لبنان: الضرائب تشعل احتجاجات الموظفين وتعيد الطوابير إلى محطات الوقود

موظفو القطاع العام بدأوا إضراباً… وشركات المحروقات رمت الكرة بملعب البرلمان

سيارات تصطف أمام إحدى محطات الوقود في بيروت الأربعاء (المركزية)
سيارات تصطف أمام إحدى محطات الوقود في بيروت الأربعاء (المركزية)
TT
20

لبنان: الضرائب تشعل احتجاجات الموظفين وتعيد الطوابير إلى محطات الوقود

سيارات تصطف أمام إحدى محطات الوقود في بيروت الأربعاء (المركزية)
سيارات تصطف أمام إحدى محطات الوقود في بيروت الأربعاء (المركزية)

أشعلت موازنة المالية العامة التي أقرها البرلمان اللبناني في الأسبوع الماضي، موجة احتجاجات في صفوف الموظفين الذين بدأوا إضراباً مفتوحاً عن العمل، فيما تجددت الطوابير أمام محطات الوقود في لبنان مع إعلان الشركات المستوردة للنفط رفضها للضريبة الاستثنائية، وهو ما رفع المخاوف من إقفال للمحطات وفقدان المادة في السوق.

وبدأ موظفو الإدارة العامة الذين يناهز عددهم الـ12 ألف موظف، إضراباً تحذيرياً يستمر حتى التاسع من فبراير (شباط) المقبل، وهو قابل لأن يكون مفتوحاً في حال عدم معالجة الأمور، اعتراضاً على الموازنة التي تضمنت رسوماً عالية وضرائب، فيما لم تتضمن زيادة ملائمة في الرواتب والمساعدات. وينضم المساعدون القضائيون الذين يتراوح عددهم بين 800 وألف موظف، الخميس إلى الإضراب، ما يهدد سيرورة العمل في المحاكم اللبنانية، حسبما قالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط».

محتجون أمام فرع مصرفي في بيروت منتصف يناير (إ.ب.أ)
محتجون أمام فرع مصرفي في بيروت منتصف يناير (إ.ب.أ)

ولم تقدم الموازنة العامة لعام 2024 «ما يكفي الموظفين لسد احتياجاتهم بالحد الأدنى»، حيث أقرت زيادة 3 أضعاف على أساس الراتب، تُضاف إلى زيادة سابقة بلغت 7 رواتب في العام الماضي، ما يجعل رواتب 80% من الموظفين الذين تتراوح أساسات رواتبهم بين مليون ومليوني ليرة (11 و22 دولاراً شهرياً) تقارب الـ200 دولار شهرياً إذا ما احتُسبت زيادة العشرة أضعاف، وهو رقم لا يكفي لسد الاحتياجات الأساسية، كما تقول رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أن الرابطة تحاول التواصل مع الحكومة اللبنانية والاجتماع مع رئيسها نجيب ميقاتي بغرض إيجاد حل.

وقالت نصر إن ما يُحكى عنه من تقديمات «لا يكفي اشتراكات ماء وكهرباء، فما بال الحكومة ببدل النقل والبنزين وارتفاع أسعار السلع الأساسية التي تكلف أكثر بكثير من الرواتب التي نتقاضاها»، في إشارة إلى الرسوم والضرائب التي استُحدثت في الموازنة، مشددة على أن هذه الطروحات «غير مقبولة». ولفتت إلى أن مضاعفات الرواتب «غير عادلة كونها تزيد الهوة بين إمكانات الموظفين» في إشارة إلى موظفين في المؤسسات العامة يتقاضون رواتب مختلفة، تزيد قيمتها على رواتب المدير العام في الإدارة العامة. وتوضح أن الحكومة «تعطي موظفي كل قطاع وكل إدارة سلماً مختلفاً، حيث هناك سلم خاص للقضاة، وآخر للجامعة اللبنانية، وآخر لوزارة التربية، وآخر للسلك العسكري، وآخر للمؤسسات العامة، ما يعني أننا فقدنا السلم الوظيفي والضوابط، حيث لا يتقاضى جميع الموظفين من نفس الفئات، نفس الرواتب».

وتدهورت قيمة الرواتب في لبنان مع ارتفاع سعر الصرف من 1500 ليرة في عام 2019 للدولار الواحد، إلى نحو 90 ألفاً للدولار الواحد، فيما لم تزد الحكومة أساس الراتب، وأعطت حوافز على شكل مساعدات على الرواتب ليتمكن الموظفون من الاستمرار. وزادت الحكومة بعض المخصصات لبعض القطاعات مثل الجمارك وبعض موظفي وزارة المال ومؤسسات عامة تدخل العائدات إلى صندوق الحكومة مثل الاتصالات، كي تؤمن استمرارية المرفق العام وتحصيل الموارد.

