عبد ربه: عرفات ناشد صدام الانسحاب من الكويت لتجنب «نكبة جديدة»

«الشرق الأوسط» تعيد فتح دفاتر الرحلة الفلسطينية بمفاوضاتها الشائكة وعلاقاتها الصعبة (2 من 3)

TT

عبد ربه: عرفات ناشد صدام الانسحاب من الكويت لتجنب «نكبة جديدة»

صدام خلال اجتماع مع عرفات في بغداد في مايو 1990 (غيتي)
صدام خلال اجتماع مع عرفات في بغداد في مايو 1990 (غيتي)

كان ياسر عبد ربه، أمين السر السابق للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حاضراً في لقاءات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مع المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين. وكان حاضراً أيضاً في لقاءات عرفات مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في أعقاب الغزو العراقي للكويت. شهادته تكشف وتضيء وتصوّب. وهنا نص الحلقة الثانية:

سألت عبد ربه عما قيل إن الجانب الفلسطيني أضاع فرصاً في التفاوض مع الإسرائيليين بما في ذلك في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000، فأوضح: «كامب ديفيد، الحقيقة، منذ ساعاتها الأولى دبت الشكوك عندنا وعند ياسر عرفات بالذات حول النوايا الأميركية، وليس الإسرائيلية. كان الرئيس بيل كلينتون حاضراً. قُدّم لنا في اليوم الأول مشروع أميركي يقتطع نحو أكثر من عشرة في المائة من أراضي الضفة الغربية وفيه قيود كثيرة وتفاصيل لا تقود إلى الحصول على دولة حقيقية فيها سيادة ولو منقوصة قليلاً، بالإضافة إلى موضوع القدس الذي تُرك غامضاً وخاصة موضوع الأماكن المقدسة.

هذا الغموض لم يكن غموضاً بناء، بل كان غموضاً يميل لمصلحة الموقف الإسرائيلي، لأن هذه المناطق ذات حساسية شديدة وياسر عرفات كان هذا الموضوع بالنسبة له غير قابل للمساومة أو البحث، خاصة الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية. أنا أستطيع أن أؤكد أن ياسر عرفات كان يعتقد أن أي مساس بهذا حتى لو حصلنا على غالبية مطالبنا في القضايا الأخرى سيعطيه بلا منازع لقب الخائن وليس المحرر للأرض الوطنية.

كان هاجس عرفات الرئيسي ألا يقال عنه إنه قد تنازل عما لم يتنازل عنه غيره عبر التاريخ، يعني صلاح الدين مثلاً الذي استعاد الأماكن المقدسة ولم يساوم عليها. لذلك، حتى موضوع حائط المبكى، كما يقال، ياسر عرفات لم يستسلم للموقف الإسرائيلي باعتبار أن هذا الحائط هو حائط يهودي. كان يقول إن هذا الحائط هو حائط البراق، حسب المفهوم الإسلامي لهذا الحائط. وبالتالي كل الأماكن المقدسة، خاصة المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، كانت بالنسبة لياسر عرفات هي العنوان الذي يمكن من خلاله أن يدخل التاريخ، مدخلاً وطنياً أو مدخل تفريط وخيانة.

أميركا «فقدت دور الوسيط» في كامب ديفيد

لنرجع إلى كامب ديفيد. عندما قُدم هذا المشروع الأميركي أثار عندنا ضجيجاً شديداً ورد فعل قاسياً، إذ لم نبدأ التفاوض أصلاً مع الإسرائيليين، فكيف يتقدم الأميركيون بهذه الصيغة وكأنها صيغة حل وسط تحتوي على انحياز أكثر للمواقف الإسرائيلية. في اليوم التالي، سُرعان ما سحب الأميركيون هذا المشروع من أجل إتاحة المجال للمفاوضات حول كل النقاط، نقاط الوضع النهائي بما فيها الحدود والأرض والقدس والاستيطان واللاجئين وغيرها.

عرفات مع كلينتون وباراك في قمة كامب ديفيد عام 2000 (أ.ف.ب)

هذا الانسحاب السريع لم يطمئننا، بل أثار عندنا شكوكاً عميقة بأن الأميركيين هذه هي نواياهم، وهذا الانسحاب هو مجرد تراجع تكتيكي من قبلهم. هذا كان الشرخ الأول عند المفاوض الفلسطيني وعند ياسر عرفات في مسار العملية التفاوضية وفي أخذ هذه العملية كعملية جدية وفي الركون إلى الموقف الأميركي بالذات. الأمر الثاني، كان ياسر عرفات يلح على ضرورة أن يجلس هو مع إيهود باراك ثنائياً لكي تتم معالجة كل القضايا قبل إحالتها إلى اللجان الثنائية التي شُكلت، حول الحدود وحول القدس وحول اللاجئين وغيرها.

إيهود باراك كان يتهرب من أي لقاء ثنائي مع ياسر عرفات، وكان يفضل اللقاءات التي تجمعه مع ياسر عرفات بحضور كلينتون والطرف الأميركي، وكأنه يريد الاستعانة بالموقف الأميركي علينا. قضى ياسر عرفات أياماً وساعات طويلة يستظل بالشمس أو يستمتع بأشعة الشمس، وكان هناك مندوب إسرائيلي يدعي أنه قريب منا وقريب من موقفنا ليس له وضع رسمي، يدعى (يوسي) غينوسار. كان يأتي بيننا وبين إيهود باراك ويحاول تهدئة ياسر عرفات لأنه يجلس بلا عمل عملياً.

نحن كنا نذهب للقاءات في لجان قد شُكلت، لكن هو لا يلتقي به ولا يحاوره محاورة فعلية حتى تسير اللجان وفق هذا المنهج. استُعيض عنها بلقاءات ثنائية بين ياسر عرفات وكلينتون، وهذه اللقاءات كانت حقيقة تدور في فراغ لأنه لم يكن يحكمها منهج تفاوضي. كانت هناك قضايا مثلاً يجري الحديث عنها في هذه اللقاءات. دارت هذه اللقاءات كثيراً حول موضوع القدس وكيفية معالجته. طرحت أفكار أميركية لكن في واقع الأمر أنها أفكار أميركية وإسرائيلية. أو هكذا كان شعورنا منذ اليوم الأول أن التنسيق جارٍ في عرض المشاريع والصيغ بين أميركا وإسرائيل ونحن خارج هذا التنسيق. فإذن دور الحكم دور الوسيط، ولو شكلاً، فقد من قبل الأميركيين.

