عدّاد الجوع والجفاف يحصد 6 أطفال في غزة

علف الحيوانات «للأغنياء»... وتدافع على الطحين يقتل 80 في يوم

طفل يتناول الطعام في مخيم للنازحين في رفح (رويترز)
طفل يتناول الطعام في مخيم للنازحين في رفح (رويترز)
TT

عدّاد الجوع والجفاف يحصد 6 أطفال في غزة

طفل يتناول الطعام في مخيم للنازحين في رفح (رويترز)
طفل يتناول الطعام في مخيم للنازحين في رفح (رويترز)

سيطر الجوع الحقيقي على سكان شمال قطاع غزة، ومدينة غزة، إلى الحد الذي أصبح معه الغزيون مستعدين للتضحية بأنفسهم في سبيل الحصول على الخبز.

ووصلت حالة الجوع في أوساط الغزيين في المدينة وشمال القطاع، إلى مستوى لم يختبروه في حياتهم مع نفاد كامل لكل شيء، بما في ذلك أعلاف الحيوانات المختلفة التي اعتمدوا على طحنها لتحويلها إلى دقيق.

ووثّقت «الشرق الأوسط» وفاة 6 أطفال، ووصول آخرين إلى المستشفيات في حالة جفاف شديد؛ بسبب انعدام الأكل وسوء التغذية.

وأكد أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطواقم الطبية تعاملت مع 6 حالات وفيات من الأطفال، وحالات أخرى عديدة أصابها الجفاف؛ بسبب نقص الطعام والدواء».

وأضاف: «الجفاف بدأ يصيب الأطفال والنساء وكبار السن، خصوصاً المرضى منهم».

وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن أكبر الأطفال المتوفين بسبب نقص التغذية، الطفل الجريح محمد إيهاب جميل نصر الله (8 سنوات)، وأصغرهم الطفل الرضيع محمد الزايغ (60 يوماً)، بفعل سوء التغذية.

وقال جميل نصر الله، جد الطفل محمد، في إفادة لـ«المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان»، إن حفيده الجريح استُشهد؛ بسبب النقص الحاد في الغذاء والدواء، بعدما كان يعاني من حروق بالغة في أنحاء جسده، ولم يتلقَّ الرعاية الصحية والغذائية المناسبة بفعل حصار الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف: «مضت 5 أيام من دون أن يدخل أي غذاء إلى جسد حفيدي الصغير».

ولفت الجدّ إلى أن حفيدته، الطفلة لين (عام ونصف العام)، تعاني هي الأخرى من نقص شديد بالحليب الضروري لبقائها على قيد الحياة.

فلسطينيون يحاولون الوصول إلى حصة من المساعدات الغذائية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

وقاد هذا الوضع غير المسبوق الغزيين إلى التضحية بأنفسهم من أجل الحصول على كسرة خبز.

ورصدت «الشرق الأوسط»، مقتل أكثر من 345 فلسطينياً خلال الشهرين الماضيين، في أثناء محاولتهم الوصول لبعض أكياس الطحين (الدقيق)، عند حواجز إسرائيلية على طريقَي الرشيد الساحلي، وصلاح الدين البري.

وقضى اليوم (الخميس)، أكثر من 80 فلسطينياً، وأُصيب أكثر من ألف، إثر استهداف تجمع كبير عند دوار النابلسي على طريق الرشيد الساحلية، لفلسطينيين كانوا بانتظار حصولهم على المساعدات.

وتجبر القوات الإسرائيلية، سائقي شاحنات المساعدات على إلقائها قرب الحواجز، في إطار سياسة هدفها القتل والتجويع، كما تصفها جهات حقوقية.

وتعمدت تلك القوات، استهداف المواطنين بشكل مباشر مرات عدة خلال انتظارهم المساعدات.

وتم توثيق مشاهد لتجمع الآلاف من سكان مدينة غزة وشمالها، وهم ينتظرون دخول المساعدات، قبل أن تدخل منها كمية محدودة تعَرّض جزء منها للسرقة، في حين تمكّن بضع عشرات من الحصول على الجزء اليسير من الكمية التي وصلت.

وقال الشاب أيهم أبو ندى، من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، إنه وصل برفقة أقاربه إلى شارع الرشيد بعد أن قطعوا مسافة 14 كيلومتراً سيراً على الأقدام، من أجل الحصول على كيس طحين واحد يسد رمق أطفال عائلتهم.

وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف لم ننجح في ذلك؛ بسبب وجود الآلاف من المواطنين الذين كانوا ينتظرون لساعات طويلة وصول تلك المساعدات»، مشيراً إلى أنهم عادوا لمنازلهم خاليّ الوفاض.

