.2 ميل) من الطرقات القديمة، بينما الباقي جديد، وفقاً لتحليل شبكة «سي إن إن».

وقال جيش الدفاع الإسرائيلي للشبكة إنه يستخدم الطريق «لإنشاء موطئ قدم عملياتي في المنطقة» والسماح «بمرور القوات، وكذلك المعدات اللوجستية». عندما سُئل عن اكتمال الطريق، قال الجيش الإسرائيلي إن الطريق كانت موجودة قبل الحرب، ويتم «تجديدها»، بسبب «إتلاف» المركبات المدرعة لها.

وكشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو النقاب عن خطة، حصلت عليها شبكة «سي إن إن»، أمام حكومته الأمنية في 23 فبراير (شباط) لمستقبل ما بعد «حماس» في غزة، بما في ذلك «التجريد الكامل من السلاح» في القطاع، وإصلاح الأمن والإدارة المدنية والتعليم. ويخشى الفلسطينيون الذين يعيشون في غزة أن تؤدي الخطط الأمنية الإسرائيلية بعد الحرب إلى مزيد من تقييد حريتهم في الحركة، متذكرين أيام الاحتلال الإسرائيلي قبل عام 2005، عندما أقيمت نقاط التفتيش بين القرى المجاورة، وتم بناء الطرق الالتفافية الحصرية لربط المستوطنات الإسرائيلية بعضها ببعض، وبإسرائيل.

«ممر نتساريم»

تم تسمية «ممر نتساريم» على اسم مستوطنة نتساريم الإسرائيلية السابقة في غزة، ويتقاطع مع إحدى الطريقين الرئيسيتين بين الشمال والجنوب في غزة، وهو شارع صلاح الدين، لإنشاء تقاطع مركزي استراتيجي. ويبدو أيضاً أنه يتصل بطريق الرشيد التي تمتد على طول الساحل، كما تظهر صور الأقمار الاصطناعية. وقال فلسطينيون لشبكة «سي إن إن» إنهم يتذكرون أن ما يسمى بـ«مفترق نتساريم» كان موجوداً قبل عام 2005. وفي ذلك الوقت، كان الوصول إليه إلى حد كبير للمستوطنين الإسرائيليين فقط.

وأوضح وزير شؤون الشتات الإسرائيلي، أميحاي شيكلي، أن الطريق الجديدة «ستسهل» على الجيش الإسرائيلي شنّ غارات شمال مدينة غزة وجنوبها على المنطقة الوسطى من قطاع غزة.

الطريق، التي قال إنها ستستخدم لمدة عام على الأقل، ستكون بها 3 مسارات؛ واحد للدبابات الثقيلة والمدرعات، وآخر للمركبات الخفيفة، وثالث للحركة السريعة. وأوضح أنه سيكون من الممكن القيادة على ممر نتساريم من بئيري، وهو كيبوتز إسرائيلي بالقرب من حدود غزة، إلى البحر الأبيض المتوسط في 7 دقائق.

ولا يشارك شيكلي في السياسة العسكرية الإسرائيلية. ولكن في يناير (كانون الثاني)، اقترح شيكلي، إلى جانب أعضاء آخرين في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، خطة لهزيمة «حماس» تضمنت خطوات للسيطرة على أجزاء استراتيجية من القطاع. وقالوا فيه إن ممر نتساريم سيتم استخدامه «لتمكين تهديم البنية التحتية تحت الأرض لـ(حماس) وجيوبها في شمال قطاع غزة».

وقالوا في الاقتراح: «لا ينبغي السماح لسكان قطاع غزة بالعودة إلى الشمال على الأقل حتى يتم هدم جميع البنية التحتية تحت الأرض والتسريح الكامل للمنطقة». كما تضمنت الخطة أيضاً ممراً ثانياً إلى الجنوب أطلق عليه اسم ممر صوفا. ولم يتم تبني الخطة من قبل الجيش الإسرائيلي، لكنها تتضمن عناصر ستظهر إلى العلن، بما في ذلك ممر نتساريم.

تقسيم غزة

تكشف سلسلة من صور الأقمار الاصطناعية قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) وبعده كيف تقوم إسرائيل بتوسيع طريق قائمة لبناء الممر. صورة من 29 فبراير، قدّمتها شركة «ماكسار تكنولوجيز» واستعرضتها شبكة «سي إن إن»، تظهر أجزاء من الطريق تم تجريفها حديثاً إلى الشرق والغرب من الطريق الحالية. وتظهر صورة القمر الاصطناعي التي التقطت في 6 مارس، والتي قدمتها شركة «Planet Labs» أن البناء الجديد يصل إلى الساحل.

