معارك عنيفة بين إسرائيل و«حماس» في خان يونس وأنحاء القطاع

دخان يتصاعد أثناء القصف الإسرائيلي على غزة صباح اليوم (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد أثناء القصف الإسرائيلي على غزة صباح اليوم (أ.ف.ب)
TT

معارك عنيفة بين إسرائيل و«حماس» في خان يونس وأنحاء القطاع

دخان يتصاعد أثناء القصف الإسرائيلي على غزة صباح اليوم (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد أثناء القصف الإسرائيلي على غزة صباح اليوم (أ.ف.ب)

تتواصل معارك عنيفة اليوم الخميس في قطاع غزة بين «حماس» والجيش الإسرائيلي الذي سيطر على مدينة خان يونس حيث يطارد زعيم الحركة في القطاع يحيى السنوار المتهم بأنه مهندس هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على الدولة العبرية.

ومع اشتداد الحرب وتدهور الأوضاع الإنسانية المتزايد، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء من «انهيار كامل وشيك للنظام العام» في قطاع غزة، مجدداً دعوته إلى وقف إطلاق نار إنساني، مما أثار تنديداً من إسرائيل، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن خلال الليل أنّ الدولة العبرية ستسمح بزيادة «بالحدّ الأدنى» لإمدادات الوقود إلى جنوب غزة بما يكفي «لتجنّب انهيار إنساني» وتفشي أوبئة في القطاع.

وبموازاة حملة القصف المدمر التي باشرتها رداً على هجوم «حماس» غير المسبوق، تشن إسرائيل منذ 27 أكتوبر هجوماً برياً في شمال غزة، وسعت نطاقه إلى مجمل القطاع الصغير المحاصر تماماً والمكتظ بالسكان، مما يدفع المدنيين إلى النزوح إلى دائرة تضيق بشكل متزايد في رفح على الحدود مع مصر.

وفي خان يونس، كبرى مدن جنوب قطاع غزة، وصل الجنود بالمدرعات والجرافات إلى وسط المدينة، بحسب ما أفاد شهود.

وأكد الجيش الإسرائيلي مساء الأربعاء «خرق الخطوط الدفاعية» لحماس و«تصفية عدد من الإرهابيين» وتدمير نحو «ثلاثين مدخل نفق».

وتواصل تصاعد أعمدة دخان أسود كثيف وألسنة نيران فوق غزة مساء الأربعاء بعد يوم شهد إطلاق صواريخ من رفح على إسرائيل.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء أن القوات الإسرائيلية «تحاصر منزل السنوار» في خان يونس.

من جهته، قال المتحدث العسكري دانيال هغاري إن «السنوار يختبئ تحت الأرض»، في إشارة إلى شبكة أنفاق حركة «حماس».

والسنوار (61 عاماً) الذي قضى 23 عاماً في السجون الإسرائيلية، متّهم بالوقوف خلف هجوم «حماس» المباغت الذي يعدُّ الأسوأ ضد المدنيين في تاريخ إسرائيل.

وقتل في إسرائيل 1200 شخص غالبيتهم من المدنيين قضوا في اليوم الأول من هجوم «حماس»، وفق السلطات الإسرائيلية. وقتل 83 جندياً في المعارك في قطاع غزة.

ومن الجانب الفلسطيني، قتل 16 ألف و248 شخصاً منذ بدء الحرب، أكثر من 70 في المائة منهم من النساء والأطفال، وفق حكومة «حماس».

وتفيد إسرائيل أن 138 رهينة اقتيدوا إلى قطاع غزة في يوم الهجوم لا يزالون محتجزين بعد الإفراج خلال الهدنة عن 105 رهائن من بينهم 80 إسرائيلياً أفرج عنهم مقابل إطلاق الدولة العبرية سراح 240 معتقلاً فلسطينياً من سجونها.

وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين الأربعاء في المعارك في قطاع غزة، بحسب الجيش.

وأعلن الجيش الإسرائيلي من جهة أخرى أنه اكتشف في شمال القطاع «أحد أكبر مستودعات الأسلحة» في كل غزة، مشيراً إلى أنه يقع «بين المدنيين» قرب عيادة ومدرسة، معتبراً ذلك «دليلاً آخر على استخدام حماس سكان قطاع غزة دروعاً بشرية».

كما أعلن أنه قتل حتى الآن «نصف قادة حماس».

من جهتها، أكدت الحركة عبر تطبيق «تلغرام» أن كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لـ«حماس»، تخوض «اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال في جميع محاور التوغل في قطاع غزة».

