إسرائيل: تصاعد المطالب بتجنيد اليهود المتدينين للخدمة العسكرية

الجيش يحتاج إلى 14 ألف جندي

جانب من احتجاج ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب يوم 24 فبراير الماضي (رويترز)
جانب من احتجاج ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب يوم 24 فبراير الماضي (رويترز)
TT

إسرائيل: تصاعد المطالب بتجنيد اليهود المتدينين للخدمة العسكرية

جانب من احتجاج ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب يوم 24 فبراير الماضي (رويترز)
جانب من احتجاج ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب يوم 24 فبراير الماضي (رويترز)

قررت اثنتان من حركات الاحتجاج على سياسة الحكومة الإسرائيلية تغيير شعارها المركزي في المظاهرات، ابتداءً من اليوم (الجمعة)، وجعل الموضوع المركزي فيه مطلب تجنيد اليهود المتدينين للخدمة العسكرية، التي يتم إعفاؤهم منها حالياً.

ويقول منظمو حركة الاحتجاج إن مقتل نحو 1500 مواطن إسرائيلي منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبينهم أكثر من 582 جندياً وضابطاً، وإصابة نحو 10 آلاف بجروح، يفرض وضعاً جديداً على المجتمع الإسرائيلي ولم يعد ممكناً السماح بإعفاء الشبان المتدينين من الخدمة العسكرية الإلزامية. ولذلك؛ فإن إسرائيل تحتاج إلى حكومة تضع الجيش في رأس سلم أولوياتها وليس الاتفاقات الائتلافية مع الأحزاب الدينية. وبحسب عضو الكنيست (البرلمان)، جلعاد كريف، فإن رئيس الوزراء بنيامين «نتنياهو بات أسيراً بأيدي الأحزاب الدينية ولا يجرؤ على مواجهتهم بالحقيقة وهي أن المجتمع الإسرائيلي الذي يضحي بأرواح أبنائه في الحرب، لن يقبل إعفاء أي مجموعة سكانية يهودية من الخدمة. وعليه، فإن الكفاح من أجل إسقاط حكومة نتنياهو وتبكير موعد الانتخابات بات مهمة مقدسة».

وقال قادة «قوة كابلان» و«رفاق السلاح»، وهما أكبر تنظيمين للمعارضة الجماهيرية ضد حكومة نتنياهو، إنهم قرروا توحيد طاقة المجموعتين في المعركة من أجل المساواة في أعباء الأمن والخروج إلى مظاهرات كثيرة مشتركة يكون شعارها الأساس «نحارب بقوة ضد (حماس) ولكننا لسنا بلهاء».

المعروف أن عدد الشبان اليهود المتدينين في سن الخدمة العسكرية يصل إلى 12500 شاب في السنة، لا يتجنّد منهم في الجيش سوى 1200 شاب (بعض التقديرات يضع الرقم بـ1800)، أما البقية فيتم إعفاؤهم بقرار من رئيس الأركان؛ كونهم يعلنون أنهم يريدون التفرغ لدراسة التوراة لمدة 16 ساعة في اليوم. وكان المجتمع الإسرائيلي يتحمل على مضض هذه الظاهرة. ولكن، مع نشوب الحرب على غزة، أحدث سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى أزمة في الجيش وموجة غضب في صفوف العلمانيين، وصدرت اتهامات ضد نتنياهو بأنه يمارس النفاق مع المتدينين لكي يحافظ على ائتلافه الحكومي.

جنود إسرائيليون ويهود متدينون يرقصون قرب الحدود مع قطاع غزة يوم 29 فبراير الماضي (رويترز)

ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الجمعة، معلومات تفيد بأنه، نتيجة تعطل قسم كبير من الجرحى وإخضاعهم للعلاج من جهة وبسبب مقتل الجنود في الحرب من جهة أخرى، بات الجيش يعاني نقص 14500 جندي (سبعة آلاف جندي و7500 قائد من الفرق الصغيرة وحتى الألوية، بعدما قُتل وجُرح عدد كبير من القادة). ومع أن المتدينين لا يستطيعون ملء كل هذا النقص، فإن قادة العلمانيين يؤكدون أن هناك مجالات عدّة في الأقسام اللوجيستية يستطيعون ملأها. فعلى سبيل المثال، قُتل في الحرب 38 عنصراً من الطواقم الطبية، وتوجد حاجة ماسة إلى من يستبدلهم.

وفي هذا الإطار، كُشف النقاب عن محاولات أجراها بيني غانتس، عضو مجلس قيادة الحرب في الحكومة، لإقامة تحالف بين حزبه «المعسكر الرسمي» وبين حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، برئاسة أريه درعي، يتفقان فيه على صفقة لزيادة عدد المتدينين في الجيش مقابل سَن قانون لتبكير موعد الانتخابات. لكن درعي رفض العرض وعدّه التفافاً على نتنياهو.

نتنياهو بات أسيراً بأيدي الأحزاب الدينية ولا يجرؤ على مواجهتهم بالحقيقة وهي أن المجتمع الإسرائيلي الذي يضحي بأرواح أبنائه في الحرب لن يقبل إعفاء أي مجموعة سكانية يهودية من الخدمة

عضو الكنيست (البرلمان) جلعاد كريف

وفي هذه الأثناء، خرج وزير الدفاع، يوآف غالانت، وهو من حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، بتصريحات يطالب فيها بسن قانون خدمة جديد يلزم المتدينين، وقال إن قانوناً كهذا لا يجوز سنّه من دون اتفاق بين نتنياهو وغانتس. وقد فُهم تصريحه على أنه التفاف على نتنياهو، الذي لا يقوى على إثارة غضب المتدينين.

بيني غانتس خلال مشاركته في مسيرة لعائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس» في بلدة بيت شمش اليوم الجمعة (رويترز)

وبسبب التأييد الجماهيري الذي حظي به غالانت، سارع نتنياهو في عقد مؤتمر صحافي يؤيد فيه سَن قانون كهذا، لكنه يشترط أن يكون بالتنسيق الكامل مع المتدينين وبموافقتهم المسبقة. وقال نتنياهو إن «الجمهور الإسرائيلي يشعر بوجود فجوة في توزيع الأعباء، ولكن من المستحيل التوصل إلى توافق تام في هذه الظروف. ومن يرِد اتفاقاً تاماً، لن يحصل على اتفاق الآن. والأمر يحتاج إلى وقت وليس لانتخابات».

وأضاف نتنياهو: «أنا متأكد أن وزير الدفاع يدرك المخاطر الأمنية؛ ولذلك أنا مقتنع بأننا سنجد حلاً لهذا الأمر. إننا نحقق أهداف الحرب بفضل شجاعة مقاتلينا والوحدة الداخلية. عندما نقف معاً نحن أقوياء جداً. منذ بداية الحرب نحن نظهر وحدة رائعة في ساحة المعركة وفي المجتمع في إسرائيل؛ مما يذهل أعداءنا وأصدقاءنا على حد سواء. وفي الوقت نفسه أنا أعتز بشدة بدراسة التوراة لإخواننا الحريديين وتجنيدهم في منظمات الإنقاذ، ولكن من المستحيل تجاهل الشعور السائد لدى الجمهور حول التفاوت في توزيع الأعباء. ويدرك الحريديون ذلك وهم مستعدون لتغيير الوضع. وسنقوم بتحديد أهداف تجنيد الحريديين في صفوف الجيش الإسرائيلي والخدمة المدنية، وكذلك سبل ضمان تحقيق هذه الأهداف».

وفُسّر هذا التصريح بوصفه يعبّر عن خوف من الشارع العلماني ومحاولة نفاق مع المتدينين في آن؛ كون نتنياهو يحتاج إليهم ثابتين في الشراكة معه في الحكم، لكنه يصطدم بأجواء معارضة لسياسته هذه بنسبة كبيرة. فقد أعلن 49 في المائة من الإسرائيليين، تأييدهم لفرض الخدمة العسكرية الكاملة على المتدينين، وفق استطلاع رأي نشرته «معاريف» الجمعة. وقال 33 في المائة إنهم يؤيدون فرض هذه الخدمة على الشبان المتدينين الذين لا يدرسون التوراة بشكل يومي.

