تقرير: فرص التوصل لاتفاق تبادل بين «حماس» وإسرائيل قائمة لكن الهوة كبيرة

جنود إسرائيليون يعدون ناقلات جند مدرعة في موقعهم بالقرب من حدود قطاع غزة في جنوب إسرائيل (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعدون ناقلات جند مدرعة في موقعهم بالقرب من حدود قطاع غزة في جنوب إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

تقرير: فرص التوصل لاتفاق تبادل بين «حماس» وإسرائيل قائمة لكن الهوة كبيرة

جنود إسرائيليون يعدون ناقلات جند مدرعة في موقعهم بالقرب من حدود قطاع غزة في جنوب إسرائيل (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعدون ناقلات جند مدرعة في موقعهم بالقرب من حدود قطاع غزة في جنوب إسرائيل (إ.ب.أ)

قال مصدر مطلع على المفاوضات غير المباشرة لتبادل الأسرى والمحتجزين بين حركة «حماس» والجانب الإسرائيلي لوكالة «أنباء العالم العربي»، إن فرص التوصل إلى اتفاق ما زالت قائمة، لكنه عدّ الهوة ما زالت كبيرة، وسقف مطالب الجانبين مرتفعاً.

وتدفع مصر بقوة من أجل إتمام صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين بين الجانبين، وهو الأمر الذي دعاها إلى ترتيب زيارة قادة حركة «حماس»، ومن بعدهم حركة «الجهاد الإسلامي» إلى القاهرة.

في الوقت ذاته، تواصل قطر جهوداً مماثلة تريد من خلالها حسم أمور الصفقة، التي يرى مراقبون أنها تبدو أكثر صعوبة من الصفقة السابقة.

وعلى الرغم من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أمس (الأربعاء) أنه لا يتوقع التوصل قريباً إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة «حماس» لإطلاق سراح المحتجزين في غزة، فإن المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، قال إن المحادثات غير المباشرة بين الجانبين جادة للغاية.

وقال المصدر المطلع على المفاوضات إنه على الرغم من الفرصة القائمة للتوصل إلى اتفاق، فإن ذلك سيحتاج بعض الوقت لإقناع الطرفين بتخفيف شروطهما التي يبدو سقفها مرتفعاً على نحو يخلق هوة ما زالت كبيرة.

وأضاف: «هناك ثقل سياسي يدفع باتجاه ضرورة التوصل إلى اتفاق، ومن الممكن أن تتنازل حركة (حماس) في مرحلة ما عن شرط وقف إطلاق النار الدائم إذا حصلت على ثمن مناسب، وضمان بتخفيف واضح لحدة العمليات العسكرية بعد انقضاء مدة هدنة قد تصل إلى أسبوعين».

امرأة فلسطينية مصابة مغطاة بالغبار والدم تعانق طفلة مصابة في المستشفى إثر القصف الإسرائيلي على خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأكد المصدر أن الوسيطين المصري والقطري يعملان بشكل منسجم وليس بطريقة منفردة، وأن كل طرف لديه أوراقه التي قد تُسرع التوصل إلى اتفاق.

وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قالت أمس، إن حركة «حماس» رفضت عرضاً إسرائيلياً بوقف القتال لمدة أسبوع مقابل إطلاق سراح عشرات المحتجزين الإسرائيليين.

وبحسب الصحيفة، فإن الحركة قالت إنها لن تناقش إطلاق سراح المحتجزين قبل وقف إطلاق النار.

في المقابل، يُصر المسؤولون الإسرائيليون في تصريحاتهم على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها، وهو ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، (الأربعاء) عندما أعلن أن العمليات في قطاع غزة لن تتوقف قبل القضاء على حركة «حماس» وعودة المحتجزين.

فرصة قائمة

ورأى المحلل السياسي، الدكتور أحمد غضية، أن فرصة التوصل إلى اتفاق جديد قائمة، لكنه أشار في حديث لوكالة «أنباء العالم العربي» إلى أن كلا الطرفين عليه ضغوط، وأنهما بحاجة إلى اتفاق.

وأضاف: «(حماس) عليها ضغوط في ظل مقتل 20 ألف فلسطيني ونزوح معظم سكان القطاع، بالإضافة إلى ضغوط الوسطاء. وكذلك إسرائيل عليها ضغوط من الولايات المتحدة وأوروبا، بالإضافة إلى الضغط الداخلي من الجمهور الإسرائيلي الذي يطالب بإنجاز صفقة تبادل».

وأعرب غضية عن اعتقاده بأن هناك إمكانية لموافقة إسرائيل على وقف الاجتياح البري، والاكتفاء بعمليات جوية مركزة تنتهي بمرور الوقت.

وقال: «إسرائيل تدرك أن البقاء في قطاع غزة مسألة مستحيلة، وكذلك أدركت الولايات المتحدة أن مسألة القضاء على حركة (حماس) غير ممكنة، وبالتالي، فإن إسرائيل بحاجة إلى طريقة تخرج بها من هذه الحرب من دون أن تعلن فشلها في تحقيق أهدافها».

