إسرائيل تصعّد ضد «حزب الله» باعتماد سياسة استهداف قادته

تشييع اللبنانية سمر السيد محمد التي قضت في غارة إسرائيلية الأحد (أ.ب)
تشييع اللبنانية سمر السيد محمد التي قضت في غارة إسرائيلية الأحد (أ.ب)
TT

إسرائيل تصعّد ضد «حزب الله» باعتماد سياسة استهداف قادته

تشييع اللبنانية سمر السيد محمد التي قضت في غارة إسرائيلية الأحد (أ.ب)
تشييع اللبنانية سمر السيد محمد التي قضت في غارة إسرائيلية الأحد (أ.ب)

يسجَّل في الأيام الأخيرة تراجع في عدد العناصر الذين يعلن «حزب الله» عن سقوطهم على الجبهات مقارنةً مع المرحلة الأولى للحرب في جنوب لبنان التي اندلعت في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في اليوم التالي لـ«طوفان الأقصى» الذي بدأته «حماس» في غلاف غزة. ومقابل ذلك، تنفِّذ إسرائيل عمليات اغتيال تستهدف قيادات الحزب، مع استمرار قصفها منازل قياداته أو عناصر فيه على امتداد المناطق الحدودية، فيما يعد تغييراً في النهج الإسرائيلي.

وهذا الأمر تحدث عنه صراحةً عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) النائب حسن فضل الله بقوله، في تصريح، الاثنين، إن «العدو تمادى في الأيام والأسابيع القليلة الماضية في اعتماد سياسة الاغتيالات ضد المقاومين، ظناً منه أن هذا التصعيد يمكن أن يغيّر من معادلة المواجهة على الحدود»، مؤكداً أن «مثل هذه الاغتيالات لا يمكن لها أن تؤثر في إرادة المقاومة».

ردٌّ حتميّ

وأضاف فضل الله، خلال مشاركته في تشييع المواطنة سمر جميل السيد محمد، التي قُتلت في غارة إسرائيلية على بلدة كفرا الجنوبية، الأحد، أن «المقاومة الإسلامية، وأمام كل استهداف للمدنيين، يأتي ردها الحتميّ على مستوطنات العدو، وهذا ما تقوم به في مواجهة كل اعتداء، وهذا ما يفهمه العدو جيداً، أن المساس بالمدنيين هنا تحت أي ذريعة لا يمكن التساهل معه، والمقاومة ستستمر في الرد على أي استهداف للمدنيين في أي مكان في لبنان».

وأكد أن «كل الاحتمالات واردة. العدو يطلق التهديدات، ويرسل الرسائل، وبأساليب متنوعة، من خلال استهداف البنى المدنية والبيوت، ومحاولة فرض توازن التهجير ما بين الشمال عنده والجنوب عندنا، أو يهددنا بحرب واسعة، ونحن في المقاومة وبكل وضوح، لدينا الاستعدادات الكاملة لأي احتمال، وكل الاحتمالات مطروحة أمامنا».

سياق الحرب

من جانبه، يرى العميد المتقاعد ناجي ملاعب، أن هذه الاغتيالات تأتي في سياق الحرب الطبيعية بين الطرفين. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الله يقاتل على امتداد 105 كيلومترات بعيداً عن أي مواقع أو ثكنات محددة، وقياداته وعناصره يتنقلون بسيارات مدنية على الطرقات الفرعية أو الرئيسية أحياناً، ما يجعلهم في مرمى النيران الإسرائيلية التي تستهدف كل آلية تدور حولها الشكوك معتمدةً على التقنيات، إضافةً إلى استهداف إسرائيل منازل قيادات وعناصر في بلدات الجنوب».

والأحد، استهدفت إسرائيل سيارة عند مفترق كفرا - صربين في قضاء بنت جبيل أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص. وأشارت المعلومات إلى أن المستهدف في الغارة كان قائد القطاع الأوسط في «حزب الله»، لكنه نجا وقُتل مرافقه. ولفتت معلومات أخرى إلى أن القتيل هو عنصر من وحدة حماية كبار الشخصيات في الحزب. ونعى الحزب بدايةً «المجاهد فضل علي سلمان شعار (عيسى) من بلدة النبطية الفوقا»، قبل أن يعلَن مساءً عن مقتل المواطنة سمر جميل السيد محمد متأثرةً بجراح أُصيبت بها خلال الغارة على بلدة كفرا، حسب «الوكالة الوطنية للإعلام». والاثنين، نعى «حزب الله» المجاهد سامح أسعد أسعد «أبو تراب» من بلدة كفركلا في جنوب لبنان، فيما أشارت «الوطنية» إلى أن أسعد كان أحد المصابين في غارة استهدفت بلدة كفركلا.