حقائق

12500

عدد الشبان اليهود المتدينين في سن الخدمة العسكرية يصل إلى 12500 شاب في السنة... لكن لا يتجند منهم في الجيش سوى 1200 شاب


مقالات ذات صلة

مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع اليوم للرد على تعليق أميركا شحنات السلاح

شؤون إقليمية اجتماع سابق لمجلس الحرب الإسرائيلي (تايمز أوف إسرائيل)

مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع اليوم للرد على تعليق أميركا شحنات السلاح

سيجتمع مجلسا الحرب والأمن القومي الإسرائيليان، مساء اليوم (الخميس)، لتحديد رد فعل تل أبيب على قرار الرئيس الأميركي تعليق إرسال شحنات أسلحة إلى تل أبيب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية يهود من الحريديم يصطفون في مكتب تجنيد إسرائيلي لمعالجة إعفاءاتهم من الخدمة العسكرية الإلزامية في قاعدة تجنيد في كريات أونو بإسرائيل في 28 مارس 2024 (رويترز)

انضمام أول دفعة من اليهود الحريديم لشرطة حرس الحدود الإسرائيلية

بدأ 30 فرداً من اليهود الحريديم المتشددين دينياً خدمتهم في قوة شرطة الحدود الإسرائيلية للمرة الأولى على الإطلاق.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق برج دبابة متمركزة في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

كاميرون: سنواصل المضي في إجراءات ترخيص مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل

وصف وزير الخارجية ديفيد كاميرون المنظومة التي تحكم صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل وحجم هذه الصادرات بأنها مختلفة تماماً عن منظومة الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي نصب النازحون الفلسطينيون الخيام في المواصي بالقرب من الحدود مع مصر برفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس»: إقدام إسرائيل على اجتياح رفح واحتلال المعبر يهدف لقطع الطريق على جهود الوسطاء

أكد عزت الرشق عضو المكتب السياسي لـ«حماس» أن إقدام إسرائيل من أجل اجتياح رفح واحتلال المعبر يهدف لقطع الطريق على جهود الوسطاء للتوصل لاتفاق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

مزيج من السياسة والدين... كيف اختلف خطاب نتنياهو مع حرب غزة؟

طيلة مسيرته السياسية، لم يكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ذو الميول العلمانية، يميل إلى دعم حديثه بمصطلحات واقتباسات من التوراة، لكن هجوم «حماس» في…

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ماذا نعرف عن العقبات التي تحول دون إدخال المساعدات إلى غزة؟

شاحنات المساعدات الإنسانية تدخل عبر معبر كرم أبو سالم من إسرائيل إلى قطاع غزة (أ.ب)
شاحنات المساعدات الإنسانية تدخل عبر معبر كرم أبو سالم من إسرائيل إلى قطاع غزة (أ.ب)
TT

ماذا نعرف عن العقبات التي تحول دون إدخال المساعدات إلى غزة؟

شاحنات المساعدات الإنسانية تدخل عبر معبر كرم أبو سالم من إسرائيل إلى قطاع غزة (أ.ب)
شاحنات المساعدات الإنسانية تدخل عبر معبر كرم أبو سالم من إسرائيل إلى قطاع غزة (أ.ب)

استعرضت «وكالة أسوشيتد برس» الأميركية للأنباء العقبات التي تحول دون إدخال المساعدات إلى غزة، حيث قالت إنه تم إغلاق معبر كرم أبو سالم أحد المعابر البرية الرئيسية إلى غزة بعد هجوم صاروخي من حركة «حماس»، وآخر بسبب توغل إسرائيلي، ولا يدخل سوى قدر ضئيل من المساعدات عبر معبر ثالث تم افتتاحه للتو في الأسابيع الأخيرة.

وذكرت الوكالة أن التطورات الأخيرة تهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية في غزة بعد أكثر من سبعة أشهر من الهجوم الإسرائيلي الذي شنته رداً على هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

شاحنات تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة تعبر بوابة رفح الحدودية (إ.ب.أ)

وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إن شمال غزة يعاني بالفعل من «مجاعة كاملة»، ويقول الخبراء إن جميع الفلسطينيين في القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يواجهون جوعاً شديداً.

وقد تسبب الهجوم الإسرائيلي في دمار واسع النطاق وجعل إنتاج الغذاء شبه مستحيل، مما جعل غزة تعتمد بشكل كامل على منظمات الإغاثة للحصول على الغذاء والدواء والسلع الأساسية.

ويقول عمال الإغاثة إن عمليات الإنزال الجوي وخطط توصيل المساعدات عن طريق البحر ليست بديلاً عن التوصيل البري.

وقدمت الوكالة نظرة على حالة معابر:

معبر كرم أبو سالم

يقع في الركن الجنوبي الشرقي من قطاع غزة، وهو المعبر الوحيد المصمم للتعامل مع شحنات كبيرة من البضائع، وتم إغلاقه يوم الأحد بعد هجوم صاروخي لـ«حماس» أدى إلى مقتل أربعة جنود إسرائيليين.

وقالت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، وهي هيئة عسكرية إسرائيلية، إن المعبر أعيد فتحه يوم الأربعاء، وأصدرت فيديو يظهر دخول الشاحنات من الجانب الإسرائيلي، لكن وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، المزود الرئيسي للمساعدات في غزة، تقول إنه لم تدخل أي مساعدات إلى غزة من معبر كرم أبو سالم بسبب الوضع الأمني على الجانب الفلسطيني.

وعادة ما يتم نقل المساعدات الأجنبية بالشاحنات من الجانب الإسرائيلي، ويتم تفريغها في منطقة مركزية ثم يتسلمها السائقون الفلسطينيون الذين يأخذونها إلى نقاط التوزيع.

وواصلت «حماس» إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على القوات الإسرائيلية المتمركزة بالقرب من المعبر، بما في ذلك غارة يوم الأربعاء بعد إعادة فتحه، وتشن إسرائيل بانتظام غارات جوية في مدينة رفح القريبة وما حولها.

معبر رفح

سيطرت دبابات إسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح مع مصر يوم الثلاثاء وأجبرته على الإغلاق، وقالت إسرائيل إن التوغل المحدود كان جزءاً من جهودها لتفكيك القدرات العسكرية والحكمية لـ«حماس».

ومعبر رفح نقطة الدخول الرئيسية للوقود اللازم لتشغيل المركبات والمولدات الكهربائية.

وتقول الأمم المتحدة إنها تقوم بالفعل بتقنين الوقود وليس لديها ما يكفي لمواصلة عملياتها في غزة لمدة تزيد على بضعة أيام.

كما أن رفح هو المعبر الوحيد الذي يمكن للناس استخدامه للدخول إلى غزة أو الخروج منها.

ويقول مسؤولون فلسطينيون إن عشرات المرضى الذين كان من المقرر أن يسافروا لتلقي العلاج الطبي قد تقطعت بهم السبل.

ولا يزال من غير الواضح إلى متى تخطط إسرائيل للاحتفاظ بالمعبر أو متى يمكن إعادة فتحه.

بدأت إسرائيل مؤخراً في السماح لبرنامج الغذاء العالمي بإيصال المساعدات عبر معبر إيريز في شمال غزة، الذي عانى من دمار شديد في الأشهر الأولى من الحرب، وتم عزله إلى حد كبير من قبل القوات الإسرائيلية.

صورة من الجو لقافلة شاحنات المساعدات تدخل إلى قطاع غزة من مصر (أ.ف.ب)

ويقول برنامج الغذاء إن المجاعة تحدث في شمال غزة، وإن الأمراض المعدية تنتشر بسرعة، حيث أصيب نحو 90 في المائة من الأطفال بالمرض.

وبقي نحو 300 ألف فلسطيني في شمال غزة بعد أن أمرت إسرائيل بإخلاء المنطقة بأكملها في أكتوبر.

معبر إيرز

كان في الماضي يقتصر على حركة المشاة، وتحول إلى طريق للبضائع.

وقال مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية إن 60 شاحنة مساعدات دخلت الشمال يوم الثلاثاء.

نقل المساعدات جواً وبحراً

بدأ الأردن والولايات المتحدة ودول أخرى بإسقاط المساعدات جواً على غزة في وقت سابق من هذا العام، لكن وكالات الإغاثة تصف ذلك بأنه جهد مكلف وأخير لا يمكنه تلبية الاحتياجات المتزايدة.

كما أكملت الولايات المتحدة بناء رصيف عائم لإيصال المساعدات عن طريق البحر، لكنها لم تقم بتركيبه بعد على ساحل غزة بسبب سوء الأحوال الجوية.

