هل تمهد عودة شركات «المساهمة المغفلة» لشرعنة الوجود الإيراني في سوريا؟

آخرها قانون رقم «40» الذي أجازها في مجال القطاع الزراعي

اجتماع الغرفة التجارية السورية - الإيرانية المشتركة السنوي في فندق «شيراتون» بدمشق السبت (سانا)
اجتماع الغرفة التجارية السورية - الإيرانية المشتركة السنوي في فندق «شيراتون» بدمشق السبت (سانا)
TT

هل تمهد عودة شركات «المساهمة المغفلة» لشرعنة الوجود الإيراني في سوريا؟

اجتماع الغرفة التجارية السورية - الإيرانية المشتركة السنوي في فندق «شيراتون» بدمشق السبت (سانا)
اجتماع الغرفة التجارية السورية - الإيرانية المشتركة السنوي في فندق «شيراتون» بدمشق السبت (سانا)

عبرت مصادر سورية متابعة في دمشق، عن خشيتها من أن يكون القانون رقم «40» الذي يجيز تأسيس شركات مساهمة مغفلة مشتركة تعمل في مجال القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، إحدى الوسائل التي «ستتيح لإيران الاستيلاء على المزيد من الأراضي الزراعية في سوريا».

وكانت الهيئة العامة للغرفة التجارية السورية - الإيرانية المشتركة، قد أعلنت في اجتماعها السنوي بفندق «شيراتون دمشق»، السبت، عن خطتها للعام الحالي التي تتضمن إقامة شركات استثمارية مشتركة مساهمة قابضة مغفلة، في كل مجالات التعاون التجاري والصناعي والصحي والدوائي والزراعي.

وأصدر الرئيس السوري القانون رقم «40» لعام 2023، الذي يجيز تأسيس شركات مساهمة مغفلة مشتركة تعمل في مجال القطاع الزراعي، بهدف مواكبة الخطط الزراعية والأهداف الإنتاجية وتشجيع الشركات العاملة في القطاع ومنحها مرونة أكثر لتنفيذ نشاطاتها، وفق إعلان القانون.

وقالت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن إيران لا تزال غير راضية عن مستوى التعاون الاقتصادي مع الجانب السوري وتعده دون المستوى السياسي بكثير. ومن الملاحظ أن إيران ضاعفت جهودها خلال العام الماضي لتفعيل الاتفاقيات وتذليل ما يعترضها من عقبات تشريعية وقانونية تنظم بيئة العمل الرسمي.

أرشيفية لمنشأة «مزرعة زاهد» في طرطوس (سانا)

ويلبي عدد من القوانين التي صدرت العام الماضي، مطالب إيرانية، منها على سبيل المثال «القانون رقم (8) الخاص بإعفاء استيراد الأبقار بهدف تربيتها، من الرسوم لخمس سنوات»، وقد صدر خصيصاً لتسهيل استيراد أبقار لصالح مشروع «مبقرة زاهد» في طرطوس الذي تستثمره إيران.

المصادر لم تستبعد أن يكون القانون رقم «40» قد صدر بهدف إيجاد حل قانوني للمشكلات التي تعوق الاستثمارات الزراعية الإيرانية، بعد استحواذ إيران على نحو 5000 هكتار من الأراضي الزراعية من أملاك الدولة في محافظة طرطوس على الساحل السوري ومحافظة دير الزور قرب الحدود مع العراق، واصطدامها بالأهالي المنتفعين من تلك الأراضي وفق قوانين وتشريعات ناظمة قديمة، علماً أن القانون «40» اشترط مراعاة حقوق المنتفعين قبل سريان القانون «دون تحديد ماهية المراعاة».

اللجنة الاقتصادية السورية - الإيرانية المشتركة بدمشق أبريل الماضي (سانا)

وينص القانون المذكور، على أنه في حال امتلاك الشركة أو استثمارها أرضاً زراعية، «تراعى الحقوق المكتسبة بموجب القوانين النافذة قبل نفاذ هذا القانون للمزارعين والعمال الزراعيين الذين كانوا يستثمرونها». وافترضت المصادر أن يتم تعويض المنتفعين بأسهم من الشركة، ما يزيد من فرص بيعهم لهذه الأسهم؛ أي لحقوقهم بالانتفاع.

وينص القانون رقم «40» على أن الدولة ممثلة بوزارة الزراعة والإصلاح، تسهم بالشركات المساهمة المغفلة بمقدمات عينية بنسبة لا تقل عن 25 في المائة من رأسمالها، ويجب ألا يقل رأسمال الشركة عن 50 مليار ليرة سورية؛ أي ما يقارب 3 ملايين و500 ألف دولار أميركي.

وتطرح الأسهم التي تفيض عن مساهمة القطاع العام المحددة في قرار تأسيس الشركة، على الاكتتاب العام (قيام الشركة بطرح أسهمها في سوق البورصة ليتمكن بعدها المتداولون من شراء الأسهم وبيعها لأي شخص في أي وقت من خلال سوق البورصة)، ويجوز لجهات القطاع العام المتخصصة أن تغطي الأسهم التي لم يتم الاكتتاب عليها.

وحسب القانون، تعد الشركات المساهمة المغفلة محكومة بالقانون الخاص ولا تسري عليها الأحكام والقيود الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بشركات القطاع العام، مهما كانت نسبة مساهمة الدولة بها. وبحسب المصادر، فإن هذا البند سيزيل الكثير من العوائق التشريعية التي تعترض الاستثمارات الإيرانية في سوريا والخاصة بعقود «تشغيل المنشآت الحكومية المتعثرة».

كما أجاز القانون استثناء الشركات المساهمة المغفلة من أحكام وقف ومنع وتقييد الاستيراد، ومن أحكام أنظمة القطع (النقدي) والاستيراد المباشر من بلد المنشأ. وتشمل استيراد جميع احتياجات مشاريعها ومنشآتها من آلات ومعدات وسيارات العمل غير السياحية والتجهيزات، وغيرها من المواد اللازمة لإقامة مشاريعها، مع إعفاء من كافة الضرائب والرسوم المالية ورسوم الإدارة المحلية والجمركية وغيرها. كما تعفى أسهم الشركة وأرباحها وتوزيعاتها وكافة أوجه نشاطها في مجال عملها من جميع الضرائب والرسوم مهما كان نوعها وطبيعتها، وذلك في السنوات السبع الأولى من تاريخ أول ميزانية رابحة.

وتضغط إيران على الجانب السوري لتحصيل ديونها المستحقة والتي قدرتها وثائق إيرانية مسربة بنحو 50 مليار دولار، تغطي الاستثمارات منها 18 مليار دولار فقط.