وتابع: «في كل مرة نذهب هناك نتعرض لخطر الموت؛ بسبب استهدافنا المتعمد من قبل قوات الاحتلال. لقمة الخبز مغمسة بالدم وكأنه لا يكفينا الجوع وحده».

وتقيد إسرائيل وصول المساعدات إلى شمال القطاع على الرغم من التدخل الأميركي وتحذيرات أممية من وفيات لا تحصى.

وحذّرت الأمم المتحدة من أن القيود الإسرائيلية المفروضة على قطاع الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية في غزة تؤدي إلى زيادة المخاوف من انتشار المجاعة والعطش والأمراض.

وقال تقرير إن «الحصار المفروض على غزة قد يعني عقاباً جماعياً، فضلاً عن أن استخدام التجويع وسيلةً للحرب، يعدّ من جرائم الحرب».

وقال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، إنه منذ 23 يناير (كانون الثاني) الماضي لم تتمكّن الوكالة من إدخال أي مساعدات إلى شمال القطاع، محذراً من مجاعة حقيقية تتعرّض لها تلك المناطق.

وأضاف: «إن دعوات الوكالة لإرسال المساعدات الغذائية إلى شمال قطاع غزة، تم رفضها ولقيت آذاناً صماء... لكن لا يزال من الممكن تجنب المجاعة إذا توفرت، ما وصفها بـ(الإرادة السياسية الحقيقية)».

وتأتي هذه التصريحات في ظل ازدياد الضغوط الأميركية والدولية على إسرائيل؛ للسماح بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية لأنحاء قطاع غزة كافة، خصوصاً شماله.

وادعت مصادر إسرائيلية، في تصريحات أوردتها قناة «مكان» الناطقة بالعربية، أنه سيتم خلال الأيام المقبلة إدخال المساعدات لشمال القطاع عبر معبر كارني (يقع شرق مدينة غزة ومغلق منذ عام 2006)، وبرقابة من الجيش الإسرائيلي؛ لمنع عمليات النهب والسرقة، من دون أن توضّح تفاصيل حول آلية الرقابة.

لكن حسن أبو هاني من سكان مدينة غزة، تخوّف من أن يؤدي انتظار نتائج الضغوط والوعود إلى موت مزيد من الأطفال. وأضاف: «أولادنا بموتوا ومش قادرين نعمل لهم أي اشي، بس بنتفرج عليهم وبنبكي».

وأضاف أبو هاني، ولديه 6 من الأبناء بينهم طفلان، «مشان نحصل على كسرة خبز، كنا نشتري أعلاف الحيوانات اللي كان سعرها ما بتجاوز 6 شواقل (نحو دولارين)، واليوم ما بنلاقيها وسعرها وصل إلى 70 شيقلاً (ما يعادل نحو 20 دولاراً) واليوم حتى أعلاف الحيوانات صارت للأغنياء... أصلاً ما معنا فلوس نشتري اشي، وكمان مش متوفر اشي».


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: الوسطاء لـ«تقليص الفجوات» وسط «تفاؤل» أميركي

العالم العربي آثار القصف الإسرائيلي على المنازل في جنوب غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: الوسطاء لـ«تقليص الفجوات» وسط «تفاؤل» أميركي

جهود مكثفة للوسطاء تسابق الزمن لإبرام هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، وسط تسريبات إعلامية للمفاوضات التي تفرض عليها سرية كبيرة، تشير لوجود «فجوات».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا أطفالاً فلسطينيين ليسوا إرهابيين

تحقيق صحافي نشرته صحيفة «هآرتس»، الخميس، جاء فيه أن قوات الاحتلال المرابطة على محور «نتساريم»، رسموا خطاً واهياً، وقرروا حكم الموت على كل من يجتازه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيان ينقلان بسيارة إسعاف جثث قتلى سقطوا بضربة إسرائيلية في جباليا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل العشرات بهجمات في قطاع غزة

تستغل إسرائيل المماطلة بإبرام اتفاق لوقف النار في قطاع غزة لشن هجمات تُودي بحياة العشرات كل يوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تصر إسرائيل على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة (رويترز)

إسرائيل متهمة بارتكاب «أعمال إبادة جماعية» و«تطهير عرقي» في قطاع غزة

اتّهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، اليوم، إسرائيل بارتكاب «أعمال إبادة جماعية» في الحرب التي تخوضها ضدّ حركة «حماس» في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رجل يتفقد الأضرار التي لحقت بمبنى في حي الدرج بمدينة غزة 19 ديسمبر 2024 مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)

مقتل 41 فلسطينياً بغارات إسرائيلية على غزة

قال مسعفون إن غارات جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 41 فلسطينياً في قطاع غزة، الخميس.

