«اليونيفيل» ترصد «تحولاً مقلقاً» في مسار الحرب بجنوب لبنان

أعنف تبادل للقصف بين إسرائيل و«حزب الله»... وغارات تستهدف مناطق بالعمق

آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة جبشيت بجنوب لبنان صباح الثلاثاء (أ.ف.ب)
آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة جبشيت بجنوب لبنان صباح الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

«اليونيفيل» ترصد «تحولاً مقلقاً» في مسار الحرب بجنوب لبنان

آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة جبشيت بجنوب لبنان صباح الثلاثاء (أ.ف.ب)
آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة جبشيت بجنوب لبنان صباح الثلاثاء (أ.ف.ب)

حذرت قوات حفظ السلام العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) من «تحوّل مقلق في تبادل إطلاق النار» بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، وذلك غداة تصعيد عسكري واسع، يوم الاثنين، تواصل، الثلاثاء، إثر توسيع الطائرات الإسرائيلية ضرباتها إلى مناطق تُقصف للمرة الأولى في العمق اللبناني، بينها منطقتا الحنية (قضاء صور) والبيسارية (قضاء الزهراني).

وقال رئيس بعثة «اليونيفيل» وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو: «إننا شهدنا خلال الأيام الماضية تحولاً مقلقاً في تبادل إطلاق النار»، لافتاً إلى أن النزاع «أودى بحياة عدد كبير جداً من الأشخاص، وألحق أضراراً جسيمة بالمنازل والبنية التحتية العامة، كما عرّض سبل العيش للخطر، وغيَّر حياة عشرات الآلاف من المدنيين على جانبي الخط الأزرق». ومع ذلك، أشار إلى «أننا نشهد الآن توسعاً وتكثيفاً للضربات».

وأعلن رئيس بعثة «اليونيفيل» «أننا في الأيام الأخيرة، واصلنا عملنا النشط مع الأطراف لتخفيف التوترات، ومنع سوء الفهم الخطير، ولكن الأحداث الأخيرة لديها القدرة على تعريض الحلّ السياسي لهذا النزاع للخطر». وحثّ «جميع الأطراف المعنيّة على وقف الأعمال العدائية لمنع مزيد من التصعيد، وترك المجال لحلّ سياسي ودبلوماسي يمكن أن يعيد الاستقرار، ويضمن سلامة الناس في هذه المنطقة».

وفي سياق الحراك الدبلوماسي، أطلعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على جولتها الأخيرة في المنطقة، والآليات التي تسمح بتطبيق القرار الدولي رقم 1701، ودعت كل الأطراف إلى التهدئة والعمل لإنجاز الحلول الدبلوماسية.

التصعيد الأعنف

وجاء تحذير «اليونيفيل» غداة تبادل للقصف، كان الأعنف منذ بدء الحرب، إذ نفذ الطيران الإسرائيلي غارات في محيط مدينة بعلبك (شرق لبنان) التي تبعد نحو 100 كيلومتر عن الحدود الجنوبية، للمرة الأولى منذ بدء الحرب، رداً على إسقاط «حزب الله» مسيرة حربية في الجنوب. ورد «حزب الله» مساءً بإطلاق 60 صاروخ «كاتيوشا» باتجاه الجولان. وأسفر القصف الإسرائيلي الواسع، الاثنين، عن مقتل 3 عناصر بـ«حزب الله»، وعنصرين آخرين من «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية، وذلك في جنوب لبنان.

وتواصل التصعيد، الثلاثاء، إذ أعلن «حزب الله» عن استهداف قاعدة إسرائيلية للمراقبة الجوية بدفعة صاروخية كبيرة رداً على هجمات بعلبك، كما أعلن في بيان أصدره مساءً، استهداف مقر قيادة الفرقة 146 في جعتون بعشرات صواريخ «الكاتيوشا»، «رداً على الاعتداءات الإسرائيلية» على القرى والمناطق الجنوبية.

إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه شمال إسرائيل (أ.ف.ب)

وأكد الحزب في بيان أصدره، صباح الثلاثاء، أنه استهدف «قاعدة ميرون للمراقبة الجوية... بدفعة صاروخية كبيرة من راجمات عدة». وقال إن الضربات جاءت «رداً على العدوان الصهيوني على محيط مدينة بعلبك»، وهو الرد الثاني له بعد إعلان استهدافه، الاثنين، قاعدة عسكرية في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل بـ60 صاروخاً، علماً بأن القاعدة التي استهدفها «حزب الله»، الثلاثاء، هي نفس القاعدة التي ضربها في هجمات سابقة، ولا توجد أي علامة أخرى حتى الآن على رد عسكري أوسع نطاقاً للحزب.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بسماع صفارات الإنذار في مستوطنات سعسع وكفار حوشن ودوفيف وسفسوفة في الجليل الأعلى، لافتة إلى اعتراض القبة الحديدية عدداً من الصواريخ التي أطلقت نحو إسرائيل والتي استهدف بعضها قاعدة «ميرون الجوية» على جبل الجرمق.

استهداف قاعدة ميرون... وردّ إسرائيلي

وأكد الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه رصد إطلاق نحو 35 قذيفة صاروخية من جنوب لبنان باتجاه منطقة ميرون، من دون إصابات أو أضرار. وأعلن في بيان أنّ طائراته المقاتلة أغارت على موقع عسكري وبنى تحتية تابعة للحزب في مناطق عدة في جنوب لبنان. وطالت إحدى الغارات أطراف بلدة البيسارية، الواقعة على مسافة 35 كيلومتراً عن أقرب نقطة حدودية مع إسرائيل.

واستهداف البيسارية الواقعة ضمن نطاق منطقة الزهراني التي تعدّ آمنة إلى حد كبير من القصف الإسرائيلي، هو الأول من نوعه منذ حرب تموز 2006. وقال شهود عيان إن الضربة دوّت صباحاً، وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من قمة جبل واقع بين البلدة ومزرعة تبنا في المنطقة، من غير أن تسفر عن تدمير أو عن سقوط إصابات.

الدخان يتصاعد من موقع غارة استهدفت منطقة البيسارية في الزهراني بجنوب لبنان (رويترز)

كما أعلن الجيش الإسرائيلي عن استهداف بلدة جبشيت التي كانت قد استُهدفت في وقت سابق قبل أسبوعين بغارات إسرائيلية. كما استهدفت غارتان إسرائيليتان بلدة المنصوري في قضاء صور؛ ما أدى إلى تدمير محطة طاقة شمسية خاصة ببئر ارتوازية تغذّي البلدة بالمياه، كما استهدفت بلدة الحنية التي تُقصف للمرة الأولى أيضاً، بينما تحدثت وسائل إعلام محلية عن قصف بلدة عيتا الشعب الحدودية الخالية من السكان تقريباً بغارات عنيفة، أدت إلى تدمير 6 منازل دفعة واحدة. وتحدثت وسائل إعلام محلية عن قصف مدفعي على وادي السلوقي وحرش مركبا، كما استهدف القصف المدفعي أطراف بلدتي شمع وطير حرفا في القطاع الغربي.


مقالات ذات صلة

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

أعمال شغب لعشرات المستوطنين ضد عسكريين إسرائيليين في الضفة... واعتقال 5 منهم

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، إن عشرات المستوطنين قاموا بأعمال شغب في مستوطنة إيتمار بالضفة الغربية ضد عسكريين بالجيش الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)

إسرائيل تطبق الحصار على مدينة الخيام تمهيداً لاقتحامها

قطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد إلى مدينة الخيام، وأحكمت طوقاً على المقاتلين الموجودين فيها، بعد تقدمها إلى بلدة ديرميماس المشرفة على مجرى نهر الليطاني

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي عمال إنقاذ يبحثون بين الركام عن ناجين في موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة البسطة في وسط بيروت (أ.ب)

تضارب حول اغتيال رئيس «هيئة العمليات» بـ«حزب الله» في غارة وسط بيروت

تضاربت الأنباء حول هوية القيادي من «حزب الله» الذي استهدفته غارة إسرائيلية عنيفة في وسط العاصمة اللبنانية، أدت إلى مقتل 11 شخصاً وإصابة آخرين بجروح

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
TT

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية، إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني، كريم خان، بسبب مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وذكرت الصحيفة أن مايك والتز، الذي سيشغل منصب مستشار الأمن القومي لترمب، قال إن المحكمة الجنائية الدولية «ليست لديها مصداقية»، ووعد «برد قوي على التحيز المعادي للسامية للمحكمة» عندما تتولى إدارة ترمب منصبها في 20 يناير (كانون الثاني).