">http://

وترى مصادر متابعة، أن إيران تستخدم الديون ورقة ضغط على الجانب السوري، لتذليل العقبات القانونية بما يسهل تجذرها في سوريا على المدى الطويل، بالإضافة إلى تأمين مصادر تمويل لوجودها في البلاد، لافتة إلى أن تعيين إيران حسين أكبري، سفيراً مفوضاً فوق العادة، لدى دمشق، جاء لهذا الهدف، لكونه دبلوماسياً متمرساً، ولديه قدرات كبيرة على نسج شبكة علاقات ممتدة. وهذا ما ينم عنه نشاطه منذ تسلمه مهامه في أبريل (نيسان) العام الماضي، وتركيزه على الالتقاء بشكل دائم مع رجال الأعمال وغرف التجارة والصناعة والفعاليات الاقتصادية في كافة المحافظات الخاضعة لسلطة دمشق، وحضور المعارض والأنشطة الاقتصادية والثقافية.

وكان السفير الإيراني حسين أكبري قد أعلن خلال الاجتماع السنوي للغرفة التجارية الإيرانية - السورية، السبت، أن أولوية سفارة بلاده في الوقت الحالي هي الملف الاقتصادي، وأنه «تم تجهيز البنية التحتية اللازمة لبدء العمل وتفعيل التعاون بين البلدين في هذا الملف» خلال العام الماضي.

جلسة المحادثات بين الرئيسين الإيراني والسوري في القصر الرئاسي بدمشق مايو الماضي (أ.ف.ب)

وتسعى إيران بشكل حثيث، إلى تذليل العقبات التي تعترض سعيها لفتح ممر آمن بعيد عن العقوبات الدولية نحو البحر المتوسط، وذلك عبر العراق وسوريا.

وتتضمن خطة الغرفة للعام الحالي، بحسب أمين سر غرفة التجارة السورية - الإيرانية المشتركة، مصان نحاس، «إقامة شركات استثمارية مشتركة مساهمة قابضة مغفلة في كل مجالات التعاون التجاري والصناعي والصحي والدوائي والزراعي، وتشجيع شركات البناء والعمران الإيرانية للاستثمار في إعادة إعمار سوريا، وتشكيل لجنة مواصفات ومقاييس مشتركة، والإسراع في تأسيس المنطقة الحرة السورية - الإيرانية المشتركة، وإقامة معارض سورية للبيع المباشر في المحافظات الإيرانية ترافقها ملتقيات اقتصادية وتجارية دورية للفعاليات التجارية ‏ بالتناوب في المحافظات السورية والإيرانية».


مقالات ذات صلة

أوروبا مزارعون بحقل أرز في محافظة القليوبية بمصر (أرشيف رويترز)

اليونان تستقدم عمالاً مصريين في مجال الزراعة

قالت وزارة الهجرة اليونانية، اليوم (الجمعة)، إن أثينا ستبدأ في استقدام عمال مصريين هذا الصيف للعمل في وظائف زراعية مؤقتة.

«الشرق الأوسط» (أثينا )
يوميات الشرق يرقة عثة الأطلس (أتاكوس أطلس) التي تعدّ من بين الأكبر في العالم في الحدائق النباتية في برن (أرشيفية - رويترز)

المنشار... يرقات صغيرة تلتهم أوراق النباتات وتفيدها

أفاد تقرير إخباري حديث بأن بعض الحشرات التي تأكل النباتات مفيدة، وليست أمراً مضراً كما يعتقد البعض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا منظر جوي يظهر جراراً ينشر الأسمدة في حقل قمح بالقرب من قرية ياكوفليفكا خارج خاركيف بأوكرانيا 5 أبريل 2022 (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يتوصل لاتفاق بخصوص الواردات الزراعية الأوكرانية

أعلنت بلجيكا، التي ترأس الاتحاد الأوروبي، أن دول الاتحاد اتفقت، اليوم الأربعاء، على تمديد استقبال واردات المواد الغذائية المعفاة من الرسوم الجمركية من أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
بيئة من معرض باريس الزراعي (رويترز)

الذكاء الاصطناعي يغير المشهد أيضاً في قطاع الزراعة

سبق للذكاء الاصطناعي أن دخل إلى عالم المزارع لتحليل صور الأعشاب الضارة مثلا أو سلوك الأبقار في الحظيرة، لكن هناك الجديد في معرض باريس الزراعي.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الخطّة الأمنية مستمرّة في بيروت الكبرى رغم الاعتراض

عناصر من قوى الأمن أثناء حملة أمنية سابقة لقمع المخالفات (موقع قوى الأمن)
عناصر من قوى الأمن أثناء حملة أمنية سابقة لقمع المخالفات (موقع قوى الأمن)
TT

الخطّة الأمنية مستمرّة في بيروت الكبرى رغم الاعتراض

عناصر من قوى الأمن أثناء حملة أمنية سابقة لقمع المخالفات (موقع قوى الأمن)
عناصر من قوى الأمن أثناء حملة أمنية سابقة لقمع المخالفات (موقع قوى الأمن)

تواصل وزارة الداخلية اللبنانية، بكلّ أجهزتها، تنفيذ الخطة الأمنية في بيروت الكبرى، لتوقيف المطلوبين وقمع المخالفات وحجز السيارات والدراجات النارية التي تتجوّل من دون أوراق ثبوتيّة، وإقفال المحال التجارية غير المرخّصة.

وتباينت المواقف بين مرحّب بالخطّة على أبواب موسم الاصطياف، ومعارض لها؛ كونها أتت من دون إعطاء مهلة للمواطنين لتسوية أوضاعهم القانونية، خصوصاً أصحاب السيارات والدراجات النارية غير المسجّلة.

وأشار مصدر في وزارة الداخلية إلى أن الخطّة الأمنية «بدأت يوم الأربعاء الماضي، وهي مستمرّة ما دامت الضرورات الأمنية تقتضيها». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «النتائج الأولية للإجراءات عكست نتائج جيدة جداً، وساهمت في خفض الجريمة بنسبة عالية جداً»، مشدداً على أن «غايتها حماية الناس وفرض الأمن والاستقرار وليس ترويع الناس أو تخويفهم».


العراق: صراع الزعامات السُّنية يفقدهم أهم منصب سيادي يحتلونه

الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
TT

العراق: صراع الزعامات السُّنية يفقدهم أهم منصب سيادي يحتلونه

الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)

بالنسبة للكثيرين وطبقاً لما يدور في أروقة السياسة العراقية وبين النخب بما في ذلك الصالونات والنوادي الفكرية أن سُنة العراق الذين حكموا البلاد لمدة 80 عاماً (1921 - 2003) لم يستوعبوا بعد صدمة تغيير النظام السابق عام 2003.

فهم لم يكونوا جسماً رئيسياً بالمعارضة العراقية (الشيعية ـ الكردية) التي بدأت تتبلور ضد نظام صدام حسين منذ أواخر سبعينات القرن الماضي وأصبحت منذ أوائل التسعينات رقماً صعباً في معادلة تغيير الحكم بعد قيام صدام حسين باحتلال الكويت عام 1990 ومن ثم شن الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها حرباً شاملة ضد العراق عام 1991 نتجت عنها هزيمة كبيرة بانسحاب بدا مذلاً للجيش العراقي من الكويت.

