«الصحة العالمية»: 40 % من أطفال اليمن يعانون من سوء التغذية الحاد

الأسر لا تستطيع تحمل نفقات العلاج أو الانتقال

تتولى «الصحة العالمية» في اليمن تغطية تكاليف نقل مقدمي الرعاية الطبية للأطفال (الأمم المتحدة)
تتولى «الصحة العالمية» في اليمن تغطية تكاليف نقل مقدمي الرعاية الطبية للأطفال (الأمم المتحدة)
TT

«الصحة العالمية»: 40 % من أطفال اليمن يعانون من سوء التغذية الحاد

تتولى «الصحة العالمية» في اليمن تغطية تكاليف نقل مقدمي الرعاية الطبية للأطفال (الأمم المتحدة)
تتولى «الصحة العالمية» في اليمن تغطية تكاليف نقل مقدمي الرعاية الطبية للأطفال (الأمم المتحدة)

مع تأكيد الأمم المتحدة وجود 17 مليون يمني يواجهون شبح الجوع خلال العام الحالي، نتيجة نقص التمويل وتأثير التصعيد الحوثي في جنوب البحر الأحمر، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن 40 في المائة من أطفال البلاد يعانون من سوء التغذية الحاد. وأوضحت المنظمة الأممية أن وراء هذا العدد قصصاً لأطفال يواجهون سوء التغذية، وأسراً تكافح من أجل تحمل تكاليف العلاج.

وبحسب مكتب المنظمة في اليمن، فإن الأسر في هذا البلد لا تكافح للحفاظ على سلامة أطفالها من الحرب فحسب، بل أيضاً من الموت بسبب الجوع نتيجة للفقر الذي تفاقم بسبب الأزمة المستمرة، وفي الوقت نفسه، ينهار النظام الصحي تحت وطأة الصراع.

وأكد المكتب الأممي أن الأزمتين الاقتصادية والإنسانية الناجمتين عن النزاع أدتا إلى تدمير النظام الصحي، مما أدى إلى تعطيل الخدمات الصحية الأساسية في المرافق بجميع المحافظات.

يواجه الوضع الصحي في اليمن تدهوراً كبيراً بسبب الحرب والإهمال ونقص التمويل (الأمم المتحدة)

ومع عجز النظام عن معالجة الظهور المزداد للأمراض، بينت «الصحة العالمية» أن الأسر تكافح من أجل الحصول على الرعاية الطبية الأساسية، وأنه وخلال النصف الثاني من عام 2023، استقبلت مراكز علاج الطوارئ التي تدعمها منظمة الصحة العالمية ما يصل إلى 1876 طفلاً، كثير منهم من مناطق نائية ذات إمكانية محدودة للحصول على الرعاية الصحية.

تجاوز القدرة الاستيعابية

وفق منظمة الصحة العالمية، فإنه غالباً ما تتجاوز الحالات في اليمن القدرة الاستيعابية للمراكز، مما يضطر إلى الإحالات إلى مرافق أخرى، إذ يتم إدخال بعض الأطفال وهم يعانون من الجفاف أو في مرحلة قريبة من الحرجة، بسبب عدم قدرة أسرهم على نقلهم إلى المستشفى في الوقت المحدد، كما أنه وخلال الفترة نفسها، تم علاج 1876 طفلاً دون سن الخامسة واستفاد القائمون على رعايتهم من الإرشاد.

وفي الوقت ذاته، تم فحص نحو 8703 أطفال دون سن 5 سنوات، بحثاً عن أشكال مختلفة من سوء التغذية. وتم التعرف على سوء التغذية الحاد لدى 40 في المائة من هؤلاء الأطفال، الذين تمت إحالتهم بعد ذلك إلى برامج التغذية العلاجية لتلقي العلاج.

وتوفر هذه المراكز التي تدعمها منظمة الصحة العالمية من خلال الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، التدخلات التغذوية المنقذة للحياة والإمدادات الطبية الأساسية والأكسجين والمياه الصالحة للشرب للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والجفاف وأمراض أخرى.

5 ملايين طفل في اليمن يعانون من سوء التغذية (الأمم المتحدة)

ويؤكد القائمون على هذه المراكز أن معظم الأطفال المقبولين، 99 في المائة منهم لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج، وبفضل التعاون مثل منظمة الصحة العالمية والصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، وتقديم العلاج المجاني، قلل ذلك بشكل كبير من معدل الوفيات.

وبحسب مكتب الصحة العالمية، فإن تكلفة العلاج ليست العقبة الوحيدة، فالوصول إلى مراكز الرعاية الطبية يمكن أن يكون مكلفاً أيضاً للأسر، التي يجب عليها تحويل الموارد الشحيحة بالفعل من الاحتياجات الأساسية للقيام بذلك.

ولهذا تخفف مساعدات النقل التي تقدمها منظمة الصحة العالمية هذا العبء، حيث تتولى شراء وتوزيع مجموعات أدوات القبول وتغطية تكاليف النقل لمقدمي الرعاية، مما يخفف من أعبائهم المالية، ولضمان صحة الأطفال على المدى الطويل.

وعبر جلسات الاستشارة، تزود المنظمة الأسر بالمعرفة الأساسية حول التغذية السليمة وممارسات التغذية، وكيفية المتابعة مع برنامج التغذية العلاجية للمرضى الخارجيين للحصول على الدواء إذا لزم الأمر، كما تدعم أنشطة تنمية الطفولة المبكرة في الأماكن الملائمة للأطفال لتعزيز تقدم تعافي الأطفال الصغار.