وأضافت الصحيفة أن كريم خان قد يكون من بين المسؤولين المستهدفين بعقوبات من قبل ترمب.

ومثل إسرائيل، لا تعترف الولايات المتحدة بسلطة المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، ودعا كبار الجمهوريين إلى فرض عقوبات على كبار المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية رداً على مذكرات الاعتقال.

ويجري التحقيق مع خان بشأن مزاعم سوء السلوك الجنسي وهو ينفي هذه الاتهامات.

وخلال فترة ولايته الأولى في منصبه، فرض ترمب عقوبات على المدعي العام السابق للمحكمة بسبب تحقيق في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوات الأميركية في أفغانستان.

وفي ذلك الوقت، وصف مايك بومبيو، وزير الخارجية آنذاك، المحكمة بأنها «مؤسسة فاسدة تماماً».

في النهاية، ألغى الرئيس الأميركي جو بايدن العقوبات المفروضة على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، التي تضمنت حظراً للسفر، عندما تولى منصبه في عام 2021، لكن هناك توقع بأن ترمب قد يعيد تنفيذ الاستراتيجية نفسها رداً على معاملة المحكمة الجنائية الدولية لإسرائيل.

دونالد ترمب (رويترز)

ويمكنه أيضاً سحب مشاركة الولايات المتحدة ومواردها من التحقيقات التي تقودها المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا.

وأي عقوبات تُفرض على خان وموظفيه قد تهدد العلاقة بين بريطانيا وترمب إذا اختار رئيس الوزراء البريطاني الجديد، كير ستارمر، الامتثال لأوامر الاعتقال.

وتقود الولايات المتحدة ردود فعل دولية عنيفة ضد المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، حتى مع تردد المملكة المتحدة بشأن ما إذا كانت ستحتجز رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقالت بريطانيا إنها تحترم المحكمة ورفضت الإفصاح عما إذا كان سيتم اعتقال نتنياهو إذا جاء إلى المملكة المتحدة.

ودعت سفيرة إسرائيل لدى المملكة المتحدة، تسيبي هوتوفلي، جميع الدول إلى رفض الأمر «الهزلي» للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو.

وفي مقال لها في صحيفة «تليغراف»، اتهمت هوتوفلي المحكمة بـ«إيجاد أرضية مشتركة مع حماس»، وقالت: «نشكر الولايات المتحدة والدول الحليفة الأخرى التي رفضت القرار الهزلي للمحكمة وندعو الدول الأخرى إلى أن تحذو حذوها في رفض هذا الظلم. لقد أظهرت المحكمة الجنائية الدولية أن كل زعيم ديمقراطي يسعى إلى الدفاع عن شعبه قد يصبح هدفاً للمحكمة».

وأشارت ألمانيا إلى أنها لن تحتجز نتنياهو بسبب ماضيها النازي وعلاقتها الخاصة بالدولة اليهودية، على الرغم من كونها عضواً في المحكمة الجنائية الدولية.

وتعهد فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر العضو في الاتحاد الأوروبي، بتحدي اعتقال نتنياهو، وبدلاً من ذلك دعاه لزيارة بلاده.

وتمثل مذكرة الاعتقال المرة الأولى في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية الممتد 22 عاماً التي يسعى فيها قضاتها إلى اعتقال زعيم دولة مدعومة من الغرب.

والدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 124 دولة، بما في ذلك بريطانيا، مسؤولة عن تنفيذ مذكرات الاعتقال التي تصدرها.

وفي إشارة إلى الانقسامات بين الدول الأوروبية، وعدت آيرلندا وإيطاليا وهولندا باعتقال نتنياهو، إذا وصل إلى أراضيها، وأكدت فرنسا موقف المحكمة لكنها لم تقل ما إذا كان نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا عبر حدودها.

وأكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة، بما في ذلك ألمانيا والمجر، ستكون ملزمة بتنفيذ مذكرات الاعتقال.