العراق إلى ضبط الحدود قبل انسحاب التحالف الدولي

واشنطن تفند «هدف» مفاوضات اللجنة العسكرية مع بغداد

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يصل إلى معسكر غربي البلاد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يصل إلى معسكر غربي البلاد (إعلام حكومي)
TT

العراق إلى ضبط الحدود قبل انسحاب التحالف الدولي

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يصل إلى معسكر غربي البلاد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يصل إلى معسكر غربي البلاد (إعلام حكومي)

في وقت يستمر فيه الجدل بين بغداد وواشنطن من جهة، والقوى السياسية من جهة أخرى، بشأن المباحثات الجارية حول مستقبل التحالف الدولي، تستعد الحكومة العراقية لمرحلة ما بعد انسحاب تلك القوات من البلاد.

وبعد يوم واحد من جولة تفقدية جوية قام بها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى قاطع الثرثار والخط الاستراتيجي، وصل، الثلاثاء، رئيس أركان الجيش العراقي الفريق عبد الأمير يارالله إلى قاطع عمليات كركوك شمال شرقي بغداد.

وقال بيان لرئاسة أركان الجيش إن «يارالله، ونائب قائد العمليات المشتركة وصلا إلى قاطع عمليات كركوك، يرافقهما معاون رئيس أركان الجيش للعمليات وقائد القوات البرية وأمين سر عمليات رئاسة أركان الجيش ومعاون مدير الاستخبارات العسكرية».

وتهدف الزيارة، بحسب البيان، للاطلاع على الوضع الأمني وانتشار القطعات ضمن قاطع المسؤولية».

وكان السوداني بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، أجرى، الاثنين، جولة جوّية على خط وادي الثرثار الاستراتيجي، الممتد من صحراء صلاح الدين وصولاً إلى غرب نينوى.

وفي تصريحات لافتة خلال تلك الزيارة، قال السوداني إن «العراق أمام استحقاق لإنهاء وجود التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق». وأضاف: «بعد إنهاء مهام التحالف الدولي لا بد من توفر الإمكانية للتعامل مع كل مكامن الخلل إن وجدت».

وأوضح السوداني أنه «يجب قطع كل المنافذ التي يفكر بها الإرهاب لإحداث خلل أمني».

وتحقق السوداني من مقرات الأفواج والسرايا والنقاط العسكرية التي تم إنشاؤها على الخط الاستراتيجي بهدف منع أي ثغرة يمكن أن يتسلل منها «داعش»، حيث يعد هذا الخط أحد أهم الممرات لعناصر التنظيم.

السوداني يتفقد مقر فوج عسكري لحرس الحدود غرب البلاد الاثنين (إعلام حكومي)

ويمتدّ خط الصد الاستراتيجي على طول 108 كم، من محافظة صلاح الدين نحو منطقة الحضر وصولاً إلى قاطع غرب نينوى، ويرتبط بالخط الأمني الحيوي الآخر، الممتد من بلدة «الصينية» بمحافظة صلاح الدين إلى حديثة بمحافظة الأنبار، ويمثل العمق الاستراتيجي للحدود العراقية السورية وتأمين المدن في تلك المحافظات.

أمن الحدود

وتزامنت زيارة السوداني إلى الثرثار والخط الاستراتيجي، ورئيس الأركان إلى كركوك، مع الخطة التي وضعتها بغداد لتأمين الحدود، سواء كانت الغربية لمنع تسلل عناصر تنظيم «داعش»، أو الجنوبية بهدف منع المتسللين والمخربين.

وكان وزير الداخلية العراقي الفريق عبد الأمير الشمري أعلن أن ضبط الأمن على الحدود بات يمثل أولوية أولى للحكومة.

وتأتي تصريحات الشمري بعد نحو أسبوعين من افتتاحه جداراً إسمنتياً عازلاً على الحدود الغربية للبلاد مع سوريا بطول 160 كيلومتراً.

ويعاني العراق منذ سنوات من «الانفلات» على حدوده، سواء الشرقية مع إيران، أو الغربية مع سوريا، أو الشمالية مع تركيا، ما سمح بعبور مواد مخدرة وعناصر مرتبطة بالإرهاب، أو ميليشيات مسلحة، أو بجماعات تصف نفسها بأنها «جهادية».

وبيّن الشمري أن «ضبط الحدود العراقية مع الدول المجاورة في أفضل حالاته قياساً بما كان عليه طيلة فترة الدولة العراقية».

وكانت وزارة الداخلية أعلنت نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، إنجاز جدار خراساني عازل بطول 160 كيلومتراً وبارتفاع 3 أمتار، على الشريط الحدودي الغربي مع سوريا، في منطقة القائم شمال نهر الفرات. ويهدف الجدار إلى تعزيز أمن الحدود ومنع عمليات التهريب وتدفق المتسللين من التنظيمات المسلحة المختلفة عبرها.

