إسرائيل تواصل قصف غزة... وسقوط عشرات القتلى والجرحى

أشخاص يقفون بالقرب من جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا خلال الغارات الإسرائيلية على مدرسة بشرق خان يونس (رويترز)
أشخاص يقفون بالقرب من جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا خلال الغارات الإسرائيلية على مدرسة بشرق خان يونس (رويترز)
TT

إسرائيل تواصل قصف غزة... وسقوط عشرات القتلى والجرحى

أشخاص يقفون بالقرب من جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا خلال الغارات الإسرائيلية على مدرسة بشرق خان يونس (رويترز)
أشخاص يقفون بالقرب من جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا خلال الغارات الإسرائيلية على مدرسة بشرق خان يونس (رويترز)

واصلت القوات الإسرائيلية ضرباتها في قطاع غزة خلال الليل حتى فجر اليوم (الأربعاء)، بينما تحدثت وسائل إعلام فلسطينية عن سقوط عشرات بين قتيل وجريح، في قصف مكثف على شمال ووسط وجنوب القطاع، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

وأفادت «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية» بمقتل 6 أشخاص وإصابة آخرين في قصف على منزلين بمخيم النصيرات وسط القطاع، بينما تحدثت وكالة «فلسطين اليوم» الإخبارية عن مقتل 7 أشخاص في قصف إسرائيلي على منزل بمخيم النصيرات.

أيضاً، ذكرت «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية» أن 3 أشخاص قُتلوا، وآخرين أصيبوا، في غارة جوية على منزل في المخيم الغربي بخان يونس.

فلسطينيون يبحثون عن جثث وناجين بين أنقاض منزل مدمر جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على دير البلح جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأشارت الوكالة الفلسطينية إلى تواصل القصف المدفعي على أحياء التفاح والدرج والشجاعية في مدينة غزة، وعلى شرقي خان يونس والفخاري وخزاعة وعبسان، بينما قالت إن القوات الإسرائيلية أطلقت وابلاً من القنابل الفسفورية والدخانية باتجاه وسط مخيم جباليا شمالي القطاع.

ونقلت الوكالة عن مصادر في الدفاع المدني أن عدداً كبيراً من القتلى والجرحى «دُفنوا تحت الأنقاض وسط صعوبات انتشالهم»، مشيرة إلى ارتفاع حصيلة القتلى في القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إلى نحو 16 ألفاً و250 قتيلاً، بينهم أكثر من 1240 قتيلاً منذ انتهاء الهدنة الإنسانية المؤقتة.

كما أشارت الوكالة الفلسطينية إلى اعتقال القوات الإسرائيلية 35 من العاملين في المجال الطبي.

من جهة أخرى، نقلت إذاعة «صوت فلسطين» عن وزارة الصحة الفلسطينية القول إن القوات الإسرائيلية لم تتوقف عن قصف محيط مستشفى «كمال عدوان» ومخيم جباليا شمالي قطاع غزة، وتحدثت عن نحو 70 قذيفة مدفعية أُطلقت باتجاه المستشفى الليلة الماضية.

قتيلان في الضفة

في الضفة الغربية، أفاد التلفزيون الفلسطيني بمقتل شخصين برصاص القوات الإسرائيلية، أحدهما من بلدة طمون والآخر من مخيم الفارعة، التابعين لمحافظة طوباس شمال الضفة.

في غضون ذلك، أفادت الوكالة الفلسطينية بانسحاب القوات الإسرائيلية من مدينة جنين ومخيمها، بعد 9 ساعات من بدء عملية هناك اعتقلت خلالها 18 شخصاً.

وقالت الوكالة إن 7 فلسطينيين، بينهم سيدة وطفلة، أصيبوا برصاص القوات التي كانت مدعومة بأكثر من 40 آلية عسكرية وجرافات.

وأوضحت أن القوات انتشرت خلال التوغل في حي الزهراء ودوار الداخلية، وسط إطلاق كثيف للرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع، وشنت حملة مداهمات واسعة في المدينة ومخيمها، وحوّلت عدداً من المنازل إلى نقاط عسكرية.