ورأى غضية أنه إذا تحقق هذا السيناريو، فإن المرحلة المقبلة ستكون مختلفة تماماً حتى من الناحية السياسية، متوقعاً غياب نتنياهو عن المشهد السياسي برمته، وقيادة الإسرائيليين الموالين بشكل مباشر لواشنطن إدارة الحكومة.

جندي إسرائيلي يكتب على قذيفة هاون في موقع بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (أ.ب)

مفاوضات صعبة

المحلل السياسي أكرم عطا الله، يرى بدوره أن المفاوضات بشأن إتمام عملية تبادل لن تكون سهلة بأية حال، لكنه أكد في الوقت ذاته مصلحة «حماس» وإسرائيل في التوصل إلى اتفاق، قائلاً «إن كل طرف يحاول جني أكبر قدر من الإنجاز في اتفاق مثل هذا».

وفي حوار أجرته معه وكالة «أنباء العالم العربي»، قال عطا الله إن المعادلة في إسرائيل تغيّرت بشكل واضح بعد مقتل 3 محتجزين إسرائيليين الأسبوع الماضي، بنيران الجيش الإسرائيلي، وهو ما شكّل ورقة ضغط داخلية على الحكومة الإسرائيلية.

وأضاف: «إسرائيل أدركت أنه لا توجد وسيلة لإطلاق سراح المحتجزين سوى المفاوضات، والتوصل لاتفاق أمر محتمل جداً، خصوصاً أن اتفاق الهدنة في المرة الأولى، الذي أُنجز الشهر الماضي، أخذ هو الآخر وقتاً طويلاً».

وبحسب عطا الله، فإن الجيش الإسرائيلي هو مَن يقود زمام الأمور الآن، وهو مَن يقرر كيف تنتهي الأمور وليس الحكومة.

وبينما رأى عزام أبو العدس، المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن على إسرائيل الاستعداد لدفع ثمن أكبر مما دفعته في الهدنة السابقة الشهر الماضي، فإنه يعدّها عالقة بشكل كبير في قطاع غزة، وتبحث عن مَخرج «مشرّف».

وقال أبو العدس في حوار أجرته معه وكالة «أنباء العالم العربي»: «خسارة إسرائيل هذه الحرب تعني مصيبة لنتنياهو، سواء على المستوى السياسي أو المستوى الشخصي».

ضرورة خفض العمليات

ورأى المحلل الإسرائيلي ناحوم برنيع، أن إسرائيل ستضطر في النهاية إلى خفض مستوى العمليات في قطاع غزة، متوقعاً أن يحدث هذا في النصف الأول من يناير (كانون الثاني)، حيث ذكر في مقال لصحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية أن من المرجح عودة عدد كبير من جنود الاحتياط إلى ديارهم الشهر المقبل.

وقال برنيع: «صفقة أخرى ستكون لها ميزة أنها ستسمح للإسرائيليين بالانتقال بشكل أكثر سلاسة من مرحلة الحرب الكبرى في 4 فرق، إلى مرحلة الصيانة».

ورأى برنيع أن الأهداف التي وضعتها القيادة السياسية أمام الجيش بعيدة المنال. وقال: «التصفية والإبادة والدمار أمنيات متوقعة عندما يتعلق الأمر بالضربة التي تلقيناها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لكن التمني ليس خطة عسكرية وليس استراتيجية، وبالتالي فإن التوقعات المفرطة تثير خيبة الأمل».

وبحسب برنيع فإن نهاية الحرب ستكون مؤلمة في صفوف العناصر اليمينية المتطرفة التي كانت تأمل في حرب متعددة الجبهات تؤدي إلى ترحيل ملايين الفلسطينيين وإعادة الاستيطان في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا البابا فرنسيس يدين «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يدين مجدداً «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة

دان البابا فرنسيس مرة أخرى، اليوم (الأحد)، «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
المشرق العربي الرضيعة عائشة عدنان سفيان القصاص التي توفيت في غزة (المركز الفلسطيني للإعلام)

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

يضرب البرد القارس الفلسطينيين، البالغ عددهم نحو مليونَي شخص، الذين نزحوا؛ بسبب الحرب الإسرائيلية، في حين توفيت رضيعة من البرد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
TT

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة، إذ لا تزال القوى كلها في مرحلة جس بعضها نبض بعض، من خلال طرح أسماء معينة من دون نجاح أي اسم حتى الساعة في تأمين الأصوات النيابية اللازمة للعبور إلى القصر الرئاسي، خصوصاً أن البرلمان سيجتمع في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس.

وعاد مؤخراً إلى الواجهة الكباش بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بحيث يسعى كل منهما إلى أن يكون المرجعية المسيحية في هذا الملف من دون إسقاط احتمالية التلاقي والتقاطع من جديد بينهما على اسم مرشح معين، كما حصل عند تقاطعهما على اسم الوزير السابق جهاد أزعور.

