«كفاحي»... كتاب هتلر يعود للواجهة بعد 94 عاماً من صدوره

مزاعم إسرائيلية بوجود نسخ منه في أيدي عناصر من «حماس»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمسك بنسخة عربية من كتاب «كفاحي» خلال مؤتمر صحافي السبت (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمسك بنسخة عربية من كتاب «كفاحي» خلال مؤتمر صحافي السبت (رويترز)
TT

«كفاحي»... كتاب هتلر يعود للواجهة بعد 94 عاماً من صدوره

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمسك بنسخة عربية من كتاب «كفاحي» خلال مؤتمر صحافي السبت (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمسك بنسخة عربية من كتاب «كفاحي» خلال مؤتمر صحافي السبت (رويترز)

على الرغم من مرور نحو 80 عاماً على رحيل الزعيم النازي أدولف هتلر، فإنه يعود إلى الواجهة هذه الأيام؛ إذ ظهر مؤلفه في يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الذكرى السنوية لـ«يوم المحرقة النازية لليهود (هولوكوست)».

وأمسك نتنياهو بالنسخة العربية من كتاب أدولف هتلر «كفاحي»، خلال مؤتمر صحافي مسائي السبت، زاعماً أن الجنود الإسرائيليين عثروا عليها إلى جانب دعاية نازية ودعاية أخرى بمنزل تديره حركة «حماس» في غزة، وفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية.

وقال نتنياهو في كلمة بالفيديو نشرها عبر موقع «إكس» إنه «عندما تنتهي إسرائيل من غزة، فإن مثل هذا التعليم المعادي للسامية لن يستمر». وأضاف: «إذا لم نقض على إرهابيي (حماس)؛ هؤلاء النازيين الجدد، فإن المذبحة المقبلة لن تكون سوى مسألة وقت».

وعدّ حسام بدران، القيادي في حركة «حماس»، أن تصريحات نتنياهو «مثيرة للسخرية»، متهماً رئيس الوزراء الإسرائيلي بالكذب والتضليل. وقال في تصريحات إعلامية: «محاولة الإيحاء بأننا نحتاج مثل هذه الكتب تعدّ تضليلاً. الاحتلال وحده والجرائم التي يرتكبها هي المشجع الوحيد لوجود المقاومة الفلسطينية».

* نتنياهو ليس الأول

ولم تكن تلك أول مرة يظهر فيها كتاب «كفاحي» في عوالم السياسة الإسرائيلية؛ إذ استعان به الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ أيضاً في مقطع فيديو يوم 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قائلاً إنه عُثر على نسخة من الكتاب على جثة ناشط في «حماس» في قاعدة كانوا يستخدمونها في شمال غزة.

وزعم الرئيس الإسرائيلي أن ذلك يظهر أن «البعض في حركة (حماس) يتبنون آيديولوجية هتلر المعادية للسامية».

يأتي ذلك وسط الحرب التي تشنها القوات الإسرائيلية على غزة إثر الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» على بلدات في غلاف غزة يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

* ما كتاب «كفاحي»؟

و«كفاحي» كتاب لأدولف هتلر، جمع بين عناصر السيرة الذاتية والشرح التفصيلي لنظريات هتلر النازية، والذي يصور اليهود على أنهم «شر مطلق على الأرض يجب التخلص منهم». ونُشر المجلد الأول من الكتاب عام 1925، والمجلد الثاني عام 1926.

وحقق هتلر ثروة من طبعات «كفاحي»، وقد اشترت الدولة الألمانية ملايين النسخ التي اشتهرت بتوزيعها على الأزواج المتزوجين حديثاً. وتشير التقديرات إلى أنه جرى بيع 12 مليون نسخة في ألمانيا وحدها؛ وفقاً لتقرير سابق من «هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)».

وحرر «كفاحي» برنارد شتمبفل الذي قتل في «ليلة السكاكين الطويلة» حين نفذ النظام النازي عملية التطهير في ألمانيا بين 30 يونيو (حزيران) و2 يوليو (تموز) 1934.

* «كفاحي» بين ترمب وبايدن

ونهاية العام الماضي، واجه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، انتقادات حادّة بسبب هجماته اللفظية على المهاجرين، التي شبّهها البعض بالفلسفة النازية. ورداً على تلك الانتقادات حينها؛ قال ترمب إنه لم يقرأ «يوماً كتاب أدولف هتلر (كفاحي)».