ومع ذلك غادرت سفينة محملة بالمساعدات الأميركية ومتجهة إلى الرصيف الجديد قبرص يوم الخميس.

ويقول المسؤولون إنهم يتوقعون وصول نحو 90 شاحنة محملة بالمساعدات يومياً في البداية، وسوف يرتفع العدد بسرعة إلى نحو 150 شاحنة يومياً.

وتقول «الأونروا» إن ما يزيد على 250 شاحنة في المتوسط كانت تدخل غزة عبر رفح وكرم أبو سالم قبل الهجوم الصاروخي والتوغل وقبل الحرب، كانت نحو 500 شاحنة تدخل إلى غزة عبر المعبرين الجنوبيين.


«هدنة غزة»: المفاوضات تتواصل وسط تحذيرات مصرية من «خطورة فشلها»

صورة تم التقاطها تظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي على قطاع غزة (أ.ف.ب)
صورة تم التقاطها تظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي على قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: المفاوضات تتواصل وسط تحذيرات مصرية من «خطورة فشلها»

صورة تم التقاطها تظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي على قطاع غزة (أ.ف.ب)
صورة تم التقاطها تظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي على قطاع غزة (أ.ف.ب)

يكثف الوسطاء مباحثاتهم في القاهرة والدوحة للوصول إلى «هدنة» طال انتظارها في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، وسط تحذيرات مصرية من «خطورة فشل المفاوضات». وأكد مصدر مصري، الخميس، «مغادرة وفود (حماس) وإسرائيل القاهرة عقب جولة مفاوضات امتدت لمدة يومين». وأشار إلى أن «الجهود المصرية وجهود الوسطاء مستمرة في تقريب وجهات نظر الطرفين، خاصة في ظل التطورات الأخيرة بقطاع غزة».

ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن المصدر المصري الذي وصفته بـ«رفيع المستوى» قوله: إن «الوفد الأمني المصري يكثف جهوده لإيجاد صيغة توافقية حول بعض النقاط المختلف عليها». وأضاف المصدر أن «القاهرة جددت تحذيرها للمشاركين في المفاوضات من خطورة التصعيد حال فشل المفاوضات للوصول إلى اتفاق هدنة». في حين تحدث خبراء مصريون عن «بوادر إيجابية بشأن التوصل لهدنة في قطاع غزة».

وأيضاً قال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، «نحاول الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، واتخاذ خطوات حقيقية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة». وأكد مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني، بشر الخصاونة، في القاهرة، الخميس، «توافق مصر والأردن على ضرورة حل الأزمة في قطاع غزة وإنهاء العدوان الإسرائيلي»، بينما أشار الخصاونة إلى جهود مشتركة بين ملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والقادة العرب لـ«وقف إطلاق النار في غزة، وإعادة إنتاج الأفق السياسي لاتخاذ مسار واضح من أجل تنفيذ حل الدولتين».

ومنذ نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي يسعى الوسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة إلى الوصول إلى هدنة في قطاع غزة، وعقدت جولات مفاوضات ماراثونية غير مباشرة في باريس والقاهرة والدوحة، لم تسفر حتى الآن عن اتفاق. وسبق وأسفرت وساطة مصرية - قطرية عن هدنة لمدة أسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تم خلالها تبادل محتجزين من الجانبين.

منازل ومبان مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

إشارات حول الاتفاق

وبحسب المصدر المصري، رفيع المستوى، الخميس، فإن «اتصالات مصر مع مختلف الأطراف خاصة إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وحركة (حماس) لم تتوقف للحفاظ على مسار المفاوضات الجارية وتجنب التصعيد»، لافتاً إلى أن «مصر مستمرة في هذا الجهد حتى يصبح اتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار واقعاً على الأرض». وأضاف أن هناك «إشارات على نضوج اتفاق».

وذكر المصدر المصري أن المفاوضات استكملت، الخميس، لـ«تذليل النقاط الخلافية»، مشيراً إلى مشاركة كل من «حماس» و«الجهاد» و«الجبهة الشعبية» في المفاوضات، لافتاً إلى موافقة «الجبهة الشعبية» على تعديل مراحل التوصل لوقف إطلاق النار.

وأضاف المصدر المصري أن نائب الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية»، جميل مزهر، قد عدّل بنداً خاصاً بوقف إطلاق النار ليصبح «العودة للهدوء المستدام وصولاً لوقف إطلاق نار دائم». وأشار إلى أن هذا البند سيتم تنفيذه خلال مراحل الاتفاق على مدى 135 يوماً. ووفق المصدر المصري فإن ذلك يمثل «تنازلاً عن شرط تنفيذ هذا البند خلال المرحلة الأولى»، مشيراً أيضاً إلى أن إسرائيل حذفت جملة «وقف إطلاق نار دائم»، وأبقت «مستدام» مما يتيح لها العودة في أي وقت دون التزام.

وفي «حماس»، أكد عضو المكتب السياسي لـلحركة، عزت الرشق، الخميس، أن «إقدام إسرائيل على اجتياح رفح واحتلال المعبر يهدف إلى قطع الطريق على جهود الوسطاء للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وشدد الرشق في بيان عبر حسابه على «تليغرام» على «التزام الحركة وتمسكها بالموافقة على الورقة التي قدمها الوسطاء»، مضيفاً أن «وفد الحركة غادر القاهرة، مساء الخميس، متجهاً إلى الدوحة».

وكانت «حماس» وافقت، الاثنين الماضي، على مقترح هدنة عرضه الوسطاء، قبل ساعات قليلة من دخول القوات الإسرائيلية إلى معبر رفح. لكنّ إسرائيل قالت إن هذا الاقتراح «بعيد جداً عن مطالبها» وكررت معارضتها لوقف نهائي لإطلاق النار.

وأفاد مصدر مصري مطلع في وقت سابق بـ«إبلاغ إسرائيل بخطورة التصعيد». وشدد حينها على «جاهزية مصر للتعامل مع السيناريوهات كافة»، مؤكداً أن «هناك جهوداً مصرية مكثفة مع مختلف الأطراف لاحتواء الوضع بقطاع غزة». ونفذت إسرائيل عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، وأعلنت، الثلاثاء الماضي، السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي.

فلسطينية مع أطفالها تخرج من مخيم جنين متجهة إلى مكان أكثر أماناً مع استمرار غارة القوات الإسرائيلية على مخيم جنين للاجئين (إ.ب.أ)

أطراف متعددة

من جهته، أكد نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، أن «هناك بوادر إيجابية بين الحين والآخر بشأن الوصول إلى هدنة في قطاع غزة بين (حماس) وإسرائيل». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «مباحثات الهدنة (صعبة) خاصة في ظل أطرافها المتعددة».

كما رجح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، «إمكانية إنجاز اتفاق الهدنة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الخلافات الحالية أعتقد أنها تتعلق بالتفاصيل التي يمكن تجاوزها»، مضيفاً أن «هناك خلافات تتعلق بصياغة البند الخاص بوقف إطلاق النار، ما بين وقف دائم أو مؤقت، إضافة إلى تفاصيل متعلقة بمن سيفرج عنهم من الأسرى الفلسطينيين»، مؤكداً «كل الخلافات تتعلق بتفاصيل يمكن من خلال المفاوضات تقريب وجهات النظر بشأنها».

وتطالب «حماس» بوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وانسحاب كامل لإسرائيل من القطاع مع عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله، وفي المقابل ترفض تل أبيب الوقف الدائم لإطلاق النار، مؤكدة عزمها «القضاء على (حماس)».

قافلة من الدبابات الإسرائيلية تجري مناورات على طول الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

خطوات كبيرة

وأكد حسن أن «الأيام المقبلة سوف تحسم الوضع على الأرض»، موضحاً أنه «في كل الأحوال ستكون هناك هدنة، فلا يمكن أن يستمر الوضع لا سيما مع الضغط الدولي والداخلي على إسرائيل»، لكن رغم ذلك «لا يعلم أحد موعد تلك الهدنة التي طال انتظارها»، لافتاً إلى أن «التصريحات من الجانب المصري توحي بإمكانية الاتفاق». بينما قال الحفني إن «القاهرة تواصل اتصالاتها مع الأطراف كافة للوصول إلى هدنة، ومصر حققت خطوات كبيرة في هذا الملف خلال الأشهر الماضية»، لافتاً إلى أنه «سيكون هناك اتفاق قريب بين (حماس) وإسرائيل»، و«على الجميع الانتظار لحين الوصول إلى الاتفاق النهائي».