وإذ وصفت نصر ما يحصل بأنه «فوضى على صعيد الرواتب» و«هدم للقطاع العام الذي يعاني من شغور هائل تصل نسبته إلى 80%»، تطالب الرابطة بتصحيح الرواتب، ولو بالتجزئة وعلى مراحل، ليعود إلى ما كان عليه قبل الأزمة، كون رواتب الموظفين «خسرت 92% من قيمتها عما كانت عليه في عام 2018»، وذلك لتأمين الحد الأدنى من الكفاية، وإعادة جزء من أساسيات الراتب تصحيحاً لتعويضات نهاية الخدمة التي «لا قيمة لها الآن».

البرلمان اللبناني يناقش الموازنة العامة الأسبوع الماضي (رويترز)
البرلمان اللبناني يناقش الموازنة العامة الأسبوع الماضي (رويترز)

طوابير أمام محطات الوقود

ولم تقتصر الاعتراضات على الموازنة على الموظفين، بل شكلت قطاعات طالتها بالضرائب وزيادة في الرسوم، وكان أبرزها المشتقات النفطية، حيث شهد لبنان ليل الثلاثاء وصباح الأربعاء طوابير أمام محطات الوقود وشركات الغاز، خوفاً من انقطاعها، وهو مشهد بدأ يتلاشى منذ رفع الدعم عن المحروقات في خريف 2021.

وأقر البرلمان ضريبة استثنائية على الشركات المستفيدة من منصة «صيرفة» خلال الأزمة بقيمة 10% من حجم الأعمال على الشركات التي استفادت من الدعم، حيث كانت شركات النفط، وشركات أخرى وأفراد لبنانيون أيضاً، يبادلون الليرة اللبنانية بدولار أميركي ضمن سقف محدد بسعر للدولار أقل من سعر السوق. وعندما كانت الحكومة تدعم المشتقات النفطية، كانت توفر الدولار لاستيراد المحروقات عبر مصرف لبنان بسعر الصرف الرسمي آنذاك (1500 ليرة) وتوفره للمواطنين، مع أن سعر الصرف بالسوق السوداء كان يصل إلى 40 ألفاً. ويقول مشرعون في مجلس النواب إن حجم استيراد المحروقات على سعر المنصة في ذلك الوقت، تخطى حاجة لبنان له، فيما يقول أصحاب الشركات إن بعض المحروقات كانت تُهرب إلى سوريا.

وإثر اعتراض الشركات المستوردة للنفط، وتهديدها بالتوقف عن تسليم المحروقات إلى حين إيجاد حل يتناسب معها، اصطفت الطوابير أمام المحطات. وعقد رئيس «تجمّع الشركات المستوردة للنفط» مارون شماس مؤتمراً صحافياً بعد ظهر الأربعاء أوضح فيه أن «قرار الإقفال ليس سهلاً وهذا هو الحلّ الأخير بالنسبة إلينا رغم أنّه ليس مستَحباً». وقال إن «القانون الصادر حول الضريبة الاستثنائية على الشركات المستفيدة من الدعم، لا يُمكن تطبيقه ولا نريد أن نضرب هذا القطاع ولا يمكن معاقبة الشركات الملتزمة بالقوانين، كما أننا لا نغطّي أحداً». وردّاً على سؤال عمّا إذا كان تسليم المحروقات سيتوقّف، قال: الجواب في مجلس النواب. ودعا إلى «مُحاسبة المهرّبين بدل الملتزمين بالقانون... وآخر ما نريده هو التوقف عن العمل».

متظاهر لبناني أمام فرع مصرفي في بيروت في منتصف يناير (د.ب.أ)
متظاهر لبناني أمام فرع مصرفي في بيروت في منتصف يناير (د.ب.أ)

موزعو الغاز ومستوردو الأدوية

وأملت نقابة موزعي الغاز في بيان، «في الوصول إلى حل بخصوص الضريبة الاستثنائية»، قائلة إنه «في تلك الفترة كان الدعم يستفيد منه المواطن مباشرة عبر جدول تركيب الأسعار الذي تصدره وزارة الطاقة والمياه والذي يحدد السعر للمستهلك».

