شبّه زكي أبو سليمة، أحد سكان قطاع غزة، مَذاق المياه التي تتدفق الآن إلى القطاع المدمَّر من مشروع لتحلية المياه في مصر، بأنها «زي السكر»، وذلك بعد أسابيع من القصف والحصار الإسرائيلي جعلته وكثيرين آخرين يشربون مياهاً غير نظيفة ومالحة.
وتتدفق المياه لغزة من ثلاث محطات أقامتها الإمارات على الجانب المصري من الحدود، ويجري ضخ مياهها إلى رفح، بعد أن بدأت العمل، يوم الثلاثاء، في إطار الجهود المبذولة لتخفيف أحد أكبر التحديات الإنسانية في غزة.
وقال أبو سليمة: «كانت معاناة شديدة جداً، كنا يعني نضطر نجيب من مية البحر عشان نحط في البراميل عندنا، هادي المية بالنسبة إلها حلوة كتير، وبتنشرب حتى. أما إحنا في الأول المية كنا نجيب من البحر للحمامات الشمسية، أما هادي والله مية زي السكر بتنشرب. يعني مية مفلترة زي المية اللي بقينا نشتريها».
لكن مع وجود حاجة ماسّة إلى المياه النظيفة، فإن البنية التحتية المدمَّرة في غزة تعني أن من الصعب توزيعها خارج مدينة رفح الحدودية، ناهيك عن ضخّها إلى خزانات الأسطح التي تسمح للناس باستخدامها في المباني المتبقية بالقطاع.
وقطعت إسرائيل كل إمدادات الكهرباء الخارجية عن غزة، عندما بدأت الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في أعقاب هجوم مُباغت شنّته حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على بلدات إسرائيلية أسفر عن مقتل 1200 شخص، وفقاً لإسرائيل. كما أدى حصارها أراضي القطاع إلى توقف معظم إمدادات الوقود، مما يعني أن مُولدات الطاقة المحلية لا تعمل أيضاً.
وقال أبو سليمة: «بس المشكلة إنها (المياه المتدفقة من مصر) مبتطلعش فوق، يعني بدها كهرباء، يعني يزوّدونا بخط كهرباء يكون أفضل، عشان نقدر نطلعها فوق؛ لأنك شايف بنعبّي بالسطول وبنطلع فوق».
وحتى في رفح، حيث أمر الجيش الإسرائيلي المدنيين بالبحث عن ملجأ، فإن ندرة الغذاء والمياه النظيفة بالغة جداً لدرجة أنها تتسبب في فقدان الناس الوزن، والمرض.
وعند خزان مياه بين المنازل في رفح، يتناوب مجموعة من الأطفال الشرب بأيديهم من أنبوب متدفق، في مشهد نادر، في الأسابيع الأخيرة.
وقال محمد صبحي أبو ريالة، مدير دائرة المياه والصرف الصحي في بلدية جباليا، إن نزوح الآلاف من سكان غزة إلى رفح أدى إلى تفاقم المشاكل القائمة بالفعل في المدينة، حيث يوجد نقص في الوقود لتشغيل الآبار.
وأضاف أبو ريالة: «صراحة كانت فيه معاناة حقيقية موجودة منذ بداية الحرب على غزة، خصوصاً في منطقة رفح الغربية وعامة عموم رفح، وبعد نزوح أعداد هائلة من المواطنين من غزة والشمال باتجاه رفح، بالإضافة للنزوح الثاني من خان يونس أيضاً باتجاه رفح، وطبعاً هذا سبّب أزمة كبيرة على جميع المستويات».
وأردف قائلاً: «صراحة، هذا الخط الجديد اللي مدّوه من خلال إخواننا في جمهورية مصر العربية، إخواننا الأشقاء في مصر، صراحة كان له دور كبير في إنه يخفف من الهموم ومعاناة إخواننا النازحين وأهل رفح بخصوص موضوع المياه، حيث حتى نوعية المياه أفضل من المياه اللي كانت أصلاً موجودة؛ لأنه أصلاً غزة تعاني من مشكلة المياه الجوفية وملوحة المياه الجوفية وشُح المياه الجوفية، يعني صراحة، هذا ريحت كتير، ووفرت الجهد الكبير، وخصوصاً أيضاً أنه جزء كبير من آبار رفح تحتاج للوقود لتشغيلها».
وتصل أنابيب طولها 900 متر بين المحطات على الحدود المصرية وقطاع غزة، وتقوم بتحلية نحو 600 ألف جالون من المياه يومياً.