إسرائيل: تصاعد المطالب بتجنيد اليهود المتدينين للخدمة العسكرية

الجيش يحتاج إلى 14 ألف جندي

جانب من احتجاج ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب يوم 24 فبراير الماضي (رويترز)
جانب من احتجاج ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب يوم 24 فبراير الماضي (رويترز)
TT

إسرائيل: تصاعد المطالب بتجنيد اليهود المتدينين للخدمة العسكرية

جانب من احتجاج ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب يوم 24 فبراير الماضي (رويترز)
جانب من احتجاج ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب يوم 24 فبراير الماضي (رويترز)

قررت اثنتان من حركات الاحتجاج على سياسة الحكومة الإسرائيلية تغيير شعارها المركزي في المظاهرات، ابتداءً من اليوم (الجمعة)، وجعل الموضوع المركزي فيه مطلب تجنيد اليهود المتدينين للخدمة العسكرية، التي يتم إعفاؤهم منها حالياً.

ويقول منظمو حركة الاحتجاج إن مقتل نحو 1500 مواطن إسرائيلي منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبينهم أكثر من 582 جندياً وضابطاً، وإصابة نحو 10 آلاف بجروح، يفرض وضعاً جديداً على المجتمع الإسرائيلي ولم يعد ممكناً السماح بإعفاء الشبان المتدينين من الخدمة العسكرية الإلزامية. ولذلك؛ فإن إسرائيل تحتاج إلى حكومة تضع الجيش في رأس سلم أولوياتها وليس الاتفاقات الائتلافية مع الأحزاب الدينية. وبحسب عضو الكنيست (البرلمان)، جلعاد كريف، فإن رئيس الوزراء بنيامين «نتنياهو بات أسيراً بأيدي الأحزاب الدينية ولا يجرؤ على مواجهتهم بالحقيقة وهي أن المجتمع الإسرائيلي الذي يضحي بأرواح أبنائه في الحرب، لن يقبل إعفاء أي مجموعة سكانية يهودية من الخدمة. وعليه، فإن الكفاح من أجل إسقاط حكومة نتنياهو وتبكير موعد الانتخابات بات مهمة مقدسة».

وقال قادة «قوة كابلان» و«رفاق السلاح»، وهما أكبر تنظيمين للمعارضة الجماهيرية ضد حكومة نتنياهو، إنهم قرروا توحيد طاقة المجموعتين في المعركة من أجل المساواة في أعباء الأمن والخروج إلى مظاهرات كثيرة مشتركة يكون شعارها الأساس «نحارب بقوة ضد (حماس) ولكننا لسنا بلهاء».

المعروف أن عدد الشبان اليهود المتدينين في سن الخدمة العسكرية يصل إلى 12500 شاب في السنة، لا يتجنّد منهم في الجيش سوى 1200 شاب (بعض التقديرات يضع الرقم بـ1800)، أما البقية فيتم إعفاؤهم بقرار من رئيس الأركان؛ كونهم يعلنون أنهم يريدون التفرغ لدراسة التوراة لمدة 16 ساعة في اليوم. وكان المجتمع الإسرائيلي يتحمل على مضض هذه الظاهرة. ولكن، مع نشوب الحرب على غزة، أحدث سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى أزمة في الجيش وموجة غضب في صفوف العلمانيين، وصدرت اتهامات ضد نتنياهو بأنه يمارس النفاق مع المتدينين لكي يحافظ على ائتلافه الحكومي.

جنود إسرائيليون ويهود متدينون يرقصون قرب الحدود مع قطاع غزة يوم 29 فبراير الماضي (رويترز)

ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الجمعة، معلومات تفيد بأنه، نتيجة تعطل قسم كبير من الجرحى وإخضاعهم للعلاج من جهة وبسبب مقتل الجنود في الحرب من جهة أخرى، بات الجيش يعاني نقص 14500 جندي (سبعة آلاف جندي و7500 قائد من الفرق الصغيرة وحتى الألوية، بعدما قُتل وجُرح عدد كبير من القادة). ومع أن المتدينين لا يستطيعون ملء كل هذا النقص، فإن قادة العلمانيين يؤكدون أن هناك مجالات عدّة في الأقسام اللوجيستية يستطيعون ملأها. فعلى سبيل المثال، قُتل في الحرب 38 عنصراً من الطواقم الطبية، وتوجد حاجة ماسة إلى من يستبدلهم.

وفي هذا الإطار، كُشف النقاب عن محاولات أجراها بيني غانتس، عضو مجلس قيادة الحرب في الحكومة، لإقامة تحالف بين حزبه «المعسكر الرسمي» وبين حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، برئاسة أريه درعي، يتفقان فيه على صفقة لزيادة عدد المتدينين في الجيش مقابل سَن قانون لتبكير موعد الانتخابات. لكن درعي رفض العرض وعدّه التفافاً على نتنياهو.