كلينتون حمّلنا الفشل... وأخطأنا بتأخير الرد

كيف انتهت كامب ديفيد؟ يقول عبد ربه: «انتهت كامب ديفيد بأننا لم نتمكن من الوصول إلى اتفاق على أي من القضايا الرئيسية. واتفق في آخر لقاء تم بين ياسر عرفات وكلينتون على أن ترفع هذه الاجتماعات ونعود بعد أسبوعين نواصل خلالها الحوار مع الجانب الإسرائيلي لنكون أكثر جاهزية في الدخول في تفاصيل القضايا المركزية وكيفية معالجتها والتوصل إلى حلول مناسبة لها. لا أقول حلولاً وسطاً، ولكن أقول حلولاً مناسبة للطرفين.

هذا كان الاتفاق بوجودي مع كلينتون، وياسر عرفات كان حذراً وطلب من كلينتون ألا يعلن عن نتائج. أي لا يعلن عن الفشل. والأهم من ذلك ألا نحمل نحن مسؤولية الفشل. وعد كلينتون بأن يتقيد بهذا وألا يحملنا مسؤولية ولا يحمل الإسرائيليين. أمضينا أسبوعين من دون تقدم جوهري. يمكن بعض اللجان حققت شيئاً من التقدم. بموضوع الحدود لم نصل إلى تقدم حقيقي، وكانت الهوة واسعة بيننا وبين الإسرائيليين، بين تعديلات في الحدود بنسبة اثنين إلى ثلاثة في المائة، بينما يتحدث الإسرائيليون عن 15 في المائة. في موضوع اللاجئين، لا تقدم على الإطلاق. وفي موضوع القدس، لا تقدم على الإطلاق. لكن اختبرنا مواقف بعضنا بعضاً. عرفنا ما هو الحد الأقصى عند كل طرف من الطرفين.

وعد كلينتون ألا يلعب دوراً في عملية تحميل المسؤولية. خرجنا من كامب ديفيد. وأنا كنت في السيارة التي خرجت من كامب ديفيد إلى مطار واشنطن، والأمر يستغرق ساعتين أو ثلاثاً. عند وصولنا إلى المطار، تسلمنا مكالمة تليفونية، وقال لنا بعض الصحافيين الذين كانوا موجودين إن كلينتون عقد مؤتمراً صحافياً وحمّل ياسر عرفات المسؤولية الكاملة عن عدم الوصول إلى نتائج وعن الفشل. فغضب عرفات غضباً شديداً جداً، لكن كي لا يقود نفسه إلى مواجهة مع الولايات المتحدة، طلب من أعضاء وفدنا الذين لا يزال بعضهم في كامب ديفيد ألا نعلق على ما قاله كلينتون ولا نرد عليه بنفي هذه المزاعم.

كان هذا خطأ أدركناه لاحقاً، وهو أنه كان يجب أن نرد مباشرة. وللأسف أنا كنت من الذين نصحوا بأن نتريث ولا نقوم بالرد حتى نطلع على تفاصيل ما قاله وحتى نسمع من الأميركيين أنفسهم، فربما عندهم بعض التفسيرات. وأخذتنا الرحلة إلى غزة مرة أخرى ساعات طويلة. تناقل خلالها الإعلام العالمي كله الموقف وتحميلنا المسؤولية من قبل الأميركيين.

عندما وصلنا إلى غزة ربما كنا قد أضعنا وقتاً كثيراً، بحيث رسخ في وعي العالم أننا نحن الذين أفشلنا تلك المفاوضات. الرئيس الأميركي فسّر لبعض العرب، ربما بعض ممثلي الدول العربية في واشنطن، لماذا قام بذلك، ولماذا أخل بتعهده مع ياسر عرفات، قائلاً إنه لو تركت القضية معلقة وبفشل كامل من دون تحميل عرفات المسؤولية، فهذا سيضر بموقع إيهود باراك ويضعفه. والانتخابات قريبة مما سيؤدي إلى فشله في الانتخابات. بالتالي فضّل أن يلصق التهمة بعرفات وأن يبرئ باراك لإنقاذه من تبعات هذا الفشل داخلياً في إسرائيل».

فرصة ضائعة في طابا

بعد ذلك بأشهر، قدم كلينتون مشروعه الخاص كي نتفاوض حوله، وهي خطة كلينتون. وكان ذلك في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2000، وكان قد بقي بضعة أسابيع لكلينتون في السلطة وكان هذا المشروع متقدماً على بقية المشاريع التي عرضت علينا في كامب ديفيد، وفاجأنا هذا المشروع. تبعت ذلك مفاوضات عقدناها في طابا المصرية بيننا وبين الوفد الإسرائيلي، وتمكنّا في هذه المفاوضات استناداً لمشروع كلينتون من تحقيق تقدم يصل، حسب قول الإسرائيليين وقتها وليس نحن فقط، إلى إغلاق 80 إلى 90 في المائة من قضايا الاتفاق النهائي.

ياسر عبد ربه في نقاش جانبي على هامش مفاوضات طابا مطلع 2001 (أ.ف.ب)

وصلنا إلى سؤال: هل نوقع على ما اتفقنا عليه ونترك 10 في المائة مثلاً لمفاوضات لاحقة؟ ذهبنا إلى ياسر عرفات في غزة لكي نسأله رأيه. الوفد الإسرائيلي اختلف أمامنا بين من وافق على أن نوقع رغم أن هناك انتخابات إسرائيلية بعد أسابيع قليلة، وبين من قال لا نستطيع القيام بهذه الخطوة لأن هذه حكومة انتهى مفعولها، وستأتي حكومة بديلة بعد أسبوعين. وكان الجميع يشتّم أن (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل) شارون سيأتي. نحن كان لدينا تردد، عند ياسر عرفات، والإسرائيليون كان عندهم تردد. وكان هناك جناح يقول: لنوقّع ونضع شارون والحكومة الإسرائيلية القادمة أمام الأمر الواقع. وأنا كنت من الطرف الفلسطيني الذي يعيش في تردد ويقلق مما سيكون عليه موقف عرفات، فضاعت هذه الفرصة.

أين المسؤولية؟ المسؤولية عند ثلاثة أطراف: عند الولايات المتحدة وكلينتون الذي قدم مشروعه الحقيقي متأخراً، أي قبل أسابيع من رحيله. عند الجانب الإسرائيلي الذي كان قد وصل إلى توقيت ما قبل الانتخابات في إسرائيل ومجيء شارون الحتمي حسب استطلاعات الرأي إلى السلطة وفشل إيهود باراك. ونحن الذين كنا لا ندري ماذا نفعل: أنوقع مع الراحلين كلينتون وباراك، أم ننتظر مجيء الرئيس المقبل، وخصوصاً أنه جاءتنا إشارات من شخصيات فلسطينية ومن شخصيات عربية أن جورج بوش إذا جاء، وهو على الأغلب سيأتي، سيكون أكثر سخاء وأكثر فعالية في الوصول إلى تسوية، فتريثوا فيما يتعلق بالتوقيع.