«الشرق الأوسط» (غزة)

لبنان عمم صور المطلوبين من المسؤولين السوريين السابقين على المنافذ الحدودية

وزير الداخلية بسام مولوي يجول في مطار رفيق الحريري الدولي (الوكالة الوطنية)
وزير الداخلية بسام مولوي يجول في مطار رفيق الحريري الدولي (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان عمم صور المطلوبين من المسؤولين السوريين السابقين على المنافذ الحدودية

وزير الداخلية بسام مولوي يجول في مطار رفيق الحريري الدولي (الوكالة الوطنية)
وزير الداخلية بسام مولوي يجول في مطار رفيق الحريري الدولي (الوكالة الوطنية)

أعلن وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي، عن إجراءات مشددة في مطار رفيق الحريري الدولي (مطار بيروت) بحق مسؤولين سوريين مطلوبين (في لبنان) من النظام السوري السابق بعدما عممت صورهم؛ في إشارة إلى عدد من المتهمين بتفجيرات في لبنان وأبرزهم اللواء علي المملوك، الذي يعتبر بمثابة الذراع الأمنية للنظام السابق.

وجاءت مواقف مولوي خلال قيامه بجولة في المطار، حيث أكد أنه «لا توجد أي ثغرة في أمن المطار وكل العمل الأمني يجري بطريقة جيدة جداً».

وأوضح مولوي أن «الهواجس الأمنية لم تؤثر على المطار»، مؤكداً أن «الإجراءات في المطار تتم بالتعاون مع الأجهزة الأمنية وكل الأمور تحت السيطرة، ولا يوجد أي مطلوب يمر عبر المطار، كما أن المطلوبين من النظام السوري السابق صورهم معممة في كل أقسام المطار والمنافذ، وبالتالي لا يمكن أن يحدث أي خطأ أمني في المطار، وبالتالي نشدد على تطبيق القوانين، ولا نستطيع توقيف أي شخص إلا بوجود مذكرات عدلية أو إشارات قضائية بحقهم، وبناء على إشارة القضاء».

وعما إذا كان لبنان تلقى أي ملاحظات من الإدارة السورية الجديدة حول تسهيل مغادرة عدد من المسؤولين السوريين عبر المطار، أكد مولوي أن «هذا كلام نسمعه عبر الإعلام، وإلى الآن لا يوجد أي شيء رسمي، والإدارة السورية الجديدة تعزز مواقعها على الحدود من جهة المصنع، والأجهزة الأمنية اللبنانية سواء الأمن العام أو الجيش أو قوى الأمن الداخلي تقوم بواجباتها وفقاً للقوانين اللبنانية»، مؤكداً: «وجود نقاط تفتيش جديدة لدى الوصول وتدقيق في التفتيش لكل الشحن، وكذلك توجد نقاط لجهاز أمن المطار إلى جانب الجمارك، والإجراءات مشددة، وستبقى كذلك تطبيقاً للقوانين، ونهنئ الشباب على جهدهم».

وأكد مولوي أن «الإجراءات والتفتيشات مشددة وستبقى كذلك، والجيش اللبناني يقوم بواجباته على أكمل وجه أمام مداخل المطار، ويتم توقيف المخالفين من قبل كل الأجهزة التي تشترك بتكوين جهاز أمن المطار، سواء الجيش أو قوى الأمن الداخلي أو الأمن العام، كذلك الدور الكبير الذي تقوم به الجمارك ويعول عليهم بشكل كبير»، لافتاً إلى أن الأمن العام «يقوم بالتدقيق بالمستندات وكشف المزورة منها، وبالتالي يتم توقيف من يحاول العبور عبر المطار بمستندات مزورة»، مشيراً إلى أن «عدد المستندات المزورة بلغ المئات، وقد تم كشفهم بتقنية وحرفية عالية من قبل العناصر وضباط الأمن العام، وهم جزء أساسي من جهاز أمن المطار».

وتطرق مولوي إلى الموضوع السوري، فأكد أنه «يتم التدقيق بكل المستندات، ولا يخرج أي مطلوب عبر المطار، وتتخذ كل الإجراءات»، مشيراً إلى أنه «يتم تحديث نقاط التفتيشات بالتعاون مع الشرطة الفيدرالية الألمانية، وسيستمر هذا الأمر. وسنرى قريباً أجهزة تفتيش أكثر تطوراً ومطاراً يواكب الحداثة العالمية».