وقال حسن القاضي، الذي نزح من خان يونس إلى رفح، متحدثاً لوكالة الصحافة الفرنسية «المدينة برمتها تتعرض للتدمير والقصف المتواصل، يصل الكثيرون من الشمال في ظروف كارثية، بلا ملجأ، يبحثون عن أطفالهم».

وفي ظل تزايد حصيلة القتلى ونقص المواد الغذائية ونزوح الآلاف، استخدم غوتيريش للمرة الأولى منذ توليه الأمانة العامة في 2017 إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية التي تتيح له «لفت انتباه» المجلس إلى ملف «يمكن أن يعرض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر»، في وقت أفاد دبلوماسيون أن مجلس الأمن سيجتمع الجمعة للنظر في هذه الدعوة.

وكتب الأمين العام «مع القصف المستمر للقوات الإسرائيلية، ومع عدم وجود ملاجئ أو حد أدنى للبقاء، أتوقع انهياراً كاملاً وشيكاً للنظام العام بسبب ظروف تدعو إلى اليأس، الأمر الذي يجعل مستحيلاً (تقديم) مساعدة إنسانية حتى لو كانت محدودة».

ورد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين عبر منصّة «إكس»، معتبراً أنّ «ولاية غوتيريش تمثّل تهديداً للسلام العالمي. إنّ مطالبته بتفعيل المادة 99 (من ميثاق الأمم المتحدة) والدعوة لوقف إطلاق النار في غزة يشكّلان دعماً لمنظمة حماس (الإرهابية)»، حسب قوله.

كذلك دعا قادة دول مجموعة السبع خلال اجتماع عبر الفيديو الأربعاء إلى تحرك عاجل لمواجهة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، معلنين تأييدهم لهدنات جديدة ومكررين دعمهم قيام دولة فلسطينية.

كما دعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى جانب ممثلين لنحو خمسين دولة ومنظمة دولية الأربعاء إلى احترام القانون الدولي في غزة، وإلى «هدنة إنسانية جديدة فورية ودائمة... تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار»، خلال اجتماع متابعة عبر الفيديو للمؤتمر الإنساني الدولي من أجل المدنيين في قطاع غزة الذي نظمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 9 نوفمبر (تشرين الثاني).

وقال مكتب نتنياهو في منشور على منصّة «إكس» إنّ الحكومة الأمنية المصغّرة وافقت مساء الأربعاء على إدخال «حدّ أدنى من الوقود (الضروري لمنع حصول انهيار إنساني وتفشّي الأوبئة) إلى جنوب قطاع غزة»، موضحاً أن هذه «الكميّة الدنيا سيتمّ تحديدها بشكل دوري من قبل مجلس الحرب» الإسرائيلي، الذي يدير المعركة ضدّ «حماس»، وذلك تبعاً لتطوّرات الوضع الإنساني في القطاع الفلسطيني.

وصدر هذا الإعلان بعد يومين على دعوة الولايات المتحدة، أكبر حلفاء إسرائيل، إلى السماح بدخول كميات أكبر من الوقود إلى غزة.

وتفيد الأمم المتحدة أن 1.9 مليون شخص أي 85 في المائة من سكان القطاع نزحوا جراء الحرب في قطاع غزة حيث تعرّض أكثر من نصف المساكن للدمار أو لأضرار.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية (أوتشا) إن مدينة رفح باتت المنطقة الوحيدة في قطاع غزة التي توزّع فيها المساعدات الإنسانية بكميات محدودة، فيما لم تعد تصل بشكل شبه كامل تقريباً إلى خان يونس، والوصول إلى المناطق الواقعة شمالاً غير ممكن.

ويلقي الجيش الإسرائيلي يومياً على خان يونس منشورات تحذّر من قصف وشيك وتطلب من السكان مغادرة مناطق سكنهم. إلا أن الأمم المتحدة التي قدّرت أن 28 في المائة من أراضي قطاع غزة مشمولة بهذه الأوامر، ترى أنه «من المستحيل» إقامة مناطق آمنة لاستقبال المدنيين كما حددتها إسرائيل.

وأقام فلسطينيون فروا من خان يونس على مسافة أقل من عشرة كيلومترات مخيماً بواسطة شوادر وأغطية بلاستيكية وألواح خشب، فيما يهيم بعض النازحين حاملين صفائح بحثاً عن بعض الماء.