وطبقاً للخطط الموضوعة، فإن النية تتجه للاستمرار في بناء الجدار باتجاه الشمال ليصل إلى 250 كيلومتراً، وصولاً إلى حدود محافظة نينوى مع سوريا.

جدل سياسي

وتسعى بغداد إلى وضع الخطط الكفيلة بمواجهة أي مخاوف أو مفاجآت أمنية، فيما يتواصل الجدل السياسي على كل المستويات بشأن ما إذا كانت المفاوضات الجارية حالياً تهدف إلى انسحاب الولايات المتحدة من العراق، أو تنظيم العلاقة معها.

وتصر المصادر الرسمية العراقية على أن الهدف من المفاوضات هو وضع جداول زمنية للانسحاب، بينما تقول واشنطن إن المفاوضات لا تتضمن خططاً للانسحاب.

وبينما تعلن القوى الشيعية أنها تؤيد انسحاباً أميركياً كاملاً، فإن جلسة البرلمان التداولية الأخيرة أظهرت انقساماً كبيراً داخل قوى المكون الشيعي.

وكانت قوى سنية وكردية أعلنت مواقف رافضة للانسحاب الأميركي من البلاد، بسبب وجود مخاوف من إمكانية تمدد إيران عن طريق أذرعها المسلحة على المحافظات الغربية وإقليم كردستان.


مقالات ذات صلة

السوداني طلب من التحالف الحاكم «التحرك بسرعة قبل الحرب»

المشرق العربي السوداني في اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

السوداني طلب من التحالف الحاكم «التحرك بسرعة قبل الحرب»

أكد مسؤول حكومي بارز أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أبلغ قادة «الإطار التنسيقي» بتفاصيل شاملة عن «المخاطر المتوقعة على العراق».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي طائرة من سلاح الجو العراقي خلال إحدى المهمات ضد تنظيم «داعش» (أرشيفية - واع)

العراق: المجال الجوي غير مؤمّن بالكامل

أقر العراق بأن مجاله الجوي غير مؤمّن بالكامل، في حين أكد اتخاذ إجراءات لتحسين القدرات الدفاعية بعد التعاقد مع كوريا الجنوبية قبل أشهر لامتلاك منظومة متطورة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني طلب من قادة الجيش العراقي رفع الجهوزية (إعلام حكومي)

«رسالة عسكرية» عن خريطة الأهداف الإسرائيلية في العراق

قالت مصادر موثوقة إن ضباطاً كباراً في الجيش العراقي أبلغوا قادة فصائل بأن الضربة الإسرائيلية باتت أقرب من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الجيش العراقي يُطلق النار على مسلحي «داعش» عام 2017 (رويترز)

العراق: انفجار قنبلة يصيب 4 في كركوك

كشفت مصادر بالشرطة أن أربعة أصيبوا عندما انفجرت قنبلة على جانب أحد الطرق في مدينة كركوك بشمال العراق اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي دراجة تعبر شارعاً ببغداد وقد رفعت فيه أعلام العراق ولبنان وفلسطين (أ.ف.ب)

فصائل عراقية تتوعد بـ«حرب الطاقة» في الخليج العربي

بالتزامن مع تبنّي هجمات بالطيران المُسيّر على أهداف إسرائيلية، توعدت فصائل عراقية بـ«حرب طاقة» في الخليج العربي والمنطقة.

حمزة مصطفى (بغداد)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: قيادة جماعية لـ«حزب الله» بانتظار نهاية الحرب

صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)
صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: قيادة جماعية لـ«حزب الله» بانتظار نهاية الحرب

صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)
صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)

بدأ في لبنان التداول باسم رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» إبراهيم أمين السيد، خليفة محتملاً للأمين العام للحزب حسن نصر الله الذي قتل في غارة إسرائيلية، قبل نحو أسبوعين في ضاحية بيروت الجنوبية.

إبراهيم أمين السيد رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» (موقعه في الإنترنت)

وبرز اسم السيد رغم عدم تأكيد إسرائيل، كما «حزب الله»، حتى الساعة مقتل رئيس المجلس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين، في الغارات التي شنتها طائرات حربية إسرائيلية بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة، على موقع يُعتقد أنه كان يوجد فيه تحت الأرض في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهو الذي كان يُرجح أن يخلف نصر الله.

إلا أن مصادر مطلعة على أجواء الحزب تنفي كل ما يُتداول في هذا المجال «جملة وتفصيلاً»، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحد حالياً مرشح لخلافة نصر الله. لا صفي الدين ولا السيد ولا أي شخصية أخرى، فالقيادة الراهنة جماعية».