ومع أن ما حصل بعد تلك الحرب مباشرة ما عُرف بـ«الانتفاضة الشعبانية» التي قام بها الشيعة في العراق ضد نظام صدام حسين، فإن سماح الولايات المتحدة له باستخدام الطائرات ثابتة الجناح في قمع تلك الانتفاضة جعله ينظر إلى مجريات ما حصل على أنه انتصار له كونه بقي في السلطة، الأمر الذي جعله يطلق على كل ما جرى تسمية «أم المعارك». لكن كان من بين أخطر ما جرى آنذاك أمران؛ الأول هو شبه استقلال لمحافظات كردستان الثلاث (أربيل ـ السليمانية ـ دهوك) التي كانت تتمتع منذ عام 1974 بنظام حكم ذاتي شكلي. وبعد فرض حظر الطيران عبر خطي طول وعرض 33 و36 تمتع الإقليم الكردي بنوع من الاستقلال التام عن النظام منذ عام 1992 حتى سقوطه عام 2003. الأمر الثاني المهم هو تبلور قوى المعارضة العراقية التي بدأت تعقد مؤتمرات في العديد من العواصم غرباً وشرقاً وهو ما شجع الولايات المتحدة الأميركية على اتخاذ قرار إسقاط النظام أو ما سمّته قانون «تحرير العراق» عام 1989 بتمويل مالي يصل إلى 98 مليون دولار أميركي.

ولأن الجسم الرئيسي للمعارضة العراقية كان شيعياً ـ كردياً ولم يكن للعرب السُّنة تمثيل مهم، إذ لا توجد قوى سنية أساسية معارضة لصدام في الخارج، إلا أن المفارقة التي لفتت الأنظار أنه في الوقت الذي لم تتمكن قوى المعارضة في الخارج من إحداث تأثير يذكر في بنية النظام فإن عدة محاولات انقلاب ضد النظام حصلت من داخله ومن قبل قيادات سنية عسكرية وعشائرية من محافظات سنية «حركة عشائر الجبور في محافظة صلاح الدين» وحركة «اللواء محمد مظلوم في محافظة الأنبار»، فضلاً عن محاولات أخرى في بغداد ومن قبل قيادات مهمة أخرى كان أبرزها انشقاق حسين كامل صهر صدام حسين وأحد أبناء عمومته.

لكن جميع تلك المحاولات كانت تعد سواء في دوائر الغرب أو حتى في أوساط المعارضة العراقية في الخارج محاولات انقلاب داخلية أو انقلابات قصر داخل أروقة السلطة السنية.

يضاف إلى ذلك وفي موازاة ما كان يحصل في الداخل من حركات تململ داخلية، كان هناك عدد من الضباط الكبار قد هربوا إلى الخارج والتحق جزء منهم بالمعارضة. ومع أهمية ما كانوا يتمتعون به من أدوار داخل المؤسسة العسكرية العراقية فإنهم لم يتمكنوا من أن يكونوا ضمن الخط الأول من معارضي صدام ممن نصبتهم الولايات المتحدة الأميركية قادة البلد بعد التغيير عام 2003.

بعد تغيير النظام عام 2003 بدءاً بهدم تمثال صدام حسين إلى مطاردته ومن ثم العثور عليه في منطقة قريبة من مسقط رأسه في تكريت وهي منطقة الدور وصولاً إلى محاكمته وتنفيذ حكم الإعدام به أواخر عام 2006، بدت كل من الولايات المتحدة والمعارضة في حالة فوضى وتخبّط في كيفية إدارة البلد بعد سقوط نظامه الذي كان حديدياً.

ومع نشوة ما كانت تشعر به المعارضة بعد القضاء على خصمهم الذي طاردهم وطاردوه لنحو ربع قرن، فإن أميركا وعبر الحاكم المدني الذي نصبته على العراق بول بريمر لم تعد مهتمة بما يمكن أن يحصل في العراق، حيث بدا أن هدفها كان إسقاط صدام حسين فقط.

ومع أن قوى المعارضة التي تسلمت الحكم ورغم كتابتها دستوراً بدا طبيعياً بل ومهماً في الكثير من مواده وفصوله على طريق بناء دولة عصرية فإنها استسلمت لأعراف بريمر ومن بينها بل أخطرها توزيع المناصب السيادية العليا (الرئاسات الثلاث) على المكونات.

وفي الوقت الذي كان يرى الكثيرون سواء كانوا سياسيين أم فاعلين اجتماعيين أو فكريين أن من المنطقي أن يتم تسليم منصب رئيس الجمهورية إلى عربي سني كون المحيط العربي للعراق سنياً بالكامل فإنه طبقاً لعرف بريمر تم تسليم منصب رئيس الجمهورية إلى الكرد. وبينما احتكر الشيعة المنصب التنفيذي الأول في البلاد وهو رئاسة الوزراء، فإن العرب السُّنة كان من حصتهم منصب رئيس البرلمان.

ومع أن هذه القسمة بدت غير مقنعة لكنها مضت عبر كل الدورات البرلمانية السابقة، حيث تولى عدد من قياديي السُّنة هذا المنصب. ومع أن صلاحيات البرلمان بوصفه سلطة تشريعية تبدو كبيرة بالقياس إلى صلاحيات رمزية لمنصب رئيس الجمهورية، فإن الجانب الاعتباري لمثل هذه المناصب تبدو هي الأكثر أهمية على صعيد تكريس مفهوم الزعامة.

وبينما بدا أن هذا التوزيع المكوناتي للمناصب السيادية العليا قد أدى إلى تفتيت البيوت المكوناتية بما في ذلك الشيعة والكرد، فإن الخسارة بدت أكبر للعرب السُّنة الذين يشعرون بعدم الإنصاف سواء على صعيد عدم وجود توازن في مناصب الدولة وهياكلها فضلاً عن مطاردتهم عبر قوانين العدالة الانتقالية ومن أبرزها قانون المساءلة والعدالة.

ومع كل المحاولات التي جرت عبر البرلمان الذي يترأسه عربي سني لتعديل هذه القوانين ومنها قوانين العفو العام لكنها لم تتحقق بالطريقة التي يأملها السنة في محافظاتهم، لا سيما الغربية منها، الأمر الذي حول منصب رئيس البرلمان إلى ساحة للتنافس الزعاماتي بين القادة السنة أنفسهم. ومع استمرار الأوضاع مثلما هي دون تغيير، فإن صراع الزعامات السنية أدى بالسُّنة إلى فقدان أهم منصب سيادي يحتلونه حسب التوزيع المكوناتي، وهو منصب رئيس البرلمان، حيث لم يتمكنوا من الاتفاق على مرشح واحد لخلافة الحلبوسي في رئاسة البرلمان، الأمر الذي أدى إلى بقاء المنصب بيد قيادي شيعي هو النائب الأول لرئيس البرلمان ربما إلى نهاية الدورة الحالية أواخر العام المقبل.