وفي نوفمبر 2023، اتهم الرئيس جو بايدن، الذي هزم ترمب في انتخابات 2020 ويُحتمل أن يواجهه مرة أخرى في انتخابات 2024، ترمب بترديد مواقف الزعيم النازي أدولف هتلر بتوصيفه خصومه بأنهم «حشرات». ونفى ترمب ذلك وقال: «لم أقرأ كتاب (كفاحي) قط»، مضيفاً أن هتلر استخدم هذه اللغة «بطريقة مختلفة تماماً».

* نسخة جديدة

وفي عام 2016، انتهت فترة الملكية الفكرية لكتاب «كفاحي» الذي حظرته السلطات الألمانية، بعد 70 عاماً من وفاة هتلر في نهاية الحرب العالمية الثانية.

ونشرت الطبعة الأصلية لكتاب هتلر مذيلة بتعليقات علمية وتعليقات مبوبة في 8 يناير (كانون الثاني) عام 2017 في برلين، وأثارت جدلاً إعلامياً واسعاً على المستوى الدولي.

نسخة من كتاب «كفاحي»... (أرشيفية - أ.ف.ب)

 

وحققت النسخة المنقحة من كتاب «كفاحي» مبيعات غير متوقعة حينها؛ إذ جرى بيع 85 ألف نسخة، وفقاً للناشر آندرياس ويرشينغ، وهو مدير «معهد التاريخ المعاصر» في ميونيخ.

وكان الهدف من مشروع هذه الطبعة سحب البساط من تحت أقدام الذين أرادوا إعادة نشر الكتاب بعد انتهاء فترة الملكية الفكرية له دون تذييل أو تعليقات علمية، وفقاً لتقرير سابق من «وكالة الأنباء الألمانية».

وطرحت في بولندا أول نسخة معتمدة باللغة البولندية من كتاب «كفاحي» لأدولف هتلر عام 2021، على أن يقتصر استخدامها على الأغراض الأكاديمية فقط؛ وفق تقرير من «وكالة الصحافة الفرنسية».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

المشرق العربي طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

خلال ساعات ليل ونهار السبت، استخدمت القوات الإسرائيلية الطائرات الحربية تارةً والعربات المفخخة تارةً أخرى، لقصف وتدمير ما تبقى من منازل وبنى تحتية داخل قطاع غزة

المشرق العربي على اليمين صورة لمريم إبراهيم قبل الإصابة في الحرب... ويساراً صورة لها بعد الإصابة (وسائل إعلام محلية - إ.ب.أ)

نجاح عملية معقّدة لفتاة فقدت جزءاً من جمجمتها في حرب غزة

نجت فتاة من غزة كانت تعاني من إصابة في جمجمتها، جراء شظية إسرائيلية، بعد جراحة تمت لها في الأردن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم (السبت) أنه ينبغي نشر قوة دولية لإرساء الاستقرار في غزة على طول «الخط الأصفر» للتحقق من وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (الدوحة - القاهرة)
شؤون إقليمية المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)

وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

يسعى المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال زيارته الأولى إلى إسرائيل، السبت، التي تستمر حتى الأحد، إلى تعزيز العلاقة «الخاصة» بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

رحّب أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بنتائج تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الموافقة على تمديد ولاية «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)

يشكّل إعلان إسرائيل عن استعدادها لفتح قنوات تعاون اقتصادي مع لبنان، بالتزامن مع تكليف الرئيس اللبناني جوزيف عون للسفير السابق في واشنطن سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، محطة جديدة في مسار المواجهة المعقّدة بين بيروت وتلّ أبيب.

وبينما تبدو خطوة إسرائيل مجرد انفتاح اقتصادي، إلا أنها «تحمل في جوهرها رسائل سياسية ملغومة بتوقيت حسّاس جداً»، حسبما تقول مصادر لبنانية، و«تندرج ضمن مسعى إسرائيلي لإعادة رسم مشهد إقليمي يتيح لها الظهور بمظهر الساعي إلى الاستقرار، مقابل تحميل لبنان ولا سيما (حزب الله) مسؤولية استمرار التوتر».