وقالت إن القوات قصفت منزلاً بمنطقة الساحة في مخيم جنين بصاروخ، ما أدى إلى اشتعال النيران وإلحاق أضرار جسيمة بالمنزل. وذكرت أن التيار الكهربائي انقطع عن أحياء من مدينة جنين بعد استهداف القوات محولات الكهرباء بالرصاص.

متظاهرون فلسطينيون يهربون من الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته القوات الإسرائيلية خلال اشتباكات بالقرب من مدينة رام الله بالضفة (أ.ب)

إسرائيل تلغي تأشيرة المنسقة الأممية

وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في رسالة نشرها عبر منصة «إكس» اليوم، أنه قرر إلغاء تأشيرة إقامة المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية لين هاستينغز، بسبب ما قال إنه عدم إدانتها حركة «حماس».

وقال كوهين: «لا يمكن لشخص لم يدن (حماس) على المذبحة الوحشية التي قُتل فيها 1200 إسرائيلي، وعلى خطف الأطفال وكبار السن، وعلى الانتهاكات المروعة، واستخدام سكان غزة دروعاً بشرية، وبدلاً من ذلك يدين إسرائيل... أن يعمل في الأمم المتحدة؛ ولا يمكنه دخول إسرائيل».

من جهتها، اعتبرت حركة «حماس» في بيان أن إلغاء إقامة المنسّقة الأممية جاء «بسبب رفضها تبني رواية الاحتلال الكاذبة ضد حركة (حماس)».

ووصفت الحركة هذا الإجراء بأنه «استمرار لنهج الغطرسة والنظرة الاستعلائية للصهاينة الذين يحاولون فرض روايتهم المضلّلة والمكذوبة، للتغطية على حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبونها ضد شعبنا الفلسطيني».

ودعت الحركة المجتمع الدولي إلى «موقف حازم ضد سياسة الابتزاز الصهيونية، وعدم احترامها للهياكل والشخصيات الأممية».

يأتي هذا في الوقت الذي حذرت فيه منظمة «أطباء بلا حدود» من أن كميات الوقود والإمدادات الطبية في مستشفى «الأقصى» بالمنطقة الوسطى من قطاع غزة وصلت إلى مستويات منخفضة للغاية بسبب إغلاق الطرق.

وقالت المنظمة إن مئات المرضى في المستشفى يحتاجون رعاية طارئة بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل، مشيرة إلى أن المستشفى يستقبل في المتوسط ما بين 150 و200 جريح بسبب الحرب يومياً، منذ بداية ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

ونقلت المنظمة عبر منصة «إكس» عن منسقة الطوارئ ماري ريفيال القول إن 700 مريض وصلوا إلى مستشفى «الأقصى» وإن مرضى جدد يصلون طوال الوقت، والإمدادات الأساسية لعلاجهم نفدت.

وحذرت من أن نقص الأدوية والوقود قد يؤدي إلى عدم قدرة المستشفى على توفير العمليات الجراحية المنقذة للحياة أو العناية المركزة، مؤكدة ضرورة تسهيل وصول الإمدادات الإنسانية.

وقالت إن المستشفى يحتاج بشكل عاجل لأدوات جراحية؛ كما أكدت ضرورة رفع الحصار عن غزة وتوفير الإمدادات والمساعدات الإنسانية الطبية بشكل عاجل إلى القطاع كله.

الدخان يتصاعد جراء القصف الإسرائيلي وسط المعارك المستمرة في غزة (أ.ف.ب)

لا مفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين

من جانبه، نفى باسم نعيم، عضو مكتب العلاقات الدولية بحركة «حماس»، وجود أي مفاوضات أو مباحثات بشأن إطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة في الوقت الحالي.

وقال نعيم في تصريحات لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن «إسرائيل لن تحصل على أي شيء إلا بشروط المقاومة، وبشروط الشعب الفلسطيني».