السلطات اللبنانية تحقق في إطلاق نار على مركز «حزب الكتائب» بوسط بيروت

بيت الكتائب المركزي في وسط بيروت (إعلام الكتائب)
بيت الكتائب المركزي في وسط بيروت (إعلام الكتائب)
TT

السلطات اللبنانية تحقق في إطلاق نار على مركز «حزب الكتائب» بوسط بيروت

بيت الكتائب المركزي في وسط بيروت (إعلام الكتائب)
بيت الكتائب المركزي في وسط بيروت (إعلام الكتائب)

باشرت الأجهزة الأمنيّة تحقيقاتها في حادثة إطلاق النار على «حزب الكتائب» في وسط بيروت ليل الأحد - الاثنين، حيث أصدر مفوّض الحكومة المعاون القاضي هاني الحجار أمراً بمراجعة الكاميرات وتحديد كامل بيانات السيّارة وتحديد هويّة الأشخاص الذين كانوا على متنها وتوقيفهم.

وأطلق مجهولون النار مساء الأحد على «بيت الكتائب المركزي» في الصيفي، وباشرت الأجهزة الأمنيّة تحقيقاتها في الحادثة بإشراف القضاء المختص. وتحدثت معلومات «الكتائب» عن أن السيارة التي أطلق منها النار هي من نوع «كامارو»، ويُشتبه بإطلاق النار من سلاح حربي من داخلها.

وأكد رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل أن سيارة أطلقت النار قبل وبعد «البيت المركزي» للحزب، وأكملت طريقها بسرعة قصوى. وطمأن الجميل، في تسجيل صوتي موجه لمناصري الحزب أنه «لا إصابات، وقد تم سحب رقم لوحة السيارة وتتم المتابعة مع الأجهزة الأمنية لمعرفة ملابسات الحادثة».

دورية لقوى الأمن الداخلي في بيروت (إعلام قوى الأمن)

واستنكرت شخصيات وقوى سياسية إطلاق النار على مركز «الكتائب». ورأى حزب «القوات اللبنانية» في بيان أن الحادثة «يُفهم منها بأنها رسالة سياسية وجهّت بالحديد والنار». وأدان الأعمال «التي يراد منها إبقاء لبنان ساحة فوضى وفلتان»، داعية القوى الأمنية إلى تعقُّب الفاعلين وتوقيفهم.

بدوره، دعا «الحزب التقدمي الاشتراكي» الأجهزة الأمنية إلى «كشف ملابسات الحادثة وتقديم المرتكبين إلى العدالة لمنع تكرار مثل هذه الأعمال التي من شأنها أن تذهب بالبلاد إلى الخطر الأمني الأكبر». وشدد على «ضرورة التنبه إلى ما يجري من تفلت والالتفاف حول الدولة ومؤسساتها أكثر من أي وقت مضى».

وأجرى رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميّل اتصالاً برئيس «التقدمي الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط وضعه فيه في تفاصيل عملية إطلاق النار. وأكد الطرفان «ضرورة تحويل هذه الحوادث إلى «فرص للجمع والوحدة بين اللبنانيين عوضاً عن بث أجواء التفرقة والحقد التي يريدها المحرضون».

على مستوى حزب «الكتائب»، قال أمين عام الحزب سيرج داغر في تصريح تلفزيوني: «الرسالة وصلت»، مضيفاً: «منذ فترة ونحن نتلقى رسائل، وأعتقد أن موقفنا السياسي يزعج البعض، لذا فإننا نتلقى الرسائل بطرق مختلفة، وأعتقد أنها في سبيل الضغط الأمني». وأضاف: «أعتقد أن الرسالة موجهة أيضاً إلى الأجهزة الأمنية بما معناه: إنكم في عز الإجراءات الأمنية لن تتمكنوا من القيام بشيء»، كما شدد على أن «موقفنا ثابت ولن يتغير».

كذلك، استنكر أعضاء المكتب السياسي للحزب إطلاق النار على المركز. وقال الوزير السابق آلان حكيم: «لن ترهبنا هذه الأعمال ولن تثنينا عن مسيرتنا، نحن مصممون على متابعة نضالنا من أجل الحرية والسيادة مهما كانت التحديات والتهديدات التي تواجهنا». وأضاف: «سنستمر في الدفاع عن لبنان، ومن يعتقد أنه يخيفنا بهذه الأعمال الدنيئة يكون مخطئاً، فنحن أكثر إصراراً على تحقيق أهدافنا الوطنية».

من جانبه، قال عضو المكتب السياسي مارون عساف: «حزب الـ5000 شهيد لن يرهبه رصاصكم بل بالعكس سيزيدنا تصميماً وعزماً وثباتاً في موقفنا. لن تأخذوا بالسلاح ما لم تأخذوه بالسياسة. سيبقى حزب الكتائب ضمير كل اللبنانيين في خدمة لبنان».


انتخابات البلديات في مناطق «الإدارة الذاتية» تثير شكوك المعارضة السورية

انتخابات تمهيدية للبلديات بمحافظة الحسكة السورية (الشرق الأوسط)
انتخابات تمهيدية للبلديات بمحافظة الحسكة السورية (الشرق الأوسط)
TT

انتخابات البلديات في مناطق «الإدارة الذاتية» تثير شكوك المعارضة السورية

انتخابات تمهيدية للبلديات بمحافظة الحسكة السورية (الشرق الأوسط)
انتخابات تمهيدية للبلديات بمحافظة الحسكة السورية (الشرق الأوسط)

حددت «الإدارة الذاتية لإقليم شمال شرقي» سوريا تنظيم انتخابات محلية في مناطق نفوذها بـ11 من شهر يونيو (حزيران) المقبل؛ لاختيار رؤساء البلديات، قبل شهر من الانتخابات البرلمانية في مناطق الحكومة السورية، في خطوة عدّتها المعارضة السورية تكريساً لتقسيم البلاد والذهاب نحو الانفصال، بعد مصادقة هذه «الإدارة» على خطوات منفردة مثل «العقد الاجتماعي» وهو بمثابة دستور محلي، و«قانون التقسيمات الإدارية» في مناطق نفوذها، إضافة إلى إجراء «مسح إحصائي» لعدد السكان المتبقين والوافدين بهذه المناطق، دون الكشف عن نتائجه، في وقت أعلن فيه مسؤول كردي بارز من تحالف «المجلس الوطني الكردي» المعارض عدم مشاركة أطرافه في هذه الانتخابات.