في السياق ذاته، أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، الخميس، «موقف مصر الثابت برفضها التهجير القسري للفلسطينيين من غزة ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر أو الأردن»، مشيراً إلى أن «معبر رفح مفتوح على مدار الساعة منذ بدء العدوان الإسرائيلي، ومصر قدمت أكثر من 80 في المائة من المساعدات للقطاع».

وسبق لمصر أن حذرت أكثر من مرة من خطورة تنفيذ عملية عسكرية واسعة في مدينة رفح الفلسطينية لما لذلك من تداعيات إنسانية، لا سيما أن المدينة تعد الملاذ الأخير لأكثر من 1.5 مليون نازح فلسطيني. كما أكدت مصر رفضها تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم وعدت ذلك «تصفية للقضية».

أيضاً أكد رئيس الوزراء الأردني، الخميس، أن «مصر والأردن يرفضان أي عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية». وطالب الدول بأن «تتحمل مسؤولياتها إزاء ذلك».


رأس «المنصور» يقسم العراقيين

رافعة تنتشل رأس تمثال أبو جعفر المنصور من موقع انفجار استهدفه عام 2005 (أ.ف.ب)
رافعة تنتشل رأس تمثال أبو جعفر المنصور من موقع انفجار استهدفه عام 2005 (أ.ف.ب)
TT

رأس «المنصور» يقسم العراقيين

رافعة تنتشل رأس تمثال أبو جعفر المنصور من موقع انفجار استهدفه عام 2005 (أ.ف.ب)
رافعة تنتشل رأس تمثال أبو جعفر المنصور من موقع انفجار استهدفه عام 2005 (أ.ف.ب)

أثير جدل في العراق حول مطالبات بإزالة تمثال رأسي للخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وسط بغداد، في حين أكد مسؤول عراقي أن النصب «لديه منزلة رفيعة لدى العراقيين ولا يمكن إزالته».

وظهر معلقون سياسيون في محطات محلية خلال الأيام الماضية، وطالبوا بإزالة النصب استناداً إلى سرديات خلافية بين المذهبين الشيعي والسني في العراق.

وتزامنت هذه الدعوات مع محاولات من قوى شيعية لتشريع عطلة رسمية في عموم العراق في يوم «عيد الغدير» الذي يحتفل فيه المسلمون الشيعة في العراق، ورفضته أحزاب سنية.

واعترضت أحزاب على تشريع قانون يحوّل «عيد الغدير» لدى المسلمين الشيعة عطلة رسمية في العراق.

وكان مقترح القانون على جدول أعمال البرلمان في جلسة، الثلاثاء، وتعطلت قراءته إثر جدال بين نواب شيعة وسنة حول إدراجه من دون مشاورات.

ساحة ونصب أبو جعفر المنصور وسط بغداد (غيتي)

تمثال تاريخي

وأزيح الستار عن تمثال أبو جعفر المنصور في جانب الكرخ ببغداد عام 1977 في عهد الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر، وهو عمل نحتي للفنان العراقي خالد الرحال.

وهذه ليست المرة الأولى التي تظهر علناً دعوات إلى إزالة النصب، وخلال السنوات الماضية كانت تنتهي بحماية النصب واختفاء الأصوات المطالبة بإزالته أو هدمه.

لكن النصب تعرّض إلى تفجير بعبوة ناسفة عام 2005، قُيّدت حينها ضد «مسلحين مجهولين»، لتقوم السلطات بنقله وصيانته في مكان آمن، قبل أن تعيده إلى مكانه في حي المنصور بالتزامن مع تحسن نسبي في الوضع الأمني عام 2008.

وخلال الأسبوع الماضي، قال محللون مقربون من قوى في تحالف «الإطار التنسيقي» إن التمثال «يستفز أكثر من نصف الشعب العراقي»، وإنه من «الضروري رفعه من هذا المكان».

رفض عام

وتصاعدت أصوات مدونين في مواقع التواصل الاجتماعي رفضاً للمقترح، واضطرت الشرطة العراقية إلى نشر عناصرها في محيط النصب، كما أظهرت صورة متداولة في موقع «إكس».

ومع ذلك، حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بسيل من التعليقات التي استعادت جدلاً طائفياً، واستعادت أجواء الاستقطاب بين المذاهب في العراق.

صورة متداولة لعناصر من الشرطة العراقية في محيط تمثال أبو جعفر المنصور في بغداد (إكس)

ورفضت السلطات الحكومية الإساءة للتمثال، وقال وكيل وزارة الثقافة فاضل البدراني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوزارة حريصة على وجود التمثال في موقعه المعروف، ولا تسمح لأي إساءة أو تجاوز».

وأضاف البدراني: «مجتمع الثقافة في العراق يعتز بباني مدينة المنصور العاصمة، ولتمثاله رمزية كبيرة في نفوس العراقيين المحبين لبغداد، بل وكل عشاق التراث والرموز التاريخية العراقية، وله الفضل باختيار مدينة بغداد بموقعها المتميز على نهر دجلة».

ووصف كتّاب عراقيون دعوات الإزالة بأنها «ثرثرة طائفية» تعكس «مسار التفاهة في النظام السياسي العراقي»، وقال الصحافي أحمد الشيخ ماجد في منشور على «إكس»، إن «الأنظمة المحترمة تحافظ على هويات مدنها، لكن العراق (...) خسر الكثير من الأشياء العظيمة في هذا السياق».

وتابع ماجد: «تخيّل أن البغدادي الذي تكون حركته من منطقة إلى أخرى مشروعاً طويلاً بسبب الازدحامات يريدون أن يشغلوه بتمثال أبو جعفر المنصور».

من جهته، رأى أستاذ الإعلام في جامعة «أهل البيت»، غالب الدعمي أن «هناك بعض الأطراف تريد تدمير كل رموز الأمة في وقت نجد أن بقية الأمم تفتخر برموزها بغض النظر عن مسيرتهم في إدارتهم للحكم من وجهة نظر هذا أو ذاك».

وقال الدعمي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك أمثلة تؤكد ذلك ومن دولة مجاورة لنا وهي إيران التي تعتز مثلاً بالفردوسي (شاعر فارسي ولد في خراسان) وأسست جامعة وشوارع باسمه؛ لأن التاريخ ملك الجميع لا ملك طرف أو جهة أو دين أو ملة».

وعبّر الدعمي عن «الأسف، أصوات متطرفة في العراق تقلل وتضعف وتشوّه تاريخهم لمجرد الاختلاف أو الاستناد (إلى سرديات عصبية)».

تقريب الأديان

في غضون ذلك، أكد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني «ضرورة التقريب بين المذاهب الإسلامية في العراق».

واستقبل السوداني، الخميس، وفد المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، الذي يعقد مؤتمره في بغداد.

وقال رئيس الحكومة، وفقاً لبيان صحافي، إن «التنوع المذهبي يعضد الترابط داخل الوطن الواحد، وإن تنوع هذه المدارس في الفقه والنحو والتفسير والقراءات القرانية مصدر افتخار وعلامة غنى تاريخي».

وأكد السوداني لعلماء الدين المسلمين أن المعركة التي خاضها العراقيون ضد «الإرهاب ممثلاً بتنظيمي (القاعدة) (2006 - 2008) و(داعش) (2014 - 2017) عملت على توحيد العراقيين».

وأوضح السوداني «الحاجة ماسة إلى تنمية جيل يتعامل مع الفوارق المذهبية على أنها مدارس فكرية بالدرجة الأولى».


البطريركية المارونية تتصدر حملة معالجة الوجود السوري في لبنان

جانب من المشاركين في الطاولة المقفلة التي دعت إليها بكركي للبحث في ملف النزوح السوري (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في الطاولة المقفلة التي دعت إليها بكركي للبحث في ملف النزوح السوري (الشرق الأوسط)
TT

البطريركية المارونية تتصدر حملة معالجة الوجود السوري في لبنان

جانب من المشاركين في الطاولة المقفلة التي دعت إليها بكركي للبحث في ملف النزوح السوري (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في الطاولة المقفلة التي دعت إليها بكركي للبحث في ملف النزوح السوري (الشرق الأوسط)

يتصدر ملف النزوح السوري الاهتمامات في لبنان، في موازاة التصعيد الذي تشهده الجبهة الجنوبية، ويسجّل في هذا الإطار تحركات شعبية وسياسية يقوم بها الأفرقاء اللبنانيون، بانتظار الجلسة النيابية التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري، الأسبوع المقبل، والتي يفترض أن تشهد مشاركة واسعة من قبل معظم الكتل النيابية، وتنتهي بتوصية لمعالجة ملف النازحين.