وبينما اعتبر أنه لم تبقَ هناك أي مساحة أو هامش للتفاوض، قال نعيم: «لدينا أسرى في السجون الإسرائيلية، ولن يتم إطلاق سراح الرهائن لدينا؛ خصوصاً الجنود، إلا إذا تم إطلاق سراح أسرانا بالكامل».

وأضاف: «(حماس) قدمت عرضاً للإفراج عن الكل مقابل الكل، وما زال العرض قائماً؛ لكن لا يمكن التفاوض تحت القصف».

في المقابل، قالت شبكة «سي إن إن» الأميركية اليوم، إن مسؤولين أميركيين يتوقعون أن تستمر المرحلة الحالية من العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة عدة أسابيع، قبل انحسار كثافتها والتركيز على مسلحي وقيادات حركة «حماس» في وقت لاحق، من المحتمل أن يكون بحلول يناير (كانون الثاني) المقبل.

لكنها نقلت عن مسؤول في الإدارة الأميركية، وصفته بالبارز دون ذكر اسمه، أن الإدارة الأميركية لديها مخاوف بشأن ما ستتكشف عنه العملية الإسرائيلية في الأسابيع القادمة.

ونقلت الشبكة عن عدة مسؤولين في الإدارة الأميركية أن الولايات المتحدة حذرت إسرائيل في مناقشات وصفتها بالصعبة والمباشرة من أنها «لا يمكنها تكرار التكتيكات المدمرة التي استخدمتها في الشمال (في شمال قطاع غزة) وأنها يجب أن تفعل المزيد من أجل الحد من سقوط قتلى في صفوف المدنيين».

وأضافت أن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بأن الرأي العام العالمي أصبح يعارض بشكل متزايد عمليتها التي أدت إلى مقتل آلاف المدنيين، وأن الوقت الذي يمكن لها أن تستمر خلاله على النحو الذي تمضي عليه حالياً «مع المحافظة على دعم دولي مؤثر» يتقلص بسرعة.

ونقلت الشبكة عن مسؤول أميركي وصفته بالبارز أن هدف إسرائيل المعلن، والمتمثل في إضعاف حركة «حماس» إلى الدرجة التي تجعلها غير قادرة على تكرار هجوم السابع من أكتوبر أبداً: «من غير المرجح أن يتحقق بنهاية هذا العام».

وأضاف المسؤول: «من المتوقع أن تواصل إسرائيل سعيها إلى تحقيق هذا الهدف في المرحلة التالية من الصراع، وهو ما يراه مسؤولون أميركيون حملة أطول أجلاً».

جنود إسرائيليون ينتشرون داخل قطاع غزة وسط استمرار القتال (رويترز)

أميركا تخشى تصعيد التوترات

وقال البيت الأبيض في بيان اليوم، إن فيل غوردون، مستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس كامالا هاريس، بحث في إسرائيل الوضع في الضفة الغربية، وأعرب عن القلق من الخطوات التي قد تؤدي لتصعيد التوترات، بما في ذلك عنف المستوطنين.

وذكر البيت الأبيض في بيان أن غوردون بحث أيضاً في إسرائيل جهود إعادة الإعمار والأمن والحكم في قطاع غزة، بعد انتهاء القتال الدائر هناك، وأوضح المبادئ التي وضعتها الإدارة الأميركية لغزة ما بعد الحرب.

وكان موقع «أكسيوس» قد نقل في وقت سابق اليوم عن مسؤولَين أميركيين اثنين أن إسرائيل تبدي الآن استعداداً أكبر لمناقشة الخطط الخاصة بغزة ما بعد الحرب، وأن واشنطن تريد تجنب حدوث أي فراغ في الحكم والأمن في القطاع يسمح لحركة «حماس» بالنهوض مرة أخرى.

وأكد غوردون ضرورة أن يكون لدى الشعب الفلسطيني أفق سياسي واضح؛ كما أكد الالتزام بحل الدولتين، حسب البيان الذي أضاف أنه بحث جهود الولايات المتحدة لردع أي عدوان، والمساعدة في منع التصعيد الإقليمي.