أنا لا أريد أن أحمّل مسؤولية للآخرين، لكن حتى هذه اللحظة تساورني الحيرة: هل كنا على حق وصواب أم لا؟ أما اختصار الموضوع أن «كامب ديفيد» فشلت وأن الجانب الفلسطيني تلقى عرضاً سخياً ورفضه فهو كلام فارغ، والدليل أن كلينتون جاء بمشروعه بعد «كامب ديفيد» ببضعة أشهر، وطلب من الطرفين اللذين عجزا عن الوصول إلى نتيجة نهائية في مفاوضات طابا التي قطعنا فيها مسافة كبيرة».

باراك مناور... وبيريز مفاوض بارع

وعن التجربة العدائية مع آرييل شارون، يقول عبد ربه: «في الواقع لم يتسنَ لنا التعامل المباشر مع شارون. وأستطيع القول إن انعدام الثقة عند ياسر عرفات كان شديداً بالنسبة لإيهود باراك. لم يكن بهذه الحدة، لا مع رابين الذي كان يعتقد أنه جاد فعلاً بالتوصل إلى اتفاق إلى حين اغتياله، ولا مع شيمعون بيريس، الذي كان شعور عرفات تجاهه في صعود وهبوط. كان بيريس يدعي المرونة الشديدة، ثم ينتقل إلى التطرف، وهو كان مفاوضاً حقيقياً وبارعاً. فكان يضع ياسر عرفات في هذه الخانة. لا يعطيه الانطباع النهائي لا هو متشدد ولا هو متساهل أو مرن.

يرى عبد ربه أن بيريز كان مفاوضاً بارعاً يعرف كيف يرواغ عرفات (أ.ف.ب)

كنا قد توصلنا إلى اتفاق مع بنيامين نتنياهو قبلها في «واي ريفر» (في 1998) على الانسحاب من 13 في المائة من الضفة الغربية، ووثقت هذه بجهود كلينتون. وكان اتفاق «واي ريفر» خطوة قبل كامب ديفيد، وتضمن إطلاق عدة مئات من الأسرى واتفاقات أخرى حول التسهيلات للسلطة الفلسطينية. لم ينفذ نتنياهو أياً منها رغم أننا قد وقعنا عليها بعد جلسة ماراثونية عقدها كلينتون معنا ومعهم في قاعة مدرسة هناك استغرقت من صباح اليوم الأول، لمدة أربع وعشرين ساعة، حتى صباح اليوم الثاني. وصلنا إلى هذه الاتفاقات بضغط شديد من كلينتون. قَبِل نتنياهو وطبعاً لم ينفذ.

عندما جاء إيهود باراك عقدنا أول اجتماع معه ومع وزير خارجيته ديفيد ليفي، بعد أسبوع أو أسبوعين، طالبناه بأن ينفذ اتفاق «واي ريفر»، الذي عقدناه مع نتنياهو، ولا يستطيع أحد أن يزايد عليه إسرائيلياً، فرفض باراك وحجته كانت أنه: لماذا لا نجلس نحن وأنتم لمدة ستة أشهر وبدل أن أعطيكم 13 في المائة سأعطيكم الباقي كله، أعطيكم كل شيء بمفاوضات مكثفة.

طبعاً كان باراك مناوراً لأنه ثبت بالتجربة معه أنه ظل يتملص ويراوغ ولا يصل إلى أي اتفاق حقيقي. ما حصل أن عرفات كان يقول له: لماذا لا ندمج بين الموضوعين؟ تنسحب من الـ13 في المائة وفي الوقت نفسه نتفاوض على ما تبقى. لماذا لا تلتزم بما وافق عليه نتنياهو؟ لا يستطيع أحد أن يتهمك بشيء داخل إسرائيل، حتى اليمين المتطرف. رفض إيهود باراك ذلك.

«صبيانية» شارون مع عرفات

رفض شارون مصافحة عرفات. وكان هذا عملاً، في الحقيقة، صبيانياً من شارون، وعملاً شعبوياً ربما وسط التيار اليميني واليمين المتطرف الذي يسانده. لم تكن لذلك قيمة. عملياً شارون هو الذي كان وراء اندلاع الانتفاضة الثانية، وهو الذي قاد الحالة إلى تدهور مستمر، ثم وقعنا في خطأ استفاد منه شارون ووضع الأميركيين في زاوية، وهو السفينة «كارين إيه» التي كانت مملوءة بالسلاح، والتي جاءت عملياً من إيران. جاءت من جزيرة إيرانية، جزيرة كوش، كما قيل، وراقبها الطرفان الأميركي والإسرائيلي منذ لحظة انطلاقها حتى وصلت إلى المياه الإقليمية ثم أوقفوها، واتُهم ياسر عرفات بأنه وراءها.

كلام للتاريخ. ياسر عرفات أنكر كلياً أن تكون له معرفة بها، وحتى عندما طلب جورج بوش وبعض المقربين منه، بمن فيهم (وزير الخارجية الأميركي السابق) كولن باول، أن يعترف عرفات بالمسؤولية لأن اعترافه سيخفف الضغط في هذا الموضوع والتركيز عليه، أصر ياسر عرفات على أنه لا يتحمل المسؤولية.

طبعاً، لا يمكن أن يتم أمر من هذا النوع من دون معرفة عرفات بالتأكيد. والأشخاص الذين حاولوا إدخال هذا الكم من الأسلحة معروفون بأنهم مقربون من عرفات. هذه الأسلحة حتى بالكم والنوع، لم تكن لتؤدي إلى تغيير في موازين القوى، خصوصاً العسكرية ولا تهز أو تؤثر على تفوق إسرائيل العسكري. لكن استخدمت دلالةً على أن عرفات ليس خياره الوصول إلى تسوية وحل، بل الخيار العسكري. وحصلت في تلك اللحظة بعض العمليات ذات الطابع الانتحاري التي جرت داخل إسرائيل والتي مكنت الجانب الإسرائيلي من أن يخمد المحاولات الأميركية لإعادة الاعتبار والحياة للعملية السياسية.

خطأ عرفات في الانتفاضة الثانية

هل ساهمت إيران في تقويض اتفاق أوسلو عبر العمليات الانتحارية؟، يجيب عبد ربه: «لا أعتقد أن إيران كانت ضالعة فيما يتعلق بالعمليات الانتحارية. هذه عمليات كان المسؤول عنها بالدرجة الأساسية حركة «حماس». هناك فصائل أخرى يمكن قامت ببعض هذه العلميات. لا أذكر أن «الجهاد» كانت لها فعالية كبيرة فيما يتعلق بهذا الأمر. إنما صار ذلك جزءاً من حالة دخلت فيها الانتفاضة الثانية إلى العمل ذي الطابع العسكري نقيضاً للانتفاضة الأولى ولبدايات الانتفاضة الثانية حين كانت طابعها شعبياً حتى لو تخلله بعض العمليات العسكرية، فهي لم تصل إلى حد استهداف وتقصد استهداف مواقع مدنية داخل المدن الإسرائيلية.