وأصدرت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» السبت، بياناً تحدثت فيه عن «أخبار كاذبة وشائعات لا قيمة لها يتم تداولها تتعلق بالوضع التنظيمي لعدد من كبار مسؤولي (حزب الله)»، مشيرة إلى أنها «تندرج في إطار الحرب النفسية المعنوية ضد جمهور المقاومة».

القيادي البارز في «حزب الله» هاشم صفي الدين خلال مشاركته في تشييع قيادي من الحزب قُتل في إدلب بسوريا (أ.ف.ب)

ويستبعد الناشط السياسي المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين، إقدام الحزب في هذه الفترة على تعيين أمين عام جديد، «لأن المرشح أو المُعيّن، أياً كان، مرشح للموت»، مؤكداً أن «الحزب أصلاً في حالة تشتت وغير قادر على القيام بخطوة كهذه في ظرف كهذا، فضلاً عن أن الشيخ نعيم قاسم هو أمين عام بالوكالة بوصفه نائباً للأمين العام».

 

من هو السيد؟

ولد السيد في منطقة البقاع، شرق لبنان، عام 1955. تلقى تعليماً دينياً مكثفاً في الحوزات العلمية. وانضم إلى «حزب الله» منذ تأسيسه في أوائل الثمانينات، وأسهم في تطوير الحركة السياسية والعسكرية للحزب. والسيد تدرج في المناصب في «حزب الله» حتى أصبح رئيس المجلس السياسي، حيث يقوم بإدارة السياسات العامة للحزب والتواصل مع القوى السياسية اللبنانية والدولية.

ووفق الأمين، فإن السيد «كان مندوب حركة (أمل) في إيران قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ثم انتسب إلى (حزب الله). وقد قرأ الرسالة المفتوحة للحزب والبيان الأول له عند تأسيسه رسمياً، أي كان الناطق باسمه في فبراير (شباط) 1985».

السيد خلال إحدى زياراته للبطريرك الماروني بشارة الراعي (موقعه على الإنترنت)

ويشير إلى أنه «قريب للنائب جميل السيد، وكان نائباً في البرلمان ورئيس كتلة (الوفاء للمقاومة) من عام 1992 إلى عام 1996». ويرى الأمين أن «اقتراب السيد من إتمام السبعين لا يجعله خياراً موفقاً للأمانة العامة، وبخاصة في هذه الظروف»، مرجحاً أن يكون «الكلام عن تعيين السيد من خارج سياق الحزب... خصوصاً أنه في الـ15 سنة الأخيرة كان مهمشاً وأشبه بمتقاعد، فلا نراه إلا في زياراته إلى البطريركية المارونية، كما أنه لا يُعدّ من القيادات الحيوية داخل الحزب التي تم اغتيال معظمها».

موقع إلكتروني رسمي

ويُعدّ السيد أول رئيس للمجلس السياسي للحزب ومن الشخصيات القيادية القديمة، وله دور بارز في بناء شبكة العلاقات السياسية بلبنان، خصوصاً مع القوى السياسية الأخرى مثل حركه «أمل» و«التيار الوطني الحر» وغيرهما.

وبعكس صفي الدين الذي كانت إطلالاته العلنية والإعلامية محدودة، تُسجل إطلالات كثيرة للسيد سواء خلال خطب في عاشوراء، أو خلال لقاءات سياسية علنية مصورة كان يقوم بها.

كما أن اللافت أن «له موقعاً رسمياً على شبكة الإنترنت يحمل اسمه، وهو ما يفتقده معظم مسؤولي وقيادات (حزب الله)».

دمار هائل نتيجة إحدى الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

هذا الموقع ينشر خطاباته ومواقفه التي يعود آخرها لشهر يوليو (تموز) الماضي، والتي عدّ فيها أن «الانتصار على العدوّ سينتج تداعيات كبرى على مستوى الأجيال المقبلة».

رفض المنصب

وتردد عبر مواقع إلكترونية أنه بعد ترجيح فرضية اغتيال هاشم صفي الدين، رفض أمين السيد تولي منصب الأمين العام للحزب، وطلب السفر إلى طهران للتفرغ للعبادة. لكن هذه المعلومات لم يؤكدها أي مصدر موثوق.

ويقول مطلعون على جو الحزب إن «منصبه رئيساً للمجلس السياسي يجعله مسؤولاً عن توجيه السياسات الداخلية والخارجية للحزب»، ويتحدثون عن «شخصية مؤثرة في النقاشات السياسية المتعلقة بالصراعات الإقليمية».