تحليل «سي إن إن» لصورة قمر اصطناعي بتاريخ 6 مارس 2024 (Planet Labs)

بدأ الجيش الإسرائيلي بجرف طريق لمركباته المدرعة بعد وقت قصير من إعلان الحرب على «حماس» في 7 أكتوبر. وتظهر صور الأقمار الاصطناعية التي التقطت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الخطوط، في الوقت الذي تحول فيه تركيز الجيش إلى محيط مدينة غزة، متقدماً من الشرق.

وأعطى الجيش الإسرائيلي القناة التلفزيونية الإسرائيلية اليمينية 14 جولة في ممر نتساريم في فبراير، وكشف عما أسماه «بافير - المنطقة العازلة» التي يجري العمل عليها حول الطريق. وأظهر التقرير أن قوات من سلاح الهندسة الإسرائيلي تقوم بتشغيل الجرارات والشاحنات والأدوات الهندسية.

وقال المقدم شمعون أوركابي، قائد الكتيبة 601 في سلاح الهندسة القتالية، للقناة 14، إن الجنود كانوا مشغولين بتدمير أي بنية تحتية متبقية في المنطقة العازلة.

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي استخدم «كمية كبيرة من الألغام والمتفجرات» لهدم المباني في المنطقة العازلة، وأن المباني المتبقية في المنطقة «ستختفي قريباً على الأرجح».

ويظهر تقرير القناة 14 مستشفى الصداقة التركية الفلسطينية، على بعد نحو 380 متراً (نحو 1240 قدماً) من الطريق، وقد كان جزئياً في حالة خراب، وجنود يعملون في المنطقة.

وفي مقطع فيديو تمت مشاركته على منصة «تيك توك»، وتم تحديد موقعه الجغرافي والتحقق منه بواسطة «سي إن إن»، يمكن رؤية جنود إسرائيليين وهم يدمرون ما يبدو أنه مدخل مستشفى الصداقة التركية الفلسطينية. ويُظهر مقطع الفيديو الذي نشره جندي إسرائيلي على منصة التواصل الاجتماعي في 22 فبراير، وتم حذفه لاحقاً، قوات في مركبة مدرعة تدخل المجمع الطبي.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه دمر جزءاً من «شبكة الأنفاق» أسفل مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، الذي زعم أنه «يربط بين شمال وجنوب قطاع غزة».

تعقيباً على ذلك، أوضح مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في فبراير، أن ما تردد عن قيام الجيش الإسرائيلي بتدمير المباني السكنية وغيرها من المباني المدنية في أماكن أخرى من قطاع غزة، على بعد كيلومتر واحد من السياج بين إسرائيل وغزة لإنشاء منطقة عازلة، يمكن أن يرقى إلى مستوى جريمة حرب.


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: اختتام جولة تفاوض... وأخرى قريبة بحضور «حماس»

المشرق العربي فلسطينية تخطو يوم الاثنين فوق أنقاض منزل دمرته الغارات الإسرائيلية على بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: اختتام جولة تفاوض... وأخرى قريبة بحضور «حماس»

أعلن رئيس فريق التفاوض الإسرائيلي، دافيد برنياع، بعد عودته من الدوحة، أن هناك اتفاقاً على جولة مفاوضات قريباً حول وقف النار في غزة، بحضور جميع الأطراف.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث إلى الصحافيين في نيويورك سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

الرياض تحتضن اجتماعاً رفيعاً لتحالف «حل الدولتين»

تحتضن الرياض يومَي الأربعاء والخميس المقبلين، اجتماعاً رفيع المستوى للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، يضم دبلوماسيين ومبعوثين من دول عدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
تحليل إخباري الشرطة الإسرائيلية تتفقد يوم الأحد موقع اصطدام شاحنة بمحطة حافلات قرب تل أبيب (أ.ب) play-circle 00:18

تحليل إخباري لماذا تخشى إسرائيل جبهة الداخل أكثر من غيرها؟

آخر ما تريده إسرائيل المنخرطة في جبهات عدة الآن هي جبهة جديدة في الداخل مع العرب؛ وهي مواجهة استعدت لها سابقاً لكنها تعرف جيداً أنها ليست مثل أي جبهة أخرى.

