جدّد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، عزم بلاده على الاستمرار في العمليات العسكرية ضد «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق، وذراعه في سوريا «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
وشدّد إردوغان على الاستمرار بقوة في مكافحة الإرهاب حتى تجفيف مستنقعاته في سوريا والعراق، قائلاً إن «القوات التركية لم تترك دماء أبنائها تذهب هدراً بعد مقتل 9 جنود في شمال العراق في هجوم للتنظيم الإرهابي (العمال الكردستاني) وقمنا بقصف 114 هدفاً، والقضاء على 78 إرهابياً خلال العمليات الجوية التي نفذناها في سوريا والعراق خلال الأسبوع الماضي».
ولفت إردوغان، في كلمة السبت، خلال إعلان أسماء مرشحي «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في مناطق وأحياء مدينة إسطنبول للانتخابات المحلية المقررة نهاية مارس (آذار) المقبل، إلى أهمية وجود القوات التركية خارج حدود البلاد لضمان أمانها وسلامة مواطنيها، مؤكداً أنه لا يمكن التراجع عن هذا الالتزام.
ووجّه إردوغان انتقادات إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية، من دون تحديدها بالاسم، قائلاً إن خطط من يقدمون الدعم لـ«العمال الكردستاني» في شمال سوريا والعراق لإقامة «كيان إرهابي» على حدود تركيا الجنوبية فشلت.
وأضاف: «الأداة الأكثر أهمية لأولئك الذين يريدون عزلنا من خلال إنشاء كيان أو ممر إرهابي على طول حدودنا الجنوبية هي المنظمة الإرهابية الانفصالية (العمال الكردستاني)».
كما انتقد «حزب الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة التركية، بسبب زيارة رئيسه أوزغور أوزال لحزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب» المؤيد للأكراد، وإعلانه أن العلاقة بين الحزبين ليست سراً، وليس هناك ما يخفيانه، وإذا تعاونا في الانتخابات المحلية فسيكون ذلك في العلن أيضاً.
وقال إردوغان: «الامتدادات السياسية أو ذات المظهر المدني للمنظمة الإرهابية داخل البلاد تخدم الغرض ذاته، والأمر الأكثر حزناً هو أن حزب الشعب الجمهوري، ثاني أكبر حزب في بلادنا، قبل الدور المنوط به في هذه اللعبة القذرة، ولسوء الحظ، هناك مستوى يتناقص تدريجياً في إدارة الحزب الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك تحت قيادته الحالية».
وأضاف: «لقد تشاجرنا كثيراً مع السيد كمال كليتشدار أوغلو، الرئيس السابق للحزب، لكن كان له أسلوبه ولهجته ورسالته الخاصة، لكن الرئيس الحالي للحزب أوزغور أوزال هبط به إلى أسفل القائمة حتى قبل أن يبدأ».
وتابع: «في الماضي، تم دفن حزب (الشعب الجمهوري) في التاريخ، مع مسؤولية حمل الحزب تحت سيطرة المنظمة الانفصالية إلى البرلمان للمرة الأولى، كان حزب (الشعب الجمهوري) يتعاون سراً مع الحزب الخاضع لسيطرة المنظمة الانفصالية (حزب الشعوب الديمقراطية) لفترة طويلة. لكنهم على الأقل شعروا بالحرج من هذا التعاون، أما مع أوزغور أوزال فقد تم دمج حزب (الشعب الجمهوري) تقريباً مع حزب (الديمقراطية ومساواة الشعوب)، الذي لا يزال أحد أجهزة المنظمة الانفصالية، وبالتالي يتمتع بشرعية سياسية مشكوك فيها».
وكان إردوغان لمح الأسبوع الماضي إلى أن بلاده قد تشنّ خلال الأشهر المقبلة توغلاً برياً جديداً في شمال سوريا ضد قوات «قسد» التي تقودها «الوحدات الكردية»، الحليفة للولايات المتحدة في الحرب على «داعش»، التي تعدها أنقرة امتداداً سورياً لـ«العمال الكردستاني»، وتطالب واشنطن بوقف الدعم المقدم إليها.
وقال إردوغان، في تصريحات عقب اجتماع حكومته الثلاثاء الماضي: «سنتخذ بالتأكيد خطوات جديدة بغضّ النظر عمن يقول ماذا»، في إشارة مستترة إلى الاعتراضات الروسية والأميركية.
وانتقد الولايات المتحدة وروسيا لفشلهما في الوفاء «بوعودهما» لتركيا، بعدما عملتا على مدى السنوات الثلاث الماضية على الضغط على تركيا، ومنعها من تنفيذ عملية برية جديدة في سوريا.
ويتوقع مراقبون أن تقدم تركيا على عملية برية واسعة جديدة ضد «قسد» في سوريا عقب الانتخابات المحلية التي ستجرى في 31 مارس (آذار) المقبل.
وشنّت القوات التركية غارات جوية واسعة النطاق ضد المسلحين الأكراد في شمال سوريا والعراق، رداً على مقتل 9 من جنودها الأسبوع الماضي. واستهدفت بشكل خاص مرافق البنية التحتية ومنشآت الطاقة والنفط، الواقعة تحت سيطرة «قسد» في شمال وشرق سوريا، بهدف إضعاف القوات الكردية وتجفيف منابع تمويلها، فضلاً عن تنفيذ المخابرات التركية عمليات تستهدف قيادات «العمال الكردستاني» و«قسد» في شمال العراق وسوريا.
في المقابل، واصلت القوات الأميركية إرسال التعزيزات العسكرية من أسلحة وذخائر ومعدات لوجستية إلى قاعدة التحالف الدولي في خراب الجير بريف رميلان، شمال الحسكة، القادمة من الأراضي العراقية، في ظل التصعيد التركي والهجمات المتكررة من قبل ميليشيات موالية لإيران.