وكانت «الإدارة» قد أوضحت أنها ستعيد تشكيل مؤسساتها الخدمية وهياكلها الإدارية، وفق نتائج الانتخابات المحلية في 7 مقاطعات موزعة على 4 محافظات شمال شرقي البلاد بالحسكة والرقة وريف دير الزور وريف حلب الشرقي، على خلاف التقسيمات الإدارية التي كانت متبعة في سوريا قبل 2011.

يقول فيصل يوسف، المتحدث الرسمي باسم «المجلس الوطني الكردي»، إن الأحزاب التي تنضوي تحت مظلة المجلس «لن تشارك في انتخابات البلديات»، وذكر لـ«الشرق الأوسط» أن الانتخابات وآلية تنظيمها كانت جزءاً من المباحثات الكردية التي تعثرت نهاية 2020، و«كانت جزءاً من المفاوضات الكردية للتوافق على الرؤى السياسية وآلية المشاركة بالإدارة، ثم اختيار مرجعية كردية عُليا والذهاب لإجراء الانتخابات».

وأشار إلى أن «حزب الاتحاد الديمقراطي»؛ إحدى أبرز الجهات السياسية في «الإدارة الذاتية»، والجهات السياسية المتحالفة معه، «هو من وضع معايير هذه الانتخابات وفقاً لرؤيته وآيديولوجيته، لذلك فلن يشارك المجلس بهذه الانتخابات».

ويرى متابعون ومراقبون للشأن السوري أن الخطوات «الأحادية» التي اتخذتها «الإدارة الذاتية» بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي»، مؤخراً، تكرس تقسيم البلاد بين مناطق نفوذ وفق تموضع الجهات العسكرية جراء استمرار النزاع الدائر منذ 13 عاماً، وأن هذه الإجراءات من شأنها تعميق الخلافات بين الأطراف السورية ومخالفة القرار الدولي «2254» الخاص بحل الأزمة السورية.

سيهانوك ديبو مدير مكتب العلاقات العامة في «حزب الاتحاد الديمقراطي»

في رده على هذه الاتهامات حيال مساعي الإدارة لتنظيم الانتخابات وتقسيم مناطقها الإدارية؛ يرى سيهانوك ديبو، رئيس مكتب العلاقات العامة في «حزب الاتحاد الديمقراطي»؛ أبرز الأحزاب السياسية التي تقود «الإدارة الذاتية» منذ تأسيسها عام 2014، أن «العقد» و«التقسيمات» و«انتخابات البلديات»، «دليل ملموس على تمسكنا بوحدة سوريا وسيادة ترابها؛ لأن مشروعنا ينهي واقعها التقسيمي، فالانتظار وإبقاء الحالة الراهنة، يعنيان تكريس حالة الانقسام وإبقاء البلاد ضعيفة وفاشلة ومجزأة».

انتخابات تمهيدية

ووفق تقسيمات «الإدارة» التي أقرت في 11 مايو (أيار) الحالي؛ توزعت المقاطعات على: «الجزيرة» بالحسكة و«دير الزور» و«الرقة» و«الطبقة» و«الفرات» و«منبج» و«عفرين» شمال حلب. ووفق قانون تقسيماتها الجديد، صنفت 6 مدن بوصفها كبيرة من حيث التعداد السكاني لتجاوز عدد سكانها 200 ألف نسمة، وهي الحسكة والقامشلي شمال شرقي البلاد، والرقة شمالاً، وكوباني (عين العرب) ومنبج وعفرين شمال سوريا، كما تضم 40 مدينة و105 بلدات وقرى ووحدات سكانية ومزارع.

سكان بلدة الدرباسية يدلون بأصواتهم في انتخابات تمهيدية للمجالس المحلية بمناطق شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

وأقرت «المفوضية العليا للانتخابات» التابعة لـ«الإدارة الذاتية» تنظيم انتخابات تمهيدية في النواحي والبلدات والمدن الرئيسية، لاختيار أعضاء مجالس البلديات ورؤساء الوحدات الصغيرة، وتعرف بـ«الكومين»، تمهيداً لانتخاب رؤساء البلديات في 11 من الشهر المقبل، تليها انتخابات مجالس المدينة والمقاطعات، وتعقبها انتخابات «مجلس الشعوب الديمقراطي» على مستوى المقاطعات، وهذا المجلس أعلى سلطة تشريعية لدى «الإدارة» الذي يوازي البرلمان.

وعدّ سيهانوك ديبو الخطوات التي اتخذتها الإدارة مؤخراً تمضي نحو طريق «الجمهورية السورية الثالثة» وانتشال البلد من واقعها التقسيمي، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نتائج الانتخابات رسالة لتقديم أنموذج تشاركي بين مكونات المنطقة، فهي أول مرة في تاريخ سوريا ينتخب فيها المواطن بوعي انتخابي وإرادة كاملة من يمثله بمجالس البلدية»، منوهاً بتمسك «الإدارة» و«حزب الاتحاد» بحل الأزمة السورية وفق القرار الدولي «2254»، ورفض التقسيم والانفصال. ليزيد: «نرفض التقسيم المسلط على بلدنا، وهذه الانتخابات بمثابة رسالة لنشر مفهوم الأمن والاستقرار في مناطقنا، ونأمل تطبيقها بعموم سوريا».

لكن جهات سياسية كردية وعربية امتنعت عن المشاركة في كتابة مسودة «العقد الاجتماعي»؛ من بينها «المجلس الكردي» المُعارض، و«المنظمة الثورية الديمقراطية الآشورية»، و«الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي»... وأحزاب كردية أخرى.

يذكر أن أحزاب «المجلس الكردي» دخلت بداية 2020 في مباحثات مباشرة مع أحزاب «الوحدة الوطنية» الكردية المشاركة في «الإدارة الذاتية» بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي»، برعاية ووساطة المبعوثين الأميركيين الذي عينتهم الإدارة الأميركية شرق سوريا آنذاك، وتوصلوا إلى اتفاق سياسي ورؤية مشتركة، لكنها تعثرت نهاية العام نفسه.

وتركزت محاور المباحثات على إشراك «المجلس» في إدارة المنطقة وانخراط الجناح العسكري «بيشمركة روج» أمنياً وعسكرياً في المنظومة العسكرية بقيادة «قوات سوريا الديمقراطية».

ولفت فيصل يوسف إلى أن «المجلس الكردي» على استعداد تام لاستئناف تلك الحوارات واللقاءات الكردية على قاعدة الوثيقة الموقعة برعاية أميركية منتصف 2020، و«اتفاقية دهوك» لعام 2014. وأضاف: «نؤكد على أهمية وضرورة استكمال المفاوضات التي جرت برعاية أميركية، للوصول إلى اتفاق شامل يضمن مشاركة جميع مكونات المنطقة وإشراك جميع الجهات السياسية».