كفاح زبون (رام الله)
شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

مصر تُحذّر من استدراج المنطقة إلى «حرب إقليمية»

حذّرت مصر من «استدراج المنطقة إلى (حرب إقليمية) تؤدي إلى تداعيات وخيمة على شعوب المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (رويترز)

​غالانت: استعادة الرهائن تستلزم «تنازلات مؤلمة»

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن إيران لم تعد قادرة على استخدام حركة «حماس» وجماعة «حزب الله» أداتين فعالتين ضد إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نازِحو غزة يصنعون ملابس الشتاء من البطاطين

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
TT

نازِحو غزة يصنعون ملابس الشتاء من البطاطين

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)

على أبواب فصل الشتاء البارد والممطر، يصنع فلسطينيون نازِحون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين، في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء، بعد اضطرارهم للسكن في خيام وملاذات مؤقتة قرب شاطئ البحر.

وتقوم نداء عطية (31 عاماً) وآخرون بأخذ المقاسات، وقص قماش البطاطين وخياطتها في خيمة بالقرب من الشاطئ في المواصي بخان يونس جنوب قطاع غزة.

ويتم العمل بالكامل يدوياً، ويتطلّب جهداً شاقاً، وفي غياب الكهرباء، حيث يتسنى لهم توليد الطاقة باستخدام دواسات دراجة متصلة بحزام بماكينة الخياطة الخاصة بهم. وقالت نداء لـ«رويترز»: «قدوم فصل الشتاء للمرة الثانية والناس من دون أي ملابس».

وفي مكان قريب، وقف طفل صغير على طاولة، بينما كانت امرأة أخرى تأخذ مقاساته لتصنع له سترة تحميه من برد الشتاء. وقالت نداء: «ما في أي ملابس دخلت البلد، حاولنا وفكّرنا ملياً إحنا كيف يمكن نُوجِد حل لعدم توافر الأقمشة، فطلعنا بفكرة إعادة تدوير البطانيات الحرارية لملابس شتوية».

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)

وتعتمد مبادرة (إبرة وخيط) التي أطلقتها نداء في سبتمبر (أيلول) في الغالب على متطوعين، لكن بعضهم يحصلون على مبلغ صغير، وتُباع الملابس بما يتراوح بين 70 و120 شيقل (18 إلى 30 دولاراً)، لكن الأسعار تكون أقل لمن يُحضرون معهم البطانيات.

قد يكون الشتاء في غزة قاسياً؛ إذ يتّسم بدرجات حرارة منخفضة ورياح قوية، وفي العام الماضي غمرت الأمطار الغزيرة بعض الملاجئ. وبعد مرور ما يزيد على عام على اندلاع الحرب، صار الكثيرون من سكان غزة بلا دخل، ويحاول بعضهم بيع ممتلكاته، ومنها ملابس مستعمَلة، لكن قلة فقط منهم صار بإمكانهم تحمّل أسعار السلع الأساسية.

ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، انخفض حجم المساعدات الدولية التي تدخل غزة إلى أدنى مستوى له على مدى العام، في حين حذّر تقرير مرصد دولي لمراقبة الجوع من مجاعة وشيكة.

نازحون

نزح معظم سكان غزة، البالغ عددهم نحو مليوني شخص، بسبب الهجوم الإسرائيلي المتواصل على القطاع الساحلي.

وقالت سميرة طموس، التي تنحدر من مدينة غزة في شمال القطاع، ولكنها تعيش الآن في مأوى مؤقت في المواصي: «بقالنا سنة نازحين وزيادة، إجى علينا شتا، وهاي إجى علينا كمان شتا».

وأضافت، بينما كانت ابنتها البالغة من العمر 13 عاماً والمصابة بمتلازمة داون ترتدي ملابس مصنوعة في إطار المبادرة: «ما عندناش أي ملابس شتوية بالمرة، لا في السوق، ولا ألبّس بنتي المريضة عندي كمان، والمعابر مسكّرة، اضطريت آخد الغطا البطانية علشان أعملها لبس لبنتي علشان تتدفى؛ لأن إذا أنا استحملت البرد هي ما تستحمل البرد».

وبدأ الهجوم الإسرائيلي على غزة رداً على هجوم قاده مسلّحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقال مسؤولون إسرائيليون إن هجوم «حماس» أدى لمقتل 1200 شخص، واحتجاز نحو 250 رهينة.

وتقول وزارة الصحة في القطاع إن الهجوم الإسرائيلي أسفر حتى الآن عن مقتل نحو 43 ألف شخص.