أعتقد أن عرفات أخطأ في تلك المرحلة. خطأ غير قليل وهناك من يعدُّه خطأ مميتاً، خصوصاً أن ياسر عرفات أوحى لحركة «حماس» بأنه يرضى عن هذه العمليات كعنصر ضغط على الإسرائيليين، وهناك من قال وشهد أن ياسر عرفات قال لبعض قادة «حماس»: نحن كنا خصوماً في الماضي، والآن تحولنا إلى ما يشبه الحلفاء، نتيجة المشاركة في هذه العمليات. أنا ليست لدي أدلة على هذا القول، ولكن بطبيعة الحال كان هناك العديد من المبعوثين الدوليين يأتون ويذهبون ليطالبوا عرفات بإدانة هذه العمليات، فكان يرفض إدانة العمليات بذاتها ولكن يدين أي عمل يستهدف المدنيين ومن الجانبين».

هل كانت هالة ياسر عرفات عائقاً أمام انتشار «حماس» وكيف كانت علاقته بها؟، يقول عبد ربه إن عرفات في مرحلة ما كان شديداً في حزمه ضد حركة «حماس». شديداً للغاية إلى حد الاعتقالات. وأستطيع أن أقول إن في المرحلة الأولى من قيام السلطة في مرحلة إسحاق رابين وما تلاها إلى بداية عهد نتنياهو عندما جاء إلى السلطة عام 1996، كان على استعداد لاعتقال ومطاردة قادة «حماس» وكان يكلف أجهزتنا الأمنية بالقيام بمثل هذا الدور.

عندما تغيّر الاتجاه داخل إسرائيل، وخاصة مع بدء الانتفاضة الثانية وزيارة شارون الكارثية إلى المسجد الأقصى ثم اندلاع الهبة الشعبية، بدأت هذه العمليات. وكان عرفات يرى فيها وسيلة ضغط على الإسرائيليين، من دون أن يتورط هو شخصياً في هذا الأمر.

قبل هذا لابد من أن نستذكر أن التحول نحو تأييد للعمليات العسكرية، بما فيها ضد أهداف مدنية، لم يأتِ هكذا دفعة واحدة. بعد مقتل رابين وفترة انتقالية جاء فيها شيمعون بيريس وجرت انتخابات جاء فيها نتنياهو إلى السلطة في 1996، عقد أول لقاء مع نتنياهو في قاعدة عسكرية إسرائيلية على حاجز إيريز، كما نسميه، عند مدخل غزة.

لقاء بين عرفات ونتنياهو عند حاجز ايريز بين غزة وإسرائيل (أ.ف.ب)

كنت مع ياسر عرفات في ذلك اللقاء مع نتنياهو ولم يكن قد التقى به قبل ذلك. كان هناك شخص ثالث في هذا اللقاء، ولكن لا أذكر من. نتنياهو بدأ اللقاء بالقول: سيد عرفات أنت تعرف موقفي من اتفاقيات أوسلو التي وقعتم عليها مع شيمعون بيريس وإسحاق رابين، أنا كنت ضد هذه الاتفاقيات، وهذه حكومة جديدة في إسرائيل، وأنا أقول لكم إن هذه الاتفاقيات بالنسبة إلينا قد انتهت وسنستبدل بها قاعدة جديدة اسمها «التبادلية»، بمعنى أنه إذا قمتم بخطوة إيجابية فسنقابلها بخطوة إيجابية من قبلنا، وإذا قمتم بأي شيء سلبي سنقابله بشيء سلبي. بلا مرجعية، المرجعية هي «التبادلية»، قوموا بخطوات إيجابية إذا رضينا عنها سنقابلها بخطوات إيجابية.

كنت في هذا اللقاء مع ياسر عرفات وتقدمت بسؤال إلى نتنياهو: إذا افترضنا أننا سنقبل ذلك، ورغم أننا لا نقبله لأننا نحن وقعنا الاتفاق في أوسلو مع دولة إسرائيل وليس مع حكومة إسرائيلية، وهذا الاتفاق ملزم لكم كما هو ملزم لنا فلا يمكن أن تجري الاتفاقات بين الدول على قاعدة أن تتبدل مع تبدل الحكومات وإلا أصبح العالم غابة. هذه النقطة الأولى. النقطة الثانية، إذا قمنا باعتماد هذا المبدأ «التبادلية» من يكون الحكم على أن أي خطوة من قبلنا ستكون إيجابية أم سلبية؟ كافية أم غير كافية؟ ومن يكون الحكم عليكم؟ فقال: نحن سنحكم. قلت: إذن أنتم الخصم وأنتم الحكم.

ظهرت ملامح الفشل فطلب عرفات أن يلتقي معه على انفراد في جلسة لمدة نصف ساعة أو أكثر ثم خرج. وفي الطريق إلى غزة، قال لي: «ما فيش فايدة. هذا الرجل يريد أن يدمر «أوسلو» ويدمر الاتفاقات. منذ لحظتها انتقلنا من ياسر عرفات الذي كان يضع رهانه كله على العملية السياسية إلى ياسر عرفات الذي صار أكثر حذراً وصار يعتبر أن إنقاذ العملية السياسية يعني، ليس مستحيلاً، بل أمامه مصاعب هائلة».

صدام قال لعرفات: أرى أنوار القدس كأنوار بغداد

سألت عبد ربه إن كان عرفات أخطأ في تقدير خطورة الغزو العراقي للكويت عام 1990، فأجاب: «بالتأكيد أخطأ. ياسر عرفات كان، في داخله على الأقل، لا يقبل هذا الغزو على الإطلاق. ولكن كان يخاف من التعبير عن ذلك حتى لا يفقد العلاقة مع العراق، عراق صدام حسين في ذلك الوقت. لم يكن مؤيدو ياسر عرفات كثراً في المنطقة، وخاصة بفعل العلاقة المشحونة والمتوترة مع (الرئيس السوري الراحل) حافظ الأسد. الاغتراب في تونس لسنوات غير قليلة. وأيضاً لأن العلاقة مع الأردن لم تكن علاقة قد رست على أساس إيجابي، وظل فيها بعض المشاحنات والتوترات. طبعاً علاقة ياسر عرفات مع دول الخليج كانت علاقة جيدة في ذلك الوقت. اختار عرفات أن يمسك العصا من المنتصف اعتقاداً منه بأن الأمر سينتهي بلا حرب، أي بتسوية وبتراجع صدام، وبالتالي ستعود العلاقات العربية - العربية، لكن ربما لن تعود العلاقات الفلسطينية - العراقية إلى سابق عهدها إذا خسر العلاقة مع صدام خلال الأزمة.