مقر مجلس «مسد» بمدينة الحسكة الواقعة أقصى في شمال شرقي سوريا

وكانت «الإدارة الذاتية» قد أجرت إحصاءً سكانياً في مايو 2022 جمعت منه بيانات أعداد الأسر والعائلات؛ من سكانها المتبقين في مناطقهم والمقيمين من الوافدين والنازحين، وطبيعة أعمالهم، إضافة إلى المغتربين، ومطابقتها مع الوثائق والثبوتيات الشخصية الرسمية، دون أن تكشف عن النتائج والأرقام التي جمعتها وقتذاك، وأثارت هذه الخطوة وخطوات أخرى حفيظة وشكوك المعارضة السورية وحكومة النظام الحاكم.


«الخماسية» حذّرت من تعطيل انتخاب الرئيس اللبناني... وتوسعة إسرائيل للحرب

مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)
مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«الخماسية» حذّرت من تعطيل انتخاب الرئيس اللبناني... وتوسعة إسرائيل للحرب

مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)
مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تبقى تهيئة الظروف السياسية أمام ترجمة ما تضمنته خريطة الطريق التي رسمها سفراء «الخماسية» لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، عالقة على الجهود التي يتولاها السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو في تنقلّه ما بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والقيادات في المعارضة، في محاولة للتوصل إلى صيغة مركّبة لا تشكل تحدياً لأحد، يراد منها التوفيق بين التشاور والحوار لإخراج آلية الانتخاب من التباين، تمهيداً لإعادة فتح أبواب البرلمان على نحو يؤدي إلى انتخاب الرئيس، بخلاف الجلسات النيابية السابقة التي اصطدمت بحائط مسدود، وكانت وراء التمديد للشغور الرئاسي الذي مضى عليه أكثر من سنة و7 أشهر.

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبِلاً سفراء «الخماسية» في مقر رئاسة النواب (أرشيفية - مجلس النواب)

فسفراء «الخماسية»: الأميركية ليزا جونسون، والسعودي وليد البخاري، والمصري علاء موسى، والقطري عبد الرحمن بن سعود آل ثاني، إضافة إلى الفرنسي ماغرو، رفضوا، في بيانهم الذي أصدروه، الاستسلام لفقدان الثقة بين المعارضة ومحور الممانعة، الذي يعطل انتخاب الرئيس، وأصروا على حشر المعنيين بانتخابه في الزاوية، محذّرين إياهم من التمادي في تعطيلهم الذي يمنع إعادة تكوين السلطة بوصفه شرطاً لانتظام المؤسسات الدستورية لوقف تدحرج البلد نحو الانهيار الشامل.

قبل حلول الصيف

ويقول سفير في «الخماسية»، فضّل عدم ذكر اسمه، إنه وزملاءه في اللجنة ليسوا بحاجة لتبرئة ذمّتهم أمام المجتمع الدولي والرأي العام اللبناني بإصدار البيان في ختام اجتماعهم بدعوة من السفيرة جونسون، التي غادرت إلى واشنطن لحضور المؤتمر السنوي لسفراء الولايات المتحدة في الخارج، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن البيان جاء معطوفاً على ما لديهم من معطيات بأن البلد لم يعد يحتمل استمرار تعطيل انتخاب الرئيس، بوصفه ممراً إلزامياً لإعادة تكوين السلطة، تحسُّباً لمواجهة التحديات التي تنتظره، وأبرزها عدم وجود ضمانات بجنوح إسرائيل نحو توسعة الحرب في جنوب لبنان.

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (المكتب الإعلامي لرئاسة البرلمان)

وينقل عدد من النواب والوزراء عنه دعوته لهم إلى عدم إسقاط توسعة الحرب من حساباتهم، رغم الضغوط الدولية التي تمارسها الولايات المتحدة وفرنسا على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو. ويقول هذا السفير المشار إليه سابقاً، إن مسؤولين في البلدين نصحوا القيادات اللبنانية بضرورة تدبير أمورهم قبل حلول الصيف، وهو الموعد الذي حدده وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت.

ويلفت السفير نفسه إلى أن هناك ضرورة لإعادة تكوين السلطة بانتخاب الرئيس، وتشكيل حكومة فاعلة؛ لأن القيام بهذه الخطوة يرفع من منسوب الضغط والتدخل الدوليين لدى إسرائيل للجم تدحرجها نحو توسعة الحرب، إفساحاً في المجال أمام لبنان ليعيد ترتيب أوضاعه بما يسمح له بالدخول في مفاوضات برعاية دولية لتطبيق القرار 1701.

تحذير من «الاستخفاف» اللبناني بالنصائح

ويحذّر السفير نفسه من إهدار الوقت، ومن استخفاف المَعْنِيِّين بانتخاب الرئيس بالنصائح التي أُسديت لهم من قِبَل أكثر من جهة دولية وإقليمية، بوجوب وقف تعطيلهم انتخاب الرئيس. ويؤكد أن تحذير «الخماسية» من لجوء إسرائيل لتوسعة الحرب لا ينطلق من فراغ، وإنما من معطيات كانت نقطة تقاطع بين الموفدين الغربيين الذين يتهافتون لزيارتها بغية إثناء نتنياهو وفريق حربه عن توسعة الحرب.

الدخان يتصاعد فوق قرية بجنوب لبنان بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسأل السفير العضو في «الخماسية»: ما الجدوى من الربط بين جبهتي غزة وجنوب لبنان؟ وكيف سيكون الوضع في البلد في حال استمرت الحرب على الجبهة الغزاوية ولم تؤدِّ الوساطات إلى وقف إطلاق النار؟ وهل يتحمل لبنان التمديد للفراغ في رئاسة الجمهورية؟ وماذا سيقول «حزب الله» للبنانيين؟ وهل سيصمد في موقفه بعدم الفصل بين مساندته غزة وانتخاب الرئيس، خصوصاً أنه يُخشى من أن يؤدي ترحيل انتخابه إلى التمديد للفراغ الرئاسي إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، أي إلى ربيع عام 2025؟

ويؤكد السفير أن بيان «الخماسية» هو لسان حال جميع الدول الأعضاء فيها، ويشكل نقطة تلاقٍ حول التحذير من قيام إسرائيل بتوسعة الحرب، ويقول إن دعوتهم لانتخاب الرئيس بحلول نهاية الشهر الحالي جاءت بناءً على إلحاح عدد من الكتل النيابية التي سبق للسفراء أن تواصلوا معها.

إنذار من «الخماسية»

ويعترف السفير نفسه بأن «الخماسية» أرادت من إصدار بيانها توجيه إنذار للكتل النيابية على طريقتها، لعلها تبادر للانخراط في إعادة خلط الأوراق لإخراج انتخاب الرئيس من التأزم الذي يحاصره، وإن كان ينأى بنفسه عن البوح برد فعل الدول الأعضاء في «الخماسية»، في حال عدم التفات المعنيين إليه بجدية، أو لم يتعاملوا معه على أنه ينطوي على ما يشكله الوضع من خطورة على البلد تستدعي تضافر الجهود لإنقاذه اليوم قبل الغد، خصوصاً أن الجنوب يدخل حالياً في حرب حقيقية لن يوقفها التقيُّد بقواعد الاشتباك التي أصبحت من الماضي.