وقضية اللاجئين كانت محور الطاولة المقفلة التي دعا إليها المركز الماروني للأبحاث والتوثيق، برئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي، وشارك فيها وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، ممثلاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار، ووزير المهجرين عصام شرف الدين، ووزير العدل هنري الخوري، ووزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، وممثلون لقادة الأجهزة الأمنية، وعدد من المحافظين.

وقبل اللقاء، قال وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي إن الهبة الأوروبية لم تبت بعد كلياً، قائلاً: «ستسمعون قريباً بقافلة عودة طوعية للسوريين إلى بلدهم نعمل عليها»، وأكد: «سندافع عن لبنان، ونطبق الإجراءات اللازمة، والتعاميم نُفّذت بنسب متفاوتة بين البلديات، ولن نقبل ببقاء السوريين غير الشرعيين».

وكان قد أُعلن عن حزمة المليار يورو التي أقرت للبنان من الاتحاد الأوروبي خلال زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس القبرصي نيكوس خريستو دوليدس، الأسبوع الماضي.

من جهته، لفت وزير التربية عباس الحلبي إلى أنه «سيعرض في بكركي الوضع التربوي، ولا سيما بالنسبة للتلامذة السوريين، وعلى الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية وسلطاتها المحليّة تنفيذ الإجراءات القانونية النافذة».

وأتت دعوة بكركي لهذه الجلسة بعد مواقف عالية السقف أصدرها الراعي، كان آخرها في عظة الأحد حين دعا المسؤولين إلى توحيد الكلمة في قضية تأمين عودة النازحين واللاجئين السوريين إلى وطنهم، مطالباً إياهم، بـ«عدم الرضوخ للضغوط الأوروبية والدولية وأساليبها المغرية، بهدف تجنّب عودتهم وإبقائهم في لبنان لأهداف سياسية».

في موازاة ذلك، نفذ «التيار الوطني الحر»، الخميس، تحركاً شعبياً في وسط بيروت؛ «رفضاً للمحاولات الخارجية لتصفية قضية النزوح السوري على أرضه، كما جاء في الدعوة، واستكملت كتلته النيابية جولتها على المسؤولين، والتقت، الخميس، رئيس البرلمان نبيه بري».

وتحدث النائب سليم عون بعد اللقاء عن «إجماع بين اللبنانيين حول قضية اللاجئين، وهو عامل قوة يجب أن ننطلق منه لنطالب المعنيين بعودتهم إلى بلدهم»، مضيفاً: «أسمح لنفسي أن أستخدم ما قاله رئيس البرلمان بأن هذا الموضوع يشكل خطراً حقيقياً على الكيان، وليس على المسيحيين، إنما على اللبنانيين؛ مسلمين ومسيحيين».

وفيما أكد مشاركة كتلة «التيار الوطني الحر» في جلسة البرلمان، الأسبوع المقبل، أشار إلى أن النواب سيخرجون بتوصية «من ضمن الروحية التي نتحدث بها، وبأنه يفترض البحث كيف يكون المال مساعداً لعودة النازحين»، مؤكداً: «المال هو وسيلة ضرورية لعودة اللاجئين، ولكن ليس لتخديرنا عن المطالبة بعدم العودة».

بدوره، واستكمالاً للجولة التي يقوم بها على عدد من المسؤولين والمعنيين في هذه القضية، قدّم وفد من كتلة حزب «القوات اللبنانية» مذكرة للمفوض السامي لشؤون اللاجئين، تتضمن مقاربة «القوات» للوجود السوري، مؤكداً أن «لبنان غير مهيأ أن يكون بلد لجوء».

كذلك يستمر الحزب «التقدمي الاشتراكي» في مبادرته عبر توزيع الوثيقة التي أعدّها لمعالجة ملف النزوح السوري على الأفرقاء والمسؤولين اللبنانيين، وتتضمن دعوة لفتح حوار مع الدولة السورية بشأن النازحين.

وتأتي كل هذه التحركات التي يقوم بها أطراف عدة، قبل نحو أسبوع من موعد الجلسة التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري بطلب من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي؛ إثر الحملة التي تعرّض لها على خلفية الهبة الأوروبية، واعتبار البعض أن المليار يورو هي رشوة لإبقاء السوريين في لبنان، وهي ما لاقت تجاوباً من معظم الأفرقاء، حيث من المتوقع أن يشارك فيها معظم الكتل النيابية، بمن فيهم الذين ينتقدون التشريع في البرلمان اللبناني في مرحلة الفراغ الرئاسي، وتحديداً «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية». وهو ما تلفت إليه مصادر في «القوات»، مشيرة إلى أن التوجه هو للمشاركة، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «الجلسة ليست تشريعية، إنما مساءلة ووضع الضوابط أمام تحرك الحكومة وتحصين الموقف الوطني في قضية اللاجئين».

وبانتظار ما سيصدر عن جلسة البرلمان، ترى المصادر أن كل التحركات التي تحصل في لبنان اليوم هي ضمن «التعبئة المطلوبة للوصول إلى حلول».

وتقول: «اجتماع بكركي أيضاً يأتي في سياق التعبئة الوطنية المطلوبة لمعالجة ملف الوجود السوري غير الشرعي؛ لأن القرار بشأنه سيادي لبناني، ولأن هذه المسألة لم تعد تحتمل المماطلة، ويجب الذهاب فيها إلى خطوات عملية»، مذكرة من جهة أخرى بـتعاميم الأجهزة الأمنية والبلديات التي يجب أن تعمل على تطبيقها، وأن تشكل خريطة طريق للفرز بين من هو شرعي ومن هو غير شرعي لترحيله».


«حزب الله» ينتقل من «ضبط النفس» إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»

هل يكون جنوب لبنان الهدف التالي للدبابات الإسرائيلية؟ (أ.ف.ب)
هل يكون جنوب لبنان الهدف التالي للدبابات الإسرائيلية؟ (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» ينتقل من «ضبط النفس» إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»

هل يكون جنوب لبنان الهدف التالي للدبابات الإسرائيلية؟ (أ.ف.ب)
هل يكون جنوب لبنان الهدف التالي للدبابات الإسرائيلية؟ (أ.ف.ب)

بات واضحاً أن ما قبل انطلاق العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح لن يكون إطلاقاً كما بعده، بما يرتبط بالوضع على جبهة جنوب لبنان.

فـ«حزب الله»، ومن خلفه محور «الممانعة» الذي ينتمي إليه، اتخذ قراراً بزيادة الضغط العسكري على إسرائيل، في مسعى للحد من عملياتها في رفح، باعتبار أن سقوط المعقل الأخير لحركة «حماس» في غزة سيعني عملياً خسارة هذا المحور الحرب، كما أنه سيمهد، بحسب الخبراء، لعملية واسعة تشنها إسرائيل ضد «حزب الله».

ومنذ إعلان تل أبيب السيطرة على معبر رفح وبدء عملياتها شرق المدينة، بالتزامن مع ترنح مفاوضات الهدنة، كثّف «حزب الله» بشكل غير مسبوق عملياته باتجاه شمال إسرائيل، بهدف إيقاع قتلى وجرحى في صفوف الجنود الإسرائيليين، ما يطرح علامات استفهام كبيرة عمّا إذا كانت طهران وحلفاؤها سيعمدون لتوسيع القتال على الجبهات في مسعى استباقي لمنع سقوط رفح.

استراتيجية «الضغوط القصوى»

ويُخشى أن يؤدي الأداء العسكري الجديد لـ«حزب الله» إلى جر المنطقة ككل إلى الحرب الموسعة التي تريدها تل أبيب وتسعى إليها منذ فترة، في مقابل اعتماد محور «الممانعة» طوال المرحلة الماضية ما أسماه استراتيجية «ضبط النفس».

ويقول مصدر مطلع على جو «حزب الله»، إنه «تم فعلياً الانتقال من سياسة ضبط النفس إلى استراتيجية الضغوط القصوى؛ بهدف تثبيت معادلات الردع في آخر مرحلة من مراحل الحرب على غزة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأداء العسكري الحالي مدروس جداً؛ كي لا يؤدي إلى حرب موسعة لطالما أرادتها إسرائيل».