نتنياهو بات أسيراً بأيدي الأحزاب الدينية ولا يجرؤ على مواجهتهم بالحقيقة وهي أن المجتمع الإسرائيلي الذي يضحي بأرواح أبنائه في الحرب لن يقبل إعفاء أي مجموعة سكانية يهودية من الخدمة

عضو الكنيست (البرلمان) جلعاد كريف

وفي هذه الأثناء، خرج وزير الدفاع، يوآف غالانت، وهو من حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، بتصريحات يطالب فيها بسن قانون خدمة جديد يلزم المتدينين، وقال إن قانوناً كهذا لا يجوز سنّه من دون اتفاق بين نتنياهو وغانتس. وقد فُهم تصريحه على أنه التفاف على نتنياهو، الذي لا يقوى على إثارة غضب المتدينين.

بيني غانتس خلال مشاركته في مسيرة لعائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس» في بلدة بيت شمش اليوم الجمعة (رويترز)

وبسبب التأييد الجماهيري الذي حظي به غالانت، سارع نتنياهو في عقد مؤتمر صحافي يؤيد فيه سَن قانون كهذا، لكنه يشترط أن يكون بالتنسيق الكامل مع المتدينين وبموافقتهم المسبقة. وقال نتنياهو إن «الجمهور الإسرائيلي يشعر بوجود فجوة في توزيع الأعباء، ولكن من المستحيل التوصل إلى توافق تام في هذه الظروف. ومن يرِد اتفاقاً تاماً، لن يحصل على اتفاق الآن. والأمر يحتاج إلى وقت وليس لانتخابات».

وأضاف نتنياهو: «أنا متأكد أن وزير الدفاع يدرك المخاطر الأمنية؛ ولذلك أنا مقتنع بأننا سنجد حلاً لهذا الأمر. إننا نحقق أهداف الحرب بفضل شجاعة مقاتلينا والوحدة الداخلية. عندما نقف معاً نحن أقوياء جداً. منذ بداية الحرب نحن نظهر وحدة رائعة في ساحة المعركة وفي المجتمع في إسرائيل؛ مما يذهل أعداءنا وأصدقاءنا على حد سواء. وفي الوقت نفسه أنا أعتز بشدة بدراسة التوراة لإخواننا الحريديين وتجنيدهم في منظمات الإنقاذ، ولكن من المستحيل تجاهل الشعور السائد لدى الجمهور حول التفاوت في توزيع الأعباء. ويدرك الحريديون ذلك وهم مستعدون لتغيير الوضع. وسنقوم بتحديد أهداف تجنيد الحريديين في صفوف الجيش الإسرائيلي والخدمة المدنية، وكذلك سبل ضمان تحقيق هذه الأهداف».

وفُسّر هذا التصريح بوصفه يعبّر عن خوف من الشارع العلماني ومحاولة نفاق مع المتدينين في آن؛ كون نتنياهو يحتاج إليهم ثابتين في الشراكة معه في الحكم، لكنه يصطدم بأجواء معارضة لسياسته هذه بنسبة كبيرة. فقد أعلن 49 في المائة من الإسرائيليين، تأييدهم لفرض الخدمة العسكرية الكاملة على المتدينين، وفق استطلاع رأي نشرته «معاريف» الجمعة. وقال 33 في المائة إنهم يؤيدون فرض هذه الخدمة على الشبان المتدينين الذين لا يدرسون التوراة بشكل يومي.

حقائق

12500

عدد الشبان اليهود المتدينين في سن الخدمة العسكرية يصل إلى 12500 شاب في السنة... لكن لا يتجند منهم في الجيش سوى 1200 شاب


مقالات ذات صلة

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

المشرق العربي الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن «الضوء الأخضر الذي حصل عليه بنيامين نتنياهو من الإدارة الأميركية جعله يستمر في عدوانه».

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي أطفال فلسطينيون يركبون على ظهر عربة وهم يحملون أمتعتهم في غزة (أ.ف.ب)

غزة: تحذير من انتشار فيروس شلل الأطفال بين النازحين

حذرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، السبت، من انتشار فيروس شلل الأطفال وغيره من الأمراض بين جموع النازحين في القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تصاعد الدخان خلال غارة إسرائيلية على دير البلح في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

غزة: مقتل 30 فلسطينياً بهجوم إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين

قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن ما لا يقل عن 30 فلسطينياً قُتلوا، السبت، في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين غرب مدينة دير البلح.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي القوات الإسرائيلية تنسحب من مخيم قلنديا للاجئين قرب رام الله في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

بينهم أطفال... القوات الإسرائيلية تعتقل 40 فلسطينياً من الضفة

شنت القوات الإسرائيلية، الجمعة والسبت، حملة اعتقالات واسعة طالت 40 فلسطينياً على الأقل من الضفة الغربية، بينهم أطفال، وأسرى سابقون.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي جندي إسرائيلي فوق دبابة بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع غزة (أ.ب)

تقرير: «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترحات جديدة

أكد مصدر قيادي فلسطيني اليوم (السبت)، أنه في ظل ما يردده رئيس الوزراء الإسرائيلي عن أنه سيقدم اقتراحاً جديداً، فإن حركة «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترح.

