بغداد تتوصل إلى «3 أهداف» للرد الأميركي

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: رئيس الحكومة يحاول احتواء تداعيات الضربة

ناقلة جنود أميركية خلال جولة استطلاع على الحدود الأردنية - السورية (أرشيف - سينت كوم)
ناقلة جنود أميركية خلال جولة استطلاع على الحدود الأردنية - السورية (أرشيف - سينت كوم)
TT

بغداد تتوصل إلى «3 أهداف» للرد الأميركي

ناقلة جنود أميركية خلال جولة استطلاع على الحدود الأردنية - السورية (أرشيف - سينت كوم)
ناقلة جنود أميركية خلال جولة استطلاع على الحدود الأردنية - السورية (أرشيف - سينت كوم)

كشفت مصادر موثوقة أن مسؤولين عراقيين أجروا اتصالات مكثفة مع الجانب الأميركي لمحاولة «قياس تأثير الرد الأميركي»، ومن دون نتائج حاسمة توصلوا إلى ثلاثة أهداف مرجحة الضربة الأميركية المرتقبة.

ورجح هؤلاء أن تركز الضربات أكثر على «منشآت تصم معدات ولوجيستيات أساسية» تابعة للفصائل، بالنسبة إلى جملة أهداف أخرى.

ورغم هذه الترجيحات التي زعم المسؤولون أنهم حصلوا عليها من الأميركيين، يعتقد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أنه «لم يتوصل بعد إلى صورة كاملة بشأن نتائج الرد الأميركي»، وفقاً للمصادر.

وأقرت واشنطن خطة لتوجيه ضربات على مدى أيام في العراق وسوريا ضد أهداف تتضمن «أفراداً إيرانيين ومنشآت إيرانية»، وفقاً لما نقلته، الخميس، شبكة «سي بي إس».

وتصر واشنطن على «الانتقام» لثلاثة جنود أميركيين قُتلوا في هجوم على قاعدة «البرج 22» في الأردن، تبنّته المجموعة التي تطلق على نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق».

وقال أحد المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن المسؤولين العراقيين الذين كُلفوا بتقديم «فهم دقيق» لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بشأن الضربة، لم يتوصلوا إلى نتائج حاسمة بعد أيام من الاتصالات الماراثونية مع مسؤولين أميركيين.

وقال مصدر آخر: «المسؤولون العراقيون لم يحصلوا على ردود واضحة من الأميركيين، حتى مع إبلاغهم أن بغداد بحاجة إلى تقديرات تساعدها على احتواء التداعيات على الأرض».

وأفادت معلومات واردة من العراق أن فصائل مسلحة رفضت دعوات من السوداني لفرض هدنة عاجلة مع الأميركيين، لكن الحكومة قالت إنها «نجحت في فرض تسوية على كتائب حزب الله»، التي علقت الهجمات الخميس الماضي.

وكان فادي الشمري، وهو أحد مستشاري رئيس الحكومة، وصف الحوار مع الميليشيات العراقية الموالية لإيران بـ«المنهك»، لكنه أسفر في النهاية عن اختراق مهم كما حدث مع «الكتائبـ«، وفقاً لما نقله تلفزيون محلي.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)

وقالت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك ثلاثة أهداف محتملة للضربة الأميركية كما يقدرها المسؤولون العراقيون، وهي منشآت تضم معدات ولوجستيات أساسية» تابعة للفصائل، ومعسكرات لم تستهدف سابقاً وتضم عدداً كبيراً من المسلحين وقادة ميدانيين، إلى جانب «تصفية الهيكل القيادي للفصائل المسلحة الموالية لإيران».

واستبعد المسؤولون العراقيون خيار «تصفية الزعامات» لأسباب أهمها مغادرتهم العراق منذ إعلان واشنطن عزمها الرد على ضربة الأردن، على ما ذكرته المصادر.

ونقل المسؤولون تصورات أولية عن أن «واشنطن تريد تقويض القوة الذاتية للفصائل العراقية، مهما اختارت من الاحتمالات الثلاثة»، مشيرين إلى أن «الأميركيين حددوا غاية أساسية من الضربة، وهي شل ماكينة الهجمات التي تعتمد عليها تلك المجموعات، سواء التخطيط أو القوة البشرية المنفذة، أو الذخيرة المستخدَمة ومصانعها».


مقالات ذات صلة

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

خاص جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
TT

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

حين قرر «حزب الله»، ومن خلفه إيران، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحويل جبهة جنوب لبنان إلى جبهة دعم وإسناد لغزة، التزاماً باستراتيجية «وحدة الساحات» التي تقول إن كل القوى المحسوبة على طهران تتحرك تلقائياً لتدعم أي هجوم على أي منها، لم يستشر أحداً، لا الحلفاء ولا الأخصام، ولم يعد لأي من المؤسسات الدستورية لتغطية قراره هذا، لعلمه بوقتها أن أحداً لن يغطيه.

اليوم وبعد ما يتردد عن قراره فصل مساري غزة ولبنان، بالموافقة على وقف النار، باتت القوى التي تجنبت طوال الفترة الماضية انتقاد هذه السياسة علناً، لا تتردد باعتبار التزام الحزب السابق بهذه الاستراتيجية «خطأ استراتيجياً».

