استياء لبناني من تأجيل مؤتمر باريس لدعم الجيش

وزير الدفاع لـ«الشرق الأوسط»: الراتب المتدني يجعل الجندي غير متفرّغ للدور القتالي

دورية من الجيش اللبناني (إ.ب.أ)
دورية من الجيش اللبناني (إ.ب.أ)
TT

استياء لبناني من تأجيل مؤتمر باريس لدعم الجيش

دورية من الجيش اللبناني (إ.ب.أ)
دورية من الجيش اللبناني (إ.ب.أ)

أثار تأجيل مؤتمر دعم الجيش اللبناني، الذي كان مقرراً عقده في العاصمة الفرنسية باريس في 27 فبراير (شباط) الحالي، استياء الأوساط اللبنانية التي رأت أن «إلغاء المؤتمر أو تأجيله يناقض رغبة المجتمع الدولي بتعزيز قدرات الجيش لتحمّل مسؤولياته في المرحلة المقبلة، لا سيما تطبيق القرار 1701 بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان».

غير أن مصادر مقرّبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «التأجيل مرتبط بالمحادثات التي تجريها الدول المعنية بهذا المؤتمر»، وأكدت أنه «لا تراجع عن قرار دعم الجيش»، لكنها توقعت «ربط الأمور بإنضاج الظروف الملائمة لذلك».

ورغم الأوضاع الصعبة التي تواجه الجيش منذ انهيار الوضع الاقتصادي، لا تزال المؤسسة العسكرية الأكثر تماسكاً، وتقوم بدورها رغم كلّ الصعوبات.

دعم الجيش ضروري لالتزام تنفيذ القرارات الدولية

ورأى وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال، موريس سليم، أن الجيش اللبناني «كان ولا يزال وسيبقى ملتزماً بمسؤوليته الوطنية وبمهامه الدفاعية والأمنية على كلّ الأراضي اللبنانية». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مؤتمر باريس كان يعبّر عن مدى الاهتمام الدولي بدعم المؤسسة العسكرية في لبنان». وقال: «معلوم أن سلاح الجيش وتجهيزاته تأتي من الدول الصديقة، وهذا المؤتمر كان يعوّل عليه لدعم الجيش الذي يلتزم دائماً بدوره الوطني رغم ضعف عديده وعتاده»، لافتاً إلى أن «القرار 1701 نصّ على نشر 15 ألف جندي لبناني على الحدود الجنوبية، لكنّ الجيش لم يستطع توفير العدد الكافي، لذلك نحن بحاجة لدعم الدول الصديقة المهتمة بالاستقرار في المنطقة، وبالتزام جميع الأطراف بالقرارات الدولية».

ومنذ انتهاء حرب يوليو (تموز) في عام 2006، انتشر الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية؛ لحفظ الأمن في المنطقة بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل»، وكان هذا التعاون عامل استقرار في الجنوب رغم الخروق الإسرائيلية للسيادة اللبنانية.

وشدد وزير الدفاع اللبناني على أن «تعاون الجيش مع قوات الطوارئ الدولية في الجنوب لا يزال قائماً بشكل قوي ومتين، التزاماً بالقرارات الدولية». وقال إن «الدولة اللبنانية ملتزمة بما نصّت عليه قرارات مجلس الأمن الدولي، وخصوصاً القرار 1701، إنما الخروق تأتي دائماً من جانب العدو الإسرائيلي، براً وبحراً وجواً».

ودعا سليم الدول الصديقة إلى «تقديم الدعم الكافي الذي يؤهّل الجيش بالعديد والعتاد، حتى يتمكّن من تنفيذ المهام المطلوبة منه، وكلّ ضياع لفرصة عبر المؤتمرات وتأمين الدعم المطلوب هو تضييع لفرص تقوية الجيش وتعزيز مهامه ودوره الوطني».

وأضاف وزير الدفاع: «أبلغنا كل المسؤولين الدوليين الذين التقيناهم أننا بحاجة ماسّة إلى تجهيز العسكريين المقاتلين، كما أننا بحاجة إلى إنشاء وحدات قتالية جديدة إذا استدعى الأمر رفع عديد الجيش في الجنوب»، مذكراً بأن «الراتب المتدني الذي يتقاضاه الجندي اللبناني يجعله غير متفرّغ للدور القتالي، خصوصاً أن أغلب العسكريين يعملون خلال إجازاتهم لتوفير قوت أبنائهم».

وكان «حزب الله» يرفض قبل عام 2006 انتشار الجيش على الحدود الجنوبية، بحجة أن هذا الانتشار يشكل تقييداً لعملياته ضدّ إسرائيل. وبعد صدور القرار 1701 ووجود الجيش على الحدود الجنوبية، صار البعض يرى في دور الجيش تماهياً مع القوات الدولية التي تسعى لطمأنة إسرائيل.