«حزب الله» الهدف التالي

ويشير العميد الركن المتقاعد بسام ياسين إلى أن «حزب الله» وإيران وحلفاءهما «كانوا واضحين منذ البداية، بحيث أكدوا أنه لن يتم السكوت عن معركة رفح، لذلك سيحصل ضغط من كل الجبهات، وبخاصة جبهة الجنوب اللبناني، من دون أن تتدخل إيران بشكل مباشر؛ لأن ذلك سيعني حينها حرباً بين دولتين»، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «كلما زاد الضغط على رفح سيكون هناك ضغط إضافي مما يسمى جبهات الدعم، وإن كان ذلك لا يؤثر من الناحية العسكرية على رفح؛ إذ إن لكل منطقة وحداتها القتالية، إنما التعويل على أن يؤدي سقوط قتلى وجرحى إسرائيليين إلى ضغط من قبل الرأي العام الإسرائيلي على الحكومة الإسرائيلية للتهدئة والسير مجدداً بالهدنة».

ويرى ياسين أنه «في حال انتصرت إسرائيل في غزة، فـ(حزب الله) سيكون الهدف التالي، لذلك سيبذل هو وإيران قصارى جهدهما لمنع سقوط رفح»، لافتاً إلى أن «ضغطه العسكري مدروس بما لا يؤدي إلى جر البلد ككل والمنطقة إلى حرب، وإلا لكنا وجدناه يطلق 10 آلاف صاروخ يومياً». ويضيف: «لذلك نرى اليوم نوعاً من التوازن في القصف؛ لأن الإسرائيلي كذلك لا يريد اليوم الحرب، وهو يخطط لها بعد الانتهاء من غزة».

تطوير التكتيكات

في المقابل، يرى رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري» (أنيجما) رياض قهوجي، أن «(حزب الله) لجأ مؤخراً إلى تغيير وتطوير التكتيكات المعتمدة لإيقاع خسائر أكثر في الجانب الإسرائيلي، لكنه لم يوسّع القصف ولا يسعى إلى الحرب الموسعة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «نتنياهو هو الذي كان وما زال يسعى لتوسعة الحرب لمصالح حزبية وشخصية، وهو إذا وجد نفسه مضغوطاً في جبهة رفح، فسيعمد لتجميدها للانتقال إلى جبهة لبنان، كما أنه إذا حقق أهدافه في رفح، ومنها تحرير الأسرى، فقد ينتقل أيضاً إلى توسعة العمل على الجبهة الشمالية». ويضيف: «الجانب الإيراني يسعى لاحتواء الأمور بعدما أيقن أن سياسة توحيد الساحات لم تأت بالنتائج المرجوة، إنما بالعكس، خلقت مشكلة له عند كل جبهة، خاصة بعد الاحتكاك المباشر بينه وبين إسرائيل، لذلك ما يهمه راهناً هو احتواء ووقف هذه الحرب».


مصر تؤكد مغادرة وفود إسرائيل و«حماس» القاهرة

نازحون فلسطينيون وصلوا على دراجة ثلاثية العجلات تحمل أمتعتهم بعد عودتهم إلى حي مدمر في خان يونس جنوب قطاع غزة، 9 مايو 2024 (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون وصلوا على دراجة ثلاثية العجلات تحمل أمتعتهم بعد عودتهم إلى حي مدمر في خان يونس جنوب قطاع غزة، 9 مايو 2024 (أ.ف.ب)
TT

مصر تؤكد مغادرة وفود إسرائيل و«حماس» القاهرة

نازحون فلسطينيون وصلوا على دراجة ثلاثية العجلات تحمل أمتعتهم بعد عودتهم إلى حي مدمر في خان يونس جنوب قطاع غزة، 9 مايو 2024 (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون وصلوا على دراجة ثلاثية العجلات تحمل أمتعتهم بعد عودتهم إلى حي مدمر في خان يونس جنوب قطاع غزة، 9 مايو 2024 (أ.ف.ب)

نقلت قناة «القاهرة الإخبارية»، اليوم (الخميس)، عن مصدر مصري رفيع المستوى قوله إن وفدي «حماس» وإسرائيل غادرا العاصمة المصرية عقب جولة مفاوضات امتدت ليومين، مؤكداً على أن جهود الوسطاء مستمرة في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، حسب وكالة «أنباء العالم العربي».

وقال المصدر الذي لم تسمه القناة «الجهود المصرية وجهود الوسطاء مستمرة في تقريب وجهات نظر الطرفين، خاصة في ظل التطورات الأخيرة بقطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أفادت القناة نقلا عن مصدر لم تسمه بأن هناك ما وصفها بإشارات على نضوج اتفاق تستضيف القاهرة مفاوضات غير مباشرة بشأنه سعيا لإنهاء الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر في قطاع غزة.

 

 

 

 

 


القضاء اللبناني يدّعي على عصابة الـ«تيكتوكرز»

مقر قصر العدل في بيروت (الوكالة الوطنية)
مقر قصر العدل في بيروت (الوكالة الوطنية)
TT

القضاء اللبناني يدّعي على عصابة الـ«تيكتوكرز»

مقر قصر العدل في بيروت (الوكالة الوطنية)
مقر قصر العدل في بيروت (الوكالة الوطنية)

سلك ملفّ عصابة الـ«تيكتوكرز» التي امتهنت استدراج الأطفال واغتصابهم مساره القانوني، بعد ادعاء المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي طانيوس الصغبيني على 12 من أعضائها، بينهم خمسة جرى توقيفهم، لتنتقل القضيّة إلى عهدة قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور.

وما إن تسلّم الصغبيني محاضر التحقيقات الأولية التي أجراها مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي، على مدى أسبوعين، حتى ادعى على عدد محدود من أفراد الشبكة، أبرزهم الموقوف جورج مبيض (صاحب محل للحلاقة)، وبول المعوشي الملقب بـ(jay) وهو مقيم في السويد، وبيتر نفّاع (متوارٍ عن الأنظار)، بالإضافة إلى صاحب محل لبيع الملابس، وأحالهم على قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، طالباً استجوابهم وإصدار مذكرات توقيف وجاهية بحق الموجودين ومذكرات غيابية بحقّ الفارين من العدالة.

واتهم المحامي العام الاستئنافي المدَّعى عليهم بأنهم «أقدموا على تأليف شبكة إجرامية للاتجار بالبشر وتبييض الأموال، كما أقدموا على استخدام تطبيقات إلكترونية، لا سيما الـ(تيك توك)، مستخدمين أسماءً وهمية، واستدراج أطفال وممارسة العنف معهم وتهديدهم بالقتل واغتصابهم، والقيام بأفعال منافية للحشمة».

وتضمّن الادعاء أيضاً أن أعضاء الشبكة «عمدوا إلى إجبار الأطفال المعتدى عليهم على تناول مواد مخدرة، ومن ثمّ اغتصابهم وتصويرهم وهم عراة، وتسويق هذه الصور وبيعها إلى الآخرين، ومحاولة قتل البعض منهم من خلال ممارسة أساليب عنيفة هددت حياتهم».

تعقيدات هذا الملفّ دفعت بالقاضي الصغبيني إلى تجزئته، بحيث شمل الادعاء الأشخاص الذين أنجزت التحقيقات الأولية معهم واتضحت أدوارهم بالكامل، ومن المقرر أن يدعي خلال الساعات المقبلة على الأسماء المتبقية من أفراد الشبكة، بعد استكمال إفاداتهم وتوثيق الأدلة بحقهم، وأبرزهم المحامي خالد مرعب، وحسن سنجر (الأخير موجود خارج لبنان)، وسائق تاكسي كان يقلّ الأطفال إلى الشاليهات التي تحصل فيها عمليات الاعتداء عليهم واغتصابهم.

وأسفرت الاستجوابات التي أجراها مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية بإشراف القضاء، عن كشف هويات 26 من المتورطين في استدراج الأطفال والاعتداء عليهم واغتصابهم، وإرغامهم على تعاطي المخدرات، واستغلالهم لأجل ترويجها والاتجار بها.

عناصر في قوى الأمن الداخلي اللبناني (موقع الأمن الداخلي)

وأفادت مصادر قضائية بأن قاضي التحقيق الأول نقولا منصور «باشر دراسة محاضر التحقيقات الأولية، وسيحدد مواعيد عاجلة لاستجواب المدعى عليهم الموقوفين، ويصدر مذكرات توقيف بحقهم، باعتبار أن فترة التوقيف الاحتياطي باتت طويلة».