وأشار بيان البيت الأبيض إلى أن هاريس وجهت غوردون عقب لقائها زعماء عرب في دبي يوم السبت الماضي، بالتوجه إلى إسرائيل يومي الرابع والخامس من ديسمبر الجاري، لإطلاع المسؤولين الإسرائيليين على مستجدات اجتماعاتها ومواصلة المشاورات بشأن الصراع مع حركة «حماس».

وحسب «أكسيوس»، فقد قال المسؤولان الأميركيان إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أعربت لمسؤولين إسرائيليين عن قلقها من مواصلة العملية البرية في جنوب غزة، كما حدث شمال القطاع.

وأشار المسؤولان الأميركيان إلى أنه ما زال هناك اختلاف بين رؤيتي الولايات المتحدة وإسرائيل لغزة ما بعد الحرب، وخصوصاً الدور الذي ستلعبه السلطة الفلسطينية.

ونقل الموقع عن مسؤول أميركي وصفه بالبارز أن هناك حاجة لدعم السلطة الفلسطينية وتقويتها، لكي تتمكن من حكم القطاع.

ومن المقرر أن يزور غوردون رام الله في الضفة الغربية اليوم لعقاد لقاءات مع مسؤولين في السلطة الفلسطينية، حسب بيان البيت الأبيض.


مقالات ذات صلة

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

المشرق العربي الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

قضى الفلسطيني نعمان أبو جراد وزوجته ماجدة وبناتهما الست العام الماضي بأكمله في نزوح على طول قطاع غزة، محاولين البقاء على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في غارة إسرائيلية بمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (أرشيفية - رويترز)

24 قتيلاً في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن 24 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم وأصيب 93 آخرون في ضربات جوية إسرائيلية على مسجد ومدرسة يؤويان مئات النازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

«وساطة غزة» في عام... هدنة واحدة وجولات «متعثرة»

تحركات واتصالات واجتماعات على مدار عام، منذ 7 أكتوبر 2023، لإنهاء الحرب في غزة، لم تسفر إلا عن هدنة واحدة لمدة أسبوع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية البرلمان التركي (أرشيفية)

تركيا: جلسة برلمانية خاصة لحرب غزة وتطورات الشرق الأوسط

يعقد البرلمان التركي جلسة خاصة لمناقشات التطورات في منطقة الشرق الأوسط بعد عام من الحرب في غزة، وتصعيد إسرائيل عدوانها وتوسيعه إلى لبنان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة ترفع صورهم خلال احتجاج قرب مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس يوم 30 سبتمبر (إ.ب.أ)

عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة تنفّذ إضراباً عن الطعام

بدأ أفراد في عائلات الإسرائيليين المحتجزين في أنفاق حركة «حماس» بقطاع غزة إضراباً عن الطعام، متهمين حكومة بنيامين نتنياهو بأنها أهملت قضيتهم في ظل حرب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

بعد عام من الحرب... سكان غزة يبحثون عن حل لأطنان الركام

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

بعد عام من الحرب... سكان غزة يبحثون عن حل لأطنان الركام

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)

فوق أنقاض منزله الذي كان يوماً مكوناً من طابقين، يجمع محمد البالغ من العمر (11 عاماً) قطعاً من السقف المتساقط في دلو مكسور ويسحقها، لتتحول إلى حصى سيستخدمه والده في صنع شواهد قبور لضحايا حرب غزة.

ويقول والده جهاد شمالي، عامل البناء السابق البالغ من العمر (42 عاماً)، بينما كان يقطع معادن انتشلها من منزلهم في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة، والذي تضرر خلال غارة إسرائيلية في أبريل (نيسان): «بنجيب الدبش مش كرمال نبني فيه دور، لا، لبلاط الشهداء (شواهد القبور) وللمقابر، يعني من مأساة لمأساة».

العمل شاق، وفي بعض الأحيان كئيب. وفي شهر مارس (آذار)، قامت أسرة شمالي ببناء قبر لأحد أبنائها وهو إسماعيل، الذي قُتل أثناء أداء بعض المهام المنزلية، وفقاً لوكالة «رويترز».

