قال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، إن أزمة احتجاز إسرائيل للأموال الفلسطينية (المقاصة) لم تجد طريقها للحل، رغم التدخل الأميركي المباشر.
وأضاف، في مستهل جلسة الحكومة الفلسطينية، الاثنين: «رغم تدخل الرئيس الأميركي جو بايدن، ومستشاره للأمن القومي جيك سوليفان، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، وعدد من زعماء العالم، الموضوع ما زال يراوح مكانه. إسرائيل ما زالت ترفض اقتراحات الإدارة الأميركية حول موضوع المقاصة، مثل تحويل هذه الأموال إلى النرويج وهي تسلّمها بدورها إلينا، مع أننا وافقنا على ذلك».
وجاء تأكيد أشتية على استمرار الأزمة قبل ساعات من وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل، وهو سيلتقي الثلاثاء مسؤولين إسرائيليين، قبل أن ينتقل الأربعاء إلى الضفة الغربية للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وستكون قضية الأموال على جدول أعماله.
وكانت الإدارة الأميركية زادت الضغوط على إسرائيل من أجل تحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية. وتدخل الرئيس الأميركي جو بايدن شخصياً، مثيراً في مكالمته الأخيرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، موضوع العوائد الضريبية، وطلب منه قبول الاقتراح الذي قدمته إسرائيل بنفسها إلى الولايات المتحدة، والذي بموجبه سيتم تحويل أموال الضرائب إلى النرويج حتى يتم التوصل إلى ترتيب من شأنه تبديد مخاوف إسرائيل من وصول الأموال إلى «حماس» في قطاع غزة. ومعلوم أن هذا الترتيب وافقت عليه فعلاً السلطة الفلسطينية، وأبلغت الولايات المتحدة أنها ستكون مستعدة، بموجبه، لأخذ الجزء من أموال الضرائب الذي لم تجمده إسرائيل.
وقال مسؤول أميركي إن نتنياهو فاجأ بايدن عندما تراجع عن الاتفاق الإسرائيلي، وقال إنه لم يعد يعتقد أن العرض النرويجي جيد. وقال نتنياهو لبايدن إنه لا يثق بالنرويج، وشدد على أن السلطة الفلسطينية ينبغي لها ببساطة أن تأخذ الجزء الذي ترغب إسرائيل في تحويله إليها من أموال الضرائب، لكن بايدن رد على نتنياهو بقوله إن الولايات المتحدة تثق بالنرويج، وإن هذا ينبغي أن يكون كافياً لإسرائيل لكي تقبله، ثم أبلغه بأن عليه مواجهة المتطرفين في ائتلافه الحكومي بشأن هذه القضية، مثلما يتعامل هو (بايدن) مع الضغط السياسي من الكونغرس بشأن الحرب في غزة، ثم قال له إنه يتوقع منه إيجاد حل للمسألة، وأنهى الحديث بعبارة: «هذا الحديث انتهى»، بحسب تقارير عن فحوى المحادثة بينهما.
والمشكلة الرئيسية في إسرائيل أن وزير المالية المتطرف بتسليئل سموتريتش يرفض تحويل الأموال وأعلن مرتين بعد ضغط أميركي أنه لن يحول «شيقل» واحداً للسلطة الفلسطينية.
وبدأت الأزمة بعد نحو شهر من بدء الحرب على قطاع غزة، بعدما قررت الحكومة الإسرائيلية اقتطاع الأموال التي تخصصها السلطة للقطاع (رواتب، ومساعدات، ونفقات لوزارة الصحة والعلاجات، وأثمان كهرباء) وتقدّر بنحو 140 مليون دولار شهرياً، من المبلغ العام المستحق للسلطة، واشتراطها عدم تحويل أي مبالغ للقطاع. وقررت السلطة عدم تسلّم هذه الأموال.
وجاءت الخطوة التي وقف خلفها سموتريتش، في وقت تعاني فيه السلطة أصلاً من أزمة مالية، وتدفع فيه رواتب منقوصة لموظفيها في القطاعين المدني والعسكري منذ عامين، بسبب اقتطاع إسرائيل نحو 50 مليون دولار من العوائد الضريبية (المقاصة) تساوي الأموال التي تدفعها السلطة لعوائل مقاتلين قضوا في مواجهات سابقة، وأسرى في السجون الإسرائيلية، إضافة إلى بدل أثمان كهرباء وخدمات طبية.
وفاقم القرار الإسرائيلي من الأزمة وأشعل المخاوف من خلق فوضى، وهي مسألة كانت محل نقاش وخلاف حاد في إسرائيل نفسها ومع الولايات المتحدة.
وبموجب اتفاق أوسلو، تجمع وزارة المالية الإسرائيلية الضرائب نيابة عن الفلسطينيين وتقوم بتحويلات شهرية إلى السلطة الفلسطينية، ويثير هذا الترتيب خلافات مستمرة.
وقال أشتية إن «إسرائيل خصمت 517 مليون شيقل من أموال المقاصة الشهر الماضي التي بلغت 750 مليون شيقل، فرفضنا استلامها». وأكد أنهم يتطلعون إلى انتهاء الأزمة، لكن رغم ذلك ستناقش الحكومة أي خطط محتملة لمواجهة انسداد الأفق في موضوع أموال المقاصة.
وحصلت السلطة على قروض من البنوك مرتين بعد الحرب على قطاع غزة من أجل دفع رواتب موظفيها، وتبدو الخيارات الآن أكثر تعقيداً.
ويأمل المسؤولون في رام الله أن يستطيع بلينكن تسوية المسألة خلال زيارته هذه واجتماعه المرتقب بالقيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس.
وكان خلاف دبّ في إسرائيل نفسها حول مسألة تحويل الأموال للسلطة بعدما طالب وزير الدفاع، يوآف غالانت، بتحويل الأموال للسلطة من أجل «الحفاظ على الاستقرار». ورد سموتريتش بالقول إن غالانت يرتكب «خطأ فادحاً» بالمطالبة بالإفراج عن الأموال.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن المستوى الأمني وعلى رأسه غالانت يدعم تحويل الأموال لسببين: الأول أنه يريد استقراراً في الضفة الغربية، والثاني أنه يعرّض للخطر خططاً مستقبلية في غزة قد تكون مرتبطة بوجود السلطة.