صدام خلال اجتماع مع عرفات في بغداد في مايو 1990 (غيتي)

طبعاً كان عرفات يأخذ في الاعتبار الدعم الذي يقدمه صدام لمنظمة التحرير. لا أستطيع أن أقارنه بدول الخليج ككل، إنما كان يدعم بشكل فعال. وكان، أهم من الدعم، يفتح طريق العراق لاتصالات عرفات مع الضفة الغربية وغزة عبر الأردن، أي كان يقدم دعماً لوجيستياً وليس فقط مالياً، وحرية الحركة والعمل لعرفات. كان يذهب إلى بغداد يتصل مع من يريد، يقيم علاقات سياسية، ينام مطمئناً. لم يكن يشعر بالاطمئنان الكامل في تونس، حيث تعرض لمحاولة اغتيال. لذلك اختار عرفات إمساك العصا من المنتصف. وظل على هذا الموقف محاولاً البحث عن تسوية وساعياً نحو تسوية».

كنت إلى جانب عرفات حين التقى صدام حسين أكثر من مرة بعد غزو الكويت. ماذا كان موقف عرفات؟، أجاب عبد ربه: «بأمانة طلب منه بوضوح وناشده أن ينسحب. كنا قد التقينا صدام في بيت أو فيلا متواضعة في حديقة الزوراء وهي حديقة أساسية في بغداد. كان ياسر عرفات وحده، ودُعيت أنا إلى اللقاء.

كان «أبو عمار» (عرفات) منفتحاً مع صدام، وقال له إن لديه مخاوف من أن يتعرض العراق لكارثة. صدام كان يحاول إقناعه أن كل هذا من أجل فلسطين. «أبو عمار» استخدم الجملة الشهيرة التي كررها أكثر من مرة: نحن مررنا بالنكبة منذ خمسين عاماً، ويمكن أن ننتظر أيضاً خمسين عاماً لكي تحل قضية فلسطين. لكن لا نريد نكبة أخرى تصيب العراق. لا نريد نكبة أخرى اسمها نكبة العراق. هذه، أنا شاهد، أنه قد كررها، حتى في لقاء كان فيه الملك حسين وعلي سالم البيض، ممثلاً عن اليمن الموحد، وكان حينها نائب الرئيس. ياسر عرفات قال في هذا اللقاء: لا أريد نكبة أخرى اسمها نكبة العراق.

بعد أن انتهينا في حديقة الزوراء من اللقاء، صدام قال له: «اطمئن يا (أبو عمار). أنا عملت حساباً لكل شيء». ولم نفهم ما هو الشيء الذي حسب حسابه، أمسكه من يده ووقفنا على باب الفيلا وأمامنا كانت بغداد في الليل، فقال له: يا «أبو عمار» إني أرى أضواء القدس كما أرى أضواء بغداد الآن أمامي. يعني استعادة القدس.

في الاجتماع الذي سبق، وكان رباعياً، اليمن والأردن ونحن والعراق، قال له «أبو عمار» هذا الكلام، ومن رد على «أبو عمار» (كان) طارق عزيز وقال له: يا «أبو عمار» نحن نريد أن نحرر لك فلسطين ونستعيد لك القدس وأنت ترفض؟ هل هذا الكلام معقول؟ نحن نريد أن نضع كل ثقل العراق ونغامر بالعراق حتى نستعيد القدس وأنت ترفض، هل يعقل هذا الكلام؟

سعدون حمادي أيضاً أكمل كلامه لنا في الخط نفسه. رفع الاجتماع وطلب من وزراء الخارجية، أن يذهبوا لصياغة البيان الختامي مع طارق عزيز ووزير خارجية اليمن الموحد ووزير خارجية الأردن مروان القاسم. كنت بمثابة وزير الخارجية لأنه لم يكن أحد غيري مع ياسر عرفات. كان معنا السفير، كان (المسؤول السابق في منظمة التحرير) الأخ عبد الله الحوراني معنا أيضاً.

طارق عزيز طلب التحذير من «نكبة العراق»

خرجنا، وأمسكني طارق عزيز وكنت أعرفه جيداً، وقال: أرجوك أن تجعل «أبو عمار» يؤكد على الكلام الذي قاله في الاجتماع حول القدس وحول العراق والنكبة، لا نريد نكبة اسمها نكبة العراق. أصابتني الدهشة لأن أول واحد تبرع للرد على «أبو عمار» هو طارق عزيز.

عرفات وعبد ربه والمستشار الرئاسي بسام أبو شريف خلال قمة مغاربية في الجزائر لدعم الانتفاضة عام 1988 (غيتي)

كان طارق عزيز يعرف جيداً خطورة الغزو، لكنه كان مضطراً أن يرد أمام الرئيس. أنا دهشت، فكررها عليّ طارق عزيز، فقلت له: طيب. رجعت فوجدت الرؤساء مجتمعين وحدهم وياسر عرفات معهم، فاستأذنت وقلت له: يقول لك طارق عزيز كرر على الرئيس صدام الكلام نفسه أنه لا نريد نكبة جديدة اسمها نكبة العراق. لازم إيجاد تسوية للأمور. قال لي: من؟ قلت له: طارق عزيز يقول لك كررها. قال: هل أنت متأكد؟ قلت: نعم، قبل دقيقتين سمعتها منه. طلبت منه أن يعيد الكلام مرتين. فكّر للحظة ثم قال لي: طيب طيب. لا أعرف إن كان كرره أم لا. هكذا كانت الأمور تجري».

في 1973، كان عبد ربه في عداد وفد زار بغداد والتقى القيادة العراقية التي كانت تدعم بشدة القيادي المنشق عن حركة «فتح» صبري البنا الشهير بـ«أبو نضال». سألته عن صحة ما يقال عن أن الرئيس أحمد حسن البكر كان يكره ياسر عرفات، فأجاب: «كان يكرهه بشدة. ويستخف به وبطريقة جلفة. دخلنا عليه فقال: كيف رئيسكم؟ كيف قائدكم؟ لم يكن «أبو عمار» اسمه رئيس حينها. قلنا له: بخير ويهديك السلام. فقال: أدز (أرسل) له موسى يحلق به ذقنه؟ هل يربي ذقنه لأنه مناضل فلسطيني، هل تحتاج القصة إلى ذقن؟ كلام من هذا القبيل، شيء مقزز. كان صدام حسين موجوداً وهدّأه قليلاً.