لكن هذا يشكل أيضاً جزءاً صغيراً من جهود بدأت تتبلور للتعامل مع الأنقاض، التي تخلفها الحملة العسكرية الإسرائيلية للقضاء على حركة «حماس».

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي شمال قطاع غزة (رويترز)

وتقدر الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام، بما في ذلك مبانٍ مدمرة لا تزال قائمة وبنايات منهارة.

وقالت الأمم المتحدة إن هذا يعادل 14 مثل كمية الأنقاض المتراكمة في غزة بين 2008 وبداية الحرب قبل عام، وأكثر من 5 أمثال الكمية التي خلفتها معركة الموصل في العراق بين عامي 2016 و2017.

وإذا تراكمت هذه الكمية فإنها قد تملأ الهرم الأكبر في الجيزة، أكبر أهرامات مصر، 11 مرة. وهي تزداد يومياً.

وقال 3 مسؤولين في الأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تحاول تقديم المساعدة، في الوقت الذي تدرس فيه السلطات بقطاع غزة كيفية التعامل مع الأنقاض.

وتخطط مجموعة عمل لإدارة التعامل مع الحطام تقودها الأمم المتحدة، لبدء مشروع تجريبي مع السلطات الفلسطينية في خان يونس ومدينة دير البلح بوسط قطاع غزة، لبدء إزالة الحطام من جوانب الطرق هذا الشهر.

وقال أليساندرو مراكيتش، رئيس مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة والمشارك في رئاسة مجموعة العمل: «التحديات جسيمة... ستكون عملية ضخمة، ولكن في الوقت نفسه، من المهم أن نبدأ الآن».

ويقول الجيش الإسرائيلي إن مقاتلي «حماس» يختبئون بين المدنيين، وإنه سيضربهم أينما ظهروا، بينما يحاول أيضاً تجنب إيذاء المدنيين.

ورداً على سؤال حول الحطام، قالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، إنها تهدف إلى تحسين التعامل مع النفايات، وستعمل مع الأمم المتحدة لتوسيع هذه الجهود. وقال مراكيتش إن التنسيق مع إسرائيل ممتاز، لكن المناقشات التفصيلية بشأن الخطط المستقبلية لم تتم بعد.

خيام وسط الأنقاض

بدأت إسرائيل هجومها بعد أن قادت «حماس» هجوماً على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. وتقول الإحصاءات الإسرائيلية إن هذا الهجوم أسفر عن مقتل نحو 1200 واقتياد أكثر من 250 رهينة إلى قطاع غزة.

فلسطيني وابنه يجلسان أسفل سقف مهدم في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)

وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن نحو 42 ألف فلسطيني قتلوا خلال عام من الحرب. وعلى الأرض، تتراكم الأنقاض عالياً فوق مستوى المشاة والعربات التي تجرها الحمير على المسارات الضيقة المليئة بالأتربة، والتي كانت في السابق طرقاً مزدحمة.

وقال يسري أبو شباب وهو سائق سيارة أجرة، بعد أن أزال ما يكفي من الحطام من منزله في خان يونس لإقامة خيمة: «مين راح ييجي هنا مشان يزيل الأنقاض لنا؟ ولا حدا، مشان هيك إحنا بنقوم بها الشي بأنفسنا».

وبحسب بيانات الأقمار الاصطناعية للأمم المتحدة، فإن ثلثي مباني غزة التي بنيت قبل الحرب، أي ما يزيد على 163 ألف مبنى، تضررت أو سويت بالأرض. ونحو ثلثها كان من البنايات متعددة الطوابق.

وبعد حرب استمرت 7 أسابيع في غزة عام 2014، تمكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاؤه من إزالة 3 ملايين طن من الحطام، أي 7 في المائة من إجمالي الركام الآن.

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأشار مراكيتش إلى تقدير أولي غير منشور ذكر أن إزالة 10 ملايين طن من الحطام ستكلف 280 مليون دولار، وهو ما يعني نحو 1.2 مليار دولار إجمالاً إذا توقفت الحرب الآن.