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أنه «فور صدور مذكرات توقيف غيابية بحقّ المتوارين عن الأنظار، خصوصاً الفارين من لبنان إلى الخارج، سيصار إلى تحويل هذه المذكرات إلى النيابة العامة التمييزية، التي تسلّمه إلى مكتب الإنتربول لدى قوى الأمن الداخلي، الذي يحيله بدوره على الإنتربول الدولي، ويصبح هؤلاء مطلوبين بموجب النشرة الحمراء التي يصدرها مكتب الإنتربول الدولي»، مشيراً إلى أن «الدول التي يوجد فيها هؤلاء المطلوبون، ومنها سويسرا والسويد والإمارات العربية المتحدة وتركيا، تصبح ملزمة بتنفيذ المذكرات، أي إلقاء القبض على المطلوبين وتسليمهم إلى لبنان».

وشمل الادعاء الأولي أسماء ثلاثة قاصرين مشتبه بتدخلهم باستدراج الأطفال، إلا أن المصدر القضائي تحفّظ عن ذكر أسمائهم، وذلك تنفيذاً للتعميم الصادر عن النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، الذي حظر نشر اسم أي قاصر، سواء من الضحايا أو المرتكِبين. وجاء في التعميم: «تؤكد النيابة العامة التمييزية متابعتها لحظة بلحظة للتحقيقات الأولية التي تجريها الأجهزة الأمنية بشأن الجرائم المهمة، ومنها ما يُشكّل خطورة على المجتمع والعائلة، خاصة متى تعلّقت بأحداث قاصرين أو معرّضين للخطر». وشدد على «وجوب التقيّد بسرية التحقيقات، خاصة في ضوء أحكام المادة 53 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تنصّ على أن يبقى التحقيق سرياً ما لم تُحَلْ الدعوى على قضاء الحكم، باستثناء ما يتعلق بالقرار الظني».

وشدد التعميم على أن «مبدأ سرية التحقيقات لا يهدف بأي شكل من الأشكال إلى التساهل مع المرتكبين، بل بغرض تحصين التحقيقات الجارية، لا سيّما أن هذه السرية هي موجب قانوني أساسي لسلامة هذه التحقيقات، فضلاً عن كونها بالنسبة للقاصرين ضمانة أساسية مكرّسة في قانون حماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر».


«حماس»: إقدام إسرائيل على اجتياح رفح واحتلال المعبر يهدف لقطع الطريق على جهود الوسطاء

نصب النازحون الفلسطينيون الخيام في المواصي بالقرب من الحدود مع مصر برفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
نصب النازحون الفلسطينيون الخيام في المواصي بالقرب من الحدود مع مصر برفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«حماس»: إقدام إسرائيل على اجتياح رفح واحتلال المعبر يهدف لقطع الطريق على جهود الوسطاء

نصب النازحون الفلسطينيون الخيام في المواصي بالقرب من الحدود مع مصر برفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
نصب النازحون الفلسطينيون الخيام في المواصي بالقرب من الحدود مع مصر برفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

أكد عزت الرشق عضو المكتب السياسي لـ«حماس» الخميس أن إقدام إسرائيل على اجتياح رفح واحتلال المعبر يهدف لقطع الطريق على جهود الوسطاء للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وشدّد الرشق في بيان بحسابه على «تلغرام» على «التزام الحركة وتمسكها بالموافقة على الورقة التي قدمها الوسطاء».

وأضاف أن وفد الحركة غادر القاهرة قبل قليل متجهاً للدوحة؛ وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

وكان الجيش الإسرائيلي قال يوم الثلاثاء الماضي إنه سيطر بالكامل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية في عملية عسكرية بدأها أمس.

وكان مصدر رفيع المستوى، قد صرح في وقت سابق، باستئناف المباحثات بالقاهرة بحضور الوفود المشاركة في مفاوضات الهدنة بقطاع غزة. وقال المصدر، لقناة «القاهرة الإخبارية» نشرته على موقعها الإلكتروني، إن الوفد الأمني المصري يكثف جهوده لإيجاد صيغة توافقية حول بعض النقاط المختلف عليها. ووفق المصدر، جدّدت مصر تحذيرها للمشاركين بالمفاوضات من خطورة التصعيد حال فشل المفاوضات للوصول إلى اتفاق هدنة. وطبقاً للقناة «لم تتوقف اتصالات مصر مع مختلف الأطراف خاصة إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية و(حركة حماس)، للحفاظ على مسار المفاوضات الجارية وتجنب التصعيد، وهي مستمرة في هذا الجهد حتى يصبح اتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار واقعاً على الأرض». وقالت القناة إن «مصر تواصل جهودها المضنية للوصول إلى هدنة شاملة في قطاع غزة، وإنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ السابع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والذي خلّف آلاف الشهداء من الشعب الفلسطيني».


نصف مرافق المياه في غزة تضررت أو دُمرت منذ بدء الحرب

53 % من مرافق المياه في غزة تضررت أو دُمرت منذ شهر أكتوبر (شركة بلانيت لابز)
53 % من مرافق المياه في غزة تضررت أو دُمرت منذ شهر أكتوبر (شركة بلانيت لابز)
TT

نصف مرافق المياه في غزة تضررت أو دُمرت منذ بدء الحرب

53 % من مرافق المياه في غزة تضررت أو دُمرت منذ شهر أكتوبر (شركة بلانيت لابز)
53 % من مرافق المياه في غزة تضررت أو دُمرت منذ شهر أكتوبر (شركة بلانيت لابز)

أظهرت صور تم التقاطها بواسطة الأقمار الاصطناعية أن نصف مرافق المياه في غزة تضررت أو دُمرت منذ بدء الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقالت شبكة «بي بي سي» البريطانية، التي حصلت على هذه الصور الملتقطة بواسطة شركة «بلانيت لابز» الأميركية المختصة في الأقمار الاصطناعية: «لقد وجدنا أن 53 في المائة من مرافق مياه الـ603 التي قمنا بتحليلها تضررت أو دُمرت منذ بدء الحرب».

كما أظهرت الصور أن 4 من محطات معالجة مياه الصرف الصحي الـ6، والتي تلعب دوراً حاسماً في منع تراكم مياه الصرف الصحي وانتشار الأمراض، قد تضررت أو دُمرت أيضاً، فيما توقفت المحطتان المتبقيتان عن العمل بسبب نقص الوقود أو الإمدادات الأخرى، وفقاً لإحدى وكالات الإغاثة.

وتقع غالبية المواقع التي تم تحديدها على أنها مدمرة أو متضررة في شمال غزة أو في المنطقة المحيطة بمدينة خان يونس في الجنوب.

وفي إحدى الصور الفضائية لخان يونس، يمكن رؤية خزانين كبيرين لتخزين المياه متضررين.

وفي أحد مرافق الصرف الصحي في البريج، وسط القطاع، تم تدمير الألواح الشمسية التي تزود المحطة بالطاقة، وبدا في الصور أن خزانات معالجة مياه الصرف الصحي تحتوي على طحالب على سطحها.

في أحد مرافق الصرف الصحي بالبريج تم تدمير الألواح الشمسية التي تزود المحطة بالطاقة (شركة بلانيت لابز)

وأقرت «بي بي سي» بعدم إمكانية رؤية جميع الأضرار من خلال صور الأقمار الاصطناعية، لذلك ربما كان عدد المرافق المتضررة أكبر بكثير مما جاء في تحليلها. وقد لا تعمل بعض المواقع بكامل طاقتها أيضاً بسبب نقص الوقود.

على سبيل المثال، قالت منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف» لـ«بي بي سي» إن محطة تحلية المياه التابعة لها في دير البلح - وهي واحدة من ثلاث منشآت كبيرة لتحلية مياه البحر في غزة - لا يمكنها العمل إلا بقدرة 30 في المائة بسبب نقص الوقود.

ومع نزوح معظم سكان غزة الآن من منازلهم، وعيشهم في مخيمات، فإن تراكم مياه الصرف الصحي في الشوارع يشكل تهديداً أكبر.

وقال محمد عطا الله، الذي يعمل في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن «مضخات الصرف الصحي لا تعمل والشوارع تغمرها المياه».

وتقول وكالات الإغاثة إن نقص المياه النظيفة، وتدفقات مياه الصرف الصحي غير المعالجة يشكلان تهديداً صحياً خطيراً.