لذلك يبقى السؤال: ماذا سيقول الناخبون الكبار المَعنيون بانتخاب الرئيس للجنة «الخماسية»؟ وهل لدى البعض ما يبرّر تعطيلهم انتخابه وعدم اكتراثهم للتحذيرات من توسعة الحرب، خصوصاً أن بلدهم أصبح مكشوفاً، ويفتقد شبكة الأمان بغياب إعادة تكوين السلطة، بينما هم لا يعيرون اهتمامهم للنصائح الدولية التي تأتي، وتتولى حكومة تصريف الأعمال إدارة الأزمة بحدودها الدنيا وبإمكانات متواضعة، ولم تعد قادرة على التأثير في مجريات المواجهة جنوباً ما دامت قد أوكلت، كما يقول السفير نفسه، لسواها خوض المفاوضات الرامية إلى تهدئة الوضع، وتحضير الأجواء لتطبيق القرار 1701 الذي يبدو أنه بعيد المنال، على الأقل في المدى المنظور، مع أن هناك ضرورة لحشر إسرائيل وتقديمها للمجتمع الدولي على أنها تعطّل تطبيقه؟


معبر رفح معضلة لإسرائيل بعد السيطرة عليه وإغلاقه

لافتة مدمَّرة في معبر كرم أبو سالم تشير إلى الاتجاه نحو رفح (رويترز)
لافتة مدمَّرة في معبر كرم أبو سالم تشير إلى الاتجاه نحو رفح (رويترز)
TT

معبر رفح معضلة لإسرائيل بعد السيطرة عليه وإغلاقه

لافتة مدمَّرة في معبر كرم أبو سالم تشير إلى الاتجاه نحو رفح (رويترز)
لافتة مدمَّرة في معبر كرم أبو سالم تشير إلى الاتجاه نحو رفح (رويترز)

يرفرف العلَم الإسرائيلي فوق الجانب الفلسطيني من معبر رفح، لكن المستقبل الغامض والشائك لهذا المنفذ الحدودي بين القطاع الفلسطيني ومصر بات يشكّل معضلة بالنسبة لإسرائيل في ظل حالة الطوارئ الإنسانية المتنامية.

وقد شكّل رفع العلَم الإسرائيلي محطة رمزية في سياق الحرب في قطاع غزة؛ إذ إن المعبر بقي، حتى وقت قريب، أحد رموز سيادة «حماس» على قطاع غزة الذي سيطرت عليه الحركة في 2007.

وعلى مدى الأعوام الماضية، كانت الحركة تسيطر على الجانب الفلسطيني من المعبر، وتُحصّل الضرائب على حركة العبور فيه. كما يشتبه الجانب الإسرائيلي أن هذا المعبر استُخدم لتهريب الجزء الأكبر من ترسانة الفصائل الفلسطينية المسلحة إلى القطاع الذي تفرض عليه الدولة العبرية حصاراً منذ أكثر من 10 أعوام.

وقالت إسرائيل إن معلوماتها الاستخبارية تشير إلى أن المعبر «كان يُستخدم لأغراض إرهابية».

خليل الحية وإسماعيل هنية ويحيى السنوار من حركة «حماس» خلال زيارة لمعبر رفح في 19 سبتمبر 2017 (رويترز)

ومنذ توغل دباباتها برفح في السابع من مايو (أيار) الحالي، أغلقت إسرائيل هذا المعبر الذي كان تحت إدارة السلطة الفلسطينية بين عامي 2005 و2007.

وترفض مصر إعادة فتح المعبر من جانبها ما دامت القوات الإسرائيلية تسيطر على الجانب الآخر، وفق ما تقول قناة «القاهرة الإخبارية».

كانت العواقب المباشرة لإغلاق المعبر إنسانية؛ فهو من نقاط العبور الرئيسية للمساعدات المخصصة للقطاع الغارق في الحرب منذ أكثر من 7 أشهر.

ومع كونه نقطة دخول وخروج موظفي الإغاثة الإنسانية الدوليين، فهو يشهد أيضاً مرور نحو 100 شاحنة تنقل مواد غذائية، وبشكل خاص الوقود الضروري للبنى التحتية في القطاع المحروم من التغذية بالتيار الكهربائي، بالإضافة إلى المركبات الإنسانية.

أطفال فلسطينيون نازحون يصطفون في رفح للحصول على طعام (أ.ف.ب)

شكوك

تقول إسرائيل إنها تبحث عن شريك لإعادة فتح أبواب رفح، وهو مسعى معقد؛ لأن السيطرة على المعبر تنطوي على رهانات سياسية واستراتيجية.

وغداة الاستيلاء الإسرائيلي، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن الدولة العبرية بدأت مفاوضات مع مصر والولايات المتحدة لتكليف شركة أميركية خاصة بإدارة المعبر.

ويثير هذا المشروع الذي تؤكد واشنطن عدم علمها به، شكوكاً لدى عدد من المحللين الذين يعتقدون أن الفصائل الفلسطينية لن تقبل به، وسيحيل المعبر هدفاً لها، ما يجعل استخدامه مستحيلاً.

ومنذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية في رفح، تبنت «حماس» هجمات عدة بقذائف «الهاون» في اتجاه المعبر.

وذكرت تقارير صحافية، الأربعاء، أن القاهرة رفضت اقتراحاً إسرائيلياً بإعادة فتح المعبر، والمشاركة في تشغيله، متضمناً انسحاباً يبقى نظرياً، إلى حد كبير، للقوات الإسرائيلية.

وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية والفلسطينية عن مقترح إسرائيلي آخر يقضي بتسليم المعبر رسمياً للسلطة الفلسطينية، على أن تفوّض العمليات إلى جهة فلسطينية محايدة، مثل «جمعية الهلال الأحمر»، لكن السلطة الفلسطينية رفضت الأمر، مشيرة إلى أنها لن تستعيد السيطرة على المعبر إلا بسلطتها الكاملة.

«طوارئ إنسانية»

بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في 2005، نصت «اتفاقية حركة التنقل والوصول» التي رعتها واشنطن إلى حد كبير، على منح السلطة الفلسطينية حق السيطرة على معبر رفح بإشراف درك من بعثة الاتحاد الأوروبي، مع ضمان حق إسرائيل في التفتيش.

وقال مصدر أوروبي في القدس لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه جرى أيضاً طلب ذلك من بعثة الاتحاد الأوروبي التي ردت بأنها ترفض المشاركة في العمليات عند المعبر ما لم تشارك السلطة الفلسطينية؛ وذلك تطبيقاً للآلية الموضوعة بهذا الصدد في 2005.

وأكد دبلوماسي من دول التكتل الأوروبي في تل أبيب، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه جرت استشارة سفارته حول مصير المعبر في المستقبل القريب.