تحسين شروط

ولفت مؤخراً ما قاله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان قد ساند «حماس» و«حزب الله» بعد «طوفان الأقصى»، عن وجوب «فصل المسارات ووقف استخدام الجنوب ساحة صراع لدعم غزة أو الضفة»، منتقداً استخدام إيران للبنان في «ربط المسارات من أجل تحسين شروط المناقشات حول موضوع النووي الإيراني».

أما حركة «أمل»، الحليف الأقرب لـ«حزب الله»، التي انخرطت ولو بشكل رمزي بحرب الإسناد، فتشير المعلومات إلى أنها لم تكن تؤيد استراتيجية «وحدة الساحات» لكنها وبعد بدء المواجهات جنوباً انخرطت بالحرب «دفاعاً عن لبنان».

ويتجنب نواب وقياديو الحركة الحديث بهذا الخصوص، إذ يصر «الثنائي الشيعي» على تظهير موقف واحد مرتبط بالحرب الراهنة.

لا مصلحة لبنانية فيها

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حليف «حزب الله» منذ عام 2006، أول من خرج ليصف التزام «حزب الله» باستراتيجية «وحدة الساحات» بـ«الخطأ الاستراتيجي»، معتبراً أنها «تصب لصالح دول أخرى وليس لصالح لبنان».

ويشير عضو تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور إلى أنه «تم العمل باستراتيجية وحدة الساحات حصراً عند تضامن (حزب الله) مع غزة، وفتحه لجبهة الإسناد التي رأينا منذ البداية ألا مصلحة لبنانية فيها، وإذ تبين لاحقاً أن موقفنا كان صائباً بتراجع الجميع عن هذا الإسناد عملياً، بما فيهم (حزب الله) الذي دفع وحيداً مع لبنان ثمن وحدة الساحات من غير أن نرى إيران، أم غيرها من الدول والقوى، تنضم تضامناً معه إلى هذه المعركة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كل ما حصل بات يُحتم «إعادة النظر الجذرية باستراتيجية السلاح فور انتهاء المعارك»، مضيفاً: «آن الأوان لحوار داخلي يجعل السلاح في خدمة لبنان فقط دون سواه من الدول ضمن استراتيجية دفاعية تكون الدولة ومؤسساتها صاحبة القرار، ويكون الجيش اللبناني العمود الفقري والأساس في الدفاع عن لبنان».

مقاتل من «حزب الله» يطلق صاروخاً موجهاً (أرشيفية)

بالتسوية أو بالقوة

ويُعدُّ حزب «القوات اللبنانية» أبرز المعارضين لـ«وحدة الساحات»، وبالأصل لوجود «حزب الله» حزباً مسلحاً. وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» غادة أيوب أن «إيران اعتمدت استراتيجية (وحدة الساحات)، لأنها أرادت بذلك أن تكون لاعباً قوياً يتدخل في 5 بلدان عربية عبر أذرعه بدءاً من (حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن، و(حماس) في غزة، و(الحشد الشعبي) في العراق، والنظام السوري بوجود (فيلق القدس) والحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أنه «غداة إعلان (طوفان الأقصى) في 8 أكتوبر (تشرين الأول) لم تتحرك سوى ساحتين لمساندة (حماس) في غزة انطلاقاً من لبنان واليمن، وبذلك تعطلت استراتيجية وحدة الساحات التي ابتدعتها إيران، وسقطت بمجرد أن رفض النظام السوري الدخول في هذه الحرب لاعتبارات تتعلق بالوجود الروسي على أراضيه واعتبارات أخرى، وكذلك العراق، مع العلم أن إيران، وبالرغم من هذه الاستراتيجية، فهي لم تسلم من الضربات المباشرة على أراضيها والتهديدات المباشرة إذا ما أكملت في سياستها».

وتعدُّ غادة أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاستراتيجية تنتهي إما عن طريق التسوية مع إيران أو بالقوة»، لافتة إلى أن محور الممانعة أصبح «محوراً صوتياً أو سياسياً لا عسكرياً» كممانع للعلاقة مع إسرائيل لحين تبلور صورة الشرق الأوسط.

مدماك حزام النار

أما مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، فيوضح أن «استراتيجية وحدة الساحات التي تم تفعيلها عند بدء الحرب على غزة، وشارك فيها اليمن وطبعاً (حزب الله) الذي أعلن جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد، قررت إيران وقفها، وليس بشكل علني، لأنها واجهت ضربة عسكرية إسرائيلية كبيرة، وأصبح الاستمرار بهذه الاستراتيجية مكلفاً جداً، بخاصة على (حزب الله) الذي هو المدماك، أي الحجر الأساس في ما يُسمى حزام النار الذي أنشأته إيران لتطويق إسرائيل، الذي يُسمى سياسياً بـ(وحدة الساحات)».

ويلفت نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بدأ أخيراً تقليم أظافر (حزب الله) وصولاً لشبه إنهائه من خلال اقتلاع قدراته العسكرية، وهذا أمر مستمر»، موضحاً أن «إيران وأذرعها لم يقرروا فقط وقف العمل باستراتيجية وحدة الساحات، إنما باتوا يريدون وقف النار وإنهاء العمليات العسكرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».