وقالت الدكتورة ناتالي روبرتس، المديرة التنفيذية لمنظمة «أطباء بلا حدود» في المملكة المتحدة، إن تدمير مرافق المياه والصرف الصحي أدى بالفعل إلى «عواقب صحية كارثية على السكان». وأضافت: «لقد ارتفعت معدلات الإصابة بالإسهال بشكل كارثي».

تقع غالبية المواقع التي تم تحديدها على أنها مدمرة أو متضررة في شمال غزة (شركة بلانيت لابز)

وفي الحالات الشديدة جداً، يمكن لهذا المرض أن يقتل الأطفال الصغار والضعفاء.

ووفقا لـ«أطباء بلا حدود»، فإن معدلات الإصابة بالتهاب الكبد (أ) - الموجود في المياه الملوثة والذي يشكل خطورة خاصة على النساء الحوامل - مرتفعة أيضاً.

وقالت روبرتس إن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الإصابة بالأمراض في رفح في الجنوب، والتي فر إليها كثير من سكان غزة، كما يوجد خطر وارد لتفشي الكوليرا.

ولحقت أضرار واسعة النطاق بالمباني في مختلف أنحاء قطاع غزة منذ بدء الحرب. ووفقاً للأمم المتحدة، فقد تم تدمير حوالي 69 ألف وحدة سكنية، فيما تضررت 290 ألف وحدة أخرى.


مع اشتداد القتال... «رعب مستمر» في الفاشر أبرز مدن دارفور

سودانيون في إقليم دارفور (أرشيفية - رويترز)
سودانيون في إقليم دارفور (أرشيفية - رويترز)
TT

مع اشتداد القتال... «رعب مستمر» في الفاشر أبرز مدن دارفور

سودانيون في إقليم دارفور (أرشيفية - رويترز)
سودانيون في إقليم دارفور (أرشيفية - رويترز)

يلازم التاجر السوداني إسحق محمد منزله منذ شهر نتيجة تصاعد العنف بمدينة الفاشر في غرب السودان، الوحيدة بين كبرى مدن دارفور التي لم تخضع لسيطرة «قوات الدعم السريع» في حربها ضد الجيش منذ أكثر من عام.

وقال محمد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عبر الهاتف من الفاشر: «لم أفتح المحل منذ أكثر من شهر والتزمت المنزل خوفاً من الدانات التي تسقط (علينا)».

وتابع: «إننا نعيش في رعب مستمر»، في إشارة إلى ما تشهده عاصمة ولاية شمال دارفور من اشتباكات عنيفة على الرغم من تحذيرات الأمم المتحدة من عواقب ذلك في المدينة البالغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة.

وخلال عام واحد، أدّت الحرب في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، إلى سقوط آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

كذلك، دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 مليون شخص بحسب الأمم المتحدة.

وتسيطر قوات دقلو المعروف بـ«حميدتي» حالياً على أربع من عواصم الولايات الخمس المشكِّلة للإقليم الغربي للبلاد، ما عدا الفاشر التي لجأ إليها نحو 800 ألف نازح، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وقال أحد سكان الفاشر أحمد آدم للوكالة عبر رسالة نصية: «نحن تحت حصار كامل»، في وقت يعاني فيه إقليم دارفور الشاسع في غرب البلاد من انقطاع شبه تام لخدمات الاتصالات والإنترنت.

وتابع: «لا يوجد طريق للدخول أو الخروج من المدينة دون سيطرة قوات الدعم السريع».

وتضم الفاشر مجموعتين رئيسيتين من حركات التمرد المسلحة وقد تعهدتا في بداية الحرب بالوقوف على مسافة واحدة من طرفي النزاع، ما جنّبها حتى الأمس القريب الانزلاق إلى القتال.

وتصاعد العنف في المدينة بعد إعلان الحركات المسلحة، التي كانت قد وقعت على اتفاق سلام تاريخي مع الحكومة السودانية في 2021 بجوبا، في بيان، أنه «لا حياد بعد الآن»، مؤكدة أنها «ستقاتل مع حلفائها الوطنيين وقواتها المسلحة ضد ميليشيات الدعم السريع وأعوانها من المأجورين».

ودفع تصاعد القتال في شمال دارفور مجلس الأمن الدولي إلى الإعراب عن «قلقه العميق» إزاء ما يجري بالفاشر.

وكتب نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في دارفور توبي هارورد، عبر حسابه على منصة «إكس»، أن «الوضع الإنساني في الفاشر والمحليات المحيطة بعاصمة شمال دارفور كارثي».

وأشار إلى «ازدياد عمليات القتل التعسفي والسرقة ونهب الماشية، والحرق الممنهج لقرى بأكملها في المناطق الريفية، وتصاعد القصف الجوي على أجزاء من المدينة، وتشديد الحصار حول الفاشر».

واتّهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، اليوم، «قوات الدعم السريع» في السودان بارتكاب «تطهير عرقي» وعمليات قتل «ما قد يشير إلى أن إبادة جماعية حدثت أو تحدث» ضدّ جماعة المساليت العرقية الأفريقية في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.

وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، الأسبوع الماضي، إن «كارثة مأساوية تلوح في الأفق» في إشارة إلى ما يجري في مدينة الفاشر.

ملازمة المنزل ونفاذ الطعام

لم يقتصر العنف فقط على حدود الفاشر، إذ تعرض مخيم «أبو شوك» للنازحين والمتاخم للمدينة للهجوم أيضاً، بحسب شهود عيان، وشهد اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش.

وقال أحد المقيمين بالمخيم عيسى عبد الرحمن للوكالة: «الاشتباكات تجري داخل المخيم ومن لم يتمكن من المغادرة حتى الآن يلازم المنزل».

وتابع عبد الرحمن: «البعض استنفدوا ما لديهم من غذاء ولا يستطيع أحد الوصول إليهم».

وأدى حصار حاضرة ولاية شمال دارفور إلى عرقلة العمل الإنساني في الإقليم بأكمله، حيث تتركز المساعدات وتوزع إلى بقية الولايات من الفاشر.

وقال مسؤول طبي بالمستشفى الجنوبي بالفاشر وهو المرفق الطبي الوحيد العامل بالمدينة إن «الطواقم الطبية أنهكت تماماً بسبب عملها لفترات طويلة من دون راحة والبعض لم يغادر المستشفى منذ أكثر من شهر».

وأوضح أن غالبية الحالات التي ترد «هي إصابات ناجمة عن الرصاص الحي أو إثر سقوط قذائف، كما نستقبل حالات سوء التغذية من الأطفال».

وفي السياق نفسه، حذرت منظمة «يونيسيف» التابعة للأمم المتحدة من أن الهجوم على الفاشر سيعرض مئات الآلاف من الأطفال للخطر.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل، في بيان الأسبوع الماضي، إن «تصاعد القتال في ولاية شمال دارفور بالسودان أدى إلى خسائر بشرية مميتة بين الأطفال في الأسابيع الأخيرة».

وأضافت أن «التهديد الوشيك بشن هجوم عسكري على الفاشر (..) يهدد بتصعيد كارثي، ما يعرض حياة ورفاهية 750 ألف طفل وربما ملايين آخرين للخطر».

كذلك أفادت بأن «تطويق الفاشر من قبل الجماعات المسلحة والقيود المفروضة على الحركة على الطرق الرئيسية خارج المدينة تمنع العائلات من المغادرة»، مشيرة إلى «تقارير تفيد بأن أكثر من 330 ألف شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد» في عاصمة شمال دارفور.

«موقف تفاوضي أقوى»

في 16 أبريل (نيسان)، أفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن السعودية ستستضيف «خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة» مفاوضات جديدة لوضع حد للحرب في السودان.

وسبق أن رعت الولايات المتحدة والسعودية جولات تفاوض عدة في مدينة جدة من دون أي نتيجة. كذلك فشلت وساطات الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد).

ويرى المحلل السياسي السوداني أمجد فريد أن العودة إلى طاولة المفاوضات دفعت «قوات الدعم السريع» إلى توجيه أنظارها مجدداً إلى مدينة الفاشر.

وقال: «قوات الدعم السريع تكثف جهودها للسيطرة على الفاشر، وهو ما يمنحها موقفاً تفاوضياً أقوى».

وأضاف: «يمكنها (قوات الدعم السريع) الادعاء بأنها تمثل إقليم دارفور بأكمله».