وقال: «يبدو لي أنه من غير المحتمل أن نتدخل بشكل مباشر»، متحدثاً عن فجوة بين المهمة المعقدة لإنشاء بعثة أوروبية في المعبر، وحال «الطوارئ الإنسانية» الراهنة التي تعدها بلاده من «مسؤولية إسرائيل».

يمكن للأمم المتحدة أن تكون شريكاً مثالياً في هذه العملية؛ فرغم أن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لم تقم بإدارة المنفذ الحدودي قط، فإنه سبق لها أن أدت دوراً مهماً في إدارة عبور المساعدات منه، ولكن يصعب أن يكون ذلك محل قبول إسرائيلي؛ إذ وجَّهت الدولة العبرية وابلاً من الانتقادات للوكالة، واتهمها مسؤولون وشخصيات عامة بالتواطؤ مع «حماس»، وهو ما تنفيه «الأونروا».


ارتفاع حصيلة القتلى في غزة إلى 35 ألفاً و562 منذ اندلاع الحرب

فلسطينيون يبكون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في قصف إسرائيلي خلال الليل في عيادة في حي تل السلطان في رفح بجنوب غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يبكون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في قصف إسرائيلي خلال الليل في عيادة في حي تل السلطان في رفح بجنوب غزة (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع حصيلة القتلى في غزة إلى 35 ألفاً و562 منذ اندلاع الحرب

فلسطينيون يبكون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في قصف إسرائيلي خلال الليل في عيادة في حي تل السلطان في رفح بجنوب غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يبكون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في قصف إسرائيلي خلال الليل في عيادة في حي تل السلطان في رفح بجنوب غزة (أ.ف.ب)

أفادت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» اليوم الاثنين بأن حصيلة الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة ارتفعت إلى 35562 قتيلاً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

وقالت الوزارة في بيان إنه تم إحصاء «106 شهداء و176 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية»، لافتة إلى أن عدد الجرحى الإجمالي بلغ 79652 منذ بدء المعارك قبل أكثر من سبعة أشهر.

ويواصل الجيش الإسرائيلي ضرب قطاع غزة بغارات جوية وقصف مدفعي مع احتدام المعارك في شمال القطاع المحاصر ومدينة رفح في أقصى الجنوب حيث تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي بتوسيع العمليات البرية. وبعد أسبوعين تقريباً منذ بدء العملية الإسرائيلية في رفح، أعلنت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 810 آلاف فلسطيني من المدينة.


6 قتلى من مجموعات موالية لطهران في ضربات إسرائيلية وسط سوريا

مجموعات مسلحة موالية لإيران في سوريا (أرشيفية - رويترز)
مجموعات مسلحة موالية لإيران في سوريا (أرشيفية - رويترز)
TT

6 قتلى من مجموعات موالية لطهران في ضربات إسرائيلية وسط سوريا

مجموعات مسلحة موالية لإيران في سوريا (أرشيفية - رويترز)
مجموعات مسلحة موالية لإيران في سوريا (أرشيفية - رويترز)

قتل ستة مقاتلين على الأقل من مجموعات موالية لطهران، اليوم (الاثنين)، جرَّاء ضربات إسرائيلية على وسط سوريا، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

وذكر «المرصد» أن ضربات إسرائيلية استهدفت مقراً لـ«حزب الله» اللبناني في منطقة القصير في محافظة حمص قرب الحدود مع لبنان، مما أسفر عن ستة قتلى، لم يتمكن من تحديد جنسياتهم بعد، بينما طالت ضربة أخرى مقراً تستخدمه مجموعات موالية لطهران جنوب مدينة حمص.


«الأونروا»: نزوح أكثر من 810 آلاف فلسطيني من رفح منذ إصدار أوامر بالإخلاء

أطفال فلسطينيون نازحون يصطفّون للحصول على الطعام في رفح (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون نازحون يصطفّون للحصول على الطعام في رفح (أ.ف.ب)
TT

«الأونروا»: نزوح أكثر من 810 آلاف فلسطيني من رفح منذ إصدار أوامر بالإخلاء

أطفال فلسطينيون نازحون يصطفّون للحصول على الطعام في رفح (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون نازحون يصطفّون للحصول على الطعام في رفح (أ.ف.ب)

قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، اليوم الاثنين، إن أكثر من 810 آلاف فلسطيني نزحوا من رفح في جنوب قطاع غزة، خلال الأسبوعين الماضيين، بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء.

وقالت الوكالة الأممية، عبر منصة «إكس»: «في كل مرة تشرد فيها عائلات، تتعرض حياتها لخطر جسيم، ويضطر الناس لترك كل شيء خلفهم؛ بحثاً عن الأمان»، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

وأضافت: «لا توجد منطقة آمنة».


إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة

أطفال فلسطينيون بمخيم رفح يوم الأحد في طريقهم لتلقي مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون بمخيم رفح يوم الأحد في طريقهم لتلقي مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة

أطفال فلسطينيون بمخيم رفح يوم الأحد في طريقهم لتلقي مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون بمخيم رفح يوم الأحد في طريقهم لتلقي مساعدات غذائية (أ.ف.ب)

استقبلت إسرائيل، مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، أمس، بقصف مكثّف على قطاع غزة أودى بحياة ما يزيد على 70 قتيلاً خلال 24 ساعة، وفق السلطات الصحية بالقطاع. والتقى سوليفان، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، وسط دعوات أميركية لجعل الحملة العسكرية أكثر تركيزاً على الأهداف. وقال البيت الأبيض، قُبيل الاجتماع، إن «من المتوقع أن يضغط سوليفان على إسرائيل لملاحقة مسلحي (حماس) بطريقة محددة الأهداف، وليس عبر هجوم واسع على مدينة رفح (أقصى جنوب غزة)».

وتتوغل إسرائيل في رفح المتاخمة للحدود مع مصر، وتزعم تل أبيب أن المدينة معقل أخير لـ«حماس»، بينما لا تزال تدور معارك كبيرة بين الجيش الإسرائيلي وعناصر «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لـ«حماس»، في شمال ووسط غزة.

في غضون ذلك، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، مشيراً إلى أن ما يحدث في القطاع «أمر مفجع، وأزمة إنسانية لا بد من وقفها». وقال في خطاب في جورجيا، أمس: «نحتاج إلى جهد دولي للحصول على المزيد من المساعدة لإعادة بناء غزة، وأنا أعمل على مدار الساعة من أجل وقف إطلاق النار، وبناء سلام دائم (...) والتأكد من مسار لحل الدولتين».

من جهة أخرى، قال المفوض العام لوكالة «أونروا» فيليب لازاريني، أمس، إن موظفي الوكالة تعرضوا للاعتقال والتعذيب من جانب إسرائيل، وأُجبروا على الاعتراف بجرائم لم يقترفوها.