ولا يعكس الموقف الإسرائيلي بالنسبة للبنان تغيّراً فعلياً في السلوك، أو المقاربة، بقدر ما يشكّل محاولة لتسويق صورة سياسية يريدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مرحلة دقيقة داخلياً، وإقليمياً. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إسرائيل، التي تواصل عملياتها العسكرية في لبنان براً وبحراً وجواً، لا تبدو مستعدة لاتخاذ خطوات عملية، بل تكتفي بإشارات مرونة محسوبة، تؤسّس بمفهومها لمرحلة تفاوض محتملة حين تنضج الظروف، وتتقاطع الحسابات الإقليمية».

الغاز والنفط

ويشكّل موقع لبنان الجيوسياسي نقطة جذب إقليمية لإسرائيل، وكل دول المنطقة، رغم قدراته الاقتصادية المحدودة. ويقول مصدر رسمي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن تل أبيب «لا تسقط من حساباتها إمكانية التعاون في مجال الطاقة والغاز، لا سيما بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقعته مع لبنان في العام 2022، حيث تسعى لإعطاء انطباع بأن شرق المتوسط يمكن أن يتحوّل إلى منطقة تبادل اقتصادي».

رئيس الحكومة نواف سلام خلال استقباله وفد مجلس الأمن الدولي في بيروت يوم الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

ويلفت المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إسرائيل «تولي أهمية قصوى للتعاون في البنى التحتية الحدودية، مثل إدارة الموارد المائية، خصوصاً أن طمعها بمياه لبنان تاريخي، كما تتطلع إلى ربط أسواق المنطقة ببعضها، خصوصاً إذا فُعّل مشروع ممرات النقل الإقليمي».

ويشدد المصدر الرسمي على أن «أي تعاون اقتصادي بين دولتين في حالة نزاع مستمر يتطلب أولاً وقفاً دائماً لإطلاق النار، يتبع بترتيبات أمنية واضحة، ثم فتح قنوات اتصال رسمية، مقرونة بضمانات دولية، لذلك تبقى المبادرة الإسرائيلية مجرّد خطوة يحاول نتنياهو استثمارها في الداخل، ليظهر للمجتمع الإسرائيلي أنه انتزع مكاسب مهمّة في بداية مرحلة التفاوض مع لبنان».

رسالة سياسية

وينظر الخبراء إلى المبادرة الإسرائيلية على أنها رسالة سياسية موجّهة إلى الخارج أكثر مما هي طرح اقتصادي قابل للتطبيق. ويرى الباحث في الشؤون الجيوسياسيّة الدكتور زياد الصائغ أن إسرائيل «تسعى إلى الاستثمار في الموقف الأميركي السّاعي إلى تطبيق عملاني لمقرّرات مؤتمر شرم الشيخ، ولقاءات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، بما يعني الذهاب أبعد من وقف القتال».

ويؤكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل «تعتبر أن السلام من البوّابة الاقتصادية هو الأنجع لتجاوز الصراعات، لكنّ هذا أقرب إلى الفولكلور، لا سيّما مع استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ لبنانيّة»، ويشدد الصائغ على أن «الاستعجال، ورفع منسوب ما جرى في لجنة الميكانيزم قد يأخذ طابع جسّ النبض أيضاً لمدى استعداد لبنان للذهاب بعيداً في المفاوضات، وهذا أيضاً يشكّل محاولة غير ناضجة الظروف».

سفينة عسكرية إسرائيلية تبحر بجوار منصة إنتاج حقل ليفياثان للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - رويترز)

لكن الاستعجال الإسرائيلي للتعاون الاقتصادي مغاير تماماً للمشهد اللبناني، باعتبار أن الذهاب نحو هذا الخيار أشبه بالمغامرة، ويؤكد الصائغ أنّ «ملف لبنان التفاوضيّ يبدو ضبابيّاً حتى السّاعة، ولو أنّ سقفه اتفاقيّة الهدنة الموقعة ما بين لبنان وإسرائيل في العام 1949 برعاية الأمم المتحدة، لكن من الواضح أنّ السفير سيمون كرم، وبخبرته الواسعة ووضوحه السّيادي، سيفتح الطريق أمام بناء عناصر هذا الملف من المسار السياسي، إلى الدبلوماسيّ، إلى القانونيّ، إلى ذاك المرتبط بالقرار 1701».