غير أن وزير الدفاع اللبناني رفض هذه التوصيفات، وشدد على أن «دور الجيش في الجنوب هو دورٌ وطني لحماية الحدود، بالإضافة إلى دوره في حفظ الأمن الداخلي». وتابع: «جيشنا ينتشر على الحدود الجنوبية لتأمين المصلحة الوطنية والدفاع عن الوطن وحماية سيادته واستقراره بوجه اعتداءات الأعداء». وأكد أهمية دعمه «مادياً ولوجيستياً وتسليحياً، سواء من خلال الدولة اللبنانية، أو من خلال الدول الصديقة، ليبقى على مستوى مهامه الوطنية».

تباين فرنسي أميركي حيال المؤتمر

وكان مؤتمر باريس الذي أُلغي أو تأجل، موضع اهتمام أميركي، وأُدرج على جدول لقاءات وفد لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي في بيروت، الأسبوع الماضي. واعتبرت مصادر واكبت التحضير للمؤتمر أن «التأجيل لا يعني التخلّي عن دعم المؤسسة العسكرية، إنما جاء إفساحاً في المجال للتحضير له ولتأمين أفضل الظروف لنجاحه». ورجّحت هذه المصادر عدم تحديد موعد جديد له «بانتظار نتائج المواجهة العسكرية في الجنوب اللبناني».

بدوره، رأى المنسق السابق بين الحكومة اللبنانية وقوات الطوارئ الدولية، العميد الركن منير شحادة، أن أسباباً عدّة تقف وراء تأجيل المؤتمر. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الخلاف بين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا داخل اللجنة الخماسيّة، ربما انسحب على هذا المؤتمر وأدى إلى تراجع أميركي حياله».

وشدد شحادة على أن «التصعيد الميداني في الجنوب شكّل العامل الرئيس وراء التأجيل». وأضاف: «بعض الدول المشاركة في المؤتمر لم ترَ جدوى من تسليح الجيش اللبناني في ظلّ التصعيد الميداني». واعتبر شحادة أن «مسألة تسليح الجيش ودعمه ربما تنتظر نتائج المواجهة العسكرية في الجنوب»، وسأل: «بأي سلاح سيزوّد الجيش اللبناني، فيما طائرات الـF16 والصواريخ الإسرائيلية المدمّرة تقصف لبنان بشكل يومي؟».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)

مقتل 6 أشخاص في بعلبك وغارة إسرائيلية «عنيفة» على الضاحية الجنوبية

أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية، مساء السبت، بأن غارة إسرائيلية وصفتها بأنها «عنيفة جداً»، استهدفت منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أعمدة دخان تظهر في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت عقب غارات إسرائيلية (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ «جولة ثالثة» من القصف على الضاحية الجنوبية لبيروت

قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن طائراته الحربية نفذت جولة ثالثة من القصف على أهداف لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

مسعفة تبحث عن والدها بين الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على شرق لبنان

على خطى والدها علي، انضمت سوزان كركبا إلى صفوف الدفاع المدني في لبنان، لكنها لم تكن لتصدّق أنّها ستُضطر يوماً إلى البحث عن جثته بين أنقاض مركز لجهاز الإسعاف.

«الشرق الأوسط» (دورس)

نعيم قاسم يؤكد أن غارات إسرائيل على بيروت سيقابلها رد في تل أبيب

الأمين العام لجماعة "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم يلقي كلمة من مكان غير محدد، 20 نوفمبر 2024 في هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو (رويترز)
الأمين العام لجماعة "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم يلقي كلمة من مكان غير محدد، 20 نوفمبر 2024 في هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو (رويترز)
TT

نعيم قاسم يؤكد أن غارات إسرائيل على بيروت سيقابلها رد في تل أبيب

الأمين العام لجماعة "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم يلقي كلمة من مكان غير محدد، 20 نوفمبر 2024 في هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو (رويترز)
الأمين العام لجماعة "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم يلقي كلمة من مكان غير محدد، 20 نوفمبر 2024 في هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو (رويترز)

أكد الأمين العام لجماعة «حزب الله» نعيم قاسم، اليوم (الأربعاء)، أن الحزب سيستهدف «وسط تل أبيب» رداً على الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت العاصمة بيروت، ولا سيما الغارة التي استهدفت الأحد المسؤول الإعلامي في الحزب. وقال نعيم قاسم في كلمة مسجلة إن «(العدو الإسرائيلي) اعتدى على قلب العاصمة بيروت لذا لا بد أن يتوقع أن يكون الرد على وسط تل أبيب». وأضاف «لا يمكن أن نترك العاصمة تحت ضربات العدو الإسرائيلي إلا ويجب أن يدفع الثمن. والثمن وسط تل أبيب. آمل أن يفهم العدو أن الأمور ليست متروكة».