وقبل نحو 24 ساعة على غارة كفركلا كانت إسرائيل قد اغتالت الدكتور المهندس علي حدرج، الذي كان يشغل موقع التنسيق بين الحزب وحركة «حماس»، عبر استهداف سيارته في بلدة البازورية، مسقط رأس أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، إذ أشارت المعلومات إلى مقتل 4 أشخاص، لكنّ «حزب الله» نعى حدرج فقط. لكن وبعد ساعات قليلة نعى المجتمع المدني اللبناني الرقمي المتخصص، في بيان له «رجل الأعمال الشهيد السعيد محمد باقر دياب، الذي استُشهد جرَّاء غارة للعدو الإسرائيلي على سيارته»، وأشارت المعلومات إلى أن باقر الذي يشغل مواقع في شركات كبيرة متخصصة بالمعلوماتية والاتصالات، كان برفقة حدرج في السيارة.

وقبل ذلك، كان «حزب الله» قد أعلن مقتل «القائد وسام الطويل» الذي أشارت المعلومات إلى أنه قيادي في «قوة الرضوان»، وذلك بعد نحو أسبوع على اغتيال القيادي في حركة «حماس» صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية.

استمرار المواجهات

واستمرت، الاثنين، المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» الذي أعلن تنفيذه عدداً من العمليات. وقال في بيان له إن مقاتليه استهدفوا «عند الساعة (12:00) من منتصف ليل الأحد – الاثنين، ‏بالأسلحة الصاروخية قوة إسرائيلية في محيط ثكنة زرعيت، كانت تتحضر لتنفيذ عدوان داخل الأراضي اللبنانية، مما أدى إلى وقوع ‏إصاباتٍ مؤكدة في صفوفها».

وفي بيانات متفرقة أعلن عن استهدافه قوّة من الجمع الحربي الإسرائيلي في مرتفع أبو دجاج ‏‏ وتجمعاً لجنود إسرائيليين في موقع السماقة في مزارع شبعا.

وتَواصل القصف الإسرائيلي على بلدات جنوبية عدة، ونفّذ الطيران غارة على بلدة الطيبة قرب مركز للدفاع المدني، مما أدى إلى أضرار كبيرة في ثانوية البلدة، وقد نجا مدير الثانوية وأفراد الهيئة التعليمية، حسب «الوطنية». ليعود «حزب الله» لاحقاً ويعلن «استشهاد المجاهد علي سعيد يحيى (جواد) من بلدة الطيبة في جنوب لبنان الذي ارتقى شهيداً على طريق القدس».

جندي لبناني قرب سيارة دُمِّرت في غارة إسرائيلية وسط بلدة البازورية السبت (أ.ب)

كان الطيران الإسرائيلي قد نفّذ غارة ظهراً، على منزل المواطن «س - ياغي» في بلدة طيرحرفا، مطلقاً باتجاهه صاروخين من نوع جو - أرض، مخلفاً به أضراراً كبيرة، حسب «الوطنية». وأفادت «الوطنية» بأن غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً مؤلفاً من طبقتين في بلدة شيحين ودمرته بالكامل.

وطال القصف أطراف بلدات الناقورة ووادي حامول وعلما الشعب وجبلي اللبونة والعلام في القطاع الغربي، كما شمل القصف أطراف بلدات رامية ورميش وبيت ليف.

وكان الطيران الاستطلاعي قد حلّق طوال الليل حتى الصباح فوق قرى قضاءي صور وبنت جبيل بكثافة، فيما استمر في إطلاق القذائف الحارقة لإشعال النار فيما تبقى من أشجار في محيط بلدتي الناقورة وعلما الشعب، بالإضافة إلى القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الأزرق ليلاً، حسب «الوكالة الوطنية للإعلام».