ويذكّر بأن لبنان «جزء من الإجماع العربي، وملتزم بسقف المبادرة العربية للسلام، وكل ما يُساق خارج ذلك يبقى من قبيل التمنّيات، أو التوقّعات، لكن من الواضح أنه لا عودة عن قرار تجفيف الصراعات والحروب في الشرق الأوسط».

طاقة وسياحة

إضافة إلى ذلك، يطرح تركيز الحكومة الإسرائيلية على المجال الاقتصادي علامات استفهام في ظلّ محدودية الدور الاقتصادي للبنان في المنطقة، ولا يستبعد الصائغ أن «تسعى إسرائيل إلى تعاون اقتصادي مع لبنان على المستوى النفطي، أو السياحي، أو الصناعي، خصوصاً في ظلّ الحديث عن فكرة إنشاء منطقة اقتصاديّة على حدود لبنان الجنوبيّة، انطلاقاً من المبادرة الأميركية». لكنّه شدد على أن ذلك «لا يستقيم قبل حوار دبلوماسيّ بطابع سياسي، ويبدو مستحيل المنال في هذه المرحلة، خصوصاً مع استمرار احتلال إسرائيل للنقاط الخمس، وعدم إنجاز تسوية تحريرية لمزارع شبعا، وبدء إعمار الجنوب، توازياً مع تحقيق بسط الدولة اللبنانية سيادتها حصراً على كامل أراضيها بقواها الذاتيّة». وختم الصائغ بالقول إن «ذلك كلّه يبقى مضبوطاً تحت سقف اتفاقية الهدنة 1949».


إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

تسعى إسرائيل قبيل الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع مساعي الوسطاء، خصوصاً الولايات المتحدة، للانتقال إليها في أقرب فرصة ممكنة، إلى تدمير ما تبقّى في المناطق الخاضعة لسيطرتها داخل قطاع غزة، والتي تُقدر بنحو 53 في المائة من المساحة العامة للقطاع.

وينص وقف إطلاق النار في مرحلته الثانية، حال نُفّذ وفق الاتصالات المتسارعة في الأيام الأخيرة، على انسحاب آخر للقوات الإسرائيلية من داخل قطاع غزة، مع الحفاظ على بقائها في مناطق أخرى قد تصل إلى نحو ما مساحته 20 في المائة من مساحة القطاع.

وخلال ساعات ليل ونهار السبت، لم تنفك القوات الإسرائيلية باستخدام الطائرات الحربية تارةً، ومن خلال العربات المفخخة تارةً أخرى، بقصف وتدمير ما تبقى من منازل وبنى تحتية، سواء داخل الخط الأصفر المشار إليه ضمن اتفاق وقف إطلاق النار بوصفه خط انسحاب أولياً، أو على جانبه من داخل المناطق الخاضعة لسيطرة حركة «حماس».

أطفال يستعدون للدخول إلى صفوفهم في مدرسة للأونروا تعيش فيها عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

ولوحِظ خلال الأيام الثلاثة الماضية تكثيف الغارات الجوية وعمليات النسف، حتى داخل مدينة رفح التي تُسيطر عليها القوات الإسرائيلية منذ أكثر من عام ونصف العام، وكذلك شرق مدينتَي خان يونس وغزة. كما امتدت هذه العملية، من مساء الجمعة حتى ظهر السبت، إلى مناطق واقعة شرق وشمال جباليا وبيت لاهيا شمالَ قطاع غزة. وتسببت إحدى عمليات النسف في منطقة زايد ببيت لاهيا، ليلاً، في وقوع انفجار ضخم سُمِع دويه في جميع أنحاء قطاع غزة، ووصل صداه حتى جنوب تل أبيب.

وتعمد إسرائيل إلى تدمير ما تبقى من مبانٍ ومنازل في تلك المناطق، بهدف حرمان سكانها من العودة إليها بعد الانسحاب منها، في عملية تدمير ممنهجة، انتهجتها بشكل كبير خلال الحرب التي استمرت عامين على قطاع غزة.

ووفقاً لمصادر ميدانية تحدّثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تكتفِ بعمليات القصف والنسف للمنازل والمباني داخل مناطق سيطرتها، بل عملت على استخدام العربات المفخخة، وإدخالها إلى مناطق غرب الخط الأصفر -مناطق سيطرة «حماس»- وذلك تحت نار القصف المدفعي، وإطلاق النار من المسيرات، لتصل إلى مناطق سكنية بهدف تدميرها بشكل كامل.