مقالات ذات صلة

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

المشرق العربي التطرفات المناخية باليمن أسهمت إلى جانب الانقلاب والحرب في مضاعفة معاناة اليمنيين (أ.ف.ب)

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

تعتزم الحكومة اليمنية بدء حملة للحصول على تمويلات تساعدها في مواجهة تطرفات المناخ بينما ينفذ برنامج أممي مشروعاً لحماية البيئة والثروة السمكية.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي طفلة تعاني من سوء التغذية وتنتظر العلاج في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء (رويترز)

الكوليرا والحصبة تفتكان بمئات آلاف اليمنيين

تتزايد أعداد المصابين بالكوليرا والحصبة وأمراض أخرى في اليمن، بموازاة تفاقم سوء التغذية الذي تعتزم الحكومة مواجهته بالتعاون مع الأمم المتحدة بمناطق غرب البلاد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً
TT

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

دخلت فصائل مسلحة؛ بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا أمس، أجزاءً غرب مدينة حلب في شمال سوريا، وتقدمت على نحو كبير وسريع بعد قصفها في سياق هجوم بدأته قبل يومين على القوات الحكومية هو من أعنف جولات القتال منذ سنوات.

وبددت المعارك التي باغتت القوات الحكومية السورية؛ وروسيا وإيران الداعمتين لها، هدوءاً سيطر منذ عام 2020 على الشمال الغربي السوري، بموجب تهدئة روسية - تركية.

وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لحلب. وقال شاهدا عيان من المدينة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا رجالاً مسلحين في منطقتهما، وسط حالة هلع في المدينة.

ومن شأن تقدم تلك الجماعات المسلحة أن يصطدم بمناطق نفوذ شكلتها، على مدار سنوات، مجموعات تدعمها إيران و«حزب الله».

ومع دخول ليل السبت، وتبين تقدم الجماعات المسلحة، أفاد «المرصد السوري» بتوجه «رتل عسكري مؤلف من 40 سيارة تابع لـ(ميليشيا لواء الباقر)، الموالية لإيران، من مدينة دير الزور نحو حلب».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 255 شخصاً، وفقاً للمرصد، معظمهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 24 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام بالمعركة.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل بسطت سيطرتها على أكثر من 50 بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد، في أكبر تقدّم تحرزه المجموعات المسلحة المعارضة للنظام منذ سنوات.

وفي المقابل، وصلت تعزيزات من الجيش السوري إلى مدينة حلب، ثانية كبرى المدن في سوريا، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري الوكالة الفرنسية.

وقبل إعلان «المرصد السوري» دخول «هيئة تحرير الشام» إلى حلب، أفاد المصدر نفسه عن «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب».

وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل، ولن تتعرض لأي تهديد».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 23 غارة على إدلب وقرى محيطة بها.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن روسيا، التي تدعم قواتها في سوريا الرئيس بشار الأسد، تعدّ الهجوم انتهاكاً لسيادة سوريا، وتريد من السلطات التحرك سريعاً لاستعادة النظام.

ودعت تركيا إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا، بعد سلسلة الغارات الروسية - السورية.

وتسيطر «تحرير الشام» مع فصائل أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عبر منصة «إكس»: «لقد طالبنا بوقف الهجمات. وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية»، مشيراً إلى «التطورات في إدلب ومحيطها الحدودي».

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورميات مدفعية، وأحياناً أصوات طائرات. آخر مرة سمعنا مثل هذه المعارك كانت قبل نحو 5 سنوات».

وأَضاف الموظّف في شركة اتصالات: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا، سئمنا هذه الحالة واعتقدنا أنها انتهت، لكن يبدو أنها تتكرر من جديد».

وكان عراقجي عدّ التطورات الميدانية في سوريا «مخططاً أميركياً - صهيونياً لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة عقب إخفاقات وهزائم الكيان الصهيوني أمام المقاومة»، وفق تصريحات أوردتها الوزارة الخميس.

وقال المحلّل نيك هيراس من معهد «نيو لاينز» للسياسات والاستراتيجية للوكالة الفرنسية، إن تركيا ترى أن «حكومة (الرئيس السوري) بشار الأسد تواجه وضعاً صعباً بسبب عدم اليقين بشأن مستقبل الوجود الإيراني في سوريا، وترسل رسالة إلى دمشق وموسكو للتراجع عن جهودهما العسكرية في شمال غربي سوريا».

ويرى مدير «المرصد السوري» لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن الجيش السوري لم يكن مستعداً أبداً لهذا الهجوم. وأعرب عن استغرابه الضربات الكبيرة التي يتلقاها الجيش السوري على الرغم من الغطاء الجوي الروسي.

وتساءل: «هل كانوا يعتمدون على (حزب الله) المنهمك حالياً في لبنان؟».

بدوره، قال مسؤول بالأمم المتحدة، الجمعة، إن 27 مدنياً، بينهم 8 أطفال، لقوا حتفهم في قتال بشمال غربي سوريا على مدى الأيام الثلاثة الماضية، في إحدى أسوأ موجات العنف منذ أعوام بين القوات الحكومية وقوات المعارضة السورية.