وأشارت تقديرات الأمم المتحدة في أبريل، إلى أن إزالة الأنقاض سوف تستغرق 14 عاماً.

جثث مطمورة

قال مراكيتش إن الحطام يحتوي على جثث غير منتشلة وقنابل غير منفجرة. وتقول وزارة الصحة في قطاع غزة إن عدد تلك الجثث قد يصل إلى 10 آلاف.

وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن التهديد «واسع النطاق»، ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن بعض الحطام يشكل خطراً كبيراً بالتعرض للإصابة.

يعيش نزار زعرب من خان يونس مع ابنه في منزل لم يتبقَّ منه سوى سقف مائل بزاوية خطيرة.

وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن ما يقدر بنحو 2.3 مليون طن من الحطام ربما يكون ملوثاً، مستنداً إلى تقييم لمخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة، التي تعرض بعضها للقصف.

ويمكن أن تسبب ألياف الأسبستوس سرطان الحنجرة والمبيض والرئة عند استنشاقها.

وسجلت منظمة الصحة العالمية نحو مليون حالة من حالات التهابات الجهاز التنفسي الحادة في قطاع غزة خلال العام الماضي، دون أن تحدد عدد الحالات المرتبطة بالغبار.

وقالت بسمة أكبر، وهي متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن الغبار يشكل «مصدر قلق كبيراً»، يمكن أن يلوث المياه والتربة ويؤدي إلى أمراض الرئة.

فلسطيني يجر مقعداً متحركاً تجلس عليه سيدة مصابة وسط أنقاض مبانٍ دمرها القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

ويخشى الأطباء من ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية في المواليد بسبب تسرب المعادن في العقود المقبلة.

وقال متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن لدغات الثعابين والعقارب والتهابات الجلد الناجمة عن ذباب الرمل تشكل مصدر قلق.

نقص الأراضي والمعدات

استُخدمت أنقاض في السابق للمساعدة في بناء الموانئ البحرية. وتأمل الأمم المتحدة الآن في إعادة تدوير جزء منها لبناء شبكات الطرق وتعزيز الخط الساحلي.

ويقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن قطاع غزة، الذي كان عدد سكانه قبل الحرب نحو 2.3 مليون نسمة، يتكدسون في شريط يبلغ طوله 45 كيلومتراً وعرضه 10 كيلومترات، يفتقر إلى المساحة اللازمة للتخلص من النفايات والركام.

وتقع مكبات النفايات الآن في منطقة عسكرية إسرائيلية. وقالت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية إنها تقع في منطقة محظورة، ولكن سيتم السماح بالوصول إليها.

وقال مراكيتش إن مزيداً من إعادة التدوير يعني مزيداً من الأموال لتمويل المعدات مثل الكسارات الصناعية. ولا بد أن تدخل هذه المعدات إلى قطاع غزة عبر نقاط عبور تسيطر عليها إسرائيل.

وتحدث مسؤولون حكوميون عن نقص في الوقود والآلات، بسبب القيود الإسرائيلية التي تبطئ جهود إزالة الأنقاض.

وقال المتحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن إجراءات الموافقة المطولة «عائق رئيسي». ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنه يحتاج إلى إذن أصحاب الممتلكات لإزالة الأنقاض، لكن حجم الدمار أدى إلى طمس الحدود بينها، كما فُقد بعض السجلات العقارية أثناء الحرب.

وقال مراكيتش إن كثيراً من الجهات المانحة أبدى الاهتمام بالمساعدة منذ اجتماع استضافته الحكومة الفلسطينية بالضفة الغربية في 12 أغسطس (آب)، دون أن يسمي هذه الجهات.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة، طلب عدم ذكر اسمه لتجنب التأثير سلباً على الجهود الجارية: «الجميع قلق بشأن ما إذا كان ينبغي الاستثمار في إعادة إعمار غزة، أم لا، إذا لم يكن هناك حل سياسي».