ومنذ فترة يحاول باسيل التفاهم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري على اسم مرشح يقطع من خلاله الطريق على ترشيح؛ خصميه اللدودين رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون. ويبدو أنه تم التوصل إلى تقاطع بينهما على اسمين أو ثلاثة. وفي الوقت نفسه، هناك خطوط مفتوحة بين بري وجعجع للهدف نفسه، إلا أنه لا يبدو أن الطرفين تقاطعا على أحد الأسماء.

ويتصدر راهناً السباق الرئاسي قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي أعلن «اللقاء الديمقراطي» الذي يتزعمه النائب والوزير السابق وليد جنبلاط تأييده له، والذي يؤيده أيضاً عدد من النواب المستقلين، كما يحظى بدعم أميركي واضح. إضافة إلى أسماء أخرى يتم التداول بها؛ أبرزهم المدير العام للأمن العام اللواء إلياس البيسري، في وقت يميل فيه جعجع لتأييد شخصية بخلفية اقتصادية، إلا أنه حتى الساعة لم يعلن عن دعمه لأي من الأسماء.

تقاطع ممكن

ولا ينفي النائب في تكتل «الجمهورية القوية» غياث يزبك، أن التنافس التاريخي بين «القوات» و«التيار» على المرجعية المسيحية لطالما كان قائماً، «لكن وبعد انتخابات 2022 أصبحت المنافسة خلفنا بعدما أكدت نتائجها أن (القوات) باتت هي المرجعية المنفتحة على علاقات عابرة للطوائف مع كل القوى»، لافتاً إلى أنه «وبمقابل مسار بناء الدولة الذي يسلكه حزب (القوات)، كان باسيل ولا يزال يسلك مساراً يناقض مشروع الدولة. لكن ذلك لا يمنع التلاقي والتقاطع راهناً على اسم رئيس يحقق مصلحة لبنان، كما تقاطعنا على اسم الوزير السابق جهاد أزعور».

ويشير يزبك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «قناة التواصل موجودة مع (التيار)، كما مع باقي القوى لانتخاب شخصية لا تشكل تحدياً لأحد، لكن بالوقت نفسه لا تكون رمادية ومن دون طعم ولا لون». ويضيف: «لكن على القوى الأخرى أن تقترب من مواصفاتنا لرئيس يحترم المتغيرات الحاصلة في لبنان والمنطقة، وذلك لا يعني أن هناك من يسعى للاستقواء على (حزب الله) بوصفه طرفاً مهزوماً».

استعجال جنبلاط

وعن تبني جنبلاط ترشيح العماد عون، يقول يزبك: «لم يستفزنا ذلك، لكننا استغربنا الاستعجال باعتبار أننا كنا نفضل إنضاج العملية لتكون خارجة من إجماع وطني أو من أرجحية وطنية»، مضيفاً: «عون ليس مرشحنا، ولكن ذلك لا يعني أنه لا يستحق أن يكون رئيساً. نحن قادرون حتى على اختياره وانتخابه».

«لا مرجعية مسيحية»

بالمقابل، يعدّ عضو تكتل «لبنان القوي» النائب جيمي جبور، أنه «ليست هناك مرجعية مسيحية واحدة، إنما هناك مرجعيات مسيحية، لذلك فالكباش أو الاتفاق يكون ضمن التوازنات القائمة التي لا يمكن لأحد فيها إلغاء الآخر»، لافتاً إلى أنه «كما تم في السابق التقاطع على جهاد أزعور، فلا شيء بالتالي يمنع الاتفاق مجدداً، إلا إذا كانت هناك رغبة مستورة لدى (القوات) بتمرير جلسة 9 يناير من دون الاتفاق الواسع على مرشح يصبح رئيساً نتيجة تأييد واسع لشخصه».

وعن موقف جنبلاط، يقول جبور لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعدّ الموقف الجنبلاطي الجديد تكتيكياً أكثر منه استراتيجياً، ويعبر عن اللحظة السياسية التي يعيشها، وبكل الأحوال هو تغيير عن المواقف السابقة التي كانت تعدّ الاتفاق المسيحي مدخلاً لأي تأييد انتخابي، ولكن يبقى هذا التأييد حقاً للاشتراكي وهو حرٌّ فيه».

الراعي: فراغ «مخزٍ»

وفي عظة الأحد، تحدث البطريرك الماروني بشارة الراعي عن تطلع اللبنانيين إلى 9 يناير، لانتخاب رئيس بعد الفراغ «المخزي». وقال: «نصلي لانتخاب الرئيس المناسب لهذه المرحلة».

وأضاف الراعي: «إننا نتطلع إلى رئيس يؤمن بالمؤسسات، وقادر على العمل من أجل النهوض الاقتصادي ويصنع الوحدة الداخلية بين المواطنين».