كان الجو متوتراً نتيجة لأحداث «أيلول الأسود» في الأردن في 1970. كانت لدينا أوهام، نحن الفلسطينيين، بأن الجيش العراقي الموجود في الأردن سيتدخل لصالحنا ضد الجيش الأردني. ولكن ذلك لم يحصل، لأن صراع البعثين، حزب البعث السوري مع حزب البعث العراقي، هو الذي كانت له الأولوية. فلما دخل الجيش السوري الأردن، صار العراق يتصور أن أي دخول من جانبه هو تقوية للتدخل من قبل «البعث» السوري، خصمه الحقيقي والأول والأخير. لذلك ارتأوا ألا يقوموا بأي تدخل حتى لا تميل الكفة ويقطف ثمارها «البعث» السوري.

دور القذافي في اغتيال «أبو إياد»

في اللقاء مع صدام في حديقة الزوراء، كان صلاح خلف «أبو إياد» يجب أن يحضر اللقاء، لكنه تذرع في اللحظة الأخيرة بأن عنده مغص معوي، فلم يأتِ. وصدام سأل عنه لأنه كان قد علم أنه سيأتي، سأل عنه فقلت إنني رأيته في الفندق وقال: عنده مغص. لم يبلع هذه الحجة واعتقد أنها لون من ألوان المقاطعة، ولذلك توجهت شكوكنا إلى صدام بأنه هو الجهة التي قامت باغتيال «أبو إياد» فيما بعد. لكن ثبت لاحقاً أنه معمر القذافي وبيد «أبو نضال» الذي كان لاجئاً وقتها في ليبيا.

بيد «أبو نضال» والقرار من معمر القذافي؟، يجيب عبد ربه: «بموافقة معمر القذافي. لم يكن «أبو إياد» ودياً تجاه معمر وكان ينتقده، وكان مقلاً، إن لم يكن منقطعاً، عن أي زيارة إلى ليبيا أو على أي صلة معه. كان معمر يناصبه العداء أو الحذر أو الكراهية.

العملية تمت انطلاقاً من ليبيا، مجيء الشخص من ليبيا، شخص تابع لـ«أبو نضال». طبعاً أحقاد «أبو نضال» ضد «أبو إياد» عميقة وقديمة، وما دام هو في ليبيا وتحت سمع وبصر الليبيين في الحد الأدنى يجب أن يبلغهم عن نواياه، إن لم يكونوا ضالعين معه. أنا تقديري أنهم كانوا ضالعين ولم يكن عندهم مانع من الخلاص من «أبو إياد».

غداً حلقة ثالثة وأخيرة

حقائق

من هو ياسر عبد ربه؟

ولد ياسر عبد ربه في يافا في 1945. هاجرت عائلته بعد النكبة إلى لبنان. كان في سن الخامسة عشرة حين نجح السياسي اليساري اللبناني محسن إبراهيم في إقناعه بالانضمام إلى «حركة القوميين العرب». تابع في الجامعة الأميركية في القاهرة دراسته في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية.

في 1968 كان إلى جانب جورج حبش ونايف حواتمة ووديع حداد في تأسيس «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين». وشارك في السنة التالية في تأسيس «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» وهو كان الرجل الثاني فيها بعد حواتمة. غادر الجبهة عام 1990 وأسس حزب «فدا»، قبل أن يتخلى عن قيادته ويعمل مستقلاً منذ 2004.

كان لقاؤه الأول مع ياسر عرفات في 1968 إبان «معركة الكرامة» حين تصدت المنظات الفلسطينية الناشئة بدعم من مدفعية الجيش الأردني لقوات إسرائيلية هاجمت بلدة الكرامة الحدودية. ربطته لاحقاً بعرفات علاقة ثقة وطيدة مكنته من لعب دور بارز في الحوار بين أميركا ومنظمة التحرير الفلسطينية.

ترأس عبد ربه الجانب الفلسطيني في أول حوار مع الولايات المتحدة عام 1989، وكان شريكاً فاعلاً في ما عُرف بـ«مطبخ اتفاق أوسلو». وتولى بعد ذهاب القيادة الفلسطينية إلى الأراضي المحتلة مناصب وزارية. وشارك في معظم لقاءات عرفات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين.

تولى بين 2005 و2015 منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وأخرج من منصبه في ختام تلك الفترة بعد خلافات علنية مع الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس. أتاح له دوره في منظمة التحرير المشاركة في لقاءات رفيعة مع زعماء من العالم العربي وخارجه. وربطته علاقة مودة عميقة مع الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش.

متزوج من الروائية ليانة بدر، وله ولدان.


مقالات ذات صلة

الشرطة الإسرائيلية: مقتل شخصين في هجوم شنه فلسطيني 

المشرق العربي مركبات للشرطة الإسرائيلية تعمل أثناء مداهمة في الضفة الغربية... 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

الشرطة الإسرائيلية: مقتل شخصين في هجوم شنه فلسطيني 

قالت السلطات الإسرائيلية ​اليوم الجمعة إن شخصين قتلا في هجوم نفذه فلسطيني بالطعن والدهس في ‌شمال ‌إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز) play-circle

إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

رفضت إسرائيل إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ووصفت الانتقادات بأنها تنطوي على «تمييز ضد اليهود».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب) play-circle

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

ندّدت 14 دولة من بينها فرنسا وبريطانيا، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلة داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عنه

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز) play-circle

الرئيس الفلسطيني: ماضون في تنفيذ برنامج إصلاحي شامل

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في بيان اليوم الأربعاء، إن السلطة ماضية في تنفيذ برنامج إصلاحي وطني شامل، يهدف إلى تطوير وتحديث المنظومة القانونية والمؤسسية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
TT

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

قال الجيش الإسرائيلي إن أحد جنود ​الاحتياط دهس بسيارته فلسطينياً بينما كان يصلي على جانب طريق في الضفة الغربية المحتلة، أمس الخميس، بعد أن أطلق النار، في وقت سابق في المنطقة.

وقال الجيش، في بيان: «تلقينا مقطعاً مصوراً لشخص مسلّح يدهس فلسطينياً»، مضيفاً أن الشخص جندي ‌احتياط، وخدمته العسكرية ‌انتهت.

وأضاف الجيش أن ‌الجندي ⁠تصرّف ​في «‌مخالفة خطيرة للقواعد العسكرية»، وجرت مصادرة سلاحه.

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه محتجَز قيد الإقامة الجبرية.

ونُقل الفلسطيني إلى المستشفى؛ لإجراء الفحوصات بعد الهجوم، لكنه لم يُصَب بأذى وهو الآن ⁠في منزله.

ويظهر في المقطع المصوَّر الذي بثه التلفزيون ‌الفلسطيني، وتسنّى لـ«رويترز» التحقق من صحته، ‍رجلٌ يرتدي ملابس ‍مدنية ويحمل سلاحاً على كتفه وهو يقود ‍سيارة رباعية الدفع ليصدم رجلاً يصلي على جانب الطريق. ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، كان العام الحالي هو الأعنف من حيث الهجمات المسجلة التي ​نفّذها مدنيون إسرائيليون على الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي أسفرت عن أكثر من ⁠750 إصابة.