وأوضحت أن ذلك تزامن أيضاً مع عمليات توغّل ازدادت حدّتُها في الأيام الأخيرة، ولا سيما شرق مدينة غزة، وتحديداً في حييّ الشجاعية والتفاح. وأشارت إلى أن الآليات الإسرائيلية توغّلت مسافة لا تقل عن 350 متراً خلف الخط الأصفر، واقتربت من شارع صلاح الدين الرئيسي عند الحيَّين، ما يعني أنها باتت تفرض سيطرة شبه كاملة عليهما.

خيم النازحين وسط الدمار الذي أحدثه القصف الإسرائيلي جواً وبراً في مدينة غزة الجمعة (أ.ب)

وأشارت إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي كررت المشهد ذاته صباح السبت في خان يونس، بعدما تقدّمت إلى أجزاء من حي الشيخ ناصر وأقامت سواتر ترابية، فيما قامت طائرات مسيّرة بإطلاق النار في مختلف الاتجاهات وعلى أي هدف متحرك. وبعد انسحاب القوات تبيّن أن الهدف من إقامة السواتر الترابية كان تمهيد الطريق لآليات هندسية لتنفيذ عمليات حفر في حي الفرا المجاور.

وقالت المصادر إن قوات الاحتلال الإسرائيلي ما زالت تعمل على توسيع سيطرتها في قطاع غزة، من خلال تقديم المكعبات الأسمنتية الصفراء، المشار إليها بالخط الأصفر، من خلال التقدم جزئياً من حين إلى آخر داخل بعض المناطق.

وتزامنت هذه التطورات مع قتل القوات الإسرائيلية 4 فلسطينيين، في حادثتين منفصلتين شمال القطاع، كما أصابت آخرين في مناطق أخرى.

ووفق مصادر طبية، فقد قُتل شابّان في إطلاق نار شرق جباليا البلد، فيما قُتل اثنان آخران وأصيب 3 في إطلاق نار ببلدة العطاطرة شمال غربي بيت لاهيا. كما أُعلن عن وفاة خامس متأثراً بجروحه بعد أن استهدفته طائرة مسيّرة، مساء الجمعة، بإطلاق النار عليه وعلى نجله، وهما يعملان في جهاز الدفاع المدني بغزة.

وأصيب عدد من الفلسطينيين بإطلاق نار في مناطق متفرقة، بينهم غزي بجروح خطيرة إثر قصف مدفعي استهدف محيط شارع صلاح الدين قبالة حي الشجاعية شرق مدينة غزة، في حين أصيب آخر بإطلاق نار من مسيرات شرق خان يونس.

وبذلك يكون قد قُتل ما لا يقل عن 370 فلسطينياً، وأصيب أكثر من 960 منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما قتل 70357 منذ السابع من أكتوبر 2023.


الشرع: سعي إسرائيل لإقامة منطقة عازلة جنوب سوريا يدخلنا في مكان خطر

الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أثناء حضوره الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أثناء حضوره الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز)
TT

الشرع: سعي إسرائيل لإقامة منطقة عازلة جنوب سوريا يدخلنا في مكان خطر

الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أثناء حضوره الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أثناء حضوره الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز)

اعتبر الرئيس السوري أحمد الشرع أن سعي إسرائيل لإقامة منطقة عازلة في جنوب سوريا من شأنه أن يدخل بلاده في «مكان خطر»، فيما تواصل الدولة العبرية تنفيذ عمليات عسكرية في المنطقة، أسفر آخرها عن مقتل 13 شخصاً، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال الشرع خلال مشاركته في حوار خلال منتدى الدوحة: «سوريا أصرت على احترام اتفاق 1974، وهو اتفاق صمد أكثر من خمسين سنة، هو بشكل أو بآخر كان اتفاقاً ناجحاً، فالعبث في هذا الاتفاق... وهو يحصل على إجماع دولي وإجماع مجلس الأمن، والبحث عن اتفاقات أخرى مثل منطقة عازلة... أعتقد أن هذا ربما يدخلنا في مكان خطر».