«الصحة العالمية»: 24 إصابة بالتهاب الكبد الوبائي «إيه» في غزة

غيبريسوس أكد أن الظروف غير الإنسانية ستؤدي لانتشار أكبر

نازحون فلسطينيون فروا من منازلهم بسبب الغارات الإسرائيلية يقيمون في خيام برفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
نازحون فلسطينيون فروا من منازلهم بسبب الغارات الإسرائيلية يقيمون في خيام برفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

«الصحة العالمية»: 24 إصابة بالتهاب الكبد الوبائي «إيه» في غزة

نازحون فلسطينيون فروا من منازلهم بسبب الغارات الإسرائيلية يقيمون في خيام برفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
نازحون فلسطينيون فروا من منازلهم بسبب الغارات الإسرائيلية يقيمون في خيام برفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

أكد مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، تسجيل 24 حالة إصابة بالتهاب الكبد الوبائي «إيه» في قطاع غزة. وقال إن الظروف غير الإنسانية جراء الهجمات الإسرائيلية على القطاع ستؤدي لانتشار أكبر للمرض، وفقاً لوكالة «أنباء العالم العربي».

وكتب مدير منظمة الصحة العالمية، على حسابه على منصة «إكس»، يقول: «من المحتمل إصابة آلاف عدة أيضاً باليرقان؛ بسبب الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي من النوع (إيه)».

وأضاف: «الظروف المعيشية غير الإنسانية من عدم توافر المياه النظيفة والمراحيض النظيفة، وصعوبة الحفاظ على النظافة العامة، ستؤدي إلى تفشي المرض على نطاق أكبر».

وحذّر غيبريسوس من أنه لا توجد مختبرات تعمل في غزة، مما يجعل اكتشاف المرض صعباً، كما يجعل القدرة على التعامل معه محدودة أيضاً. وطالب بوصول المساعدات الطبية إلى القطاع دون إعاقة.

ما هو مرض الكبد الوبائي «إيه»؟
ينجم إلتهاب الكبد «إيه» عن فيروس التهاب الكبد «إيه» (HAV). ينتشر الفيروس في المقام الأول عندما يتناول شخص غير مصاب من قبل، ولم يحصل على اللقاح المضاد، طعامًا أو ماء ملوثًا ببراز شخص مصاب. ويرتبط المرض ارتباطًا وثيقًا بالمياه أو الأغذية غير الآمنة، وبعدم كفاءة الصرف الصحي، وسوء النظافة الشخصية، وفقاً لموقع «منظمة الصحة العالمية».
على عكس التهاب الكبد B وC، لا يسبب التهاب الكبد A مرضًا مزمنًا في الكبد ولكنه يمكن أن يسبب أعراضًا منهكة ونادرًا ما يسبب التهاب الكبد الخاطف (فشل الكبد الحاد)، والذي غالبًا ما يكون مميتًا.
تقدر منظمة الصحة العالمية أنه في عام 2016، توفي 7134 شخصًا بسبب التهاب الكبد A في جميع أنحاء العالم (وهو ما يمثل 0.5 في المائة من الوفيات الناجمة عن التهاب الكبد الفيروسي).
تحدث موجات التهاب الكبد «إيه» بشكل متقطع في جميع أنحاء العالم، مع ميل للتكرار الدوري. يمكن أن تظهر الأوبئة المرتبطة بالأغذية أو المياه الملوثة بشكل ضخم، مثل الوباء الذي حدث في شنغهاي عام 1988 وأصاب حوالي 300 ألف شخص. ويمكن أيضًا أن يطول أمدها، مما يؤثر على المجتمعات لعدة أشهر من خلال انتقال العدوى من شخص إلى آخر.
تستمر فيروسات التهاب الكبد «إيه» بالإنتشار في بيئة معينة، ويمكنها مقاومة عمليات إنتاج الغذاء المستخدمة بشكل روتيني لتثبيط مسببات الأمراض البكتيرية أو السيطرة عليها.
ويتعافى الجميع تقريبًا بشكل كامل من التهاب الكبد «إيه» ويتمتعون بمناعة مدى الحياة.
ويتوفر لقاح آمن وفعال للوقاية من المرض.
وفترة حضانة التهاب الكبد «إيه» عادة ما تكون بين 14-28 يوما.
تتراوح أعراض المرض من خفيفة إلى حادة ويمكن أن تشمل الحمى، والشعور بالضيق، وفقدان الشهية، والإسهال، والغثيان، وعدم الراحة في البطن، والبول الداكن اللون واليرقان (اصفرار العينين والجلد). لا تظهر على كل من يصاب بالعدوى جميع الأعراض.
يعاني البالغون من علامات وأعراض المرض أكثر من الأطفال. تكون شدة المرض والنتائج المميتة أعلى في الفئات العمرية الأكبر سناً. عادةً لا يعاني الأطفال المصابون الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات من أعراض ملحوظة، ويصاب 10 في المائة منهم فقط باليرقان.


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».