مقالات ذات صلة

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

المشرق العربي صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أوتوستراد بيروت - الجنوب (إ.ب.أ)

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

يتفرغ «حزب الله» لإعادة ترتيب بيته الداخلي باستكمال بنيانه السياسي والتنظيمي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

ميقاتي: الجيش سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الاثنين، إن الجيش اللبناني سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد انسحاب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير

مبادرة جنبلاط تُشجع خصوم الأسد اللبنانيين على زيارة دمشق

أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)
أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)
TT

مبادرة جنبلاط تُشجع خصوم الأسد اللبنانيين على زيارة دمشق

أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)
أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)

تتوالى زيارات خصوم الرئيس السوري السابق بشار الأسد اللبنانيين إلى دمشق بعد سنوات من المنع.

وبعد يوم من مبادرة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الأحد، إلى زيارة سوريا، حيث التقى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع؛ يستعد وفد إسلامي - مسيحي من «لقاء سيدة الجبل»، لزيارة دمشق، يوم الجمعة، للمشاركة في قداس في مطرانية الموارنة وزيارة الجامع الأموي، من دون أن يتضمن جدول أعماله لقاء الشرع.

ويتحدث رئيس «لقاء سيّدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، عن «مجموعة أهداف للزيارة التي تحظى بمباركة البطريرك بشارة الراعي، وأبرزها تهنئة الشعب السوري على سقوط نظام الأسد ومعه جسر العبور بين طهران وبيروت».

وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط» إنه سيجري تأكيد أننا «ننظر بعين الأمل لا القلق من المسار الجديد الذي دخلته المنطقة، وبروز اتجاه سياسي جديد في سوريا»، مضيفاً أن «الزيارة لن يتخللها لقاء مع الشرع أو تقديم أي مذكرة له بوصفه يمثل الدولة السورية، لأننا نرى أن هذا شأن سوري».

رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد (أرشيفية)

وتابع سعيد: «سنحضر قداساً يترأسه المطران سمير نصار، وستكون هناك زيارة للجامع الأموي، وغداء في الشام، قبل العودة إلى بيروت».

ويشير سعيد إلى أن الوفد سيسعى إلى تأكيد «التمسك بالعيش المشترك في زمن صعود الأصوليات يميناً ويساراً والتيارات المتشددة داخل الطوائف»، معتبراً أنه «يُفترض إعطاء فرصة للتجدد مع أملنا بقيام دولة عادلة سواء في لبنان أو في سوريا قادرة على حماية كل المواطنين والجماعات خصوصاً بعد سقوط مقولة إن أحزاباً تحمي الجماعات، مع سقوط الأسد و(حزب الله)».

موقف «القوات»

تأتي هذه الزيارة بعد مواقف أطلقها الشرع خلال لقاء جنبلاط، خصوصاً تأكيده أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادته، واستقلال قراره واستقراره الأمني».

وقد تركت هذه المواقف ارتياحاً لدى نواب وقوى سياسية. وقالت مصادر في «القوات اللبنانية» لـ«الشرق الأوسط»: إنه «لا بد من التنويه بمواقف الشرع، وتحديداً قوله إن ما حصل أعاد إيران 40 سنة إلى الوراء؛ وبهذا نتقاطع استراتيجياً معه على مستوى المنطقة».

كما تحدثت المصادر في «القوات اللبنانية» عن أنه «فيما يتعلق بتأكيد الشرع أن سوريا الجديدة لن تكون كسوريا القديمة؛ فإنها أفضل للعلاقات بين الدولتين» لافتةً إلى أن «التخلص من نظام الأسد خطوة استراتيجية كبرى، كما أن إقفال طريق سوريا أمام إيران خطوة (فوق الاستراتيجية)».

وعن احتمال توجه وفد من «القوات» لزيارة سوريا، قالت المصادر: «الأمور مرهونة بأوقاتها، فالشرع يشكل راهناً فريق عمله، ونحن منهمكون في الاستحقاق الرئاسي».

التنسيق الرسمي

وفي الوقت الذي بدأ التنسيق الأمني اللبناني - السوري عبر جهاز الأمن العام قبل فترة، يبدو أن التنسيق الحكومي يتقدم هو الآخر.

وأعلن وزير الصحة في الحكومة السورية الانتقالية ماهر الشرع، الأسبوع الماضي، أن «التواصل بيننا وبين الدولة اللبنانية قائم من اليوم الأول»، كاشفاً عن لقاء قريب بينه وبين وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض. إلا أن الأبيض قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التواصل لم يحصل بعد» لكنه أبدى ترحيباً بالتعاون مع وزارة الصحة السورية لأن «الأمن الصحي (السوري - اللبناني) مشترك، وكثير من الهموم واحدة».