«الشرق الأوسط» (غزة)

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

قبل أن ينهي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارته إلى واشنطن، وإعلانه أمام الكونغرس الأميركي أن حكومته عازمة على إنهاء التهديدات الأمنية التي يمثلها «حزب الله» على الجبهة الشمالية، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي أبلغ القيادة السياسية «باكتمال الاستعدادات لإجراء مناورة برية كبيرة، وهو يَعِد قبل هذه المناورة بتنفيذ عملية جوية قوية في لبنان».

ورغم اختلاف التفسيرات حول أبعاد هذه المناورة وتوقيتها، فإنها أجمعت على أن تل أبيب ماضية بخطط الهجوم الواسع على لبنان، ما لم يخضع «حزب الله» لشرط الانسحاب من منطقة جنوب الليطاني. وقدّم الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو، قراءته لهذه المناورة، مشيراً إلى أن «ثلاث وحدات عسكرية جديدة انتقلت في الأسابيع الماضية إلى الجبهة الشمالية ووُضعت بحال استنفار استعداداً لعملية عسكرية كبيرة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الوحدات «بحاجة إلى التدريب على العمل مع بعضها وتوزيع المهام على الجبهة». وقال: «عندما يعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيقوم بمناورة فيمكن أن تكون مجرّد تمرين، لكن يمكن أن تمهّد لهجوم عسكري يحمل عنصر المفاجأة ونصبح أمام عملية كبيرة على الأرض»، مذكراً بأنه «منذ انتهاء حرب تموز في عام 2006، وإسرائيل تستعدّ لحرب جديدة وطويلة مع (حزب الله)، لكن هذه الحرب تحتاج إلى اجتماع ثلاثة مقومات: الأول الاستعداد اللوجستي والثاني العسكري والأمني والثالث الاستعداد السياسي، وأكثر ما نخشاه أن تكون إسرائيل أنجزت الاستعداد السياسي بعد زيارة نتنياهو إلى واشنطن».

وسبق الإعلان عن هذه المناورة، زيارة قام بها قائد الجبهة الشمالية إلى الحدود مع لبنان، حيث ذكّر بأن الغارة على ميناء الحديدة في اليمن وتدميره، هي رسالة واضحة إلى إيران و«حزب الله» بأن سلاح الجو الإسرائيلي قادر على أن يطال كل الأهداف. ولفت العميد خليل الحلو إلى أن إسرائيل «عازمة على إبعاد (حزب الله) عن الحدود الشمالية بأي ثمن، بما في ذلك العمل العسكري الذي يضعه نتنياهو على الطاولة، والذي أكد عليه في كلمته أمام الكونغرس الأميركي»، لافتاً إلى أنه «رغم الاستعدادات للوحدات البرية، فإن سلاح الجو الإسرائيلي هو الذي يلعب دوراً حاسماً في الحرب».

الإعلان عن هذه المناورة، يأتي بعد أقلّ من شهرين على مناورة كبيرة وواسعة أجراها الجيش الإسرائيلي في 28 مايو (أيار) الماضي، لاختبار مدى استعداد قواته وأجهزته لنشوب حرب شاملة على الجبهة الشمالية للبلاد، وقالت هيئة البث الإسرائيلية حينها، إنّ المناورة «نُفذت بشكل مفاجئ؛ إذ إن الهدف منها تعزيز جاهزية الجيش الإسرائيلي، لمختلف السيناريوهات على الجبهة الشمالية مع لبنان».

ووضع مدير «معهد المشرق للدراسات الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، المناورة الجديدة في سياق «الضغط على لبنان، خصوصاً أنها تأتي بالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة ولقاءاته مع كبار القادة في الإدارة الأميركية ولدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي». وأكد نادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «تل أبيب مصرّة على إزالة التهديد على الجبهة الشمالية سواء بالعمل الدبلوماسي أو بالخيار العسكري الذي استكملت الاستعدادات له، في حين يصرّ (حزب الله) على العودة إلى ما كان عليه الوضع في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ أي قبل عملية (طوفان الأقصى)، ويبدو أن الجيش الإسرائيلي ذاهب باتجاه تنفيذ تهديدات نتنياهو بخلاف ما يُحكى عن خلاف ما بين رئيس الحكومة والقيادة العسكرية».

ورغم الجهود التي بذلتها وتبذلها الإدارة الأميركية ودول القرار، لمنع فتح جبهات جديدة خصوصاً مع لبنان، يشدد الدكتور سامي نادر على أن إسرائيل «مصممة على تغيير قواعد الاشتباك، وما زاد من هذا الإصرار ما كشفه (حزب الله) في الأيام والأسابيع الأخيرة عن بناء قدرات جوية كبيرة تهدد أمن إسرائيل، وإن كانت هذه القدرات لا تقاس بما تمتلكه تلّ أبيب من سلاح نوعي وكمّي لا يقارن بما لدى الحزب وكل محور الممانعة».