وذكرت «الأمم المتحدة» أن أكثر من ألف فلسطيني قُتلوا في الضفة الغربية بين السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 و17 أكتوبر 2025، معظمهم في عمليات نفّذتها قوات الأمن، وبعضهم جراء عنف المستوطنين. وفي الفترة نفسها، قُتل 57 إسرائيلياً في هجمات فلسطينية.

من ناحية أخرى، قالت الشرطة الإسرائيلية، اليوم، إن مهاجماً فلسطينياً قتل رجلاً وامرأة ‌في شمال إسرائيل.


المؤسسة الدينية الشيعية تُهاجم الحكومة اللبنانية بسبب «حصرية السلاح»

دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)
دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)
TT

المؤسسة الدينية الشيعية تُهاجم الحكومة اللبنانية بسبب «حصرية السلاح»

دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)
دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)

استبقت المؤسسة الدينية الشيعية في لبنان، انطلاق المرحلة الثانية من خطة «حصرية السلاح» بيد القوى الرسمية اللبنانية، بهجوم عنيف على الحكومة، إذ وصفها نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب بأنها «إدارة تنفذ ما يفرضه الأميركيون وليست حكومة تحكم البلاد»، فيما وصفها المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان بأنها «حكومة منبطحة».

ويأتي هذا الهجوم على الحكومة قبل نحو أسبوع من الإعلان عن استكمال المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني، والانتقال إلى المرحلة الثانية التي تشمل المنطقة الواقعة بين نهري الليطاني والأولي، في عمق يمتد إلى نحو 40 كيلومتراً شمال الحدود مع إسرائيل. كما يتزامن ذلك مع تكثيف إسرائيل ضرباتها الجوية في العمق اللبناني، قبيل لقاء رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة.

وتعهّد الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، بمواصلة العمل لاستكمال تنفيذ قرار حصرية السلاح على كل الأراضي اللبنانية، وقال: «القرار اتخذ، وسنكمل الأمر»، مشيراً إلى أن «التطبيق وفقاً للظروف».

المجلس الشيعي

ودعا نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب، السلطة السياسية الى «وقف مسلسل التراجع أمام العدو الإسرائيلي وداعميه، والتوقف عن تقديم التنازلات المجانية ومن دون مقابل». وطالب الحكومة بـ«تحديد أولوياتها بتحرير الأرض وعودة النازحين، والبدء بمسيرة الإعمار وتحرير الأسرى».

نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب (الوكالة الوطنية)

وقال الخطيب: «أسوأ ما طالعتنا به هذه السلطة على أبواب السنة الجديدة، نيتها الانتقال إلى حصر السلاح شمال الليطاني، وفق ما صرح به رئيس الحكومة (نواف سلام)، في مبادرة مجانية ومن دون أي مقابل أو ثمن من جانب العدو الإسرائيلي الذي لا يزال مصرّاً على احتلال الأرض واستمرار العدوان، والذي يُنزل بأهلنا القتل والدمار والخراب، وقد بلغ الفجور الصهيوني مداه من دون رادع أو وازع».

وتابع الخطيب: «إن هذه السياسة أقل ما يقال عنها إنها سياسة استسلام لإرادة العدو وداعميه، وسياسة تجاهل لكل آلام شعبنا ومعاناته اليومية، وتجاوز لكل المبادئ التي تقوم عليها الحروب أياً كانت نتائجها، إلا إذا كانت هذه الحكومة تعتبرنا أمة غير لبنانية أو أمة مهزومة، وعليها تقديم فروض الطاعة، وتجاوز كل التضحيات التي قدمها أهلنا طوال عقود ماضية على مذبح الوطن دفاعاً عن الأرض والعرض».

وسأل: «أي سياسة هذه التي تقوم على التنازلات، والتنازلات فقط؟ وأي مستقبل ننتظره في حال استمرار هذه السياسة؟»، وقال: «هناك انطباع بأن هناك إدارة تنفذ ما يفرضه الأميركيون وليست حكومة تحكم البلاد؛ لذلك ننصح هذه الحكومة بأن تراجع موقفها، وتوقف مسلسل التراجعات، فنحن لسنا ضعافاً، ولسنا مهزومين، وعليها أخذ القرارات بناءً على هذا المفهوم».

الإفتاء الجعفري

من جهته، رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «أن ما نريده لهذا البلد حكومة وطنية بحجم مصالح لبنان وأهله، وليس حكومة لوائح دولية»، مضيفاً أن «الانبطاح الحكومي يُهدد مصالح لبنان».

وقال قبلان في خطبة الجمعة: «الحكومة هي حكومة بمقدار ما تتحمل من مسؤوليات إغاثة وإعمار وسيادة على الأرض، وليس من مصلحتها أن تتعامل مع البقاع والجنوب والضاحية ندّاً يتموضع بجانب الخارج، ولا قيمة للشعارات والمواقف التي لا تتحوّل إلى سياسات سيادية خاصة تجاه الإرهاب الصهيوني، وخيارنا لبنان وسيادة لبنان، والدفاع الشامل عن العقيدة الوطنية».

جندي في الجيش اللبناني يقف على مدخل كنيسة في بلدة الخيام بجنوب لبنان خلال احتفالات الميلاد (إ.ب.أ)

وقال قبلان: «إسرائيل لا يمكن أن تربح ما دام القرار السيادي موحّداً، والسيادة لا يمكن أن تتجزأ، فلبنان لبنان بكلّه، والوطنية لا يمكن أن تتفرّق، والدفاع عن الجنوب أو البقاع أو الضاحية دفاع عن كل لبنان، وقيمة الحكومة في هذا المجال هي بمسؤوليتها تجاه شعبها وأرضها وسيادتها الحدودية، لأنه لا يمكن التعويل على حكومة منبطحة، ولا على سلطة مشغولة بإحصاء واردات الخزينة»، عادّاً أن «الحلّ يكون بتغيير الفكر السياسي والرؤية السياسية والاستراتيجية السياسية الموحِّدة للبلد لا الممزقة له».

ضغط ناري إسرائيلي

وتستبق إسرائيل الإعلان اللبناني عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من حصرية السلاح، بتكثيف غاراتها في منطقة شمال الليطاني، وفي شرق لبنان؛ حيث شنّ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات، مستهدفاً جرود الهرمل في البقاع (شرق لبنان) وإقليم التفاح في الجنوب والواقع شمال الليطاني. كما ألقت مسيّرة إسرائيلية قنبلة صوتية على بلدة العديسة.