قال غسان بكر لوكالة الصحافة الفرنسية: «وصلنا إلى هنا من دون ملجأ، قضينا الليل تحت المطر، لا نملك طعاماً ولا خبزاً ولا طحيناً».

وقالت أمل مهدي، التي نجت من غارة: «إننا منهارون، نحن بحاجة إلى من يدعمنا، إلى من يجد حلاً يخرجنا من هذا الوضع».


مقالات ذات صلة

مبعوث ترمب للشرق الأوسط يأمل في إحراز تقدم بملف الرهائن الإسرائيليين في غزة

الولايات المتحدة​ عائلات الرهائن المحتجزين لدى «حماس» في غزة ترفع لافتات خلال احتجاج يطالب بوقف إطلاق النار والإفراج عنهم في تل أبيب (إ.ب.أ)

مبعوث ترمب للشرق الأوسط يأمل في إحراز تقدم بملف الرهائن الإسرائيليين في غزة

أعلن ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط الثلاثاء أنه يأمل في تحقيق نتائج طيبة فيما يتعلق بالرهائن الإسرائيليين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي دمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة عقب هجوم جوي وبري إسرائيلي الثلاثاء (أ.ب)

إسرائيل تتمسك بمواصلة الحرب... و«حماس» تطلب الانسحاب الشامل

أكدت إسرائيل أنها لن تنهي الحرب حتى القضاء على «حماس» وإطلاق سراح جميع الرهائن.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي قوة إسرائيلية خلال مداهمة مخيم طولكرم للاجئين بالضفة الغربية الثلاثاء (د.ب.أ)

إسرائيل تغتال 3 فلسطينيين وتوسع عملياتها في الضفة

أكد تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أن المستوطنين الإسرائيليين يعولون على الإدارة المقبلة للرئيس المنتخب دونالد ترمب لتحقيق «أحلامهم بضم الضفة الغربية».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني المهدمة في بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

مع اقتراب عودة ترمب للبيت الأبيض... «حماس» تتمسك بمطلب إنهاء الحرب

تمسكت حركة «حماس» بمطلبها، اليوم الثلاثاء، بأن تنهي إسرائيل هجومها على قطاع غزة بالكامل بموجب أي اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تصاعد الدخان جرَّاء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

مسؤول إسرائيلي: «حماس» هي العقبة الوحيدة أمام إطلاق سراح الرهائن

قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، إن إسرائيل ملتزمة تماماً بالتوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن من غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نداء أممي لجمع 370 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الحرب في لبنان

نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)
نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

نداء أممي لجمع 370 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الحرب في لبنان

نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)
نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)

أطلقت الأمم المتّحدة والحكومة اللبنانية، الثلاثا،ء نداء جديدا لجمع تبرّعات بقيمة 371.4 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكّان المتضرّرين في لبنان من النزاع الأخير بين إسرائيل و«حزب الله».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) تمّ إطلاق نداء أوّل لجمع 426 مليون دولار لمساعدة النازحين من الحرب التي دارت بين الدولة العبرية والحزب الشيعي في لبنان، وقد تمّت تلبيته بمقدار 250 مليون دولار، وفقا للأمم المتّحدة. والثلاثاء، قال عمران رضا، منسّق الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية في لبنان إنّه «على الرّغم من أنّ وقف الأعمال العدائية يبعث ببارقة أمل، إلا أنّ أكثر من 125 ألف شخص ما زالوا نازحين، ومئات آلاف آخرين يواجهون تحدّيات هائلة في إعادة بناء حياتهم».

وأضاف في بيان أنّه في ظلّ هذه الظروف هناك حاجة إلى مبلغ إضافي قدره 371.4 مليون دولار «لدعم الجهود المبذولة لإنقاذ الأرواح ومنع تدهور الوضع المروّع أصلا».

ويهدف هذا النداء بشكل أساسي إلى توفير مساعدة لغاية مارس (آذار) لمليون لاجئ ونازح لبناني وسوري وفلسطيني هم من الأكثر تضررا من الأزمة الإنسانية. وفي سبتمبر (أيلول)، كثّفت إسرائيل قصفها على لبنان وشنّت هجوما برّيا محدودا وذلك بعد ما يقرب من عام من المعارك عبر الحدود مع «حزب الله».

ومنذ دخول وقف إطلاق النار بين الطرفين حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، تمكّن أكثر من 800 ألف شخص نزحوا في لبنان بسبب النزاع من العودة إلى ديارهم، وفقا للأمم المتّحدة.