وينسحب الاحتجاج على نقابة مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات في لبنان التي تطولها «الغرامة الاستثنائية»، كون الأدوية كانت مدعومة. وطالبت النقابة «بالتدخّل السريع، بغية وضع حدّ لكلّ المشاريع العشوائية وغير المبنيّة على أي أساس اقتصادي وقانوني»، محذرة من أن «اعتماد هذه الغرامة سيؤدي إلى ضرب القطاع الدوائي الشرعي بالكامل، وسوف يعرّض أمن المواطن الصحي ويهدّد وجود الدواء في لبنان».


مقالات ذات صلة

اتفاق لبناني - إماراتي على «آليات وإجراءات» لرفع حظر السفر إلى لبنان

المشرق العربي رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد يستقبل الرئيس اللبناني جوزيف عون في أبوظبي (رويترز)

اتفاق لبناني - إماراتي على «آليات وإجراءات» لرفع حظر السفر إلى لبنان

اختتم عون (الخميس) زيارته إلى الإمارات التي أجرى خلالها مباحثات مع رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وكبار المسؤولين الإماراتيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نيران مشتعلة إثر غارة إسرائيلية استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية الأسبوع الماضي (أ.ب)

رغبة سكان جنوب لبنان في العودة تصطدم بندرة الخدمات والاستهدافات الإسرائيلية

تصطدم رغبة سكان المنطقة الحدودية جنوب لبنان في العودة إلى منازلهم مع غياب الخدمات الأساسية، بينها شبكات المياه والخدمات الصحية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)

البرلمان اللبناني يبدأ دراسة مشروع «إعادة هيكلة المصارف»

باشرت لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني، برئاسة النائب إبراهيم كنعان، دراسة «مشروع قانون إعادة تنظيم القطاع المصرفي» الذي أقرته الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز والجنرال مايكل جيه ليني والسفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون (رئاسة الجمهورية)

المسؤولون اللبنانيون: اعتداءات إسرائيل تعوق انتشار الجيش ومسيرة تعافي الدولة

جدد المسؤولون اللبنانيون مطالبتهم بانسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها التي تعوق انتشار الجيش اللبناني وتنعكس سلباً على مسيرة تعافي الدولة

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)

مصرف لبنان المركزي: سنقترح مسوّدة أولى لخطة إعادة هيكلة المصارف

أعلن مصرف لبنان أنه سيقوم باقتراح المسوّدة الأولى لخطة إعادة هيكلة المصارف، والتي ستكون لاحقاً موضوع نقاشات ومراجعات من صندوق النقد الدولي ورئاسة الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

قطر تدين الغارة الإسرائيلية على محيط القصر الرئاسي في دمشق

غارة إسرائيلية على دمشق (أرشيفية)
غارة إسرائيلية على دمشق (أرشيفية)
TT
20

قطر تدين الغارة الإسرائيلية على محيط القصر الرئاسي في دمشق

غارة إسرائيلية على دمشق (أرشيفية)
غارة إسرائيلية على دمشق (أرشيفية)

أدانت وزارة الخارجية القطرية، اليوم الجمعة، الغارة الإسرائيلية على محيط القصر الرئاسي في العاصمة السورية، دمشق، ووصفتها بأنها «عدوان سافر على سيادة سوريا وانتهاك خطير للقانون الدولي».

وحذرت الوزارة من أن اعتداءات إسرائيل المتكررة على سوريا ولبنان واستمرار حربها «الوحشية» على غزة من شأنها تفجير دائرة العنف والفوضى في المنطقة.

وجددت الخارجية القطرية دعمها لسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها.

دخان يتصاعد فوق المباني بعد غارة إسرائيلية على مشارف دمشق (أرشيفية - أ.ف.ب)
دخان يتصاعد فوق المباني بعد غارة إسرائيلية على مشارف دمشق (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقصفت إسرائيل هدفاً قريباً من القصر الرئاسي في دمشق في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة، في أوضح إشارة حتى الآن على عدائها للسلطات السورية وعلى استعدادها لتصعيد العمل العسكري بذريعة حماية الأقلية الدرزية في سوريا.

عناصر من قوات الأمن السورية في منطقة بالقرب من العاصمة السورية دمشق، 30 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الأمن السورية في منطقة بالقرب من العاصمة السورية دمشق، 30 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

وصعدت إسرائيل عملياتها العسكرية في سوريا منذ أن أطاحت المعارضة بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول)، وقصفت مناطق في جميع أنحاء البلاد، وأدخلت قوات برية إلى الجنوب الغربي ودعت إلى بقاء سوريا دولة لا مركزية ومعزولة.