الدخان يتصاعد جرّاء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة الهرمل في شرق لبنان (متداول)

وقال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إنه أغار على عدة مواقع تابعة لـ«حزب الله» في لبنان، مستهدفاً مركز تدريب ومستودعات أسلحة.

وأوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة «إكس»: «جرى استهداف عدة مستودعات أسلحة وبنى تحتية إرهابية أخرى استخدمها (حزب الله) للدفع بمخططات إرهابية».

وأضاف أن الضربات شملت «مجمع تدريبات وتأهيل استخدمته وحدة قوة الرضوان في (حزب الله) لتأهيل عناصر الوحدة».

ورغم وقف إطلاق النار المبرم بين لبنان وإسرائيل منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، تواصل الدولة العبرية تنفيذ هجمات منتظمة تقول إنها تستهدف البنية التحتية لـ«حزب الله»، متهمة إياه بإعادة التسلّح.

وفي ظل ضغط أميركي شديد وخشية تكثيف إسرائيل لضرباتها، أقرّت السلطات اللبنانية خطة لنزع سلاح «حزب الله» وتفكيك بناه العسكرية بحلول نهاية العام في المنطقة الممتدة من الحدود مع إسرائيل وحتى نهر الليطاني الواقع على مسافة نحو 30 كيلومتراً شمالها. لكن إسرائيل شككت في فاعلية هذه العملية، واتهمت «حزب الله» بإعادة التسلح.

والخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل في لبنان أحد أعضاء «فيلق القدس»، المكلف بالعمليات الخارجية في «الحرس الثوري الإيراني»، متهماً إياه بالتخطيط لهجمات «من سوريا ولبنان». وحسب السلطات اللبنانية، أسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل 3 أشخاص، الخميس.


أحزاب عراقية تحت الضغط قبل تجاوز المدد الدستورية

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
TT

أحزاب عراقية تحت الضغط قبل تجاوز المدد الدستورية

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

مع اقتراب المُهل الدستورية لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، تتصاعد الخلافات بين الكتل السياسية الرئيسية؛ ما يهدد بتعطيل استحقاقات أساسية في العملية السياسية التي تقوم على توازنات عرقية وطائفية معقدة منذ عام 2003.

ويبدو العرب السُّنة أول المتضررين من ضيق الوقت، بعدما فشلت قواهم السياسية في الاتفاق على مرشح توافقي لرئاسة البرلمان، وهو المنصب الذي يُخصص تقليدياً للمكون السني.

ومن المقرر أن يعقد البرلمان جلسته الأولى الاثنين المقبل برئاسة النائب الأكبر سناً من بين النواب الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وسط تحذيرات من تجاوز المُدد الدستورية.

وبينما يتمتع التحالف الشيعي الأكبر، المعروف باسم «الإطار التنسيقي»، بهامش أوسع من الوقت؛ نظراً لأن اختيار رئيس الوزراء يأتي في المرحلة الأخيرة من تشكيل السلطات، يواجه السنة خطر اللجوء إلى التصويت داخل البرلمان في حال تعذر التوافق، وهو خيار يُنظر إليه بوصفه خروجاً عن الأعراف السياسية السائدة.

ويتركز الخلاف السني بشكل أساسي بين حزب «تقدم» بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، وتحالف «عزم» بقيادة مثنى السامرائي.

ويصر الحلبوسي على الاحتفاظ بالمنصب، مستنداً إلى ما يصفه بحصول كتلته على الوزن الانتخابي الأكبر داخل المكون السني.

وفي المقابل، لا تزال الخلافات الكردية قائمة بشأن منصب رئاسة الجمهورية، الذي يُعدّ من حصة الكرد، رغم أن لديهم وقتاً أطول نسبياً لمعالجة انقساماتهم الداخلية.

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

ما معادلة النقاط؟

تعتمد القوى السياسية العراقية في مفاوضاتها على ما يُعرف بـ«معادلة النقاط مقابل المناصب»، وهي آلية غير رسمية تقوم على تحويل عدد المقاعد البرلمانية التي تمتلكها كل كتلة رصيداً من النقاط.

وتُمنح المناصب السيادية والتنفيذية والنيابية قيماً رقمية متفاوتة حسب أهميتها، مثل رئاسة الوزراء أو رئاسة البرلمان أو مناصب النواب والوزارات.

وبموجب هذه المعادلة، تحصل الكتل الأكبر على مناصب أعلى قيمة، أو على مجموعة من المناصب الأقل أهمية التي تعادل وزنها الانتخابي، في محاولة لتحقيق توازن بين نتائج الانتخابات ومتطلبات التوافق السياسي.

انقسام شيعي

في المعسكر الشيعي، تواصل هذه المعادلة إثارة المزيد من التوتر. فإلى جانب تنافس رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، دخلت تحالفات جديدة على خط التفاوض، أبرزها التحالف بين هادي العامري، زعيم «منظمة بدر»، وشبل الزيدي، زعيم تحالف «خدمات».

ويرى مراقبون أن هذا التحالف يعمّق الانقسامات داخل «الإطار التنسيقي»، بعدما طرح توزيعاً جديداً للنقاط يستهدف مناصب موازية، من بينها منصب النائب الأول لرئيس البرلمان، الذي تُقدّر قيمته بما بين 15 و17 نقطة ضمن معادلة تقاسم السلطة.

ويضم التحالف الجديد نحو 30 نائباً؛ ما يمنحه فرصة قوية للمطالبة بهذا المنصب، إلى جانب وزارة خدمية وهيئة مستقلة، وفقاً لمصادر سياسية.

وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان قد شدد على أن الجلسة الأولى للبرلمان يجب أن تحسم انتخاب رئيس المجلس ونائبيه دون تأجيل، محذراً من أن تجاوز المدد الدستورية يشكّل مخالفة صريحة للدستور.

ومع استمرار الانقسامات، يبقى تشكيل الحكومة العراقية رهناً بقدرة القوى السياسية على التوفيق بين حسابات النقاط وضغوط الدستور، في مشهد يعكس هشاشة التوازنات التي تحكم النظام السياسي في البلاد.

وكان مارك سافايا، مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق، حذَّر من أن البلاد تقف عند «لحظة حاسمة»، داعياً القادة السياسيين والدينيين إلى اتخاذ قرارات موحدة لتجنب العودة إلى «التشرذم والانحدار».

وكتب سافايا على منصة «إكس»، أن المسؤولية تقع الآن على عاتق القادة العراقيين، مؤكداً أن قراراتهم المقبلة ستحدّد ما إذا كان العراق يتجه نحو الاستقرار والسيادة، أم سيعود إلى دوامة التراجع والاضطراب، محذراً من تداعيات اقتصادية وسياسية وعزلة دولية محتملة.